أخبار لبنان... هل حان وقت فك الارتباط بين باسيل وحزب الله؟!...جنبلاط: الحوار مهم... لكن مجلس الوزراء أهمّ... انفجار غامض في البقاع وسط تسريبات..روسيا وإسرائيل ترسمان معادلات عسكرية جديدة...عون «نبش» الاستراتيجية الدفاعية وميقاتي يُريد «إحياء» النأي بالنفس..عون {خالف الطائف» باللامركزية المالية الموسّعة.. ضخّ الغاز المصري إلى لبنان «بحُكم المُؤجّل».. 2021 سنة الانهيارات الاقتصادية والتصعيد السياسي على خط المرفأ ـ الطيونة.. باريس لواشنطن: لإنقاذ كل لبنان لا مساعدة الجيش وحده.. تقرير عن قاعدة عوكر....

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 كانون الأول 2021 - 4:16 ص    عدد الزيارات 2007    التعليقات 0    القسم محلية

        


هل حان وقت فك الارتباط بين باسيل وحزب الله؟!...

تراشق بالمراسيم بين عون وبري.. وميقاتي لن يُقيل سلامة أو يدعو لجلسة تذهب بالحكومة....

اللواء... في العلن فرض «الثنائي الشيعي» طوقاً من الصمت حول المضامين «الابتعادية» للرسالة - اللغز لرئيس الجمهورية ميشال عون عشية رأس السنة الجديدة، وبدء العد التنازلي لانتهاء عهده المثقل بالآلام، بدل الآمال التي تبخرت مع مرور الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات. اما في الخلفية، وفي الكواليس فللمسألة وقع آخر، وقراءة، تقف عند حدّ قبول فك الارتباط مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أو أقله الخروج من دائرة الانتظار، والاستماع كل يوم إلى دعوات وانتقادات ومحاولات فك ارتباط.. مسألة إعادة النظر بما عرف قبل 15 سنة «بتفاهم مار مخايل» في العام 2006، باتت على الطاولة، وما يلوّح به باسيل بات حزب الله أكثر قابلية للاستماع إليه على طاولة «اعادة التقييم» وليكن ما يكون.. واستباقاً لكلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الاثنين المقبل، (أي في اليوم التالي لاطلالة لباسيل يوم الأحد)، يقرأ أحد القياديين في «الثنائي الشيعي» الموقف قبل الرسالة وبعدها:

1- فالرسالة «بعناوينها الرئاسية» برنامج انتخابي قدمه عون نيابة عن باسيل لخصوم الداخل والخارج.

2- العناوين مستحيلة التطبيق في الأشهر الأخيرة من عمر العهد.

3- التصعيد العوني مرده ان قرار المجلس الدستوري رفض قبول الطعن المقدم من تكتل باسيل النيابي.

4- لن يُبادر حزب الله إلى إنهاء التفاهم، الذي لم يبق منه سوى عنوان استراتيجي: «مقاومة العدو الاسرائيلي».. معتبراً ان طرح الاستراتيجية الدفاعية على أبواب الانتخابات، هو طرح قد يكون «مشبوهاً»..

5- لدى حزب الله ملف من المعلومات عمّا يجري تداوله في «الغرف العونية المغلقة» وعلى لسان باسيل شخصياً: حزب الله على لوائح الإرهاب، ووضعت بسببه على هذه اللوائح، لا مصلحة لنا باستمرار التحالف معه، وهو ساهم بضرب العهد عبر السير خلف الرئيس نبيه برّي.. إعادة التعويم السياسي «بالتمايز وتقليص التفاهم مع الحزب».

6- يتساءل القيادي في «الثنائي» أو في حزب الله، عن الفريق المسيحي الذي قد يقبل بدعوة عون للحوار وتعويمه في نهاية عهده.

7- سيعتاد الحزب على وضعية باسيل «رجل بالبور ورجل بالفلاحة» بانتظار اتضاح مسار المشهد الإقليمي تسويات أو سواها.. ليبنى على الشيء مقتضاه في لبنان..

8- وعلى الجملة، «فالخطوة الناقصة» بفك التفاهم أو التحالف مع حزب الله، ستزيد من «عزلة باسيل في الداخل وعدم استعداد الخارج لتقديم الهدايا مجانية له»..

في سياق متصل، نقلت مصادر سياسية ارتياح مقربين من حزب الله لمضمون الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية، والتي لم تخرج عن اسس التفاهم الذي تم التوصل اليه، في اللقاء الذي جرى بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ووفيق صفا، عشية عيد الميلاد، لتطويق مضاعفات صدور قرار المجلس الدستوري بعدم قبول الطعن بقانون الانتخابات النيابية، ولجم التصعيد الذي لوح به باسيل ضد الثنائي الشيعي، وحزب الله تحديدا، بعدما، حملهما مسؤولية مباشرة منع قبول الطعن، ومن خلاله افشال صفقة المقايضة التي كانت تطبخ من وراء الكواليس. واعتبرت المصادر ان تطرق رئيس الجمهورية إلى موضوع الاستراتيجية الدفاعية في كلمته، لم يسبب احراجا للحزب، برغم من حساسية إثارة هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات، وكان من الأفضل أن يتم تجاهله، ، الاهم، بنظر هؤلاء المقربين، هو معالجة الندوب والتداعيات بالعلاقات بين الطرفين ووقف حملات التراشق عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين المؤيدين والحزبيين، وهذا مرتبط بدوزنة الخطاب السياسي من قبل القياديين، ومنع الاندفاع للتصعيد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. ونقلت المصادر عن هؤلاء المقربين، بأن الحزب ينتظر ما سيعلنه باسيل من مواقف في الثاني من الشهر المقبل، قبل تقرير الخطوة الثانية بالعلاقة مع التيار، معربة عن أملها بأن يبقى مضمون الكلام تحت سقف التفاهم الذي جرى بين الطرفين، لان تصعيد الخطاب السياسي بلا ضوابط، قد يؤدي إلى تفاعل الخلاف المتصاعد، وتردي العلاقات نحو الأسوأ، وهذا لن يكون في صالحهما معا. وفي معرض ما ينقل من اخبار، عن اعادة تفعيل الصفقة الفاشلة، كمخرج مقبول لحل مشكلة تعليق جلسات مجلس الوزراء، لم تؤكد المصادر علمها بها، الا انها اشارت إلى ان الاتصالات واللقاءات التي جرت بين اكثر من طرف خلال الأيام الماضية، تناولت البحث عن الحلول الممكنة لحل مشكلة تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ومن بينها، معاودة اخراج الحل عبر المجلس النيابي، بتفاهم من كل الاطراف، يبدو أن هناك صعوبات عديدة تقف دون الاتفاق عليه وفي مقدمتها، الثمن الذي يطالب به باسيل مقابل ذلك. اما بخصوص دعوة رئيس الجمهورية لعقد طاولة للحوار، لبحث ومناقشة المواضيع الثلاثة التي طرحها، اعتبرت المصادر ان هناك صعوبة وتعقيدات عديدة، تحول دون تلبية هذه الدعوة، برغم اهمية التقاء الاطراف في هذا الظرف بالذات، للتفاهم على الخروج من الازمة الراهنة، اولها،انعدام ثقة معظم الاطراف السياسيين الأساسيين برئيس الجمهورية، بعد سلسلة من تجارب دعوات الحوار الفاشلة، واللقاءات التي ينقلب عليها ويتملص من الاتفاقات والتفاهمات المتفق عليها ولا سيما الانقلاب على المبادرة الفرنسية التي كانت تشكل العامود الفقري لحل الازمة الحالية وثانيا، يشكل الموضوع الاول في جدول الحوار، خلافا، ليس من السهولة ان توافق عليه بعض الأطراف، باعتباره موضوعا، ليس ضروريا اثارته اليوم، ويحتمل التأجيل، وليس من مسببات الازمة الحالية، ولا مفتاح حلها، وثالثا، الخصومة السياسية التي عمقها باسيل مع اطراف وازنين،تعيق تلبية رئيس الجمهورية للحوار، لان هؤلاء الاطراف يعتبرون ان الدعوة جاءت متأخرة جدا،ولن تقدم او تؤخر بسلسلة الازمة. واشارت المصادر إلى ان اللبنانيين كانوا ينتظرون من رئيس الجمهورية كلاما ومواقف مبشرة، تفتح الافاق بانفراجات بالوضع السياسي، وتحيي الامال بالتخفيف من الضائقة المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تضغط بخناقها على مفاصل حياتهم اليومية، بدل تكرار معزوفة الهروب من المسؤولية، ورمي كرة الازمة المتصاعدة وفشل العهد وسياساته الكارثية على خصومه السياسيين. وقالت:، بدلا من ان تحيي كلمة عون، نفحات من الامل في مسار الازمة المتدحرج، اظهرت كلماته المتثاقلة، تخبطا، ودورانا بحلقة الفراغ، والعجز عن المبادرة، لانهاء تعطيل جلسات مجلس الوزراء، في حين ان مايهم الناس، معالجات سريعة للوضع المعيشي المتدهور، أو زيادة ساعة بالتغذية بالتيار الكهربائي، بدلا من العيش باوهام الوعود والشعارات، ووصفت عون، بانه كان بعيدا كليا ،عن مقاربة هموم ومشاكل الشعب وكأنه يخاطبهم من المريخ. وفي الشأن السياسي، قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه ما بعد كلمة رئيس مجلس الوزراء التي أتت بفارق زمني بسيط جدا عن كلمة رئيس الجمهورية لا بد من ترقب ما ستكون عليه المواقف السياسية والقراءات بشأن ما صدر عن الرئيسين عون وميقاتي ومضامين الكلمتبن بالتالي. ولفتت المصادر إلى أن هناك توقعات بتصعيد سياسي في المرحلة المقبلة، وربما معارك محتدمة تحت العناوين التي أطلقها رئيس الجمهورية. واوضحت المصادر أنه بالنسبة إلى الحوار الذي أشار إليه الرئيس عون، فإن ما من موعد مطروح بعد. ولم تستبعد أن يعقد لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في اعقاب كلمتيهما. وفي المناخ هذا، اشتد الكباش السياسي على مستوى الرئاسات الثلاث وظهر ذلك في اكثر من مكان ومناسبة، بما يشي بإطالة الازمة الحكومية والسياسية التي تحولت بالتأكيد الى ازمة نظام لا تتعلق بأشخاص فقط بل اكثربممارسات اكثرها كيدي وشخصاني ويتعلق بالكيمياء بين الرؤساء والمسؤولين، ادت الى انهيار شامل على كل المستويات، والدليل ما ذكره موقع mtv مساء امس واكدته مصادر رسمية لـ«اللواء»، بأنّ وزير المال يوسف خليل، وبناءً على توجيهات رئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يوقع ترقيات ضبّاط دورة ١٩٩٤ في الجيش، المعروفة بإسم «دورة عون»، من مرسوم الترقيات، ووقّع سائر الترقيات من دورة العام نفسه في الأجهزة الأمنيّة الأخرى وأحالها الى رئيس الحكومة الذي وقّعها بدوره وأحالها الى رئاسة الجمهوريّة. واشارت المصادر الى أنّ الرئيس عون لن يوقّع المراسيم المتعلقة بترقية العقداء قي كل الدورات الى رتبة عمداء ويوقع باقي الترقيات للرتب الاخرى، كردٍ على استثناء دورة الـ 94 مع ان لضباطها الاقدمية المستحقة. وذكرت المصادر ان الرئيس بري يصرّ على تنحية المحقق العدلي في إنفجار المرفأ القاضي طارق بيطار ولن يُقدِم على اي خطوة نحو الحل قبل ذلك، على امل ان يحصل شيء ما بعدعطلة عيد رأس السنة، بعدما يعود الرئيس ميقاتي من زيارة خاصة الى لندن لتمضية العطلة مع عائلته.

الحوار وبنوده المتباينة

إلى ذلك اضيف على الكباش السياسي تباين في موقفي رئيسي الجمهورية والحكومة من بنود طاولة الحوار التي دعيا اليها خلال يومي امس الاول وامس، حيث دعا عون «الى حوار عاجل من أجل التفاهم على ثلاث مسائل والعمل على اقرارها لاحقاً ضمن المؤسسات، وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة. الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان. وخطة التعافي المالي والاقتصادي بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر».فيما دعا ميقاتي امس الى طاولة حوار لمناقشة «تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة اليها باي شكل من الاشكال، وعدم الانخراط في ما لا شان لنا به ولا سيما في اليمن». ما يعني اختلاف الاولويات بين الرئيسين. وكان عون قد ابدى خلال استقباله امس، وفوداً من قيادات الجيش والقوى الامنية امله «في ان تشهد السنة المقبلة، بداية لتصحيح الوضع المؤلم الذي ساد خلال العامين الماضيين، وانعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم واستقرارهم الاجتماعي والصحي». وقا: انه لا بد من مواجهة الأسباب التي أدت الى معاناة اللبنانيين من أزمات متعددة اقتصادية واجتماعية وصحية وتربوية، ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا بها على مر السنوات الماضية. وشدد «على وجوب وضع حد للاخطاء التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني والتي أشار اليها في رسالته امس الاول الى اللبنانيين، مؤكدا تصميمه على مواصلة النضال لتصحيح هذه الأخطاء على رغم العراقيل التي توضع في الطريق والتعطيل المتعمد والممنهج للمؤسسات الدستورية والقضائية والإدارات». كما اكد الرئيس عون «على ضرورة عودة الإدارات الى عملها المنتظم وتوفير الأجواء الملائمة لتمكين الموظفين من القيام بعملهم من خلال التخفيف قدر الإمكان من حدة الازمة الاقتصادية التي يعيشون فيها، معتبرا ان ذلك يتحقق من خلال المؤسسات الدستورية التي يفترض ان تعمل بانتظام من دون أي تعطيل». اماالرئيس ميقاتي الذي فاجأ الجميع بمؤتمر صحافي من السرايا الحكومية، فقد أكد «أن الحوار ليس مقطوعا مع جميع الأفرقاء وهناك تواصل دائم وانه يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لأنه يراهن على الحس الوطني لدى جميع الفرقاء لمعاودة عقد الجلسات قريبا». وشدد على «أنه من الضروري ان يجتمع مجلس الوزراء وأنا ضد التعطيل من اي طرف كان ، ولكن طالما أن مكوّنا اساسيا لا يشارك فانا لن أدعو الى عقد جلسة». وقال: لا يمكن أن أقبل بمقايضة موضوع عقد جلسات لمجلس الوزراء بأي تسوية غير مقبولة مني شخصيا ومن عائلتي وعائلات ضحايا المرفأ وغالبية اللبنانيين، ومن المجتمع الدولي. اضاف: صحيح أن العمل الحكومي متواصل وورش العمل الوزارية مستمرة بوتيرة مكثفة لانجاز الملفات المطلوبة تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء، ولكن الاكيد أن توقف جلسات مجلس الوزراء منذ الثاني عشر من تشرين الاول الفائت يشكل خللا بنيويا في عمل الحكومة لا يمكن تجاهله او التغاضي عنه.صحيح أيضا أننا نتفهم هواجس ومطالب شريحة واسعة من اللبنانيين في ما يتعلق بقضية التحقيقات الجارية بانفجار مرفأ بيروت، وندعو الى أن تكون المعالجة ضمن الاطر الدستورية والقانونية، لكن الصحيح ايضا، ان الدستور وجد لمنع التعطيل وأن القوانين هي المرجع الصالح لحل الخلافات. إنني أول الساعين الى معاودة جلسات مجلس الوزراء لتنفيذ البرنامج الوزاري الذي تشكلت على اساسه، كما أنني اول المتضررين من تعثر عمل الحكومة التي اتحمل في النهاية المسؤولية الأولى عنها، ولكن الصحيح أيضا أن مزايدات البعض في هذا الإطار والتعامي عن مخاطر الاقدام على تأجيج الخلافات، سيدخلنا في تعقيد أكبر وقد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه. وأوضح «أن التحقيق في موضوع إنفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني» ،وقال: إننا نقوم بكل ما يجب القيام به بكل جدية لاجراء الانتخابات ،في موعدها بشفافية.وكشف انه وقّع امس، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإنتخاب أعضاء مجلس النواب، وأحلته على رئاسة الجمهورية، لأخذ مجراه الدستوري، ومن جهتي سوف أتابع اسبوعيا مع وزير الداخلية والادارات المعنية التهيئة للانتخابات. واوضح ان الرئيس عون سيوقع على المرسوم « لأن تاريخ ١٥ ايار هو تاريخ متفق عليه مع الرئيس، وهو تاريخ مناسب تقنياً لإجراء الانتخابات». ودعا ميقاتي «المجتمع السياسي، الى المساهمة في مراجعة عميقة لأسباب هذا الفشل السياسي المريع، الذي خلّف حروبا وأزمات مستعصية لم تنقطع على مدى السنوات الخمسين الماضية «. وقال: علينا اخذ العبر من الأزمات التي مرت علينا والعودة الى تطبيق الدستور وروحيته فنعيد الى الحياة السياسية انتظامها، والى الاصطفاف المذهبي حدوده، والى الدستور والقانون حرمته، والى المؤسسات فاعليتها.هكذا نمنع بدعة التعطيل ونحدد مفاهيم الميثاقية التي عندما تتوسع تصبح أداة غلبة وتسلط، ونعيد التوافق على الامور الأساسية الاستراتيجية وفي مقدمها العودة الى سياسة النأي بالنفس التي نحفظ وطننا وتحمي علاقاته مع المجتمع الدولي والعالم العربي. ورداً على سؤال كرر ميقاتي قوله: عندما اشعر ان استقالتي هي الحل فلن اتقاعس ثانية عن تقديمها في سبيل ايجاد حل للوضع في لبنان،لكن اذا تبين لي ان إستقالتي ستؤدي الى مزيد من الخراب والاضطراب فحتما لن اقدم على هذه الخطوة ، فالتوقيت هو المهم لا النية. وعما اذا كان يحمّل حزب الله وحركة أمل المسؤولية المباشرة عن تعطيل الحكومة أجاب: التحقيق في موضوع انفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني ، والدستور أعلى من القوانين المرعية ، وأشعر ان هناك خرقا للدستور في طريقة التحقيق الجارية . ولكن من مبدأ عدم التدخل بالقضاء قلت وأكرر ان على القضاء ان ينقي نفسه ويتخذ القرار الذي يره مناسبا. واتمنى ، عندما تصل المسألة الى الهيئة القضائية العليا ، ان تعود الامور الى نصابها. وعن نتائج الاتصال بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي وبينه قال : عند حصول الاتصال الهاتفي أبلغت بانشاء صندوق مالي للدعم الانساني والاجتماعي في لبنان . هيكلية الصندوق باتت جاهزة ، وهناك اتصال بين فرنسا والمملكة العربية السعودية لوضع الصندوق قيد العمل والاعلان عنه سيتم قريبا . بدوره اعلن «تكتل لبنان» القوي بعد إجتماعه الدوري إلكترونيا برئاسة النائب جبران باسيل،»تأييده المطلق لكل ما ورد في كلمة رئيس الجمهورية، واكد إستجابته لدعوة الرئيس الى طاولة حوار، تبحث الإتفاق بين المكونات اللبنانية على إقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي» . كما واكد ان «لا شيء يبرر تعطيل مجلس الوزراء، وأن رئيس الحكومة ملزم بحكم مسؤولياته بالدعوة الى عقد مجلس الوزراء، وليتحمل كل طرف مسؤوليته وإلّا يكون رئيس الحكومة قد تخلى طوعا عن صلاحية منحه إياها الدستور حصراً». ولم يغفل التكتل عن وضع بند على جدول أعمال الحكومة وهو كف يد حاكم المصرف المركزي فوراً وتعيين بديل منه. ورأى النائب السابق وليد جنبلاط في تغريدة له ان الدعوة للحوار أساس، ولكن المهم ان يعقد مجلس الوزراء جلساته، ويبدأ بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية. على صعيد التحضيرات لاستجرار الغاز المصري، أطلقت وزارة الطاقة والمياه، في منشآت النفط في طرابلس، برعاية وزير الطاقة وليد فياض، مشروعين: الاول لصيانة خط الغاز العربي من قبل شركة TGS المصرية، والثاني عبارة عن اطلاق عملية تأهيل المتعهدين والشركات المعدة من الاستشاري شركة «دار الهندسة» لبناء خزانات مشتقات نفطية بموجب عقد موقع بين الوزارة وشركة «روسفنت» الروسية. وأكد فياض ان «هذا المشروع له اهمية استراتيجية ذات شقين: الاول يؤمن طاقة فائضة يرفع من زيادة التغذية الكهربائية إلى ما يقارب 8 حتى 12 ساعة بتكلفة أقل بنسبة كبيرة عن الفاتورة التي ندفعها اليوم، اما الشق الثاني فيتعلق بتوضيح أن نوع هذا الغاز هو فيول ميكست ويؤمن بحدود الثمانية الاف ميغاوات ويخفف من التلوث المنبعث عن المعمل»، مشيراً إلى ان «الاتفاقية مع مصر تسمح بالحصول على 650 مليون طن تؤمن 450 ميغاوات».

715950 إصابة

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 2280 إصابة جديدة بفايروس كورونا و15 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 715950 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

جنبلاط: الحوار مهم... لكن مجلس الوزراء أهمّ... "حزب الله" مرتاح لـ"لهجة" عون وأولويات السراي غير أولويات بعبدا!

نداء الوطن... كضربة سيف في الماء، مرّت إطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون "خفيفة الظل والثقل" على أرض الواقع السياسي من دون أن تخلف وراءها أثراً يُقتفى على ضفتي الحلفاء والخصوم، فكان وقعها باهتاً في ميزان المواقف وردود الفعل التي تفاوتت بين تجاهل وبرودة من جانب شركاء العهد في سدة الحكم، وتفاعل مقتصر على تجديد انعدام الثقة بطروحات العهد من جانب خصومه... وحماسة انحصرت بـ"التيار الوطني الحر" لتلبية الدعوة إلى طاولة الحوار في بعبدا. وبينما كانت للثنائي الشيعي "حصة الأسد" من الرسائل العونية الانتقامية رداً على إجهاض الطعن الانتخابي، آثر رئيس مجلس النواب نبيه بري إدارة "الأذن الطرشاء" لاتهامات التواطؤ والتعطيل التي وجهها رئيس الجمهورية بالمباشر إليه من دون أن يسميه، فتعامل معها ضمن حدود "التهميش والتطنيش" منعاً لتسعير صفيح الأزمة والانجرار خلف "أجندة التراشق والتوتير التي تريدها وتديرها غرف سوداء لغايات انتخابية" على حد تعبير أوساط الثنائي، أما "حزب الله" فكان حريصاً على تلقف خطاب عون بإيجابية من باب "التمييز بين مضمونه ولهجته"، وفق الأوساط نفسها، موضحةً أنّ "الحزب" لديه الكثير من الملاحظات على ما عكسه مضمون كلام عون من "استخدامات مريبة في الجوهر والتوقيت لملفات حساسة في عملية الضغط على "حزب الله" كملف السلاح والاستراتيجية الدفاعية"، لكنه في الوقت عينه نظر بعين الارتياح إلى "اللهجة" التي استخدمها عون ولم تخرج عن "سقف منطقي مقبول في سياق تظهير التباين والاختلاف بين الحلفاء". لكن وقبل أن يضطر أي فريق حليف أو خصم إلى الرد سلباً أو إيجاباً على دعوة رئيس الجمهورية الحوارية، كان لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي موقف واضح من هذه الدعوة يصبّ في خانة التأكيد على كون "أولويات السراي غير أولويات بعبدا" في جدول أعمال الحوار المنشود، بحيث "شقلب" ميقاتي البنود الحوارية التي طرحها عون و"شطب" منها خطة التعافي الاقتصادي باعتبارها "من مسؤولية الحكومة وتقوم بها" ولا يجب أن تكون مطروحة على طاولة البحث خارج المؤسسات الدستورية، مقابل وضعه على رأس جدول الحوار "بند السياسة الخارجية ووقف التدخل في شؤون الخارج الذي يؤثر على لبنان وإعادة التقيّد بسياسة النأي بالنفس (...) لأنّ المهم التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار على تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة إليها بأي شكل من الأشكال، وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا به ولا سيما في اليمن". وكذلك، أجهض ميقاتي خلال مؤتمره الصحافي في السراي فكرة تغيير النظام التي طرحها عون انطلاقاً من إعادة "التمسك باتفاق الطائف بوصفه الإطار الدستوري الصالح لتطبيقه في لبنان وعلينا استكمال تنفيذه"، فضلاً عن إعادة تأكيده رداً على استعجال عون الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء أنه لن يوجه مثل هذه الدعوة من دون التوافق مع الثنائي الشيعي عليها "حتى لا يشكل هذا الأمر تعقيداً إضافياً يصعب تجاوزه ويفقد الحكومة التوافق المطلوب لانتظام عملها... لأنّ مزايدات البعض في هذا الإطار والتعامي عن مخاطر الإقدام على تأجيج الخلافات سيدخلنا في تعقيد أكبر قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه". وفي الملف الانتخابي، بدا واضحاً أنّ رئيس الحكومة رمى كرة المسؤولية عن أي تأخير يطرأ على توقيع ونشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة باتجاه قصر بعبدا، فأعلن أنه وقع المرسوم وأحاله إلى رئاسة الجمهورية "لأخذ مجراه الدستوري"، قائلا: "المرسوم أصبح لدى فخامة الرئيس، ومن المؤكد أنه سيوقعه لأنّ تاريخ 15 أيار هو تاريخ متفق عليه مع فخامة الرئيس وهو تاريخ مناسب تقنياً لإجراء الانتخابات". في المقابل، لم يتأخر تكتل "لبنان القوي" إثر اجتماعه الالكتروني الدوري برئاسة النائب جبران باسيل في الرد على تمنع ميقاتي عن الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء رغم مقاطعة الثنائي الشيعي، فرأى أنّ "رئيس الحكومة ملزم بحكم مسؤولياته بهذه الدعوة وليتحمل كل طرف مسؤوليته وإلا يكون رئيس الحكومة قد تخلى طوعاً عن صلاحية منحه إياها الدستور حصرا". وفي سياق التهكم على تجديد ميقاتي ثقته بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لأنه "خلال الحرب لا يمكنك الإقدام على تغيير الضباط"، جدد التكتل "دعوة الحكومة الى الإجتماع وكف يد حاكم المصرف المركزي فوراً وتعيين بديل منه، لأنه لا أحد يذهب الى المعركة بضابط ‏غير مؤهل لقيادتها ومتهم بالخيانة، ‏فلا يمكن الفوز بالحرب عندما يكون على رأس الجيش من تسبب أصلا بانهياره". أما على صعيد ما برز من مواقف سياسية تعليقاً على دعوة رئيس الجمهورية إلى طاولة حوار وطني، فبرز موقف لرئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أعرب فيه عن اعتقاده بأنّ دعوة عون للحوار "هي أساس لكن الأهم أن يجتمع مجلس الوزراء للبدء في التفاوض مع المؤسسات الدولية قبل الانتخابات النيابية". ونقلت أوساط اشتراكية أنّ جنبلاط وازن في موقفه هذا بين "ما هو مهم وما هو أهم"، موضحةً أنّه لطالما "كان السبّاق إلى تأييد أي طرح يدعو للحوار والتحاور بين الجميع للبحث في المخارج التوافقية والحلول الوطنية، ومن هذا المنطلق كان لا بد من التنويه بدعوة رئيس الجمهورية لكن مع التذكير في الوقت نفسه بأنّ المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان باتت تحتم تقديم أهمية انعقاد مجلس الوزراء على أي أمر آخر للإسراع في وضع المشاريع الإصلاحية على سكة التنفيذ العملي والمؤسساتي، لأنّ الاستمرار في التعامي عن ضرورة وقف الانهيار المتدحرج سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار سقف البلد فوق رؤوس الجميع فلا يبقى عندها ما يمكن التحاور عليه ولأجله".

روسيا وإسرائيل ترسمان معادلات عسكرية جديدة...

انفجار غامض في البقاع وسط تسريبات عن امتلاك «حزب الله» مطاراً للمسيرات..

الجريدة... كتب الخبر منير الربيع... الجمود اللبناني القاتل، الذي يحاول المسؤولون كسر رتابته بإطلاق مواقف كلامية لا بعدَ عملياً لها، خرقته تساؤلات أثارها انفجار أحد مواقع «حزب الله» في البقاع على حدود سورية، وتكاثرت التكهنات حوله، وكغيره من الأحداث ساد الغموض حول حقيقة ما حصل، ففي البداية ورد أن التفجير كان نتيجة غارة إسرائيلية، ثم قيل إنه تفجير ذخائر قديمة، وبعد ذلك أُشير إلى محاولة تفكيك أو نقل صواريخ للحزب. وغالباً ستبقى حقيقة الانفجار طي الكتمان، رغم أنه يأتي في توقيت حساس، ومترافق مع جملة وقائع ومعطيات جديدة، أولها وقوعه بعد ساعات من استهداف إسرائيل لمرفأ اللاذقية للمرة الثانية، وتحديداً لحاويات تحمل صواريخ إيرانية دقيقة، في رسالة تؤكد أن استهدافها الوجود الإيراني لا ينفصل عن محاولات روسيا لإجراء إعادة تموضع طهران وحلفائها في سورية ومنهم «حزب الله». ووفق مصادر دبلوماسية، فإن روسيا تسعى منذ فترة إلى إقناع إيران والحزب بالانسحاب من مناطق متعددة أبرزها الجنوب السوري، وإفراغ الحزب مخازن صواريخه الدقيقة ونقلها إلى لبنان، على غرار ما حصل قبل فترة، إذ نقل عتاداً كثيراً إلى البقاع، بالإضافة إلى معلومات أخرى تفيد بأن الحزب عمل على سحب العديد من قواته، واكتفى ببقاء مستشارين في بعض المناطق والمواقع. وقع الانفجار وحصلت هذه التطورات في أعقاب المزيد من تحشيد إسرائيل ضد إيران والحزب على وقع مفاوضات فيينا، والتي تسعى كواشنطن إلى زيادة منسوب الضغط لإجبار طهران على تقديم المزيد من التنازلات. وقبل أيام عمل الإسرائيليون على تسريب أخبار تفيد بأن الحزب يمتلك مطاراً في البقاع، وتحديداً في بلدة الهرمل، يبلغ طول مدرجه 700 متر، وهو مخصص لطائراته المسيرة. وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن «حزب الله» يمتلك آلاف المسيرات بأحجام متعددة، وهذه كانت رسالة تهديد إسرائيلية للحزب بإمكانية استهداف مخازن هذه الطائرات أو حتى مدرج المطار. وتعلم إسرائيل أن أي استهداف من هذا النوع سيستدعي رداً من الحزب، إذ إن أمينه العام حسن نصرالله تعهد سابقاً بالرد على أي ضربة في لبنان داخل إسرائيل. وبالتالي تعتبر مصادر لبنانية متابعة أن التسريبات الإسرائيلية في وسائل الإعلام هدفها فتح باب تفاوض غير مباشر عبر روسيا، لدفع الحزب إلى تفكيك أسلحته وصواريخه وعدم إطلاق طائراته المسيرة كي لا تضطر للقيام بأي عملية عسكرية.

عون «نبش» الاستراتيجية الدفاعية وميقاتي يُريد «إحياء» النأي بالنفس

لبنان الرسمي يتخبّط بإزاء أزمته الداخلية و... مع الخليج

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- عون ضَبَطَ تَمَلْمُلَهُ من سلوك «حزب الله» وترك الباب مفتوحاً للتسويات

- ميقاتي: لبنان دولة مستقلة و«حزب الله» حزب سياسي موجود على الساحة المحلية كبقية الأحزاب

بين دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى حوار وطني مثلث البنود يشمل «الاستراتيجية الدفاعية» التي تعُتبر الاسم الحَركي لموضوع سلاح «حزب الله»، ومطالبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإدراج بند رابع يتعلّق بالسياسة الخارجية «والنأي بالنفس ووقف التدخل في شؤون خارج لبنان وتؤثر سلباً عليه»، يحاول المسؤولون في بيروت «أخْذ مسافةٍ» عن توريط «حزب الله» البلاد في صراعات المنطقة وكشْفها على الأبعاد ما فوق عادية التي أعطتْها السعودية للاعتداءات الارهابية التي تتعرّض لها من الحوثيين بدعمٍ من الحزب وفق مضطبة اتهام «تحالف دعم الشرعية». ورغم الدلالات التي ينطوي عليها إنزال عون عنوان الاستراتيجية الدفاعية «عن الرفّ» قبل عشرة أشهر من انتهاء ولايته واعتباره ان «الدفاع عن الوطن يتطلّب تعاون الجيش والشعب والمقاومة، والمسؤولية الأساسية هي للدولة التي تضع وحدها الاستراتيجية الدفاعية وتسهر على تنفيذها»، فإن «نبْش» هذا العنوان سرعان ما تمّ التخفيف من وقْعه كالتزامٍ جدي بإيجاد حلّ «لمرة واحدة ونهائية» لمسألة السلاح وتحكُّمه بالإمرة الاستراتيجية وتفلُّته من أيّ سلطةٍ للدولة، ليس فقط لاعتقادٍ بأن التسليم الداخلي مازال قائماً بأن الوقائع المحلية «طُوِّعت» لدرجة بات معها هذا الملف أكبر من قدرة اللاعبين على إدارته وكأنه «ملف لبناني»، بل لاقتناعٍ مزدوج:

أولاً بأن الفريق (عون وحزبه التيار الوطني الحر) الذي وفّر أكبر غطاء لحزب الله في تَمَدُّده الداخلي منذ 2006 «على البارد كما الحامي» ليس في وارد «الانقلاب» على هذا المسار عشية الانتخابات النيابية ثم الرئاسية. وثانياً بأن توقيت إثارة هذا الملف في غمرة التوتر في علاقة هذا الفريق بـ «حزب الله» وشريكه في الثنائية الشيعية رئيس البرلمان نبيه بري يؤشر إلى أن الأمر لا يعدو كونه في سياق «رد الفعل» وشدّ الحبال واستدراج العروض لإنهاء الأزمة الحكومية وفق تسوية تقوم مقايضات متبادَلة وهو ما عبّر عنه «تهديد» عون بـ «آمل أن لا أضطر لأقول أكثر». وإذ استحضرت أوساط على خصومة مع عون قوله في اغسطس 2019 ردّاً على سؤال عن الدعوة إلى طاولة حوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية «تغيّرتْ حالياً كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها، فعلى ‏ماذا سنرتكز اليوم؟ حتى مناطق النفوذ تتغير. وأنا أول مَن وضع مشروعاً للاستراتيجية الدفاعية. لكن ألايزال صالحاً ‏إلى اليوم؟»، اعتبرتْ أن خطوة رئيس الجمهورية الذي طالب أيضاً بالحوار حول اللامركزية الادارية والمالية الموسعة وخطة التعافي المالي والاقتصادي أعطت إشارة لِما سيكون عليه سقف كلمة رئيس «التيار الحر» جبران باسيل يوم الأحد عشية إطلالة للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله. وفي حين يُنتظر أن تكتمل بكلمتيْ باسيل ونصرالله خيوط اللوحة الداخلية المعقّدة في ضوء تفاقُم أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء بفعل إصرار الثنائي الشيعي على معالجة قضية المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار أولاً على قاعدة إقصائه أو «تقليم أظافره» عن ملاحقة السياسيين، فإن المنسوب المنضبط في رسالة المصارحة التي وجّهها عون عكس أن الاتصالات التي استؤنفت على خط «حزب الله» - التيار الحر عبر زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا لباسيل فعلت فعلها في احتواء المناخات الإعلامية التي أشاعت أن عون قد يذهب بعيداً في التصويب المباشر على الحزب. ورأت الأوساط نفسها أن عون، وجّه ما بدا «رسائل لزوم ما لا يلزم»، وبدا منكفئاً عن «سقف القنابل» الذي أشيع، بل أعطى إشاراتٍ إلى أن المواجهة مع بري ليست في إطار «المساس بوحدة» الطائفة الشيعية، وهي النقطة التي تثير حساسية كبرى لدى الحزب ويعتبرها خطاً أحمر نهائياً تماماً كما وجوب معالجة قضية بيطار ولو استمر تعطيل مجلس الوزراء الى ما شاء الله، رغم تلميح رئيس الجمهورية الى أن وحدة الدولة على المحكّ، وإطلاقه السهام على البرلمان واتهامه بعرقلة إقرار قوانين إصلاحية، والإصرار على انعقاد مجلس الوزراء «فبأي شرع أو منطق أو دستور، يتم تعطيله، ويُطلب منه اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، ويتم تجميد عمله بسبب مسألة لا تشكّل خلافاً ميثاقياً (القاضي بيطار)»؟ لافتاً الى أن «شلّ المؤسسات أصبح نهجاً قائماً بذاته ونتيجته خراب الدولة». وفي موازاة ترقُّب إذا كانت الدعوة للحوار ستلقى الصدى المطلوب لدى القوى السياسية المعارضة للعهد التي سبق أن تحفّظت عن المشاركة في محطتين في القصر خلال ولاية عون، فإن جانباً من هذه الدعوة بدا وكأنه ينطوي على حساسية تتصل بتحوّل طاولة القصر المفترضة بديلاً عن مجلس الوزراء «الممنوع من الاجتماع» والذي يتريّث ميقاتي نفسه في دعوته خلافاً لرغبة عون، وذلك حرصاً على عدم تعقيد الأمور الأكثر وهو ما كرره في إطلالته أمس، مؤكداً «ما دام هناك مكوّن أساسي لا يشارك في الجلسة فلن أدعو إليها»، غامزاً من قناة أن مسألة خطة النهوض «من صلاحية مجلس الوزراء»، ومقترحاً إضافة بند على طاولة الحوار «يتعلق بالسياسة الخارجية ووقف التدخل في شؤون خارج لبنان وتؤثر سلباً عليه، وسياسة النأي بالنفس هي السياسة المرجوة والتي ينبغي التقيد بها». وإذ أكد «أنه لا يمكن أن أقبل بمقايضة موضوع عقد جلسات لمجلس الوزراء بأي تسوية غير مقبولة مني شخصياً ومن عائلتي وعائلات ضحايا المرفأ وغالبية اللبنانيين، ومن المجتمع الدولي»، مشدداً على «ان التحقيق في موضوع إنفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني»، قال «المهم أيضاً، التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار باتت أكثر من ضرورية، على تمتين علاقات لبنان العربية لاسيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة اليها بأي شكل، وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا به لاسيما في اليمن»، معلناً «اننا أمام عام جديد مصيري، وعلى أبواب أجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة، ستعيد رسم المشهد السياسي الداخلي. هذه اللحظة التاريخية لتصويب المسار السياسي لا يجوز ان نضيعها. هكذا نمنع بدعة التعطيل ونحدد مفاهيم الميثاقية التي عندما تتوسع تصبح أداة غلبة وتسلط، ونعيد التوافق على الامور الأساسية الاستراتيجية وفي مقدمها العودة الى سياسة النأي بالنفس التي تحفظ وطننا وتحمي علاقاته مع المجتمع الدولي والعالم العربي». وحول ما يُقال عن «الاحتلال الايراني» للبنان ورفْع لافتة عملاقة لقاسم سليماني على طريق المطار، قال إن «لبنان دولة مستقلة ونحن نبذل كل جهدنا لتكريس هذا الأمر. واذا كان المقصود«حزب الله»، فهو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية كبقية الأحزب اللبنانية، ولا أسمح لنفسي بأن أقول أو أعترف بأيّ نفوذ لاي دولة خارجية على الساحة اللبنانية». وعما بقي من نتائج الاتصال بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبينه في ضوء اتهام تحالف دعم الشرعية في اليمن لـ «حزب الله» بدعم الحوثيين والمشاركة باستهداف المملكة، رد «عند حصول الاتصال الهاتفي أبلغت بانشاء صندوق مالي للدعم الانساني والاجتماعي في لبنان. هيكلية الصندوق باتت جاهزة، وهناك اتصال بين فرنسا والسعودية لوضع الصندوق قيد العمل والاعلان عنه سيتم قريباً». وسبق لعون في إطلالته ليل الإثنين أن تطرّق ضمناً إلى دور «حزب الله» في الخارج معلناً «في الوقت الذي تقترب الحلول في المنطقة نرى الحل يبتعد في لبنان»، مؤكداً «أرغب بأفضل العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج»، سائلاً: «ولكن ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا»؟

عون {خالف الطائف» باللامركزية المالية الموسّعة... انتقد بنعومة «حزب الله» واسترضاه بـ«الثلاثية الذهبية»

الشرق الاوسط... بيروت: محمد شقير... لم يقل رئيس الجمهورية ميشال عون، في رسالته التي وجّهها إلى اللبنانيين ما كان يتوقّعه منه تياره السياسي أن يقوله، فأحجم في وضع النقاط على الحروف عن تسمية معرقلي خطته الإصلاحية وتعطيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء بالأسماء واستعاض عنها بتوجيه رسائل سياسية غير مباشرة وبانتقادات ناعمة غلب عليها العتاب وإنما ليس بالاسم إلى حليفه «حزب الله» على خلفية توتيره العلاقات اللبنانية - العربية وتحديداً الخليجية منها، وانسحب الأمر على المجلس النيابي ورئيسه نبيه بري وإنما بعبارات أشد. لكن اللافت في رسالته إلى اللبنانيين والذي دفعهم للتساؤل، كان في دعوته إلى تغيير النظام على أن تكون ركيزته اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، وهذا ما يتعارض، كما يقول مرجع حكومي سابق لـ«الشرق الأوسط»، مع تمسكه بوثيقة الوفاق الوطني التي لم تأتِ من قريب أو بعيد على ذكر اللامركزية المالية الموسّعة. ولفت المرجع الحكومي السابق الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن حديث عون عن تغيير النظام تَلازم مع قوله بأنْ لا صلاحية له بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد لوقف تعطيله كأنه يدعو إلى استرداد صلاحياته كما كانت قبل إقرار وثيقة الوفاق الوطني. وسأل ما إذا كانت مطالبته بتحقيق اللامركزية المالية الموسّعة تأتي في سياق التناغم مع المطالبين بالفيدرالية وصولاً لإقامة نظام جديد في لبنان، خصوصاً أن وثيقة الوفاق حصرت المطالبة باللامركزية في شقها الإداري لقطع الطريق على إضفاء الطابع السياسي عليها. وأكد المرجع نفسه أن الاتصالات التي سبقت الموعد المحدد لتوجيه رسالة عون إلى اللبنانيين أدت إلى تعطيل القنابل السياسية التي كان التيار السياسي المحسوب عليه قد بادر بالترويج لها، وقال إن تبريد الأجواء جاء تتويجاً للتواصل بين قيادتي «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» الذي لم يبدِ حتى الساعة انزعاجاً من المضامين التي أوردها في رسالته وتعاطى معها على أنها مقبولة ما دامت لن تمس بالخطوط الحمر لمشروعه الاستراتيجي وتتعلق بتفاصيل داخلية لا تدعوه للقلق. وفي هذا السياق، لم يأتِ عون، كما يقول المرجع، على ذكر استرداد السيادة الكاملة على كل الأراضي اللبنانية التي هي الآن على رأس جدول أعمال المجتمع الدولي في مطالبته بضبط الحدود ووقف التهريب وحصر حمل السلاح بيد الدولة التي يعود لها اتخاذ قرارها في السلم والحرب. ورأى أن انتقاده غير المباشر لـ«حزب الله» بتوتير علاقات لبنان العربية وتحديداً الخليجية منها يبقى في حدود رفع العتب لعله ينأى بنفسه عن الصدام مع المجتمع الدولي. ورأى أن عون وتياره السياسي سجّلا رقماً قياسياً في تعطيل البلد ولم يعد من حاجة للوقوف أمام المحطات التي أدت إلى إقفال الوسط التجاري لبيروت بالتحالف مع «حزب الله» سوى الاكتفاء بسؤاله عن الأسباب الكامنة وراء تعطيل المؤسسات الدستورية إبان تولّي الرئيس تمام سلام رئاسة الحكومة والتي لم يُفرَج عنها إلا بعد أن ضَمِن انتخابه رئيساً للجمهورية رغم أنه كان أول من انتقد في حينه التمديد للبرلمان قبل أن يعود عنه لأنه هو من أوصله إلى سدّة الرئاسة الأولى. وأوضح أن دعوته للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية للبنان جاءت متأخّرة ولن تُصرف في مكان لأنه هو من تمرّد على إقرارها بخلاف ما كان قد أورده في خطاب القَسَم الذي ألقاه أمام البرلمان فور انتخابه رئيساً للجمهورية لجهة قوله إنها من أولوياته وسيدعو فوراً الأطراف المعنية للحوار حولها من أجل إقرارها، لكنه بادر إلى ترحيل البحث فيها إلى حين زوال الأطماع الإسرائيلية بلبنان، وقال إنه طرحها بالتلازم مع الحاجة لتعاون الجيش والشعب والدولة في محاولة مكشوفة لطمأنة «حزب الله» إلى تمسكه بطريقة غير مباشرة بالثلاثية الذهبية التي تجمع بين الجيش والشعب والمقاومة. وأكد المرجع نفسه أن عون في رسالته إلى اللبنانيين جمع بين مجموعة من التناقضات، وإلا كيف يفسّر هجومه على المنظومة السياسية ويحمّلها مسؤولية انهيار البلد وتعطيل الحكومة وإن كان حصر المسؤولية بالبرلمان وبرئيسه، فيما يدعوها للحوار حول ثلاثية ذهبية ممهورة باسمه وتتعلق باللامركزية الإدارية الموسّعة وخطة التعافي المالي والاستراتيجية الدفاعية؟ وهل من يتهمه بالوقوف وراء الانهيار هو من يبادر إلى إصلاح البلد وإنقاذه؟... وفي سياق حديثه عن التناقضات التي أوقع عون نفسه فيها، سأل المرجع نفسه عن الدوافع التي أملت عليه تغييب اسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن لائحة المتهمين بالفساد وهدر المال العام، رغم أن تياره السياسي اتهمه بتبييض الأموال، وكان عون السبّاق في الدعوة إلى تغييره. كما سأل عن الجدوى من طرح اللامركزية المالية الموسّعة بخلاف اتفاق «الطائف»؟ وهل يريد استرضاء البعض في الشارع المسيحي لعله يدفع باتجاه تعويم وريثه السياسي باسيل لتأمين استمرارية التيار العوني بعد انتهاء الولاية الرئاسية لمؤسسه؟ ... وعليه فإن رسالة عون إلى اللبنانيين لن تؤدي للوصول إلى الأغراض السياسية المرجوّة منها ما دامت انطوت على انتقاد ناعم وغير مباشر لـ«حزب الله» وجاءت تحت سقف عدم تعريض تحالفه مع باسيل إلى انتكاسة، وهذا ما يفسر -كما يتردد- أن الأخير تدخّل في الوقت المناسب واضعاً عليها اللمسات المطلوبة لأنه ليس في وارد كسر الجرة مع حليفه الأوحد نظراً لحاجتهما إلى تبادل الخدمات مع تحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية في 15 مايو (أيار) 2022.

لبنان: 8 نواب استقالوا من الـ2020 فهل تعيدهم الانتخابات إلى... البرلمان؟ فتِّش عن التحالفات الصعبة..

بيروت – «الراي»:.. في وقتٍ تتموْضع الأحزابُ إستعداداً للإنتخابات النيابية في مايو المقبل، ما زالت بعض القوى والشخصيات الحزبية والمستقلة تعيش دوامة التحالفات الانتخابية. بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020 قدم النواب سامي الجميل، نديم الجميل، إلياس حنكش، بولا يعقوبيان، ميشال معوض، نعمة إفرام، هنري حلو ومروان حماده استقالاتهم من مجلس النواب. لكن غالبية هؤلاء يعوّلون على العودة مجدداً إلى البرلمان في انتخابات 2022. رغم أن الدعوات إلى الاستقالة من البرلمان كانت صدرت عن عدد من النواب كتعبير عن المعارضة لسياسة العهد وللضغط لإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن أحداً لم يقدم استقالته. وجاء انفجار مرفأ بيروت مع ردود الفعل الشعبية الغاضبة، ليشكل مناسبة لمجموعة من النواب لتقديم استقالتهم كفعل اعتراضي. ومنذ عام ونيف وهؤلاء النواب يرسمون سياسة جديدة من أجل خوض الانتخابات النيابية من جديد. ينقسم هؤلاء فئات تتباين في توجهاتها وخريطة تحالفاتها وإن كانت تجتمع تحت لافتة المعارضة. فالجميل وحنكش يمثلان حزب الكتائب، والجميل وفق ما بدأ يرتسم قرر خوض الانتخابات في شكل واسع، وهو يطمح إلى أن يشكل قاعدة تحالفات تمكّنه من خوض الاستحقاق في أكثر من دائرة انتخابية، كبعبدا والمتن وبيروت والبترون وزحلة. ولـ «الكتائب» حضور في هذه الدوائر، لكن المشكلة في ما يقرره الحزب هي ثبات التحالفات التي يحاول بناءها، وخصوصاً في ضوء القانون الذي يمزج النسبي بالأكثري، ويفترض تالياً بأي حزب أن يكوّن حضوراً واسعاً يسمح له بتأمين حاصل انتخابي. و«الكتائب» الذي ينخرط في علاقة مع المجتمع المدني لم يدخل بعد في حوار مع القوى المُعارِضة كـ «القوات اللبنانية»، والحزبان متخاصمان إلى الحد الأقصى. ورغم أن هناك دفعاً خارجياً للملمة صفوف المعارضة، إلا أن الجميل يسعى إلى أن يشكل حضوراً نيابياً صافياً للحزب، وزيادة عدد مقاعده. علماً أن أحد شروط المشاركة في أيٍّ من الحكومات المقبلة يكمن كذلك في وجود تكتل نيابي له حضور وازن. كما أن الجميل يواجَه بخوض ابنيْ عمه، النائب نديم الجميل في بيروت وشقيقته يمنى الجميل التي ما زالت تفتش عن دائرة انتخابية، الانتخابات من خارج صفوف الحزب وهما لهما قاعدتهما الكتائبية. عدا عن الكتائب، شكلت استقالة إفرام ومعوض تمايزاً ليس بفعل الاستقالة من المجلس فحسب، بل أيضاً من التكتل الذي جمعهما مع «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل. فمعوض رئيس «حركة الاستقلال» خاض الانتخابات بتحالف مع التيار، علماً أنه كان أحد أركان قوى «14 آذار» ووالدته النائبة السابقة نايلة معوض كانت أحد أعضاء لقاء «قرنة شهوان» وعُيّنت وزيرة كممثلة عن قوى «14 آذار». لكن معوض – الابن يحاول منذ استقالته التمايز عن الأحزاب بالاقتراب أكثر من المجتمع المدني، وهو الذي تربطه علاقة جيدة مع الأميركيين، وغالباً ما استضاف مع والدته زواراً أميركيين رفيعي المستوى. ويحاول معوض بدفْعٍ أميركي تنظيمَ المعارضة «المدنية» في تحالف عريض من أجل خوض الانتخابات مجتمعين، في مواجهة قوى حزبية معارضة وموالية على السواء. لكن في النهاية هو سيكون مرشحاً عن دائرة زغرتا حيث سيكون في مواجهة «تيار المردة» (يقوده سليمان فرنجية)، وفي مواجهة لائحة «التيار الوطني الحر» التي تركها، و«القوات»، وعلى الأرجح المجتمع المدني. بدوره خاض إفرام الانتخابات مع «التيار الوطني الحر» عن كسروان – جبيل. ومعروف أن عائلته مقربة من «التيار» وقاعدته في غالبيتها «عونية الهوى»، لكن النائب المستقيل أسس أخيراً حركة أطلق عليه اسم «وطن الإنسان» وبدأ التحرك من أجل خوض الانتخابات بعيداً عن التيار، وبأسلوب أقرب إلى أسلوب المجتمع المدني. ما يجمع الثلاثة، الجميل ومعوض وإفرام، وما يفرّقهم واحِدٌ. فالمجتمع المدني يشكل المظلة التي يحاول الأطراف الثلاثة العمل تحت سقفها وخوض الانتخابات بالتنسيق معها. لكن بعض مجموعات المجتمع المدني، ما زالت تتعامل مع هذه الأطراف على أنها قوى حزبية ومن موروثات العلاقة السابقة التي تجمعهم بقوى السلطة التي شاركوا فيها على مدى أعوام، وتالياً ترفض التعامل معهم أو التحالف ولو من ضمن مظلة عريضة، رغم الحاجات المتبادلة في تأمين الحواصل الانتخابية التي تجعل فوزهم ممكناً. وليس معروفاً بعد قدرة معوض وإفرام على خوض انتخابات خارج منطقتهما، كونهما لا يتمتعان بقدرة تجييش خارجها ولا يملكان انتشاراً واسعاً إلا من خلال تحالف عريض ما زال متعثراً عليهما الحصول عليه. وما يفرقهم أن الثلاثة الذين من المحتمل أن يتحالفوا سوياً، على الأقل معوض وإفرام، لا يستطيعون خوض الانتخابات بعيداً عن التحالفات التي قد تجعل منهم أسرى علاقات عائلية وحزبية متفرقة. وخصوصاً أن الأركان الثلاثة وريثو عائلات تقليدية، لها قاعدتها الخدماتية وهم حين يريدون التحالف مع قوى وشخصيات أخرى سيكونون مضطرين إلى التواصل مع عائلات لها حضورها في الدوائر التي يخوضون فيها المعركة. إضافة إلى أن معوض وإفرام كانا سابقاً في تحالف مع «التيار الوطني الحر»، واليوم سيضطران إلى مواجهته في المساحة نفسها. وسيواجهانه كخصم يستميت في كسرهما بعدما تخليا عنه، وخصوصا ان «التيار الوطني» في حاجة ماسة إلى استعادة عدد مقاعده الحالية بعد الحملات التي تعرض لها خلال العامين الماضيين، وفي ضوء إحتمالات صعود «القوات اللبنانية» في وجهه.

بين التّقني والسّياسي.... ضخّ الغاز المصري إلى لبنان «بحُكم المُؤجّل»

الاخبار... يبدأ العام الجديد مع نهاية الأسبوع الجاري، ولمّا تنتهِ بعد التّرتيبات اللّازمة لبدء ضخّ الغاز إلى لبنان، على رغم ضربِ الحكومة المصرية أول العام المقبل موعداً لبدء العملية. العوائق التي تمنع إتمام المشروع، منها سياسي مرتبط بالإعفاء من «قانون قيصر» الأميركي، ومنها تقني مرتبط بعطل تقني كان قد كشف عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، منتصف الشهر الجاري، مبيّناً أن إصلاحه يحتاج إلى «6 أسابيع عمل»، بعد توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون «موافقة استثنائية»، تُغنِي عن الموافقة الإلزامية لمجلس الوزراء «المُعطَّل».وفيما لم يتضح بعد إن كان رئيس الجمهورية قد وافق على إصدار «موافقة استثنائية»، بعد رفضه تمرير المزيد من «الموافقات الاستثنائية»، في وقت سابق، أطلق وزير الطاقة وليد فياض، اليوم، مشروع صيانة «خطّ الغاز العربي» من قبل شركة «TGS» المصرية، التي تمنّى رئيسها هشام رضوان «إنجاز الأعمال الفنية والتقنية من الجانب اللبناني في مدّة أقصاها آذار المقبل». ووفق فياض، فإنّ للمشروع «أهميّة استراتيجية ذات شقين: الأول يؤمّن طاقة فائضة يرفع من زيادة التّغذية الكهربائية إلى ما يقارب 8 حتى 12 ساعة، بتكلفة أقلّ بنسبة كبيرة عن الفاتورة التي ندفعها اليوم (...) أما الشقّ الثاني؛ فيتعلق بتوضيح أن نوع هذا الغاز هو فيول ميكست، ويؤمّن بحدود الثمانية آلاف ميغاوات، ويخفّف من التلوث المُنبعث من المعمل (دير عمار)». وبيّن فياض أن «الاتفاقية مع مصر تسمح بالحصول على 650 مليون طن، تؤمّن 450 ميغاوات». وكان ميقاتي قد أوضح أن العطل التقني الذي جرى اكتشافه هو «على مسافة 11 كيلومتراً من أنبوب الغاز الذي يربط سوريا بلبنان». أمّا المشكلة السياسية، فتتعلق بعدم صدور إذن خطّي واضح من الولايات المتحدة يُعفي مصر من تداعيات «قانون قيصر».

مشروع مع «روسفنت» أيضاً

افتتح وزير الطاقة، خلال تواجده في منشآت النفط في طرابلس، مشروعاً آخر، إذ أطلق فياض عملية تأهيل المُتعهدين والشّركات لبناء خزانات مشتقات نفطية، بموجب عقد موقّع بين وزارة الطاقة وشركة «روسفنت» الروسية. وبيّن فياض أن «تدشين مجمّعات نفطية للتخزين الاستراتيجي بشراكة بين روسفنت ودار الهندسة، التي ستُؤهّل الشركات المختصة، لبناء وتطوير المجمع النفطي، وإعداد دفتر الشروط الفني الذي رسا على شركة روسفنت، التي ستؤمّن كمرحلة أولى قدرة تخزينية تبلغ 151 ألف متر مكعب من المشتقات النفطية، وتستكمل الآن عملها بالتطوير لتصل القدرة التخزينية إلى 248 ألف متر مكعب، وإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى مليون ميغاوات». وأوضح فياض أن «أهمية هذا المشروع تكمن في تكبير وتوسيع السوق الاستثمارية والتجارية للبنان في المنطقة، على أن يُعتمد لاحقاً مركزاً تجارياً أساسياً للمشتقات النفطية، مع استكمال صيانة أنبوب النفط العراقي المنقول من كركوك إلى المنشأة النفطية في طرابلس، الأمر الذي يُثبّت أمن المحروقات في الداخل اللبناني، إضافة إلى أهميته في تأمين التمويل الخارجي». وكانت الشركة الروسية، قد فازت في المناقصة التي أطلقها لبنان، في عام 2017، لتخزين مشتقات نفطية في المنشآت الشمالية. وقد وقّع لبنان العقد مع «روسفنت» في عام 2019، وهو ينصّ على أن تستأجر الشركة سعات تخزينية من منشآت النفط، بعد أن يتمّ بناء الخزانات، ولمدة 20 عاماً. ووفق هذه الآلية المُعتمدة عالمياً، ستدفع الشركة ثمن تخزين كلّ طن يُخزّن في المنشآت، بصرف النّظر عن عدد مرّات التّفريغ والتخزين، وهو ما سيُشّكل عائدات مهمّة للبنان، سيستفيد منها للاستثمار في المنشآت، وتأمين مداخيل إضافية.

مذكرة تفاهم بين لبنان والعراق لتطوير العلاقات العسكرية

الاخبار.. وقّع لبنان والعراق، اليوم، مذكّرة تفاهم لتطوير العلاقات العسكرية بينهما. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، في بيان، إنّ وزيرها «جمعة عناد وقّع مع نظيره اللبناني موريس سليم مذكرة تفاهم خاصة بتطوير العلاقات الثنائية العسكرية بين البلدين». وكان سليم قد وصل إلى بغداد، أمس، على رأس وفد من وزارته في زيارة رسمية غير معلنة المدة. وفور وصوله التقى سليم مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، في مكتب الأخير ببغداد. وبحث الجانبان، وفق بيان صادر عن مستشارية الأمن القومي العراقي، تعزيز العلاقات بين بغداد وبيروت، وتطوير التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، بما في ذلك توقيع مذكرة تعاون بين وزارتي الدفاع العراقية واللبنانية في المجال العسكري. وأكّد الأعرجي «حرص العراق على عمقه العربي وأنه يسعى لترسيخ أمن واستقرار المنطقة وأنّ التفكك والتناحر والنزاعات لا تصب في مصلحة العرب». ورأى أنّ «مبادئ الحكمة والاعتدال والتسامح يجب أن تكون الخيار بمواجهة الأزمات في المنطقة». من جانبه، شدّد سليم، على «أهمية الالتفات إلى المصالح المشتركة التي تجمع الأشقاء العرب والسعي لتعزيزها بما يخدم المصالح التي تجمع الدول العربية».

لبنان... حكومة مأزومة ورهان على «النقد الدولي»

2021 سنة الانهيارات الاقتصادية والتصعيد السياسي على خط المرفأ ـ الطيونة

الشرق الاوسط... بيروت: نذير رضا... لم تكد تمضي أسابيع قليلة من العام 2021 حتى اكتشف اللبنانيون أن رهانهم على عام أفضل من السابق كان في غير محله، وأن سنوات السوء سوف تلاحقهم في هذا العام، ومن غير المرجح أن يتركوا صحبتها في العام المقبل... على أقل تقدير. دخل اللبنانيون في العام 2021 وهم مثخنون بالجراح. الانهيار المالي والاقتصادي، الذي ضرب البلاد، خلق موجة من عدم اليقين عند اللبنانيين الذين كانوا يشاهدون عملتهم الوطنية تنهار أمام الدولار، ومدخراتهم في المصارف تطير في مهب الريح، فيما «كورونا» يفتك بهم، وجراح تفجير المرفأ الذي ضرب قلب بيروت كانت لا تزال ساخنة. وفي المقابل، كان السياسيون يتلهون بمعارك «طواحين الهواء» ويختلفون على حصصهم في الحكومة، التي كان من المفترض بها أن تساهم في عملية تخفيف الارتطام الناجم عن الانهيار الاقتصادي، وهو ما لم يحدث. كان اللبنانيون يأملون بولادة حكومة مستقلة حيادية تقود عملية إصلاح البنية الاقتصادية والسياسية. ويأملون في أن تكون الحقيقة قد ظهرت في ملف التفجير الذي ضرب قلب العاصمة. لكن الحكومة لم تُشكل إلا بعد توافقات سياسية بين القوى المشاركة فيها، ومن ضمنها توزيع الحصص على الطوائف، وهو ما شكل صدمة للناشطين المدنيين والمعارضين الذين أدانوا الاستمرار بتطبيق الأعراف نفسها في عمليات تشكيل الحكومات القائمة على المحاصصة، وفي مقدم المعترضين حزبا «الكتائب اللبنانية» و«القوات اللبنانية» اللذان لم يشاركا بالحكومة. أنهى تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي حالة من الشلل السياسي استمرت 13 شهراً. فقد ظل لبنان من دون حكومة منذ قدم رئيس الوزراء حسان دياب استقالته عقب الانفجار في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020 الذي أدى إلى تدمير المرفأ والمناطق المحيطة به. فشل السفير مصطفى أديب في تشكيل حكومته بداية، ثم فشل الرئيس سعد الحريري في تشكيل حكومة منسجمة مع شروطه لجهة تأليف حكومة من الاختصاصيين المستقلين لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأحد. بعد تنحيه، سمى البرلمان الرئيس ميقاتي الذي لم يُقابل بشروط تشبه الشروط التي تمت مواجهة الحريري بها، فنجح بالتأليف. كان الملف الحكومي من أبرز معالم العام. قضى اللبنانيون هذا العام من دون حكومة في بدايته، وأنهوه بحكومة مشلولة غير قادرة حتى على الاجتماع. فالحكومة التي هلل كثيرون لتأليفها، وانخفض سعر صرف الدولار إلى حدود الـ15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد بعدما وصل قبل تأليفها إلى 23 ألفاً، علقت جلساتها بعد جلستين عقدتهما. انفجر ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في وجهها، وحوصرت بخلافات مكوناتها. انقسمت القوى السياسية الممثلة فيها، بين مؤيد لتحقيقات وإجراءات المحقق العدلي في ملف المرفأ القاضي طارق البيطار، وبين رافض لها اتهم إجراءاته بالتسييس والاستنسابية. ووصل الخلاف إلى مجلس الوزراء حيث انفجر الصراع بين فريق «التيار الوطني الحر» من جهة، وفريق «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المردة» من جهة ثانية. تأزم الوضع أكثر، وانفجر على شكل تطور أمني في الشارع بين منطقتي الشياح وعين الرمانة، خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية بين المسلمين والمسيحيين، وتم احتواء الموقف من غير أن تهدأ تداعياته. والواقع أن الخلافات السياسية التي عطلت اجتماع الحكومة، علقت المساعي الحكومية لتحقيق الإنجازات. لا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي اكتملت، ولا ضبط لأسعار صرف الدولار. واصلت العملة المحلية انهيارها، وانزلق معظم اللبنانيين إلى ما دون خط الفقر. لم يتغير أي شيء على أزمات كانت قائمة قبل تشكيلها، وخصوصاً لجهة انقطاع الكهرباء. الفارق الوحيد، أن اللبنانيين قضوا الصيف بلا كهرباء ولا ضوء، بفعل انقطاع المحروقات التي تشغل مولدات الشبكة الرديفة. بعد تشكيل الحكومة، رُفع الدعم عن المحروقات، وارتفع ثمنها بشكل كبير، فتوفرت الكهرباء لدى فئات معينة قادرة على دفع رسوم الشبكة الرديفة، فيما حلقت أسعار المحروقات إلى مستويات وصلت إلى 1500 في المائة ارتفاعاً خلال عامين. الأزمات التي تحاصر اللبنانيين لم تنتهِ. تدهور سعر الصرف قلص قدراتهم على العيش، بفعل التراجع الكبير في الرواتب نتيجة انهيار القيمة الشرائية. المؤسسات الحكومية شبه معطلة، والبطالة ترتفع، والنخب الأكاديمية والعلمية، ومن بينها الكوادر الطبية، تغادر إلى خارج البلاد، فيما تضرب البلاد موجة جديدة من الإصابات بـ(كوفيد – 19) مع ارتفاع حوادث السرقة والقتل. وخلال أقل من عامين، خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، وتراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار تدريجاً إلى أن فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة. وقال البنك الدولي في تقرير نشره في مايو (أيار) الماضي، إن الأزمة الاقتصادية في البلاد يمكن أن «تصنف ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ150 عاما الماضية». بتقديره، هي أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق. وتحاول القوى السياسية محاصرة الاضطرابات. تعد بالإصلاحات، وتراهن على مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتعد بدفع مساعدات اجتماعية بالدولار الأميركي بدءاً من شهر مارس (آذار) المقبل. هي مساعدات ينظر إليها المعارضون على أنها «مسكنات» بهدف «منع الانفجار». ويتصاعد التصعيد السياسي بين القوى الداخلية قبل الانتخابات النيابية المزمعة في مايو المقبل. لم يبقَ أمام لبنان إلا التفاوض مع صندوق النقد الدولي لاستدراج مساعدات أجنبية. المفاوضات التقنية شارفت على نهايتها لتبدأ بعدها مرحلة المفاوضات على السياسات النقدية والاقتصادية. يراهن لبنان على الحصول على الأموال التي تقدر بأربعة مليارات، بحسب ما أعلن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، و«يمكن أن ترتفع إلى مبلغ يتراوح بين 12 مليار دولار و15 ملياراً». وأوضح أن «هذا المبلغ يساعد لبنان لينطلق مجدداً ويستعيد الثقة». وأضاف: «بقدر ما نتمكن من استقطاب أموال... بقدر ما نتعافى بسرعة... هذا هو المفتاح لأن ينطلق لبنان ويستعيد البلد نشاطه الطبيعي».

باريس لواشنطن: لإنقاذ كل لبنان لا مساعدة الجيش وحده

الاخبار.. تقرير هيام القصيفي .... تعيد باريس مراجعة مبادرتها وعلاقتها مع القوى السياسية في لبنان وتعاطيها مع واشنطن في حل الأزمة اللبنانية. الخلاصات ليست مشجعة لكنها تقدم صورة سوداوية عن مخاوف باريس على لبنان.... تقوم الدوائر الفرنسية بمراجعة سياستها في لبنان في ضوء ما حدث منذ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب انفجار مرفأ بيروت. والمراجعة هذه تتعدى القراءة العادية المتعلقة بسياسة فرنسا تجاه لبنان، لتصل إلى طرح أسئلة حول مستقبل هذا البلد ودور القوى الإقليمية والدولية المؤثرة فيه، وموقع القوى السياسية اللبنانية. في الخلاصات، تتوقف هذه المراجعة حول موقف القوى السياسية منذ أن طرحت المبادرة الفرنسية. فإدارة ماكرون تعرّضت لحملات داخلية، سياسية وإعلامية، على خلفية المبادرة، واتُهمت بتعويم الطبقة السياسية اللبنانية بمجرد طرحها ولقاء ماكرون القيادات السياسية التي كانت تتعرض لشتى أنواع الهجمات من الشعب اللبناني. إلا أن القيادات لم تتصرف على قاعدة أنها قدّرت المبادرة وأهميتها، لا بل أنها - ومن دون استثناء - تصرّفت حيالها انطلاقاً من مصالحها الشخصية أولاً، ومصلحة رعاتها الإقليميين والدوليين ثانياً، من دون الأخذ في الاعتبار مصلحة اللبنانيين. وهذا أمر باتت باريس تنظر إليه بحدّة ووضوح أكثر من ذي قبل، بعدما رصدت كل الأداء السياسي منذ أكثر من سنة. وبحسب هذه المراجعة، تعترف فرنسا بتعثر مبادرتها لأسباب متنوعة. لكنها لا تضع المسؤولية على سياستها بقدر ما تحمّلها للسياسيين اللبنانيين الذين لم يفوا بتعهدهم أمام ماكرون نفسه بكل أنواع الالتزامات للتقدم نحو حلول للأزمة. حتى أن الكلام عن فرض عقوبات فرنسية أو مشتركة أوروبية، أثبت عدم فاعليته ولم يعد له تأثير يذكر، ما دام كل ما جرى، منذ ذلك الحين، من تهديدات بها وتحوّلات محلية وضغط خارجي لم يؤثر في السياسيين. وباتت فرنسا تنظر إلى النظام الحالي على أنه فاسد. وعلى رغم أن لها علاقات مختلفة المستويات مع القوى اللبنانية، إلا أنها تتوقف عند علاقتها برئيس الجمهورية ميشال عون بنوع خاص. فالعلاقة معه مزمنة وتاريخية منذ أن كان قائداً للجيش وصولاً إلى مرحلة نفيه إليها وعودته منها. وهي علاقة لا تقتصر على جهة فرنسية واحدة، بل متعددة المستويات، ومتينة ومتشعّبة. وما فاجأها أنها لم تستطع التفاهم معه منذ أن وصل إلى رئاسة الجمهورية، ولم تتمكن من التوصل إلى أي اتفاق على حلول ومبادرات يمكن تسويقها دولياً وإقليمياً كإطار لحل الأزمة اللبنانية. وهذا أمر مهم بالنسبة إليها، لا سيما من موقعه كرئيس للجمهورية، خصوصاً أنها كانت إلى جانبه، وظلت ترسل إليه موفدين وتبقي أواصر العلاقة معه على متانتها.

يؤكد الفرنسيون للأميركيين أن مساعدة الجيش لا تكفي ولن تنفع في حال سقوط لبنان

النقطة الثانية هي موقع فرنسا وواشنطن من الرؤية لحل الأزمة. فباريس تعترف بأن دورها محدود ولم تعد تملك التأثير ذاته في المنطقة، ولا الدالة ذاتها على شركاء في المنطقة والقوى الفاعلة، على رغم أنها لا تزال تسعى جاهدة لتفعيل هذا الدور وتوسيع مروحة اتصالاتها ولقاءاتها على مستوى رفيع. لكن الدور الأميركي الذي لا يزال مؤثراً ويفرض التعامل معه بواقعية. من هنا تعتب باريس على واشنطن بسبب سياستها في لبنان، كونها الأكثر فاعلية في المنطقة وبعض دولها. فواشنطن تتصرف وكأنها تعتمد سياسة ضبابية تجاه الوضع اللبناني، فيما تتحضر للانسحاب من المنطقة من دون رسم أي سياسة عامة تجاهها. فتارة تتقدم بسرعة على أساس أنها تريد الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتارة تتراجع تاركة الوضع يتخبط أكثر، كما يحصل مثلاً في ملف الكهرباء واستجرار الغاز من مصر، بعدما كانت حريصة على تسريع الخطوات في هذا الملف. ما تقوله باريس لواشنطن إنه يجب رسم سياسة كاملة للوضع اللبناني، وإن البلد ليس الجيش اللبناني وحده، وحصر واشنطن اهتمامها ومساعدة لبنان بالجيش فقط ليس كافياً. لأنه في حال سقوط لبنان، ماذا ستنفع مساعدة الجيش؟. فلبنان بات مهدداً بالانحلال، وكثرة الضغوط عليه والتحديات ستجعله عاجلاً أم آجلاً رازحاً تحتها، وحينها كيف يمكن الإفادة من دعم واشنطن للجيش، إذا كان هذا الدعم سيذهب هباء. ولأن لا سياسة واضحة تجاه لبنان ومستقبله، تعول باريس على واشنطن ودفعها لاستدراك هذه الضبابية، والأخذ في الاعتبار ضرورة وضع سياسة عامة تتناول جميع مرافقه ومؤسساته، خصوصاً أن موقف واشنطن وتعاطيها مع بيروت يؤثر في موقف دول المنطقة والخليج في نظرتهم إليها، ويساهم أكثر في ترك إيران تتصرف براحة أكبر فيها. إلا أن واشنطن، حتى الآن، تبدو أكثر ميلاً إلى تجاهل هذا العتب وعدم الدخول في تفاصيل الوضع اللبناني، وهذا ما يقلق باريس، إذ لا تستطيع استيعاب أو تأييد غياب أي استراتيجية أميركية في ظل الإدارة الحالية تجاه لبنان. وفيما هي لا تزال مهتمة به وتخشى نتيجة الضغوط التي تؤثر في مستقبله، تنظر بريبة إلى السياسيين اللبنانيين الذين لا يزالون يتصرفون من دون أي اهتمام، تماماً كما تصرفوا منذ أن أطلقت مبادرتها.

قاعدة عوكر

الاخبار....محمد كوثراني .... مركز دبلوماسي وأمني يتجاوز لبنان لتعويض الفشل الإسرائيلي في المنطقة

العلاقة بين العمارة (الهندسة المعماريّة كما هو متعارف) والسياسة، من العلاقات غير المعروفة (أو بالحد الأدنى لا يتمّ الالتفات إليها) لدى معظم المعماريّين والسياسيّين على حدّ سواء، رغم التاريخ الحافل من الخدمات المتبادلة بين المباني والمخطّطات المعمارية والحضريّة (ذات الصلة بالتخطيط المُدُني)، وبين الأجندات السياسيّة على اختلاف وُسعِها. والتاريخ الذي نتحدّث عنه، هنا، يرجع إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، حين أمر الملك البابلي نمرود ببناء برج بابل (بوّابة السماء بالآراميّة) في منطقة أور (جنوبي بغداد اليوم)، بهدف الوصول إلى السماء، إثباتاً لادّعائه الربوبيّة، وإمعاناً في تثبيت مُلكه وسلطته التي امتدّت حوالى أربعمئة عام، سيطرت فيها الحضارة البابليّة على مجمل مساحات العالم القديم (آسيا وأوروبا وأفريقيا). وفي التاريخ الحديث، تكثر الشواهد المعماريّة التي تحمل في طيّاتها أجندات سياسيّة ذات طابع يتراوح بين تشويه التاريخ، كسلسلة متاحف الهولوكوست حول العالم، أو استحضار التاريخ بهدف إسقاط هويّة معمارية ما، كالمساجد العثمانيّة التي بناها ورمّمها الرئيس الراحل رفيق الحريري في المدن الساحليّة الرئيسية (بيروت وطرابلس وصيدا)، أو استحضار المستقبل، كبرج خليفة (برج دبي) الذي وسم به الأمير محمد بن راشد آل مكتوم مدينة دبي كعاصمة اقتصادية عالميّة، علماً بأن تسمية البرج بإسم الشيخ خليفة بن زايد جاء بسبب ديون أبو ظبي لدبي إثر الانهيار المالي الذي لحق بها عام 2008. هذا الترابط بين العمارة والسياسة، يصل إلى حدوده القصوى مع مشروع بناء السفارة الأميركيّة الجديدة في عوكر (20 كلم شمال بيروت) الذي يقوم ببنائه مكتب عمليّات البناء ما وراء البحار OBO في الخارجية الأميركيّة، وأعدّ دراساته المعماريّة والحضريّة مكتب morphosis الهندسي، وتنفّذه شركة BL Harbert الدوليّة، في مشهد ملفت يُظهر اتساع الأجندة السياسيّة للإدارة الأميركية في بلد التعقيدات لبنان. كما يُظهر، في الوقت نفسه، الدور أو الأدوار التي قد تلعبها المباني، والعمارة من ورائها، في خدمة السلطات العابرة للأعراف والقوانين والشرائع الدوليّة.... تحتلّ الولايات المتّحدة المرتبة الثانية عالميّاً (بعد الصين) في عدد البعثات الديبلوماسيّة في العالم، من بينها سفارات في 166 دولة (من أصل 193) من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، ومراقب دولة في الفاتيكان، وسفارتان في كوسوفو وتايوان (غير مدرجتين في الأمم المتّحدة)، إضافة إلى مندوبين مشتركين في سفارات دول أخرى كإيران وسوريا. في كانون الأول 1777، بعد انتهاء الحرب الأهليّة الأميركية وتوحيد الولايات على يد جورج واشنطن، كان المغرب من أوائل البلدان التي نسجت علاقات ديبلوماسيّة مع الولايات المتّحدة. وأسّس بنجامين فرنكلين أوّل بعثة ديبلوماسية لأميركا ما وراء البحار، في باريس عام 1779. في 19 نيسان 1782 أصبح جون أدامس أوّل سفير للولايات المتّحدة في هولندا بعد اعترافها رسميّاً بالحكومة الجديدة في أميركا. وفي السنوات التي أعقبت الثورة الأميركيّة، عمل الرئيس الأميركي جورج واشنطن على انتزاع الاعتراف بالدولة الجديدة، وانتدب مستشاريه المقرّبين في مهام ديبلوماسيّة إلى أوروبا، وفي عام 1790 كانت قنصليّة الدولة الوليدة في ليفربول أول قنصليّة ترعى المصالح الاقتصادية الأميركيّة في مدينة كانت تضمّ أكبر مرفأ بريطاني عبر الأطلسي في ذلك الحين. عام 1821، أهدى سلطان المغرب الأميركيّين أوّل قطعة أرض لبناء السفارة الأميركية عليها. النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهد توسّع الحركة الديبلوماسية الأميركية في العالم لأهداف عُدّت اقتصادية في حينها. فتتالى افتتاح السفارات في ليبيريا، بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، روسيا، المكسيك وإسبانيا، إضافة إلى البعثات القنصليّة في إيرلندا، كندا، كوبا، إيطاليا وغيرها. بعد الحرب العالميّة الأولى، بدأت حركة بناء السفارات الأميركية في العالم إثر إنشاء مكتب خدمات البناء في وزارة الخارجية عام 1926، والذي أصبح في ما بعد مكتب عمليات البناء ما وراء البحار Bureau of Overseas Building Operations.... عقب إعلان تأسيس الكيان الصهيوني، في 14 أيّار عام 1948، كانت الولايات المتحّدة أول دولة تعترف بالكيان الغاصب، وقدّم جايمس ماكدونالد (أحد المستشارين المقرّبين من الرئيس هاري ترومان) أوراق اعتماده كأوّل سفير أميركي في إسرائيل. في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، نشطت الإدارات الأميركية المتعاقبة في تفعيل عمل سفاراتها في البلدان التي تشكّل طوقاً استراتيجيّاً للسوفيات في أوروبا (ألمانيا، بولندا، يوغوسلافيا، تشيكوسلوفاكيا، تركيا...)، وفي الدول المحيطة بمناطق النفوذ السوفياتي في العالم (كوريا، فييتنام، البرازيل، اليمن، بنما...).

90 ألف متر مربّع من المباني و120 ألف متر مربّع من المساحات المكشوفة

ومع بداية حرب الخليج الأولى، إثر تسلّم المحافظين الجدد السلطة في الولايات المتّحدة، فتحت الإدارة الأميركيّة عينها من جديد على الشرق الأوسط، لتفتتح عهد تطوير السفارات الأميركيّة وتوسيعها في دول الخليج والصومال وأفغانستان ومصر والعراق. وتُعدّ السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء قرب مطار بغداد أكبر سفارة أميركية في العالم بمساحة تقرب من 500 ألف متر مربع. وختام هذه السيرة المختصرة حول تاريخ السفارات الأميركيّة في العالم كان في لبنان، مع بدء التحضير، عام 2008، لبناء سفارة جديدة فيه، بعد الهزيمة التاريخية للكيان الإسرائيلي في حربه الفاشلة مع المقاومة اللبنانيّة صيف عام 2006.

مقاربة معماريّة وحضريّة

في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ساد اعتقاد معماري راسخ بالنظرية التي أرساها أحد روّاد العمارة في تلك الفترة، الأميركي لويس سوليفان، الذي لُقِّب بالأب الروحي لناطحات السحاب، وعُدّ من أهم المؤثّرين في مدرسة شيكاغو الشهيرة المسؤولة عن النموذج الأميركي الأبرز في عمارة كبرى المدن الأميركيّة وتخطيطها في مرحلة ما بعد الثورة الصناعيّة. هذه النظرية عُرِفت بالـ FFF أو Form Follows Function، أي أن الشكل الهندسي للبناء ليس سوى انعكاس لطبيعة الوظيفة أو الوظائف التي يحويها هذا البناء. ولا شكّ في أن التصميم المعماري لمبنى السفارة الأميركيّة الجديدة في لبنان يعكس، بقوّة، نظرية الـ FFF. لا بل تخطّاها بأشواط عدّة، إذا ما اعتبرنا أن طبيعة الوظائف التي يحويها هذا المبنى، هي من التركيب والتعقيد والسيولة والافتراضيّة، ما يجعل الأشكال التي طوّرها مكتب morphosis الهندسي لاحتوائها في مبنى واحد، أشكالاً ضعيفة وهزيلة أمام هول الدور القادم لهذه السفارة. على مساحة 90 ألف متر مربّع من المباني (المسقوفة)، و120 ألف متر مربّع من المساحات المكشوفة، تتوزّع لائحة كبيرة جداً من الوظائف والغرف غير المألوفة في المباني التقليدية لسفارات الدول. فعدا عن مساحات المكاتب المخصّصة للوظائف الديبلوماسية الاعتيادية، أو الوظائف القنصليّة، كمساحات الانتظار (الذي لا ينتهي ولا ينتهي) كحُجَر المقابلات المخصّصة للحصول على تأشيرات الدخول إلى بلاد العجائب، تحتوي السفارة على عدد من مراكز الأبحاث المختصّة، وفائقة التكنولوجيا، التي جرى الإعداد لحمايتها على المستوى الهندسي والأمني، بالتقنيّات نفسها المعتمدة في حماية المباني المصنّفة «غاية في الخطورة»، كالمنشآت النووية، وغرف «القيادة والسيطرة» في القواعد العسكرية الأميركية، والتي يُصنَّفُ خرقها تهديداً للأمن القومي الأميركي. كما تجري أعمال الإنشاءات باستخدام أنواع خاصّة جداً من الباطون والحديد والألواح المركّبة composite panels، وباعتماد بنى تحتيّة تعمل بتقنيات الـ BMS والـ BAS الفائقة الذكاء في إدارة ورصد تحسّس المباني.

تقنيّات البناء هي نفسها المستخدمة في حماية المنشآت النووية وغرف «القيادة والسيطرة» في القواعد العسكرية

وفي ما يتعلق بمراكز الأبحاث المختصّة، تضم السفارة مركزاً للرصد والقرصنة الإعلاميّة مهمّته العالم الافتراضي ومنصّات التواصل الاجتماعي، ومركزاً للتنصّت المعقّد التشفير يعمل بتقنيات وبرمجيات شبيهة بعالم الميتافيرس metaverse، إضافة إلى مركز للوضعيّة يقوم بتحديث لحظوي لكل المعطيات والطبقات المعلوماتيّة التي تجمعها السفارة عبر جيوشها الإلكترونيّة وغير الإلكترونيّة كما تحتوي السفارة على عدد هائل من الوظائف ذات الصلة بالأفراد والمجموعات (اللبنانيّة وغير اللبنانيّة) التي تقع في دائرة المصالح المشتركة مع الإدارة الأميركيّة. في مقدّم هؤلاء، منظّمات المجتمع المدني (الحليف الجديد) والأحزاب ذات العلاقة التاريخيّة مع هذه الإدارة، إضافة إلى شريحة واسعة من الشخصيّات السياسيّة والاجتماعيّة والحقوقيّة والإعلاميّة والتنمويّة.

تضم السفارة مساحات تسمح بالتجمّعات الكبيرة وهو من الأمور غير المألوفة في المباني الديبلوماسية

السفارة الجديدة وفّرت لهؤلاء، ليس فقط مساحات للانتظار والمراجعة، بل وحتّى الترفيه. ولحظت التصاميم الجديدة مساحات كبيرة تسمح لهم بالعمل داخل مبنى السفارة. وهي، لهذا الغرض، احتوت على مساحات متفرّقة (أكثر من مساحة) مما يُعرَف بالـ co-work spaces، وهي نوع من الوظائف الجديدة التي توفّر إمكانية العمل المكتبي، في بيئة أليفة تجمع بين الاسترخاء والترفيه، على شاكلة تجارب كمقاطعة بيروت الرقميّة Beirut Digital District و961 وغيرهما. كما أن من اللافت تضمّنها مساحات تسمح بالتجمّعات الكبيرة نسبيّاً (كالاحتفالات الجماهيرية)، وهو من الأمور غير المألوفة في المباني الديبلوماسية الاعتيادية التي غالباً ما تحافظ على هوامش ضيّقة للاحتكاك مع الجمهور العام.

تبقى الإشارة إلى البُعد الحَضَري للسفارة الأميركيّة الجديدة، والذي عمل المخطّطون على مراعاته إلى حدود قصوى، نظراً لأهمية دمج السفارة في النسيج العمراني والبيئي للمنطقة المحيطة (عوكر)، لذلك، تدخّلت السفارة في مخطّطات التنظيم المدني للمناطق العقاريّة المحيطة، لتعديل الطرقات والتصنيفات ومحدّدات الارتفاق والتخطيط، بحجّة تقديم مشروع استثنائي للمجتمع اللبناني على المستويات الحضريّة والمعماريّة والبيئيّة.

الدور والوظيفة

عند هذا الحد، ينتقل الحديث إلى ما وراء العمارة والتخطيط المدني بمعناه العلمي، لنخلص إلى مجموعة من الهواجس المقلقة التي يحق لنا كلبنانيّين (منذ أكثر من عشر سنوات) الوقوف عندها، لا بل والتخطيط لتبديدها.

أولاً، إن الوظائف التي تم احتواؤها في مشروع السفارة الجديدة تتخطى المفهوم الاعتيادي والتقليدي لبناء السفارات المتعارف عليها بين الدول، إلى ما هو خطير ومقلق، يتعلّق بالمَدَيات الواسعة التي رسمتها الإدارة الأميركيّة لنفسها في انتهاك خصوصيّات الدول وفي التدخل السافر (والمفضوح) في شؤونها الداخليّة.

ثانياً، إنّ تسخير الإدارة الأميركيّة لأعلى قدراتها العلميّة والتقنيّة في خدمة التجسّس والتجنيد والتخريب، في بلد صغير كلبنان، يوضح بشكل قطعي أن دور هذا المشروع يتخطى الحدود اللبنانيّة المعترف بها وغير المعترف بها دوليّاً، إلى الحدود الافتراضيّة للكيان الصهيوني بكل أبعاد أمنه القوميّة والاجتماعية والجيوسياسيّة. وهو دليل دامغ على أن المعركة باتت في مربّعها الأخير الذي لا تنفع معه الحروب بالوكالة، بعد فشل أداء كل الوكلاء والأطر والاستراتيجيّات، بما فيها أداء إسرائيل نفسها، في الحفاظ على المصالح الأميركيّة الكبرى في المنطقة.

ثالثاً، السفارة الجديدة هي عنوان وشعار ورمز لشكل الحرب الأميركيّة المتجدّدة في المنطقة، والتي ينطبق عليها، وبقوّة، مفهوم الحرب الهجينة Hybrid Warfare التي نظّر لها فرانك هوفمان، أحد كبار المحلّلين الاستراتيجيين في فريق المحافظين الجدد، عند تولّي جورج بوش الابن رئاسة الولايات المتّحدة عام 2001. وهو المفهوم الذي لا يرعوي عن استخدام كل أشكال الحروب الأمنيّة والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والإعلاميّة والسيبرانيّة، في تركيبات عجيبة، هدفها حماية المصالح الأميركيّة الكبرى. وهو ما بدأنا نلمس آثاره المُفجعة منذ تشرين 2019.

رابعاً، إن منهجيّة تعدّد السيناريوهات التي اشتهرت باعتمادها الإدارة البراغماتيّة للولايات المتّحدة، تُظهر بوضوح، ومن خلال البيئة المكانيّة الشاملة التي تبنيها في سفارتها الجديدة، بأن الدور الحقيقي لمنظّمات المجتمع المدني التي عملت هذه الإدارة على بنائها منذ عام 2005 (حكومة فؤاد السنيورة)، يتخطّى الحديث الزجلي الحالم لهذه المنظّمات، ويعبّر عن خطورة الدور الذي تقوم به هذه المنظّمات، سواء علمت بذلك أم لم تعلم.

إنّ كل ما تقدّم، يظهر حجم المسؤوليّة إزاء الحرب الجديدة القادمة من بلاد الصقيع. حرب لا تحتمل أي نوع من الحياد، مهما بلغ عمقه الديني، ولا تحتمل إهمال أي نوع من بذل الجهد وإعداد العُدّة والعتاد، سواء على المستوى العسكري والأمني، أو الثقافي والفكري، أو الاقتصادي والمالي، أو العلمي والتقني، أو السياسي والاجتماعي، أو الإعلامي والنفسي، أو الفنّي والإبداعي، أو السيبراني والمجازي، أو أو أو ...، مهما بلغ تواضعه. وقبل كل ذلك، توحيد القيادة الحكيمة والمقتدرة والشجاعة التي لا تخاف من هالة أميركا. وهي مهمة تتطلب الوثوق بالقيادة التي لديها الخبرة الكافية والتجربة الحقيقيّة في مواجهة الإدارة الأميركيّة منذ أن حضرت أميركا في المنطقة. قيادة لم ترفع يوماً شعاراتٍ جوفاء ألّهت بها شعوبها لتربح الوقت الكافي لتُنَجِّرَ «خازوق» التسوية، ولم تعان لحظةً واحدة من عُقد النقص الدونيّة التي تُصيب الكسالى والجبناء واليائسين. قيادة كهذه لا يمكن وُجودها أصلاً، إذا لم تكن عداوة النظام الأميركي في صُلبِ اعتقاداتها، وفي عمق منظومتها القيميّة، وفي باطن وظاهر اتجاهاتها وسلوكيّاتها. قيادة كهذه لا يمكنها الانتصار أصلاً في حربٍ وجوديّةٍ كهذه، إذا لم تكن رؤاها الكونيّة والاستراتيجيّة، قد أنتجت مشروعها الحضاري البديل والمستقل، عن كل المشروع الحضاري الذي تمثّله أميركا مُنذُ إعلان اتحادها المشؤوم على جثث أكثر من خمسين مليون قتيل من كل الأعراق... ما عدا الأبيض.

*معمار وباحث في الهندسة الثقافيّة

المصادر: المواقع الإلكترونية لوزارة الخارجيّة الأميركية وسفارات أميركا في لبنان، العراق، السعوديّة، المغرب، هولندا، ليبيريا، بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، روسيا، المكسيك، إسبانيا، إيرلندا، كندا، كوبا، إيطاليا، الكيان الصهيوني، ألمانيا، بولندا، يوغوسلافيا، تشيكوسلوفاكيا، تركيا، كوريا، فييتنام، البرازيل، اليمن، بنما، الصومال، أفغانستان ومصر.

- morphosis.com

blharbert.com

State.gov/bureaus-offices/bureau of overseas buildings operations

- قرم، جورج، «حكم العالم الجديد»، الترجمة العربيّة، الشركة العالميّة للكتاب، الطبعة الأولى 2013

- خامنئي، علي، «معرفة العدو»، مؤسسة الثورة الإسلاميّة للثقافة والأبحاث، الطبعة الأولى 2020

من هي BL Harbert international؟

«نبني أي شيء، في أي مكان» هو الشعار الذي اختارته شركة هاربرت BL Harbert الدولية لتعهّدات البناء، التي أخذت على عاتقها إدارة وتنفيذ تعهّدات وخدمات البناء وفق معايير «لا سقف لها» بحسب تعبيرها. الشركة، ومقرّها في بيرمنغهام في ألاباما في الولايات المتّحدة، بدأت عملها عام 2000 تحت إدارة بيلي هاربرت، ووصلت إيراداتها إلى أكثر من مليار دولار عام 2020. وهي من نوع الشركات القابضة التي ينضوي تحت جناحها عدد من الشركات، وتضمّ قسمين رئيسيّين من العمليات؛ القسم الأميركي الذي يضم بناء المباني الحكومية للإدارات الأميركية، والقسم الدولي الذي ينفّذ مشاريع عملاقة حول العالم من مختلف التصنيفات التنمويّة، الصناعيّة، الثقافيّة، الصحّية، التعليميّة وغيرها. يعمل في الشركة أكثر من 8000 موظّف ومتخصّص في مختلف المجالات المرتبطة بصناعة البناء، ويمكنها العمل على أربعين مشروعاً في الوقت نفسه سنويّاً، وتحمل تصنيف أحد كبار المتعهّدين لدى الحكومة الأميركيّة.

للشركة باع طويل في بناء السفارات الأميركيّة حول العالم بموازنات ضخمة. وهي أدارت تنفيذ السفارة الأميركية في العاصمة الهنديّة (563.5 مليون دولار)، القنصلية الأميركية في أربيل في العراق (430 مليون دولار)، والقنصليّة الأميركية في غواتيمالا (300 مليون دولار)، إضافة إلى عدد كبير من السفارات والقنصليّات والمباني الحكوميّة التابعة للإدارة الأميركية داخل الولايات المتّحدة وخارجها.

في مطلع 2017 وقع الاختيار على BL Harbert International لبناء السفارة الأميركية الجديدة في عوكر، بموازنة قياسيّة هي الأعلى في تاريخ الشركة، وصلت إلى 1.25 مليار دولار. ومن المقرّر أن تنتهي أعمال البناء خلال عام 2023، وقد تعهّدت الشركة لوزارة الخارجيّة الأميركيّة بإدخال تقنيّات جديدة في البناء تستخدم للمرّة الأولى، بهدف تحقيق أعلى مستوى من الحماية الأمنية، من خلال المواد والتكنولوجيا البالغة التعقيد.

من هي morphosis؟

اسم مورفوسيز morphosis مشتقّ من اليونانيّة، ويعني «التشكيل» أو «قيد التشكّل». تُعرّف الشركة عن نفسها على موقعها الرسمي الذي يضج بالمشاريع المنجزة وقيد الإنجاز، بأنها تمتهن عملاً ينسجم مع حركية وتطوّر المجتمعات، وتستجيب للتحوّلات الاجتماعيّة، الثقافيّة، السياسية والتكنولوجيّة التي تشكّل ظروف حياتنا المعاصرة.

أُسّست الشركة عام 1972 في سانتا مونيكا في كاليفورنيا على يد المعمار المعروف ثوم ماين (حصل على جائزة بريتزكر Pritzker عام 2005، وهي من أهم الجوائز المعمارية العالمية). وتضمّ في صفوفها اليوم أكثر من 60 متخصّصاً محترفاً في الشؤون المختلفة لمهنة العمارة والتخطيط المدني، لا سيما تلك المتعلّقة بالأبحاث والدراسات التكنولوجية والبيئية، اختبار المواد الجديدة، دمج الذكاء الصناعي في المباني، ودراسة التأثيرات المتبادلة بين المباني والمجتمعات المحيطة (يتبع للشركة مركز للأبحاث والدراسات يعرف بإسم معهد الآن Now Institute). لذلك تعتبر اليوم من أهم الشركات المعمارية ما بين تخصّصيّة interdisciplinary في العالم، وهو السبب الأساس الذي أدى إلى اختيارها لتصميم السفارة الأميركية الجديدة في عوكر، نظراً للتعقيدات الهائلة المحيطة بالمشروع على كل المستويات الاجتماعية، الثقافيّة، السياسية، الأمنية والتكنولوجيّة وغيرها.

طوال السنوات الخمسين الماضية، نفّذت الشركة عدداً كبيراً من المشاريع المعماريّة والحضريّة حول العالم، منها عدد كبير من المشاريع ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بالحكومة الأميركيّة، كالمبنى الفدرالي في سان فرانسيسكو عام 2007 (أول مبنى فدرالي يحصل على شهادة LEED للتصاميم البيئية)، مركز بلومبرغ في مجمع كورنيل للتكنولوجيا عام 2017، المتحف الوطني الأميركي الكوري في كاليفورنيا عام 2020، وتم اختيارها في تشرين الأول عام 2013، لتصميم السفارة الأميركيّة الجديدة في لبنان، من قبل مكتب عمليّات البناء ما وراء البحار OBO من بين ستّ شركات عالميّة رائدة في المجال وصلت إلى نهائية المسابقة المعماريّة المغلقة التي نُظّمت لهذا الهدف.

ما هو مكتب OBO؟

مكتب عمليات البناء ما وراء البحار Overseas Building Operations، أو ما يعرف اختصاراً بالـ OBO، يتبع لوزارة الخارجيّة الأميركيّة. ويديره حاليّاً السفير ويليام موزر. مهمّته توفير مرافق (سفارات، قنصليّات، مراكز أبحاث، ...) آمنة، محصّنة، وعلى درجة عالية من المرونة الوظيفيّة، للمساعدة في تحقيق أهداف السياسة الخارجيّة الأميركيّة حول العالم، من خلال قدرة هذه المرافق على تقديم الثقافة والقيم الأميركيّة في قوالب العمارة والهندسة والفن والتكنولوجيا والتصاميم المستدامة.

تعاظم دور الخارجية الأميركية بعد الحرب العالميّة الأولى، وأسّس مكتب المباني الأجنبية Foreign Buildings Office (FBO)، وعُهد إليه تطوير العقارات والمباني التي تستعملها أميركا في العالم. ثم توسّعت صلاحيّات المكتب من استئجار العقارات والمباني إلى إعداد المخطّطات التوجيهيّة للعقارات التي تُبنى عليها المباني الديبلوماسية الأميركية، إلى إدارة الدراسات الهندسية والتكنولوجيّة المعقّدة لعمليات تنفيذ تعهّدات المباني وفق معايير قياسيّة تتناسب وحماية المصالح الأميركية في الدول التي تتواجد فيها.

بعد أحداث 11 أيلول 2001، أضيفت إلى وظائف المكتب مهمة دراسة النسيج الحضري والمُدني المحيط بالعقارات التي تُبنى عليها أو تستخدمها الإدارة الأميركيّة في دول العالم، ما فتح الباب واسعاً أمام وزارة الخارجيّة الأميركية للتدخل، عبر سفاراتها، في مشاريع التخطيط المُدُني في الدول المستضيفة، محقّقةً لهذه المباني أعلى مستوى من الأمن والأمان من جهة، وأعمق انسجام وارتباط بالنسائج العمرانية والاجتماعية للبيئات المحيطة من جهة ثانية. وأقوى مثال على هذا الواقع، التعديلات التخطيطيّة على المستوى العمراني (أوتوسترادات وطرق رئيسيّة، تصنيف مباني، ارتفاق وتخطيط، ...) التي طرأت على منطقة عوكر والجوار، والتي فرضتها السفارة الأميركيّة على الجهات المعنيّة في لبنان، تمهيداً لبناء سفارتها الجديدة على عقار تناهز مساحته 200 ألف متر مربّع (200 دونم).



السابق

أخبار وتقارير.. إسرائيل تُعلن «جهوزيتها» للتصدي لآلاف الصواريخ..إسرائيل: إيران تخدع العالم.. وسنتحرك بمفردنا ضدها.. وساطة لعقلنة إيران إقليمياً ونووياً.. أوكرانيا.. مدنيون يحملون السلاح ويتدربون عسكريا تحسبا لمواجهة روسيا... ألمانيا رحلت 18 إسلامياً مصنفين كخطيرين أمنياً عام 2021.. بريطانيا تسمي الدول الأربع الأكثر عداءً لها..موسكو تتعهد بوضع حد لـ «الناتو» ولا تستبعد حرباً صغيرة..موسكو تكشف اعتقال متشددين شاركا في هجوم أشعل حرب القوقاز.. باريس تحتجز فرنسياً ـ سورياً لتزويده دمشق بمكونات أسلحة كيميائية..

التالي

أخبار سوريا.... الدفاع الروسية تكشف سبب عدم تصدي الدفاعات الجوية السورية له... «المرصد»: إسرائيل قصفت الأراضي السورية 29 مرة في 2021...3 دلالات لضربة الفجر في اللاذقية.. والاختلاف "يكمن بالجغرافيا"...إسرائيل تتحدى روسيا باللاذقية أم تُجدد قواعد الاشتباك؟..لم غابت الدفاعات الجوية السورية عن صدّ اعتداء ميناء اللاذقية؟.. العدوان الإسرائيليّ الأكبر على ميناء اللاذقية..«الائتلاف» السوري يعتبر مواقف روسيا «انقلاباً على العملية السياسية».. دمشق ترفد الخزينة العامة بفرض ضريبة جديدة على الكلاب.. خلال عام 2021 .. «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي سوريا تعلن تفكيك 82 خلية إرهابية..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,154,184

عدد الزوار: 6,757,552

المتواجدون الآن: 118