أخبار لبنان... حداد وطني اليوم ... وعون لمخرج مع بري وميقاتي...لبنان ينام على «هدنة» وخوف من اليوم التالي...اعتراض «أمل» و«حزب الله» على البيطار ينفجر في الشارع...كنتم تعلمون!.... بند جريمة الطيونة كما بند البيطار شرطان لانعقاد مجلس الوزراء: هل يستقيل ميقاتي استباقاً... وكيف سيتصرف عون؟.. "بروفا" فتنوية... والجيش بالمرصاد... "حزب الله" يواجه "عصياناً" عونياً... و"القوات" تنفي اتهاماته وتحتكم للأجهزة.. بيروت «تسفك دمها»... من جديد..الحكومة المصابة بـ «صُداع» مبكّر إلى تَصَدُّع... والانتخابات النيابية في خطر..

تاريخ الإضافة الجمعة 15 تشرين الأول 2021 - 5:19 ص    عدد الزيارات 1426    التعليقات 0    القسم محلية

        


بروڤة حرب بين عين الرمانة والشياح: المعارضة المسيحية في مواجهة حزب الله...

حداد وطني اليوم على «شهداء القنص» الـ7 .. و9 موقوفين عند الجيش وعون لمخرج مع بري وميقاتي...

اللواء... أمس، أضيف يوم 14 ت1 إلى أحد الأيام السوداء في تاريخ لبنان بعد الطائف، وانتصب السؤال الأكثر خطورة: هل تجاوز البلد قطوع الوقوع في «حرب اهلية» جديدة، باسماء جديدة، وادوات حرب قديمة- جديدة، ولاهداف ذات صلة بإعادة ترتيب وقائع المنطقة، ومن بينها لبنان، الذي اتخذت الدول ذات النفوذ قرارا بمنع اختناقه، عبر السماح بتأليف الحكومة، لم تتمكن لتاريخه من ردع جنون الدولار أو ارتفاع الأسعار، أو منع الاستقرار من الانهيار؟..... المشهد كما وصفته إحدى الوكالات العالمية (أ.ف.ب) بدا هكذا: طلقات نارية تخترق واجهات الأبنية، قناصة يطلقون الرصاص عشوائياً، قتلى وجرحى يسقطون تباعاً وسكان محاصرون داخل منازلهم.. عيّنة من مشاهد هزّت اللبنانيين عند إحدى خطوط التماس القديمة، الخميس (امس) معيدة للاذهان ذكريات الحرب الأهلية. في 13 نيسان 1975، اندلعت شرارة الحرب الأهلية التي توقفت عام 1990، بعد اتفاق الطائف، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. أمس، تحوّلت المنطقة أشبه بساحة حرب، مما انعش ذاكرة الحرب الاهلية: وفيما بدا الطرف الآخر غير واضح في المواجهة المسلحة، أظهر مسلحو حزب الله وأمل إشارات تؤكد انتماءهم الحزبي. واتهم حزب الله وحركة أمل مما لا يقبل للشك «مجموعات من حزب القوات اللبنانية» بالاعتداء المسلح على مناصريهما الذين كانوا في تظاهرة مدنية باتجاه قصر العدل للمطالبة بابعاد المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت. القنص هو الشرارة للاشتباكات، وهو ما كشفه وزير الداخلية بسّام مولوي ان الاشتباكات بدأت من «خلال القنص» باتجاه الرؤوس. وحسب رواية قيادة الجيش اللبناني انه وبتاريخ 14/10/2021 وأثناء توجّه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل اشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح. على الفور، عزّز الجيش انتشاره في المنطقة، وسير دوريات راجلة ومؤللّة، كما دهم عدداً من الأماكن بحثاً عن مطلقي النار، وأوقف تسعة أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري. بوشرت التحقيقات مع الموقوفين باشراف القضاء المختص. وكان الجيش قال، مع بداية الاشتباكات التي استمرت 5 ساعات ان عناصره ستطلق النار على أي مسلح في الطيونة ومحيطه بالعاصمة بيروت، وذلك على خلفية إطلاق نار كثيف، ووقوع ضحايا في احتجاج على قاضي التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت. وكشف رئيس حزب الكتائب سامي الجميل اننا «شعرنا بأن امرا ما سيحصل وحذرنا منه، واتصلت بقيادة الجيش وأبلغتها معطيات على تجاوزات ستحصل وطالبت بانتشار كثيف في كل المناطق التي تحصل فيها احتكاكات وقلت الأمر نفسه لوزير الدفاع». ودعا الجميل الجيش إلى عين الرمانة وكل منطقة في بنان وجمع أي سلاح بالمساواة بين كل النّاس. وتابع، «هناك تغيير حصل في الرأي العام اللبناني، وحزب الله يفقد غطاءً لبنانيًا واسعًا، فكل الشعب الذي انتفض في 17 تشرين اصبح موحدا من موضوع حزب الله والسيادة، وما حصل اليوم في عين الرمانة، حصل بالامس في الباروك، ومع هاشم سلمان ولقمان سليم، ولا يجب الذهاب الى مواجهة طائفية كما يريدها حزب الله». وأردف، «هذه المعركة هي معركة صمود كما حصل مع الاحتلال السوري وكما لم نتوقف عن قول كلمة الحق لن نتوقف اليوم عن قولها، وبأن لحظة التغيير ستأتي لأن حزب الله لا يمكن ان يستمر بخطف القرار اللبناني، فأي لبناني لا يقبل بأن يخضع لهذا الأمر الواقع، وهؤلاء اللبنانيون اصبحوا اكثرية ساحقة ويعبّرون عن الامر من دون خوف مهما استعمل حزب الله السلاح». وكان التوتر والشحن السياسي والطائفي انفجر نهاراً دموياً امس، بعد إطلاق نار من قناصين على تجمع في منطقة الطيونة– شارع سامي الصلح، دعا اليه ثنائي امل وحزب الله للاعتصام امام وزارة العدل اعتراضاً على اداء قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار في التحقيق بإنفجار مرفأ بيروت، وادى الى سقوط سبعة شهداءس واكثر من 32 جريحا، وهو امر بات يهدد السلم الاهلي والاستقرار الداخلي، لانها عاد الى الاذهان بداية شرارات الحرب الاهلية عام 1975 وفي المنطقة ذاتها بين عين الرمانة والشياح. واظهرت التقارير الطبية لمستشفى الساحل حيث نقل المصابون، ان ثلاثة ضحايا اصيبوا في الرأس والقلب مباشرة، وان اكثر الاصابات كانت في اعلى الجسم والرأس، ما يدل على حرفية القناصين.فيما كان من بين الضحايا السيدة مريم فرحات التي اصيبت وهي منزلها في الشياح برصاصة قنص وهي أم لأربعة اطفال. وعرف من الضحايا في مستشفى الساحل اضافة الى مريم فرحات، كلٌّ من: مصطفى منير زبيب، حسن محمد مشيك ومحمد حسن السيد. والخطير في الامر ايضا، أن الثنائي إتهم في بيان مشترك مسلحي القوات اللبنانية بتنفيذ هذه المجزرة، وقالت قناة المنار عقب الجريمة: ان هويات عشرة من المحرضين والمشتركين في الجريمة باتت لدى الاجهزة الامنية، وان اثنين من المسؤولين الامنيين في القوات تفقدوا مساء امس الاول محيط منطقة الكمين. اما قناة «ان.بي.ان» فنشرت اسماء بعض المشاركين في اطلاق النار من عناصر القوات وانواع السيارات التي استخدمت وهم: جورج توما وابنه رودريغ، نجيب حاتم وتوفيق معوض، ورودني اسود. ومن السيارات «وانغلر» سوداء اللون رقم 525191 ب. جيب باثفاندر ذهبية اللون. واطلقت خلال عمليات اطلاق النار نحو ست او سبع قذائف «ار بي جي» الحقت اضراراً مادية بالممتلكات، وتدخل الجيش على نحو مكثف ورد على مطلقي النار وتردد انه اعتقل احد القناصين ومرافقاً له كانا من جهة شارع بدارو. وهدد بإطلاق النار على كل مسلح اينما كان وطلب من المواطنين إخلاء الشوارع. واستمرت عمليات اطلاق النار من الحادية عشرة الا ربعا حتى قرابة الرابعة بعد الظهر.كماعمل عناصر الجيش على اخلاء طلاب عدد من المارس في المنطقة وامن لهم الحماية حتى تسلمهم اهاليهم. أما رئيس «حزب القوات» فعزا الموقف إلى «السلاح المتفلت» وقال: أستنكر الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها «حزب الله». إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان. إنني أدعو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة اليوم. إن السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتِّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، ولكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه. وكانت قيادتا حزب الله وحركة أمل، قالتا في بيان مشترك أنه «تعرض المشاركون في التجمع السلمي أمام قصر العدل الى إعتداء مسلح من تم قبل مجموعات من حزب القوات اللبنانية»، مؤكدة أن «مجموعات من حزب القوات اللبنانية إنتشرت في الاحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات ومارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد». ودعت القيادتان الجيش والقوى الأمنية إلى تحمل مسؤولياتهم في إعادة الأمور الى نصابها وتوقيف المتسببين بعمليات القتل والمعروفين بالأسماء والمحرضين، متوجهة بأسمى آيات التقدير لأهلنا الصابرين والشرفاء الذين لبوا نداء المشاركة ومارسوا أعلى درجات الإنضباط والإلتزام بالتعبير السلمي. لكن الدائرة الإعلامية في حزب القوات اللبنانية نفت نفيا تاما كامل الرواية التضليلية والمفبركة لمحطتي «المنار» و«الميادين» التي تحدثت عن مجموعات قواتية من بينها بيار جبور وغيره.

وفي كلمة وجهها الرئيس ميشال عون للبنانيين قال: «انّ عقارب الساعة لن تعود الى الوراء، ونحن ذاهبون بإتجاه الحل وليس في اتجاه أزمة»، مشددا على انّه «بالتعاون مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب لن نتساهل ولن نستسلم الى أيّ أمر واقع يمكن ان يكون هدفه الفتنة التي يرفضها جميع اللبنانيين». وإذ اعتبر رئيس الجمهورية «انّ ما شهدناه اليوم مؤلم وغير مقبول بصرف النظر عن الاسباب والمسببّين»، فإنّه اكد «انه ليس مقبولا ان يعود السلاح لغة تخاطب بين الافرقاء اللبنانيين، لأننا جميعاً اتّفقنا على ان نطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا»، مشيرا الى ان دولة القانون والمؤسسات التي ارتضاها الجميع، وهي تضمن الحريّات لا سّيما منها حريّة التعبير عن الرأي، «يجب ان تكون وحدها، من خلال مؤسّساتها، المرجع الصالح والوحيد لمعالجة ايّ إشكال أو خلاف أو اعتراضوشدد الرئيس عون على «انّ الشارع ليس مكان الاعتراض، كما انّ نصب المتاريس أو المواقف التصعيديّة لا تحمل هي الأخرى الحل»، مضيفا «انّ ما من أمر لا حلّ له، وحلّه ليس الّا من ضمن المؤسسات وكذلك من خلال الدستور الذي ما من أمر يُعلى عليه، لا التهديد ولا الوعيد». وحاول التيار الوطني الحر اجراء توازن في الموقف. فرأى في بيان ان ما حصل هو «اعتداء مسلح ومرفوض على أناس ارادوا التعبير عن رأيهم». داعيا لكشف هوية المجرمين وتقديمهم للمحكمة، بالمقابل، أشار التيار العوني إلى «انه من غير الجائز ان يسمح طالبو التعبير الحر لانفسهم بفرضه بالقوة على الآخرين»، مجدداً تأييده التحقيق القضائي في تفجير المرفأ. وقال الرئيس ميقاتي، في أوّل كلام له بعد احداث الطيونة، عمّا إذا كان ما حدث «انتكاسة للحكومة لكن سنتجاوزها». وكان الرئيس ميقاتي أصدر مذكرة إدارة أعلن فيها الاقفال العام اليوم حدادا على أرواح الشهداء، بحيث تقفل جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس الرسمية والخاصة.

معالجة قضية البيطار

واشارت مصادر سياسية مطلعة عبر صحيفة «اللواء» إلى أن المعالجة لقضية القاضي بيطار يجب أن تأخذ بالاعتبار مبدأين: الأول وهو مبدأ فصل السلطات وهذا ما أشار إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. اما الثاني فيقوم على مبدأ الأختصاص ومجلس القضاء الأعلى وهو الجهة المخولة في معالجة شؤون القضاء . واكدت المصادر أنه لا يمكن لمجلس الوزراء إلغاء قرار أو تنحية القاضي بيطار لأن المنطق يشير إلى ضرورة وجود سبب يدفع إلى التنحي . وإذ لفنت إلى ان تنحية القاضي فادي صوان كان بقرار من محكمة التمييز الجزائية اوضحت أن الأمر مختلف مع القاضي بيطار بعد رد القرار معربة عن اعتقادها أن هذا لا يعني أن ما من حل يعمل عليه لكن اساسه ينطلق من مبدأ فصل السلطات واحترام دور المؤسسات القضائية ولاسيما مؤسسة مجلس القضاء الأعلى. وأفادت: أن إذا كان القاضي متهم فأن هيئة التفتيش القضائي هي الجهة المخولة في التحقيق معه والنظر إلى المخالفات الحاصلة أو إلى احتمال استغلال الوظيفة وترفع القرار حتى إلى درجة ان هذا القرار غير قابل للنقاش والطعن. وفي المعلومات أن هناك اتصالات يتولاها وزير العدل القاضي هنري خوري من أجل الوصول إلى صيغة لمعالجة الأمر مع العلم أن هناك اقتراحات قدمها . ورفضت المصادر القول أن جلسات الحكومة أصبحت في خبر كان جراء هذه القضية لأن الأمر متروك للصيغة التي يعمل عليها ويجري التكتم حولها. وقد فسر البعض تدخل رئيس الجمهورية لحسم النقاش وكأنه مع فريق ضد الأخر لكن أوساط مقربة منه نفت ذلك ل اللواء واشارت إلى أنه كان واضحا في التدخل عندما خرج النقاش عن اطاره ورد عندما تحدث وزير الثقافة محمد مرتضى عن الشارع فقال عندها أن الشارع يستتبع شارعا في حين أن المهم هو الوحدة . وافادت الأوساط نفسها أن الموضوع يعالج ضمن المؤسسات المعنية ومنها مجلس القضاء الأعلى وهو الممر الإلزامي لأي حل مؤكدة أن الرئيس عون لم ولن يخالف الدستور الذي نص على فصل السلطات . اما الكلام عن أن هذا المجلس لم يكتمل نصابه فغير صحيح لأن الحكومة أخذت علما بتعيين ٤ أعضاء واكتمل النصاب وبالأمس حلف ٥ أعضاء اليمين. اشارت مصادر وزارية إلى ان افق حل الازمة السياسية، التي تسبب بها، الخلاف الحاصل حول ازاحة المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار عن إكمال مهمته، مايزال مقفلا، بعد انفجار الخلاف دمويا بالشارع، برغم كل دعوات التهدئة التي صدرت عن كل الاطراف السياسيين، ومطالبتهم بسلوك طريق الحوار لحل الازمة. وقالت المصادر ان رئيس الجمهورية ميشال عون مايزال يرفض اتخاذ اي اجراء بحق البيطار في مجلس الوزراء، يتعارض مع صلاحيات المجلس ويخالف الدستور، في حين يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، للبحث عن مخرج للازمة، باطار دستوري، يرضي الجميع. وقد اجرى اتصالات عدة بهذا الخصوص، وينوي لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري قريبا، للاتفاق معه، بشأن الحل المقترح، تمهيدا، للاعلان عنه، فور تحقيق التفاهم عليه من كل الاطراف، ومعاودة اجتماعات مجلس الوزراء من جديد. وتوقعت المصادر ان تتبلور نتائج الاتصالات بخصوص مقترحات الحل المذكور في الساعات المقبلة، لانه ليس بالامكان اطالة امد الازمة المستجدة، الى وقت اطول، والاستمرار بتعليق جلسات مجلس الوزراء، ما يتسبب بمزيد من التشنج وتأجيج الخلاف الحاصل نحو الأسوأ، وهذا التطور غير مرغوب فيه، وليس مسموحا بحدوثه، نظرا لانعكاساته ومخاطره غير المحسوبة، على الوضع عموما.

نولاند في بيروت

وتزامنت الاحداث مع بدء مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفيرة فيكتوريا نولاند لقاءاتها بالمسؤولين، ومن مطار بيروت، أكدت نولاند ان «الولايات المتحدة ستقدم دعما إضافيا بقيمة 67 مليون دولار للجيش اللبناني»، لافتة الى «ان الشعب اللبناني يستحق الأفضل». واعتبرت ان «ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة «فرقعة إعلامية» وأحد حلول أزمة الطاقة التي نعكف عليها مع السلطات اللبنانية يشمل البنك الدولي ودعما إنسانيا». واستقبلها صباحاً الرئيس عون، وابلغها ان «الحكومة الجديدة ستجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من اجل مساعدة لبنان في عملية النهوض الاقتصادي، بالتزامن مع اجراء إصلاحات واطلاق إعادة اعمار مرفأ بيروت والاهتمام بتأمين الطاقة وتطوير الإدارة والقوانين الإصلاحية اللازمة». وشدد رئيس الجمهورية امام المسؤولة الأميركية على ان «تأمين الطاقة الكهربائية أولوية، بالتزامن مع تأهيل المرفأ الذي يشكل الشريان الأساسي للاقتصاد الوطني». وعرض الرئيس عون للأسباب التي أدت الى «الوصول بالبلاد الى هذا الوضع الاقتصادي والمالي الصعب، لا سيما منها الحرب السورية والحصار الذي فرض على لبنان نتيجة اقفال الحدود ونزوح اكثر من مليون و500 الف نازح سوري الى لبنان، فضلا عن انتشار وباء كورونا ثم انفجار المرفأ»، معتبرا ان «كل هذه العوامل السلبية تضافرت واثرت سلبا على الأوضاع في لبنان وعلى ظروف عيش اللبنانيين». وابلغ نولاند ان لبنان «راغب في معاودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من اجل ترسيم الحدود الجنوبية البحرية لاستكمال عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، نظرا لأهمية ذلك في تحقيق النهوض الاقتصادي للبلاد».وكرر الرئيس عون شكر لبنان على «المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش والمؤسسات الأمنية إضافة الى المساعدات الاجتماعية المتتالية». ونقلت نولاند تحيات الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية انطوني بلينكن الى الرئيس عون، والتهاني بتشكيل الحكومة الجديدة، مشددة على «وقوف الولايات المتحدة الأميركية الى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات الراهنة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية». وقالت: ان واشنطن تتمنى بعد تشكيل الحكومة ان يكون العمل على تحقيق الإصلاحات واجراء الانتخابات النيابية، وان بلادها مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي والصناديق المالية، لا سيما صندوق النقد الدولي لتقديم الدعم المطلوب للبنان إضافة الى مواصلة الدعم للجيش اللبناني. وزارت نولاند وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ترافقها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وجرى التأكيد على دعم الادارة الاميركية لحكومة الرئيس ميقاتي، وجرى البحث في سبل توفير الدعم الأميركي للبنان في هذه المرحلة الصعبة. وأكدت نولاند على الاستمرار في دعم الجيش اللبناني. ثم استقبل الرئيس نجيب ميقاتي في السراي نولاند والوفد المرافق، ولاحقا، توجهت الدبلوماسية الاميركية الى عين التينة حيث اجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ان تغادر بيروت، المؤتمر الصحفي الذي عقدته. وليلا، سرت معلومات عن تكسير مراكز لحزبي «القوات اللبنانية» والكتائب في جديدة المتن.

لبنان ينام على «هدنة» وخوف من اليوم التالي

الشرق الاوسط... بيروت: ثائر عباس... أضافت الاشتباكات التي حصلت في منطقة الطيونة في ضاحية بيروت الجنوبية الشرقية، ثقوبا جديدة في المبنى الذي شهد الحرب الأهلية في العام 1975. الثقوب التي تكاسل سكان المبنى عن سدها بعد نهاية الحرب في العام 1990 باتت شاهدا لحرب انقضت ولـ«حرب صغيرة» شهدتها المنطقة أمس، معطية بعض اللمحات عما ينتظر البلاد في حال استمرت الأمور على مسارها الحالي. العجيب أن المنطقة نفسها شهدت بداية الحرب الأهلية في لبنان، عندما تعرض موكب فلسطيني لإطلاق النار لدى مروره في المحلة، وتكرر أمس مع تعرض موكب المتظاهرين لإطلاق رصاص مجهول، تلاه إطلاق نار مقابل على ثلاثة أبنية تقف عند خط التماس القديم – الجديد، بكثافة نارية كبيرة عجز أمامها الجيش اللبناني عن التدخل، واستلزم وقتا واتصالات للسيطرة على الموقف. وكرست اشتباكات الأمس رمزية منطقتي عين الرمانة المسيحية والشياح الشيعية، حيث تحولت المنطقة إلى ساحة حرب دامت ساعات وأرهقت ذاكرة كبار السن الذين سبقوا أن عاشوا تلك الحروب في المنطقتين المتقابلتين. ويقول، أبو جورج، صاحب متجر صغير في عين الرمانة، بينما كان يقفل متجره على عجل عند احتدام إطلاق الرصاص: «اعتقدنا أننا دفنا الحرب إلى غير رجعة، لكنها عائدة» ويضيف «هذه ليست مشكلة عابرة، إنها تمهيد لحرب جديدة، وسندافع عن أنفسنا مرة جديدة ولن نسمح لهم بانتهاك مناطقنا». يتدخل جار له، قائلا: «قاومنا كل الحملات التي هدفت لإزالة وجودنا، وهذه لا تختلف عن سواها منذ أيام العثمانيين». شوارع عين الرمانة كانت شبه خالية خلال الاشتباكات. الجيش اللبناني عزل المنطقة، وأقام نقاط مراقبة متنقلة لمنع الاحتكاكات المحتملة مع «جيران المنطقة»، خصوصا أن ثمة تاريخا بينهما في كل مرة، حاول محتجون شيعة المرور بدراجاتهم النارية وتصدى لهم شبان المنطقة. الموضوع تكرر كثيرا منذ العام 2005، وفي كل مرة يتحول إلى كابوس أمني للجيش اللبناني الذي اضطر أخيرا لإقامة نقاط ثابتة وثكنات على خط التماس القديم المعروف بـ«محور صنين»، الذي يبعد مئات الأمتار عن موقع حادثة الأمس. وبعد انتهاء الاشتباكات، شهدت المنطقة حركة نزوح لمن يمتلك منزلا خارجها، تحسبا لتجدد الاشتباكات ليلا. يكرر أحد السكان مثلا لبنانيا قديما: «لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة (كوابيس)». سأعود إلى قريتي في كسروان لبضعة أيام وبعدها نرى. مضيفا بحسرة «شبعنا، يقتلوننا ويتقاتلون بنا، ثم ننتخبهم مجددا».

في الجهة المقابلة، كانت أحياء الشياح أكثر ازدحاماً. الشياح تضم حضورا طائفيا مختلفا عن عين الرمانة، لكنهما تجتمعان معا على لعنة الفقر. الضاحيتان الفقيرتان تشكلان خزانا بشريا لأحزاب خاضت الحرب سابقا، «القوات اللبنانية» من الجهة المسيحية وحركة «أمل» من الجهة الشيعية. لكن ما يختلف هو غياب الحضور الأمني الرسمي. الجيش اكتفى بالتمركز عند خط التماس القديم، فيما جابت دراجات نارية الشوارع تحمل مسلحين يتنقلون في الأحياء دون هدف واضح. صورة الاستنفار العسكري في المنطقة كانت طاغية، فيما وصل إلى المنطقة مئات الشبان بسلاح غير ظاهر كانوا يتجمعون أمام بعض المباني وينقسمون إلى مجموعات صغيرة من نحو 20 شخصا. كثافة النيران التي أطلقت نحو مباني عين الرمانة كانت كبيرة، رافقتها بعض القذائف الصاروخية التي انفجر معظمها في الهواء محدثا ضجيجا مخيفا، فيما كانت الطلقات المقابلة قليلة ومتفرقة من قناصة يحاول الجيش تحديد هوياتهم، كما أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط». وأوضح المصدر أن الجيش ضغط بشدة لوقف الاشتباكات، لكنه لم يكن قادرا على وقف الرصاص الذي خرج من مصادر كثيرة، فيما أشار بعض الشبان إلى أن بعض مطلقي النار كانوا يقومون بـ«عملهم» تحت أنظار الجنود في بعض الأحيان، من دون قدرة للوصول إليهم لكثافة النار المستعملة. ويقول مرجع أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش يمسك الآن زمام المبادرة في المنطقة التي شهدت الاشتباكات، لكن الخوف الأساسي هو من استغلال البعض الأمر للقيام بشيء مشابه في مناطق أخرى، أي منطقة تماس شيعية مسيحية، ككفرشيما والحدث والفنار في شرق بيروت، أو في البقاع (شرق البلاد). وعليه، سينام اللبنانيون ومعهم القلق لليوم التالي، فيما سيسهر العسكر من دون ضمانة بعدم تكرار المأساة.

اعتراض «أمل» و«حزب الله» على البيطار ينفجر في الشارع... ويحوّل بيروت إلى ساحة حرب

«الثنائي الشيعي» يتهم «القوات»... وجعجع يرى السبب في السلاح المتفلت

بيروت: «الشرق الأوسط».... انفجر التوتر السياسي على خلفية الانقسام حول إجراءات المحقق العدلي في ملف مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، في الشارع، واندلعت أمس اشتباكات أسفرت عن مقتل 6 أشخاص، وإصابة العشرات بجروح، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية وبنادق القناصة، واتهم «حزب الله» و«حركة أمل»، حزب «القوات اللبنانية» بالمسؤولية عن الاشتباكات، فيما اعتبر «القوات» أن «السلاح المتفلِّت» هو السبب الرئيسي لهذه الأحداث. وتحولت منطقة الطيونة الفاصلة بين الأحياء التي تسكنها أغلبية مسيحية في عين الرمانة وأخرى تسكنها أغلبية شيعية في الشياح، إلى ساحة حرب حقيقية، تدخّل الجيش اللبناني والدفاع المدني مراراً لإجلاء المدنيين فيها، فيما ألزمت الاشتباكات طلاب مدرسة تقع في فرن الشباك على الاحتماء في الرواق بين الصفوف. وأفادت مصادر متقاطعة، ميدانية وعسكرية، بمقتل 6 أشخاص، بينهم امرأة أصيبت بطلق ناري أثناء وجودها في منزلها. وتدخل الجيش للفصل بين المشتبكين، فيما تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من غرفة عمليات قيادة الجيش في وزارة الدفاع مجريات الأوضاع من قائد الجيش وأعضاء مجلس القيادة. وقال ميقاتي إن «الجيش ماضٍ في إجراءاته الميدانية لمعالجة الأوضاع وإعادة بسط الأمن وإزالة كل المظاهر المخلة بالأمن وتوقيف المتورطين في هذه الأحداث وإحالتهم على القضاء المختص». وأكد وزير الداخلية بسام مولوي بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي، أن «السلم الأهلي ليس للتلاعب»، مشدداً على «ضرورة اتخاذ كامل الإجراءات». وقال إن «الإشكال بدأ بإطلاق النار، من خلال القنص، وأصيب أول شخص في رأسه»، مشدداً على أن «هذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمراً خطيراً جداً». وأكد أن «تفلت الوضع ليس من مصلحة أحد»، وأعلن أن «كل الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه». وقال: «إن منظمي المظاهرة أكدوا لنا سلميتها، والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص، وتفاجأنا بأمر خطر، هو إطلاق النار على الرؤوس». وكان «الثنائي الشيعي» المتمثل بـ«حزب الله» و«حركة أمل» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، قد دعيا إلى وقفة احتجاجية أمام قصر العدل اعتراضاً على إصدار القاضي البيطار مذكرة توقيف غيابية بحق النائب علي حسن خليل، وما قالاه إنه «تسييس للتحقيق» في ملف المرفأ. وبدأ التحشيد الميداني والاستعداد لحدث أمني منذ الصباح. فعلى الضفة الغربية للشارع الفاصل بين الشياح وعين الرمانة، كانت تنتشر مجموعات غير مسلحة مؤلفة من 20 شخصاً على زوايا الشوارع، تواكب التحرك الذي انطلق باتجاه قصر العدل للاعتراض على إجراءات القاضي البيطار. أما على الضفة الشرقية من الشارع، فقد تحدثت مصادر ميدانية عن تحشيد لمجموعات صغيرة مسلحة لا تتعدى 3 أشخاص تنتشر في الأحياء الداخلية. وانفجر الوضع لدى محاولة دخول مجموعات من المعتصمين باتجاه الأحياء الداخلية في عين الرمانة، حيث قوبلت بالرصاص، وأسفر ذلك عن مقتل شخص وإصابة 8 آخرين بجروح. وقال الجيش اللبناني، في بيان، إنه «خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة – بدارو، وقد سارع الجيش إلى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها وعلى مداخلها وبدأ تسيير دوريات، كما باشر البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم». وقال «حزب الله» و«حركة أمل»، في بيان مشترك، إنه «على إثر توجه المشاركين في التجمع السلمي أمام قصر ‏العدل استنكاراً ‏لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وعند وصولهم إلى منطقة الطيونة، ‏تعرضوا لإطلاق نار مباشر ‏من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة، ‏وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى وقوع ‏شهداء وإصابات خطيرة حيث إن إطلاق ‏النار كان موجهاً على الرؤوس». وقال الحزبان الفاعلان في الطائفة الشيعية: «إن هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جرّ البلد لفتنة ‏مقصودة يتحمل ‏مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى خلف دماء ضحايا ‏وشهداء المرفأ من أجل تحقيق ‏مكاسب سياسية مغرضة». ودعا الحزبان «الجيش اللبناني لتحمل المسؤولية والتدخل السريع ‏لإيقاف هؤلاء ‏المجرمين. كما يدعوان جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم ‏الانجرار إلى الفتنة الخبيثة». وسرعان ما تدهورت الأمور، حيث سمعت أصوات انفجارات ناتجة عن انفجار 4 قذائف «آر بي جي»، بالتزامن مع رشقات نارية متواصلة لأكثر من ساعتين، وتركزت بعدها على بناية تفصل بين الشارعين في طريق صيدا القديمة. وأظهرت صور متداولة عبر شاشات التلفزة إطلاق نار من أسلحة رشاشة باتجاه البناية، فيما أظهرت صور أخرى وجود قناصة على أسطح عمارة مرتفعة تقع خلفها. وتواصلت الاشتباكات حتى بعد الظهر، رغم تحذيرات الجيش من أن وحداته المنتشرة «ستقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرقات وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر»، وطلب من المدنيين «إخلاء الشوارع». لكن الشارع بقي على استنفاره، قبل أن يوجه «الثنائي الشيعي» الاتهامات مباشرة لحزب «القوات اللبنانية» بالوقوف وراء التدهور. وقالا، في بيان، إن المشاركين في التجمع الرمزي «تعرضوا لاعتداء مسلح من قبل مجموعات من حزب القوات اللبنانية التي انتشرت في الأحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات ومارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد ما أوقع هذا العدد من الشهداء والجرحى». وإذ أدان «حزب الله» و«أمل» «هذا العمل» الذي وصفاه بـ«الإجرامي والمقصود، والذي يستهدف الاستقرار والسلم الأهلي»، دعوا إلى أن يتحمل الجيش والقوى الأمنية مسؤولياتها في إعادة الأمور إلى نصابها «وتوقيف المتسببين بعمليات القتل والمعروفين بالأسماء والمحرّضين الذين أداروا هذه العملية المقصودة من الغرف السوداء ومحاكمتهم وإنزال أشد العقوبات بهم». وفي المقابل، استنكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت، وبالأخص محيط منطقة الطيونة، بمناسبة المظاهرات التي دعا إليها «حزب الله»، مشيراً في بيان إلى «أن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر، الذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان». ودعا جعجع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية «إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة»، لافتاً إلى أن «السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يحتّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، لكن ذلك يتطلب منا جميعاً التعاون للوصول إليه».

كنتم تعلمون!

الاخبار... ابراهيم الأمين .... ليس من موت مجانيّ في مواجهة الظلم. لكن الموت يصبح مجانياً متى قرّر الطاغية مسح الدماء عن يديه بمنديل قداسة اخترعه لنفسه، وهو الذي يتخيّل أسطورته حيلةً للصعود الى السماء مرفوعاً فوق جماجم الضحايا. هكذا كنت، ولا تزال. لا تهمّك الوجوه ولا الأسماء ولا بقية الأهل. هكذا هي حالك، منذ أن كتبت أولى قصائد الموت في محيط منزلك وقريتك ومنطقتك وأهلك الذين صلبتهم أحياء، ورميتهم في البحر طعاماً للقرش الساكن في جسمك. فأنت لست سوى نسخة من نار، تعيش على الحطام!..... جبلتك تشكّلت من حقد وكره لكل شيء من حولك. لم تعرف يوماً سوى الصراخ في أودية تغزوها الغربان. هؤلاء هم رفاق دربك، وأنت مصدر رزقهم من جثث قتلاك التي تملأ الأمكنة حيث حللت. وفي كل مرة يحاول فيها الناس نسيان أفعالك، تصرّ على تذكيرهم بأصلك وفصلك ومبتغاك. الصفح الذي أردته يوماً من الناس أخذته عنوةً باسم الحق العام المسلوب دوماً في بلاد الجنون المفتوح. تجاوز أولياء الدم عنك، وعرضوا عن مقابلتك بالعقل القبلي المسيطر على جوارحك. لكنك، في كل مرة، تعيد تذكير الناس بأنك لا تعيش من دون حقد ودماء، وأنك لا تتصور حياة من دون سلطتك القائمة على القهر بالقتل والحرق والتذويب... تفعل ذلك، وتنسب أفعالك الى ربّ لا يعرفه أحد غيرك. ولا تعرف سوى زرع الخوف في قلب كل من يسمع بك لأنك لا تعرف الى الصواب طريقاً، ولا يبدو أنك ستتعرف يوماً الى هذا الطريق. يوم رفض سعد الحريري تنفيذ أوامر صاحب المنشار بافتعال فتنة دموية، خاصمته وحرّضت عليه الدب الداشر، ودعوت الى التخلص منه لأنه ضعيف لا يجيد القتل. ثم حاولت التطوع لأدوار كبيرة، رسمت الخطط، وعرضت المشاريع، وفي كل مرة كنت تشعر بأنك فاقد للشرعية الأخلاقية، وأن عمادتك لم تكن صالحة لمحو خطيئتك الأصلية، لم تجد سوى أن تعرض اليوم على أولياء الأمر من القتلة والمجانين، أنك الوحيد القادر على رمي النار والبارود وإحراق المكان. حتى عندما فكرت بحيلة الشارع المموّه، في كل تشرين، شعرت بأن البساط قد يُسحب من تحتك لأن الناس الأصليين لا يقبلون بك شريكاً، فصار حقدك يكبر، وصرت تبحث عن ضربة تصيب بها أهدافاً عدة: تعيد تثبيت أوراق اعتمادك لدى السعودية، ومن خلفها الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون والألمان وكل مجانين العالم، وتعيد فرض جدول الأعمال الدموي على قسم من الناس يدّعون النطق باسم ربهم الأعلى. وفوق ذلك، تستجدي الدماء من أجل استحضار ما تعتقد أنها جيوش الأرض الزاحفة لنصرتك. وحتى لو اكتشفت أنك واهم، فلن تراجع نفسك، ولن تقبل بأقل من نهر من الدماء قرباناً لآلهة الموت التي تعبدها. لذلك، كنت يا سمير جعجع أول من يعلم بما حصل أمس. ليس بذكاء لم تُعرف به يوماً، بل لأنك خطّطت وحضّرت ونفّذت جريمة تطابق ما فعلته منذ أن امتشقت السلاح. وهي جريمة كبيرة، وأكبر من كل الجرائم التي يجري استثمارها هنا وهناك، إذ تستهدف شن حرب أهلية واسعة. لكنها لن تحظى برجال ينسبون لأنفسهم صفة الأولياء الصالحين المرسلين من الرب لإنقاذ الناس من أرواحهم الشريرة!

وأنت لم تكن وحدك من يعلم بما حصل أمس.

من المفيد لفت انتباه من يهمه الامر الى انه بعد كل ما حصل، منذ سنوات وحتى جريمة أمس، فان قيادة المقاومة قررت مغادرة مربع الصبر كل الأجهزة الأمنية والعسكرية، من جيش وقوى أمنية وأجهزة استخبارات على أنواعها، كانت تعلم أيضاً. قدّمت لهم ليل أول من أمس المعلومات المباشرة عما يجري على الأرض، عرضت لهم المعطيات حول السيارات التي استقدمت مسلحين من زحلة وكسروان ومن عناصر أمنية في معراب أيضاً. وقدّمت لهم المعطيات حول السيارات التي تجوب المنطقة من مار مخايل حتى سباق الخيل وفيها مسلحون تابعون لقواتك اللبنانية، وقدمت لهم المعطيات حول المسلحين المنتشرين عند مداخل الأبنية، وقدّمت لهم المعلومات التي تعرض من يخطط ومن يوزع المهام ومن ينشر العناصر. الجيش فعل ما تفعله قوات الطوارئ الدولية في الجنوب. بدل أن تنتشر هذه القوات لردع العدو، تراقب المعتدى عليهم في الجنوب. هكذا، تماماً، فعل الجيش. بدل أن ينتشر قامعاً الوجود المسلح في عين الرمانة والمداخل المؤدية الى شارع سامي الصلح، انتشر في المناطق التي سيخرج منها المتظاهرون، وهو الذي كان يعلم مسبقاً بخط سير التظاهرة. وعندما جرى سؤاله قال إنه لم ير شيئاً. وكيف يرى إذا لم يكن قد نشر عناصره هناك أساساً. عندما بدأ إطلاق النار على المتظاهرين، ألم يكن هناك جنود ينتشرون في المكان؟ ألم تكن هناك عيون أمنية في المنطقة التي تضمّ قصر العدل والجامعة اللبنانية ومقار رسمية ومراكز قريبة من سفارات ومكاتب دبلوماسية؟ أليست تلك المنطقة التي ينتشر الجيش أصلاً فيها للفصل بين الشبان الذين يختلفون دائماً؟ وعندما بدأ إطلاق النار، وتحدّث الأمنيون عن قناصين، أين كانت طوافات الجيش، أم أنها مجهزة فقط لنقل الضيوف من عسكر الولايات المتحدة ومسؤولين لا يريدون التنقل بسياراتهم بين المناطق!...... حتى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، الذي اشتهر بحرفية جعلته يتعرّف على تفاصيل الجرائم الكبيرة والصغيرة بسرعة البرق، والذي يمتلك شبكات من المخبرين والعاملين في تلك المنطقة وغيرها، ويعرف من خلال علاقاته مع أجهزة أمنية داخلية وخارجية ما يحضّر للبنان، وتعرف قيادته جيداً عقل «القوات اللبنانية» وطريقة تصرفها، كما تعرف ما هو المطلوب من جهات خارجية... كيف سيتصرّف اليوم؟ هل سيكون صعباً عليه اكتشاف ما حصل؟ وهل سيكون متعذراً عليه الوصول الى كاميرات أو استخدام داتا الاتصالات لكشف ما حُضّر له بعناية قبل ساعات طويلة، أم سيقف متفرجاً تاركاً الأمر لمخابرات الجيش خشية حسابات تتصل باعتبارات جهات تمون عليه سياسياً؟

وماذا عن أمن الدولة الذي يلاحق كل مخالفة بناء وكل مشكلة بين عاملة منزلية ورب عملها ويمتلك فرقة من المخبرين الذين وُظّفوا لأسباب سياسية أو أمنية، هل غابت عنه الحقيقة أيضاً، وماذا سيفعل؟

هؤلاء أيضا كانوا يعلمون!

وهناك أيضاً من كان يعلم ما يُدبّر في ليل ونهار، من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، ومعه أعضاء في المجلس، وقضاة كبار يتقدّمهم المحقق العدلي طارق البيطار، العالم بالقانون والجاهل بالسياسة وعلم الاجتماع، والخبير الروحاني الذي قرر أنه مكلّف من الرب بإنقاذ لبنان وأهله... ألم يكن هؤلاء يعرفون أن ما يقومون به سيؤدي الى ما حدث أمس؟ ألم يُقل لهم بوضوح إن التسييس الفاضح والغلوّ في خدمة الخارج سيقود الى مواجهات في الشارع، فلم يأبهوا، ويصلون الليل بالنهار لحماية مشروع لا نتيجة له سوى توريط البلاد في فتنة من بوابة تفجير المرفأ... نعم هؤلاء أيضاً كانوا يعلمون!

لم يكن جعجع وحده يعلم بما سيحدث بل معه الأجهزة الأمنية وعبود والبيطار وسفراء عرب وأجانب ومن منعوا الحكومة من حل ملف تسييس التحقيق

حتى من منعوا الحكومة من اتخاذ القرار المناسب في شأن المشكلة الأساسية في ملف تفجير المرفأ، والذين يقفون عند حسابات سياسية داخلية أو خارجية، من التيار الوطني الحر الذي يخشى على شعبيته في الشارع المسيحي، الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التزم أمام فرنسا برئيسها ورئيس استخباراتها الخارجية بعدم الاقتراب من عمل المحقق العدلي، وصولاً الى السعودية التي بعثت إليه برسالة تبدي استعدادها لاستقباله، شرط أن تحدّد هي الموعد والطريقة ومستوى المسؤولين الذين سيلتقيهم، وقالت له سلفاً إنها تفعل ذلك تلبية لطلب الفرنسيين بعدما «طوشهم» برنار إيمييه الذي أبلغه السعوديون بوضوح أن «ميقاتي ليس رجلنا، كما أن الحريري لم يعد رجلنا»، وأنه «لا يوجد في بيروت سوى شخص واحد ينفذ ما نريد ويستحق الدعم هو سمير جعجع»... هؤلاء أيضاً كانوا يعلمون! لكن، ما الذي يدفع هؤلاء الى التشارك، طوعاً أو غصباً، مجتمعين أو متفرقين، في هذا التجاهل الذي يؤدي الى جريمة بحجم تلك التي حصلت أمس؟ هل هو اعتقادهم بأن صمت المقاومة عما حصل في شويا، وعدم انجرارها للفتنة بعد جريمة خلدة، وصمتها عن كل موبقات إعلام طحنون وتركي آل الشيخ... هو علامة ضعف؟

من يقولون، بزهو ، إن «شراويل ثلاثة» هزت المقاومة في شويا، أو إن شيخاً مع بضعة صبية أذلّوها في خلدة، أو أن صليباً مشطوباً شقّ رقبتها في الطيونة... ألا يعرفون أن قواعد اللعبة ليست من صنعهم، وأنهم ليسوا سوى أدوات لتنفيذ ما تريده أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والسعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل!

وحتى لا يبدو الخارج كأنه مستثنى من المسؤولية المباشرة، هل يعتقد الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون والألمان والسعوديون والإماراتيون، سواء في عواصمهم أو في سفاراتهم في بيروت، أنهم ليسوا شركاء كاملين في هذه الجريمة كما في غيرها، أو أنهم بعيدون عن الأعين التي تراقب ما يعملون عليه من فتن قادمة على شاكلة ما سبق في أكثر من منطقة ومع أكثر من جهة؟ والأهم، هل يعتقدون أنهم فوق المحاسبة وفوق دفع الأثمان؟

ربما من المفيد لفت انتباه من يهمّه الأمر الى أنه بعد كل ما حصل، منذ سنوات وحتى جريمة أمس، فإن قيادة المقاومة قررت مغادرة مربع الصبر، وهي تنتظر الآتي:

أولاً: إقفال ملف الجنون الذي يقوده طارق البيطار.

ثانياً: محاكمة من قرّر وخطّط ووزّع المهام ونفّذ عمليات القتل في الطيونة.

ثالثاً: محاسبة كل من أهمل وقصّر في حماية المتظاهرين العزّل.

أما من يحتاج الى شرح أكثر، فليس من الخطأ أن يقرأ الكتاب بوضوح أكثر أو أن يسمع ما فيه من وصايا: «سكوت صاحب الحق عن حقه، لهو قلّة دين وقصر في التعبّد، وأخذ الحق لا يكون بالتوسل، فإما عبر ما تقرّه الشرائع وإما باليد دون وسيط»!

صحيح أن أميركا، ومعها الغرب والسعودية ومجنون كسمير جعجع يصلّون الليل ليقع حزب الله في المحظور،

وصحيح، أيضاً، أن في لبنان قوى سياسية وعسكرية وأجهزة أمنية تفضّل الجلوس على التلّ والتفرّج علّها تكون المنقذ،

لكن الصحيح أيضاً، هو أن العقل أُعطي لمن يجيد استخدامه، فيعرف، كما في كل مرة، أن يصيب من يجب أن يصيب، من دون تحميل الناس من حوله أيّ مسؤوليّة!

بند جريمة الطيونة كما بند البيطار شرطان لانعقاد مجلس الوزراء: هل يستقيل ميقاتي استباقاً... وكيف سيتصرف عون؟

الاخبار.... هل يستنقذ الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي الحكومة وما بقي من دولة وعهد؟

السؤال طرح بقوة، أمس، بعد المجزرة الدموية التي ارتكبتها القوات اللبنانية بحق متظاهرين كانوا يحتجون على إدارة ملف التحقيقات في تفجير المرفأ، خصوصاً أن التعامل مع الجريمة المروعة لم يشِ بمستوى حقيقي من المسؤولية، إزاء صمت كل المدافعين عن حرية التعبير في لبنان وخارجه، وامتناع غالبيتهم عن إدانة المجرم القاتل وتحميل القتيل المسؤولية بسبب رغبته في التعبير عن رأيه سلمياً. بحسب المتابعات السياسية، فإن البحث تجاوز الحديث عن جريمة المرفأ إلى معالجة الموقف المتفجر بعد جريمة الطيونة. وبعد بيان حزب الله وحركة أمل الذي اتهما فيه القوات اللبنانية مباشرة بالوقوف خلف الجريمة، أبلغ الثنائي عون وميقاتي وبقية القوى السياسية بأنه بات أكثر تمسّكاً بموقفه من ملف التحقيق في المرفأ ومنع استمرار عملية التسييس، وأضاف بنداً آخر يطالب بتحقيق واسع وشامل في جريمة الطيونة يستهدف ليس المجرمين فقط، بل من قرر وخطط ونفّذ، ومعاقبة المهملين من مسؤولين عسكريين وأمنيين لم يبادروا إلى منع الجريمة قبل حصولها بساعات طويلة على رغم توافر معلومات عما كانت تحضر له القوات في المنطقة. وبحسب المعلومات، فإن الثنائي الشيعي، ومعه تيار المردة والنائب طلال أرسلان، ليسوا في وارد التساهل في هذه المسألة، ما قد يؤدي إلى عدم انعقاد أي جلسة للحكومة ما لم يكن الاجتماع محصوراً ببحث هذين البندين. الرئيس ميقاتي الذي كشف مقربون منه أنه تلقى اتصالات خارجية تحثه على عدم التجاوب مع أي خطوة تضرّ بعمل القاضي طارق البيطار، أعرب عن خشيته من تدهور الأمور. وهو يبدو كمن يفكر بخطوة استباقية على شكل استقالة مبررة بأنه لا يريد التدخل في عمل القضاء ولا يريد تحمّل مسؤولية المواجهات التي تحولت إلى أعمال عسكرية سالت فيها دماء. لكن جوهر خطوة ميقاتي يعني هروبه من تحمّل المسؤولية في لحظة حاسمة.

عون هاتف جعجع وطلب منه وقف «ألاعيبه» وميقاتي تلقى اتصالات خارجية لحماية البيطار

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط دان «استخدام القناصات ضد المتظاهرين»، محذراً من «الاحتكام إلى أحلام قديمة دمّرت لبنان». ودعا المحقق العدلي إلى التحقيق «بكل هدوء ومع الجميع من دون استثناء»، لافتاً إلى أن «الغرب يريد تحميل لبنان وحده مسؤولية المحكمة في انفجار بيروت، فلتتفضل الدول الغربية الصديقة نظرياً بتقديم معلومات حول كيف أتت النيترات إلى لبنان». التيار الوطني الحر الذي كان موقفه من التحقيقات في جريمة المرفأ محل نقاش على خلفية أنه يواجه تعبئة شعبية ضده في الشارع المسيحي، أصدر بياناً عبّر فيه عن رفضه لطلبات الثنائي الشيعي بما خص البيطار، لكنه ندد باستخدام السلاح ضد المتظاهرين في الطيونة. فيما دعا الرئيس عون إلى عدم الانجرار إلى الفتنة. وعلمت «الأخبار» من أوساط في القصر الجمهوري أن عون أجرى اتصالاً بجعجع أمس معبراً عن انزعاجه مما يجري، وبادره بالقول: «أوقف ألاعيبك»، فرد جعجع بأنه غير مسؤول عما حدث وأن أفراداً غير منظمين من المدنيين ولو ارتدوا لباساً عسكرياً ليسوا بالضرورة من القوات. عندها أعاد عون الطلب من جعجع وقف ألاعيبه وأنهى المكالمة. الأمر الذي دفع رئيس حزب القوات إلى إصدار بيان استنكر فيه ما حصل واتهام القوات، وطالب الجهات المختصة بتحديد المسؤوليات، على رغم أن النائبين عماد واكيم وفادي سعد كانا واضحين في تبنيهما الأعمال المسلحة. فيما عمل عدد من مسؤولي القوات على تصوير ما حصل بأنه رد على اعتداء تعرض له السكان في مناطق عين الرمانة، ولمحوا إلى أن المسلحين «غرباء»، وأشارت الوزيرة السابقة مي شدياق إلى اعتقال أحد السوريين.

ماذا حصل على الأرض؟

ما حصل كان أقرب إلى بروفة لحرب أهلية وانفلات أمني. روايات عدة جرى الحديث عنها في اجتماع مجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية، بحضور قادة الأجهزة الأمنية الذين أجمعوا على أنّ عناصر من القوات اللبنانية بدأوا بإطلاق النار. وفيما ذكر أحد الضباط معلومات عن انتشار قنّاصين على أسطح بعض المباني أطلقوا النار على المتظاهرين أثناء مرورهم من دوّار الطيونة، روى مرجع أمني لـ«الأخبار» أنّ مسلحين من القوات انتشروا في الشوارع الداخلية لعين الرمانة تأهباً منذ ساعات الصباح الأولى. وأثناء مرور المتظاهرين على طريق صيدا القديمة حصلت استفزازات، فيما عمد تجمّع لعناصر من القوات في زاروب مدرسة الفرير إلى افتعال خلاف مع المتظاهرين ليبدأ رمي الحجارة، قبل أن يقوم مسلّحون من القوات بإطلاق النار على المتظاهرين. وأكد المرجع أنّ عناصر القوات كانوا حاضرين بأسلحتهم ومستعدين للمواجهة، ما يُفسّر العدد الكبير من الضحايا في صفوف المتظاهرين في بداية الخلاف، قبل أن يستقدم موالون لحزب الله وحركة أمل السلاح ليتطور الأمر إلى اشتباكات مسلحة. وأكدت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أنّ الجيش دهم عدداً من المباني التي يُشتبه في أنّ إطلاق النار حصل منها، لكن لم يتم توقيف أحد.

البيان الثاني لقيادة الجيش تراجع عن وصف ما حدث بالكمين بتدخل مباشر من مكتب القائد

وكان لافتاً تناقض مواقف الجهات الرسمية. فقد أصدرت قيادة الجيش، صباحاً، بياناً قبل زيارة نائبة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، قالت فيه إنّ «المحتجين أثناء توجههم إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة -بدارو». وبعد تصريح لوزير الداخلية بسام مولوي أشار فيه إلى تعرض متظاهرين سلميين لإطلاق نار من مسلحين، أصدرت قيادة الجيش بياناً ثانياً، بتدخل مباشر من مكتب قائد الجيش، ساوت فيه بين القاتل والضحية، وجاء فيه أنّه أثناء توجه المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، «حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح». وبدا أن هزّ العصا الأميركية نجح في دفع الجيش إلى تحويل المتظاهرين من ضحايا أُطلقت عليهم النار إلى مُثيري شغب سقطوا أثناء تبادل لإطلاق النار. كذلك برز لافتاً حجم التفلّت الأمني مع أنّ عناصر الجيش واستخباراته وبقية الأجهزة الأمنية كانوا على دراية بأنّ التوتر بلغ أشدّه. حتى أنهم أغلقوا مداخل عين الرمانة في الليلة السابقة للاعتصام وعمدوا إلى نشر العناصر الأمنية على طول طريق صيدا القديمة. وكانت لدى هذه الأجهزة معلومات عن وجود مجموعات تتحضر لافتعال إشكالات مع المتظاهرين. كما أنّ هناك من كتب تهديدات في وسائل التواصل الاجتماعي طالباً من متابعيه الترقب للدرس الذي سيُلقّنه للمتظاهرين. هذا التطور الأمني اللافت، تزامن مع تصعيد قضائي مستغرب. فقد سارع رئيس محكمة التمييز القاضي ناجي عيد إلى إصدار قراره بعدم صلاحيته النظر في طلب الرد المقدم من النواب المدعى عليهم. وكان عيد في صدد إصدار القرار أول من أمس إلا أنّ تغيّب عضو من الهيئة عن العدلية اضطرّه إلى إرجائها. ويوم أمس، لم يكتمل نصاب الهيئة أيضاً لتنحي القاضية نفسها، ما دفع عيد إلى تعيين مستشار آخر فوراً ليُصدر قراره، بعدما كان قد سرّب فحواه قبل يومين. ولم يُفهم سبب استعجال عيد لإصدار القرار في وقت كان الشحن في الشارع في أعلى درجاته. علماً أنّ همساً يدور في العدلية عن سابقة في تعيين الهيئات ارتكبها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. فقد عمد إلى تعيين جميع أعضاء الهيئة في محكمة الاستئناف التي أصدرت قراراً بعدم الصلاحية من طائفة واحدة، بينما درج العرف أن تتألف الهيئة من قضاة ينتمون إلى طوائف مختلفة.

"حزب الله" يواجه "عصياناً" عونياً... و"القوات" تنفي اتهاماته وتحتكم للأجهزة

"بروفا" فتنوية... والجيش بالمرصاد

نداء الوطن... "تُقفل جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس الرسمية والخاصة" أبوابها اليوم حداداً على من سقطوا في الشارع أمس، والحداد سيكون موصولاً على سقوط الدولة مرة جديدة في قبضة السلاح المتفلّت الذي لا ينفك يضرب بيد من حديد هيبة الدولة، وينصب الكمائن لسطوتها عند كل استحقاق ومنعطف... وكان آخرها بالأمس عند مستديرة الطيونة حيث سرعان ما أضرمت النعرات الاستفزازية فتيل حرب شوارع دموية بين مسلحي "حزب الله" و"حركة أمل" من جهة، وآخرين متمركزين على تخوم تقاطع عين الرمانة. وإذ بدأ يتصاعد منسوب الغليان في الشارع مع انطلاق مسيرة راجلة لمحازبي الثنائي الشيعي ومناصريهما انطلاقاً من الضاحية الجنوبية مروراً بالطيونة وصولاً إلى قصر العدل، حيث كانت نقطة التجمع لتظاهرة تخوينية ضد المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، بيّنت الوقائع الميدانية أنّ "البروفا" الفتنوية بدأت ميدانياً تحوم في الأرجاء مع لحظة اختراق مجموعة من المتظاهرين ثغرة أمنية، فدخلوا عبرها باتجاه أحد أحياء عين الرمانة مرددين شعارات استفزازية، فكانت الشرارة الأولى التي أشعلت اشتباكاً مسلحاً أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وخسائر مادية فادحة في الممتلكات. لكن ورغم حراجة الوضع وضراوة تبادل النار في المكان، نجح الجيش في تطويق الموقف المباغت فكان بالمرصاد لتمدد النيران الفتنوية وتمكن خلال بضع ساعات من إعادة ضبط الوضع ميدانياً بالتوازي مع تواصله مع كل الأطراف المعنية، علماً أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون سبق أن حذر قبل أيام في لقاء مع كبار الضباط من خطورة الوضع مؤكداً أنّ "الجيش لن يسمح لأي فتنة بتحقيق أهدافها". وبهذا المعنى، أتى بيان قيادة الجيش أمس، في معرض تفنيده وقائع وملابسات الاشتباك المسلح الذي حصل عند مستديرة الطيونة، ليجدد عزم المؤسسة العسكرية على التصدي لأي أجندة فتنوية في البلد وتأكيدها "عدم التهاون مع أي مسلح"، معلناً تكثيف الانتشار العسكري في المنطقة "لمنع تجدد الاشتباكات" وتوقيف تسعة أشخاص "من كلا الطرفين بينهم سوري". أما على المستوى السياسي، فواكبت قيادتا "حزب الله" و"حركة أمل" مجريات الأحداث الميدانية بسلسلة من البيانات والاتهامات المتدحرجة وصولاً إلى تحميلهما صراحةً حزب "القوات اللبنانية" مسؤولية مباشرة عن "عمليات القنص للقتل العمد"، مع التلميح إلى وجود قوائم بأسماء "معروفة" تحدد هويات "المتسببين والمحرضين الذين أداروا هذه العمليات من الغرف السود". الأمر الذي نفته "القوات" معلنةً الاحتكام لتحقيقات الأجهزة الرسمية بغية تحديد المسؤوليات "بشكل واضح وصريح"، مذكرةً بأنّ تغطية "وسائل الإعلام كلها والفيديوات تؤكد بالملموس الظهور المسلح بالأربيجيات والرشاشات والدخول إلى الأحياء الآمنة"، وذلك في سياق ممنهج كان قد بدأ بعملية "الشحن" ضد المحقق العدلي، مروراً بتهديده بـ"القبع"، وصولاً إلى "استخدام السلاح والترهيب والعنف والقوة لإسقاط مسار العدالة في انفجار مرفأ بيروت". بينما بدا واضحاً رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في تحميل رئيسي الجمهورية والحكومة ووزيري الدفاع والداخلية مسؤولية أساسية في "إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة"، مشدداً على وجوب "الحفاظ على السلم الأهلي" بوصفه "الثروة الوحيدة المتبقية في لبنان". وعلى الضفة العونية، برز على هامش أحداث الطيونة الدموية بوادر "عصيان" رئاسي وسياسي لنوازع "حزب الله" في الحكومة وعلى الأرض، لفرض رغبته في تطيير القاضي طارق البيطار. وبدأت معالم هذا العصيان بالتمظهر انطلاقاً من تشديد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل نهاراً من بكركي على أنه "لا يمكن أن يفرض أحد رأيه فرضاً على الآخرين" في إشارة واضحة إلى الثنائي الشيعي، قبل أن يعود بيان "التيار" إلى الموازنة بين إدانة "الاعتداء المسلح على أناس أرداوا التعبير عن رأيهم"، وبين إعادة التأكيد على أنه "من غير الجائز أن يسمح طالبو التعبير عن رأيهم لأنفسهم بفرضه بالقوة على الآخرين". ومساءً، توّج رئيس الجمهورية ميشال عون هذا التوجه بإطلالة متلفزة ضمّنها جملة رسائل امتعاض من أداء قيادة "حزب الله" حكومياً وقضائياً، رافضاً سياسة "التهديد والوعيد" لفرض الحلول في قضية المحقق العدلي، ومؤكداً "عدم السماح لأحد بأن يأخذ البلد رهينة مصالحه الخاصة أو حساباته"، مقابل تجديده الالتزام أمام الداخل والخارج باستكمال "التحقيق في جريمة المرفأ"، وتأكيد العمل على إيجاد صيغة حل مناسبة لاعتراض الثنائي الشيعي على مسار التحقيق العدلي ترتكز "على قاعدة استقلالية القضاء وفصل السلطات واحترام العدالة". وبينما لم تتأخر محكمة التمييز المدنية في رد طلب رد القاضي البيطار للمرة الثانية على التوالي أمس، توالت على المستوى الدولي التعليقات والبيانات الفرنسية والأميركية والبريطانية والأممية، تنديداً بمحاولات عرقلة التحقيق العدلي في انفجار بيروت، وممارسة التحريض والعنف واللجوء إلى السلاح في سبيل تحقيق هذه الغاية، وسط إعراب المجتمع الدولي عن "القلق" إزاء تفلّت الأوضاع الميدانية أمس في بيروت. ولم تتوانَ الخارجية الأميركية في هذا السياق عن تسمية "حزب الله" بالاسم باعتبار "أنشطته الإرهابية تقّوض استقرار لبنان وسيادته"، وذلك غداة انهاء وكيلة وزير الخارجية للشؤون السياسية فكتوريا نولاند زيارتها اللبنانية، مطلقةً سلسلة مواقف تدعو من جهة إلى "التهدئة وتخفيف التوترات"، وتؤكد من جهة ثانية وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب اللبناني "لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والخدمات الأساسية بما في ذلك الكهرباء والرعاية الصحية والتعليم"، مقابل تسخيف العروض الإيرانية في هذا المجال بوصفها مجرد "فرقعات إعلامية". وعربياً، دعت القاهرة كافة الأطراف اللبنانية إلى "ضبط النفس والابتعاد عن العنف تجنباً للفتنة، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للبنان في إطار الالتزام بمحددات الدستور والقانون بما يصون استقرار البلاد وأمنها ويخرج شعبها من دائرة الأزمات"، وطالبت على لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية "الحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة بالاضطلاع بمسؤولياتها فى إدارة البلاد وحل الأزمات واستعادة الاستقرار، حتى يتمكن المجتمع الدولي من مساعدة لبنان". كما كانت دعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى كافة الأطراف اللبنانية "لتجنب الفتنة ولغة التحريض وأفعال التصعيد"، محذراً من "خطورة استمرار المواجهات في الشارع اللبناني بشكل يهدد السلم الأهلي بشكل مباشر"، مع الإشارة في الوقت عينه إلى "أهمية مواصلة القضاء اللبناني اضطلاعه بمسؤولياته في التحقيق الجاري في انفجار مرفأ بيروت بشكل مستقل وشفاف ونزيه، للكشف عن ملابساته ومحاسبة المسؤولين عنه".

الحكومة المصابة بـ «صُداع» مبكّر إلى تَصَدُّع... والانتخابات النيابية في خطر

لبنان... كأنها «جولة حرب» لإسقاط المحقق العدلي في «بيروتشيما»

الراي.... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار|

- إقفال عام في لبنان الجمعة وقلق دولي بالغ ودعوات

- عون: الشارع ليس مكان الاعتراض ونصْب المتاريس

- ميقاتي: أعتذر من اللبنانيين... وتلقينا الـ«آر بي جي» في غرفة العمليات

- «القوات اللبنانية» ردّت على اتهامها: السبب الرئيسي للأحداث هو السلاح المتفلِّت

- الحريري: مدان ما حصل في بيروت ونناشد الجميع ‏اعتماد الحوار ورفض الانجرار إلى الفتنة

- جنبلاط: نعوّل على حكمة بري... وللابتعاد عن تكرار «متاهة بوسطة عين الرمانة»

- الجيش اللبناني: توقيف 9 أشخاص ولا تهاوُن مع أي مسلّح

- نولاند من بيروت: «فرقعة إعلامية» ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقةلضبْط النفس

«... أحداث الطيونة».

صفحة دموية جديدة أضيفت، أمس، إلى «السجلّ الأسود» للمنعطفات الأخطر التي أحدثت تحوّلات عميقة وكاسرة للتوازنات في لبنان الذي دَخَلَ نفقاً بالغ الحساسية بدا معه أنه يوغل بالتدحرج في «الجحيم». 5 ساعات مُرْعبة، سقط ضحيّتها ما لا يقلّ عن 6 قتلى و32 جريحاً، قبضت على أنفاس لبنان، بعدما تحوّل تحرّكٌ دعا إليه مناصرو «حزب الله» و«أمل» أمام قصر العدل للمطالبة بالإطاحة بالمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار والاعتراض على المسار القضائي الذي يعتمده (وكان آخره إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق النائب علي حسن خليل) شرارةً لما بدا «ميني حرب» على خط تماس قديم - جديد هو محلة الطيونة حيث تعرّض تجمّع كان في طريقه إلى أمام عدلية بيروت لعملية قنص اتّهم بها الحزب والحركة مناصرين لحزب «القوات اللبنانية» ما أدى لسقوط عدد من الإصابات بين المحتشدين. وما هي إلا دقائق حتى استعادت «جبهة» الشياح - عين الرمانة مشاهد زمن الحرب الأهلية، بعدما اندلعت اشتباكات متبادلة بدأت في محلة الطيونة حيث رصدت عدسات محطات تلفزيون مسلّحين بأسلحة رشاشة يردّون على مصدر القنص، وسرعان ما تطوّر الأمر لاستخدام قذائف بي 7 وسط مواجهات بدت أقرب إلى «حرب شوارع» تحوّلت معها العاصمة «صندوقة ذعر» أحيت كوابيس اقتتال 1975 - 1990. ورغم توقف «المعركة» عصراً بعد عمليات نزوح من «بقعة النار»، وسط أضرار كبيرة خلّفتها المواجهات التي استدعت اتصالات على أعلى المستويات من ضمن ما يشبه حال طوارئ غير معلَنة، فإن حصيلة الضحايا والجرحى من الطرفين تشي بصعوبة أن يكون الأمر «عاصفة ومرّت»، وسط اقتناعٍ بأن ما حصل هو «جولة حرب» لإسقاط بيطار وفق «المعركة» التي أطلقها بوجهه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس البرلمان نبيه بري رفضاً للادعاءات والاستدعاءات «المسيّسة والاستنسابية»، والتي بلغت حدّ ربْط انعقاد جلسات مجلس الوزراء بتنحية المحقق العدلي، قبل أن تبرز أحداث أمس، وبمعزل عن ملابساتها، وكأنها «تحمية» لما سيكون لتحقيق «الهدف المرسوم» ولو وفق معادلة «بقاء بيطار = الفتنة والحرب الأهلية». وفي حين كانت الخشية من «تتمات» لموْقعة الطيونة وسط معلومات عن حادث أمني سُجل في منطقة الشويفات وجرى تطويقه، وفي ظل اتهامات مباشرة من «حزب الله» و«أمل» لـ «القوات اللبنانية» بإطلاق النار عمداً على المتجمعين وهو ما نفته الأخيرة، علمت «الراي» أن الحركة والحزب أخذا على القوى الأمنية عدم قيامها بإجراءات استباقية رغم علمها بوجود تحركات في المقلب الآخر رُصدت ليل الأربعاء. ورغم ان «التمرين بالنار» الذي جرى أمس في سياق معركة إسقاط المحقق العدلي في «بيروتشيما» يشكل دفعة على الحساب، فإن أوساطاً واسعة الاطلاع بدأت تشكك في إمكان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها (بعد نحو خمسة أشهر). ورأت دوائر مراقبة أن حصيلة أحداث أمس خلصت إلى وجود «رابحيْن» هما رئيس البرلمان نبيه بري الذي دفع بأنصاره إلى «الميدان» للإطاحة بالقاضي بيطار عبر «الدم» الذي لم يعد في الإمكان تجاهله. ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي برز كمدافع عن المناطق ذات الغالبية المسيحية، والذي بعث برسالة إلى الآخرين بأنه في إمكانه أن «يطلق النار» هو أيضاً. أما الخاسر الأبرز من الجولة فسيكون رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره ووريثه السياسي جبران باسيل بحال استجابتهما لمطالبة حليفهما «حزب الله» بالانضمام إلى معركة إسقاط بيطار مما يرتد عليهما سلباً في الشارع المسيحي وهو ما سيخدم جعجع بالتأكيد. وعلى وقع هذه المعطيات، بدا أن الحكومة أصيبت بـ «صداع مبكر» جراء انفجار «كرة نار» غير محسوبة بين يديها وبدء مؤشرات تصدُّعها من الداخل، وسط توقف أوساط متابعة عند توجيه رئيسها نجيب ميقاتي «اعتذاراً» من اللبنانيين عما حصل. وقال ميقاتي بعيد عودة الهدوء إلى منطقة الاشتباكات «إن الحكومة «ماشية» وموجودة، وتشكّلت حين وصل البلد إلى الحضيض، والحكومة «اسفنجة» لتخفيف أثر الارتطام». وسأل في حديث لـ موقع «النهار» الإلكتروني: «هل ما جرى اليوم هدفه إسقاط حكومتي؟» مضيفاً: «نحن مريض ينزف، وبعد تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارئ، واليوم في غرفة العمليات (في اليرزة التي زارها لتفقد متابعة الجيش أحداث الطيونة) تلقينا الرصاص والـ «آر. بي.جي». وتابع: «باقون في الحكومة والمعالجة الهادئة لقضية التحقيق جارية، نحن سلطة تنفيذية ولا نستطيع التدخل في القضاء، أدعو الجسم القضائي، وفي حال وجود شائبة، إلى تنقية نفسه، وبحكم مسؤوليتي لن أنأى بنفسي عن معالجة الأزمة، هناك مخرج لكن نحتاج وقتاً». وعما حصل في الطيونة قال: «محزن جدا ما حصل اليوم والخوف الذي عاشه الأطفال، اتّصالاتي الأخيرة مع الجيش تُفيد بتحسن الوضع الأمني في الشارع، ومن المفترض أن يكون غداً يوم جديد، والانضباط الأمني غير كاف بل الوعي السياسي ساهم في ضبط الأوضاع». وعلى خط الطمأنة نفسه أطل الرئيس عون في رسالة إلى اللبنانيين مساءً أعلن فيها «ما شهدناه في منطقة الطيونة، مشهد مؤلم وغير مقبول، بصرف النظر عن الأسباب والمسببّين. تعزيتي إلى ذوي الأبرياء الذين سقطوا اليوم برصاص مجرمين، أعادنا بالذاكرة إلى أيامٍ طويناها»، وقلنا: «تنذكر وما تنعاد. ليس مقبولاً أن يعود السلاح لغة تخاطب بين الأفرقاء اللبنانيين، لأننا جميعاً اتّفقنا على ان نطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا». وقال: «ما جرى اليوم، ليس مقبولاً، خصوصاً في وقت ارتضى الجميع الاحتكام إلى دولة القانون والمؤسسات. وهذه الدولة، التي تضمن الحريّات لا سّيما منها حريّة التعبير عن الرأي، يجب أن تكون وحدها، من خلال مؤسّساتها، المرجع الصالح والوحيد لمعالجة أيّ إشكال أو خلاف أو اعتراض»، مؤكداً «أنّ الشارع ليس مكان الاعتراض، كما أنّ نصب المتاريس أو المواقف التصعيديّة لا تحمل هي الأخرى الحل. وما من أمر لا حلّ له، وحلّه ليس إلّا من ضمن المؤسسات وكذلك من خلال الدستور الذي ما من أمر يُعلى عليه، لا التهديد ولا الوعيد». وأضاف: «البلد لا يحتمل خلافات في الشارع، ويحتاج إلى معالجات هادئة، مكانها الطبيعي هو المؤسسات، وفي مقدّمها مجلس الوزراء الذي يجب أن ينعقد، وبسرعة. وقد أجريت اليوم اتصالات مع الأطراف المعنيّة لمعالجة ما حصل، والأهمّ لمنع تكراره مرة تانية، علماً انّه لن نسمح بأن يتكرّر تحت أي ظرف كان». وتابع: «القوى العسكرية والأمنية قامت وستقوم بواجباتها في حماية الأمن والاستقرار والسلم الأهلي. ولن نسمح لأحد بأن يأخذ البلد رهينة مصالحه الخاصة أو حساباته، وما حصل سيكون موضع متابعة أمنية وقضائية. وأنا، من جهتي، سأسهر على أن يبلغ التحقيق حقيقة ما جرى وصولاً إلى محاسبة المسؤولين عنه والمحرّضين عليه مثله مثل أيّ تحقيق قضائيّ آخر، بما فيه التحقيق في جريمة المرفأ، التي كانت وستبقى من أولويات عملي والتزامي تجاه اللبنانييّن والمجتمع الدولي». وأردف: «أطمئن اللبنانييّن أنّ عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء. ونحن ذاهبون باتجاه الحل وليس في اتجاه أزمة. وإنني بالتعاون مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب لن نتساهل ولن نستسلم إلى أيّ أمر واقع يمكن أن يكون هدفه الفتنة التي يرفضها جميع اللبنانيين. ولم يكن عابراً، قبيل إعلان الحداد العام اليوم، على ضحايا أحداث أمس (نعت «أمل» 3 منهم) قول وزير الداخلية بسام المولوي «إن مَن نظّم التظاهرة أكد لنا أنها سلمية ويجب أن تكون كذلك، ولم تكن لدى أجهزة الاستخبارات أي معلومات حول ما حصل حالياً، وكان هناك إطلاق نار قنصاً وتفاجأنا بأمر خطر هو إطلاق النار على الرؤوس وهذا غير مقبول». وجاء ذلك وسط اتهام قيادتيْ «أمل» و «حزب الله» حزب «القوات اللبنانية» بالاعتداء المسلح على التجمع السلمي من مجموعات انتشرت في الأحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات ومارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد»، وطالبتا بأن «يتحمل الجيش والقوى الأمنية مسؤولياتهم في إعادة الأمور إلى نصابها وتوقيف المتسببين بعمليات القتل والمعروفين بالأسماء والمحرضين الذين أداروا هذه العملية المقصودة من الغرف السوداء ومحاكمتهم وإنزال اشد العقوبات بهم». في المقابل نفت «القوات اللبنانية» هذه الاتهامات واستنكر الدكتور جعجع «الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها (حزب الله)»، مشيراً إلى «أن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان». ودعا «رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة»، لافتاً الى ان «السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتِّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، ولكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه». وجاء الأكثر تعبيراً عن خطورة ما حصل على لسان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي أعلن «من حق أي اللبناني أن يتظاهر»، مديناً استخدام القناصات. وإذ عوّل «على حكمة الرئيس نبيه بري»، دعا للتعلم من الماضي من أجل الابتعاد عن تكرار «متاهة بوسطة عين الرمانة»، في إشارة الى الحادثة التي أقلعت على متنها رسمياً الحرب اللبنانية في 13 ابريل 1975. أما الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري فأعلن ‏«أن ما حصل في بيروت من مشاهد إطلاق نار وقذائف وانتشار للمسلحين أعادنا بالذاكرة ‏لصور الحرب الاهلية البغيضة، هو أمر مرفوض بكل المقاييس، ومستنكر ومدان بأشد التعابير ‏والكلمات»، وقال: «إذ نتقدم بالتعازي لأهالي الضحايا الذين سقطوا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى، نناشد الجميع ‏اعتماد الحوار وسيلة لحل المشاكل ورفض الانجرار إلى الفتنة التي قد تجر البلاد إلى ما لا تحمد ‏عقباه». وعلى وقع الصخب السياسي، صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه مساء بيان أكد أنه «بتاريخ 14/10 /2021 وأثناء توجّه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة - بدارو، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح. على الفور، عزّز الجيش انتشاره في المنطقة، وسير دوريات راجلة ومؤللّة، كما دهم عدداً من الأماكن بحثاً عن مطلقي النار، وأوقف تسعة أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري. بوشرت التحقيقات مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص»، مضيفاً: «أجرت قيادة الجيش اتصالات مع المعنيين من الجانبين لاحتواء الوضع ومنع الانزلاق نحو الفتنة، وتجدد القيادة تأكيدها عدم التهاون مع أي مسلح، فيما تستمر وحدات الجيش بالانتشار في المنطقة لمنع تجدد الاشتباكات». وفي موازاة المواقف الدولية التي عبّرت عن القلق البالغ مما جرى في بيروت داعية لضبْط النفس ومؤكدة ضرورة دعم التحقيق في بيروتشيما، وعلى وقع ردّ محكمة التمييز طلب الردّ الجديد الذي قدّمه النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بحق بيطار الذي عاد تالياً إلى الملف، خيّمت أحداث الطيونة على زيارة نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند لبيروت حيث أعربت عن أسفها لما حصل، مؤكدة في سياق آخر «وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات الراهنة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية». ولفتت إلى أن واشنطن «تتمنى بعد تشكيل الحكومة أن يكون العمل على تحقيق الإصلاحات وإجراء الانتخابات النيابية»، مشددة على أن بلادها «مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي والصناديق المالية، لا سيما صندوق النقد لتقديم الدعم المطلوب للبنان إضافة إلى مواصلة الدعم للجيش اللبناني»، ومشيرة إلى أن «ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة (فرقعة إعلامية)، وأحد حلول أزمة الطاقة التي نعكف عليها مع السلطات اللبنانية يشمل البنك الدولي ودعماً إنسانياً».

6 قتلى وعشرات الجرحى في الطريق لإسقاط المحقق العدلي في «بيروتشيما»

بيروت «تسفك دمها»... من جديد

الراي... | بيروت – من وسام أبو حرفوش وليندا عازار |

الكويت تدعو المواطنين إلى مغادرة لبنان,الكويت تدعو المواطنين إلى مغادرة لبنان

عاش لبنان أمس «بروفة» حرب أهلية يجْري دفْعُ البلاد إلى حافتها على تخوم تَدافُعٍ، تحوّل بـ «النار والدم»، لإقصاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار في سياق «معركة» أطلقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله وشريكه في الثنائية الشيعية رئيس البرلمان نبيه بري تحت عنوان «هيدا القاضي مسيّس ويعتمد الاستنسابية» في ملاحقاته وادعاءاته التي تشمل رئيس حكومة سابقاً (حسّان دياب) و4 وزراء سابقين بينهم 3 نواب حاليين وقادة أجهزة أمنية. ودعت سفارة الكويت في بيروت المواطنين الكويتيين المتواجدين في لبنان إلى المغادرة، والراغبين في السفر إلى التريث. 5 ساعات عصيبة، سقط ضحيّتها ما لا يقل عن 6 قتلى و32 جريحاً، قبضت على أنفاس لبنان وشعبه بعدما تحوّل تحرّكٌ دعا إليه مناصرو «حزب الله» و«أمل» أمام قصر العدل للمطالبة بالإطاحة ببيطار والاعتراض على المسار القضائي الذي يعتمده (وكان آخره إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق النائب علي حسن خليل) شرارةً لما بدا «ميني حرب» على خط تماس قديم – جديد هو محلة الطيونة حيث تعرّض تجمّع كان في طريقه إلى أمام عدلية بيروت لعملية قنص اتّهم بها الحزب والحركة مناصرين لحزب «القوات اللبنانية» ما أدى لسقوط عدد من الإصابات بين المحتشدين. وما هي إلا دقائق حتى استعادت «جبهة» الشياح – عين الرمانة مشاهد زمن الحرب الأهلية، بعدما اندلعت اشتباكات متبادلة بدأت في محلة الطيونة حيث رصدت عدسات محطات تلفزيون مسلّحين بأسلحة رشاشة يردّون على مصدر القنص، وسرعان ما تطوّر الأمر لاستخدام قذائف بي 7 وسط مواجهات بدت أقرب إلى «حرب شوارع» تحوّلت معها العاصمة «صندوقة ذعر» أحيت كوابيس اقتتال 1975 – 1990. ورغم نجاح الاتصالات في احتواء الموقف الخطير قرابة الرابعة إلا ربعاً عصراً، وبمعزل عن ملابسات «اندفاعة النار» المخيفة التي ترافقت مع رواية عن أن «أصل المعركة» كان تسلُّل مجموعة شبان من جهة الطيونة إلى عين الرمانة هاتفين «شيعة شيعة» ما أعقبه إشكال مع شبان من المنطقة تفلّت لاحقاً، فإن ما شهده لبنان أمس كان أخطر منعطف أمني منذ أحداث 7 مايو 2008 (اقتحام حزب الله لبيروت والجبل) وفجّر مخاوف كبرى من أن تكون البلاد وُضعت من ضمن ما يبدو «7 مايو قضائياً» أمام معادلة قاتلة: فإما «قبْع» كبير المحققين في «بيروتشيما» وإما الفتنة والحرب الأهلية التي حذّر منها «حزب الله» ومن «كارثة» تنتظر لبنان، قبل أن يؤخذ مجلس الوزراء «رهينةً» وتُعلَّق جلساته بانتظار تعليق «حبْل» إقصاء بيطار.

 

 



السابق

أخبار لبنان.. الجمعة يوم حداد عام على أرواح ضحايا أحداث بيروت...من انفجار المرفأ إلى رصاص الطيونة.. حكاية 14 شهراً «عاصفة» في لبنان.. قتلى في إطلاق نار ببيروت مع تصاعد التوتر بشأن تحقيق المرفأ.. أحداث بيروت.. الجيش اللبناني يعتقل 9 أشخاص.. حزب الله يتهم حزب القوات اللبنانية باستهداف تجمع قصر العدل... والأخير: الأحداث نتجت عن شحن بدأه نصرالله..

التالي

أخبار سوريا... مقتل 9 عناصر في قصف مطار تيفور العسكري.... «فصائل إيران» في سورية تتهم إسرائيل بضربها من «التنف»..بيان منسوب لـ«غرفة عمليات حلفاء دمشق» يلوّح بالرد على تل أبيب..اشتباكات في شمال سوريا بين أكراد وفصائل موالية لأنقرة.. تركيا تواصل التهديدات بالتصعيد في شمال سوريا.. واشنطن: لن ندعم التطبيع العربي مع الأسد..سوريون يشكون من انتشار ظاهرة الرشوة في دمشق..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,080,190

عدد الزوار: 6,751,846

المتواجدون الآن: 120