عودة الى الجذور؟

تاريخ الإضافة الأحد 6 كانون الأول 2009 - 6:23 ص    عدد الزيارات 2980    التعليقات 0    القسم محلية

        


هل التلاقي بين حركة "امل" بقيادة الرئيس نبيه بري والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة رئيسه وليد جنبلاط بمثابة عودة الى جذور كل من الحزبين، ام انه بمثابة اصطفاف من شأنه تشكيل قوة ثالثة تعالج موضوع الغاء الطائفية السياسية؟
قد يكون ما نسجله في هذه العجالة يندرج في خانة التمني أن يكون هذا التلاقي من شأنه ان يؤدي لعودة الى الجذور، بمعنى ان نسترجع الدوافع الفكرية والسياسية لمؤسسي "امل" والاشتراكي والتي لم تكن محصورة في طائفة، اذ ان الذين تجاوبوا مع دعوة الامام موسى الصدر آنذاك كانوا من مختلف الطوائف، يدفعهم التزام النفاذ الى اسباب الحرمان من خلال استنباط وسائل محاربة الفقر وتمكين القطاعات المهمشة وتعزيز فرص المشاركة في مجالات التعليم ومنافع النمو الاقتصادي والتركيز على ثقافة المقاومة. كان بين الذين شاركوا في الاعداد لـ"حركة المحرومين" عناصر من مختلف الانتماءات الطائفية ومن قوى المجتمع المدني، كانوا ولا يزالون يعملون كي يتمتع المجتمع بحصانة الامن الانساني واسترجاع المواطن كرامته من خلال تلبية حقوقه وحاجاته. ولعل تجاوز الحركة او محاولتها الجدية العمل لتقليص القبضة الطائفية السائدة، كان الخطاب الذي ألقاه الامام موسى الصدر في كنيسة الكبوشية في بيروت، وكان بمثابة تتويج للتظاهرات الجماهيرية الرائعة بقيادة فريدة في تنوعها وفي التزامها الوطني.
كذلك في ما يتعلق بدعوة كمال جنبلاط الى تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي دفعا بمشروع اصلاح الدولة والاستفادة من خبرات قوى تقدمية تمثلت بأمثال فؤاد رزق وفريد جبران وعبدالله العلايلي وجورج حنا، دون اي اعتبار لانتماءاتهم الدينية او المذهبية مما ادى الى استقطاب العديد من الذين وجدوا في الاشتراكية الديموقراطية ملاذا من الاستقطابات العقائدية التي ميزت فترة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والحلف الاطلسي، مما دفع بالحزب الاشتراكي الى تبني سياسات عدم الانحياز والتوجه بشكل حاسم الى المشاركة مع القوى العربية المماثلة في دعم حركات التحرير في الجزائر وفي عدد من الدول الافريقية. وكانت التجارب الاشتراكية في الهند، مع احتفاظها بالحريات المدنية والسياسية، عنصراً جاذباً جعل من الحزب وقائده مساهما في إثراء الفكر الاشتراكي، مما جعل التنوع داخل المنظومة الاشتراكية يستفيد من اسهامات الاشتراكية اللبنانية، كما حصل تأهيل لفرص تبادل التجارب التي توفر للمواطن عنصري تعريف الكرامة، أي الحرية والمساواة. وتحول الحزب التقدمي الاشتراكي بالتدرج الى التوأمة بين الحرية والمساواة، لكونه شكل الصيغة، فلا يكون هذان العنصران الواحد على حساب الآخر. وفي الوقت نفسه كانت مسيرة دولة المؤسسات التي باشر الرئيس شهاب تنقيتها من السياسات التي ساهم كمال جنبلاط في صيرورتها مع معارضته لتجاوزات المكتب الثاني آنذاك.
هذا الرصيد من العطاء الفكري والاختراق الملهم للنظام الطائفي والتزام وحدة المصير العربي جعل كمال جنبلاط قائد حركة مساندة المقاومة الفلسطينية، وصار الحزب التقدمي الاشتراكي في أدواته وتجاربه الناجحة والمحبطة تراثاً شكل جسراً بين آمال مرشحة للصيرورة وارتباطها بانتصار وحدة ناجعة بين أوطان الأمة العربية. صحيح ان الاحباط السائد يدفع الكثيرين في ارجاء الوطن العربي الى اعتبار كمال جنبلاط، عن جدارة، قائداً عربياً مميزاً ومفكراً ساهم في إثراء الثقافة التقدمية عالمياً.
هذا التراث التاريخي والدوافع المتميزة، كلّها جذور تنطوي على ثوابت جديرة بالعودة الى ترسيخها، حتى يصبح الخطاب السائد مرة أخرى مقدمة ليكون لبنان كما تستحقه الاجيال الطالعة وطناً للمواطنين بدل أن يكون اطاراً لتعددية الطوائف، وبالتالي عدم الاكتفاء بالغاء "السياسية" في الطائفية. من هذا المنظور قد لا يندرج هذا التمني في اطار "الواقعية" الطاغية على المفاهيم الحالية، لكن ما يبدو الآن بعيد المنال يجعل العودة الى الجذور في الحالة الراهنة بداية لعملية التداخل المعرفي، رفضاً للتعدد واحتفالاً بالتنوع. واذا اتخذت خطوات في اتجاه العودة الى الجذور، عندئذ يصبح "كلنا للوطن" مدعوماً بـ"الوطن لكلنا".
 

كلوفيس مقصود    


المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,033,872

عدد الزوار: 6,931,572

المتواجدون الآن: 89