«حزب الله»: الديموقراطية التوافقية تعني حقّ النقض لكل مكوّن فيها

تاريخ الإضافة الخميس 3 كانون الأول 2009 - 6:24 ص    عدد الزيارات 3246    التعليقات 0    القسم محلية

        


بدا طبيعياً ان تثير الوثيقة السياسية الجديدة التي اعلنها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ردود فعل واسعة ومتفاوتة ومتناقضة، اذ ان هذه الوثيقة مهما قيل فيها تأييداً او معارضة او ما بينهما شكلت حداً غير عادي في توقيتها وظروف وضعها.
والبارز في هذا السياق ان الجدل الاساسي الذي اثارته وثيقة «حزب الله» تركز على مسألة «لبْننة» الحزب او عدم لبننته، بمعنى قياس مدى اقترابه في الوثيقة من المبادئ السياسية التقليدية التي تمليها التركيبة اللبنانية او استمراره في «لغته الخاصة» التي كانت تطغى على عقيدته وخطابه نظراً الى كونه حركة اسلامية.
والواضح ان وجهتي نظر اساسيتين ستشغلان ردود الفعل على الوثيقة الى امد طويل. فالاولى تلاحظ اقتراب الحزب في شكل ملحوظ من اللبننة ولو على المستوى السياسي الصرف من منطق تخليه عن ادبيات ومصطلحات استعملها في وثيقته التأسيسية الاولى (1985) وكان ينادي فيها بالحكم الاسلامي. فالوثيقة الجديدة ابتعدت تماماً عن هذه المصطلحات ولو انها لم تدرج ما يمكن ان يُفسَّر تخلياً عنها. لذا حرص السيد نصرالله نفسه على التمييز بين الورقة السياسية والمبادئ الايديولوجية والدينية والعقائدية.
اما وجهة النظر الثانية، فتعتبر ان الحزب لم يغير فعلياً مبادئه بل لجأ الى عملية لفظية منمقة وشديدة الاتقان تعطي الوثيقة طابع التغيير في حين ان لا تغيير جوهرياً في مساره.
في اي حال يشير هذا الجدل المرشح للتصاعد في الايام المقبلة الى ان الوثيقة اثارت اهتماماً واسعاً ليس بمضمونها فقط وانما في الخلفيات التي تكتسبها من حيث توقيتها واعلانها في ظروف يتجه عبرها لبنان الى مرحلة جديدة سمتها الواضحة الاستقرار النسبي سياسياً مع انطلاقة الحكومة الجديدة التي أقرت امس بيانها الوزاري. وهذا الامر يطرح تساؤلات بعضها يتصل بالبُعد الداخلي للوثيقة والبعض الاخر بالبعد الخارجي الاقليمي.
فأياً تكن وجهات النظر حيال هذه الوثيقة يبدو ان ثمة ما يُجمع عليه العديد من المراقبين وهو ان «حزب الله» اراد اعطاء الانطباع الواضح في المعطى الداخلي على انخراطه ضمن اللعبة السياسية الداخلية كمظلة اساسية لمساره المقبل، الى جانب تمسكه بالمقاومة المثيرة للانقسام.
اما في الجانب الخارجي فان انعكاس هذه الوثيقة على وضع الحزب لا يمكن عزله عن الآفاق المحتملة لملفات اقليمية خطيرة من بينها اساساً الملف المتعلق بالصراع مع اسرائيل وكذلك الملف الايراني. واذا كان خطاب الحزب لم يتغير ابداً في شأن هذين الملفين، فهذا يعني بالنسبة الى البعض ان الحزب يتحسب لكل الاحتمالات ومن بينها احتمالات حصول مواجهات كبيرة اقليمياً قد يجد نفسه في خضمها ما يتعين عليه معها ان يحصّن نفسه داخلياً.
وتواصلت امس «كرة ثلج» المواقف المتصلة بوثيقة «حزب الله»، فأكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل «ان الوثيقة تحتاج الى قراءة اكثر تأنيا وسيكون لنا موقف مفصل منها لاحقا»، لافتاً الى انها «لجهة الاصلاحات البنيوية تلتقي مع المصلحة الوطنية، اما في ما يتعلق بموضوع السلاح، وهو لبّ المشكلة القائمة الآن، فتُظهره الوثيقة غير قابل للبحث والنقاش».
واعتبر الجميّل انه «عندما يؤكد السيد نصر الله ضرورة المشاركة، فمن اضعف الايمان ان يكون هناك شراكة في القرار المتعلق بسلاح الحزب». وقال: «يبدو التعاطي في الشأن العام وكأنه يتم بلهجة القوة والفرض وبتصور يحدد شكل الدولة واطرها ومقاييسها. فمن جهة يطالب بقيام الدولة القوية والمؤسسات ومن جهة عملية يعرقل قيام الدولة ليحل محلها».
وعن الفيديرالية اعلن الجميل «لسنا من روادها»، متسائلاً «بماذا نصف المناطق الخاضعة بالكامل لسلطة حزب الله والمنفصلة عن الدولة؟ وكيف نفسر الاذن المطلوب للسماح بدخول الجيش الى بعض المناطق في جزين وإلا يتعرّض لما تعرضت له مروحية الملازم الطيار الشهيد سامر حنا. وحين تدخل الدولة الى الضاحية الجنوبية فبإذن الحزب وتسامحه على ان يبقي السلطة عمليا بيده».
اضاف: «يفهم من النص ان هناك سلطة فوق كل مقررات القمم العربية. وكأن هناك سلطة اعلى من الرؤساء العرب مجتمعين تقيّم اداءهم ومواقفهم وتنصب نفسها اعلى من مؤسسة القمة العربية بحد ذاتها».
في المقابل، نفى نائب «حزب الله» نواف الموسوي «ان يكون هناك تغيير اساسي وجوهري في الوثيقة الجديدة للحزب»، معتبراً «ان المتغيرات والاحداث والمستجدات السياسية احدثت بعض التغيير في بعض النقاط في الوثيقة من دون تغيير للاطار العام»، مشددا على «التزام «حزب الله» بالديموقراطية التوافقية في البلاد واستحقاقاتها».
واشار الموسوي الى «ان الوثيقة كرست المسار الذي سار عليه الحزب على مدى الأعوام التي مضت»، لافتاً الى «ان الاحداث والمتغيرات والمستجدات تجاوزت الوثيقة التي اقرها الحزب في عام 1985 ما استوجب تغييرا في الاحكام الواردة في الوثيقة وليس في جوهرها واطارها العام».
ودعا الى «تطوير النظام القائم في لبنان من خلال ازالة الطائفية السياسية في البلاد»، معتبرا «ان الازمات التي حدثت في البلاد كانت نتيجة محاولات الالغاء والتهميش من فريق ضد فريق اخر».
واعتبر «ان اهم ركائز الديموقراطية التوافقية ان يكون لكل مكون فيها حق النقض ما يلغي الاستفراد بالقرار لاي مكون من مكونات الساحة، على ان يكون لكل منهم لامركزية ادارية، والشراكة الكاملة في صنع القرار».
 


المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,788,479

عدد الزوار: 6,915,027

المتواجدون الآن: 117