ماكرون يستيقظ على خطورة سياسات ايران متاخراً..

تاريخ الإضافة الأحد 13 تشرين الثاني 2022 - 3:26 م    عدد الزيارات 1046    التعليقات 0

        

ماكرون يستيقظ على خطورة سياسات ايران متاخراً..

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..

طوال سنوات لعبت فرنسا دوراً سلبياً في مواجهة سلوك ايران العدواني والعبثي، بل ووقفت الى جانب ايران محاولةً دمج ادواتها واذرعها في صلب العالم العربي والاسلامي..من اليمن الى لبنان.. وبشكلٍ خاص لبنان.. حيث طالما شاركت في لقاءات غير معلنة مع قادة حزب الله متجاوزة العقوبات الاميركية، واستقبلت بعض قادة حزب الله في حوارات غير معلنة في لبنان كما في فرنسا للتعاون والتفاهم على مستقبل لبنان، تحت عنوان حماية المسيحيين والاقليات، من خطر العالم العربي والاسلامي.. كما حاولت اقناع بعض القيادات المعارضة بالتفاهم مع قادة حزب الله وايران، بل وطالبتهم بالرضوخ لمطالب حزب الله في الحصول على صلاحيات واسعة في السلطة التنفيذية، والتخلي عن بعض المراكز الاساسية في السلطة لصالح حزب الله وحلفائه.. وفرنسا كانت ممن عمل عل اقناع القادة اللبنانيين بانتخاب ميشال عون رئيساً عام 2016، باعتبار ان حزب الله سوف يستمر في لعبة التعطيل، مما يعني ان لبنان لن يستقر سياسياً وسوف يبقى موقع رئاسة الجمهورية خالياً... ومن الافضل للبنان واللبنانيين وتجنباً للانهيار والدخول في فوضى دستورية كما انهيار اجتماعي واقتصادي.. لذلك فإن القبول بمرشح حزب الله رئيساً هو اقل الضرر الممكن، كما ان الموقع الاول سوف يبقى مسيحياً مارونياً.. ويبقى الخلاف او الصراع حول حضور ودور الموقع الرئاسي الثالث اي رئاسة الوزراء التي هي من نصيب المسلمين السنة في لبنان..؟؟؟

واستمر النهج الفرنسي المتوافق مع الرؤية الايرانية الاقليمية حين وقفت فرنسا باستمرار الى جانب اطالة امد الحوار والتفاوض حول المشروع النووي الايراني، وتوسطت غير مرة، مع الولايات المتحدة لدراسة المقترحات الايرانية او التجاوب معها..وتجاهلت التدخل الايراني كما الروسي في سوريا وتهجير الملايين من ابناء الشعب السوري وقتل مئات الالاف..

وعقب الانفجار الجريمة في مرفأ بيروت كان الدور الفرنسي استعراضياً لا فعالية له، حيث اجتمع الرئيس الفرنسي بالقوي اللبنانية ومن بينها حزب الله وتبخرت التهديدات الفرنسية بالعقوبات في حال لم يكلف رئيس للوزراء او يتم تشكيل حكومة بسرعة او محاسبة من تسبب او تجاهل ما جرى في مرفأ بيروت.. وإظهاراً للموقف المنحاز فان فرنسا لم تتوقف طويلاً او بالاحرى لم تعلق على افشال مرشحها لرئاسة الوزراء السفير مصطفى اديب.. وانتهى الامر كانه لم يكن.. وحتى الامس القريب لا زالت الزيارات واللقاءات غير المعلنة بين دبلوماسيين فرنسيين عاملين في السفارة في بيروت ومسؤولين في حزب الله تجرى دون اعلام او اعلان.. وتتبنى فرنسا وجهة نظر حزب الله بشكل شبه كامل تحت عنوان حماية الاقليات في الشرق الاوسط...

ما الذي تغير اليوم في الموقف الفرنسي ...

التعاون الروسي – الايراني في اوكرانيا اثار الكثير من الهواجس، فالاستراتيجية الروسية – الايرانية.. تقوم على قصف المدنيين في المدن والقرى الاوكرانية، بواسطة المسيرات الايرانية الصنع وهو ما انكرته ايران بدايةً ثم اعترفت مرغمة بعد انفضاح امرها.. بانها باعت روسيا عددا من الطائرات المسيرة.. وانها سوف تعيد النظر بسياسة تزويد روسيا بالمسيرات.. ولكن التعاون الروسي الايراني يسير على قدم وساق.. والاعلام الايراني ومن يؤيده او يعمل بإمرته كاعلام حزب الله في لبنان يؤيد العدوان الروسي على الشعب الاوكراني.. بشكلٍ واضح وصريح وبحماسة منقطعة النظير متجاهلين الحس الانساني وحقوق الشعوب المستضعفة وصلب العقيدة الدينية التي يتحدثون عنها كل يوم عن نصرة المظلوم والضرب على يد الظالم..

الهدف الروسي باستخدام سلاح ايراني منخفض التكلفة وتعزيز القصف الدموي، هو تهجير المواطنين الاوكرانيين الى دول اوروبا الغربية، وبالتالي زيادة العبء السكاني والديموغرافي والاقتصادي على اوروبا..مما يدفع اوروبا الى طلب وقف الحرب والرضوخ للمطالب الروسية ووقف دعم الشعب والحكومة الاوكرانية حتى تستسلم للمطالب الروسية وسقوط النظام المقاوم في كييف... اي ان ايران بدعمها لدولة روسيا وعدوانها انما تلعب دوراً عالمياً يتجاوز دورها الاقليمي ولا يمكن تجاهله، كما تم تجاهل دورها الدموي في سوريا والعراق واليمن ولبنان..وهذا النهج الدموي نفسه تم اتباعه في سوريا حيث كان القصف الروسي – الايراني الوحشي والدموي يدفع بالمواطنين السوريين الى النزوح والهجرة الى مختلف دول العالم والقريبة منها بالتحديد وبعضهم الى اوروبا.. ولكن وضع اوكرانيا شيء آخر...

بناءً على هذا ..لذلك ومنذ ايام قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: (أن تهديدات إيران تجاوزت النطاق الإقليمي، قائلا "علينا تغيير طريقة مواجهتنا لتهديدات إيران في العالم ").....

والتصريح الاخير هو ما صدر عن وزارة الخارجية الفرنسية، التي قالت ..( إن اعتقال المزيد من مواطنينا في إيران "عمل استفزازي" مشيرة إلى أن إيران اختارت الطريق الخطأ وستحاسب على أفعالها. وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا قد قالت لصحيفة "لو باريزيان"، السبت، إن مواطنَين فرنسيَين آخرين اعتقلا في إيران ليصبح مجموع عدد المعتقلين الفرنسيين في سجون إيران سبعة. وأوضحت كولونا "كانت لدينا مخاوف بشأن مواطنين آخرين، ويبدو من أحدث عمليات التحقق أنهما محتجزان أيضا". وأضافت "من المهم أكثر من أي وقت مضى تذكير إيران بالتزاماتها الدولية. إذا كان هدفها هو الابتزاز فلن تنجح في ذلك. إنها طريقة خاطئة للتعامل مع فرنسا".)...

إن المفردات التي استعملها الرئيس الفرنسي، تدل بشكلٍ واضح على ان فرنسا كانت على اقل تقدير موافقة بل متجاهلة طوال السنوات الماضية للتهديات الايرانية الاقليمية، وربما موافقة حين تهدد ايران الاستقرار في دول الشرق الاوسط العربية والاسلامية، وتثير الفتن والقلاقل.. اما التدخل في دولة اوكرانيا الاوروبية فهذا شان آخر لا يمكن تجاهله لانها بذلك تلعب دورا يتجاوز دورها الاقليمي.. ربما كانت فرنسا تعتبر ان دورها اي ايران سوف يجعل من فرنسا لاعباً اساسياً سياسياً واقتصادياً وامنياً على الساحة العربية، بسبب موقفها المتجاهل، وتكريماً لجهودها ودورها من قبل حلفاء ايران بل ومن ايران نفسها..وفي احسن تقدير، واذا احسنا الظن يمكن القول ان فرنسا كانت وربما ما زالت تملك فهماً خاطئاً لحقيقة النظام الايراني وطبيعة طموحاته واهدافه وتركيبته العقائدية الدينية ..

من هنا نرى ان تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون ووزارة خارجيته، المتزامنة تقريباً..تشير الى تبدل مفترض في القراءة وكذلك في الموقف الفرنسي من السياسة الايرانية اقليمياً ودولياً..

فهل سوف نرى موقفاً فرنسياً مغايراً على الساحة اللبنانية.. ربما بعد التصريح الفرنسي الاخير الذي قالت فيه انها لا ترى ضرورة لتعديل اتفاق الطائف.. كما ان فرنسا وافقت على الغاء العشاء السويسري المشؤوم.. والسفير السعودي وليد البخاري قال مؤكدًا أن "فرنسا أكدت لنا من خلال اللقاءات مع الرئيس ايمانويل ماكرون أنّه لن يكون هناك أيّ نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف".

وهل يمكن القول ان الرئيس الفرنسي ماكرون قد استيقظ ولو متأخراً من الغيبوبة السياسية التي كان يعيش فيها... 

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,325,373

عدد الزوار: 6,886,386

المتواجدون الآن: 82