كلية الإعلام والتوثيق - الفرع الأول...حكم "قراقوش"..

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 تشرين الأول 2009 - 12:00 م    عدد الزيارات 1431    التعليقات 0

        

 

كل الأخبار
\"\" \"\"
الاربعاء 21 تشرين الأول 2009 | 12:00 بيروت | °31 معتدل RSS Feed
\"\"
\"\"
تحقيقات \"\"
كلية الإعلام والتوثيق - الفرع الأول
حكم "قراقوش"..
أسيل الحسن ، الثلاثاء 20 تشرين الأول 2009



\"\"


رسم رامي الخطوط العريضة لحياته وقضى لياليه يخطط وينسج خيوط أحلامه، إلى أن تحقق مراده ودخل الجامعة. واجه بعزم كل المعوقات التي وُضعت في طريقه لأن طموحه كان يدفعه إلى تحدّي المستحيل، وبصيص الأمل الذي كان يلمحه من بعيد، كان يخفف عنه وطأة الضغوطات والمشاكل.

ها هو داخل الحرم الجامعي أخيراً، يتوجه إلى صنع مستقبله باجتهاد وشغف. لكن الأوضاع السائدة داخل هذا الحرم، والتي لا تظهر جلية من الخارج، لم تكن مطمئنة أمام الطالب الجديد. وهي ما لبثت أن تكشّفت بأثقالها وجثمت على صدره ثم راحت تخنق طموحاته. 

إضطرب المشهد أمام رامي المليء بالأحلام المترددة. تغيّرت الصورة التي كانت مشرقة، وبدت له الجامعة في واقع آخر، أسوأ بكثير مما كان في كوابيسه. لم يجد فيها من معنى الجامعة الذي لطالما عشقه وحلم به، سوى المظهر. وجدها تحوّلت بقدرة قادر، من صرح ثقافي إلى وكر سياسي "تتناتشه" الأحزاب والقوى الفاعلة من جهة،  والإهمال الرسمي والإداري من الجهة المقابلة.

خبا طموح رامي بين جدران الكلية، إلا أنه قرر أن يتحمل هذا الجو ويتأقلم مع هذه الأوضاع "الغريبة"، لعل غداً أفضل ينتظره على مفترق ما...

لم يكن هذا الشاب وحيداً في معاناته ولا في أحلامه. معظم طلاب هذه الكلية كانوا من هذه الفئة، وكان لسانه هو نفسه لسان حالهم، وجلّهم من الذين "لا سند لهم" في الكلية ولا في الشارع... لكنه، وهذه من ميزاته الإيجابية، كان من القلة بينهم الذين لا يعرفون الاستسلام ولا اليأس، حتى ولو كان الخصم المسيطر على الأوضاع داخل الكلية والمتسبب الأول والأساسي في سوء الأوضاع، هو تنظيم سياسي طويل عريض بقوة حركة "أمل"، وبحجمها وهيمنتها.

\"\"

من جملة ما اكتشفه الطالب الداخل حديثاً في نسيج الحياة الجامعية أن "حركة المحرومين- أمل"، هي المسيطرة على كل شاردة وواردة في كلية الإعلام والتوثيق- الفرع الأول (الجامعة اللبنانية)، وأعضاؤها هم "فوق الشبهات"، على الرغم من أن كل ما يثير الشبهة في الكلية، ويثير حنق الآخرين وغضبهم وحفيظتهم، لا يصدر إلا عن هؤلاء كما يؤكد الطلبة اللاحزبيون.

فـ"الحركة" هنا، بين جدران البناء الجامعي، تبدو وقد أضاعت البوصلة التي كانت لحركة المحرومين لحظة انطلاقتها على يد الإمام الصدر. فقد تحوّلت من المنحى التبشيري والإصلاحي الذي كان أساس انطلاقتها، إلى ميادين الهيمنة على مسارات الأمور الطلابية داخل هذا الفرع (من التسجيل في الكلية حتى النجاح في الامتحانات كيفما اتفق)، وعلى مسارات الأمور الإدارية أيضاً من حيث التوظيف والتكليف و"الاستفادة" (وبالطبع رغم أنف القانون وممثليه). هكذا تحوّلت الكلية التي كانت مكرّسة للتعليم الجامعي، إلى ... مركز حزبي تابع للحركة، أسوة بمراكزها الحزبية الأخرى المنتشرة في أنحاء العاصمة وضواحيها.

سياسة "وضع اليد" هذه لم تكن من باب المصادفة ولا ضرباً من ضروب العشوائية، بل كانت ثمرة "سابق تصوّر وتصميم"، لا سيما وأن "الحركة" دأبت على تحويل هذه الكلية إلى خلية سياسية ناشطة بأمرها، مستقدمة مطلع كل عام دراسي جديد عدداً جديداً من رموزها وكوادرها كطلاب يتابعون المهمة تحت غطاء متابعة الدراسة، فينشطون في طلي الجدران بشعاراتهم السياسية المستفزّة لكل الناس... وثمة طلابٌ في الجامعة ممن ينتمون إلى الفريق السياسي المهيمن عليها، تجد أسماءهم منقوشة على الجدران، تدليلاً على سطوع حضورهم ومبلغ فعاليتهم وتأثيرهم.

\"\"

"ر. خ" هو  واحد من هؤلاء "الفاعلين والمدعومين" حسب التعبير الشائع، وهو الذي ينفرد بلقب "عميد الكلية"، وهو اللقب الذي حازه بعدما مضى على وجوده هنا سبع سنوات، تنقل خلالها بين مختلف الفروع  الثلاثة، من التوثيق إلى العلاقات العامة فالإعلام، على أساس أنه "يتابع الدراسة كطالب مواظب"، في حين أنه كان يتسجّل في هذا الفرع أو ذاك لمجرد أن يبقى طالباً من عداد الطلاب، فيحق له الحضور داخل حرم الكلية، وبالتالي يكون بوسعه متابعة "مهامه" في تسجيل من يعتبره "مرغوباً فيه" وتعطيل تسجيل من يراه "غير مرغوب فيه"، وإنجاح من يريد أو من تريد له "الحركة" أن يكون طالباً في الكلية، أو أن ينجح في امتحان نهاية العام، أو أن ... يسقط !!

نعم، فهذا "العميد" أقوى من الواقع ومن القانون، لا بل إن رغبته هي القانون هنا، ومن لا يعجبه الأمر فـ"ليبلّط البحر"!!

"تبليط البحر" هو أحد أكثر التعابير استخداماً من قبل كوادر "أمل" في هذا الفرع من كلية الإعلام والتوثيق. فهم، وبكل بساطة، يرمون بهذه العبارة في وجه كل من يتجرّأ على انتقاد الشواذ أو الاعتراض على أمر ما. و"العميد" حاضر دائماً، ومستعدّ للتدخل واستخدام سلطاته "الغليظة" ضد كل من تسوّل له نفسه المطالبة بحق له من خارج إطار المنظومة التي وضعها "الشباب".

بعض الأوساط الطلابية، وعلى ذمة الراوين، تقول إن قيادة "أمل" تدفع تكاليف الـ"عميد" الدراسية لكي يبقى لها في الكلية "أعين ترى وآذان تسمع وألسن تنقل ما يدور ويحصل، حتى بين الطالب وزميله".

\"\"

أحد الطلاب في الكلية، فادي (اسم مستعار) قال لنا إن "العميد" المشار إليه هو "أقوى" من مدير الكلية، إذ إن "العميد" هو الذي "برسم مصائر الطلاب"، ويجد الوقت الكافي أيضاً للقيام بتحضيرات استقبال الطلاب الجدد ومساعدتهم في عملية التسجيل، أو لوضع العصي في عجلات تسجيل طلاب آخرين "لا يحبّذ دخولهم الجامعة... فهو يعرف كل الخبايا والزوايا، وما يدور في الخلد والوجدان"، و"عندما يتعثر الطالب في مادة أو يتشاجر مع الدكتور، يجد لدى "العميد" الحل الذي يرضيه إذا كان من الشلّة".

روى (اسم مستعار)، طالبة أخرى، وهي صبية شيعية تسكن في الضاحية الجنوبية ويمكن اعتبارها "معتدلة" سياسياً، بمعنى أنها غير منتمية إلى أي فريق. لكنها، ولأسباب أكاديمية بحتة تعبّر عن رفضها لبعض ما يحصل بحق بعض الطلاب لأنها كما تقول "مؤمنة بعدم جواز إدخال السياسة في التعليم". وعلى الرغم من كونها إبنة بيت شيعي عريق، إلا أن ابتعادها عن "الحركة" ورفضها حضور اجتماعاتهم جعلها "منبوذة" من قبلهم، وتتعرض لمضايقاتهم من وقت لآخر، ولا تفتأ تكرر قولها "لو رضختُ لهم لكنت تخرجت الآن، ولكن مصيري معلق إلى أن أستجدي رضا "الحركة"، ولن أفعل لأنني شيعية حرّة".

... وثمة قصٌص كثيرة من هذا النوع تتناقلها الألسن الطلابية، لأن كل من يداوم في هذه الكلية، وربما في مختلف كليات الجامعة اللبنانية، يحمل في جبينه قصته الخاصة، إذ لكل كلية ظرفها، ولكل فرع من يهيمن على مقدّراته ومصائر الطلاب فيه. وهذا عائد إلى تنامي قوى التجمعات السياسية والميليشياوية التي تسيطر على أجواء الكليات، مع تضاؤل قوى السلطات المركزية الرسمية. وما قيل عن تسلّط حركة "أمل"، يقال مثله وأكثر عن كليات غيرها وقوى مسيطرة أخرى.

\"\"

"أمراض شتى تفتك بالجامعة اللبنانية ولعل أفتكها "مراكز القوى".

يتلفت فراس يميناً وشمالاً قبل أن يكمل كلامه: "هذا هو الداء الذي نزل أخيراً بالكلية فأصبح كل طالب يتمسك بمقعده ليأتي بعد تخرجه بأخ له أو قريب أو حتى محازب... وكل ذلك من اجل الحفاظ على ديمومة السلطة. فكلما زاد عدد المناصرين من بين الطلاب، زاد الأمل بالإبقاء على السلطة بين أروقة الكلية".

ثلاثون مقعداً حازتها "حركة المحرومين" في انتخابات مجلس الطلاب التي جرت العام الماضي، يقول طالب آخر يفضل أن يدعو نفسه "سامر"، ثم يتابع: "وعلى الرغم من غياب أي منافسة حقيقية يومها، فقد احتفلت "امل" بفوزها "الساحق" بطريقة أقل ما يقال فيها إنها إستفزازية".

ولدى سؤاله عن الحليف الشيعي الآخر، أي "حزب الله"، يوضح سامر بأن الحزب انسحب قبل يوم واحد من اجراء الانتخابات بسبب خلاف نشب حول رئاسة مجلس الفرع، بعدما رفضت "الحركة" تسليمه الرئاسة مكتفية بالتخلي له عن عدد من المقاعد العشرة.

\"\"

هذا الخلاف داخل حزبيّ  الطائفة الواحدة ليس بجديد، إذ يتذكر سامر أنه وخلال عامه الدراسي الأول اعترض اعضاء "الحركة" على القرار الصادر من القيادة وبالتحالف مع "حزب الله". وقد "جنّ جنونهم" وكادت الأمور تودي  إلى عراك فعلي لولا الأوامر الصارمة بلملمة الموضوع. وهذا الالتزام الصارم بالأوامر التي "جاءت من فوق" يثبت أن كل التجاوزات التي يشهدها هذا الفرع من الجامعة الوطنية يمكن السيطرة عليه وقطع دابره لو شاء المسؤول "الذي فوق"....
والجدير ذكره أن "أمل" لم تخسر يوماً الانتخابات في هذه الكلية. فمنذ تسلمها زمام الأمور فيها  وهي تحصد الفوز تلو الآخر، "ومن يقف بوجهها عليه أن يتحمل العواقب" كما يقول أحد كوادرها متباهياً.

سليمان، وهو إسم مموّه اختاره طالب آخر، يقول إنه تعرض ذات يوم للضرب في حرم الجامعة وأمام الجميع، لكن أحداً لم يجرؤ على مناصرته ولا حتى على مؤازرته أمام الإدارة. ويقول طالب آخر شهد الحادثة، إن سليمان هذا تعرّض للاعتداء من قبل أحد أتباع "أمل" الذي بادر أولاً إلى استباحة مقعده عنوة ثم انتزع منه جريدة كان يتصفّحها (وهي جريدة معارضة لسياسة "الحركة"). وعند مطالبة صاحب الجريدة بما اعتبره حقه البديهي، انهال عليه "الحركي" بالضرب المبرح من دون مقدمات... وتحت ضغط التهديد والوعيد اضطر الشاب المعتدى عليه إلى اسقاط حقه والتستر على "البلطجي" الذي يتمتع "بدعم كبير". وعلى الرغم من الاستنكار الكبير في الأوساط الطلابية، إلا أن هذا "البلطجي" لم يبارح الجامعة وما برح يترفع من سنة إلى سنة، والجميع  يعرفه لكن أحداً لا يتجرّأ على انتقاده، خوفاً على حياته ومستقبله.

هذه عينة من الحالة السيئة التي يرزح تحتها الفرع الأول من كلية الإعلام والتوثيق في جامعتنا الوطنية. "تبدو الأمور هنا بمثابة نموذج مصغر عن الحال المرضية التي يعانيها المجتمع"، تقول الطالبة رانيا وتضيف أنها فقدت الأمل جرّاء تجاوزات "أمل"، وهي تستعد لترك هذه الكلية بشكل نهائي.. "فقد ضقت ذرعاً بالجو المشحون الذي يصنف الطالب حسب انتمائه السياسي، ولا أحد يردع هؤلاء أو يضعهم عند حدهم، فهم مدعومون، ودائماً "يتلطّون بنفوذ "الأستاذ"... ودولته بالطبع لا يوافقهم على سلوكياتهم "البلطجية" تلك... "ترى ألم تصله أخبارهم بعد؟!".

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,140,120

عدد الزوار: 6,936,538

المتواجدون الآن: 94