«حزب الله» يقاتل في سورية ... لماذا ؟ ومن أجل من؟

تاريخ الإضافة الخميس 6 حزيران 2013 - 7:05 ص    عدد الزيارات 785    التعليقات 0

        

 

 
«حزب الله» يقاتل في سورية ... لماذا ؟ ومن أجل من؟
الرأي...بيروت - من ريتا فرج
«حزب الله» يقاتل في سورية... من أجل مَن؟ تحت هذا العنوان نشرت «الراي» حلقتين قبل اسابيع واستطلعت شخصيات دينية لبنانية للوقوف عند رأيها في مسألة** شغلت الرأي العام العربي واللبناني وما زالت حتى اللحظة تشكل مادة للسجال السياسي والإعلامي.
الحلقتان السابقتان نُشرتا قبل الغارة الاسرائيلية على دمشق (5 مايو) وقبل أن يدلي الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بخطابين اعتبرهما بعض المعارضين السوريين بمثابة «إعلان الحرب».
يرى البعض أن ما قبل خطابيْ نصرالله ليس كما بعدهما خصوصاً بعدما أعلن الامين العام لـ«حزب الله» عن فتح المقاومة الشعبية في الجولان وعن استعداد النظام السوري تزويد «حزب الله» بأسلحة «كاسرة للتوازن» و«المعركة مع الوباء التكفيري».
ورغم ما تحمله مواقف نصرالله من عناوين بدت للبعض استقوائية، ورغم ما أثارته من ردود فعل لبنانية وعربية، بقي سؤال «الى أين يأخذ حزب الله لبنان وتحديداً الشيعة» حاضراً بقوة.
في الحلقة الثالثة ومن أجل الإضاءة على مزيد من الآراء حول هذا الملف الشائك أجرت «الراي» حواراً مع كل من الباحث والأكاديمي اللبناني وضاح شرارة والكاتب السياسي الوزير السابق عصام نعمان.
 
 وضاح شرارة: «حزب الله» يدعو لحرب دائمة بلا حدود أو معايير
رأى الباحث اللبناني وضاح شرارة أن انخراط «حزب الله» في معارك القصير «ليس عنصراً» مفاجئاً، معتبراً أن الحزب يندرج في «بنية ولاية ايرانية مذهبية عسكرية تؤدي فيها سورية دور السلطة الوسيطة جغرافياً وعسكرياً».
وأشار الى أن الخطاب الاخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله «يشن حرباً ليس على التكفيريين فحسب بل على توزيع النفط لأنه يقوي الدول المناهضة لايران وسورية».
وإذ شدد على البُعدين المذهبي والأهلي في وصْفه لما أسماه «المنظمات» العسكرية الداعمة للنظام السوري والممتدة من ايران مروراً بالعراق وصولاً الى لبنان، لفت الى «ان هذه المنظومة المثلثة تعمل ضمن منطق شيعي خالص وتدّعي أنها تخوض جهاداً دفاعياً عن الشيعة».
• الحزب يندرج في بنية ولاية إيرانية مذهبية عسكرية تؤدي فيها سورية دور السلطة الوسيطة
• القصير هي الملحق الأساسي والمفتاحي بين حمص وجبال العلويين وشمال لبنان
• إذا خسر النظام جبهات أساسية فسينكفئ إلى مناطق طائفية كدمشق والساحل
• القتال الهجومي غير جائز في زمن الغيبة والإمام المهدي وحده المخول أن يقرر إذا كان القتال عادلاً أو غير عادل
• «حزب الله» لا يدافع عن الشيعة والمقامات الدينية كما يدّعي ... فهو يقاتل في مناطق غير شيعية
• ما رأيكم في خطاب السيد نصر الله الأخير خصوصاً مقولته حول التصدي للتيار التكفيري باعتباره يسيطر على سورية ويهدد المنطقة؟
- لقد تدرّج «حزب الله» في تبريره التدخل الحاصل منذ أشهر في القصير من الاعتداء على الحرمات وانتهاك المقدسات مثل نبش قبر الصحابي حجر بن عدي الكندي وتهديد مقام السيدة زينب، الى تبريرات لها طابع استراتيجي - سياسي.
وهذا الانتقال على مستوى الخطاب بمثابة دعوة الى حرب دائمة لا حدود لها ولا معايير لشنّها ضد كيانات وأنظمة سياسية يعتبر أنها داعمة لما يسميه التيار التكفيري. يفترض السيد نصر الله والرئيس بشار الاسد والنظام الايراني أن كل ما يُضعف هذه التركيبة الإقليمية يستدعي الرد عليه ولكنه لا يتحدث في شكل مباشر عن النزاع بين جناح من السنّة وبين جناح من الشيعة، وهو يقول اننا مهدَّدون من دون أن يقول ذلك مباشرة إلاّ بتعريفه السياسي وغير الطائفي.
لا يمكن النظر الى الخطاب من زاوية واحدة فهو يعبّر عن قلق من المطالب العراقية للديموقراطية التي تضعف حكم نوري المالكي وبالتالي تضعف قبضة السيد علي خامنئي على العراق وايران وتضعف تمويل «حزب الله» بوجه اسرائيل.
هذا المنطق في الخطاب المستند الى السياسي والاستراتيجي أضعف من المنطق المذهبي. يستمد «حزب الله» قوّته من مجريات عدة، المال الايراني، الديكتاتورية الايرانية والعراقية والسورية، وكل ما يضعف هذه الديكتاتوريات يُضعف الحزب ويضعف مقاومته لاسرائيل خصوصاً أنه اختار أن يرسي هذه المقاومة على موارد لا يسمح بها إلاّ استبداد الأنظمة.
• كيف تفسرون دخول «حزب الله» في الصراع العسكري السوري لا سيما في منطقة القصير؟
- لا يوجد عنصر مفاجئ في انخراط «حزب الله» في الحرب السورية، لأن بنية الحزب في الأساس جزء من السياسة الايرانية تجاه المنطقة العربية وتجاه المسلمين. على مستوى التوجه السياسي العام أدت محورية المعركة مع اسرائيل والغرب لجهة التدريب والتسليح والعقيدة العسكرية الى بناء مسرح عسكري احتياطي قابل للاستخدام في كل مرحلة وفقاً للظروف.
وفي ضوء هذه الركائز التي بنيت تدريجياً منذ العام 1982 حتى 2006 استمر هذا الوضع ولكن بسياق مختلف. يندرج «حزب الله» في بنية ولاية ايرانية مذهبية عسكرية تؤدي فيها سورية دور السلطة الوسيطة جغرافياً وعسكرياً. ومنذ الأيام الأولى للحرب في سورية التي أصبح لها طابع أهلي، أعلن الايرانيون مساندتهم للنظام السوري، وهذا ما فعله «حزب الله» مع القليل من المراعاة للبنانيين. في العامين الماضيين رسمت الأوضاع العسكرية والسياسية والميدانية في سورية خريطة أهلية سياسية عسكرية، فهناك منطقة وسط حمص وريفها كانت في مطلع الانتفاضة مركز الثقل العسكري، وهي منطقة مختلطة طائفياً، علوية شيعية سنية، والى الغرب هناك جبل العلويين وهو يمتدّ طائفياً الى شمال لبنان وهناك الدائرة حول البقاع أي شمال العاصي ومشاريع القاع وحوض العاصي وهذا ما يجعل القصير محوراً أساسياً في المعارك.
القصير هي الملحق الأساسي والمفتاحي بين حمص وجبل العلويين وشمال لبنان. وهذا الترابط الجغرافي - الديني يشكل احتياطاً للنظام في حال أُجبر الجيش السوري النظامي على التخلي عن مناطق يخوض فيها معارك غير متكافئة خصوصاً داخل حلب وريفها وجوارها ودير الزور والقامشلي.
إذا خسر النظام جبهات أساسية سينكفئ الى مناطق طائفية كدمشق وجبل العلويين والساحل وهذا الشريط لا ينفصل عن طرابلس ليس بسبب وجود العلويين هناك بل لأنه مرتكز تهديد للسنّة اللبنانيين، ويدخل في هذا الشريط بعلبك والهرمل ما يؤدي الى تشكيل حقل لبناني - سوري - شيعي متماسك.
• ماذا يعني انخراط «حزب الله» عسكرياً في معركة الدفاع عن النظام السوري؟
- بعد العام 2006 نشأ ميزان اقليمي قائم على علاقات أهلية كيانية اقليمية. هذا الميزان عبّرت عنه الصورة الشهيرة التي جمعت الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد والسيد حسن نصر الله باعتباره القرينة الماثلة على السلطة الأهلية.
هذا الثالوث الايراني - السوري - الحزب إلهي وُجد له ما يماثله في العراق حيث انضمّ الى المثلث جماعة واثق البطاط الأمين العام لـ«حزب الله» العراقي وزعيم عصائب أهل الحق في العراق، وهذه الجماعة انشقت عن جيش المهدي وهي تابعة مباشرة لطهران.
هذه الركائز المشار اليها عبارة عن منظمات أهلية عسكرية وهي تتسع وتتقلص في الوقت نفسه، من جهة امتدّت الى العراق بعد استمالة نوري المالكي العام 2009 وخسرت «حماس» إثر خروجها من هذا الثالوث.
إن موضوع توطيد العلاقات الاهلية بصفتها الطائفية، يستدعي ابراز هذه الجبهات على أنها سلسلة متصلة الحلقات. الحلقة الأولى في سورية والحلقة الثانية في ايران والحلقة الثالثة في لبنان والرابعة في العراق رغم عدم ظهور الارتباط المباشر مع الحلقات الأخرى.
• يؤكد «حزب الله» أنه يدافع عن الشيعة في القرى الحدودية السورية وقد قال إنه يقوم بمهمات جهادية. ما رأيكم؟
- طوال تاريخه لم يستخدم «حزب الله» يافطة أخرى خارج مفهوم الجهاد، وهو في معاركه داخل سورية يقول ما لا تستطيع قوله الدولة في سورية كي لا تُتهم بالمذهبية، وهذا المفهوم الجهادي تخوض على أساسه ايران معارك دفاعها عن النظام السوري لكنها هي أيضاً لا تعلن عنه في شكل مباشر رغم أن دستورها ينص على أن مذهب الدولة هو الإمامية الجعفرية.
هذه المنظومة المثلثة تعمل ضمن منطق شيعي خالص وتدّعي أنها تخوض جهاداً دفاعياً عن الشيعة، علماً أن مسألة الجهاد الهجومي عن أرض الشيعة لا تجوز مع غيبة الإمام المهدي. وفي العام 1983 حين استعاد الايرانيون الأراضي التي سيطر عليها صدام حسين أثير آنذاك نقاش فقهي أساسي بين العلماء الشيعة الكبار في قم وكان بين هؤلاء العلماء السيد حسن القمي الذي قال إن القتال الهجومي غير جائز في زمن الغيبة والإمام المهدي وحده المخوّل أن يقرر إذا كان القتال عادلاً أو غير عادل.
«حزب الله» لا يدافع عن الشيعة والمقامات الدينية كما يدّعي، فهو يقاتل في مناطق غير شيعية كوادي الضيف والحامدية. ثمة حرص من الحزب على إبراز الجانب المذهبي وهذا ما تفعله أيضاً جماعة واثق البطاط التي تقاتل الاكراد السوريين بحجة الدفاع عن أكراد شيعة داخل القامشلي ودير الزور.
عصام نعمان: سورية جسر الإمداد للمقاومة ومن الطبيعي أن يقوم حزب الله بدعمها
أكد الكاتب السياسي عصام نعمان أن «من الطبيعي» دفاع «حزب الله» عن النظام السوري بسبب «التحالف الاستراتيجي» بين الطرفين، لافتاً الى عدم وجود «مصلحة» لدى الحزب في جرّ لبنان الى الأزمة السورية، ومشيراً الى أن خطاب السيد حسن نصر الله الأخير يأتي في سياق المخاوف من تفكيك المنطقة وتأجيج الصراع السني الشيعي وسيطرة التيار التكفيري.
واعتبر أن الجمهور الشيعي على استعداد «لتحمل جميع النتائج والتداعيات» المترتبة على دعم «حزب الله» للنظام السوري، مشدداً على أن «المقاومة» تتعامل مع «الضرورات الاستراتيجية وليس المصالح المذهبية الضيقة».
• الحزب مصمم على دعم النظام السوري بمواجهة القوى التكفيرية كي لا يجد نفسه يقاومها في عقر داره
• إذا كانت سورية معرضة لخطر استراتيجي فـ «حزب الله» ملزم في تقديم الدعم لها
• سورية و«حزب الله» في وضع يمكنهما من خوض حرب ناجحة ضد إسرائيل وهما قادران على دحرها
• الصراع بين الفكر السلفي المتشدّد والنظام العلماني وليس صراعاً مع الإسلاميين الجهاديين الشيعة
• «حزب الله» تنظيم مقاوم وحساباته في هذا المجال تمليها الوقائع والضرورات الاستراتيجية وليس العواطف
• ركز السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير على التيار التكفيري في سورية. لماذا في رأيك تدرّج الخطاب من طابعه الديني الى التحذير من مخاطر التكفيريين؟
- بعد توالي الضربات الجوية الاسرائيلية على مواقع سوريّة بدعوى توريد أسلحة كاسرة للتوازن الى «حزب الله» من جهة وتعاظم وتيرة القتال الذي تقوم به «جبهة النصرة» في منطقة القصير السورية وامتداده الى قرى لبنانية في البقاع الشمالي من جهة أخرى، فسر «حزب الله» هذين التطورين على أنهما محاولة مكشوفة من اسرائيل لاستغلال الأزمة السورية للنيل من المقاومة اللبنانية بصورة مباشرة. اعتبر «حزب الله» ان مشاركة «جبهة النصرة» وغيرها من القوى الاسلامية المتطرفة في المعارك العسكرية الجارية في سورية، تصب من حيث يدري هؤلاء أو لا يدرون في خدمة المخطط الاسرائيلي. بعض هذه القوى المتطرفة كانت تحاول الإساءة الى مقامات دينية في سورية لها اعتبارها الكبير عند الشيعة، وكل ذلك زاد من تصميم الحزب على دعم النظام السوري في مواجهة هذه القوى المعادية كي لا يأتي يوم يجد نفسه فيه يقاومها وقد أصبحت في عقر داره.
يرى كثيرون أن ثمة هجمة أميركية - صهيونية على المنطقة برمّتها تهدف الى تفكيك المجتمعات التعددية القائمة فيها، وأن هذه الهجمة تطاول لبنان وسورية والعراق، وقد تمتد الى أقطار عربية أخرى. في لبنان تمظهرت هذه الهجمة في أشكال عدة محورها الرئيسي محاولة الايقاع بين السنّة والشيعة، وهذا الأمر سابق لاندلاع الحرب في سورية في العام 2011 ولاحق له، وتالياً «حزب الله» وغيره من التنظيمات الوطنية والاسلامية بما في ذلك تنظيمات سنية وطنية كانت تتصدى دائماً لمحاولات تفجير فتنة مذهبية بين اللبنانيين. ولا شك في أن مشاركة «جبهة النصرة» في العمليات المسلحة في سورية أواخر 2011 زادت المسألة تعقيداً في لبنان والعراق ما ادى الى زيادة أنشطة الحزب وغيره من القوى التي ترى في «جبهة النصرة» عدواً قوياً.
• بعد دخول «حزب الله» في المعارك السورية لا سيما في منطقة القصير. هل سيتصاعد مستوى التدخل العسكري للحزب كلما طال أمد الأزمة السورية؟
- ما حصل أن هناك عدة قرى داخل الأراضي السورية يسكنها لبنانيون ويزيد عدد سكانها عن ثلاثين ألفاً، وبين هؤلاء يوجد أنصار لـ«حزب الله» وربما مقاتلون في صفوفه. ومن المحتمل جداً أن يكون داخل القرى مواقع ومخازن أسلحة للحزب يقوم هؤلاء الأنصار بحمايتها. وأعتقد أن «حزب الله» قد تحسّب لقيام القوى المسلحة المعارضة بتوسيع نطاق عملياتها ضد حلفاء النظام وقواعده داخل الاراضي اللبنانية في منطقة الهرمل تحديداً.
هناك تحالف استراتيجي بين «حزب الله» وسورية التي تعتبر جسر الامداد اللوجستي للمقاومة ومن الطبيعي أن يقوم الحزب بدعمها إذا اقتضت الحاجات الدفاعية للاثنين. الجيش السوري ومن خلال عملياته الاخيرة ضدّ المعارضة السورية يتقدّم على نحو لا يشير الى أنه سيكون بحاجة الى قوة مساندة من حلفائه. في كل تهديد استراتيجي لسورية تكون ايران و «حزب الله» محكوم عليهما بأن يساندا النظام، وإذا كانت سورية معرضة لخطر استراتيجي يكون الحزب ملزماً بتقديم الدعم.
• أشار الأمين العام لـ «حزب الله» في احد خطاباته الى أن سورية ستزوّد الحزب بأسلحة نوعية وهذا الكلام أتى بعد الغارة الاسرائيلية على دمشق. كيف تقرأون هذه النقطة؟
- يملك «حزب الله» أسلحة نوعية كالاسلحة المضادة للدروع والأسلحة المضادة الطائرات الحربية. وفي العادة الدول والمنظمات العسكرية لا تتحدث عمّا تملكه من قدرات الا بعد حيازتها. أما لماذا قال السيد نصرالله ما قاله في شأن الاسلحة الكاسرة للتوازن، فكي يؤكد أن أي غارة إسرائيلية في المستقبل على سورية ستجري مقاومتها من النظام و «حزب الله» الذي أعلن أنه سيشارك في المقاومة الشعبية في الجولان ضد العدو الصهيوني.
• هل يمكن أن تذهب سورية و «حزب الله» الى خيار الحرب مع اسرائيل من أجل الخروج من المأزق الداخلي؟
- ما ترمي اليه سورية و «حزب الله» هو الردّ على اسرائيل إذا كررت التجربة مرة أخرى. أصبح محكوماً على سورية وعلى الحزب أن يردا وهما جديان في هذا المجال. الردّ سيكون محسوباً وقد لا يستدعي رداً مقابلاً. لقد نشر الجنرال عاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً تقريراً مفصلاً يقول فيه: «إن سورية ستقوم برد محسوب بحيث تستطيع أن تتحمله اسرائيل»، وكأنه يخاطب سورية وإسرائيل في آن معاً. صحيح أن سورية أصبحت مضطرة للرد حفاظاً على ماء الوجه لكن هذا لا يقتضي أن تقوم اسرائيل بمجازفة أخرى بأكثر ما تقتضيه الضربة السورية، ولذلك ستبقى الأمور في دائرة الضبط ولن تصل الى الحرب. أما إذا تطورت الأمور على نحو أدت الى حرب، وهذا أستبعده، أعتقد ان سورية و«حزب الله» في وضع يمكنهما من خوض حرب ناجحة ضد اسرائيل، وهما قادران على دحرها ورد العدوان كما حصل العام 2006. «حزب الله» يملك من القدرات الصاروخية المؤثرة ما يمكّنه من قصف منطقة غوش دان وهي عبارة عن سهل ساحلي يمتدّ من حيفا الى يافا أي الى تل أبيب. في هذه المنطقة يوجد ثلث اسرائيل عمراناً وسكاناً وصناعة، ويمكنه أن يلحق أضراراً بالغة الشدة ولهذا السبب لن تشنّ اسرائيل الحرب على «حزب الله» لأنها تدرك تداعياتها.
• يرى البعض أن «حزب الله» بدعمه للنظام السوري يريد جر لبنان الى الأزمة السورية. ما رأيك؟
- لا مصلحة لـ«حزب» الله بذلك، وخصوصاً بعدما تمكن الجيش السوري من فتح الطريق من درعا الى حلب ومن حمص الى اللاذقية.
• كيف تقرأ مواقف المعارضة السورية في شأن دخول «حزب الله» الى القصير؟
- المعارضة السورية لها مصلحة في ايجاد ميزان قوى في الداخل السوري كي يتعزز مركزها التفاوضي في حال حدوث حوار أو مفاوضات مع النظام. لقد واكب دخول «حزب الله» الى القرى السورية في منطقة القصير تقدم للجيش السوري في مختلف الجبهات، سواء في درعا أو ريف دمشق وريف حمص أو في حلب ذاتها وريفها. كل هذه الأمور تشير الى عدم تمكن المعارضة السياسية وأذرعتها المسلحة من تأمين ميزان القوى لمصلحتها ما ينعكس عليها سلبياً في حال قيام مفاوضات بين الطرفين، السوري الرسمي والسوري المعارض.
• ألا تعتقد أن دخول «حزب الله» في الصراع العسكري السوري أدخل شيعة لبنان في منحى خطير؟
- «حزب الله» تنظيم مقاوم، وحساباته في هذا المجال تمليها الوقائع والضرورات الاستراتيجية وليس العواطف والمصالح المذهبية الضيقة. صحيح أن القسم الاعظم من قوات الحزب تأتي من الوسط الشيعي اللبناني، لكن نهجه المقاوم لا يستند الى اعتبارات مذهبية. لذلك هو كما أنصاره مستعدّون على ما يبدو لتحمل جميع النتائج والتداعيات. وحتى لو كان هناك تململ فهذا الافتراض يضعه «حزب الله» في حسبانه ويقرر سياسته على هذا الاساس.
• ألم يقع «حزب الله» في المستنقع السوري خصوصاً بعدما تحولت سورية الى موطئ للجهاديين السنّة والشيعة؟
- يقدّم «حزب الله» الحاجات والضرورات والاهداف الاستراتيجية على العصبيات، عدا عن أن سورية لم تتحول الى أرض للصراع بين الاسلاميين الجهاديين بل الى صراع بين الارهابيين والنظام السوري. هناك جهاديون سلفيون من تيارات وفصائل مختلفة يقاتلون النظام السوري وهم يصفونه بأنه نظام علماني كافر، لذا الصراع بين الفكر السلفي المتشدد والنظام السوري العلماني وليس صراعاً مع الاسلاميين الجهاديين الشيعة.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,507,017

عدد الزوار: 6,993,875

المتواجدون الآن: 54