قصة «الإسلام السياسي الشيعي» في البحرين.. أحداث 14 فبراير.. حكاية بحرينية ولكن ليس تماما

تاريخ الإضافة السبت 5 تشرين الثاني 2011 - 4:41 ص    عدد الزيارات 861    التعليقات 0

        

 

قصة «الإسلام السياسي الشيعي» في البحرين.. أحداث 14 فبراير.. حكاية بحرينية ولكن ليس تماما
المنامة: محمد جزائري
منذ وصولك لمطار البحرين الدولي ستجد أحاديث جانبية تعبر أذنيك هنا وهناك، في مواقف سيارات الأجرة، المقاهي، وحتى البقالات. الجميع هنا يتحدث عن حلقة «الاتجاه المعاكس» التي بثتها قناة «الجزيرة»، وكانت تجمع سميرة رجب عضو مجلس الشورى البحريني وخليل مرزوق أمين عام حزب الوفاق المعارض، وهما على طرفي نقيض بالطبع.
يقول «العم أبو راشد» سائق التاكسي «الأوضاع مربكة للجميع، إلا أنه لا بد من تجاوزها بالعقل والهدوء. ابنتي متزوجة من شاب سنّي من عائلة كريمة، كنت أخشى أن تؤثر الأحداث على علاقاتنا العائلية، ولكننا تجاوزناها بالصبر، فالعلاقات الأسرية يجب أن لا تكون أرضا للخلافات السياسية».
العم أبو راشد قصة بحرينية من التعايش بامتياز، وربما يكون رأيه مناسبا لتشكيل مدخل مناسب لقراءة الأحداث البحرينية بعيدا عن شقها الطائفي اجتماعيا، والتركيز على شقها الرئيسي، والمتمثل في الجانب السياسي. ومن ثم محاولة فهم هذا الحراك الصاخب بأدوات سياسية لا علاقة لها بالحس المذهبي والطائفي.
فكيف بدأت قصة «الإسلام السياسي الشيعي» في البحرين، هذه الجزيرة التي تسترخي في خاصرة الخليج العربي؟ يجيب عن هذا السؤال الباحث الأميركي من أصول إيرانية ولي نصر في كتابه «صحوة الشيعة» قائلا «استقدم الصفويون علماء دين شيعة من جبل عامل في لبنان، ومن منطقة القطيف في شبه الجزيرة العربية ومن البحرين، تلك المناطق الخلفية المنعزلة من العالم الإسلامي، لإقامة مراكز جديدة للتعليم الشيعي». واستمر هذا التواصل المذهبي في شكله التنظيمي مع إيران حتى وقتنا الحاضر.
في عام 1999 قرر حاكم البلاد الجديد في حينه، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، اتخاذ نهج هيكلي وتنظيمي جديد في إدارة البلاد، قائم على الانفتاح على صعيد النظام السياسي، واتخذ جملة قرارات، أهمها إجراء انتخابات تعطي المواطنين صوتا في حكم البلاد. فضلا عن فتح أبواب البحرين للمعارضين في الخارج بمن فيهم أبناء الطائفة الشيعية بالطبع، حتى إنه حمّل بعض المعارضين من أبناء الطائفة الشيعية حقائب وزارية، مثل الدكتور مجيد العلوي المعارض في الخارج لما يقرب من 25 عاما، الذي تسلم حقيبة وزارة العمل.
ونستحضر في هذا الجزء تعليقا آخر للمؤرخ ولي نصر في ذات الكتاب، الذي يشير إلى أن « الكثير من البحرينيين قاطعوا انتخابات 2002، لا سيما الشباب الشيعي المتململ ونشطاء الشيعة المفتونين بالثورة الإيرانية كحركة (الوفاق) و(الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» (...) وهكذا حين وقعت أحداث حرب الخليج الثانية، كانت البحرين تعيش سلفا حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار. كان الشباب الشيعي أشبه ما يكون بشباب مدينة الصدر. ما كان ينقصه هو وجود (مقتدى صدر) بحريني. كانت الحوانيت والمنازل تزدان بصورة آية الله خامنئي الإيراني وآية الله محمد حسين فضل الله اللبناني».
ويزيد نصر كمقياس لمدى تتبع شيعة البحرين لخطى العراق «الحمية الثورية بدأت تخلي مكانها للوعد الديمقراطي، بعدما أخذ السيستاني يدعو إلى (صوت واحد للناخب الواحد) وفاز الشيعة بانتخابات 2005 في العراق. وتأثرت جماهير البحرين إلى حد بعيد بالمثال العراقي وشرعت تطالب بالديمقراطية التي تعني نقل السلطة إلى الشيعة وليس إلى (مجلس أعيان) فحسب، لإضفاء الشرعية على الملكية السنية». ونتج عند هذا التغير الحركي في سياسة الأحزاب الشيعية فوز جمعية الوفاق البحرينية بـ18 مقعدا في الانتخابات البحرينية عام 2008.
هذه الاضطرابات الطائفية في البحرين من وقت لآخر، كانت تلقي بظلالها على دول الجوار الخليجي بالطبع، ومن نافلة القول إنه كانت هناك آراء سنية متطرفة تذكي هذه الطائفية، من وقت لآخر، خصوصا من خلال العراق سواء في دعم صدام حسين في حربه مع إيران، أو بعد سقوطه وبداية سيطرة مقاليد إدارة العراق من قبل الإسلام السياسي الشيعي.
محاولة الجمعيات المعارضة في البحرين استلهام التجربة العراقية التي منحت التيار الشيعي السيطرة على مقاليد الأمور السياسية، لها ملمح بارز آخر تمثل في بيان هذه الجمعيات وهو الطلب بـ«اعتماد نظام انتخابي يحقق التمثيل العادل لكل مكونات الشعب المجتمعية والسياسية». وهو ما يعرف في علم التوصيف السياسي بـ«المحاصصة السياسية». وهو النظام الذي أقره الاحتلال الأميركي للعراقي من خلال بريمر.
الجمعيات البحرينية ذات الرؤى المعارضة، تجدها تقدم نموذجا آخر من التناغم السياسي في شقه الخارجي مع السياسة الإيرانية تجاه المنطقة، لتشكل معها «جديلة سياسية» مترابطة في كل المواقف تجاه حركات الاحتجاجات الشعبية التي عمت المنطقة العربية، بما فيها المواقف المتناقضة بالطبع، وهي موضع النقاش.
فالخارجية الإيرانية، باركت الاحتجاجات الشعبية في كل الدول المعادية لمشروعها التوسعي كنفوذ، فضلا عن البحرين التي تبنت دعمها السياسي بشكل لافت، غير أنها وقفت مع النظام السوري القمعي الذي يمارس تقتيلا منظما للشعب السوري، بل بحسب معلومات استخباراتية منشورة في وسائل الإعلام الدولية، فإن إيران تقوم بدعم النظام السوري لوجيستيا بالمال والسلاح والرجال.
فكيف كان موقف الجمعيات البحرينية المعارضة من هذا الحراك؟ بما أن المساحة لا تكفي لاستعراض كل مؤشرات هذه التناغم السياسي، سنورد نموذجا جليا، يتمثل في بيان «التجمع الوطني الديمقراطي» في معرض تعليقه على قرار الحكومة السعودية استدعاء سفيرها من دمشق، وخطاب الملك عبد الله الداعي لوقف فوري لما يواجهه الشعب السوري من التقتيل اليومي.
وجا في بيان التجمع «تابع المكتب السياسي بقلق بالغ المؤامرة العربية - الأميركية - الصهيونية ضد سوريا بسبب مواقفها الممانعة للهيمنة الأميركية - الصهيونية في المنطقة، ودعمها للمقاومة العربية في لبنان وفلسطين، لذلك تأتي هذه التصريحات للملك عبد الله آل سعود ملك المملكة العربية السعودية في هذا السياق التآمري ضد سوريا».
ويشيد التجمع بالإصلاحات السياسية في سوريا والمتمثلة بقانون الأحزاب وقانون الإعلام وقانون الانتخابات العامة (...) عشتم وعاشت سوريا قلعة للصمود والتحدي».
وعلى ذات النسق، ففي حين تقود الخارجية الإيرانية سياسة التقارب مع جماعات «الإخوان المسلمين» في الدول التي سقطت أنظمتها، وبدأ فيها صعود نجم «الإخوان المسلمين»، نجد علي سلمان رئيس تجمع الوفاق البحريني، يبدأ برحلة إلى مصر لزيارة مرشد «الإخوان المسلمين» هناك مرتديا البدلة المدنية، متخليا عن عمامته وزيه الديني، الذي لا يتخلى عنه عند زيارة العراق.
وفي ذات السياق الشرحي التاريخي، يضيف الشيخ الشيعي البحريني محسن آل عصفور في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تأثر الكثير من طلاب العلوم الدينية البحرينيين الذين التحقوا بالنجف وكربلاء بالتيارات والحركات السياسية التي نشأت هناك مع بداية تقلد حزب البعث العراقي للحكم. وخصوصا تياري حزب الدعوة وحزب العمل الإسلامي، وتمكن هذان الحزبان من استقطاب الكثير من الشباب البحرينيين والسعوديين من أبناء المنطقة الشرقية والكويتيين، وتدجينهم آيديولوجيا».
ويضيف «حرص هذان التياران على استقطاب شباب الشيعة الخليجيين في البداية لتحصيل الدعم المالي. ومن ثم بعد انتشار أفكار هذين الحزبين، قاموا بتأسيس فروع لهم في دول الخليج ومن ضمنها البحرين. وتقوم دعواهم السياسية على إسقاط الأنظمة وتأسيس جمهورية إسلامية، وهذا ما يفسر القلاقل السياسية التي تحدث في البحرين كل عشر سنوات منذ أربعين عاما، وهو عمر هاتين الحركتين. مع الوقت تم استدراج إيران لتدخل على خط دعم هذه الأجندات، والتغلغل في وكالات الأنباء الأجنبية».
ويزيد آل عصفور «جزء كبير من تهييج وحراك الشارع البحريني كان بفعل الحشد الإعلامي الذي تولته وسائل الإعلام الإيرانية والعراقية واللبنانية التابعة لحزب الله. وخصوصا الإيراني الذي ألقى بثقله لتأزيم الوضع في البحرين وتأجيجه تجاه كل دول الخليج، وكان أقرب للمهزلة الطريقة التي تفبرك بها الأخبار عن البحرين، فهناك أشخاص تمت قراءة الفاتحة على أرواحهم في مجلس الشورى الإيراني القديم، وهم أحياء يرزقون بيننا.. هذا النوع من الأكاذيب والشائعات كنت أسمعه شخصيا على منابر الجمعة من قبل المعممين والتي تتحدث عن قطع الألسن والاغتصابات لشخصيات معينة وبالاسم.. وعند تأكدي شخصيا من الحادثة لا أجد أي شيء مما يروج له».
غير أن الدكتورة والناشطة السياسية منيرة فخرو التي نزلت للدوار داعمة للاحتجاجات الشعبية ترى أن «الإعلام البحريني المحلي، ساهم بدوره في تأزيم الوضع في الشارع تجاه الشيعة. باستخدامه لغة طائفية وتوجيهه للشتائم والتهم، فضلا عن استجداء الخطاب الديني السني في مواجهة الخطاب الشيعي، مما أدى بالضرورة إلى هذا التصادم».
ولكن ماذا عن المطالب الإصلاحية التي تتبناها الجمعيات البحرينية المعارضة والشيعية تحديدا كونها هي التي تقود الشارع، يواصل آل عصفور قوله «الذين يتحدثون عن تمثيلهم للمطالب الشعبية، عند وصولهم للبرلمان أول ما بحثوا عنه تحقيق مصالحهم الشخصية، فلمدة 4 أشهر استمرت التجاذبات حول الميزات التي يجب أن تمنح لعضو البرلمان من سيارة ومنزل ونظام تقاعدي إلخ، وهذه مهزلة تاريخية في حق المعارضة».
ويزيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «من يطالبون بإلغاء البرلمان والدستور، لا يحملون أجندات وطنية للأسف، بل أجندات خارجية وأجنبية عن المصالح البحرينية. ولم تقدم للشارع البحريني إلا زيادة الشحن الطائفي الذي لم يكن موجودا قبل أربعين عاما وهو عمر دخول هذه الحركات للبحرين».
ويضيف «هذا لا يلغي بالطبع أن هناك مطالب إصلاحية، ولكن حلها يكون عبر الحياة السياسية البحرينية وقنواتها، وعن طريق دعم الخطوات الحقيقية لرفاهية المواطن ودعم المشاريع التنموية المعنية بالدرجة الأولى بتوفير الحياة الكريمة للمواطن البحريني دون تمييز. للأسف هؤلاء لا يملكون مشروعا سياسيا بديلا لما يريدون أن يهدموه».
غير أنه بالعودة مرة أخرى للدكتورة فخرو، تؤكد في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ليس صحيحا أن المعارضة لا تملك مشروعا سياسيا بديلا وواضحا. ولا بد أن نعيد المطالب لجذورها، فالجميع أشاد وهلل بقرار الميثاق الوطني وعودة الحياة البرلمانية للبحرين، ولكن اكتشفنا في عام 2002 أن مجلس الشورى أصبح يشرع بدل أن يستشار فقط، وهنا بداية المشكلة، فيما المجلس المنتخب تم تحويله إلى أربعين دائرة كل واحدة أصغر من الأخرى، بمعنى التحول من دائرة تحوي 16 ألفا إلى 700 شخص، فكانت الدوائر في الشمال حيث يقطن أبناء الطائفة الشيعية تساوي ست دوائر في الجنوب. وأصبح المجلسان في قبضة الحكومة».
وتزيد فخرو «هناك عجز حتى عن حل القضايا الحياتية البسيطة من مشاريع توظيف وإسكان وغيرها، فضلا عن قضية التجنيس السياسي. ومشروعنا السياسي ببساطة يقوم على العودة إلى دستور 1972 الذي تم حله في عام 1975 ورغم أنه تكون من خلال هيئة دستورية في ذلك الوقت، وهو مشابه للدستور الكويتي، وتصبح السلطة بين الحكومة والشعب، لذلك نريد انتخاب هيئة دستورية جديدة مكونة من خبراء محليين وعالميين لإقرار دستور جديد مشترك من الدستورين، وهذا ليس مطلبا هلاميا أو شعاراتيا بل مشروع له أدبياته القائمة والمتراكمة».
وعلى نفس النسق تضيف «ولكن يجب ألا نتجاهل في ذات الوقت أن هناك تيارات معارضة شيعية متطرفة، وبرز بعضها في أحداث البحرين في الشارع حين نادى بجمهورية إسلامية. ولكن السؤال لماذا يبرز الإعلام المحلي هذه الأصوات على حساب الأصوات المعتدلة أيضا في الشارع البحريني. أنا ضد الجمهورية الإسلامية، وأؤكد انتماء البحرين لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وأهمية بقاء وتعزيز هذا الانتماء. ومن العدل أيضا التأكيد على أن هناك خطوات إصلاحية تعيشها البحرين من عشر سنوات في ما تشهده من ازدهار للحريات الإعلامية والسياسية للأحزاب، وهذا واقع حقيقي وملموس، ولكنه ليس كافيا».
الدكتور باقر النجار، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة البحرين، يقدم رؤية أوسع لطبيعة الحراك البحريني ويقول «مطلب الملكية الدستورية في البحرين، هو مطلب يمثل حالة ثقافية واجتماعية قبل أن تكون سياسية، ويجب أن نعي أنه تحول بدأته الحكومة بإقرار الميثاق الوطني، ولكن هذا التحول لن يتم على المدى الزمني البسيط. ولكنه يأتي عبر التحول أولا في القيم الاجتماعية والثقافية الحاكمة لسلوك الفرد، كما هو الحال لسلوك الجماعات السياسية المختلفة».
ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في مجتمعاتنا المحلية يشعر الفرد فيها بانتمائه لأطره التقليدية المكونة من العائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة، أكثر من انتماءاته الوطنية العامة. ولذلك نحن لا نستطيع الوصول إلى هذا النموذج إذا ما بقيت الأحزاب والجماعات السياسية محكومة بهذه الأطر التقليدية في الانتماءات، عنها للأطر السياسية الجامعة والوطنية. وكنتيجة طبيعية لهذه الحالة تبقى بعض هذه المطالب أقرب إلى (اليوتوبيا) منها إلى الواقعية السياسية».
ويزيد «كان من المفترض على القوى السياسية المهمة في الساحة البحرينية مثل الوفاق، أن تعقلن مثل هذه الأطروحات، وأن تقود الشارع بواقعية سياسية، وهو ما لم تكن موفقة في تحقيقه».
وحول مدى تأثر الحراك السياسي البحريني بأجندات خارجية وتحديدا إيران، ينبه النجار إلى أن إيران تعمل سياسيا على مستوى ثلاث دوائر متداخلة تتمثل أولها في «استخدام الخطاب الشيعي الموجه إلى شيعة الخليج أو لبنان كأحد مداخل الحضور والتأثير في مجمل القرارات الداخلية والإقليمية في المنطقة، ونتيجة لذلك، ارتبطت جماعات الإسلام السياسي الشيعي في لبنان والعراق والخليج بإيران. بل إن إيران تصرح بين فينة وأخرى أنها قادرة على توظيف هذا الحضور في حالة تصادمها مع قوى إقليمية أخرى، وكمحصلة منطقية لهذا السياق، تتطابق أجندات ومصالح فصائل من قوى الإسلام السياسي الشيعي وليس الكل بطبيعة الحال مع الأجندة الإيرانية في المنطقة».
أما الدائرة الثانية فيراها «المدخل الإسلامي بصورته الأكبر، وهي لذلك تمتلك علاقات مميزة مع الكثير من القوى السياسية السنية في المنطقة من المغرب العربي إلى اليمن وربما الخليج. وهي منفتحة على حركات (الإخوان المسلمين) وخصوصا في مصر، وبعض هذه القوى ترى في إيران داعما مهما في مواجهة أنظمتها الداخلية ومواجهة الهيمنة الغربية».
ويصف النجار، الدائرة الثالثة بتقاطع الخطاب الإيراني مع «القوى اليسارية والقومية في المنطقة، الرافضة لتنامي الحضور الغربي، وتجد في المواقف الإيرانية دعامة مهمة، وهو قطاع واسع عرف بما يسمى بقوى الممانعة».
ولكن أين المخرج الملائم للأزمة التي تعيشها البحرين، ترى فخرو «الحل في مطلب ولي العهد لطرح كل شيء على طاولة الحوار والمفاوضات، والاتكاء على التاريخ السياسي العريق لدولة البحرين، التي تعيش حالة من الحراك على المستوى المدني المؤثر من مائة عام وهو عمر النقابات العمالية. واختصار الوقت لحسم هذه النزاعات حتى لا يتأثر الاقتصاد البحريني أكثر من ذلك، ما سيدفع بهروب الأموال من البحرين إلى دول مجاورة لا تعيش هذا الوضع الداخلي المرتبك. وترك الأمور معلقة سيزيد الاحتقان الطائفي سوءا بكل تأكيد».
غير أن النجار على نفس نسقه الأكاديمي يرى مخرجا أكثر إلحاحا من المخرج السياسي «الذي حدث في الـ14 من فبراير (شباط) أفرز حالة من التخندق المذهبي الطائفي الخطير. وإذا لم يتم ضبطه وكبح نوازعه التي تخرج من قبل الطرفين، فالجميع في البحرين سيقبل على مأساة حقيقية».
ويضيف هناك تجارب عالمية مهمة يمكن استلهام دروسها القائمة على أسس الاندماج الاجتماعي بين القطاعات المجتمعية الدينية والعرقية والسياسية المختلفة، مثل التجربة البلجيكية والبولندية والآيرلندية، وحتى التجربة الهندية والماليزية».
ويفسر النجار أهميتها «تتكون هذه الدول من خليط عرقي وديني، جعلها تعايش في فترات حياتها السياسية قدرا كبيرا من الصراعات الدينية والإثنية، وهذه الدول تبنت مجموعة من المداخل الاجتماعية وليس السياسية، عن طريقها استطاعت أن تعيد جسور التواصل بين هذه الطوائف، وتنقل هذه الجماعات من حالتها الدينية والإثنية إلى حالة المواطنة العامة، ما يعني أن يكون هؤلاء مواطنين ينتمون إلى هذا النسيج الاجتماعي المكون من هوية وطنية واحدة، وهي عملية ليست سهلة على الإطلاق، ولا تتحمل التأخير ومن دونها ستبقى هناك عقبات تواجه كل عملية إصلاح سياسي كما هو حادث الآن، فلا إصلاح سياسي حقيقي يمكن أن يحدث دون أن يسبقه نضوج ثقافي واجتماعي ومدني».
جميع القوى السياسية الآن في البحرين ينتظرون قرارات لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الأحداث التي استدعاها ملك البحرين، والتي ستعلن نتائجها قرب نهاية الشهر الحالي.
ولكن إذا كان من شيء أكيد، فهو أن البحرين بكل تعايشها التاريخي، تعيش واحدة من أصعب العقبات في طريقها للإصلاح الذي ابتدئ منذ عشر سنوات، ولكن الأكيد أيضا أن تنامي القوى الطائفية الشيعية والسنية، ليس إلا دليلا على ما وصفه المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري في كتابه «العرب والسياسة أين الخلل» بقوله «منذ معركة صفين التي رفعت فيه المصاحف على أسنة الرماح، والقرآن غطاء اللعبة السياسية في المنطقة».

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,351,619

عدد الزوار: 6,988,063

المتواجدون الآن: 66