قراءة في أحداث الشرق الأوسط 3/3... خريطة الشرق الأوسط الجديد: قيامة لبنان مؤجلة وضمان أمن إسرائيل والمصالح الأميركية

تاريخ الإضافة الأربعاء 25 أيار 2011 - 6:06 ص    عدد الزيارات 838    التعليقات 0

        

قراءة في أحداث الشرق الأوسط 3/3... خريطة الشرق الأوسط الجديد: قيامة لبنان مؤجلة وضمان أمن إسرائيل والمصالح الأميركية
بقلم عادل مالك 

 


 
وضعت أفكاري على الورق بدافعين: إحترام هذا الحضور الكريم وتركيز التواصل معه دون إرتجال، وفي جانب آخر إحترام الالتزام بالفترة الزمنية المحددة·

الشرق الأوسط الجديد: موضوع شائك ومعقد، وسنحاول <الإحاطة بأبرز مقوّمات ومعطيات هذا العصر الجديد الذي هبّت أنواؤه وأعاصيره وقوّضت معالم ما كان قائماً دون تركيز ماهيّة النظام الجديد في هذه المنطقة البالغة الأهمية، وسنعتمد التبويب في نقاط رئيسية· - أولاً: لقد سقط النظام العربي بالضربة القاضية، وما نعنيه بالنظام العربي (هنا) هو أسلوب التعامل والتعاطي بين الحكام والشعوب في العالم العربي·

وما حدث خلال الأيام والأسابيع الأخيرة ليس وليدة الصدفة أو البارحة، تذكرون ولا شك أنه مع إندلاع حرب تموز في العام 2006، سارعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في حينه إلى الإعلان بكل وضوح·· <لقد بدأ مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد في لبنان>· وبدأ منذ ذلك الحين توظيف الإدارة الأميركية للأزمة عبر إعلان الرئيس جورج دبليو بوش <إن دمقرطة المنطقة قد بدأت من لبنان، وأن ربيع بيروت سيكون ربيع العواصم العربية>·

ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفينة واشنطن، الأمر الذي أدى إلى سقوط الرهان الأميركي على هذا الخيار وذلك لسبيين، الأول أخطاء الممارسات الأميركية بوجه عام في المنطقة ومنها اعتماد سياسة غير متوازنة في النزاع العربي - الإسرائيلي، والثاني بروز القرى المناهضة لهذا التوجه، ومع تنامي عوامل وعناصر المقاومة·

ثانياً: بعد ذلك إنتقل التوجه الأميركي إلى العراق، وكلنا نذكر ما الذي حلّ بالعراق، وأقصى ما تطمح إليه واشنطن حالياً هو إنهاء عملية <الإنسحاب المشرّف والأمن> مع وجود ما يقرب من 50 ألف جندي يتواجدون خارج المدن والساحات الرئيسية·

والأخطر من ذلك أن العراق مقسّم فعلياً إلى ثلاث دول أو دويلات: دولة كردية في الشمال، ودولة شيعية في الجنوب، والجيب السني في الوسط، وهذا الواقع كان أحد النتائج الكارثية للحرب الأميركية على العراق، حيث نجحت القوّات الأميركية في إلحاق الهزيمة بصدام حسين، لكنها فشلت في إقامة النظام البديل· (وبالمناسبة فإن نائب الرئيس الأميركي الحالي جوزف بايدن هو صاحب مشروع تقسيم العراق وهو الذي أقنع الكونغرس بالموافقة عليه)·

كنا في الماضي نقرأ في كتب التاريخ والأحداث التي غيّرت وجه العالم، وها نحن اليوم نعايش وجهاً لوجه وعلى الهواء مباشرة زمن التحولات الكبيرة والمفصلية في المنطقة·

إذاً وباختصار شديد سقط الشرق الأوسط الجديد بطبعته الأميركية فيما اندلعت الصحوات والانتفاضات والثورات الشعبية في مختلف مناطق الوطن العربي من مشرقه إلى مغاربة· وحتى اللحظة نتحدث عن تونس وعن مصر وعن ليبيا· ويبدو أن البقية آتية والساعة لا ريب فيها· ثالثاً: لقد انتزع فريق الشباب المبادرة وثار على الواقع المترهل والمثقل بالأخطاء والعيوب، وتمكن من فرض شرعية جديدة هي شرعية الشارع· وسقطت الشرعيات التقليدية المتهالكة في سيدي بو سعيد التونسية، وفي ميدان التحرير في القاهرة، وسائر المدن المصرية·

ووصل حتى اللحظة إلى ليبيا وأنتم تتابعون على الشاشات هذه الثورة العارمة على حكم العقيد معمّر القذافي الذي تواصل على مدى إثنين وأربعين عاماً·

والسؤال: هل نحن أمام بداية جديدة لنهاية شرق أوسطية انقضت إلى غير رجعة؟ الجواب: كلا· لأن خطورة ما يجري من فرض شرعيات الأمر الواقع ليس هناك من حالة توافق أو تناغم أو تطابق في الآراء بين مختلف الأطراف المشاركة في هذه الثورات والانتفاضات، وهذا ما أدى إلى حدوث حالات من الارباك·

في العادة تحدث هزات إرتدادية للزلزال الأساسي لا تقل خطورة عن الزلزال الأول، وهذا ما يعرفه جيداً أهل العلم والجيولوجيا· لذا فإن صورة ومشهدية الشرق الأوسط الجديد هي حالياً في طور التكوين ولا يمكن رسم صورة نهائية الملامح لوضع المنطقة الذي يخضع وسيخضع الى الكثير من التعديلات والتحولات· وإن كل ما يجري في الوقت الحاضر وتحت عنوان عريض هو <التغيير>· التغيير جيد ولكن؟

إن الانتقال من نقيض إلى آخر ينطوي على العديد من المخاطر· فممارسة الديموقراطية أمر مطلوب تدريب الجماهير على كيفية ممارستها لهذه الديموقراطية بعد عهود طويلة من الكبت والقمع والحرمان·

نحن أمام شرق أوسط هجين يجمع بين ترسبات وتراكمات الماضي، والآمال والتطلعات المستقبلية، لأن عملية الانتقال السريع من نقيض إلى آخر دونها الكثير من الارباك والاضطرابات قبل أن تبرز الهوية الجديدة لدول المنطقة·

لكن ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية كبير وخطير وهو الذي يتمثل بكسر حاجز الخوف الذي سكن الإنسان العربي لسنوات وسنوات، وعهود كثيرة من الاستبداد والتسلّط· وعامل المفاجأة هنا ينطوي على التساؤل التالي: كيف تفجّرت هذه البراكين البشرية في أوقات متزامنة؟ والإجابة المركزة تحتاج هنا الى بعض الوقت كي نستوعب ما الذي حدث وما الذي سيحدث·

إذاً بموضوعية سقطت الطبعة الأميركية من الشرق الأوسط الجديد حيث كانت الإدارة الأميركية من أوائل الدعاة إلى دعم العديد من أنظمة المنطقة لكنها كانت أول من سحب البساط من تحت أقدام الحكام الذين دعمتهم السياسة الأميركية وتخلت عنهم في المواقف الحرجة·

وحيال هذا الواقع، يطرح السؤال المحوري والأكثر خطورة وهو: من يملأ ومن سيملأ الفراغ في المنطقة بوجه الإجمال؟

تقع المنطقة رهينة حالة من التجاذب الحاد بين عرب الاعتدال وعرب التطرف، وعلينا أن نعترف أن ما يطلق عليه محور الممانعة عمل على توظيف الأخطاء الأميركية في المنطقة وسخرها لتوجهاته وتطلعاته ومصالحه، وهكذا وبذكاء من هنا وغباء من هناك نشهد ما نشهد من تحولات ومتغيرات·

دعوني أقرأ عليكم بعض المقاطع من دراسة سرية أعدها البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) وهي بعنوان الشرق الأوسط الجديد: ولعل في استعراض بعض ما ورد فيها يُلقي الأضواء الكاشفة على الواقع المعاش· يبدأ التقرير بالقول: <إن الحدود الحالية لدول منطقة الشرق الأوسط هي حدود رسمتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل عشوائي في القرن التاسع عشر وهي حدود غير عادلة (هنا إشارة إلى معاهدة سايكس - بيكو)··· ويضيف: <إن هذه الحدود تعمل على إثارة الحروب والموت في هذه المنطقة من العالم ولذلك يجب العمل على تغييرها وإعادة رسمها لاعطاء الأقليات المذهبية أو القومية والإثنية الحقوق المسلوبة، ولا بد من إجراء هذا التغيير في خريطة الشرق الأوسط، بسبب التطرف الديني أو القومي أو المذهبي ويجب إنهاء هذا الأمر>·

<إن هذا التغيير في الحدود والعمل على تعديلها لإيجاد شرق أوسط جديد لا يمكن أن يتم بسهولة··· ونظراً لضيق الوقت فإنه لا بد من سفك الدماء للوصول إلى هذه الغاية وعليه فإن دولاً جديدة ستنشأ مما يعني فقدان بعض الدول لأجزاء كبيرة من حدودها الحالية وزيادة حدود دول أخرى>·

يمضي التقرير في الحديث عن التشكيل الجديد لدول المنطقة بشكل تفصيلي·

يضيف التقرير في الحديث عن الخطوط الحمر بالنسبة للأمن القومي الأميركي وهذا الأمر يقوم على: حماية أمن اسرائيل ودعمها بأي ثمن، والعامل الثاني: تأمين النفط والمصالح الاستراتيجية الأميركية الأخرى·

ويخلص التقرير إلى الاستنتاج التالي:

<إن نقطة الانطلاق في تنفيذ هذا المشروع والنقطة الفاصلة هي العراق· فإذا نجح المشروع الأميركي في العراق تمّ الانتقال الى دول أخرى· وإذا ما أخفق سقطت هذه الخرائط الأميركية برمتها>·

إذاً، الاستنتاج واضح، فالخطة الأميركية في العراق فشلت· الأمر الذي أدى وسيؤدي بالولايات المتحدة إلى إدخال تعديلات على خططها في الشرق الأوسط·

ولا يمكن أن ننهي الحديث دون طرح السؤال المحوري: ماذا عن لبنان؟ وأين موقعنا وسط هذه الأعاصير المدمرة التي تعصف بالمنطقة؟ إذا كنا لا نستطيع تأليف حكومة··· فلا يمكننا تأليف وطن متماسك· وندرك جيداً مدى الارتباط العضوي القائم بين الواقع اللبناني وواقع المنطقة حيث يؤثر فيها ويتأثر بها·

إن ما نشهده هذه الأيام أبعد ما يكون عن أزمة تأليف حكومة من لون واحد أو من ألوان متعددة أنها أزمة تأليف وطن·

لقد حان الوقت لكي نعي وندرك ما يلي:

إن الصيغة التي وردت مع الاستقلال الأول في العام 1943 حملتنا من أزمة الى أخرى· فمن العام الــ 43 الى ثورة 1958، ومنها إلى أحداث الــ 69 (إتفاقية القاهرة والتوابع) وصولاً إلى كارثة الكوارث مع إندلاع شرارات الحروب الأهلية في نيسان من العام 1975إلى حقبة التسعينات مع إتفاق الطائف، وهذا موضوع إشكالي كبير بين الفصائل السياسية اللبنانية· وكأنه كان إتفاقاً لوقف إطلاق النار وليس صيغة وطن قابلة للحياة·

إن ما يجري مهين لكل مواطن لبناني، وهو التسول والتسكع على أبواب الخارج الغريب منه والبعيد، من أجل إستيراد وطن! ألم ندرك بعد أن ما يُصنع في الخارج يكون رهن هذا الخارج ويستدعي الوطن متى شاء؟

وأنهى بطرح التساؤل المحوري التالي: هل إن لبنان وطن موحد فعلياً لا نظرياً ويجب العمل على منع تقسيمه؟ أو أن لبنان وطن مقسّم فعلياً وعملياً ويجب العمل على إعادة توحيده؟

هذا سؤال برسم كلّ الفصائل اللبنانية على إختلاف ألوان الطيف فيها للحصول على إجابة صادقة وصريحة بعيداً عن متابعة مسيرة التكاذب المشترك·

علينا أن نعترف أن الصيغة، هذا الوعاء الذي احتوى اللبنانيين على اختلاف إنتماءاتهم وهواجسهم أصيب بالترهل الوطني وعلينا التوصل الى صيغة جديدة تلتقي مع نص الدستور الذي يدعو إلى قيام وطن يُدعى لبنان وهو وطن نهائي لجميع أبنائه!

إننا نحتاج إلى لبنان جديد وليس إلى حكومة جديدة فحسب ننتظر تأليفها بعد التفاهم على تقاسم المغانم والحصص·

لبنان يا سادة يستحق معاملة أفضل·

وأختم بلغتي التلفزيونية بالقول: شكراً للإصغاء وإلى لقاء·

 مداخلة ألقيت في ندوة المركز الكاثوليكي للإعلام في 1/3/2011

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,630,334

عدد الزوار: 6,904,918

المتواجدون الآن: 99