المصالحة بين أنقرة وتل أبيب أمنية بالدرجة الأولى ... واقتصادية

تاريخ الإضافة الجمعة 1 تموز 2016 - 7:58 ص    عدد الزيارات 574    التعليقات 0

        

 

المصالحة بين أنقرة وتل أبيب أمنية بالدرجة الأولى ... واقتصادية
القدس المحتلة - امال شحادة 
الانتقادات والمدائح التي رافقت اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل، حول موازين الربح والخسارة، تبقى ثانوية أمام الجانب الأبرز والمهم الذي انطلقت من أجله الجهود، من الطرفين، للتوصل الى هذا الاتفاق. صحيح أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سعى جاهداً خلال المؤتمر الصحافي في روما، الى إبراز ما يحمله الاتفاق من مصلحة لإسرائيل سواء في الغاز او في العلاقة مع غزة، الا انه لم يتطرق الى الجانب الأهم والأبرز في الموضوع، وهذا ما كان متوقعاً في هذه الحالة، وهو العلاقات الأمنية والاستراتيجية، التي كانت، لفترة طويلة سبقت أزمة مرمرة، تمر بشهر عسل بين البلدين.
وتبعاً للأشهر القصيرة التي سبقت توقيع الاتفاق، انعكس هذا الجانب بوضوح لكنه لم يتصدر العناوين والنقاشات والتصريحات، التي رافقت بلورة الاتفاق وصولاً الى التوقيع عليه. فقرار تركيا بنقل رئيس جهاز الاستخبارات التركي (MIT)، حاكان فيدان، من منصبه، كان بالنسبة الى إسرائيل خطوة مهمة لإزالة بعض العراقيل في الطريق نحو إعادة وتعزيز هذه العلاقات، حيث أعلنت الحكومة التركية بأن رئيس جهاز الاستخبارات سينهي منصبة ويتسلم منصب السفير في استراليا، رافضة أي تلميح حول علاقة هذا القرار بالاتفاق وتمهيداً لتوقيعه وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن جهات أمنية إسرائيلية أكدت انه تم استبدال فيدان كبادرة حسن نية على طريق استئناف الاتصالات في المجالين الاستخباري والعسكري. والمعروف ان فيدان، وهو أحد المقربين من أردوغان، عمل فور تعيينه على تطبيق سياسة أردوغان في تنمية العلاقات الأمنية والاستخباراتية مع ايران. وعام 2013 سعى الى إلغاء الاتفاقيات المتبقية بين إسرائيل وتركيا في مجالات الاستخبارات ومحاربة الإرهاب وفي حينه حذر رئيس الموساد مئير دغان، من أن الاستخبارات التركية لم تعد تعتبر شريكاً لإسرائيل، لأن المواد الأمنية التي يتم تحويلها الى تركيا تصل الى ايران. كما كان فيدان الشخص الذي عزز الاتصالات العسكرية مع حركة «حماس».
المحادثات بين إسرائيل وتركيا بدأت منذ مطلع السنة، وفي حينه طلب من رئيس الذراع العسكري لحركة «حماس» في الخارج، صلاح العاروري، والذي عمل في إسطنبول، مغادرة تركيا. ومع التوقيع على الاتفاق مع إسرائيل التزمت تركيا بوقف نشاط «حماس» العسكري في شكل مطلق على أراضيها.
تطوير مدرعات تركية
العلاقات الأمنية والاستراتيجية بين أنقرة وتل أبيب كانت في ذروتها قبل انتخاب أردوغان رئيساً، وعلى رغم اعتراف الجهات الأمنية بأن هذا الجانب يشكل أهمية كبرى في الاتفاق الجديد لكن الكثيرين يستبعدون عودته الى ما كانت عليه والأمر يتطلب الكثير من الوقت، لكن مجرد التفاهم حوله يشكل خطوة في غاية الأهمية. فالمعطيات الإسرائيلية تشير الى أن قيمة الأرباح في مجال العلاقات الأمنية بين البلدين، وصلت قبل أزمة مرمرة الى بليونين ونصف بليون دولار وكانت تركيا واحدة من خمس دول تشكل مصدراً اقتصادياً حيوياً لشركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية. في حينه كان ممثلو الشركات، وفق مسؤول أمني، زواراً دائمين في أنقرة وإسطنبول ونجحوا في توثيق العلاقات، ليس فقط على صعيد العلاقة الأمنية إنما مع شخصيات كبيرة في جهاز الأمن والجيش التركي.
وكما وصف المسؤول الإسرائيلي هذه العلاقات فإن السجاد الأحمر كان يفرش إمام ممثلي شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية في تركيا. العلاقات انعكست، في حينه، أيضاً في مساحة شاسعة من سماء تركيا، حيث التدريبات التي كان يجريها سلاح الجو الإسرائيلي، وكانت تعتبر الأكبر والأهم. بعض هذه التدريبات أجراها سلاح الجو الإسرائيلي لوحده وبعضها مع سلاح الجو التركي، الذي وصفته إسرائيل بالجيش المتطور والذي يحظى بمعدات وطائرات حربية متطورة كطائرات «أف-16». وشملت التدريبات المشتركة طائرات من دون طيار، من الصناعة الإسرائيلية وطائرات «فانتوم»، التي تم تطويرها عبر معدات إسرائيلية. وحتى مدرعات تركية قديمة تم تطويرها بمعدات حربية إسرائيلية، وتحولت، وفق إسرائيل، الى معدات متطورة من الدرجة الأولى.
إحدى الشركات الإسرائيلية التي برزت في بيع معدات متطورة لتركيا كانت شركة «تاعس» (الصناعات العسكرية التابعة للجيش) التي قامت بتطوير مدرعات للجيش التركي بقيمة سبعمئة مليون دولار، وسجلت هذه الصفقات كأكبر الصفقات الأمنية المهمة بين إسرائيل وتركيا. ضمن هذه الصفقات تم تطوير 170 مدرعة قديمة من نوع «أم-60». كما تم تزويد الأتراك بمعدات دفاعية متطورة. ووفق الإسرائيليين فإحدى المدرعات استهدفت بصاروخ مضاد للمدرعات من نوع «كورنيت»، كان في حوزة تنظيم «داعش»، وفق الإسرائيلين، وتم انقاذ جميع من كان في المدرعة.
في المقابل كان سلاح الجو التركي أول من حصل على الطائرات من دون طيار المتطورة من الصناعات الإسرائيلية من نوع «هارون». كما كانت العلاقات وثيقة في الجوانب الاستخباراتية بالتعاون مع وزارة الدفاع الإسرائيلي. «العلاقات الأمنية كانت وثيقة بين الطرفين، الى حد اهتم الأتراك بشراء قمر تجسس إسرائيلي وأشركوا الشركات الإسرائيلية في البرنامج التركي الروسي لصنع طائرات بلا طيار»، وفق المسؤول الأمني الإسرائيلي.
منذ أزمة مرمرة، ومقتل تسعة أتراك على أيدي وحدة الكوماندوس الإسرائيلية، بدأت هذه العلاقة بالتراجع الى حد بدأت شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية في البحث عن بدائل. ووزارة الدفاع الإسرائيلية فرضت «الفيتو» على الصفقات بين الشركات الإسرائيلية وتركيا. ووفق مسؤول إسرائيلي كبير فإن الاتفاق الجديد سيعيد قسماً على الأقل من هذه العلاقة والعودة لإبرام صفقات أمنية. ولا يخفي الإسرائيليون، أن المصلحة الاستراتيجية والأمنية للبلدين تتطلب قفزة في العلاقات الأمنية.
الغاز والاقتصاد
على رغم الأزمة التي ظهرت بين إسرائيل وتركيا إلا إن العلاقة بين البلدين لم تتوقف، ففي السنوات الأخيرة لم تمس الصادرات الإسرائيلية لتركيا، في شكل كبير. فقط في السنة الماضية، سجلت تراجعاً بنسبة أربعين في المئة وبلغت قيمتها حوالى 1.7 بليون دولار، والسياحة في شكل عام لم تتوقف، غير أنها تراجعت بين الفينة والأخرى. وخلال النصف الأول من العام الجاري 2016، وفق المعطيات الإسرائيلية، انخفض التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 17 في المئة وبلغ حوالى 1.2 بليون دولار. وفي السنة الماضية انخفض التبادل التجاري بنسبة 24 في المئة، مقارنة بعام 2014، بقيمة 4.1 بليون دولار. كما تم تسجيل انخفاض في الواردات من تركيا بنسبة حوالى 9 في المئة مقارنة بالعام 2014، ليبلغ حجم الواردات حوالى 2.4 بليون دولار. وجاء الانخفاض في الصادرات، في غالبيته، بسبب الانخفاض الحاد في تصدير المنتجات الكيماوية والنفط المكرر. والحديث عن انخفاض بنسبة 43 في المئة ليصل المبلغ الاجمالي الى حوالى 1.25 بليون دولار. ويعتبر هذا الفرع الأكثر فاعلية بالنسبة الى تركيا، ويحتل نسبة 75 في المئة من الصادرات.
ولكن على رغم هذا الانخفاض، تبقى الحقيقة الطاغية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين أصبح في عام 2015 ضعفي حجمه في عام 2009، أي أن الأزمة بين البلدين لم تؤثر سلباً في العلاقات الاقتصادية. والانخفاضات المشار اليها، تظل محصورة في تنقلات السوق، هبوطاً وصعوداً.
بنيامين نتانياهو تحدث، في شكل صريح، عن أهمية تسويق الغاز ليس فقط لبيعه الى تركيا، انما بمد أنبوب في قلب البحر من الآبار في الشرق الأوسط الى ميناء تركي وتوزيعه من هناك الى دول أوروبا وغيرها، علماً أن الكثيرين من الخبراء الإسرائيليين في مجال الطاقة، استبعدوا هذا المشروع مؤكدين انه بالغ التعقيد وغير واقعي. ويؤكدون أن هذه الفكرة نشأت فقط بعد انفجار أزمتها مع روسيا، بعد إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء التركية. والآن، بعد المصالحة الحميمة بين موسكو وأنقرة، تتبخر احتمالات مشروع اقتناء أو توزيع الغاز الإسرائيلي.
«حماس»... أمل كاذب
الحديث عن «حماس» في التصريحات الإسرائيلية العلنية، لم يكن دقيقاً، مقارنة بما ورد في نص الاتفاق. فقد كشف بعض وزراء المجلس الوزاري الأمني المصغر أن الاتفاق الذي اطلعوا عليه لم يذكر اسم «حماس» بتاتاً، لدى الحديث عن نشاط عسكري في تركيا ضد إسرائيل، بل كان الحديث عن «تنظيمات إرهابية».
الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، رئيس مجلس الأمن الوطني السابق، اعتبر في مقابلة مع موقع «واللا» الحديث عن جهود تركيا لإعادة جثتي الجنديين، اورون شاؤول وهدار غولدين والجنديين المختفيين ابراما منغستو وهشام السيد، انه مجرد «أمل كاذب»، وقال: «لا أدري من أين تبلور الانطباع لدى الإسرائيليين أو الأمل بأن لتركيا قدرة على وضع «حماس» في الزاوية وإجبارها على إعادة جثتي الجنديين والمفقودين»، وبرأيه ما من قدرة لدى تركيّا في التأثير على «حماس» في هذا الجانب. «لقد قام شخص ما بخلق هذا الوهم الكاذب، لكن الأمر غير صحيح». كما يرى عميدرور عدم وجود مصلحة لدى «حماس» بأن يقوم الأتراك ببناء مشاريع اقتصادية، بل إنها «لن تذرف دمعة إن اختفى الأتراك عن أرض غزة. إنّ «حماس» راغبة في التسلّح».
أما الجنرال احتياط غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن الوطني فقال، في المقابلة ذاتها: «إننا نقع، في شكل دائم، في الفخ ذاته الذي ينصبه لنا أعداؤنا بما يتعلق بالجنود المفقودين والجثث المحتجزة لدى العدو. فهم يقومون بعزل موضوع إعادة الأسرى أو الجثث ويطالبون بإجراء مفاوضات منفصلة في هذا الشأن وحده. هذا ما حدث بعد عملية «الرصاص المصبوب»، في غزّة في العام 2009، حيث كانت هناك مطالب دولية بالسماح بتسهيلات إنسانية في غزّة في الوقت الذي كان غلعاد شاليط اسيراً في القطاع. فموضوع الأسرى بات يشكّل نقطة ضعف إسرائيليّة ثابتة».
إذاً فإن التفسيرات المختلفة لدوافع هذا الاتفاق تظل هامشية. والموضوع الأهم فيه هو ذلك البند الصغير، الذي كتب بكلمات بسيطة وقليلة عن «التعاون العسكري والأمني بين البلدين وإلغاء كل القرارات التي كانت عائقاً في وجهه»، هو الأمر الجوهري في هذا الاتفاق. فكلاهما يشعران بأهمية بل ضرورة التنسيق، وقد جاءت الانفجارات الثلاثة في مطار إسطنبول لتجعل هذا التنسيق مسألة ملحة للحكومتين، الإسرائيلية والتركية.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,609,178

عدد الزوار: 6,903,843

المتواجدون الآن: 95