ما الذي تستطيع أميركا أن تقدمه للبنان في فوضى ملفّات المنطقة؟..لبنانيون وفلسطينيون وسوريون

تاريخ الإضافة الخميس 5 أيار 2016 - 7:03 ص    عدد الزيارات 794    التعليقات 0

        

 

لبنانيون وفلسطينيون وسوريون
الحياة...محمد علي فرحات 
في سياق تصنيف الدول التي تأسست نتيجة اتفاق سايكس - بيكو، اعتبرت مراكز دراسات أميركية لبنان والعراق وأراضي الدولة الفلسطينية دولاً فاشلة، ولم تشر إلى سورية ربما لكونها آيلة إلى السقوط ومفتوحة على احتمالات شتى.
ولبنان، «الدولة الفاشلة»، يتصدّر مع اليمن قائمة الأكثر فساداً بين تسع دول عربية تضم أيضاً مصر والسودان والمغرب والجزائر وفلسطين والأردن وتونس. أصدرت القائمة «منظمة الشفافية الدولية» نتيجة دراسة مسحية، وأبدت في المناسبة مخاوف حيال لبنان مع أزمة شغور منصب الرئاسة الأولى وعدم إجراء انتخابات نيابية منذ سنة 2009.
فَقَدَ لبنان جاذبيته عربياً ودولياً، ومعظم المسؤولين الأجانب الذين يزورونه يهتمون فقط بالنازحين السوريين وبالأمن على حدود إسرائيل. مثل هذا الأمر كان يلقى احتجاجات أهل السلطة، لكنه صار عادياً، حتى أن سفراء أجانب يزورون شخصيات ومؤسسات وجمعيات مباشرة ومن دون استئذان وزارة الخارجية. هذا وغيره من الحراك السياسي الخارجي على الأراضي اللبنانية، يمكن اعتباره إشارة إلى تفكّك الدولة اللبنانية التي يستقطبها زعماء الطوائف والقوى الحزبية الرئيسية.
يكتفي الزعيم اللبناني بقاعدته الشعبية ويحافظ عليها لتحافظ عليه، كأنه يتزعّم كانتوناً وليس مسؤولاً عن المواطنين الآخرين خارج دائرته الطائفية أو الحزبية. بل إن الحيّز المشترك للقاءات بين اللبنانيين بدأ في الانهيار، إذ تندر شيئاً فشيئاً نواد أو مقاهٍ أو جمعيات أو هيئات سياسية تضم مواطنين متعدّدي الانتماء الطائفي، وبذلك تنمو ثقافات فرعية ذات عصب ديني أو طائفي أو جهوي على حساب الثقافة المشتركة التي جعلت من اللبنانيين روّاد التحديث منذ أوائل القرن العشرين، كما اشتهروا بميزتهم هذه في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة، والآن تنقرض هذه الصورة الزاهية لمصلحة خطاب بائس ومتعصّب كان يوصف في الزمن الذهبي للبنان بأنه حماقة.
نشهد تحلُّل الدولة اللبنانية وهيئاتها السياسية والاجتماعية الجامعة، فيما يقف أهل السلطة شهوداً على انهيار شبه يومي يلاحظونه لكنهم يشيحون النظر مكتفين بعروش الجمر، يجلسون عليها في انتظار الحريق.
ولا يمكن أي عاقل أن يشرح هذا الهدوء وتلك الثقة لدى أهل السلطة في لبنان، خصوصاً أن سورية القريبة بسياساتها وحريقها سائرة إلى مصير ربما أسوأ من مصير فلسطين.
في سنة 1948 تناولت الصحافة اللبنانية الجهود لإيواء اللاجئين الفلسطينيين، وأوردت اسم مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل بين المنخرطين في عمليات الإيواء تلك. احتاج الأمر 27 سنة لتنفجر الحرب اللبنانية سنة 1975، وكان طرفاها الرئيسيان المنظمات الفلسطينية المسلّحة وحزب الكتائب. لقد فَقَدَ لبنانيون كثيرون الصبر وهم يرون إسرائيل تترسّخ أكثر فأكثر على أرض فلسطين ويمتد نفوذها في المنطقة.
النزوح السوري منذ سنة 2013 يكرّر التجربة نفسها، خصوصاً إذا فقد النازحون ومعهم اللبنانيون الأمل بوجود سورية كما يعرفونها وبعودة النازحين إلى بيوتهم وممتلكاتهم. ولبنان الغارق في أزماته واستقطاباته الطائفية والفساد، لا يستطيع تعليق مشكلاته على شمّاعة النازحين السوريين، لكنه ربما يفعل ذلك من دون انتظار 27 سنة كما في الحال الفلسطينية، لأن العالم يعيش إيقاعاً أسرع مما كان في أواسط القرن الماضي.
حرب 1975 -1991 انتهت بتسوية بعدما أدّت إلى هجرة أكثر من مليون لبناني. وإذا سار لبنان إلى حرب مماثلة فالمرشّحون للهجرة كثيرون إذا أتاحت لهم ذلك دول بدأت تغلق حدودها وتفقد القدرة على احتضان لاجئين، فضلاً عن أن الشرقيين، خصوصاً المسلمين، موصومون بشبهة الإرهاب التي تنفّر العالم، من باب الحيطة والحذر على الأقل.
لبنان على الحافة، ولا أحد يحسد أهل السلطة فيه... إذا كانوا أهل سلطة مسؤولة حقاً.
 
ما الذي تستطيع أميركا أن تقدمه للبنان في فوضى ملفّات المنطقة؟
الحياة...سام منسّى .. * اعلامي لبناني
عقد مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في واشنطن في 20 نيسان (أبريل) 2016، ندوة موضوعها «مئة سنة على اتفاقية سايكس بيكو». وخصّ القيّــمون على الندوة لبنان بجانب مستقل، بعدما كان مغيباً منذ سنوات عن الأدبيات السياسية الأميركية، سواء من الســـياسيين أو الباحثين، وحتى في وسائل الإعــلام، فلا يؤتى على ذكره إلا في حال حصـــول حدث أمــني على أراضيه أو في ســـياق الحديث عن «حزب الله». هنا مداخلتي عن لبنان في الندوة:
< لا يمكن مقاربة الأوضاع في لبنان في معزل عن محيطه، فالدول كلها تتأثر بمحيطها القريب، ولبنان ليس بجزيرة منعزلة.
ومنذ نشأته ككيان سياسي في بداية القرن الماضي وصدى الأحداث في جواره القريب والبعيد ترتدّ عليه. الأسباب ليست كلها من الخارج، بل إن فريقاً في الداخل كان يتطلع شرقاً وآخر يتطلع غرباً.
بعد 5 سنوات فقط على الاستقلال (1943) وقعت حرب 1948 مع الدولة الناشئة على حدوده الجنوبية، فاستضاف إثرها عدداً كبيراً من اللاجئين، الذين أضيف إليهم 300 ألف لاجئ بعد الحرب العربية الإسرائيلية العام 1967 وأحداث الأردن عام 1970.
حلف بغداد والوحدة السورية- المصرية أشعلا في لبنان ما سمي بثورة 1958.
انطلاق المقاومة الفلسطينية بعد حرب 1967 ولّد دولة ضمن الدولة وجعل من المنظمات الفلسطينية وامتداداتها العربية، من سورية إلى العراق وليبيا وغيرها، أقوى من الدولة وسبباً لعمليات واشتباكات مع إسرائيل.
1975 تاريخ اندلاع الحرب الأهلية وما استتبعها من دخول الجيش السوري إلى لبنان واجتياح إسرائيل جنوبه عام 1978، والاجتياح الأهم والأكبر عام 1982 الذي بلغ العاصمة بيروت.
ومنذ العام 1983 يشهد لبنان تناميَ وتمدد ميليشيا مذهبية، حزب الله، باتت تشكل دولة ضمن دولة، وأصبحت أكبر من الدولة، التي أضحت شبه غائبة.
إن مدة الوجود الأجنبي على أرض لبنان، الفرنسي والفلسطيني المسلح والسوري والإسرائيلي، بلغت منذ العام 1943 تاريخ الاستقلال، وحتى العام 2005، 42 سنة من أصل 62. هذا مع الإنزال الأميركي في 1958 ودخول قوات دولية أراضيه إثر الاجتياحين الإسرائيليين. كل هذا السرد الممل هو للدلالة على أهمية العامل الخارجي ومحوريته في الحياة السياسية والأمنية للبنان.
وفي ضوء هذا الواقع الداخلي في لبنان والأوضاع المتفجرة حوله، لاسيما الحرب الدائرة في سورية، ما هي الإجابات على الأسئلة الموجهة إلينا: أولاً: التحديات التي تواجه البلد. ثانياً: عناصر القوة. ثالثاً: ماذا تستطيع الولايات المتحدة القيام به تجاه لبنان.
1- التحديات
- التحدي الأول، الأهم والأكثر تأثيراً على مسار الحياة السياسية، لا سيما لجهة صناعة القرار، هو حزب الله كقوة عسكرية مسلحة ومدربة بكفاءة عالية باتت تمثل غالبية الطائفة الشيعية.
وأن يكون لحزب ما قوة تمثيلية ليس بالأمر المستغرب، إنما النافر والمؤثر في نظام مبني على دور الطوائف، اختزال حزب واحد قرار طائفة رئيسة، ما يعني تعطيل القرار السياسي وبالتالي الحياة السياسية والمؤسسات، على غرار ما هو حاصل في لبنان منذ سنوات، هذا إضافة إلى استخدام «حزب الله» سلاحه في الداخل لتحقيق أجندته السياسية، والأخطر أنه بات قوة إقليمية عابرة للدولة يأتمر بشكل جلي بأمر جهة أجنبية هي إيران، ومنخرط في محور إقليمي يخوض أكثر من نزاع أو حرب في المنطقة. إن تنامي قوة هذا الحزب أدى إلى تعميق الشعور بالمظلومية السنية وانتشار الفكر المتشدد المتطرف في البيئات المهمشة في لبنان.
- التحدي الثاني، هو النزوح السوري إلى لبنان مع وجود ما لا يقل عن 1.3 مليون نازح سوري في بلد لا يتعدى عدد سكانه 3.5 مليون نسمة. إن هذا النزوح والمأساة الإنسانية التي يعيشها النازحون يشكل معضلة:
أولاً: لأنه متفلت غير منظم ومنتشر على الأراضي اللبنانية كافة.
ثانياً: لأن البلد المضيف يفتقر إلى الحد الأدنى لوجود حكومة، بل دولة.
ثالثاً: له تداعيات سياسية وأمنية بفعل التجاذب السياسي الحاد بين اللبنانيين بالنسبة إلى الشأن السوري.
رابعاً: له تأثيرات اقتصادية في بلد يعاني أساساً من أوضاع اقتصادية بائسة ونقصاً في الخدمات والبنى التحتية الأساسية.
خامساً: تأثيره الديموغرافي، بحيث ينبغي الأخذ في الاعتبار مخاوف المسيحيين والشيعة من أن غالبية النازحين هم من السنة.
وفي المحصلة، فإن اللجوء السوري إلى لبنان هو قنبلة موقوتة لا ندري متى تنفجر.
- التحدي الثالث، هو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والتي تضم نحو 400 ألف لاجئ غالبيتهم من السنة. هذه المخيمات هي تقريباً خارج أي سلطة، تعيش أوضاعاً اقتصادية واجتماعية بائسة وتحتضن أطرافاً ومنظمات دينية وسياسية وعسكرية ذات امتدادات استخبارية عدة، إضافة إلى عدد كبير من المطلوبين والخارجين على القانون.
- التحدي الرابع، هو محصلة التحديات التي ذكرنا، ما قد يؤدي إلى انتقال الحرب السورية إلى لبنان، لاسيما مع انخراط «حزب الله» فيها. وفي المقابل، وعلى رغم عدم انخراط الفريق الآخر عسكرياً فيها، فأفراد منه يقاتلون في سوريا وقسم كبير متعاطف مع المعارضة السورية بأشكالها المختلفة.
2- عناصر القوة
- ضمور نسبي للتجاذب الطائفي بين المسيحيين والمسلمين وارتفاعه بين الشيعة والسنة من جهة، وبين مسيحيي 14 آذار ومسيحيي 8 آذار من جهة أخرى.
- المرونة اللبنانية، أي قدرة اللبنانيين على التكيّف، وهي خاصية ذات حدين. القدرة على التأقلم مع عدم وجود دولة، فأرسى لبنان أمنه الخاص الاجتماعي والاقتصادي والخدماتي. إنما هذه المرونة سمحت باستمرار الأزمات وتشعّبها.
- مجتمع مدني قوي نسبياً، ومساحة من الحريات المدنية والفردية أتاحها وجود طوائف متعددة لها هوامش من الاستقلال. كما أن ظاهرة الاختلاط بين أبناء الطوائف في أماكن العمل والتسوق واللهو، ميزة غير متوافرة في دول الجوار التي تعيش نزاعات طائفية أو إثنية.
- قوة القطاع الخاص، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.
3- أميركا ولبنان
من جهة، يصعب أن نطالب واشنطن بسياسة مستقلة تجاه لبنان، ومن جهة أخرى فإن مشاكل لبنان الرئيسة بمعظمها ذات أسباب إقليمية.
كما أن تجارب لبنان مع السياسة الأميركية مخيبة، أقله منذ العام 1969 تاريخ بداية الأزمات الكيانية في لبنان. المواقف الأميركية من لبنان في معظمها عبارة عن ردود فعل على أحداث أكثر منها استراتيجية واضحة. ردود أفعال مسكونة بهاجس حماية حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان ومع سورية.
يصعب الادعاء بالقدرة على توجيه النصح أو المشورة لدولة كبرى، إنما بإمكان المراقب والمتابع لشؤون لبنان والمنطقة تصور ما يحتاج إليه لبنان والمنطقة من الولايات المتحدة بالآتي:
- إدارة منخرطة مجدداً بشؤون الإقليم ومقتنعة بأن المنطقة وسلامها وازدهارها تحتاج إلى الولايات المتحدة، كما أن مصلحة الولايات المتحدة أن لا تتخلى عن المنطقة.
- رؤية واضحة لما تريد واشنطن من المنطقة وما تريد المنطقة من أميركا في آن.
- تجنب الفراغ جراء الانسحاب الأميركي، لأن المتشددين العنفيين، من استبداد ديني أو عسكري وقوى غير ديموقراطية، على غرار روسيا أو الصين، سوف تنقض لملئه.
- الابتعاد من تجزئة الأزمات واجتراح الحلول الآنية السريعة الجاهزة .
- فهم العناصر المشتركة في نزاعات المنطقة.
- لا حلول للحروب في الإقليم، من سورية إلى العراق واليمن وليبيا، من دون دور أميركي فاعل إلى جانب القوى الدولية الأخرى، يعيد القوى المتنازعة إلى أحجامها الحقيقية.
- الامتناع عن تلزيم المشكلات إلى الحكام المستبدين جراء قناعة خاطئة بأن الديموقراطية ليست الحل المناسب لهذه الشعوب في هذه الأوقات. والعمل الجاد على دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية في دول المنطقة، أولاً لمواجهة المد المتشدد وثانيا لقيام دول حديثة عمادها الحوكمة الصالحة والديموقراطية والتنمية.
- تسوية نهائية عادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي تسمح بسلام عربي إسرائيلي شامل.
- عودة الثقة لحلفاء واشنطن بها، بعدما أدت سياستها الخارجية إلى خسارة الحلفاء دون كسب الأعداء.
وكما بدأت أختم: ما من حلول جذرية لمشكلات لبنان وحروب المنطقة مستعرة، وجلّ ما يطلب اللبنانيون في هذه المرحلة هو أن تضغط واشنطن بكل قوة للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي ووقف الانهيار في البلاد. إجراءات لتفعيل عمل المؤسسات في حدها الأدنى وتأمين المساعدات الاقتصادية، كما المساعدة والضغط لتتوقف عملية قضم «حزب الله» وحلفائه ما تبقى منه، بانتظار أن تنتهي الحروب في المنطقة... وان لا تسمح واشنطن بأن تأتي التسوية في المنطقة على حساب البلد الصغير.
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,149,284

عدد الزوار: 6,936,985

المتواجدون الآن: 88