سوريا: ائتلاف في خدمة الشعب

تاريخ الإضافة الثلاثاء 9 شباط 2016 - 7:07 ص    عدد الزيارات 650    التعليقات 0

        

 

سوريا: ائتلاف في خدمة الشعب
  ميشال كيلو
يقف «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أمام لحظة مفصلية تتصل به كأداة مفترضة للعمل الوطني، وبدوره في المجال العام، وقدرته على التحول من عبء على الثورة، كما هو حاله اليوم، إلى رافعة لها، كما يجب عليه أن يكون، ومن طرف يهمش ويخرج نفسه من معادلات الصراع إلى شريك لا يستطيع أحد تجاهله خلال البحث عن بديل للنظام الاسدي.

يحتاج الائتلاف إلى اصلاح عميق وجذري، يبدل بنيته واولوياته، وآليات اشتغاله، والنهج المعتمد في إدارته، والنتائج التي تترتب على عمله، ولا بد ان تكون لصالح ثورة شعب من اجل الحرية، تواجه مصاعب متزايدة تهدد استمرارها وبقاءه، إذا لم يقوّم مسارها عبر جهد يومي مكثف، توجهه خطط سياسية وعسكرية تنهض بها قوى المقاومة المجتمعية الحية، التي يمكن حشدها وتعبئتها وتوحيدها داخل سورية وخارجها.

وتنبع خطورة ما نواجهه من تشكل حقل بنيوي دولي تم بناؤه خلال سنوات الثورة، تلاشت فيه اكثر فاكثر مكانة الثورة السورية ومؤسساتها، وتقلصت بصورة متعاظمة قدرة الائتلاف على ان يكون فاعلا ومؤثرا في أطراف هذا الحقل والمسيطرين عليه، وخاصة منهم اميركا، الدولة العظمى التي تنتهج سياسات تستهدف تأسيس مثل هذا الحقل في مواقع الازمات التي تديرها، والانفراد بالسيطرة على دينامياته واطرافه، وتحديد اهدافه وهوية وادوار ومصالح المنخرطين فيه، وقدرتهم على العمل في إطاره، وآليات وشروط إدخالهم إليه، ومدة بقائهم فيه، وطبيعة المهام التي عليهم انجازها داخله، خدمة لمصالحها، فإن انتهى دورهم اخرجتهم منه صفر اليدين، كما قد تفعل مع الثورة السورية. ومن يراقب مجريات السياسات التي انتهجتها واشنطن حيال حراك شعبنا الثوري، سيجد أنها اتبعت هذه الوصفة في التعامل معه، وان سياساتها تركزت على تكييفه بوعود مطمئنة مع استراتيجية اعتمدها، ركزت على إطالة الصراع، وافراغ الثورة من مضمونها كثورة من اجل الحرية، وتحويلها إلى اداة تنظم بواسطتها علاقاتها بجهات دولية واقليمية، او تصفي حساباتها معها، كإيران وروسيا، وسيلمس لمس اليد كيف تنتقل في ايامنا إلى طور جديد من ادارة ازمتنا حددت دورنا فيه بمحاربة الإرهاب، وإلا اخرجتنا من الصراع وطوت صفحة الائتلاف، بتحويله إلى جهة من جهات كثيرة تدعي تمثيل السوريين، وبإنهاء دوره واصطناع بدائل له.

أمام هذا الخطر الماثل، لا خيار لنا غير أحد بديلين: الانصياع للحلول التي يتفق عليها الكبار، لانقاذ ما يمكن انقاذه، وقبول ما يقدمونه لنا مهما كان قليلاً ومتعارضاً مع مطالب شعبنا، أو اعادة تنظيم أنفسنا والحضور بقوة في ساحة الصراع كطرف مستقل لديه القدرة على انتهاج سياسات تلزم الآخرين باحترام مصالحه وتلبية مطالبه، والا فتعطيل ما لا يتفق وسياساته من مواقفهم ومصالحهم، بتدابير وخطوات تقيد اكثر فأكثر قدرتهم على بلوغ مآربهم وتحقيق اهدافهم، وتجبرهم على الاعتراف بنا كشريك لا يمكن تجاوزه وفرض حل يتعارض مع اهدافه.

هذا النص بما يقدمه من تصورات حول هذه الإشكالية الشديدة التعقيد، هو محاولة لقراءة واقعنا الراهن، الذي اخذت طرق اشتغالنا فيه تسهم اسهاماً خطيراً في تهميشنا وانهاكنا واخراجنا من معادلات الصراع في وطننا. وهو جهد يقترح بدائل اما ان نبلغ اهدافنا بواسطتها، او ان نمنع غيرنا من بلوغ اهدافه، إذا كانت لا تتفق مع مقاصدنا، يتطلب تحقيقها وجود قيادة وطنية تعمل كفريق يضع حدا نهائيا لائتلاف إن انفرد بقيادته «السيد الرئيس» انتقل من مأزق إلى اخر اشد عمقاً وضرراً من سابقيه، واستمر تهميشه وتقويض دوره رغم ما يقدمه الشعب السوري من تضحيات تلعب الدور الاهم في ابقائه حياً، برغم عطالته وغربته عن الواقع. لا بد ان تتغير اشكال الممارسات القيادية في الائتلاف، وأن يصير رئيسه المنتخب باكبر اجماع ممكن، وخارج اية تكتلات او تجمعات وانقسامات، فرداً في فريق يلعب دوراً تنسيقياً وتوجيهياً خاصاً، لمصلحة الائتلاف، الذي لا بد ان يتحول إلى مؤسسة عمل وطني مستقل، وليس لاية مصلحة شخصية او خارجية، على ان يغطي نشاطه مجمل مساحات العمل الوطني، التي لا وجود له اليوم فيها، وأن تعاد هيكلة مؤسساته، وتتسع بحيث تجد جميع قوى وعناصر المجتمع السوري الحية مكانة لها فيها، لأن الائتلاف بغير ذلك سيفقد نهائيا مسوغ وجوده، وسينهار تماما خلال فترة غير بعيدة، بسبب تبدلات تعيشها الساحة السياسية اليوم، تنتجها تفاهمات اميركية / روسية تعطي جيش المحتلين الروس دورا حاسما في الحل السياسي، وإلا فالعسكري، المنتظر للصراع في سورية، يرجح ان تظهر نتائجها النهائية خلال الاشهر القليلة القادمة، التي سنخسر خلالها كل شيء إذا لم ننجح في تحويل الائتلاف إلى جهة موحدة تقود ثورة، تؤهلها صلاتها اليومية بشعبها، المتناثر في اربع جهات الارض، أن تعيد ايقاف الثورة السورية على اقدامها من جديد، كي لا تذهب تضحيات السوريين ادراج الرياح.

[ مقترحات لتطوير أوضاع الائتلاف

مأسسة الائتلاف واعادة هيكلته، ليقود اعضاء هيئته الرئاسية ادارات ومكاتب متخصصة متكاملة المهام، لديها موازنات وتشغل موظفين متفرغين، على ان يكون العاملون في كل دائرة ومكتب مسؤولين امام هيئة الرئاسة، التي تعمل كفريق واحد، وهيئة الائتلاف العامة: مرجعية الجميع وصاحبة القرار الفصل في كل الامور، التي يزودها رئيس الائتلاف بتقارير نصف شهرية حول ما يستجد من أحداث ومعلومات، وما تنوى هيئة الرئاسة فعله وتخطط له من مشاريع وتدابير وزيارات، وتواجهه الثورة من مشكلات وتنجزه من نجاحات، وتقيمه من علاقات. وتجديد قوام الائتلاف من خلال اعادة انتخاب ربع اعضائه كل سنة، بانتخاب حر وسري ومباشر وعام، بحيث يمضي عضو الائتلاف اربعة اعوام فيه، شأنه في ذلك شأن اي عضو برلمان منتخب. إلى هذا، ومن أجل تعميم منافع مبدأ المشاركة، ستشكل الرئاسة «هيئة استشارية وطنية» تضم مسؤولين سابقين وحاليين في المجلس الوطني والائتلاف، إلى جانب اهل خبرة وتاريخ من اختصاصات متنوعة يختارهم من خارجه. لا تكتمل مأسسة الائتلاف ويستكمل عمل هيئاته دون مدونة تنظيمية / سياسية ميثاقية تشجع تشكيل محورين أو تيارين داخله: حاكم ومعارض، يمارسان فيه حياة برلمانية منتظمة تضع حداً لانقساماته الى شلل وكتل صغيرة تعطله وتشل حركته، وتجعل منه مؤسسة عمل وطني لا دور فيها لصراعات جانبية وانتماءات دنيا، لذلك، لا بد من ان يعتمد طرفاه مبادئ وأسساً مشتركة يلتزمان بها في جميع الظروف والاحوال، وان اختلفت قراءتهما لها من موضوع لآخر، بحيث يكون ولاؤهما للشعب والثورة وليس لأية جهة غيرهما، وتتعين مواقفهما ومصالحهما بدلالة الاسس الميثاقية التوافقية وما ينبثق عنها من سياسات ومصالح مشتركة يتم تطويرها بالتشاور والحوار في الهيئتين الرئاسية والاستشارية، وعلى صعيد هيئة الائتلاف العامة والصعيد الوطني العام، مع ما يجب أن يفضي إليه هذا النهج من الحؤول دون رؤية الائتلاف وعلاقاته الداخلية والخارجية في ضوء مصالح ضيقة، ما دامت هذه ستأخذ بالضرورة شكلا انقساميا تترجمه صراعات تستنزف العمل الوطني وقدرته على الحركة ومواجهة مهامه، وتمنع الائتلافيين من أخذ مواقفهم في حاضنة ما يجمعهم من مشتركات، وتجعلهم عاجزين عن تطوير الائتلاف وتفعيل وظائفه، وانجاز العمل الوطني الذي عليهم القيام به، والخروج من دائرة الخلافات الحالية التي تحكم قبضتها عليهم، وتحول بينهم وبين امتلاك دعم شعبي وصدقية سياسية، وتقف وراء تدهور مكانتهم وفاعليتهم، الذي حولتهم الى عبء ثقيل لا نفع فيه للشعب والثورة. الى ما تقدم، ستؤسس الرئاسة هيئات وطنية تعنى بشؤون المهجرين والمشردين، واخرى تهتم بحقوق الانسان وتعمل لوقف انتهاكها ومحاسبة مرتكبيها، وثالثة تتابع ثروات السوريين المسروقة وتعمل لاستعادتها الى صاحبها الاصلي: شعب سوريا، ورابعة تشرف على اعمال تجارية وتنموية متشعبة تتكفل بتمويل الائتلاف ومشاريعه الوطنية والثورية، وتأمين مبالغ تعزز استقلاليته وتخفف ضغوط الخارج عليه. هذه المؤسسات ستدار جميعها تحت اشراف اعضاء الائتلاف، الذين سيعملون فيها بدوام كامل وسيقيمون حيث توجد، على ان يحضروا إلى مقر الائتلاف في الموعد الشهري لاجتماع الهيئة العامة، الذي سينتظم انعقاده الدوري مهما كانت الظروف والعقبات، في المخيمات واماكن انتشار السوريين.

التوصل إلى ميثاق وطني بموافقة جميع القوى التي اسهمت في إطلاق ودعم ثورة الحرية وتمسكت بطابعها الديمقراطي، سياسية كانت ام مدنية ام عسكرية، وبلورة تصور جامع بجهودها المشتركة بشأن الحل السياسي وسبل تحقيقه، وحول نمط الدولة والنظام السياسي والاداري الذي نريده لوطننا، والذي نريد له أن يعطي كل ذي حق حقه من مكونات جماعتنا الوطنية الموحدة، لسد ثغرات كثيرة تقوض اليوم علاقاتها ببعضها وتضعف وحدتها وطاقاتها الثورية، وتمكن النظام وبعض الخارج من استغلال انعدام التواصل بينها لاضعافها وفك علاقاتها مع المقاومة، وايهامها بان تحقيق مصالحها يرتبط بهذه الجهة الدولية والاقليمية او تلك، ولا يرتبط بانتصار الثورة. بعد نيف واربعة اعوام من الثورة، من العار ان لا يكون هناك أي حوار بين اطرافها في الداخل والخارج، وان يقتصر التخاطب بينها على الاتهامات والشتائم.

سيوسع الائتلاف صفوفه كي تضم منتسبين يمثلون عدديا ونوعيا مختلف مكونات الجماعة الوطنية السورية، وبخاصة من استبعد عن مؤسسات العمل الوطني بذريعة انتمائه للنظام او تأييده له، ويعتقد عموما انه لا جدوى من التواصل معه او من محاولة اقناعه بالعمل في اطار وطني ولصالح التغيير. لقد بلغت إبادة الشعب السوري طورا متقدما، وتمت بايدي السوريين انفسهم غالبا، فليس من المعقول أو المقبول أن تستمر المذبحة التي يتبين كل يوم ان احدا لا يفيد منها غير قبضة من المجرمين والقتلة الممسكين بالسلطة من اسرة الاسد وبطانتها، وتيار متشدد متطرف لا يفيد احد منه غيرهم. لن تتغير فقط العلاقة مع هؤلاء الذين استبعدوا عن الثورة او ابعدوا انفسهم عنها، بل سيتغير كذلك خطاب الائتلاف، وستتغير طرق تعامله مع أخوة لنا يعني كسبهم التعجيل في انتصار الثورة، وانقاذ شعبنا من هلاك محتم وحرب لا نهاية لها. سنخاطب هؤلاء، فإن رفضوا لن نخسر شيئا، وسيخسرون هم كل شيء، وان توافقوا معنا اغلقنا باب التلاعب الدولي والسلطوي بنا، وحلنا دون تقديم حجج يتذرع بها المجرمون لإطالة الحرب ضد شعبنا.

يعني قيام جيش وطني حر تأسيس جيش مهني يضم تشكيلات محترفة ينضوي في صفوفها مقاومون محليون ومقاتلون محترفون، وكل من يقبل الخضوع لامرة قياداتها والعمل تحت اشرافها او بالتنسيق معها. ويعني كذلك ان صفوفه ستبقى مفتوحة امام الراغبين من جيش النظام في الانضمام اليه والاندماج في تشكيلاته. مثل هذا الجيش، يجب أن يكون قادرا على تطويع وتجنيد اعداد كافية من الشبان، وان تكون له قيادات مرجعيتها رئاسة اركان الجيش الحر، وان تتبع وحداته وتشكيلاته لوزارة الدفاع، وتقاد من هيئة اركان تتكون من رئيس وقادة الادارات المختلفة، وقادة الجبهات: نوابه المحليون او الشخصيون. لن يكون هناك بعد قيام الجيش اعطيات لهذا او ذاك، او مخصصات كيفية تتلاعب بها الاهواء ومجريات المعارك المزعومة او الصحيحة، بل ستكون هناك موازنة لوزارة الدفاع، التي ستعطي الجبهات مخصصات مدروسة وكافية، تحدد حجمها ووظائفها قواعد عسكرية يمليها دورها في القتال وما تواجهه من تحديات، واسس مالية تنظمها قواعد محاسبية دقيقة. ستستخدم الجبهات القسم الأكبر من موازناتها السنوية لادامة معاركها وتقديم الرواتب والخدمات لمقاتليها، بما في ذلك تعويضات ورواتب تقاعدية للشهداء والجرحى تقدمها لهم وزارة الدفاع، وستمتلك مؤسسات خدمية تمتلكها عادة الجيوش المهنية من مشاف ومستوصفات ومؤسسات استهلاكية واستراحات واعلام... الخ. لا داعي للقول إن الموازنة العامة ستخضع لرقابة مالية خبيرة ومستقلة، وستصرف طبقاً لاصول محاسبية حصينة ضد الفساد والهدر والاعتباطية. اما استراتيجية الجيش القتالية، فلن تقوم بعد الآن على حرب المدن بل على حرب الحركة وقطع طرق امداد ومواصلات النظام وضرب مراكز قيادته وسيطرته، وتدمير مستودعات ذخيرته ومراكز انتشاره ومصادر معلوماته، وسيكون هدفها اتخاذ كل ما هو ضروري من تدابير واستعدادات لمنع إنزال الهزيمة بالمقاومة في مرحلة اولى، ولتنمية قدرات الجيش وعديده في الوقت نفسه لانجاز انقلاب نهائي في موازين القوى، وبدء حملات عسكرية كبرى تغطي معظم اراضي بلادنا في وقت واحد في مرحلة تالية، يتم خلالها تفكيك جيش النظام وتحرير المزيد فالمزيد من المناطق، وترك الباب مفتوحاً امام التعاون مع وحداته التي تقلع عن مقاتلة الجيش الحر، أو تبدي استعدادها للانضمام اليه.

سيقوم إعلام الائتلاف بحملات منظمة لكسب الرأي العام العالمي، بجهود مكاتبه في الداخل وبلدان اللجوء ولوبيات اجنبية متخصصة تعمل في الخارج، وسيستخدم انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الفاضحة للمواثيق والعهود الدولية لتعرية النظام والدفاع عن ديمقراطية الثورة وحق الشعب في تقرير مصيره. وسيستعين الاعلام بالدوائر والجهات المعنية بهذه الحقوق ليعد محاكمة شعبية دولية في وقت غير بعيد، تلعب احكامها العادلة دورا مهما في تجريد الاسد ونظامه من الحق في الحكم والاستمرار في السلطة، وتقنع الرأي العام العالمي بضرورة رحيلهما لاسباب تتخطى السياسة، تتجلى في خطرهما على الامن والسلم الدوليين، وتعاونهما مع تنظيمات الارهاب، التي لم يتوقفا يوما عن فبركتها واستخدامها ضد شعبهما وبقية شعوب العالم. هذه المحكمة يجب أن تشارك فيها شخصيات رمزية دينية ودنيوية معروفة ومحترمة عالميا، تستبق احكامها والحقائق التي ستقدم إليها تقديم بشار الاسد إلى محكمة مجرمي الحرب في لاهاي. وسيشن الائتلاف في الوقت نفسه حملة منظمة ولا هوادة فيها لتوعية الشعب بسياساته وبرهانات الثورة الأصلية، وبمخاطر النزعات التكفيرية والمتطرفة على وحدته وبقاء دولته واستقلال وسيادة وطنه.

سيقيم الائتلاف علاقات برلمانية منظمة وقانونية مع الحكومة الموقتة، وسيشرف على اعمالها في المجالين الخارجي والداخلي، وسيتعامل معها بوصفها جهازا وطنيا من الضروري ان يكون حسن الادارة والاداء، ومرجعية تنفيذية موثوقة للسوريات والسوريين، مكلفة برعايتهم وحل مشكلاتهم وتزويدهم بما يحتاجون اليه من عون وتعليم وعلاج وسكن، دون ان يصرفها اهتمامها بالشؤون اليومية عن اعادة بناء الوطن واعداده لاستقبال السوريين في ديارهم، واخراجهم من بؤس حالهم الراهنة في المهاجر.

سيولي الائتلاف اهتماماً خاصاً ومركزاً لتنظيمات المجتمع المدني المختلفة داخل وخارج الوطن، وسيتعامل معها كطرف اصيل في الثورة من الضروري ان يكون ممثلاً بعدالة في مؤسساته السياسية والعسكرية والاعلامية والثقافية والاغاثية، لا سيما وان هذه التنظيمات ستقوم بمهمة على قدر استثنائي من الاهمية، هي تطوير وتنفيد انشطة سياسية ومجتمعية واعلامية وثقافية واغاثية مبدعة في اماكن وجود السوريين، من شأنها تعزيز لحمة مجتمعهم، ومساعدة المهجرين والمشردين واسر الشهداء والجرحى والمعتقلين على تجاوز مصاعبهم، والعناية باسرهم واطفالهم. سيعزز الائتلاف التعاون مع ممثلي المجتمع المدني وسيأخذ مشورتهم ويفيد من خبراتهم وقدراتهم في تعامله مع السوريين.

لن ينجح الائتلاف في إنجاز هذا البرنامج من دون اصلاح يبدل دوره وبنيته واداءه، ويقربه من صورة وبنية منظمة تحرير، سواء من حيث وحدته وديناميته، ام تشعب انشطته، ام امساكه بقضيته وتمسكه باستقلالية قراره، ام مشاركة مكونات الجماعية السورية في خياراته، ام فاعلياته الاقتصادية والمالية، أم قدرته على تعبئة شعبه المبعثر والمشتت وحمله المسؤولية عنه في جميع مناحي حياته، أم تمسكه بحقوقه دون تنازل عنها، أم مرونته في استعمال اوراقه وجرأته على الدخول في علاقات تطوع خصومه وتضعهم في خدمة قضيته، واخيرا الانسجام بين تنوع مكوناته وبين التزامه بتوافق وطني دائم، يجعل معارضيه مصدر إثراء لخطه العام الذي تقره هيئته العامة، واداة ضغط على خصومة تمكنه من صياغة خط يوحد اطيافه المختلفة في الدفاع عن مصالحها واهدافها العليا، رغم خلافاتها التي تبقى ضيقة وخاصة بكل منها.

في السياسة العامة، سيكون هناك تحول في سياسة الائتلاف نحو علاقات متوازنة مع اطراف المعضلة السورية تقوم على ثوابت الثورة ومطالب الشعب، كما سيؤسس تحالف مع الدول العربية والاجنبية، يراعي استقلال القرار الوطني السوري والندية بين اطرافه، التي يجب ان تعطي الاولوية لرحيل الاسد على الحرب ضد الارهاب، او التي تعتبر حكمه جزءا من المنظومة الارهابية، وجهة تستهدف ممارساتها الاجرامية ارغام السوريين على الالتحاق بصفوفها. هذه البلدان هي بالدرجة الأولى فرنسا وتركيا والمملكة العربية السعودية وبلدان الخليج، التي عليه اقامة اوثق العلاقات معها، والافادة منها للضغط على اميركا، الدولة التي ادارت ازمتنا طيلة فترة ما بعد الثورة، واستخدمتنا لتصفية حساباتها مع روسيا وايران، وانتهجت سياسات ظالمة تجاهنا، بحجج واهية وحسابات كبدتنا خسائر فادحة في كل قطاع ومجال. اذا كانت واشنطن صادقة في دعمها لنا، كما تدعي، فإنه سيكون عليها دعم توجهنا التحالفي الجديد، فإن رفضت توجهنا وكتلته، كان علينا التمسك به والعمل لتحقيقه، شاءت ذلك أم ابته، بما أننا لن نخسرها كحليف وداعم، فهي ليست حليفا، ومع ذلك، فإننا لن نحولها إلى خصم، وسنكتفي بوضع انفسنا خارج الخطوط الحمراء التي حددتها للصراع، أو بثلم فاعليتها وتخفيف آثارها المرعبة علينا، ويحتمل كثيرا أن تكون هزيمتنا واحدا من منوعاتها.

هل سنكون قادرين على انجاز هذه المهمة؟ جوابي: نعم، ان كنا حقا من طينة الثوار، واخلصنا العمل كفريق موحد ومتماسك يضع الولاء للوطن فوق أي ولاء جزئي أو ادنى، يدير الائتلاف كمؤسسة عمل وطني يتحمل مسؤولية تنشيطها وحسن عملها جميع اعضائها، من الضار جدا بمصالح الوطن العليا وفرص انتصار الثورة أن تبقى مرتبطة بشخص واحد هو رئيسها، وان تفتقر الى ضوابط ونواظم رقابية يخضع لها الجميع من دون اي استثناء، تجعلنا نرى قياداتنا بدلالة برامجنا بدل رؤية اعمالنا بدلالة قياداتنا، وانحيازاتنا الكتلية والشللية، التي قوضت قدرتنا على الحركة المنتظمة والفاعلة، القابلة للتطور والتقدم بحسب حاجات صراعنا في سبيل حريتنا، ووحدة مواقفنا وصفوفنا. أخيرا، لا بد ان نعرف كيف نجعل من انفسنا بديلا للنظام مقنع عالميا، ومن اخراج الائتلاف من دائرة تسيطر عليها خلافاتنا وانقساماتنا الى رحاب القضية الوطنية، التي يتوقف استمراره على نجاحه في ان يكون اداة وحاضنة لها، واقعية الحسابات قاطعة الإرادة، مصممة على نيل الحرية لشعب سوريا الواحد.

من الضروري ان تتم عملية اعادة بنية شاملة لانشطة الائتلاف، تخضعها لدوائر ومكاتب متخصصة ومتفرغة تغطي جميع جوانب وجود السوريين وقضيتهم، التي لم تحظ إلى اليوم بتغطية عامة تطاول مختلف اوجهها، ولا بد من ايجاد مؤسسات وهيئات تلبي هذا الغرض، يديرها سوريات وسوريون وفق الظروف التي يعيشون فيها ويعرفونها اكثر من اية جهة اخرى، وكيف يتعاملون معها لفائدة الائتلاف، الذي يجب ان يبلور معهم صيغا يستطيعون العمل في اطارها، لا تقيد حركتهم او حريتهم في النشاط بطرق واساليب يقررونها في ضوء خبراتهم وتجاربهم ومعرفتهم ببيئتهم. سيغطي الائتلاف أكثر الصور شمولاً سائر اوجه القضية السورية، وسيوحد السوريات والسوريين حولها، وسيتواصل مع كل مواطن ويسعى لجعل عمله تكامليا وتواصليا مع عمل غيره، ليس فقط من اجل ملاحقة وتعرية النظام الارهابي الحاكم، وكسب الرأي العام في بلدانهم، بل كذلك من أجل رد القضية إلى حقيقتها كقضية حرية وكرامة انسانية وعدالة ومساواة، على العالم اعتبارها جزءا من تقدمه، بدل النظر اليها بمنظورات مضللة، تتهمها مرة بالارهاب، واخرى بالنزوع إلى العنف والتطرف.

- لتحقيق ما تقدم، أقترح تأسيس الدوائر التالية في الائتلاف:

- دائرة سياسية لها مكاتب متخصصة تعني بمتابعة وتوثيق كل ما يخص قضيتنا السورية من معلومات وسيناريوات وقرارات ونقاشات، على أن تغطي مكاتبها اميركا الشمالية وكندا، واوروبا الغربية، وروسيا وايران والصين، والوطن العربي.

- دائرة عسكرية تعمل لتزويد التشكيلات المحلية والمناطقية والوطنية المقاتلة، التابعة للجيش الحر، بكل ما تحتاج اليه من عتاد واموال وارزاق، وبتجنيد قوى مقاتلة ترفد الميدان بمختلف تشكيلاته، يشرف عليها ادارة تابعة لرئيس الاركان.

- دائرة اعلامية تنتشر مكاتبها في مراكز رئيسة من اميركا وكندا واوروبا الشرقية والوسطى والغربية، والعالم العربي، تتولى نشر المعلومات عن الثورة، والدفاع عن حق الشعب السوري في الحرية والامن، وتحريك الرأي العام العالمي لصالح قضيته العادلة.

- دائرة مالية تضم دائرة خاصة بتأمين الموارد من مصادر وطنية اولاً، وبناء مؤسسات انتاجية وتجارية تغطي عائداتها مختلف جوانب العمل الوطني وتتيح استقلالية اقتصادية وسياسية لقيادة الثورة.

- دائرة الشؤون السورية، التي تعنى مكاتبها المنتشرة في كل مكان بادارة شؤون السوريات والسوريين داخل وخارج بلادنا، بالتعاون والتكامل مع الحكومة ومؤسساتها التنفيذية.

- الدائرة القانونية، التي توثّق الجرائم المرتكبة ضد مواطناتنا ومواطنينا، وتزود الدائرتين السياسية والاعلامية بها لنشرها وتعميمها في العالم، واستخدامها كسلاح بيد الثورة ضد النظام. وتعمل لاستعادة اموال الشعب السوري المجمدة في الخارج، وتلك التي سرقها اهل النظام وتم ايداعها في مصارف اجنبية، وتعد العدة اخيرا لمحاكمة شعبية دولية للنظام ورموزه في حال استمر رفض المنظمات الدولية احالتهم إلى محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

() هذا النص جزء من وثيقة برنامجية طويلة (37 ص فولسكاب)، أرسلها إلينا الكاتب ميشال كيلو، ونظراً لأهميتها تنشر صفحة «رأي وفكر» مقدمتها والتوصيات المتضمنة فيها.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,762,379

عدد الزوار: 6,913,609

المتواجدون الآن: 92