فريقان إسرائيليان يتواجهان في الكونغرس والأميركيون حائرون

تاريخ الإضافة الإثنين 27 تموز 2015 - 6:34 ص    عدد الزيارات 802    التعليقات 0

        

 

 فريقان إسرائيليان يتواجهان في الكونغرس والأميركيون حائرون
القدس المحتلة - آمال شحادة 
المعركة التي يخوضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الكونغرس الأميركي، لضمان اكثرية رافضة للاتفاق مع ايران، دخلت مرحلة عالية من الغرابة. فإضافة الى كونها تدخلاً اسرائيلياً سافراً في الشؤون الداخلية الأميركية، وإنحيازاً واضحاً وفاضحاً لمصلحة منافسي الرئيس الأميركي باراك اوباما، هناك اقتناع بأنها تنطوي على احتمالات نجاح ضعيفة جداً. وإن نجحت أو لم تنجح، ففي الحالين ستسفر عن تفاقم الأزمة بين القيادتين وستمس بأوباما ولن تنتهي بلا ثمن تدفعه اسرائيل. والمعارضة الإسرائيلية، التي توافق نتانياهو على ان الاتفاق سيء لإسرائيل ولحلفاء اميركا في المنطقة، تعتبر معركة نتانياهو في الكونغرس مغامرة خطيرة ستكون لها تبعات. ولذلك قررت أن تقول لنتانياهو: لا يكفي انك فشلت في ادارة المعركة ضد الاتفاق، فها أنت تواصل الفشل لتضرب العلاقات مع اميركا.
لكن الأخطر من ذلك هو ان نتانياهو رفض مناقشة رزمة المساعدات السخية، المالية والعسكرية، التي حملها معه الى تل ابيب وزير الدفاع الأميركي، اشتون كارتر، خوفًا من ان يبدو ذلك بمثابة قبول بالاتفاق.
المقربون من نتانياهو لا يصدقون انه لم يبحث مع الضيف الأميركي في هذه المساعدات، ويجمعون على ان نتانياهو يبحث اليوم عن مكاسب عسكرية وسياسية واقتصادية ولن يتنازل عن رزمة الدعم هذه، وقد تُرجم هذا الأمر خلال التصريحات المتبادلة بين كارتر ونظيره الإسرائيلي موشيه يعالون، فخلال لقائهما اوضح كارتر ان امن إسرائيل وتفوقها النوعي هما من الأولويات العليا للولايات المتحدة ولجيشها، فيما اكد يعالون انه، وعلى رغم كل الفوارق، تتشاطر واشنطن وتل ابيب مصالح مشتركة وقيماً مشتركة».
لكن نتانياهو، يبقى، وإلى حين التصويت على الاتفاق مع ايران في الكونغرس، على موقفه وتعنته ويسعى لفرض موقفه داخل الكونغرس. وقد بعث برسالة علنية الى اعضاء الكونغرس الأميركي لإقناعهم بمعارضة الاتفاق النووي مع ايران. وقال ان» مصادقة مجلس الأمن ليست نهاية الطريق، وطالما بقيت العقوبات التي فرضها الكونغرس على ايران سارية المفعول، ستضطر ايران الى تقديم التنازلات وليس الحصول عليها».
وتستهدف تصريحات نتانياهو هذه أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الذين سيدرسون الاتفاق خلال شهرين ليقرّوا بعد ذلك رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس على إيران أم لا. ويسود التقدير في اسرائيل بأن اعضاء الحزب الجمهوري سيقررون ابقاء العقوبات، الأمر الذي سيجر فيتو رئاسياً من اوباما، وعندها سيجرى تصويت آخر لإلغاء فيتو اوباما، لكن ذلك سيحتم الحصول على تأييد ثلثي اعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني انه يجب ان يصوت 13 عضواً على الأقل من اعضاء الحزب الديموقراطي ضد رئيسهم.
وتحظى حملة الترهيب والتخويف من الاتفاق مع ايران، التي يخوضها نتانياهو، بدعم شخصيات عسكرية وضباط استكملوا هذه الحملة بتصريحات، من بينها قول أحد الضباط: «ايران لا تزال تقف على رأس اهتمامات الجيش الذي يفترض أن إيران ستواصل محاولة تنفيذ خطتها النووية العسكرية سراً. وفي ضوء هذا التقدير، يتوقع ان يركز الجيش على جمع المعلومات عن الخطة النووية والبحث عن خروق للالتزامات الإيرانية. وإلى جانب ذلك يتوقع أن يبقي الجيش قوات جوية متأهبة للرد المحتمل على التهديد الإيراني».
معركة شاملة
يدير نتانياهو معركته في الكونغرس الأميركي عبر فروع متشعبة ووسائل عدة. فسفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة رون دريمر، يعقد اجتماعات ماراتونية مع أعضاء في الكونغرس لتجنيدهم ضد الاتفاق. وحتى توقيع الاتفاق مع ايران كان قد التقى بأكثر من 30 مشترعاً من اتحاد أعضاء الكونغرس السود. واختيار هؤلاء النواب في الكونغرس، ليست صدفة، اذ تخشى اسرائيل خسارة دعمهم عقب التصريحات والمواقف التي يطلقها نتانياهو. ويرى هؤلاء ان الأخير يتعامل في شكل غير محترم مع اوباما، اول رئيس اسود في الولايات المتحدة.
ولم يفوّت الإسرائيليون الرافضون للاتفاق مناسبة للتحريض عليه، وكما يرى وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه أرينز، فإن اوباما تخلى عن موقفه الأصلي الذي قال ان «كل الخيارات مطروحة على الطاولة»، وألغى عملياً كل تهديد محتمل بشن هجوم عسكري. وأضاف انه لن تبقى خيارات على الطاولة فالمواعيد النهائية التعسفية المنصوص عليها للتوصل إلى اتفاق، توضح أن تمديد المفاوضات مقابل استمرار العقوبات ليس خياراً مطروحاً على الطاولة. كما ان الانسحاب من المفاوضات وزيادة العقوبات عندما كان الاقتصاد الإيراني يواجه أزمة، لم يكونا خياراً. ويتضح أنه «لم يتبق اي خيار على الطاولة ما عدا الموافقة على شروط إيران»، وأضاف: «قد لا تنجح ايران في إنتاج قنبلة نووية خلال فترة معينة، وعندما ستنجح، قد لا تستخدمها. ولكن الآثار السلبية للاتفاق في منطقة الشرق الأوسط ستكون قوية. فإيران ستملك الكثير من الموارد التي ستستخدمها لتعزيز المنظمات الإرهابية التي تهدف إلى الإضرار بحلفاء الولايات المتحدة».
وتجاوز موقف أرينز الانتقاد والتحذير ليصل الى الهجوم المباشر على اوباما بقوله: «في رده على الحجة في شأن تزايد نفوذ إيران، قال أوباما، ان إيران ستكون، وينبغي أن تكون، قوة إقليمية»، ولكن «قد تندم الولايات المتحدة على قيامها من خلال الاتفاق بمساعدة إيران على ان تصبح قوة كهذه. أن هذا الاتفاق سوف يفاقم المشاكل في الشرق الأوسط، وأولى البلدان التي ستشعر بتأثيره فيها هي إسرائيل. ولا عجب في أن الأسد وحزب الله وحماس يخرجون عن أطوارهم لشدة حماستهم. العيب الأساسي في عملية التفاوض كان في رفض أو عدم قدرة ممثلي القوى العظمى على فهم مع من يتعاملون».
وانضم الخبير إيزي لايبر إلى حملة الكونغرس فأعلن ان الاتفاق مع ايران سيذكر في التاريخ كـ «وصمة عار» تهدد وجود إسرائيل والدول العربية المعتدلة، وقال: «إيران هي النظير الإسلامي لألمانيا النازية. في ظل المساعدة التي يقدمها الرئيس أوباما الى دولة على العتبة النووية ستتلقى 150 بليون دولار بعد رفع العقوبات، فضلاً عن رفع الحظر المفروض عليها، سواء في مجال الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية، يفترض بإسرائيل السعي، على المدى القصير، لإقناع الكونغرس والرأي العام الأميركي بالعواقب المدمرة والشيطانية الدولية لهذا الاتفاق، إذا تم تطبيقه. احتمال إضافة آليات المراقبة والسيطرة الى الاتفاق بدل الثقة العمياء بأن الإيرانيين سيقومون بدورهم، منخفض. وفي ضوء ذلك يجب بذل كل جهد لإقناع أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ برفض الاتفاق وتحقيق غالبية الثلثين اللازمة في مجلس الشيوخ لتجاوز الفيتو الرئاسي، إذا لزم الأمر». ولفت إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب انضمام عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين الى الغالبية الجمهورية وخروجهم علناً ضد رئيسهم. وهذا النوع من النشاط «يتطلب من السياسيين الإسرائيليين أن يضعوا جانباً مصالحهم الضيقة والتحدث بصوت واحد وواضح».
اللوبي اليهودي
المدير العام للوبي اليهودي في أميركا «أيباك»، هوارد كور، أطلق مبادرة تهدف إلى إقناع الكونغرس بمعارضة الاتفاق. والمدير العام لمنظمة مكافحة الإهانات والتجريح، آبي فوكسمان، ضد إدارة أوباما في هذه المسألة. كما احتجت العديد من المنظمات اليهودية الصغيرة التي تقودها المنظمة الصهيونية الأميركية، بقوة ضد أوباما.
لكن في المقابل خرجت قوى اليسار الليبرالي في التنظيمات اليهودية الأميركية المتمثلة في تنظيم «جي ستريت»، بحملة ضد نتانياهو وتوجهه. وجنّدت لمصلحتها عدداً من المسؤولين الأمنيين الإسرائيلين السابقين المؤيدين للاتفاق، وفي مقدمهم رئيس «الشاباك» (الاستخبارات العامة) السابق الجنرال احتياط عامي أيالون، ورئيس «الموساد» (الاستخبارات الخارجية) السابق إفرايم هليفي، والجنرال احتياط يسرائيل زيف، والخبير الإستراتيجي البروفسور عوزي إيفن الذي شغل في السابق مناصب رفيعة للغاية في المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة، فضلاً عن زعيمة حزب «العمل» السابقة والنائبة الحالية في الكنيست، شيلي يحيموفيتش. كما جنّدت موقف «مجلس السلام والأمن» الإسرائيلي الذي يضم في صفوفه 1300 شخصية عسكرية وأمنية وديبلوماسية مرموقة والذي يرى انه «على رغم أن الاتفاق ليس الأمثل، فهو يمنع الخطر الفوري المتمثل بإمكان توجّه إيران للحصول على قنبلة نووية. ومن المتوقع أن يتمكن الاتفاق من إطالة أمد قدرة إيران على تطوير القنبلة النووية من شهرين إلى سنة، وذلك على مدار فترة عشر سنوات». واعتبر الجنرال احتياط يتسحاق بن أهرون، الذي كان رئيساً لوكالة الطاقة الذرية الإسرائيلية، أن الاتفاق «ليس الأفضل لمصلحة إسرائيل، ولكنه يمنع إيران من أن تتحول إلى دولة نووية في السنوات الـ 15 المقبلة».
ومما قاله عامي أيالون في هذا الشأن أيضاً إنه «الخيار الأفضل، وذلك خلافاً لموقف نتانياهو الذي اعتبر ان الاتفاق «خطأ تاريخي». عندما يقاس الأمر بقدرات إيران النووية، فإن هذه الصفقة هي الخيار الأفضل». وأضاف: «عندما بدأت المحادثات كانت إيران على بعد شهرين من صنع قنبلة ذرية، والآن سيستغرق ذلك 12 شهراً». وانتقد «الإسرائيليين الذين لا ينجحون في التفريق بين مسألة خفض القدرة النووية الإيرانية وكون إيران الشيطان الأكبر في الشرق الأوسط»، مشدداً على أنه «من السهل جداً العزف على مخاوف المجتمع الإسرائيلي».
وهكذا، تصبح المعركة في الكونغرس الأميركي إسرائيلية: الإسرائيليون المؤيدون يواجهون الإسرائيليين المعارضين، بينما الأميركيون يتأرجحون بينهما.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,175,933

عدد الزوار: 6,759,006

المتواجدون الآن: 112