تسليح أكراد العراق: محاربة تنظيم الدولة، واستدراج الصراع

تاريخ الإضافة الجمعة 29 أيار 2015 - 6:47 ص    عدد الزيارات 692    التعليقات 0

        

 

تسليح أكراد العراق: محاربة تنظيم الدولة، واستدراج الصراع
Middle East Report N°158 12 مايو 2015
الملخص التنفيذي
الدول الغربية التي انتظمت في تحالف صُمِّم لهذه الغاية، قدّمت على وجه السرعة المساعدات العسكرية لأكراد العراق لمواجهة هجوم صاعق شنّه تنظيم الدولة في حزيران/يونيو 2014. غير أن هذه الدول أخفقت في وضع استراتيجية للتعامل مع تبعات تسليح الكيانات داخل الدولة العراقية التي تزعم هذه البلدان أنها تدعم وحدتها. بدلاً من صياغة رد عسكري قوي وموحّد للتهديد الذي يشكّله تنظيم الدولة، فإن تعزيز قدرات القوات الكردية سرّعت من تشظّي الكيان السياسي الكردي، وزاد من حدة التوترات بين هذه القوى من جهة والجماعات غير الكردية من جهة أخرى في المناطق المتنازع عليها وقوّى شوكة القوى الساعية للانفصال عن العراق. ثمة مخاطرة في أن تطيل المساعدة العسكرية بهذه الطريقة من أمد الصراع مع تنظيم الدولة، وأن يفاقم من صراعات أخرى طويلة الأمد وأن يتسبب في صراعات جديدة. ثمة حاجة لمقاربة جديدة تُجري مراجعة للجهود السابقة وتبني عليها من أجل تحويل القوات الكردية إلى مؤسسة احترافية.
رغم المخاوف الغربية، فإن من غير المرجّح أن يعزز القيام بذلك من فرص تحقيق الاستقلال للأكراد. لقد أصبحت الأحزاب الكردية أكثر، وليس أقل، اعتماداً على تحالفاتها مع تركيا وإيران منذ ظهور تنظيم الدولة. تركيا، وهي الدولة القادرة على منح الأكراد مصدراً مستقلاً للإيرادات من مبيعات النفط سيحتاجونه إذا تحركوا بشكل فعال نحو الاستقلال، لم تشر إلى أنها مستعدة للقيام بذلك، بل أكّدت على الدوام على أنها ترغب في المحافظة على وحدة العراق. كما أن الممارسة الراهنة للدول الغربية المتمثلة في تقديم الأسلحة للأكراد من خلال بغداد وتشجيع الجانبين على تسوية نزاعاتهما العالقة حول صادرات وإيرادات النفط ستبقي الإقليم الكردي داخل العراق. بالفعل، فإن تطوير قوة عسكرية كردية احترافية شرط ضروري للتنسيق الفعّال مع حكومة بغداد وللتعاون المشترك ضد تنظيم الدولة ولإعداد خطة سياسية لما بعد تنظيم الدولة.
تستند المساعدات العسكرية التي يقدّمها التحالف إلى الاعتقاد بأن تقديم الأسلحة والتدريب للقوات الكردية، المعروفة بالبشمركة، سيحسّن من أدائها في مواجهة تنظيم الدولة، وهي فكرة يسارع القادة الأكراد لنشرها والترويج لها. إلاّ أن الوضع المتغيّر للسياسات الكردية العراقية يقدّم صورة أكثر غموضاً؛ حيث إن الحزبين المهيمنين المتنافسين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، يبتعدان فعلياً عن الاتفاقية الاستراتيجية الإطارية التي كانت قد حققت الاستقرار لعلاقاتهما بعد فترة من الصراع وسمحت لهما بتشكيل جبهة موحّدة أمام الحكومة المركزية وكذلك أمام إيران وتركيا المجاورتين. أضف إلى ذلك أن قائديهما التاريخيين، مسعود برزاني وجلال طالباني، باتا في خريف مسيرتهما السياسية، ما يدفع بصراع على السلطة داخل نخب الحزبين.
ولذلك فإن هذه لحظة تعتريها الكثير من الهشاشة. بدلاً من تعزيز الوحدة والمؤسسات الكردية، فإن آخر تجليات "الحرب على الإرهاب" تثير توترات قاتلة وتقوّض كل التقدم الذي تحقق في تحويل البشمركة إلى قوة عسكرية حيادية سياسياً تخضع لسلسلة قيادة واحدة. كما أنه يمهّد الطريق لتجدّد التدخل الخارجي في الشؤون الكردية، خصوصاً من قبل إيران ويشجع الأكراد على محاولة السيطرة على مزيد من الأراضي وعلى الموارد في المناطق التي يدّعون أنها جزء من إقليمهم الذي يتمتع بالحكم الذاتي، مما يزيد من تعقيد علاقاتهم مع جيرانهم العرب السنّة وحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.
ظاهرياً، وبعد تقديم المساعدات العسكرية في البداية للحزب الديمقراطي الكردستاني في آب/أغسطس 2014، فإن المساعدات العسكرية الغربية قُدّمت حتى الآن لحكومة إقليم كردستان، وبموافقة مسبقة من بغداد. لكن عملياً، فإن تقديم الأسلحة من قبل مجموعة من المانحين يتم بشكل أحادي، وغالباً دون تنسيق وكذلك دون شروط فيما يتعلق بتوزيعها واستخدامها على خطوط الجبهة. ونتيجة لذلك، فإنها عادت بالفائدة بشكل غير متناسب على الحزب الديمقراطي الكردستاني، القوة المهيمنة في أربيل، عاصمة الإقليم، وبالتالي دفعت الاتحاد الوطني الكردستاني إلى المزيد من الاعتماد على المساعدات العسكرية الإيرانية والتحالف مع حزب العمال الكردستاني، المنظمة الكردية المتمرّدة العاملة في تركيا. وفي هذا السياق، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، الشريكان الرسميان في حكومة وحدة وطنية، لم يظهرا ميلاً يذكر لتوزيع الأدوار أو القيام بعمليات مشتركة، وفضّلا حتى الآن التنافس بدلاً من التنسيق. نتيجة لذلك، فإن القوات الكردية كانت أقل فعالية في محاربة تنظيم الدولة مما كان بوسعها أن تكون.
في حين ربط أعضاء التحالف المساعدات العسكرية بالقبول بالدور السيادي للحكومة المركزية في توزيع هذه المساعدات، فإنهم يخاطرون بمصلحتهم المعلنة في المحافظة على وحدة العراق. بالفعل، فإنهم ومن خلال الإخلال بالتوازن الهشّ بين الأكراد أنفسهم، وبين الأكراد والعرب السنة وبين الأكراد وحكومات بغداد، وطهران وأنقرة، فإنهم يخاطرون بإضعاف هذه الحكومة. علاوة على ذلك، فإنهم بتمكين القوات الكردية التابعة للأحزاب، فإنهم يسرّعون بتداعي مؤسسات الدولة ويسهّلون التدخل الخارجي. بالنظر إلى الهشاشة والتشظّي اللذان باتا يعتريان العراق، فإن بوسع المرء أن يتساءل وحسب كيف يمكن لتدفق المزيد من الأسلحة إلى هذا البلد أن يجعله أقوى. بدلاً من ذلك، فإن الدول الأعضاء في التحالف، والتي تعمل بالتنسيق مع بعضها بعضاً، ينبغي أن تقنع الأحزاب الكردية باستكمال عملية توحيد أجهزتها العسكرية، والأمنية والاستخباراتية في هيكلية واحدة غير حزبية وذلك بتمكين الألوية المشتركة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والعناصر الأكثر احترافية في البشمركة؛ والتعاون مع الجهات الفاعلة من غير الأكراد في المناطق المتنازع عليها؛ ووضع خطة لما بعد تنظيم الدولة مع الحكومة المركزية تعزز التعاون الأمني في هذه المناطق وتدفع قُدماً عملية تسوية وضعها من خلال المفاوضات.
لقد حان الوقت كي ترتّب قيادة إقليم كردستان بيتها الداخلي. يمكن لها أن تفرح بالدعم المؤقت في حربها ضد تنظيم الدولة، إلاّ أن المشاكل القديمة سرعان ما ستعود، ويمكن أن تشكل تهديداً أكثر خطورة على استقرار الإقليم من أي تهديد يمكن لتنظيم الدولة نفسه أن يشكله.
التوصيات:
إلى حكومات الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء في التحالف:
1. تأسيس قيادة مركزية للتحالف يتم من خلالها تقديم الدعم العسكري لأكراد العراق وتكليف هذه القيادة بما يلي:
أ‌)   تنسيق تقديم الأسلحة لقوات البشمركة الكردية وتدريبها عليها من قبل الدول الأعضاء في التحالف؛
ب‌) ضمان أن يتم توزيع الأسلحة وأن تستخدم بشكل حصري من قبل الألوية المشتركة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني؛
ج) اشراك وزير شؤون البشمركة وقادة الألوية من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في التكتيكات العسكرية واستخدام الأسلحة المقدّمة من التحالف؛
د) جعل الدعم العسكري مشروطاً بتنسيق العمليات ضد تنظيم الدولة مع الجهات الفاعلة غير الكردية في المناطق المتنازع عليها ومع حكومة العبادي، ووضع خطة مع حكومة العبادي لمرحلة ما بعد تنظيم الدولة تنص على استعادة المؤسسات المحلّية وقوات الأمن في هذه المناطق.
إلى وزير شؤون البشمركة وقيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني:
2. تأسيس غرفة عمليات مشتركة تجمع الوزير، وقادة الألوية المشتركة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والأجهزة الأمنية المعنية لوضع استراتيجية أمنية وطنية كردية تسهّل تسليم المساعدات العسكرية التي يقدّمها التحالف.
3. الاستمرار في إدماج القوات شبه العسكرية في الألوية المشتركة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني التابعة لسلسلة قيادة واحدة والامتناع عن نشر القوات غير النظامية ضد تنظيم الدولة.
4. تحسين التنسيق مع حكومة العبادي والجيش العراقي بشأن تقديم الأسلحة والتدريب لحكومة إقليم كردستان..
5. استكمال إدماج الأجهزة العسكرية، والأمنية والاستخباراتية للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في حكومة إقليم كردستان.
إلى رئاسة إقليم كردستان:
6. تشجيع توحيد المؤسسات في حكومة إقليم كردستان بشكل عام ووزارة شؤون البشمركة بشكل خاص وتحريرها من سيطرة الأحزاب.
7. إشراك حكومة العبادي في الترتيب لمستقبل المناطق المتنازع عليها والمؤسسات المحلّية والامتناع عن إطلاق الدعوات لاستقلال الأكراد.
8. مضاعفة الجهود لتنسيق العمليات الأمنية الإقليمية لحكومة إقليم كردستان مع حزب العمال الكردستاني والقوات المتحالفة معه.
إلى الحكومة العراقية:
9. وضع استراتيجية أمنية مشتركة مع حكومة إقليم كردستان لمواجهة تنظيم الدولة، والعمل مع حكومة الإقليم لتسوية النزاعات العالقة حول صادرات النفط واعتمادات الموازنة.
إلى الحكومتين التركية والإيرانية:
10. دعم جهود التحالف الرامية إلى مأسسة قوات البشمركة وتعزيز تعاونها مع الحكومة المركزية.
 بغداد/أربيل/بروكسل، أيار/مايو 2015

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,754,055

عدد الزوار: 6,913,018

المتواجدون الآن: 101