المهمة الأولى لعرب إسرائيل في الكنيست هي صدّ أربعين قانوناً عنصرياً

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 نيسان 2015 - 7:32 ص    عدد الزيارات 695    التعليقات 0

        

 

المهمة الأولى لعرب إسرائيل في الكنيست هي صدّ أربعين قانوناً عنصرياً
القدس - آمال شحادة
لم يتضح بعد شكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، ولكن في مختلف السيناريوات المتوقعة لتشكيلها سيبقى الطابع اليميني واليميني المتطرف، هو المسيطر على سياستها، سواء لدى رئيسها بنيامين نتانياهو أو رؤساء كتل الائتلاف من أحزاب اليمين والمتدينين. ولم يتأخر أفيغدور ليبرمان، الذي -كما يبدو- سيقبل الوزارات التي سيحددها له نتانياهو حتى يبقى وزيراً، في تعزيز مكانته كمعاد للعرب، فطالب بمقاطعة القائمة المشتركة التي تضم الأحزاب الوطنية الأربعة، الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحركة الإسلامية والتجمع الوطني الديموقراطي والحركة العربية للتغيير، وهذا يعكس البشائر الأولية لسياسة هذه الحكومة. وقد سبقتها دعوات أخرى، لم تقتصر على ليبرمان إنما شارك فيها نتانياهو واليميني المتطرف المستوطن نفتالي بينيت.
فعلى رغم أن هذه القائمة تمثل 85% من المواطنين العرب الذين منحوها أصواتهم في الانتخابات الأخيرة، إلا أن اليمينيين يرون فيها «طابوراً خامساً يخدم الشعب الفلسطيني وقيادته وليس المواطنين في إسرائيل». ويعتبرون نشاطها في سبيل السلام مع الشعب الفلسطيني على أساس مبدأ «دولتان لشعبين»، نشاطاً معادياً للحكومة. وحتى نضالها من أجل المساواة ومن أجل الديموقراطية الحقيقية، يعتبرونه مؤامرة.
وتشير الملامح الأولية لهذه الحكومة، ألى أن المعركة التي سيخوضها فلسطينيو الـ48، مع تحولها قوة ثالثة لن تكون أسهل من معاركها السابقة، بل إن حكومة يمينية متطرفة كهذه ستدخلهم إلى معركة اشد قسوة منذ اليوم الأول لهم في الكنيست، على رغم أن القائمة المشتركة ستكون متمثلة في عدد من اللجان الوزارية كالمالية وغيرها التي قد تساهم في تحسين الأوضاع. واعتذار نتانياهو أمام ثلة من شخصيات عربية، من الليكود، على تصريحاته العنصرية ضد العرب، في يوم الانتخابات، وتخويف اليهود منهم لجلبهم إلى صناديق الانتخابات، لن يغير من الوضع. فهذا الاعتذار، وكما وصفه إسرائيليون، كان بمثابة مسرحية تم إخراجها بشكل مصطنع ولم يقنع أحداً ما قاله خلال الاعتذار: «عملي كرئيس حكومة، بما في ذلك الاستثمار الكبير في قطاع الأقليات، يثبت عكس ما فهم من تصريحاتي». فنتانياهو هو الذي قاد وحزبه الليكود، بدعم أحزاب اليمين، قانون القومية والجمعيات، الذي يشكل معركة في غاية الصعوبة أمام أعضاء الكنيست العرب. فقانون الجمعيات، الذي سيعيق الدعم المالي لفلسطينيي الـ48، هو قانون يعكس سياسة التمييز بأخطر صورها، فهذه الجمعيات تدعم الكثير من المشاريع الاجتماعية والسياسية للعرب وتسد ثغرة كبيرة بين اليهود والعرب الحاصلة نتيجة سياسة التمييز المتمثلة بالأساس في شح الموازنات التي تحصل عليها السلطات العربية، مقارنة بالسلطات اليهودية، ما يجعل البلدات والقرى العربية مهمشة ويمنع توسيع مسطحاتها إلى جانب سياسة هدم البيوت، بذريعة عدم الترخيص، وكلها عوامل تدفع شريحة كبيرة من الشباب العرب إلى ترك بلداتهم والسكن في بلدات مشتركة ونسبة غير قليلة منهم يختارون الهجرة.
في هذه الأيام، تجري محادثات حول توزيع المقاعد في اللجان البرلمانية. وكونها قوة ثالثة يحق للقائمة المشتركة التمثل بنائبين في لجنة الخارجية والأمن ونائبين في المالية. وطالب النائب أحمد الطيبي بالتنازل عن الخارجية والأمن وضمان أربعة أعضاء في المالية، وفي حال تم التجاوب مع هذا المطلب، فلا شك في أن مثل هذا التمثيل سيساهم في دعم مشاريع وموازنات خاصة للعرب. فهذه اللجنة تمسك بمفاتيح موازنة الدولة وبإمكانها أن ترفض إقرار أي موازنة مبنية على أساس التمييز ضد العرب. ووفق ما قال النائب أحمد الطيبي، فإن لجنة المالية واللجان الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، كلجنة الاقتصاد والداخلية والتعليم والعمل والصحة وغيرها، هي ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى قضايا العرب، وتمثيل القائمة المشتركة فيها تأكيد يكسر التفكير النمطي لدى الأحزاب اليهودية بأننا لا نهتم بالقضايا المدنية للجمهور العربي، وهو ادعاء عار من الصحة، وفق الطيبي.
وبدأت تحركات لطرح مختلف القضايا على جدول أعمال الكنيست، أولها ستكون قضية القرى غير المعترف بها التي أثارتها القائمة بشكل غير مسبوق، عبر المسيرة التي انطلقت من القرى غير المعترف بها من النقب، يقودها رئيس القائمة أيمن عودة، وصولاً إلى القدس، فهذه القضية المطروحة على مدار الحكومات الإسرائيلية لم تجد لها الحل، وهو ما دفع إلى أن تكون أولى طروحات القائمة على جدول أعمال الكنيست. كما استبق النقابيون من فلسطينيي الـ48، تشكيل الحكومة وانعقاد الجلسة الأولى للكنيست. وطالبت الجبهة قيادة نقابة العمال المعروفة باسم « الهستدروت»، بإدراج موضوع الدور الكفاحي للنقابة في مواجهة حكومة اليمين والتي تتهدد حقوق العاملين ومكتسباتهم الاجتماعية، على جدول أعمال الكنيست معلنة في الرسالة التي شملت مطلبها: «إن الأجواء في عالم العمل تتعكر أكثر فأكثر، مئات العاملين يفصلون أو على وشك الفصل، غلاء المواد الأساسية وغلاء المعيشة عمومًا يمعنان في خنق الناس، خصوصًا الشباب، والفجوات الاجتماعية الاقتصادية آخذة في الاتساع».
برنامج القائمة
اتفق فلسطينيو الـ48 على أن تشكيل القائمة المشتركة هو خطوة نوعية في مسيرة العمل السياسي والبرلماني للجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، ورافعة لعمل جماعي مشترك من شأنه أن يحقق المكاسب لفلسطينيي الـ48، وكذلك للقوى المتنورة في المجتمع اليهودي، فإلى جانب ما تطرحه القائمة المشتركة من نشاط سياسي ضد الاحتلال الإسرائيلي ومن اجل السلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية، تضع على طاولة برنامجها في الكنيست سلسلة نشاطات في مختلف المجالات التي تهم العرب، وفي مقدمها المساواة القومية والمدنية ومواجهة العنصرية والفاشية. وستكون لمهمة ضمان المساواة واعتماد تكافؤ الفرص والمساواة الجوهرية والعدالة التصحيحية والتوزيعية، أهمية كبيرة في نشاط أعضاء الكنيست العرب إلى جانب المعركة التي تنتظرهم لمواجهة سياسة مصادرة الأرض وهدم البيوت ومن أجل الاعتراف بالقرى غير المعترف بها، ومن أجل توسيع المسطحات الهيكلية للمدن والقرى العربية، وتوفير أراض للبناء ومناطق صناعية وأماكن عمل فيها، ومن أجل الاعتراف بحقوق المهجرين، وبخاصة حقهم في استعادة قراهم وأراضيهم المصادرة والعودة إليها، ومن أجل إلغاء التجنيد العسكري الإلزامي المفروض على أبناء الطائفة الدرزية، وكل مشاريع التجنيد العسكري والخدمة المدنية للشباب العرب.
وهناك برنامج خاص، يضعه النواب العرب، لضمان حقوق العمال وضد الفقر والبطالة عموماً وفي المجتمع العربي خصوصاً، كما سيفرز مكاناً خاصاً في نشاطها لإعادة مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، وتطبيق ذلك في كل المجالات، وتعزيز الانتماء القومي وصقل الهوية الوطنية ومن أجل تجذير ثقافة الحوار والثقافة الديموقراطية.
قضايا متعددة ومهمة وضعتها القائمة المشتركة في برنامجها، ولكن السؤال هو ما إذا ستكون قادرة على تحقيق هذا البرنامج؟
الواضح حتى الآن أن فلسطينيي الـ48 وممثليهم في الكنيست، سيخوضون معركة صعبة وقاسية، وفي جانب منها ستكون معركة من أجل البقاء والحفاظ على الأرض والوجود، فحكومة بنيامين نتانياهو ستكون حكومة متطرفة بامتياز. وبرامج الأحزاب التي ستشكلها، تحمل جوانب عنصرية ضد العرب ووجودهم، فليبرمان الذي يريد أن يتولى أهم الحقائب الوزارية، بنى معركته الانتخابية على الشعار»أرئيل مقابل أم الفحم»، وأرئيل هي مستوطنة إسرائيلية تقوم في منطقة نابلس، وهو يريد ضمها إلى إسرائيل مقابل ضم أم الفحم وبقية قرى منطقتها إلى الدولة الفلســـطينية العــتيدة، وهو مشروع يطرحه ليبرمان منذ سنوات عبر خطته «تبادل الأراضي»، وهي خطة لم يرفضها نتانياهو ولا وزراء حزبه، وكما يبدو أيضاً وزراء الأحزاب التي ستشارك في الحكومة المقبلة. ومخطط كهذا سيدخل فلسطينيي الـ48 من أقصى الشمال، في رأس الناقورة وحتى أقصى الجنوب في النقب وإيلات، في معركة قاسية.
أربعون قانوناً عنصرياً ينتظر الأعضاء العرب الدخول في صراع معها، لأن نواب الليكود وأحزاب اليمين أعلنوا، بشكل واضح، إصرارهم على سنها. وأبرز هذه القوانين العنصرية هو قانون القومية، الذي أدى الخلاف حوله إلى حل حكومة نتانياهو وخوض الانتخابات. وأكثرية 67 نائباً من اليمين (من مجموع 120 نائباً في الكنيست)، تنذر بخطر المصادقة على هذا القانون. ولم يتأخر الوزير اليميني يوفال شتاينتس، في طرح الموقف المتوقع للحكومة المقبلة لدى إعلانه أن حزبه الليكود يعمل على إعادة دفع قانون القومية. كما أوضح البيت اليهودي، برئاسة نفتالي بينيت، أنه ينوي إعادة دفع قانون الجمعيات بهدف المس بقدرات الجمعيات التي تعمل من أجل محاكمة الجنود في المحاكم الدولية، كما ستحارب تجنيد الدعم من الدول الأجنبية من خلال فرض ضريبة بقيمة 45% من حجم التبرعات.
وقد أبدى أحد الوزراء السابقين في الحكومة، رفض كشف اسمه، تخوفه من أن اللجنة الوزارية المقبلة فقدت الكوابح مسبقاً، قائلاً إنه «يمكن لموشيه كحلون وبيني بيغن أن يشكلا معارضة داخل هذه اللجنة». ووفق رأيه، فإنه يمكن كحلون وبيغن أن يصدا قوانين عدة، كتلك التي تستهدف تضييق خطوات المحكمة العليا. كما أن هوية وزير القضاء المقبل ستؤثر على دفع القوانين، وأضاف: «هناك فرق كبير بين بيني بيغن كوزير للقضاء، والمعروف بأنه أحد المدافعين الكبار عن المحكمة العليا، وبين ياريف ليفين الذي يدير أجندة واضحة ضد المحكمة العليا». وكان ليفين أوضح بعد الانتخابات أنه سيعمل على دفع إصلاحات بعيدة المدى لتغيير وجه المحكمة العليا. وقال: «سنسيطر بدون خوف، هذه حكومة تملك فرصة عمل كبيرة، لم يكن بالإمكان عملها خلال الدورة السابقة».
ومثل هذا التصريح وهذه القوانين ستجعل فلسطينيي الـ48 ، أولى ضحايا هذه الحكومة الإسرائيلية. لكن من دون شك، فإن وحدة العرب في الكنيست العشرين وضعت فلسطينيي الـ48 بشكل أقوى على الخريطة السياسية– الحزبية في إسرائيل ونقلتها إلى الخريطة الدولية أيضاً. وكما قال عضو الكنيست أيمن عودة، فإن عودة نتانياهو إلى رئاسة الحكومة بفوز ساحق ستعطيه دعما لمواصلة سياسة الاستيطان وتعزيزها، وستؤدي إلى تقويض إمكان إقامة الدولة الفلسطينية. وأضاف: «وجود القائمة المشتركة بتمثيل 13 نائباً، يعني عدم قدرة أي حكومة على تجاهل العرب. وسيكون بإمكاننا التأثير بشكل واضح على جدول أعمال الكنيست عبر الاقتراحات والاستجوابات والقوانين. كما أن تمثيلنا هذا سيؤدي إلى وجودنا في كل اللجان البرلمانية، ومن هناك أيضاً سيكون لنا التأثير الكبير. قوة ثالثة تعني منع تمرير قوانين وتأثيراً ملموساً في الكثير من القضايا. ودعا عودة فلسطينيي الـ48 إلى استغلال هذا الوضع لخلق حالة اكتمالية بين النضال الشعبي المسؤول إلى جانب النضال البرلماني لنؤثر بشكل حقيقي.
وأضاف: «الأهم أننا سنعمل بطريقة كفاحية واعية ومسؤولة، بحيث لا يعود ممكناً تجاهلنا. سنؤثر كثيراً على جدول أعمال الكنيست عبر الاقتراحات والاستجوابات والقوانين والأدوات البرلمانية عبر أكثر من مندوب في كل لجنة برلمانية. وسيكون تأثير على مستوى الخطاب والإنجازات العينية. وعندما أقول نساهم بقوة وبجدول أعمال الكنيست، أقصد التعاون مع كل عضو كنيست من أي حزب كان في سبيل صد القوانين السيئة وسن قوانين جديدة إيجابية. ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك، هو أن القائمة المشتركة ستعزز شرعية الوجود العربي في وطننا، الذي لا وطن لنا سواه، والعمل على التقدم في حقوقنا الاجتماعية والاقتصادية».
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,149,592

عدد الزوار: 6,757,218

المتواجدون الآن: 121