شبح «القاعدة» في مالي يعود باستراتيجيات جديدة

تاريخ الإضافة السبت 1 تشرين الثاني 2014 - 5:42 ص    عدد الزيارات 688    التعليقات 0

        

شبح «القاعدة» في مالي يعود باستراتيجيات جديدة
بعد تجميع أنفسهم في جنوب ليبيا
نواكشوط: الشيخ محمد

في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2013، بدأت طائرات «رفال» الفرنسية تقصف مواقع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومجموعات إسلامية أخرى متحالفة معه في شمال مالي؛ جاء التدخل الفرنسي استجابة لاستنجاد مالي المذعورة من غزو عاصمتها باماكو، بعد قرابة نصف عام من تأسيس إمارة إسلامية داخل ثلثي أراضيها الشمالية.

سرعان ما تمكنت فرنسا من بسط سيطرتها على المدن الكبيرة في الشمال وبدأت غزو معاقل «القاعدة» داخل الجبال مستعينة على ذلك بالقوات البرية الأفريقية وخصوصا التشادية ذات الخبرة الواسعة والجرأة الكبيرة.

الآن وبعد مرور قرابة 20 شهرا على التدخل الفرنسي، بدأ شبح المجموعات الإسلامية المسلحة يخرج من بطن الصحراء ويثير الرعب في شمال مالي من جديد؛ ففي غضون أسبوع واحد قتل 10 جنود تابعين لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)، وذلك خلال هجمات استخدمت فيها الألغام والدراجات النارية المفخخة والقصف بالقذائف الصاروخية.

الهجمات المسلحة في شمال مالي أودت حتى الآن بحياة 31 جنديا أمميا وخلفت مئات المصابين، وقد أثارت معها الجدل حول «عودة» محتملة للجماعات الإسلامية المسلحة للنشاط من جديد في شمال مالي، حيث يشير أندريه بورجو، مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحوث الأمنية بباريس، إلى أن «مجموعة كبيرة من الجهاديين غادرت بعد التدخل الفرنسي إلى جنوب ليبيا، ومن هنالك أعادوا تجميع قوتهم العسكرية والسياسية والتنظيمية والتقنية، قبل أن يعودوا إلى شمال مالي باستراتيجية مختلفة».

الخبير الفرنسي المختص في الشأن الأمني في منطقة الساحل الأفريقي أوضح أن القوات الفرنسية والأفريقية أصبحت تواجه صعوبة في رصد تحركات المقاتلين الإسلاميين العائدين من جنوب ليبيا إلى مالي لأنهم غيروا من أساليب عملهم المعهودة، ويضيف أن «الوضع أصبح مختلفا حيث يحرص هؤلاء الجهاديون على التشبه بالسكان المحليين من خلال ارتداء نفس الملابس وحلق لحاهم، كما أصبحوا يستخدمون الدراجات النارية بدل السيارات العابرة للصحراء التي كانت تسهل مهمة طائرات الاستطلاع الفرنسية».

من جهة أخرى يرفض جبريل مايغا، نائب الأمين العام للحزب الحاكم في مالي، الحديث عن عودة حقيقية للجماعات الإسلامية المسلحة إلى شمال مالي، ويقول في هذا السياق: «لا يمكننا القول إنها عودة بالمعنى الكامل للكلمة، الجميع يعرف أن الجهاديين طردوا من المدن الكبيرة في شمال مالي بعد التدخل الفرنسي، ولكن ما يجب علينا أن نتذكره هو أن هؤلاء الجهاديين لم يذهبوا بعيدا، لقد لجأوا إلى الجبال واختلطوا بالسكان البدو الطوارق والعرب، ومن الطبيعي أن ينفذوا هجمات كلما وجدوا الفرصة سانحة لذلك».

لا يبتعد كثيرا عن هذا الرأي الصحافي الموريتاني المهتم بالشأن الأمني في منطقة الساحل الأفريقي جمال عمر، الذي أرجع تدهور الوضع إلى سرعة وارتجالية التدخل الفرنسي في شمال مالي، موضحا أن «فرنسا لم تضع خطة واضحة لإدارة الملف الأمني في الشمال إلا بعد السيطرة على المدن الكبيرة، وذلك منح الوقت لهذه المجموعات لتذوب في الصحراء وتأخذ مواقعها في حرب كانوا يدركون أنها ستكون طويلة الأمد»، ويضيف الصحافي الموريتاني في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «أغلب المقاتلين الذين تعتمد عليهم الجماعات الجهادية في مالي هم شباب ليسوا إرهابيين من الدرجة الأولى وبالتالي فهم غير معروفين، فعندما بدأ التدخل الفرنسي رموا أسلحتهم وعادوا إلى أسرهم كمواطنين عاديين، وفي أي وقت سيتم اللجوء إليهم كخلايا نائمة».

الوضع الأمني المتفجر في شمال مالي يثير مخاوف المراقبين، وتتزايد التساؤلات حول أسبابه والآليات التي اعتمدتها الجماعات الإسلامية المسلحة لاستئناف نشاطها بمثل هذه القوة، حيث يقول أندريه بورجو إن «ما يجري في شمال مالي أكبر وأخطر من مجرد عودة للجهاديين»، ويتحدث بهذا الصدد عن ضرورة فهم الحركات المسلحة (المتمردة) التي تنشط في الإقليم، وذلك من أجل تتبع آثار «الجهاديين».

ويشير بورجو إلى أن واحدة من أشهر هذه الحركات هي الحركة الوطنية لتحرير أزواد؛ أكبر حركات الطوارق المسلحة الداعية لاستقلال إقليم أزواد، سبق أن وقعت اتفاق تعاون وتنسيق مع جماعة أنصار الدين وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في عام 2012؛ وهذه الحركة التي تعلن علمانيتها وتحمل مشروعا وطنيا تضم في صفوفها عناصر ذات خلفية جهادية؛ هذا بالإضافة إلى مهربين يلعبون دورا في تحديد موازين القوى في هذه المنطقة المتقلبة، ويقول بورجو: «يجب أن ننطلق من وضع تصور صحيح وسليم وألا نتعامل مع هذه الحركات على أنها متجانسة فذلك تصور خاطئ، فهي حركات ومجموعات متباينة في تركيبتها الداخلية وقد تجمع الحركة الواحدة في صفوفها جهاديين ومهربين وانفصاليين، وقد يتحول أعضاؤها من حركة إلى أخرى بحسب ما تفرضه الوضعية»، وفق تعبير الخبير الفرنسي الذي عاش لسنوات في مالي. رغم كل ذلك فإن القوات الفرنسية والأممية الموجودة في منطقة كيدال، أقصى شمال شرقي مالي، تنسق بشكل وثيق مع هذه الحركات المسلحة التي طردت الجيش المالي في وضح النهار من مدينة كيدال؛ وقبل أكثر من أسبوعين عقد ضباط فرنسيون وأفارقة اجتماعا أمنيا مع بعض مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد في كيدال، أسفر هذا الاجتماع عن تعاون أمني بين الطرفين لمطاردة «التنظيمات الإرهابية»؛ وذلك ما يرفضه حسان كوني، الصحافي بجريدة «الجمهورية» التي تصدر في باماكو، ويعده نوعا من «التناقض الصريح الذي تقع فيه فرنسا والأمم المتحدة حين تستعين بإرهابيين متخفيين لمطاردة إرهابيين فارين». ويضيف الصحافي المالي أن «فهم أسباب تزايد الهجمات ضد قوات حفظ السلام الأممية في شمال مالي مرتبط بتحديد هوية العدو فهو عدو متقلب ويغير من شكله في كل مرة، تارة تجده في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وتارة أخرى في جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا؛ ومن ثم يظهر في جماعة أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي، وأخيرا قد يكشف عن وجهه الحقيقي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو كتيبة المرابطين التي يقودها الجزائري مختار بلمختار؛ ولكن في النهاية يبقى العدو هو الإرهاب مهما غير من اسمه أو موقعه».

وحذر الصحافي المالي حسان كوني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من العاصمة المالية باماكو، من تحويل منطقة كيدال إلى مخبأ للجهاديين بعد خروج الجيش المالي منها، ومنح حرية التحرك فيها للمسلحين الانفصاليين؛ موضحا أنه «لابد من نزع أسلحة الجميع».

في الجهة الأخرى من المشهد ترفض الحركات الانفصالية في شمال مالي اتهامها بالإرهاب أو احتضان عناصر جهادية، حيث قال أتاي أغ عبد الله المسؤول الإعلامي للائتلاف الشعبي من أجل أزواد، إن «مصدر كل هذه المعلومات هو الإعلام المالي الساعي إلى تضليل الرأي العام الداخلي، وتغذية الرأي العام الدولي بمعلومات مغلوطة وأخبار سيئة لتشويه قضية أزواد العادلة»؛ وأضاف أغ عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنهم «تفاجأوا خلال التفاوض مع الحكومة المالية في الجزائر في الأسابيع الماضية بتصريحات صدرت عن رئيس الوزراء المالي موسى مارا يقول فيها إنه لا يعرف الفرق بين الحركات الأزوادية والإرهابيين، وأنا من جهتي فإنني أقول إن الإرهاب الموجود في شمال مالي هو من صناعة الحكومة المالية منذ أزيد من عقد من الزمن».

ويحاول أتاي أغ عبد الله المقيم في العاصمة الموريتانية نواكشوط الذي شارك مؤخرا في المفاوضات بين الحركات الانفصالية والحكومة المالية التي احتضنتها الجزائر، أن يشرح الدور الذي تلعبه الحركات الانفصالية المسلحة في الحرب على الإرهاب، ويقول: «نحن كحركات ذات مطالب شعبية ونحمل مشروعا وطنيا أبدينا أكثر من مرة - وما زلنا - استعدادنا لمحاربة الإرهاب، وسبق أن واجهنا الإرهابيين في أكثر من مرة لأننا أول المتضررين من أنشطتهم التي تشوش على شرعية نضالنا وتسلب منا حقوقنا، وأصبح من الواضح أن تلك الجماعات المأجورة تحاول أن تجعل من إقليم أزواد مشروع أفغانستان جديدة، ونقطة لتهديد الدول المجاورة وهذا ما لن نقبل به مهما كلفنا ذلك».

وكانت فرنسا قد أنهت العملية العسكرية «سيرفال» التي تمكنت من طرد الجماعات الإسلامية المسلحة من شمال مالي، وبدأت عملية عسكرية أخرى تحت اسم «بركان»، أكثر اتساعا وتتم بالتنسيق مع جيوش بلدان الساحل (موريتانيا، مالي، النيجر، التشاد)؛ حيث يرى الخبير الفرنسي أندريه بورجو أن «التحول من سيرفال إلى بركان ليس خطأ، ولكنه قرار سياسي وعسكري تم اتخاذه من طرف فرنسا بناء على رؤية تقول إن انتشار الجماعات الجهادية يهدد منطقة الساحل والصحراء ككل».

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,741,170

عدد الزوار: 6,911,930

المتواجدون الآن: 99