داعش.. يهودي

تاريخ الإضافة الجمعة 31 تشرين الأول 2014 - 5:41 ص    عدد الزيارات 982    التعليقات 0

        

داعش.. يهودي
الإرهاب اليهودي رافق الحركة الصهيونية منذ إنشاء مؤسساتها الحكومية في ظل الانتداب البريطاني
تل أبيب: نظير مجلي

عندما أقدمت عصابة يهودية إرهابية على إحراق بيت المواطن الفلسطيني خالد دار خليل، في قرية سنجيل قرب رام الله، في أواسط نوفمبر (تشرين الثاني) في السنة الماضية (2013)، حاولت إسرائيل الرسمية التخفيف من وطأة الجريمة. وبدلا من أن يروا أن هذه العملية تعتبر عملية إرهاب رهيبة، حاولوا خلالها إحراق عائلة من سبعة أفراد، وهم نيام، اعتبروها «ثأرا انتقاميا بعد أن قتل جندي إسرائيلي قرب مدينة العفولة». لم يتصوروا أن «هناك يهودا يمكن أن يقدموا على جريمة كهذه، فاليهود الذين عانوا من المحرقة النازية لا يمكنهم إحراق بشر حتى لو كانوا أعداء».

وقد حالفهم وحالفنا الحظ بأن ربة العائلة استيقظت في الوقت المناسب، فهبت لإنقاذ أطفالها، ونجوا من الموت المحتم. لكن، عندما أقدم ثلاثة إرهابيين يهود، بقيادة رجل دين (حاخام)، على خطف الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير (16 عاما)، في السادس من يوليو (تموز) الماضي، وتعذيبه ومن ثم إحراقه حيا حتى الموت، لم يعد لديهم مفر من الاعتراف بأن «داعش» ليس ظاهرة إسلاميين فحسب، بل هناك «داعش» يهودي أيضا، يقدم على أبشع الجرائم من دون أن يهتز له ضمير أو جفن.وفي الواقع، فإن القيادات الإسرائيلية حاولت طيلة سنوات وعقود أن تطمر رؤوسها في الرمل وتنكر وجود الإرهاب بين ظهرانيها. وعندما بدأوا يعترفون حاولوا التقليل من خطورة الظاهرة واعتبارها «حوادث فردية عابرة ينفذها شبان طائشون أو عقائديون من أطراف المجتمع». وما دام الضحايا عربا، فإنهم تساهلوا مع الإرهابيين، فزادوا من الجرائم. وفي سنة 2013 وحدها نُفذ نحو 400 اعتداء على فلسطينيين أو على مساجد أو كنائس، داخل إسرائيل أو في الضفة الغربية، وقسم كبير من تلك العمليات لم يُعرف منفذوها حتى اليوم.

لكن، لا بد من التأكيد على حقيقة تاريخية موثقة، هي أن الإرهاب اليهودي رافق الحركة الصهيونية منذ تأسيس مؤسساتها الحكومية في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين. فقد تم الاعتداء على مدنيين أبرياء باستمرار، في بعض الأحيان كان ذلك ردا على عمليات فلسطينية أو عربية، وفي أحيان كثيرة تم بمبادرة يهودية صرفة. وعندما أقيمت إسرائيل كدولة في سنة 1948، نفذت مذابح رهيبة تقريبا في كل قرية فلسطينية تم تهجيرها. وحتى بعد قيام إسرائيل، لم تتوقف عمليات الإرهاب.

* تاريخ دام

* لقد شهدت إسرائيل أول عملية إرهاب في 17 سبتمبر (أيلول) 1948، وذلك عندما قام عدد من مقاتلي منظمة «ليحي» اليمينية المعارضة في الحركة الصهيونية باغتيال الوسيط السويدي، فولكا برنادوت، الذي أدار الاتصالات بين إسرائيل والدول العربية بغية التوصل لاتفاق سلام وتطبيق الجزء الثاني من قرار الجمعية العامة بتقسيم فلسطين، القاضي بإقامة دولة عربية إلى جانب إسرائيل على مساحة 47 في المائة من فلسطين.

وفي حينه قرر المجلس المؤقت لإدارة شؤون إسرائيل إخراج «ليحي» عن القانون واعتبارها تنظيما إرهابيا. ولكن هذا القرار لم يغير من أهداف العملية الإرهابية.. فبعد مقتل برنادوت قتلت المحاولات لإقامة دولة فلسطينية وكرست إسرائيل وجودها في أراضي ما قبل حرب 1967، أي على مساحة 78 في المائة من فلسطين. ثم تم دمج هذه المنظمة في مؤسسات الدولة. وفي سنة 1977 أصبح زعيمها ومؤسسها اسحق شمير رئيسا للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ثم وزيرا للخارجية ثم رئيسا للحكومة.

في سنة 1949، كشف النقاب عن منظمة إرهابية يهودية جديدة (تحالف الغيورين)، تشكلت من مجموعة سياسيين متدينين، وعملت ضد اليهود العلمانيين. وحتى سنة 1952 نفذت عشرات العمليات الإرهابية فأحرقت المطاعم التي لا تلتزم بقوانين الحلال والحرام اليهودية وأحرقت حافلات ركاب تعمل أيام السبت. وقد تفككت هذه المنظمة بعدما ضبطت في اللحظة الأخيرة قبل أن تفجر عبوة ناسفة في وزارة التعليم. وفي سنة 1950، تأسست منظمة إرهاب أخرى هي «المعسكر»، حاربت تجنيد النساء للجيش، بواسطة إحراق سيارات وتاكسيات. وفي السنة التالية قامت منظمة «مجموعة صرفند السرية» (1951 - 1953)، التي بدأت تعمل ضد اليهود العلمانيين، ثم وسعت نشاطها الإرهابي ليشمل تفجير عبوة في قنصلية الاتحاد السوفياتي في القدس أصابت أربعة من موظفيها.. ثم حاولوا تفجير مكاتب مجلة «هعولام هزيه»، التي كانت تدعو لإقامة الدولة الفلسطينية.

وفي خريف سنة 1967، قام المهاجر الصهيوني الروسي أبراهام بن موشيه، بطعن عضو الكنيست ماير فلنر، الأمين العام للحزب الشيوعي، بسبب خطابه المعادي للحرب والاحتلال، فأصابه بجروح بالغة. وفي 10 فبراير (شباط) سنة 1983، أقدم رجل اليمين يونا ابروشمي على إلقاء قنبلة باتجاه المتظاهرين من «سلام الآن»، المحتجين على مجازر صبرا شاتيلا ومحاولة لجنة التحقيق تبرئة آرييل شارون من مسؤوليتها.. فقتل اميل غرنتسفايغ وأصيب ثلاثة آخرون.

وبلغ الإرهاب الذروة في عملية اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1994. ومع أن القاتل يغئال عمير رفض تسليم شركائه وأدين في الحكم وحده، فإن هناك عدة أقاويل عن وجود شركاء له. وهناك من يعتقد أن شركاء عمير هم عدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية.

وهكذا، فإن الإرهاب اليهودي كان موجها بالأساس ضد يهود في البدايات، ووضع في إطار الإرهاب السياسي.

* الإرهاب ضد الفلسطينيين

* تعرض الفلسطينيون للعديد من الاعتداءات، التي تضمنت مذابح، عبر تاريخ الدولة العبرية. لكن هذه كانت بفعل أجهزة حكومية: مخابرات، جيش، وشرطة، مثل مجزرة قبية سنة 1953، ومجزرة كفر قاسم سنة 1956. لكن الإرهاب الفردي والتنظيمي ضد الفلسطينيين بدأ في مطلع الثمانينات، عندما قامت مجموعة إرهاب في 2 يونيو (حزيران) 1980 بمحاولة اغتيال ثلاثة رؤساء بلديات فلسطينيين في الضفة الغربية، بدعوى الانتقام لمقتل ثلاثة طلاب بمدرسة دينية استيطانية في الخليل. وفي يوليو 1983 هاجم إرهابيون يهود الكلية الإسلامية في الخليل وتسببوا بمقتل ثلاثة طلاب وإصابة 30 آخرين بجراح. وفي أبريل (نيسان) 1984، ضبطت المخابرات الإسرائيلية خلية إرهاب يهودية عندما كان أفرادها يخططون لتفجير عبوات ناسفة في خمس حافلات ركاب فلسطينية في القدس وتبين أن الإرهابيين شكلوا منظمة تضم 29 شخصا. وقد حكم بالسجن على 15 منهم، لكن رئيس الدولة حايم هرتسوغ أصدر عفوا عنهم بشرط ألا يعلنوا ذلك على الملأ.

في شهري ديسمبر (كانون الأول) 1983 ويناير (كانون الثاني) 1984، نفذت سلسلة اعتداءات إرهابية ضد كنائس ومساجد فلسطينية في الضفة الغربية والقدس، بلغت أوجها في محاولة زرع عبوة ناسفة في المسجد الأقصى. وأطلقوا على تنظيمهم اسم «تي إن تي»، وهو اختصار عبري للكلمات «إرهاب مقابل إرهاب»، حيث ادعوا أن إرهابهم جاء ردا على الإرهاب الفلسطيني. وقد ضبط عدد من أفراد العصابة، لكن قائدها الأساسي أبراهام درعي تمكن من الهرب خارج البلاد. وقد هرب أحد أفراد المجموعة، شيمعون برادا، من السجن وحاول في سنة 1988 تدمير مسجد قبة الصخرة، بدعوى أنه يقوم مكان الهيكل اليهودي وينبغي التخلص منه وإعادة بناء الهيكل مكانه. وضبط متلبسا وهو يوجه صاروخا باتجاه المسجد.

في 20 مايو (أيار) 1990، حضر عامي بوبر إلى تجمع عمال فلسطينيين في مدينة ريشون لتسيون الإسرائيلية، وأطلق الرصاص عشوائيا عليهم فقتل سبعة عمال غزيين وجرح 11 آخرين.

بعد اغتيال مئير كهانا، قائد التنظيم الذي تخصص في الدعوة لترحيل الفلسطينيين (1990)، تشكلت عصابة إرهاب يهودية وضعت لنفسها هدفا تنفيذ عمليات انتقام. ومع أنه اغتيل في أميركا، فقد نفذوا إرهابهم ضد الفلسطينيين. وفي الذكرى السنوية الثانية لاغتيال كهانا، ألقوا قنبلة على الموجودين في حي القصابين في القدس فقتلوا مواطنا وجرحوا كثيرين. وقد ألقي القبض عليهم، لكن الرئيس عزرا فايتسمان أصدر عفوا عنهم وأطلق سراحهم، بهدف تخفيف معارضة اليمين الإسرائيلي لإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين.

في 25 فبراير 1994، دخل الدكتور باروخ غولدشتاين إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل، وأطلق الرصاص العشوائي على 800 مصل في المكان. فقتل 29 مصليا وجرح 125 آخرين. في سنة 2002 ضُبط مجموعة إرهابيين يهود وهم يزرعون عبوة ناسفة ضخمة أمام مدرسة للبنات في القدس الشرقية. وفي 4 أغسطس (آب) 2008 ركب الجندي عيدن نتان زادا حافلة ركاب تقل مسافرين من حيفا إلى شفا عمرو، وأطلق الرصاص على المسافرين فقتل منهم أربعة فلسطينيين وجرح تسعة. ولم تعرف دوافعه الدقيقة، لأنه قتل بأيدي الجموع. في السنة نفسها، نفذت أول عملية انتقام ضد العرب مما يسمى «تدفيع الثمن». وهي مجموعات يهودية متفرقة، نشأت في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وراحت ترد على كل تصرف للجيش ضدها، مثل هدم بيت استيطاني بني بطريقة غير قانونية أو غير ذلك. منذ تأسيسها نفذت مئات الاعتداءات على أبرياء فلسطينيين. فقط في السنة الماضية، بلغ عدد الاعتداءات على الفلسطينيين 400 اعتداء، بينها محاولة إحراق العائلة الفلسطينية في سنجيل.

* المستوطنات أرض خصبة

* كل الإشارات تدل على أن غالبية الإرهابيين اليهود قدموا من المستوطنات المقامة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي السنتين الأخيرتين بدأنا نلاحظ نشاطات عدائية واعتداءات عنيفة من هؤلاء على شخصيات يهودية تقدمية من قادة «سلام الآن»، وعلى صحافيين يهود معتدلين، وحتى على قادة ومعسكرات الجيش الإسرائيلي. وكان من المفترض أن تشعل الاعتداءات على الجيش ضوءا أحمر لدى الحكومة وأجهزتها الأمنية، إلا أن هناك تساهلا مستهجنا معهم. وغالبية العمليات العدوانية التي نفذوها ظلت بلا عقاب.

لقد أجمع ستة من قادة جهاز الشاباك الإسرائيلي، سابقا، في تصريحات أدلوا بها لصحيفة «يديعوت أحرونوت» (11 نوفمبر 2013)، على تفشي الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية، وأكدوا أن الهجوم الذي شنه المستوطنون وعصابة «بطاقة الثمن» على موقع للجيش في مستوطنة «يتسهار» كان عملا إرهابيا يهوديا بكل ما تعنيه الكلمة، وحذروا من أن مواصلة الصمت من قبل أجهزة تطبيق القانون، خاصة الشاباك، هي علامة خطيرة.

* الخوف منهم

* ويذهب الخبير العسكري أليكس فيشمان إلى أكثر من ذلك فيكتب في الصحيفة نفسها (23 أبريل 2014)، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخاف من هؤلاء الإرهابيين وممن يقف معهم ويشجعهم في المفاوضات. ويقول: «رئيس الوزراء حدد استراتيجية تلونه في وجه الإرهاب حينما استسلم للضغط بشأن تعيين رئيس الشباك. فقد هدده رؤساء (يشع) وحاخامات الصهيونية المتدينة ألا يتجرأ على تعيين نائب رئيس الشباك آنذاك إسحق إيلان المختص بعلاج الإرهاب اليهودي. واستسلم نتنياهو».

وثبت هذا الخوف مرة أخرى، حسبما كتبت جريدة «يديعوت أحرونوت» (25 ديسمبر 2011)، إذ كشفت أن نتنياهو وخلافا لرأي وزير الأمن ووزير القضاء ووزير الأمن الداخلي، رفض خلال جلسة الحكومة الأخيرة اعتبار نشاط الإرهابيين اليهود إرهابا ورفض اتخاذ خطوات حتى ضد ناشطي اليمين المتطرفين بما في ذلك تقديمهم للمحاكم العسكرية، ورفض إخراجهم عن القانون، واعتبرهم «فوضويين وليسوا إرهابيين». وهذا التصرف يدل على مدى قوتهم المتصاعدة وتأثيرهم البالغ على الحكم، مما ينذر باستمرار الإرهاب اليهودي وعملياته.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,112,099

عدد الزوار: 6,935,269

المتواجدون الآن: 88