أوباما و«داعش» الخيارات الصعبة

تاريخ الإضافة الخميس 11 أيلول 2014 - 6:27 ص    عدد الزيارات 663    التعليقات 0

        

أوباما و«داعش» الخيارات الصعبة
واشنطن أمام تحديات عسكرية وقانونية واستخباراتية ومالية لمواجهة التنظيم
اشنطن: هبة القدسي
يترقب العالم بأسره ما سيقوله الرئيس الأميركي باراك أوباما، صباح اليوم الأربعاء، حول خطته واستراتيجيته لمواجهة تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، والتحالف الدولي الذي يسعى لتشكيله لمطاردة مقاتليه، وتقليص قدراته وتجفيف مصادر تمويله، والقضاء عليه وهزيمته في نهاية المطاف.

ولا يتوقف الحديث داخل الإدارة الأميركية وفي الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية عن تهديدات «داعش» وأهمية مواجهة تلك التهديدات بصرامة، بل وأيضا تزامنها مع الذكرى الـ13 لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وما تركته من مخاوف لدى الأميركيين من تعرض الولايات المتحدة لهجمات إرهابية مشابهة.

وتزايدت الضغوط من النخب الفكرية والسياسية الأميركية على إدارة أوباما للمطالبة باستراتيجية واضحة لمواجهة «داعش»، وشرح ما تتطلبه تلك الاستراتيجية من جهود وأموال، وتحديد مهام عسكرية وإطار زمني قد يصل إلى ما بعد مغادرته منصبه.

وتثير الاستراتيجية، التي سيعلنها الرئيس أوباما، تساؤلات عدة وتحديات حول شكل التدخل الأميركي في العراق وسوريا لمواجهة التنظيم والخطوات التي ستتخذها الإدارة الأميركية، وحجم ومهام القوة العسكرية التي ستُكلف بمواجهة «داعش»، خاصة أن الإدارة الأميركية كانت حريصة على تفادي التورط في الحرب الأهلية السورية، وتحاشي أي خطوات تنطوي على استخدام قوات أميركية برية على أرض المعركة في العراق.

واكتفت إدارة أوباما خلال الأشهر الماضية في تعاملها مع تهديدات «داعش» بشن غارات جوية في العراق قرب مدينتي الموصل وأربيل لتحقيق أهداف محدودة ترتبط بحماية السفارة والقنصليات الأميركية في العراق، والموظفين الأميركيين، وتقديم المشورة للحكومة العراقية.

والآن، وبعد حادثتين مروعتين لقتل صحافيين أميركيين على يد مسلحي «داعش»، وبعد انتقادات لاذعة وجهت لإدارة أوباما بتقاعسها عن وضع استراتيجية للتعامل مع تلك التهديدات، أعلنت الإدارة الأميركية توسيع دائرة الأهداف إلى ملاحقة وتدمير التنظيم، مما يتطلب العمل على نطاق واسع. وسيكون على الرئيس أوباما أن يوضح للرأي العام الأميركي خيارات إدارته لحسم المعركة ضد تهديدات «داعش» في كل من العراق وسوريا. وأقر مسؤولون في الإدارة الأميركية بضرورة أن تشمل الخطة توجيه ضربات داخل الأراضي السورية.

* تحديات ضرب «داعش» في سوريا أول التحديات والخيارات الصعبة أمام إدارة أوباما هو صعوبة النجاح في هزيمة «داعش» دون التصدي له داخل سوريا. ولمحاربة التنظيم، الذي يمتد عبر الحدود السورية - العراقية، سيتعين على إدارة أوباما تنفيذ عمل عسكري عند تلك الحدود، لأن ضرب التنظيم في العراق فقط لا يحقق الأهداف المرجوة، مع وجود ملاذ آمن لـ«داعش» في سوريا يمكن التنظيم من إعادة التخطيط وتجنيد المقاتلين، واستعادة قوته مرة أخرى.

وتنطوي مواجهة «داعش» في سوريا على تحديات قانونية وإشكالية سياسية، بشأن قدرة الإدارة الأميركية على توجيه ضربات دون أن يؤدي ذلك إلى مساعدة غير مباشرة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. فما يخشاه الرئيس أوباما أن يؤدي ضرب التنظيم داخل الأراضي السورية إلى تقوية قدرات الأسد، واستعادته السيطرة على المناطق التي خسرها سابقا لصالح المعارضة السورية المسلحة.

وظلت إدارة أوباما مترددة في القيام بأي تحرك يستوجب استخدام القوة العسكرية والتدخل مباشرة في الصراع الدائر في سوريا المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويقول محللون إن تخاذل الإدارة الأميركية عن التعامل مع الأزمة السورية منذ البداية أدى إلى خلق فراغ استغلته الجماعات الإرهابية في تعزيز وزيادة نفوذها.

ويقول مايكل سينغ، مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات حاسمة ضد «داعش» في العراق، وخطوات أكثر جدية في سوريا، مشيرا إلى أن التنظيم يعد مصدرا لثلاثة تهديدات مختلفة يتطلب كل منها استراتيجية خاصة. ويوضح أن التهديد الأول «يتعدى العراق وسوريا إلى دول أخرى في المنطقة مثل لبنان والأردن، والتهديد الثاني يتعلق بنجاح التنظيم في جذب 12 ألف مقاتل أجنبي من الدول الغربية يستطيعون العودة إلى بلادهم وشن هجمات إرهابية، أما التهديد الثالث فهو ما أثاره التنظيم من مخاوف لدى الرأي العام الأميركي من إمكانية تنفيذ هجوم على الأميركيين والمنشآت الأميركية في الخارج وعلى الولايات المتحدة ذاتها».

ويدعو سينغ إلى استراتيجية متعددة الأوجه في مواجهة الفكر المتطرف، ووقف تدفق المقاتلين إلى مناطق النزاع، مشيرا إلى أن «داعش» استفاد من ضعف وفوضى خصومه، وازدهر بسبب الحرب الأهلية في سوريا وسيطرته على أراض في العراق، جراء الغفلة الدولية عن العراق وسوء إدارة الحكم به.

ويشير مدير معهد واشنطن إلى ضرورة تغيير الديناميكيات التي تحكم الصراع في سوريا، وخلق الظروف لتحقيق الاستقرار، موضحا أن استراتيجية أوباما هناك تتطلب ضربات جوية ضد «داعش»، وتتطلب أيضا زيادة الدعم للمعارضة السورية وزيادة الضغط على النظام السوري وتنفيذ خطوات لتحقيق الاستقرار في المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة المعارضة. ويضيف «الضربات الجوية وحدها لن تنهي خطر الإرهاب أو الفوضى التي يعاني منها العراق وسوريا. لا بد من وضع مجموعة من الأدوات السياسية المكملة والخطوات التي تعزز التزامنا بمنطقة الشرق الأوسط».

ويقول دينيس روس، المستشار السابق للرئيس الأميركي والباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن هناك «صراعا داخل الإدارة الأميركية بشأن الخيارات المتاحة لها في سوريا، وما يجب عليها القيام به حيال (داعش) هناك، فهي تريد إضعاف التنظيم دون أن يؤدي ذلك إلى تقوية الأسد، ودون أن تنجر الولايات المتحدة إلى التورط في الحرب الأهلية السورية».

ويؤكد روس أن هزيمة «داعش» تتطلب انقلاب العشائر السنية ضد هذا التنظيم، ولذا يتعين على وزير الخارجية جون كيري، خلال زيارته المرتقبة إلى السعودية والأردن ودول المنطقة، أن يكون قادرا على التصريح بأن الرئيس أوباما مستعد لتنفيذ ضربات جوية ضد «داعش» في سوريا والعراق، وأن الولايات المتحدة ستقدم المساعدات اللازمة والدعم اللوجيستي للجهات التي تقاتل التنظيم وتقاتل النظام السوري في الوقت نفسه.

* تحديات الإطار الزمني والمعلومات الاستخباراتية الإطار الزمني لتنفيذ استراتيجية تستهدف القضاء على تنظيم داعش، يشكل تحديا آخر للإدارة الأميركية، إذ أشار مسؤولون كبار إلى أن تنفيذ حملة ضد «داعش» قد يستغرق ثلاث سنوات دون توضيح لما تتطلبه استراتيجية تمتد لثلاث سنوات من تكلفة مالية ودون حساب لمخاطر حملة توسعية قد تنجرف معها الولايات المتحدة إلى حرب تستدعي إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية.

إشكالية أخرى تتعلق بالمعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول قدرات «داعش»، فهناك آراء تنتقد غياب تقييم دقيق ورصين للتهديد الذي يشكله تنظيم داعش لأمن الولايات المتحدة.

ويقول دانيال لاريسون، أستاد التاريخ بجامعة شيكاغو، إن «الرئيس أوباما قال إنه لن يسمح بأن تنجر الولايات المتحدة إلى حرب جديدة، لكن المشكلة أن هناك ردود فعل مبالغا فيها وذعرا من (داعش) قد يدفع الإدارة الأميركية إلى تصعيد عسكري غير مدروس، يمكن أن يكلف الولايات المتحدة ثمنا باهظا، قد يكون جزءا من تكلفة الاستراتيجية الجديدة التي سيعلنها أوباما، أو من استغلال هذا التدخل الأميركي في المنطقة لتجنيد مزيد من الجهاديين، وقد يأتي في شكل مزيد من الهجمات على الأميركيين».

ويضيف البروفسور الأميركي أن «تدمير عدو عادة ما يستغرق وقتا طويلا ويتطلب العديد من الموارد والأرواح، وما تقوله الإدارة الأميركية بأن الأمر قد يستغرق ثلاث سنوات هو أدنى تقدير، ويحب أن نتوقع أن تدمير (داعش) سيتطلب وقتا أطول بكثير». ويقول الرئيس الأميركي إن إدارته تعتزم ملاحقة التنظيم الإرهابي والقضاء على الزخم الذي حققه، وتقويض قدرات «داعش» العسكرية وتقليص مساحة الأراضي التي يسيطر عليها، وفي نهاية المطاف إلحاق الهزيمة بالتنظيم. ويتناقض هذا مع إصراره على أن القوات العسكرية الأميركية لن تدخل في حرب جديدة في العراق، ورفضه القاطع إنزال قوات أميركية برية على الأرض.

والشق الأخير يمثل إشكالية أخرى، فرفض إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية الأميركية على أرض المعركة يعني الحاجة إلى قوة كبيرة من المستشارين وقوات العمليات الخاصة الأميركية. وإذا اعتمد على القوة الجوية بمفردها، فسيكون من الصعب مساعدة وتعزيز قدرات العشائر السنية وقوات الأمن العراقية والكردية (البيشمركة)، لذا فالأمر سيتطلب حتما شن حرب على الأرض بالتزامن مع الضربات الجوية الأميركية.

* موقف الكونغرس بالإضافة إلى تحديات الوقت والجهد والمال وطبيعة المهام العسكرية ومداها، تبرز تساؤلات تشريعية وقانونية أخرى حول الخطوات الأميركية المقبلة، وهل يحتاج أوباما إلى موافقة الكونغرس، أم أنه يستطيع التحرك في إطار سلطاته التنفيذية.

يؤكد مسؤولو البيت الأبيض أن أوباما سيعمل بالتشاور مع أعضاء الكونغرس في التعامل مع تهديدات «داعش». وكان الرئيس الأميركي قال في برنامج «واجه الصحافة»: «سأطلب من أعضاء الكونغرس دعم خطتنا والتأكد من أنهم يدركون أنها ستتطلب بعض الموارد».

وهناك تساؤلات أخرى من قبيل استعداد المشرعين في الكونغرس إعطاء الإذن لإدارة أوباما باستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، مما يعني خوض حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وهناك جدل وانقسام كبير في مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول الدخول في مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى حرب طويلة الأمد.

ويقول ماثيو داليك، أستاذ الإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن «أعتقد أن الرئيس أوباما سيطلب من الكونغرس تقديم الدعم السياسي لمواجهة تهديد (داعش)، وترجمة هذا الدعم بالأفعال، ومثلما قدم الكونغرس التمويل للحرب في أفغانستان والعراق، أعتقد أن الإدارة الأميركية ذاهبة إلى الشيء نفسه في مرحلة ما، لشن حرب أو اشتباك عسكري محدود ضد (داعش)».

وفي محاولة لكسب أصوات النخبة السياسية في واشنطن، نظم الرئيس أوباما حفل عشاء مساء الاثنين الماضي لخبراء السياسة الخارجية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، معلنا أنه يريد سماع وجهات نظرهم في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية وبصفة خاصة تنظيم داعش في العراق وسوريا. كما يعقد اجتماعات مع الزعماء الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ لحشد التأييد لاستراتيجيته.

وقبل اجتماع الرئيس الأميركي بزعماء الكونغرس المقرر مساء أمس، أيد بعض المشرعين ضرورة التصدي لتهديدات «داعش». وأعلن النائب الجمهوري فرانك وولف والسيناتور الديمقراطي بيل نيلسون أنهما يعملان بالفعل على تشريعات تأذن بشن هجمات جوية أميركية داخل سوريا، فيما أشار النائب الجمهوري بيتر كينغ إلى أن الرئيس أوباما لديه السلطة لاتخاذ إجراءات دون الانتظار لدعم من الكونغرس.

بينما قال السيناتور الجمهوري كارل ليفين، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إنه «ليست هناك حاجة لموافقة الكونغرس إذا كان نطاق الحملة العسكرية ضد (داعش) محدودا، ويشمل غارات جوية دون إنزال قوات برية أميركية على الأرض، أما إذا كنا نتحدث عن حرب عالمية ثالثة فالإجابة نعم يحتاج الرئيس إلى إذن من الكونغرس».

وأوضح ليفين أن الإدارة الأميركية احتاجت إذنا من الكونغرس عام 2003 في غزو العراق لأنه كان ينطوي على استخدام 100 ألف جندي من القوات البرية. وأشار إلى ضرورة أن توفر الدول الإسلامية قوات برية لقتال «داعش» لأن لها مصلحة أمنية ووطنية في هزيمة التنظيم.

* تحديات التحالف الدولي والإقليمي يقول مسؤولون كبار بالإدارة الأميركية إن الملامح الأولية لخطة أوباما في مواجهة «داعش» تنطوي على عدة خطوات متداخلة ومتزامنة وطويلة الأجل، تشمل جمع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات مقاتلي التنظيم ما بين العراق وسوريا، وشن الغارات الجوية باستخدام طائرات من دون طيار، وتوفير المشورة والتدريب للجيش العراقي وتوسيع الدعم المقدم للقوات العراقية في ظل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي، وتسليح الأكراد ليتمكنوا من صد هجمات «داعش».

وأشارت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى أن الخطط جاهزة للتعامل مع تهديدات تنظيم التنظيم، وأنها وضعت تصورات وسيناريوهات عدة لتلك المواجهة أمام البيت الأبيض، كما جرت مشاورات عديدة بين الرئيس أوباما وأركان إدارته ومستشاريه في مجلس الأمن القومي. وأوضحت المصادر أن الخطوط المبدئية لتلك الخطط تشمل شن ضربات جوية عند الحدود السورية - العراقية ورصد تحركات زعماء «داعش» مثل أبو بكر البغدادي واغتيالهم.

والمحور الأساسي في الاستراتيجية، كما يقول المسؤولون، هو حشد الدول للدخول في تحالف دولي وإقليمي لتضييق الخناق على الدعم اللوجيستي الذي تحصل عليه الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، لتصل الخطة الأميركية إلى أعنف مراحها وأكثرها إثارة للجدل السياسي وهي تدمير «داعش» داخل سوريا.

وتلقي إدارة أوباما بكثير من الثقل على حشد الدول لتشكيل تحالف إقليمي ودولي لمواجهة التنظيم. وتنظر إلى قائمة حلفاء إقليميين تضم المملكة العربية السعودية، التي تملك تأثيرا على العشائر السنية، والأردن، في توفير المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجيستي، ودولة الإمارات العربية، في المشاركة بالغارات الجوية في العراق.

وقد أعلن وزراء الخارجية العرب، لدى اجتماعهم الأحد الماضي في القاهرة، تأييدهم للتصدي لجميع التنظيمات الإرهابية المتطرفة بما فيها «داعش»، وأعلنوا اتخاذ ما يلزم من تدابير على جميع المستويات السياسية والأمنية والدفاعية والإعلامية والفكرية لتجفيف منابع الإرهاب فكريا وماليا.

وعلى هامش قمة حلف شمال الأطلسي في مقاطعة ويلز البريطانية الأسبوع الماضي، عقدت الولايات المتحدة تحالفا من القوى الغربية شمل أستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وتركيا والمملكة المتحدة.

وأشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى أن الهدف من زيارته المرتقبة للسعودية والأردن هو بناء تحالف واسع من الشركاء في جميع أنحاء العالم لمواجهة «داعش» وهزيمتها في نهاية المطاف. وأعلن أنه يتوقع دورا مختلفا من كل دول العالم. وقال «بينما نبني هذا التحالف، أود أن أؤكد أن كل بلد على وجه الأرض لديه دور في القضاء على تهديدات (داعش) والشر الذي يمثله، وبالنسبة للبعض يعني ذلك مساعدات عسكرية سواء مباشرة أو في شكل تدريب أو تسليح وتقديم المشورة، وبالنسبة للبعض الآخر يعني المساهمة في جهود الإغاثة الإنسانية، ولآخرين يعني المساعدة في تحديد وتعقب وقطع التمويل عن (داعش) ومنع تدفق المقاتلين الأجانب، ولغيرهم يعني منع تشويه احد الأديان المسالمة الكبرى في العالم (الإسلام) ومواجهة دعاية (داعش) في تجنيد أنصار جدد. كما يعني للجميع تقديم الدعم العلني والمساندة للحكومة الجديدة في العراق».

وعلى الصعيد الدولي، تعهدت كندا بإرسال أفراد جيشها للمساعدة في تقديم المشورة ودعم قوات البيشمركة الكردية، كما تعهدت إستونيا وألبانيا بتوفير المعدات العسكرية، بالإضافة إلى تعهدات من فرنسا والمملكة المتحدة بتقديم المساعدة العسكرية والإنسانية، كما أعلنت ألمانيا أنها سترسل أسلحة إلى قوات البيشمركة الكردية. وفي الوقت نفسه، عقد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل مباحثات في العاصمة التركية أنقرة من أجل استمالة الجانب التركي لتقديم المساعدة في الحرب ضد المتشددين الإسلاميين.

والتحدي في حشد كل تلك الدول هو المواقف المتباينة والمتعارضة أحيانا بين السياسات الخارجية والأهداف المرجوة في سياسات كل دولة. وهو ما حدا بالإدارة الأميركية إلى التراجع عن ضم إيران إلى هذا التحالف الدولي المنشود. وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أن بلادها لا تنوي التعاون عسكريا مع إيران للتصدي لـ«داعش»، وقالت «لن ننسق أي عمل عسكري مع إيران ولن نتقاسم معلومات معها، وليست لدينا أي خطط لذلك».

ويحذر مايكل روبن، بمعهد أميركان إنتربرايز، من أي تنسيق أميركي مع الجمهورية الإيرانية، ويقول «بعض الدبلوماسيين يرون أن الولايات المتحدة وإيران لديهما مصلحة مشتركة في هزيمة (داعش)، ولذا يمكن العمل معا، وهو قول خاطئ لأن التورط الإيراني من شانه أن يخلق مشكلة سياسية مربكة مع صلة إيران الوثيقة بالنظام السوري والرئيس بشار الأسد، بعد أن سمح النظام السوري المدعوم من إيران لـ(داعش) بالانتشار». ويضيف روبن «إيران لا تسعى لهزيمة الإرهاب وإنما استغلال الموقف لتحقيق مصالحها وأهدافها».

وحذر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من «خطورة الحزام الشيعي الممتد من طهران إلى بغداد وبيروت باعتباره خطرا يفوق مخاطر تهديدات (داعش)». وقال كيسنجر للإذاعة العامة الوطنية الأميركية إن قتل الأميركيين هو «إهانة» للولايات المتحدة، ودعا إلى شن هجوم قوي ووضع أهداف استراتيجية من خلال استخدام القوة الجوية دون إرسال قوات برية.

بينما يدعو ستيفن سايمون، الباحث بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، إلى التعامل بهدوء مع تهديدات «داعش»، مؤكدا أن شن حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط يعد تكرارا «للأخطاء التاريخية المؤسفة». ويقول الباحث الأميركي إن «وضع استراتيجية وتشكيل تحالف ضد (داعش) أمر مرغوب فيه على المدى الطويل، لكن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل لم يقل إن (داعش) يمثل تهديدا وجوديا للولايات المتحدة، كما أن مسؤولي الأمن الداخلي يعتقدون أن تنظيم القاعدة هو العدو اللدود لـ(داعش) في سوريا، و(داعش) ليس سوى ميليشيا صغيرة وليس بمثابة شبكة إرهابية دولية».

ويضيف سايمون «الغريب أن إدارة أوباما لم تكن تملك استراتيجية لمحاربة (داعش) منذ أسبوع، والآن بعد قمة الناتو في مقاطعة ويلز أصبحت لديها استراتيجية، مما يعكس قدرة الولايات المتحدة على صياغة استراتيجية وحشد الحلفاء». ويوضح سايمون أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يريد التورط في جهود محاربة «داعش» لذا فإن استراتيجية الناتو هي التركيز على الجانب الاستخباراتي والرقابة المصرفية، ولذا يتعين على الولايات المتحدة مساعدة الحكومة العراقية لتقوم بدور فعال في تحسين وضع الطائفة السنية.

وربما تحمل استراتيجية أوباما أجوبة عن كل تلك التحديات التي تفرضها اللحظة الراهنة، وربما تبرز تحديات أخرى جديدة خلال تنفيذ الاستراتيجية، لكن المؤكد أن مهمة مواجهة «داعش» للقضاء عليها لن تكون بالمهمة السهلة.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,734,995

عدد الزوار: 6,911,082

المتواجدون الآن: 101