اليمن: «القاعدة» تتحدى السلطات وتصعِد ضرباتها الأكثر وحشية وتنسيقاً

تاريخ الإضافة السبت 19 نيسان 2014 - 7:36 ص    عدد الزيارات 776    التعليقات 0

        

اليمن: «القاعدة» تتحدى السلطات وتصعِد ضرباتها الأكثر وحشية وتنسيقاً

صنعاء - علي ربيع

 

تصاعدت أخيراً هجمات تنظيم «القاعدة» في اليمن بأساليب أكثر جرأة وتنسيقاً، ما جعله ينجح في توجيه ضربات موجعة إلى الأهداف العسكرية والأمنية ذات الحساسية العالية، سواء في العاصمة صنعاء، أم في غيرها من مناطق البلاد التي تعيش في ظل مرحلة انتقالية هشة تتخللها اضطرابات أمنية واقتصادية عاصفة إلى جانب الصراع المتفاقم بين الجماعات المسلحة الطامحة إلى حصد أكبر مقدار من المكاسب قبل إقرار الدستور الجديد والانتقال إلى نظام الدولة الاتحادية الذي اعتــــمدته الوثيقة النهائية للحوار الوطني.

 

 

وفي وقت يعد الملف الأمني العقبة الأكثر صعوبة أمام السلطات باتت الهجمات المتوالية لتنظيم «القاعدة» هي الخطر الداهم الذي يهدد باستنزاف قوات الجيش والأمن وخلخلتها باعتبارها العائق الوحيد الذي يحول بين التنظيم وبين مخططاته الرامية إلى تأسيس دولته على أنقاض مؤسسات الدولة القائمة التي تحاول أن تتشكل من جديد طبقاً لمقررات الحوار وفي صيغة ستحددها نصوص الدستور المرتقب.

 

 

ووفق مراقبين أمنين تحدثوا إلى «الحياة»، فإن التنظيم نجح إلى حد كبير في استثمار حال عدم الثقة السائدة بين الأطراف السياسيين الشركاء في العملية الانتقالية، سواء تلك التي تنتظم في صف النظام السابق، أم الواقفة في مواجهتها، ما جعله - على حد قولهم - «يلعب بأريحية مطلقة موسعاً نشاطاته لتحصد أرواح المزيد من الجنود والمدنيين، إضافة إلى تماديه في مخططاته لإصابة العملية الانتقالية في مقتل، وهو ما كشفته محاولاته الدؤوبة لاغتيال الرئيس عبد ربه منصور هادي».

 

 

 

 

أبرز الهجمات وأخطرها

 

 

وأحصت «الحياة» منذ مطلع العام الحالي حوالى 28 هجمة متفرقة على النقاط الأمنية ومقار الشرطة ومواقع الجيش أدت إلى قتل أكثر من 100 ضابط وجندي، وإصابة أكثر من 70 آخرين، كما رصدت 20 عملية اغتيال على الأقل لضباط وجنود ومسؤولين يعتقد بمسؤولية التنظيم عنها، ما ينذر بواحدة من أقسى السنوات بالنسبة إلى الجيش والأمن في اليمن، في حال استمر حصاد الدم على هذا المنوال لبقية الأشهر المقبلة.

 

 

وحصدت الهجمات النوعية المنسقة الحصة الأكبر من الخسائر في الأرواح وهي التي يخطط لها التنظيم مركزياً ويحرص على توثيقها في الأغلب في تسجيلات «فيديو» تكشف تفاصيلها لاحقاً، ومن هذه العمليات مهاجمة موقع عسكري تابع للواء 137 مدرع في حضرموت في 31 كانون الثاني (يناير) وقتل 18 عسكرياً، وكذا عملية اقتحام السجن المركزي في صنعاء في 13شباط (فبراير) وتهريب 29 سجيناً غالبيتهم من العناصر الخطرة في التنـــــظيم وبينهم مدانون بالتخطيط لاغتيال الرئيس هادي، وقتل في الهجوم 10 جنود بينهم ضابط.

 

 

وهاجم التنظيم في 24 آذار (مارس) نقطة لقوات الأمن في منطقة الريدة الشرقية عند مدخل سيحوت في محافظة حضرموت، وقتل 20 جندياً أثناء نومهم، كما شن هجوماً آخر في الثاني من نيسان (أبريل) على مقر المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، وتمكن عشرة من مسلحيه من اقتحامه قبل أن يستعيد الجيش السيطرة على الموقف، ويعلن القضاء على المهاجمين بعد ساعات من المواجهات العنيفة التي سقط فيها ضابط وسبعة جنود.

 

 

وفيما توزعت الهجمات على 11 محافظة في وسط البلاد وجنوبها وشرقها، منيت حضرموت وتلتها صنعاء بالعدد الأغلب منها، في وقت لوحظ امتداد الهجمات إلى غرب البلاد مع رصد تحركات للتنظيم يعتقد أنها تحاول أن تجد له موطئ قدم في المرتفعات الجبلية الشاهقة في سياق توسيع رقعة المواجهة مع السلطات والاستفادة من التضاريس الوعرة للاختباء من الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأميركية من دون طيار.

 

 

 

 

الاستراتيجية والأهداف المعلنة

 

 

ومن مجمل الهجمات بات لافتاً أن التنظيم مستمر في استراتيجية «الذئب المنفرد» التي كان أعلنها بعد اندحاره من مدن أبين وشبوة (جنوب) منتصف 2012، وتعني تنفيذ الاغتيالات، وشن الهجمات الخاطفة ضد الأهداف الأمنية والعسكرية في شـــكل منــفرد ومن دون الرجوع إلى قادة التنظيم.

 

 

ويقتصر أداء القيادة المرجعية على التنسيق والتخطيط المحكم للهجمات النوعية، على غرار الهجوم على مقر وزارة الدفاع في صنعاء واقتحامه آخر السنة الفائتة، واقتحام المقار الرئيسية للجيش في كل من المكلا وعدن، وكذا الهجوم على السجن المركزي في صنعاء وتحرير سجناء التنظيم.

 

 

وفي هذه الهجمات النوعية يستخدم التنظيم انتحاريين وسيارات مفخخة ومسلحين للاقتحام لا يزيد عددهم على 15 عنصراً، ويحرص على توثيقها والتعليق عليها في تسجيلات مصورة يبثها على الإنترنت، ضمن سلسلة يطلق عليها اسم «ردع العدوان».

 

 

وطبقاً لما يقوله التنظيم، فإن الهدف من هذه الهجمات هو «تدمير غرف العمليات المشتركة بين صنعاء وواشنطن والخاصة بتوجيه الطائرات من دون طيار»، ويؤكد القائد العسكري للتنظيم قاسم الريمي في تصريحاته الأخيرة أن لديهم لائحة بهذه المواقع.

 

 

ويأتي هذا الهدف المعلن إلى جانب الأهداف التقليدية العامة للتنظيم في استهداف قوات الجيش والأمن التي يرى أنها «عميلة للأميركيين والغرب الصليبي وأداة في يد الحكومة لصد عناصره وملاحقتهم» وهو ما يستوجب - وفق عقيدته - السعي لإسقاط النظام وإقامة دولة إسلامية تطبق قواعد الشريعة الإسلامية كما يتصورها.

 

 

وكانت السلطات أحبطت أكثر من محاولة لاغتيال الرئيس هادي في عام 2013، وأعلنت القبض على خليتين من عناصر التنظيم متورطتين في التخطيط وأحالتهما على المحاكمة. وفيما يعتقد مراقبون أن التنظيم سيستمر في محاولاته لاستهداف هادي تكمن خطورة نجاحه في ذلك في نسفه للتسوية السياسية والعملية الانتقالية القائمة، وهو ما سيعيد البلاد إلى مربع الأزمة وينذر بدوامة جديدة للعنف.

 

 

ولوحظ أن التنظيم لجأ إلى استخدام الصواريخ عن بعد، إذ يعتقد أنه مسؤول عن إطلاق قذائف «كاتيوشا» استهدفت وسط صنعاء في وقت سابق من هذه السنة، وكشفت السلطات أن مصدرها كان الضواحي الجنوبية للعاصمة، إضافة إلى قذائف أطلقت على محطة بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي على البحر العربي.

 

 

وتؤكد الهجمات النوعية التي لم يخسر فيها التنظيم أي عنصر من مسلحيه مدى القدرة التي بات يتحلى بها في التخطيط والإعداد االفائق كما هي الحــال في اقتحامه السجن المركزي في صنعاء، ونجاحه في تهريب سجنائه الذين كان تعهد زعيم التنظيم ناصر الوحيشي قبل أشهر من الهجوم أنه سيقوم بإطلاق سراحهم.

 

 

وكان التنظيم نشر تسجيلاً مصوراً بعد حوالى أسبوعين من العملية أظهر فيه احتشاد المئات من أنصاره للاحتفال باستقبال السجناء الفارين في منطقة مكشوفة ذات تضاريس وعرة، في حضور أبرز قادة التنظيم يتصدرهم الوحيشي، والسعودي الجنسية إبراهيم الربيش الذي كشفت مصادر قريبة من التنظيم أنه بات الرجل الثاني فيه، خلفاً لمواطنه القتيل سعيد الشهري.

 

 

وفي حين رجحت مصادر أمنية لـ «الحياة» أن يكون مكان الاحتفال في إحدى مناطق أبين أو شبوة (جنوب)، اعتبرته «تحدياً صارخاً من جانب التنظيم لقدرات الأجهزة الاستخبارية اليمنية، لجهة العدد الكبير من المسلحين المشاركين فيه وللظهور العلني فيه لقادة التنظيم» الذين لا يعرف أماكن اختبائهم إلا الدائرة الضيقة من أنصارهم.

 

 

 

 

اتهامات

 

 

ويجد الفرقاء السياسيون في تصاعد هذه الهجمات مناخاً خصباً لتبادل الاتهامات في شأنها، ففي حين يسارع إعلام حزب الإصلاح (الإخوان) إلى اتهام الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونظامه بـ «الوقوف خلف هذه الهجمات ضمن مساعيه الانتقامية لخروجه من السلطة»، يرد الإعلام الموالي لصالح باتهام «الإخوان» «بتوفير الغطاء السياسي لنشاطات الجماعات الإرهابية، والدفاع عنها وتفريخها، باعتبارها جزءاً من المنـظومة الفكرية والتاريخية التابعة لهم».

 

 

ويقول حزب «المؤتمر الشعبي» في معرض رد له على اتهامات كان أطلقها رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي بحق صالح: «إن العناصر الإرهابيين الذين يمارسون وينفذون القتل اليومي لا يستطيع أحد التغطية على حقيقة أنهم خرجوا من عباءة الإخوان المسلمين».

 

 

ويتفق الحوثيون مع أنصار صالح في هذه الجزئية ويقولون إن «زعامات عسكرية وقبلية ودينية موالية لـ «الإخوان» تتبنى دعم «القاعدة» وتدريب عناصره وإقامة معسكرات لهم».

 

 

ويكيل الجنوبيون الداعين إلى الانفصال عن الشمال، الاتهامات لمراكز القوى في الشمال ويرددون باستمرار «أن تنامي نشاطات «القاعدة» في الجنوب ليس سوى امتداد لمؤامرة من قبل القوى الشمالية التي فرخت «الإرهاب» ورعته لضمان بقاء هيمنتها على الجنوب وإعاقة استرداده دولته».

 

 

 

 

تعاظم الخطر

 

 

وبعيداً من تحويل إرهاب «القاعدة» إلى لعبة تتقاذفها القوى السياسية، تؤكد مصادر عسكرية وأمنية «أن السلطات الحكومية تتحمل مقداراً كبيراً من المسؤولية عن تنامي هذه الهجمات، لأنها اكتفت بتحرير أبين وشبوة من قبضة التنظيم في منتصف 2012، من دون أن تنفذ عمليات بحث وتمشيط للمناطق الجبلية والصحراوية الممتدة بين محافظات(حضرموت - وأبين وشبوة) لملاحقة مسلحي التنظيم وقادته، وفضلت الاعتماد على الضربات الجوية الأميركية فقط».

 

 

وإلى جانب اعتراف هذه المصادر التي تحدثت إلى «الحياة» بوجود «تراخ أمني واختراقات للجيش بفعل الإحباط الذي تسببت فيه «إعادة الهيكلة»، انتقدت ما وصفته بـ «رضوخ الدولة» مطلع السنة الفائتة للهدنة مع القبائل الموالية للتنظيم في محافظة البيضاء (جنوب صنعاء) وقالت: «كان الأحرى للسلطات الاستمرار في فرض سيطرتها وتطهير الحواضن القبلية التي يحتمي بها مسلحو «القاعدة» في تلك المناطق».

 

 

وفي ظل الضعف والقصور القائمين في منظومة القوانين والتشريعات اليمنية التي تفرض على أعضاء «القاعدة» عقوبات مخففة لا تشكل رادعاً حقيقياً، أرجع مختصون في شؤون التنظيم تزايد هجماته أخيراً إلى «ارتفاع معنوياته وتعاظم أعداد عناصره، بخاصة في ظل المعلومات التي أكدت توافد مئات المسلحين من جنسيات مختلفة آتين من سورية للالتحاق بصفوفه إثر الخلافات التي دبت بين فصائلهم هناك».

 

 

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المـــعروف بـ «داعــش» أعلن أخيراً أنه ســـيوسع نشاطاته لتمتد إلى الجزيـــرة العربـــية واليمن وأنه ســيقوم قريباً بتغيير اســمه ليتواءم مع هذا التوسع.

 

 

ومع كل هذه التطورات، تزايدت في أوساط المؤسسة العسكرية والأمنية في اليمن الدعوات إلى ضرورة تغيير قواعد المواجهة مع التنظيم، وأكدت تصريحات لقادة وزارة الداخلية وجهازي الأمن السياسي «أن الأجهزة الأمنية تسعى لتطبيق استراتيجية جديدة في المواجهة مع التنظيم تتمثل في الخروج من مـــوقف المـــدافع إلى موقف المهاجم»، في إشارة إلى احتمال تبني عمليات عسكرية وأمنية مصغرة تستهدف بعض البؤر الجغرافية التي ينشط فيها التنظيم في جنوب البلاد وشرقها.

 

 

وكان الرئيس هادي أطاح وزير الداخلية في حكومة الوفاق ورئيس جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) للحد من غضب الشارع نتيجة انفلات الأمن وتصـــاعد عملــيات الاغتيال وهجمات «القاعدة»، كما رفض الانصياع لضغوط سياسية وبرلمانية لوقف ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار.

 

 

وإلى ذلك كثف كبار المسؤولين والقادة في الجيش اليمني في الأسابيع الأخيرة زياراتهم الولايات المتحدة أملاً في الحصول على المزيد من الدعم في المعركة المستمرة مع «القاعدة».

 

 

وكشفت واشنطن عن اعتزامها منح صنعاء 10 طائرات من المستخدمة في الرش الزراعي بعد تعديلها وتزويدها بنظام متطور، لتصبح قادرة على حمل صواريخ موجهة، وسط تكهنات باستخدامها في العمليات ضد مسلحي التنظيم.

 

 

 

 

خيارات محدودة وتعقيدات

 

 

وتجعل المعطيات السابقة من تنظيم «القاعدة» في اليمن، واحداً من أخطر فروع التنظيم العالمي على المستويين المحلي والإقليمي، بالنظر إلى ظروف البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن التركيبة الاجتماعية المحافظة التي تطغى عليها البنية القبلية التي تعد من أهم الحواضن لمسلحي التنظيم.

 

 

وكشفت غالبية الهجمات الأخيرة مدى ارتباك السلطات وتضارب معلوماتها وافتقادها التنسيق بين أجهزتها، في حين يعتقد مراقبون أمنيون تحدثوا إلى «الحياة» «أن خيارات الدولة في مواجهة التنظـــيم والحـــد من تنامي أنشطته في اليمن ستبقى محدودة ومقتصرة على ردود الفعل الدفاعية».

 

 

ويؤكدون أنه «ليس في مقدور الدولة في ظل الظـــروف الســياسية والاقتــصادية التي تمر بها شن حملات عـــسكرية واسعة في البؤر التي ينتشر فيها المئات من عـــناصر «القاعدة» في محافظات أبين وشبـــوة ومأرب وحــضرموت، وذلك لجهة اتساع المساحة الجغرافية وطبيعة التضاريس الجبلية والصحراوية المساعدة على الاحتماء والتخفي».

 

 

ويزيد من تعقيد الأمر اندماج مسلحي «القاعدة» في كثير من الأحيان مع المجتمع القبلي في هذه المحافظات والذي يشكل غطاءً آمناً لهؤلاء العناصر، إما بسبب طبيعته الفكرية المقتنعة بمؤازرة الجـــماعات الدينية ومنها «القاعدة»، وإما بسبب عدم ثقـــته بأجهزة الدولة وخوف زعماء العشائر من نقمة هـــؤلاء العناصر في حال حاولت رفع الغطاء عنهم.

 

 

وتؤكد مصادر محلية تحدثت إلى «الحياة» أن «أنصار التنظيم في هذه المحافظات معروفون بالاسم لدى الأهالي وزعماء القبائل ويمارسون حياتهم الطبيعية من دون أن يعترضهم أحد أو يقدم عنهم أية معلومات للسلطات».

 

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,772,828

عدد الزوار: 6,914,257

المتواجدون الآن: 108