ملف شؤون المراة في عدد من الدول العربية...

تاريخ الإضافة الجمعة 24 آذار 2023 - 5:27 ص    عدد الزيارات 472    التعليقات 0

        

السودان: أجساد النساء ليست ساحات للمعارك السياسية...

مركز كارنيغي...أمل هباني

أمل هباني كاتبة صحفية من قائدات التغيير في السودان. نالت عدة جوائز عالمية لدفاعها عن قضايا الحقوق والحريات منها جائزة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين 2018. وجائزة أمنستي امريكا للنساء المدافعات عن حقوق المرأة والطفل (جانيتا ساقان 2015).

كسرت النساء السودانيات حاجز الصمت إزاء جريمة العنف الجنسي الممارس لتصفية الخلافات السياسية.

كسرت النساء السودانيات حاجز الصمت إزاء جريمة العنف الجنسي الممارس لتصفية الخلافات السياسية والذي ارتفعت وتيرته في الأعوام السابقة في السودان. فمنذ أن اندلعت ثورة ديسمبر في العام 2018 ارتفعت معدلات العنف الجنسي ضد النساء لتصفية الصراعات السياسية في السودان، والتي وصلت الى ذروتها في فض الاعتصام العنيف للمتظاهرين السلميين المطالبين بحكومة ذات أغلبية مدنية أمام القيادة العامة في الثلاثين من يونيو 2019. أذ قامت قوات الدعم السريع ترافقها قوات نظامية اخرى بفض الاعتصام بوحشية متناهية سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى واثناء ذلك تم اغتصاب ما يزيد عن سبعين امرأة (بينهم رجال) تتهم بالضلوع فيها قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني. وتمظهر اصرار النساء على مقاومتهن للإيذاء الجنسي في حوادث مختلفة لكنها متشابهة الدلالات على مقاومة الاعتداء الجنسي.

تداعيات الاعتداء الجنسي على ابنة مسؤول لخلافات سياسية

في يناير الماضي اتهم الأمين العام للجنة إزالة تمكين نظام الإنقاذ ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المجمدة الطيب يوسف جهات سياسية لم يسمها بتعرض ابنته للعنف الجنسي عقب اختطافها لتصفية خلافات ذات طبيعة سياسية تتعلق بعمله في اللجنة (المجمدة) المناط بها استرداد أموال الشعب السوداني من حكومة الإنقاذ التي تم الإطاحة بها بواسطة الثورة السودانية في ابريل 2019. رد الفعل كان غاضبا وعلت أصوات النساء أكثر إذ خرجت عشرات النساء في تظاهرات غاضبة رافضة لاستخدام أجساد النساء في تصفية الصراعات السياسة مطالبة بالكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة. لم تكن تلك المرة هي الوحيدة التي يعلو فيها صوت النساء هادما جدار الخوف من العنف الجنسي فقد خرجت النساء، قبل ذلك، في مظاهرات عمت عددا من أحياء العاصمة على خلفية اغتصاب 8 نساء في محيط القصر الجمهوري أثناء مظاهرات منددة بالانقلاب العسكري على السلطة المدنية. في ديسمبر من العام2021 كما أعلنت ذلك رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمة إسحق. خروج النساء في هذه التظاهرات هو رسالة للمُعنِفين وللمجتمع بأن النساء يستبسلن من أجل إيقاف العنف الجنسي المبني على النوع. والذي مورس بأبشع الطرق في النزاعات المسلحة في أطراف السودان خاصة دارفور التي مارست فيها القوات الجنجويد المدعومة من حكومة الانقاذ آنذاك العنف الجنسي على نطاق واسع بغرض إذلال النساء ومجتمعاتهن التقليدية وموروثاتها التي تعتبر الاعتداء على النساء هتكاً وإذلالا لشرف القبيلة والأسرة بأكملها.

اغتصاب النساء في تابت

استخدام الإيذاء الجنسي ضد النساء في المعارك ليس جديدا فقد تركزت حوادث الاغتصاب في مناطق النزاعات المسلحة خاصة في دارفور حيث اتُهمت قوات حكومية ومليشيات الجنجويد المدعومة من قبل نظام الانقاذ. ففي نوفمبر 2014 اتهمت هيومن رايتس ووتش الجيش السوداني باغتصاب ما يزيد عن مئتي امرأة في قرية تابت شمال دارفور وعزى التقرير إحجام الضحايا عن كشف ما حدث للتخويف والتهديد الذي انتهجته الحكومة تجاه الضحايا.

أجساد النساء ليست ساحات للمعارك السياسية

ممارسة السلطات للعنف الجنسي هو محاولة لكسر شوكة النساء. ومقاومة النساء للأذى الجنسي من ذوي السلطة السياسية لا يمكن أن يقرأ بمعزل عن حراك النساء ودورهن في ثورة ديسمبر منذ اندلاعها. فقد تقدمت النساء الصفوف ببسالة وشجاعة بحثا عن الحقوق والحريات التي عانين كثيرا من فقدها طوال سنوات الإنقاذ. تواصل النساء رفع أصواتهن للمطالبة بالعدالة النسوية رغم الخذلان الذي لاقينه في الاهتمام بقضاياهن وبمشاركتهن السياسية لضمان تعزيز الأجندة النسوية التي من أولوياتها عدم إفلات مرتكبي جرائم العنف الجنسي المبني على النوع من العقاب وضمان حصول الناجيات على حقوقهن كاملة. لكن ذلك قوبل بالإهمال حتى من رفقاء العمل السياسي. فكل الاتفاقيات المبرمة بين أطراف الحكومة الانتقالية التي انقلب عليها المكون العسكري في اكتوبر من العام 2021 خلت من أي إشارة لملاحقة مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي ولا توجد في الوثيقة الموقعة بين المكون العسكري الذي انقلب على الحكم المدني مستأثرا بالسلطة وبين القوى المدنية (الاتفاق الإطاري) في ديسمبر الماضي أي إشارة لإنصاف ضحايا العنف الجنسي سواء في مناطق النزاع المسلح أو في العاصمة والولايات التي تشهد مظاهرات سلمية لما يزيد عن أربع سنوات مطالبة بتحقيق الحرية والسلام والعدالة، حيث تشارك فيها النساء بكثافة حالمات بدولة يعشن فيها بوافر الحقوق والكرامة الإنسانية.

الإماراتيات والسلام والأمن

مركز كارنيغي...ميرة الحسين

ميرة الحسين باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد تركّز في عملها على العلوم الاجتماعية للتعليم العالي في الخليج. لمتابعتها عبر تويتر: @miraalhussein.

الجهود التي تبذلها الحكومة الإماراتية لتعزيز مشاركة المرأة في القطاع الأمني تتعارض مع الأعراف السائدة منذ وقت طويل على صعيدَي الجندر والوضع الاجتماعي.

في النقاش المفتوح السنوي الذي شهده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن المرأة والسلام والأمن في تشرين الأول/أكتوبر 2021، قالت سعادة السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، إنه "يجب أن يُفرَض على جميع الأفرقاء الذين يخططون لعمليات السلام ويُعدّونها إدراج مجموعة من وجهات النظر والآراء، بما فيها آراء النساء المحليات". ولكن عند التطرق إلى المرأة في السلام والأمن في سياق منطقة الخليج، نتحدّث عن المنظورات والعدسات المتباينة التي ينظر من خلالها الأفرقاء المختلفون في المجتمع إلى الأدوار الجندرية. ولكن نادرًا ما نطرح السؤال، كيف تنظر المرأة الخليجية إلى نفسها، وهل تريد حقًا أن يتمّ إشراكها في ذلك القطاع؟ والحال هو أن الواقع على الأرض يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كان إشراك المرأة في الأمن والسلام هو، بحسب ما قد يلمّح إليه المشكّكون، مجرد أجندة خارجية تستخدم "تمكين النساء" لبناء قدرات الدولة بدلًا من قدرات الفرد.

في عام 2014، تصدّرت الرائد مريم المنصوري، التي شاركت في شنّ هجمات جوية على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، العناوين بوصفها أول امرأة تحمل رتبة طيار رائد مقاتل في الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج. واستقطبت المنصوري اهتمامًا دوليًا واسعًا لدورها في القتال، وأُطلِق عليها لقب "سيدة الحرية". وقد نشرت وسائل إعلام كبرى مثل "سي إن إن"، و"بي بي سي"، و"نيويورك تايمز" و"الغارديان" تقارير عن المنصوري. ولكن على الصعيد الداخلي، وبوجهٍ خاص خارج الدوائر العسكرية، كان الترحيب بالرائد المنصوري فاترًا نسبيًا. في الواقع، تمحور رد الفعل الواسع وغير الرسمي حول التساؤل، بطريقة تنتقص من قدرها، عن أصولها لناحية والدتها، وهو ما تطوّر مؤقتًا إلى محاولات بغيضة لإنكار انتمائها إلى قبيلة المناصير.

على الرغم من أن الأصول العائلية في منطقة الخليج هي من جهة الأب، يؤدّي النسب لناحية الأم دورًا مهمًا في تحديد درجات البُعد والانتماء، ما يولّد فئة من "الغرباء الداخليين" يُفهَم من خلالها لماذا تسود ممارسات غير تقليدية اجتماعيًا. ثمة دلالات وتلميحات عنصرية منسوجة في الخطاب المجتمعي لردع النساء عن الابتعاد عن الأدوار الجندرية التقليدية. وتسعى الأسر، من خلال تمسّكها بالأدوار الجندرية التقليدية، إلى حماية مكانتها الجيدة في المجتمع، إنما أيضًا لياقة نسائها واحتشامهن.

اعتُبِر الجيش لفترة طويلة مجالًا محصورًا بالأشخاص ذوي الأداء الأكاديمي المتدنّي والذين تنقصهم الكفاءة. وكان المتسرّبون من المدارس يُستوعَبون عادةً في الجيش الذي كان بمثابة ممرّ نحو المواطنة المنتِجة. والنظرة نفسها إلى القطاع الأمني صحيحة إلى حد كبير اليوم، إنما في حالة النساء بصورة أساسية. في الآونة الأخيرة، نجح الجيش في اجتذاب أعداد كبيرة من الخرّيجين الجامعيين الذكور المتفوّقين المنتمين إلى خلفيات عرقية متنوعة وإمارات مختلفة. ولكن العوامل العرقية أكثر بروزًا في حالة النساء، إذ ينظر المجتمع إلى دخول المرأة إلى المجال الأمني بأنه نابعٌ لا من الحاجة الاقتصادية فقط، إنما أيضًا من خلفيات اجتماعية لا تعتبر دفع المرأة إلى الانضواء في المهن التي تفرض عليها ارتداء الزي العسكري والأمني أمرٌ يحطّ من قدرها أو يجلب لها العار. وفي حين أن النفور العام من رؤية المرأة في الزي العسكري أو الأمني تراجعَ بصورة ملحوظة، لا سيما في ضوء مشاركة نساء من النخب الحاكمة بطريقة نشطة في القطاع الأمني ومساهمتهن في الترويج له، يبقى التحدّي قائمًا بالعمل على جذب الأعداد الكبيرة من النساء الحائزات على شهادات جامعية.

بغية معالجة هذه الأعراف الاجتماعية الضاربة الجذور، أخذت الإمارات على عاتقها دعم النساء من مختلف الخلفيات العرقية. وفيما احتفلنا بتسلّم الإمارات رئاسة مجلس الأمن الدولي لمدة شهر العام الماضي، والتي تولاّها وفدٌ ترأسه امرأة إماراتية، من المهم تسليط الضوء على النظرة إلى السفيرة لانا نسيبة في الداخل، لا سيما نظرة النساء الإماراتيات إليها. ففي حين اعتُبِرت الرائد المنصوري، في البداية، غريبة داخلية، يُنظَر إلى نسيبة، في ضوء إطلالتها في البذلة ولهجتها التي يبدو جليًا اختلافها عن اللهجة الخليجية، بأنها غريبة خارجية – أي إنه غالبًا ما يُشبَّه اندماجها الهامشي بتجنيس لاعبي كرة القدم الذين تقضي مهمتهم بمساعدة المنتخب الوطني على التأهّل في البطولات العالمية.

تكتسي هذه النظرة إلى الانتماء ونقاوة الأصل أهمية محورية في كيفية تعامل النساء مع التوقعات والأعراف المجتمعية في الخليج. وقد فُرِض الطابع الأمني بشكل خاص على المجتمع ككل ومؤسساته الكثيرة عقب الانتفاضات العربية. فقد اعتمدت الإمارات ودول خليجية أخرى التجنيد العسكري الإلزامي للرجال، والذي لا يزال طوعيًا للنساء، وأطلقت أيضًا شكلًا من أشكال التجنيد المدني عن طريق الخطاب العام. تُلقَّن النساء أن هناك أشكالًا كثيرة من الأمن، وأحدها هو الأمن الثقافي الذي تأتي المرأة في طليعته. شكّل الغضب العام الذي أثاره مقطع فيديو حقّق رواجًا واسعًا العام الفائت لمناسبة يوم المرأة الإماراتية، مثالًا لافتًا على استنهاض النساء الإماراتيات لاتخاذ إجراء قانوني بحق مجموعة من مواطنيهن يُزعَم أنهم أساؤوا تجسيد جوهر المرأة الإماراتية.

إن الخط الفاصل بين الأدوار الأمنية الملائمة للنساء، مثل مناصب السفراء والوظائف الأخرى في السلك الدبلوماسي، والأدوار الذكورية من حيث الزي الخاص بها ووظائفها، متجذّرٌ في الصورة المجتمعية، ويتعارض مع رغبة الدولة المعلنة في إشراك المرأة في الأمن وبناء السلام. إذًا ألا ينبغي أولًا تصحيح النزاع بين طموحات الدولة والقواعد المجتمعية كي تتمكّن المرأة من التقدّم في الأمن وبناء السلام؟ ولكن مجددًا يُطرَح السؤال، هل ترغب النساء الخليجيات، اللواتي لطالما نشأن مجتمعيًا على إظهار الرقّة والدماثة ومكانة أسرتهن الجيدة، في ذلك النوع من الإشراك؟

 

نسوية الدولة في عُمان وتعزيز حقوق المرأة وتمكينها سياسيا

مركز كارنيغي...رفيعة الطالعي

رفيعة الطالعي رئيسة تحرير (صدى) مطبوعة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. لمتابعتها على تويتر: @raltalei.

تناقش هذه المقابلة مع بدرية الشحي نائبة رئيس مجلس الدولة بسلطنة عمان ما إذا كانت نسوية الدولة في عمان تدعم حقوق النساء.

في 26 فبراير كان الحدث الملفت في عمان هو أن ترعى السيدة الأولى عهد البوسعيدي احتفال شـرطة عُمان السُّلطانية بتخريج دفعة من الشرطة النسائية بأكاديميّة السُّلطان قابوس لعلوم الشرطة. إذا أنها المرة الأولى التي تقوم امرأة برعاية حدث عسكري.

حاليا، في مجلس الوزراء ثلاث وزيرات من بين 22 وزيرا، و12 امرأة عضوا بمجلس الدولة من بين 86 عضوا، إضافة إلى مقعدين تشغلهما امرأتان في مجلس الشورى من 86 مقعدا. تناقش هذا المقابلة مع بدرية الشحي نائبة رئيس مجلس الدولة بسلطنة عمان ما إذا كانت نسوية الدولة في عمان تدعم حقوق النساء عامة وتدفع إلى رفع نسب تمثيلهن في الحكومة وفي مناصب عامة عليا لايزال تمثيلهن فيها متدنيا. تعتقد الشحي أن بلادها كانت رائدة على دول أخرى في منطقة الخليج حيث كانت سلطنة عمان أول دولة خليجية تمنح النساء الحق في ممارسة حقوقهن السياسية في عام 1994، وهذا يعني أن القيادة السياسية تؤمن بدور المرأة وبقدرتها في تولي المناصب العليا، وتعتبر الشحي أن تأخر تمكين المرأة في مجالات مثل القضاء والمحافظات يأتي نتيجة لمراعاة الدولة، التي تؤمن بسياسة التدرج، لحساسية المجتمع تجاه قضايا تتعلق بالمرأة.

هل يمكن أن يعزز تعيين نساء متعلمات تعليما عاليا، حتى وإن لم يحملن قضايا حقوق المرأة، في مراكز قيادية عليا حقوق المرأة ويدفع إلى تغيير اجتماعي يقدر قيادة المرأة بشكل عام؟

فعلا وجود نساء متعلمات تعليم عالي ولديهن الوعي الكافي سيعمل على تغيير صورة المرأة النمطية في المجتمع. حتى لو لم تكن النساء المعينات يقصدن دعم حقوق المرأة، فإن نجاحهن ف يعملهن سيعزز تمكين النساء. لدينا نساء كثر يسهمن في إخراج المرأة من الصور النمطية والمحرمات، وخاصة في المجتمعات المغلق، حيث نسمع عبارات مثل "النساء ناقصات عقل ودين"، و "ما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة" بعضها تفسيراتها خاطئة، والمجتمع ينظر إليها بسطحية جدا ويفسرها على أن المرأة غير قادرة على القيادة، لذلك من المهم عندما تصل المرأة إلى هذه المراكز القيادية أن تغير هذه الصورة عن النساء وتزيل عنهن هذه التهم. وبعد ذلك، وكلما انخرطت في العمل تأتي مرحلة دعم حقوق المرأة. طبعا للتعليم والتحديث في البلاد دور أساسي في تغيير صورة المرأة واحترام دورها في المؤسسات السياسية العامة.

ولكن هل يحدث هذا التغيير فقط بسبب التعيينات الرسمية أو عن طريق ما يسمى بنسوية الدولة أو أنه ينبغي أن يكون نتيجة حركة اجتماعية سببها التحديث والتعليم وقناعة الناس؟

طبعا في السلطنة، ونتيجة للطبيعة المحافظة للمجتمع العماني كان لابد من أن تقوم السلطة السياسية في البلاد بدور لإخراج المرأة من الصورة التي تسود داخل المجتمع وإظهارها بالصورة اللائقة وأنها قادرة على التفكير والإسهام وزيادة وعي المجتمع والمشاركة في العملية التنموية أو الحركة الحقوقية والحياة البرلمانية طبعا. ولهذا كان لابد من إيجاد قنوات ووسائل لإظهار قدرات النساء، ليس عبر كوتا، ولكن عبر قرارات وسياسيات السلطة التي تقوم على تعزيز دور المرأة.

تناقش هذه المقابلة مع بدرية الشحي نائبة رئيس مجلس الدولة بسلطنة عمان ما إذا كانت نسوية الدولة في عمان تدعم حقوق النساء.

بوصفك نائبة منتخبة لرئيس مجلس الدولة ما الذي يعنيه هذا بالنسبة للمجلس أن تكون امرأة في مركز قيادي متقدم في مجلس رفيع كمجلس الدولة؟ وما الذي يشير إليه هذا الانتخاب من قبل زملاء لك، أغلبهم ذكور، عن نظرة المجتمع العماني للمرأة؟

طبعا في مجلس الدولة، وبسبب وجود أعضاء ذوي خبرة في مجالات حكومية متعددة: عسكرية وتعليمية واقتصادية وكذلك من القطاع الخاص ممن عملوا مع نساء وعرفوا قدراتهن ومنهم من أفراد العائلة الذين رأوا تميز النساء، هؤلاء يمثلون مجموعة متنوعة من الخبرات ومستويات الوعي المرتفع، ولهذا هو أسهل بالنسبة للمرأة التعامل معهم، وكذلك من المتوقع أن يقدروا المرأة أكثر. ومع ذلك من الضرورة أن تثبت المرأة نفسه وسط كل هذه الخبرات والمؤهلات التي يحملها زملاؤها الرجال، وتحوز على الثقة عبر صنع تاريخ عملي يثبت أنها قادرة على اتخاذ القرارات، وأن يكون لها صوت في مساندة أعمال المجلس ومساندة أعضائه. هذا الصوت وهذه القدرة ضرورية لتقدير المرأة في مجتمع متعلم وواع بدورها.

هل تعتقدين أن تمكين النساء من القيادة السياسية بأشكالها المختلفة في الحكومة أو المجالس المعينة والمنتخبة هي مسؤولية القيادة السياسية فقط، أم أنها مسؤولية اجتماعية؟ وكيف؟

مسؤولية تمكين المرأة تأتي من الجانبين، كما ذكرت نبدأ في الأساس في كسر محرمات المجتمع عبر تمكين يأتي من السلطة أو الحكومة، وبعد ما تثبت المرأة مؤهلاتها في عدة مجالات، تأتي لاحقا المسؤولية الاجتماعية، بعد التخلص من المحرمات التي تحيط بالمرأة يصبح من الضروري أن يقوم المجتمع بمسؤوليته، خصوصا الفئات المثقفة والمتعلمة والمُمَكَنة، في دعم المرأة وهذا يبدأ من تعزيز الوعي ومن تبيان آثار تمكين المرأة الاقتصادية والاجتماعية وعلى مستوى الأسرة أيضا، سواء على المستويات التعليمية أو الثقافية أو توجهات الأبناء. علينا أن نوضح كم هو مثمر أن تكون المرأة مُمَثَلة ومُمَكَنة في جميع المجالات وأن يحدث ذلك بوعي تام بأهمية دورها.

كيف تنظرين إلى نسوية الدولة، هل تؤدي إلى تعزيز حقوق النساء بشكل عام أو أنها لا تساعد على ذلك؟

أظن أن للدولة اهتمام كبير بتمكين المرأة. إذا نظرنا إلى نسوية الدولة نجد أن الدولة بدأت بالتعليم، والاهتمام بتعليم البنات والنساء، وبعد ذلك بدأت في تمكينهن في الوظائف والمراكز المختلفة والحقول المتنوعة، ولكن حدث هذا تدريجيا مراعاة لحساسية المجتمع ودرجات تقبله لوجود المرأة في هذه المجالات والمناصب. وعبر الأزمنة في عمان لم تكن المرأة غائبة تماما فقد كانت موجودة في الحقل وفي حلقات التعليم. الآن هناك مجالات فتحت أبوابها للمرأة وكانت هذه المهام والمجالات في السابق منوطة بالكامل للرجال. هذا لا يعني أن المرأة الآن حاضرة في كل المجالات التي ينبغي أن تكون فيها. هناك مجالات نتطلع أن تكون فيها نساء مثل القضاء والمحافظات، ولكني أعتقد أنها مسألة وقت فقط. أعتقد أن هذا التدرج صحي جدا للمجتمعات ولا ينبغي أن يكون إجباريا. نحن نرى أن المرأة قد ثبتت أقدامها وطورت إمكانياتها خطوة بعد خطوة.

هل تعتقدين بشكل عام أن النساء اللاتي في مراكز صنع القرار حاليا سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس الدولة والشورى وهيئات أخرى يحملن أي مسؤولية تجاه النساء لشكل عام، أو هل يعملن من أجل تحسين أوضاع النساء وحقوقهن؟

أعتقد أن مسؤولية تحسين أوضاع النساء وحقوقهن موجودة في وعي كل امرأة وصلت إلى موقع اتخاذ القرار. أعتقد أن واحدا من الأشياء التي توجد النساء، ليس فقط في عمان وإنما لدى أي امرأة في العالم تصل إلى موقع صنع القرار، الوعي باتخاذ قرارات تتعلق بتحسين أوضاع النساء. قلت سابقا أن المرأة القيادية تبدأ أولا بتغيير وتحسين صورة المرأة وتثبت أنها قادرة على القيادة، وثانيا تحاول أن تُمَكن غيرها من النساء.

قد نفتقد هذا التصور أثناء الانتخابات، ولكن هذا يحتاج إلى الكثير من الوعي لدى المرشحات والناخبات والإيمان بأننا لن نصعد إلا معا ولن نتمكن من تمكين أنفسنا إلا عندما نمسك بأيدي بعضنا البعض. طبعا، طبيعة المجتمعات والطبيعة التنافسية للانتخابات، وكيف تنظر المرأة إلى قيادة المرأة تلعب دورا في مدى تقدم ونجاح عملية تمكين المرأة. لكن أعتقد أن أي امرأة وصلت إلى مركز صنع القرار فهي عن وعي وإدراك وتعليم ستسعى إلى تمكين الأخريات لتمكن نفسها أيضا تمكينا مستداما.

هل تعتقدين أن وجود سيدة أولى، في عمان، فاعلة في الحياة العامة قد يؤدي تمكين النساء في سياسيا بشكل أكبر؟

طبعا وجود السيدة الجليلة عهد البوسعيدي محفز للنساء في السلطنة، وظهورها وتمكينها للمرأة أمر مشرف جدا، ويراه المجتمع شيئا مميزا. منذ فترة طويلة لم تكن هناك مثل هذه المبادرات المتعددة والمستمرة. لقد كانت هناك في السابق مبادرات السيدة ميزون والدة السلطان الراحل قابوس، ولكن حاليا في هذا الوقت هناك زخم أكبر وأسرع. هذه الدعم النفسي بوجود السيدة الجليلة يعطي شعورا بالثقة للمرأة. لو تلاحظين أصبحت النساء في عمان أكثر ظهورا في المناسبات العامة، أتمنى أن يعني هذا الحضور وعيا بأهمية استدراك حقوق المرأة. من حسن الحظ، أننا نلاحظ أن مبادرات النساء زادت مع ظهور ونشاط السيدة الجليلة عهد، خاصة في الأعمال الخيرية والمبادرات النسائية والمؤسسات الاجتماعية. أتمنى أن تمتد هذه المبادرات إلى المؤسسات الأخرى التي تحتاج فيها المرأة إلى تمكين.

كيف تقيمين تمكين النساء في سلطنة عمان عامة؟

أعتقد أن التمكين معنا بدأن معنا في مراحل متقدمة ونحن كنا في بعض المجالات الرواد في منطقة الخليج. بدأنا عندما كانت بعض مجتمعات الخليج أكثر تأخرا فيما يتعلق بأوضاع المرأة وحقوقها ودورها، وهذا يدل على الرؤية العامة للسلطنة فيما يتعلق بالنساء ويدل على استقلالية السلطنة في سياساتها تجاه المرأة. أتمنى أن نحافظ على هذه الوتيرة وأن نزيد عليها، ولاسيما ن هناك حركة عالمية متنامية تدعو إلى تمكين النساء وإعطائهن الفرص المتساوية وتدعم إلى إشراكها في العمل التنموي، وتوضح تأثير ذلك على اقتصاد البلاد وعلى سمعة البلاد. وفي ظل وجود مؤسسات دولية تركز على أوضاع النساء وحقوقهن، نحتاج، في عُمان، أن نسارع إلى إشراك النساء في مجالات جديدة زيادة تمثيلهن في المجالات الأخرى. مثلا تم إشراك العمانيات في المجالين العسكري والسياسي، ولكن نحتاج أن يكون عدد النساء أكبر في هذين المجالين، وأن تفتح لهن مجالات أخرى مثل توليهن شؤون المحافظات والقضاء. وأنا واثقة من أن المرأة سوف تنجح في أي مجال لأنها ستؤدي عملها بطريقة عالية الجودة ومُحسنة للأداء الكلي.

خلاصة

يلاحظ أن الحدث الأبرز فيما يتعلق بالمرأة منذ تولي السلطان هيثم الحكم في السلطنة، هو نشاط السيدة الأولى عهد البوسعيدي وتأسيسها مؤسسة خيرية تركز فيها على دعم النساء والأطفال والمعاقين. لكن يبقى تمثيل النساء في مختلف مؤسسات الدولة متدنيا كما لم تعدل حتى الآن قوانين غير منصفة للمرأة، مثل قانون الجنسية الذي لا يمنح أبناء العمانيات من غير العمانيين الجنسية العمانية. قد يدفع وجود نساء مؤهلات في مناصب قيادية ومعنيات بتحسين النساء، إضافة إلى حضور السيدة الأولى في الحياة العامة واهتمامها بقضايا المرأة إلى اكتساب النساء مزيدا من الحقوق، وكما قالت الشحي:" أتمنى أن يعني هذا الحضور وعيا بأهمية استدراك حقوق المرأة."

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,156,582

عدد الزوار: 6,757,745

المتواجدون الآن: 116