رابينوفيتش لـ «الراي»: على رجال الدين اليهود والمسلمين منع حدوث حرب دينية... والدعوة إلى الحوار والهدوء

حض حاخام حائط البراق (المبكى) شموئيل رابينوفيتش، اليهود على عدم دخول منطقة الحرم القدسي الشريف، «لان الشريعة اليهودية تحظر ذلك». واعلن ان كل الحفريات الاثرية (الاسرائيلية) موجودة خارج الحرم القدسي الشريف، مشيرا الى ان «من يقولون عكس ذلك لا يعرفون تمييز الليل من النهار»، معتبرا الحفريات الجارية في بلدة سلوان «امر شرعي لكشف تاريخ الشعب اليهودي».
وقال الحاخام رابينوفيتش في لقاء خاص بـ «الراي»، انه «يتوجب على رجالات الدين اليهود والمسلمين منع حدوث حرب دينية، والدعوة الى الحوار والهدوء».
وفي ما فيأتي نص الحوار:

• طالبت اكثر من مرة، بعدم دخول الجماعات اليهودية ساحات الحرم القدسي الشريف واقامة طقوس دينية، الامر الذي يشكل استفزازا وتحد لمشاعر المسلمين، لكن هذه الجماعات لا تكترث بتصريحاتك، كيف تفسر ذلك؟
- اولا، اود ان اقول لكم، ان الحرم القدسي الشريف يعتبر مكانا مقدسا لليهود، بيد ان الشريعة اليهودية تقول لنا، انه ممنوع علينا الدخول او الصعود لمنطقة الحرم، من منطلق ان هذا المكان من اكثر الاماكن المقدسة لليهود، خصوصا في الاوقات التي نعتبر فيها وفقا للشريعة غير طاهرين او مؤهلين، وهذا الامر لن ينفذ الان او اليوم، بسبب ان الفداء الروحي لم يحل على ابناء الشعب اليهودي، وكذلك لا يوجد لدينا البقراء الحمراء، لكن ما يقلقني هو اننا ورغم وجودنا في حائط المبكى، وهو مكان مقدس لنا جميعا وكل يهودي يأتي هنا للصلاة والتعبد، نحن لا نقول للمسلمين، ممنوع عليكم الدخول لحائط المبكى والصلاة، كما اننا لا نقول للمسيحيين ممنوع عليكم الدخول او اقامة الصلاة، على العكس من ذلك، فالملك سليمان يقول - وهذا الامر مدون ومكتوب في التوراة - «قدسية هذا المكان، كل مؤمن يصلي في هذا المكان، الرب جل وجلاله سيسمع ويقبل صلاته». ولهذا يأتي الى هذا المكان وعلى مدار السنة، مئات الالاف من اليهود ومن كل اصقاع العالم، والملك سليمان طلب من الرب عز وجل، ان يسمح لجميع خلقه من المؤمنين ان يأتوا الى هنا لاقامة الصلاة، وهو لم يقم بوضع العراقيل امامهم ولا يوجد اي شخص او جهة كانت اي سلطة مطلقة على هذا المكان. الرب سبحانه وتعالى، هو الذي خلق اليهود والمسلمين والمسيحيين، وهذا المكان مقدس ومفتوح للجميع.
لماذا نقوم بوضح حواجز امام اليهود لاقامة شعائرهم الدينية في هذا المكان؟ وانني هنا لا اريد ان تفسر اقوالي بدعوة اليهود الى منطقة الحرم، على العكس اصدر اعلانا واضحا: على اليهود الا يدخلوا الى منطقة الحرم. قمت اخيرا بالمبادرة الى لقاء خاص مع اكبر حاخامات اليهود في الدولة حاخام الطائفة الاشكنازية يوسف شالوم اليشيف والرئيس شمعون بيريس وقال الحاخام للرئيس، «ممنوع دخول اليهود الى منطقة الحرم». زد على ذلك، فانني اتلقى رسالة احتجاج شديدة من المجموعات اليهودية، التي تسأل، لماذا تقول وتفرض علينا كذلك، لماذا تصدر الاعلانات التي تمنعنا من الدخول الى الحرم؟
اود التأكيد، انه توجد خلافات داخلية بين اليهود انفسهم، حتى ان الذين ينادون ويقولون يجب على اليهود الدخول الى الحرم، فانهم بانفسهم يناشدون اليهود بعدم الدخول الى ساحة الحرم. ويدور الحديث حول منطقة معينة في الحرم، وايضا يوجد عليها جدل وخلاف حاد.
اريد هنا ان اطرح سؤال، «ماذا سيحدث لو قام يهودي بالصلاة في الحرم؟ من لا يؤمن بمكانه المقدس يعد خائفا من ان الاخر سيسرقه؟ انا لا اخاف من ان يقوم بسرقة مكاني، هذا «حائط البراق» حيث انني مرتبط بهذا المكان المقدس قلبيا، هل يستيطع احد ان يسرق لي قلبي؟ لماذا الامر يؤدي الى اثارة الخواطر والمشاعر؟ المكان المقدس «الحرم القدسي الشريف» وحائط البراق، يعدان مكانا دينيا، والذي يريد الصلاة فليتفضل بالصلاة.
• يوجد هنا وضع قائم «ستاتيكو، منذ سنين، يمنع اليهود من الدخول للحرم؟
- انا لا اتحدث هنا عن السياسة. انا لا اريد تغيير اوضاع او قوانين معمول بها، انا اتكلم عن رؤية دينية عالمية، لا يجوز لي ان امنع اي مؤمن اخر من الدخول الى حائط البراق للصلاة... المسلم لن يؤذيني بدخوله الى حائط البراق، والديانة لا تدعو الى العداء وانما الى السلام والمصالحة والوئام. انني اقول لرؤساء الاديان السماوية: اذا اراد شخص ما الصلاة ويريد اضرار بالاخرين المؤمنين يهودي او مسيحي او مسلم، عليه الا يدخل الى هذا المكان، والصلاة التي ستضر الاخرين ومشاعرهم، لا تعتبر صلاة. اذا حضر يهودي الى هنا للصلاة في حائط البراق، واراد ان يضر بالمسلمين، فساطلب من الشرطة ابعاده، لا يوجد لمثل هؤلاء الاشخاص اي مكان هنا للصلاة، يأتون هنا لهذا المكان من اجل الصلاة والطلب والسماح والسلام ولا يأتون من اجل الاضرار بالاخرين، لا بيهودي ولا مسلم ولا مسيحي.
• بيد ان المجموعات المتطرفة التي تدخل الحرم، تخلق جوا من التوتر في صفوف المصلين؟
- من يعطي تلك المجموعات اليهودية او افرادها الذين يدخلون ساحة الحرم، شرعية، هم المسلمون، فاذا تركهم المسلمون ولم يقوموا باعطائهم الاهمية المطلوبة، فانهم لن يصعدوا او يدخلوا ساحات الحرم... هم جماعات هامشية والمسلمين يقدمون لهم من خلال تصرفاتهم، القوة. اليهود المتدينون يعدون بالالاف، بيد انهم لا يؤيدون مثل هذه التصرفات التي تقوم بها تلك الجماعات الهامشية. خلال اكتوبر الماضي، زار ساحة البراق مليون ونصف مليون يهودي، كم من هؤلاء دخل الى منطقة الحرم؟ ربما المئات، هم يريدون اثارة المشاعر الدينية وخلط المواضيع السياسية بالدينية. انني اقرأ كل يوم مقتطفات الصحف العربية وعناوينها، واقرأ مثلا ان الشيخ رائد صلاح يقول ويدعي، اننا نحفر اسفل الحرم القدسي الشريف، وانني لا ادري ان اضحك او ابكي، مثل من يقول لك الان ونحن في وضح النهار، ان الدنيا ليل.
• لكن توجد افلام وثائقية تثبت وجود حفريات اسفل الحرم ووسائل الاعلام الاسرائيلية اكدت ذلك؟
- انني اؤكد لكم، لا يوجد مثل هذه الحفريات اسفل الحرم، واني مستعد لان اعطيكم ضمان بمبلغ 10 ملايين دولار لاثبات اقوالي. لا توجد اي جهة تحفر اسفل الحرم.
• لماذا لا تشكلون لجنة بهذا الامر تهدأ الخواطر، وتنفي ذلك، كما طالب قادة مسلمون؟
- ان من يدعي انه توجد حفريات اسفل الحرم، له اجندات خاصة به، يريد جمع الاموال من السعودية وايران ومن دول الخليج. انها افتراءات، من يدعي ذلك يريد تأمين دخل وراتب له، والمشكلة انهم يضللون الاشخاص الاخرين والمصلين المؤمنين للاسف يصدقون اقوالهم.
اؤكد لك ان من يحفر اسفل الحرم القدسي الشريف، كالذي ينتهك حرمة السبت، لدينا نحن اليهود. انا حاخام حائط المبكى، اؤكد للجميع اننا لا نحفر اسفل الحرم حتى متر واحد او سنتمتر واحد، هم يأخذون صورا من اماكن خارج الحرم ويقولون ويدعون بوجود حفريات.
ممنوع الوصول الى الحرم او اسفل الحرم لان الديانة تحرم علينا ذلك. اريد ان يأتي شخص مطلع بهذا الموضوع ويأخذني بجولة اسفل الحرم، ليثبت لي انه توجد حفريات.
انني اتوقع من رجل دين بارز مسؤول ان لا يكذب باسم الرب، نحن لا نخفي اي شيء، كلهم يحفرون خارج محيط الحرم، لكن حتى الان لم يصرح اي كان بانهم يحفرون اسفل الحرم.
الفرنسيون والبريطانيون والالمان والاميركيون والاتراك والاردنيون، كلهم كانوا هنا. وفحصوا وبحثوا عن حفريات اسفل الحرم ولم يجدوا، لكن فقط الشيخ رائد صلاح هو الذي يدعي بانه توجد حفريات «ربما تحل عليه روح القدس ويرى امور لا يراها غيره».
• لكن الشيخ صلاح يعقد مؤتمرات صحافية ويعرض افلاما تثبت وجود حفريات؟
- شاهدت هذه الافلام، لكن ربما صنعت هذه الناصرة او في السعودية، ويدعي الشيخ صلاح انها تجري اسفل الحرم... اريد طرف حيادي يثبت لي صحة الوقائع، يبين لي ويثبت لي بالعين المجردة اين الحفريات؟ سئلت قادة عرب في هذه البلاد وكانوا يبتسمون، ان ما يجري هو سياسة وخلط للامور الدينية بالامور السياسية.
• تدعي اسرائيل بحرية العبادة بيد انها تمنع وتحدد اعمار المصلين للدخول الى الحرم، فما تعقيبك؟
- ان حرية المعتقد والصلاة تعتبر امرا مطلقا، واعتقد ان دولة اسرائيل تحترم وتمنح حرية الاديان لابناء الطوائف الدينية المختلفة. جدي كان يسكن هنا قرب الحائط حتى عام 1948، وقد اخرجوه من هذا المكان، وفقط سمحوا لفئة قليلة من اليهود باقامة صلواتهم حتى 1948، بيد انه من 1984 وحتى 1967، لم يسمحوا لليهود باقامة شعائرهم الدينية وصلاواتهم.
عند سيطرتنا على المنطقة في 1967، قمنا بالمحافظة على الوضع القائم، واعطينا للمسلمين الحق في اقامة شعائرهم. لا يعقل ولا يمكن ان يدخل مؤمن مسلم للصلاة في منطقة الحرم ان يلقي حجارة على مصلين يهود في الحائط، وانني شاهدت صورا تبين ادخال الحجارة الى الحرم من اجل القائها على المصلين اليهود.
انني اناشد رجالات الدين الاسلامي بان يقوموا باخراج تلك العناصر من هذا المكان المقدس، واذا رايت شخصا يهوديا يريد التسبب باضرار لشخص مسلم، فانني امنعه انا بنفسي من الدخول.
• لكن هذه الفئات اليهودية المتطرفة التي تدخل الى ساحة الحرم، تدخل من دون موافقة دائرة الاوقاف الاسلامية صاحبة الصلاحية، وتحت حراسة الشرطة؟
- انني اعتقد انه لا يتوجب منع اي شخص من الصلاة في ساحة الحرم، وكما قلت انني ضدهم بسبب الشريعة اليهودية التي تحرم الدخول للحرم، لكن على المسلمين الا يعارضوا دخولهم للصلاة. هل سمعتم انه يوجد كنيس مغلق امام غير اليهود؟
• لكن المسلمين لا يقبلون بهذا الامر، ويعارضون دخول العناصر الهيودية الى الحرم، وهذا المكان ليس «جبل الهيكل»؟
- اننا كيهود نؤمن بان الهيكل الاول والثاني، كانا هنا مكان المسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة، لكن اليوم الامر حلم لليهود باقامة «الهيكل الثالث».
انني اصلي لحدوث هيكل لليهود، ولكن الامر كما اسلفت، يعد حلما، ويتوجب على الطرف الاخر الا يمنع صلاة او حلم الشخص الاخر، وانني على قناعة بان الكثيرين من المسلمين الذين يؤمنون يصلون من اجل انصراف او اختفاء اليهود من القدس، وبسبب هذا الامر يتوجب علي مقاتلتهم وضربهم، كل شخص حر يحلم كيفما يريد ويتوجب على الطرف الاخر احترامه وعدم الاضرار به، ويجب الا يتحول الامر الى حرب دينية، ويتوجب على رجالات الدين اليهود والمسلمين ان يمنعوا حدوث حرب دينية وعلى الدوام الدعوة الى الحوار والهدوء.
• بخصوص الحفريات في باب المغاربة، فالمشروع الاسرائيلي هناك يقام على انقاض الاثار الاسلامية، وهو مرفوض من المسلمين؟
- ضمن الوضع القائم في تلك المنطقة، كان يوجد جسر وقد تهاوى بفعل العوامل الطبيعية، الثلوج والزلزال عام 2004 وخلال 40 عاما لم يحدث اي شيء في هذا المكان.
تم استخدام جسر كان مبني على بيوت عربية للدخول الى الحرم، وكان ممكن لكل شخص يدخل الى منطقة الحرم ان يقع، واذا تم ايجاد اي آثار اسفل هذا الجسر، فانها تعد آثار يهودية. اليوم لا يحفرون اسفل باب المغاربة، اما البقايا والآثار فهي يهودية. اخذنا اشخاص مهنيين للعمل في الجسر، وهم لم يجدوا اي شيء او بقايا هناك غير بيوت عربية.
الحديث يدور هنا حول تحريض و»اكاذيب»، والجسر الجديد سيكون مثبتا ومستقرا اكثر وصغيرا، ولا داعي لبناء جسر كبير، والجسر لا يضر الحرم القدسي الشريف، وهو بعيد عن منطقة الحرم، لان الشريعة تحرم ذلك. واتساءل، اين كانوا هؤلاء المسلمين قبل وقوع الجسر؟
• لكن الشرطة تمنع دائرة الاوقاف من ترميم الجسر، والسبب لان الاشغال تجري داخل منطقة حائط البراق؟
- علينا ان نكون حذرين، والا نطلق التصريحات التي تثير المشاعر والاحقاد بين جميع الاطراف، المكان مقدس للجميع ويتوجب العمل بحكمة وفطنة والابتعاد عن الامور التي تبعد القلوب وتجعل من القدس، مدينة يشوبها التوتر بين ابناء الاديان المختلفة.