أخبار لبنان..«تشريع الضرورة» يأخذ إجازة..والمصارف بين فك الإضراب أو الإنتحار!..إشارات سعودية سلبية لبري بشأن ترشيح فرنجية..تحالف برّي ـ جنبلاط «الاستراتيجي» لا ينسحب على انتخاب الرئيس اللبناني..التشريع المعطّل: بازار سياسي جديد..الحريري لتياره: هجرتي مستمرة وانتخاب رئيس جديد ليس قريباً..«المستقبل» يحيي ذكرى اغتيال الحريري..بصمت..الخلافات تطيح الجلسة التشريعية هذا الأسبوع..«فالنتاين» في لبنان يحترق..في «جهنم الحمراء»..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 شباط 2023 - 4:42 ص    عدد الزيارات 720    القسم محلية

        


«تشريع الضرورة» يأخذ إجازة..والمصارف بين فك الإضراب أو الإنتحار!..

«خلية السفراء» لبري وميقاتي: الخروج من المأزق مسؤولية لبنانية.. والدولار يسرّع باللااستقرار

اللواء.. يستذكر اللبنانيون، في عاصمتهم الثكلى، ومدنهم وأقضيتم وقراهم الغارقة في مستنقع الهموم اليومية الرئيس رفيق الحريري، بألم يتعدى الشخصي او النفسي الى ما هو عام، يتصل بحرقة النكسات التي اصابت حياتهم، منذ 18 عاماً، وهي آخذة بالإتساع، بانتظار «الفرج الآتي»، بعد ان كادت اوصال الحياة تتقطع، في بلد بلا موظفين، ومدارس بلا معلمين، ولقمة خبز، على همة الاحتفاء او ارتفاع سعر الربطة، ومحروقات وضعت على «التسعيرة السوداء» للدولار، فما إن يرتفع على التطبيقات، حتى ترتفع في جدول المحروقات الصادر عن وزارة الطاقة والمياه، في وقت تمضي فيه المصارف في اللعب على «حبال الانتحار» بين تمنُّع عن العمل وملاحقات قضائية، بدأت امس بالادعاء على المدير العام لبنك عودة ومساعده، وحددت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان يوم غد كموعد نهائي لاستلام ما طلبته من معلومات من 5 مصارف بينها عودة، وإلا تسطير استنابات وادعاءات على مجالس الادارة. وفي المعلومات المصرفية ان الاتصالات لفك الاضراب ما تزال قائمة داخل جمعية المصارف وبين وسطاء، ومصرف لبنان ومستشاري الرئيس ميقاتي. وتوقعت المصادر فك الاضراب بدءاً من الاربعاء المقبل، وتحدثت عن توجه لدى مصرف لبنان لرفع سعر صيرفة الى 45 ألفاً مع الارتفاع الخطير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. وعلى وقع حركة السفراء المكلفين من الدول الخمس التي اجتمعت قبل اكثر من اسبوع في باريس للبحث في خارطة طريق لانتشال لبنان من ازماته الخانقة وضع المسؤولين في اجواء ما آلت اليه المناقشات، سجلت اول زيارة لشخصية عامة في لبنان، قام بها الرئيس سعد الحريري مساء امس الاول الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وإطمأن الى صحته، كما تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون مجدداً فيه التعزية باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، متمنياً عليه العودة الى لبنان. وعليه، أبدت مصادر سياسية عن مخاوفها من تطور الاوضاع المالية والاقتصادية، لا سيما في ضوء ارتفاع سعر الصرف ومواصلة المصارف للاضراب، فضلاً عن انعكاسات تعليق العمل في الادارة واضراب المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية. وقالت المصادر لـ«اللواء»أن الوضع السياسي ليس بأفضل بفعل غياب اي حل واضح، في الملف الرئاسي، ولفتت الى ان السيناريو الاكثر تداولاً هو ازدياد الضغوطات مما قد يدفع الى ايجاد فتوى لعقد جلسة تشريع الضرورة في القريب العاجل، مع العلم ان اي موعد لها لم يتم تحديده بعدها ارجئ اجتماع هيئة مكتب المجلس.

ذكرى الحريري

يستهل الرئيس سعد الحريري نشاطه اليوم بزيارة ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت، لمناسبة الذكرى الثامنة عشر لجريمة الاغتيال، مع عمه شفيق وعمته بهية الحريري، ويقرأ الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقة الشهداء. ويتوقع ان تزور الضريح وفود شعبية من مختلف المناطق اللبنانية وشخصيات سياسية وحزبية وسفراء دول عربية واجنبية ورجال دين من مختلف الطوائف والمذاهب، ويتوجه بعضها الى بيت الوسط بعد ذلك، لملاقاة الرئيس الحريري والقاء التحية عليه. وكان الحريري زار بالامس، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دارته واطمأن الى صحته بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها واقتصر نشاط الحريري ببيت الوسط على لقاء عقده مع المكتب السياسي لتيار المستقبل، ثم مع جمعية التنمية الاجتماعية، تحدث خلالهما بالعموميات والشؤون الداخلية. وأشارت مصادر انه لن تكون له مواقف سياسية معلنة الا اذا تكلم في اللقاءات المغلقة مع كوادر تيار المستقبل وبعض المقربين مع انه تلقى العديد من الاتصالات فور وصوله.وسيقوم بزيارة ضريح والده اليوم في 14 شباط في ذكرى اغتياله. وأجرى رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون اتصالاً بالرئيس الحريري مجدداً التعزية باستشهاد الرئيس رفيق الحريري. وتمنّى عون على الحريري «العودة الى لبنان بعد طول غياب، لأن الوطن بحاجة اليوم الى جميع أبنائه وطاقاته». واستقبل الحريري مساء، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل في بيت الوسط وجرى التداول في المستجدات.وتحدثت معلومات ان الحريري تلقى اتصالاً بعد عودته من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليدجنبلاط، وسط احتمال بحصول لقاء بينهما. واذ أمَّت شخصيات ضريح الشهيد امس وبينها الرئيس نجيب ميقاتي لتلاوة الفاتحة لروحه، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في مناسبة ذكرى استشهاد الرئيس الحريري «أحبتنا وأبناءنا في وطننا الغالي لبنان، الى أن يقتدوا به وأن يتابعوا مسيرته في الخير والبناء والإعمار». وقال في تصريح: لم يكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري مجرد زائد واحد الى رؤساء الحكومات اللبنانية. إنه حي بإنجازاته في إعادة إرساء أسس وقواعد الوحدة الوطنية. وحي بإنجازاته في إعادة بناء الإنسان اللبناني من خلال التعليم والتربية في أرقى جامعات العالم. وهو حي في إعادة بناء بيروت، ولبنان، بعد أن دمره الجهل والتعصب الأعمى. وهو حي في تعزيز الروح العربية في لبنان، وهو حي بمواقفه من قضية فلسطين والقدس العربية المحتلة من العدو الصهيوني، مضيفاً: اننا في ذكرى استشهاده نستذكر مآثره الحميدة، ومواقفه الوطنية الشجاعة وتفانيه من اجل وحدة لبنان وعيشه المشترك.

جولة السفراء

وبرزت أمس جولة سفراء الدول الخمس التي شاركت في لقاء باريس، على المسؤولين، فزار سفراء الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، السفيرة الفرنسية آن غريو، سفير جمهورية مصر العربية ياسر علوي، سفير دولة قطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي والمستشار في سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان فارس العامودي نظرا لوجود السفير وليد البخاري خارج لبنان الرئيس بري . وذكرت مصادر عين التينة ان السفراء نقلوا أجواء اجتماع ممثلي الدول الخمس في باريس، وأنهم لم يتطرقوا الى الاسماء بل شددوا على بعض الثوابت: مساعدة لبنان عبر الحث على انتخاب رئيس وتشكيل الحكومة والعمل مع صندوق النقد الدولي. بعدها انتقل الوفد الدبلوماسي الى السراي، حيث التقوا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وأكد السفراء أن عدم صدور بيان عن اجتماع باريس مرده الى أن الاجتماعات مفتوحة ومستمرة من أجل دعم لبنان والتشجيع على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشددين على «أن الدعم الحقيقي للبنان سيبدأ بعد انتخاب الرئيس العتيد، ومن ثم متابعة تنفيذ الاصلاحات المطلوبة». وشدد السفراء «على أن عدم انتخاب رئيس جديد سيرتب اعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان، لانه اذا لم يقم النواب بواجباتهم فالدول الخارجبة لن تكون اكثر حرصا من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم». وسط ذلك، تنقل الاهتمام السياسي والرسمي امس بين اجتماع هيئة مكتب المجلس للبحث في عقد جلسة تشريعية للمجلس، وبين جولة سفراء الدول الخمس التي اجتمع ممثلوها في باريس على رئيسي المجلس والحكومة.

مصير جلسة التشريع؟

فقد اجتمعت هيئة مكتب مجلس النواب بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري لتحديد جدول اعمال الجلسة التشريعية العتيدة. حضره أمينا السر آلان عون وهادي ابو الحسن، والنواب: هاغوب بقرادونيان، عبد الكريم كبارة وميشال موسى، والأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر الذي تلا بيانا بعد الاجتماع جاء فيه: عقدت هيئة المكتب جلستها وقررت استكمال نقاشاتها في جلسة مقبلة نهار الاثنين المقبل الواقع في 20-2-2023 الساعة الثانية من بعد الظهر.  على هذا بات مصير الجلسة غير واضح، خاصة بعد ان ابلغ عضو لبنان القوى النائب آلان عون، الهيئة، ان التكتل لن يحضرها لأن المجلس الآن، في ظل الشغور، هيئة ناخبة فقط ولا يشرّع الا عند الضرورة القصوى. وابلغ عضوهيئة مكتب المجلس النيابي أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن «اللواء» أنه أبلغ هيئة المكتب سحب اقتراح «اللقاء الديمقراطي» بشأن تمديد سن التقاعد لموظفي القطاع العام المدنيين حتى سن 66 من جدول الأعمال، وذلك منعاً للالتباس وكي لا يفسَّر التمديد على انه للتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، علماً أن هذا الاقتراح لا يشمله. واوضح ابو الحسن ان هناك اقتراح قانون آخر بالتمديد لكل الضباط العامين في الاسلاك العسكرية وليس للواء عباس ابراهيم فقط، وهذا الاقتراح لم يتم سحبه. وافادت المعلومات الاولية ان لا جلسة تشريعية قريبة للمجلس وان هيئة مكتب المجلس ستستكمل نقاشاتها الاثنين المقبل، بعد اجراء اتصالات مع الكتل لا سيما المسيحية والمعارضة ومناقشة بنود جدول الاعمال معها لتقرير ما هو الضروري والطارىء جداً. لا سيما بعد بروز موقف لبعض النواب السنّة يرفضون التمديد للواء ابراهيم اذا لم يشمل التمديد رؤساء الاجهزة كلّها. وعلمت «اللواء» ان هناك توجهاً لحصر الجدول بما هو ملحّ وضروري جداً ما يعني خفضه عن 81 بنداً، ربما يؤثر ذلك في موقف بعض الكتل المعارضة لعقد الجلسة بجدول فضفاض. وفي السياق، قال عضو اللقاء الديمقراطي النائب اكرم شهيب من السراي بعد لقاء الرئيس ميقاتي مع وفد من الكتلة: نحن نواكب ونتابع الامور من خلال حضورنا الدائم لتعزيز المؤسسات الرسمية في مجلس الوزراء، فإذا ما تمت الدعوة الى جلسة تشريعية وهناك مواضيع تخدم الناس في قضاياهم وهمومهم لن نغيب عن الواجب، ولكن يكون لنا رأينا داخل الجلسات.

أزمات مستمرة

الى ذلك استمرت الازمات اقتصاديا وماليا ومعيشيا، حيث تجاوز سعر الدولار 67 الف ليرة في السوق السوداء، ويبحث القطاع المصرفي قراره بالاضراب الشامل منتصف الاسبوع، خاصة اذا لم يُقر قانون الكابيتال كونترول ولم يتم ايجاد حل لملاحقة المصارف قضائيا. في الموازاة، صدر عن وزارة الطاقة والمياه صباح امس، جدولٌ جديد للمحروقات، وجاءت الأسعار على الشّكل الآتي:

البنزين 95 أوكتان: 1238.000 بزيادة 28 الف ليرة.

البنزين 98 أوكتان: 1266.000 بزيادة 28 الف ليرة.

المازوت: 1215.000 بزيادة 27 الف ليرة.

الغاز 794.000 بزيادة 18 الف ليرة.

الادعاء على عودة

وفي تطور قضائي - مصرفي ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على رئيس مجلس الادارة في بنك عودة سمير حنا والمدير العام المساعد تامر غزالة، بجرم تبييض الاموال واحالت الملف على قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، طالبة التحقيق واصدار مذكرات التوقيف اللازمة. وعلق البنك انه سيتولى الردّ حسب الاصول على اي ادعاء قد يتسلمه، مع العلم انه وحسب المصرف نفسه، وضع بتصرف القاضية عون ما طلبته من مستندات مع ما تسمح به القوانين التي ترعى العمل المصرفي في لبنان والخارج.

إشارات سعودية سلبية لبري بشأن ترشيح فرنجية

الجريدة.. منير الربيع.. كشفت مصادر سياسية متابعة عن لقاء مطول عقد قبل حوالي أسبوعين بين السفير السعودي في بيروت وليد البخاري والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل، حيث طرحت كل الملفات السياسية العالقة، بما في ذلك استحقاق رئاسة الجمهورية. وتقول المصادر، إن الخليل أعرب عن استعداد الثنائي الشيعي، الذي يضم حركة أمل وحزب الله للتهدئة مع المملكة وترتيب العلاقة معها، بينما كان الموقف السعودي واضحاً بأن المملكة منفتحة على بري وتنظر إليه بإيجابية، ما يمنحه قدرة على لعب دور أكبر في مجال إبرام أي تسوية في وقت لاحق. وبحسب المصادر، فإن البخاري أعطى كل الإشارات اللازمة لإظهار أن السعودية غير موافقة على انتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهي ترى أن لبنان يحتاج إلى تسوية من خارج سياق التسويات السابقة وضرورة تقديم صورة جديدة برئيس جديد وحكومة يتمكنان من استعادة ثقة المجتمع الدولي ويشيران إلى السعي الجدّي لإنجاز الإصلاح المطلوب. في سياق متصل، بدأ الممثلون الدبلوماسيون عن الدول الخمس التي شاركت في اجتماع باريس حول لبنان أي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر جولتهم على المسؤولين اللبنانيين، بغياب البخاري الذي توجه إلى الرياض للتشاور ومثّله المستشار في السفارة في بيروت فارس العامودي. ينقسم التحرك الدبلوماسي لخماسي باريس إلى قسمين، الأول جولة مشتركة مجتمعين على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، لوضعهم في صورة نتائج الاجتماع. وفي القسم الثاني، سيقوم كل السفراء بجولات أحادية باتجاه القوى السياسية التي يرتبط معها بعلاقات جيدة، للبحث في مسار خطة العمل أو خريطة الطريق للوصول إلى تسوية سياسية تنتج رئيساً للجمهورية وحكومة منسجمة معه. وعلى ضوء نتائج هذا الحرك المزدوج، سيقرر الخماسي اذا كان هناك حاجة لعقد اجتماع جديد في باريس قد يكون على مستوى أعلى. وتشدد المصادر الدبلوماسية المتابعة على أن اجتماع باريس وضع مساراً لا بد من استكماله للوصول إلى صيغة تسوية. وهذا المسار له وجهان الأول خارجي في إطار المواكبة التي تقوم بها هذه الدول. والثاني داخلي في إطار الحركة التي يفترض أن تشهدها الساحة اللبنانية بين الأفرقاء المختلفين للوصول إلى نقاط مشتركة فيما بينهم. وهنا تقول مصادر دبلوماسية إن أجواء التهدئة بين إيران والسعودية مستمرة، وهناك مساعٍ قائمة بين الجانبين للوصول إلى اتفاق في اليمن يمدد الهدنة ويمنع العودة إلى حالة الحرب والمعارك العسكرية، وهذا لا بد له أن ينعكس على لبنان. لن تتوقف الحركة الدبلوماسية على الساحة اللبنانية، كما أن الحركة السياسية بين الأفرقاء لن تتوقف، فيما تشير مصادر متابعة أن لا شيء يمنع عقد لقاء بين البخاري وبري في المرحلة المقبلة لهدفين، الأول هو السعي إلى ترتيب العلاقة والثاني هو الاستمرار في التواصل في سبيل الوصول إلى اتفاق على صيغة تسوية تكون توافقية ومرضية لمختلف الأطراف.

تحالف برّي ـ جنبلاط «الاستراتيجي» لا ينسحب على انتخاب الرئيس اللبناني

الشرق الاوسط...بيروت يوسف دياب.. قليلة هي المرّات التي يختلف فيها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، مع حليفه التاريخي رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على الملفات الداخلية، كما حالهما الآن مع الانتخابات الرئاسية. فاللقاءات المتواصلة بين الرجلين، لم تفلح في تليين أحدهما لموقف الآخر رغم تحالفهما «الاستراتيجي»، إذ لا يزال رئيس البرلمان يتمسّك، مع «حزب الله»، بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، أما جنبلاط الذي تصوّت كتلته النيابية (اللقاء الديمقراطي) للنائب ميشال معوض، فيرفض قطعاً مجيء رئيس من فريق الممانعة يشكل امتداداً لعهد ميشال عون. وبينما يراهن الطرفان على عامل الوقت، وإمكان حصول توافق إقليمي ودولي لإنتاج تسوية رئاسية، فإن أيًا منهما لن يذهب إلى الانتخابات من دون اتفاق مع الآخر أو من موقع الخصومة، بدليل امتناع برّي عن الدعوة لجلسة انتخاب جديدة قبل تأمين توافق مسبق على اسم الرئيس. من هنا يشير عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن إلى أن «العلاقة التي تربط وليد جنبلاط بالرئيس نبيه برّي «تاريخية»، منذ الدفاع عن عروبة لبنان وتأييدهما اتفاق الطائف، رغم التمايز أحياناً في بعض الملفات الداخلية». ويرى أن «الملفّ الرئاسي له حسابات أخرى، تجعلنا نحاذر تكرار تجربة انتخاب ميشال عون التي أوصلت البلد إلى مآسٍ وكوارث». ويؤكد أبو الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحزب التقدمي الاشتراكي خاض الانتخابات النيابية الأخيرة، وفق البرنامج الإصلاحي وعناوين السيادة، ونلنا ثقة الناس على هذا الأساس، ولذلك لن نقبل برئيس يشكل امتداداً للعهد السابق». ويستطرد: «نحن لن نخرج من تحالفنا مع النائب ميشال معوّض، لنذهب لانتخاب مرشّح من فريق (الثامن من آذار)، لذلك طرح وليد بك (جنبلاط) أسماء جديدة بالتوافق مع معوض وكل حلفائنا وننتظر التوافق على أي من هذه الشخصيات». وأخفق البرلمان اللبناني على مدى 11 جلسة، في انتخاب رئيس جديد للبلاد؛ بسبب التوازنات التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، التي لم تأتِ بكتلة كبيرة قادرة على حسم الاستحقاق لصالحها. ويعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» (برئاسة بري) النائب قاسم هاشم، أن «موازين القوى في المجلس النيابي واضحة ولا تسمح لأحد بإيصال رئيس من فريقه». ويؤكد هاشم، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقات التاريخية بين الرئيس بري ووليد جنبلاط ثابتة في المحطات المفصلية رغم بعض التباينات في وجهات النظر». ويطالب بضرورة «الذهاب إلى انتخاب رئيس تحميه توافقات داخلية وخارجية، وهذا محور النقاشات المفتوحة بين الرجلين». ويقود رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، حركة اتصالات ولقاءات لتسويق اسم رئيس تسوية، ويطرح ثلاثة أسماء للتوافق على واحد منها، وهم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، والنائب السابق صلاح حنين، والوزير السابق جهاد أزعور. لكن تمسّك «الثنائي الشيعي» بورقة فرنجية، يحول دون الاتفاق الداخلي على الرئيس العتيد. ولا يرى أبو الحسن في الاختلاف مع رئيس مجلس النواب على الملف الرئاسي «سبباً للافتراق». ويضيف: «صحيح هناك تباين مع الرئيس برّي في هذه المرحلة، لكن لا بد أن نلتقي معه ومع غيره على رئيس، لكن بالتأكيد لن نقبل برئيس ينتمي إلى محور الممانعة». ويشدد على أن الرئيس العتيد «يجب أن يتمتع بمواصفات أساسية، أهمها أن يكون مؤمناً بعروبة لبنان ويتمسّك باتفاق الطائف وتطبيق كل مندرجاته، ويؤمن أيضاً بعلاقات لبنان مع محيطه العربي، وخصوصاً مع دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ويعيد حضور لبنان على الساحتين العربية والدولية». وعن أسباب رفض جنبلاط ترشيح فرنجية رغم أنه يدافع عن «الطائف» ويدافع عن عروبة لبنان، يجيب أبو الحسن: «نحن نحترم سليمان فرنجية ونقدر تاريخه، والعلاقة معه على الصعيد الشخصي جيدة، لكن في السياسة لديه خيارات واضحة لا نلتقي معه حولها، منها علاقته الوثيقة بالنظام السوري واصطفافه ضمن محور الممانعة». ومع تحصّن كلّ فريق على جبهته السياسية، يعترف هاشم بأن «الاختلاف لا يزال قائماً حول الاستحقاق الرئاسي، وحتى الآن لا تقارب ولا تباعد نهائياً بين برّي وجنبلاط حول هذا الملفّ». ويلفت إلى أن الأمور «ما زالت خاضعة للنقاش، لكن ثمة وقتًا لمزيد من الاتصالات واللقاءات لبلورة رؤية مشتركة تحسم الذهاب في هذا الاتجاه أو ذاك». ولا يسقط هاشم إمكانية الاتفاق مجدداً على اسم فرنجية، ويذكّر بأن «المواقف الخارجية ونتائج اجتماع باريس الأخير، بيّنت أنه لا تقدم لمرشح على آخر، والقوى الإقليمية والدولية لم تعتمد اسماً محدداً ولا تفضل اسماً على آخر».

التشريع المعطّل: بازار سياسي جديد

بازار سياسي لا يلغي الجلسة التشريعية بعد تأجيلها؟ سفراء لقاء باريس: عجّلوا في انتخاب الرئيس

الاخبار... توزّعت الاهتمامات في بيروت أمس، على محوريْن، أحدهما يتعلق بنقل سفراء أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر نتائج لقاء باريس الخماسي، الاثنين الماضي، إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، والثاني يرتبط بمصير جلسة مجلس النواب التشريعية التي أُرجئت لعدم توافر النصاب القانوني لها. الجولة الأولى من المبارزة السياسية حول «تشريع الضرورة» انتهت إلى تطيير الجلسة التي كانت متوقعة الخميس المقبل. ويبدو أن التأجيل مفتوح حتى إشعار آخر، نظراً لعدم اكتمال النِصاب السياسي، خصوصاً المسيحي، بعدما انضمت كتلة التيار الوطني الحر إلى كتلة القوات اللبنانية ومجموعة من النواب المستقلين في إعلان مقاطعة الجلسة، ما كشف أكثر عن المستور السياسي والطائفي في بلد ينخر الفراغ مؤسساته في ظل عدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية. وتقول مصادر معنية إن مواقف الأطراف معروفة، لكن الاتصالات التي أجريت منذ أسبوعين حول بنود «جلسة الضرورة» حظيت بموافقات أطراف أساسية، ولا سيما التيار الوطني الحر، خصوصاً مع التعهد بإقرار قانون الكابيتال كونترول الذي يلح التيار عليه. إلا أن مصادر التيار أكّدت أن الأمر لا يقف عند هذه النقطة، لأن جدول الأعمال يحمل عدداً هائلاً من مشاريع واقتراحات القوانين غير الطارئة. ونفت أن تكون قيادة التيار قد تعهدت المشاركة لضمان تمرير اقتراح القانون الخاص بالتمديد للمدراء العامين ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية، على رغم إشارتها إلى أن العلاقة مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم جيدة ولا مشكلة فيها. لكن فكرة التمديد تعني القبول بالوضع الراهن، حيث تبقى الأولوية لتحريك المؤسسات قائمة عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفتح عهد جديد تحصل فيه كل التعيينات المطلوبة. ونفت المصادر إدراج موقف التيار في خانة ابتزاز ثنائي حزب الله وحركة أمل مقابل ملفات أخرى. مشيرة إلى أن النقاش مع الثنائي لا يزال محصوراً في الملف الرئاسي، ولا تقدم حتى الآن. وخلال اجتماع هيئة مكتب المجلس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، دار كلام سلبي لنحو ساعة وسط نقاش حول دستورية عقد الجلسة في ظل الفراغ وتمسّك عدد من القوى، أبرزها التيار الوطني الحر، بالمقاطعة، بحسب ما نقل عضو هيئة المكتب النائب آلان عون، على قاعدة أن «لا رئاسة يقابله لا برلمان فاعلاً». وعلمت «الأخبار» أن بري افتتح الجلسة بالحديث عن أنها «ليست المرة الأولى التي يعقد فيها مجلس النواب جلسات تشريعية في ظل الفراغ منها سبع بين عامي 2014 و2015 شهدت إقرار حوالي 77 قانوناً، وشارك فيها كل من التيار والقوات». واعتبر أن «هناك عدداً من القوانين الملحة التي يجب إقرارها ويمكن أن نحصر جدول الأعمال بها». إلا أن عون أكد «الموقف المبدئي الذي لا يعارض بالمطلق انعقاد جلسات تشريعية، لكننا لا نرى بأن هناك أموراً طارئة تستدعي انعقاد جلسة». وعليه أبدى بري حرصه على تأمين التوافق قائلاً إنه سيعطي أسبوعاً إضافياً للنقاش. وبعد البحث في إمكانية استئناف الاتصالات إفساحاً في المجال أمام تسوية تقود إلى عقد الجلسة، تأجل اجتماع الهيئة إلى الإثنين المقبل للبحث بالاتفاق على جدول الأعمال وحصر بنوده من دون أن يقدم عون التزاماً بأي شيء. أما في ما يتعلق بمواقف القوى الأخرى، فلا تزال على حالها. وبعد البيان الذي صدر عن 46 نائباً بمقاطعة الجلسة، انضم نواب جدد إلى المقاطعين الذين تجاوز عددهم الـ66 نائباً، ما يعني فقدان الجلسة نصابها الدستوري. وفي السياق علمت «الأخبار» أن اللقاء المفترض عقده في منزل النائب نبيل بدر اليوم لا يزال قائماً، وسيحضره النواب أحمد رستم وسجيع عطية وبلال الحشيمي ومحمد سليمان وعماد الحوت وعبد العزيز الصمد وأحمد الخير ووليد البعريني، للبحث في الموقف من احتمال انعقاد جلسة تشريعية الأسبوع المقبل. وفيما أكّد النائب الحشيمي لـ«الأخبار» مقاطعته الجلسة «رفضاً لإقراره الكابيتال كونترول، وكذلك التمديد لرؤساء الأجهزة الأمنية على اعتبار أن الإصلاح لا يبدأ من هنا»، أكّد كل من الخير والصمد أنهما «مع تشريع الضرورة واقتراح التمديد من حيث المبدأ، شرط أن يشمل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان نظراً للظروف الاستثنائية في البلد، لكن من دون التمديد لقائد الجيش جوزيف عون لاعتبارات عدّة».

لوّح سفراء لقاء باريس الخماسي بـ«إجراءات محددة» ضد معطلي الاستحقاق الرئاسي

من جهة أخرى، التقى سفراء فرنسا آن غريو، والولايات المتحدة دوروثي شيا، ومصر ياسر علوي، وقطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي، والمستشار في السفارة السعودية فارس حسن عمودي (نظراً لوجود السفير وليد بخاري خارج لبنان)، أمس، الرئيسين بري وميقاتي لوضعهما «في أجواء مداولات اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس مشددين على استعجال الاستحقاق الرئاسي، ومخاطر طول أمد الشغور المستمرّ»، بحسب مصادر مطلعة. ولم يدخل السفراء في لعبة الأسماء، مؤكدين أن «الاجتماع ناقش مواصفات الرئيس وأن انتخاب شخص يتطابق مع هذه المواصفات على أن تواكب الخطوة بتشكيل حكومة قادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة سيدفع الدول إلى مساعدة لبنان للنهوض اقتصادياً والخروج من محنته الراهنة». وكان السفراء وفقَ المصادر «صريحين بالإشارة إلى أن تعطيل الاستحقاق سيعرض لبنان والمعطلين فيه إلى إجراءات محددة»، ما دفع بري للقول بأنه «كرئيس للمجلس قام ويقوم بكل ما هو مطلوب منه وبأن خلافاً كبيراً بين مختلف القوى السياسية والمسيحية تحديداً يمنع إنجاز الاستحقاق حتى الآن».

الحريري لتياره: هجرتي مستمرة وانتخاب رئيس جديد ليس قريباً

الاخبار... تقرير لينا فخر الدين ... سنةٌ على انقطاع «حبل السرّة» بين الرئيس سعد الحريري وكوادر تيار المستقبل، عوّضها «دولة الرئيس» عليهم بلقاء دام أقل من ساعةٍ، ضمّنه استعادةً فضفاضة للوقائع التي حدثت بعد تعليق عمله السياسي. وفي الحريري بالوعد الذي قطعه للمسؤولين الإماراتيين بأن لا يخرج عن لسانه موقف سياسي واحد خلال لقاءاته في بيروت التي سيمكث فيها حتى نهاية هذا الأسبوع. لذلك، بدأ اجتماعه مع مسؤولي الهيئات الأولى في التيّار: هيئة الرئاسة، هيئة الإشراف والرقابة، المكتب التنفيذي، المكتب السياسي والأمين العام وبعض النواب السابقين، بقوله: «مش جايي إحكي سياسة»، فكان حذراً والتزم بكل العبارات التي أوردها في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه تعليق عمله السياسي. هو إذاً اجتماعٌ صُوَري طالما أن رئيس «المستقبل» لم يتطرّق فيه إلى السبب الحقيقي الذي دفعه إلى الابتعاد. الجميع يعلم أنّ القرار نابعٌ عن «حرمٍ ملكي سعودي»، إلا أن الحريري لا يجاهر بذلك، تماماً كقيادييه الذين هزوا رؤوسهم حينما كان الحريري يجلس على مقعده الخشبي ليصوغ مبرّرات «هجرته الطوعيّة»، حتى أنّه أكّد صوابيّة هذا القرار الذي ربطه بانهيار الدولة ومؤسساتها والأزمة الاقتصادية. ولم ينتظر أن يبادره أي من الحاضرين بأن القائد لا يتهرّب من تحمّل المسؤولية، بل استبقهم بقوله: «شو قادر قول للناس، شو قادر اعمل، وبشو فيني أوعدهم، أو بدكن ياني اطلع قول ما خلوني؟»، معتبراً أن بقاءه في الساحة السياسيّة يعني تحميل تيّاره وحده تبعات الأزمة الحاليّة. بالنسبة للحريري، الشرخ السياسي يزداد حدةً، و« طالما أنّ البلد قائم على الانقسام الطائفي والمذهبي والمحسوبيات، فإن لا قيامة له. وللأسف هذا الانقسام يتعمّق ويتجذّر بدلاً من الانتماء إلى الوطن». كلّ ذلك قاله «أبو حسام» ليسهل عليه إقناع قيادييه بأنّ الاعتكاف كان في «المسار الصحيح والدقيق». ولذلك أيضاً، أصرّ أن يقوم بـ«جردة حساب» عن الـ2022، مُعدداً المحطّات التي تؤكّد زيادة الشرخ السياسي وانهيار الدولة، ولكن من دون الدّخول في التفاصيل والأسماء. هكذا وقف الحريري على «حافة الحقيقة»، قبل أن يغرق في وقائع الحرب الروسية - الأوكرانيّة والوضع «غير المستقر» لمنطقة الشرق الأوسط، على حد وصفه. بانوراما محليّة - عربيّة - دوليّة قدّمها لكوادره عن الأوضاع السياسيّة المحليّة والدوليّة، متقيّداً بالنصائح الإماراتيّة التي تلقاها قبل أن يستقل طائرته عائداً إلى لبنان. ما كان يُريد الحريري إبلاغه لكوادر تيّاره اختصره بكلمةٍ واحدة أعادها أكثر من مرة: «لا أفق». إنّه «اللاأمل» الذي بثّه في نفوسهم بأن عودته إلى الساحة السياسيّة غير واردة حالياً، باعتبار أن الظروف التي دفعته إلى الابتعاد ما زالت قائمة. وبالتالي، فإن «قرار الاعتكاف ما زال سارياً حتى إشعارٍ آخر». حتى حينما سُئل رئيس «المستقبل» من قبل أحد المسؤولين في التيار عن الشغور الرئاسي، لم يدخل في التفاصيل، بل أشار إلى أنّ المعطيات تؤكّد أن انتخاب رئيس للجمهوريّة ليس في المدى القريب. وكما في السياسة كذلك على المستوى التنظيمي لهيكليّة التيار، أبقى الحريري على «قفازاته». لم يتطرّق إلى ما حصل في الانتخابات النيابيّة ولا إلى تمرّد قياديين «مستقبليين»، ولم يعد بورشة تنظيمية كما تمنّى البعض، بل تحدّث وكأنّ وضع التيّار في «اللوج» ليستشهد بالعمل النقابي الذي كان «مُرضياً» خلال السنة الماضية. جلّ ما قام به رئيس التيار هو مُحاولة استنهاض قيادييه بالتأكيد أن تعليق العمل السياسي لا يعني تعليق العمل في المجال الاجتماعي والنقابي، بل شجعهم على القيام بواجباتهم «لضرورة استمرار مؤسسات التيار على أن يكون العمل هادئاً ومنظماً وفق الآليات». صحيح أن اللقاء كان عمومياً، إلا أنّ الكثير من القياديين اعتبروا أنّ الاجتماع «كان جيّداً وأن النقاش الذي دار كان رصيناً وعقلانياً، وكانت وجهات النظر متطابقة»، على حد تعبيرهم، مشيرين إلى أنّ «الرئيس بدا متابعاً للتفاصيل على رغم بُعده عن لبنان وانشغاله بالأعمال التجاريّة». وبعد لقائه كواد التيار، زار الحريري مساء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، حيث رفع أنصاره صوره في عائشة بكار. ومن المنتظر أن يُحيي الحريري اليوم ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالتوجّه إلى الضريح قبل العودة إلى بيت الوسط حيث يستقبل وفوداً شعبيّة وسط إجراءات أمنية مُشدّدة، على أن تُخصّص لقاءات الغد لبعض الشخصيات السياسية والديبلوماسية، إضافة إلى الاجتماع مع مسؤولي منسقيّات المناطق.

«المستقبل» يحيي ذكرى اغتيال الحريري..بصمت

رئيسه عاد إلى بيروت متمسكاً بقرار تعليق عمله السياسي

بيروت: «الشرق الأوسط».. يحيي «تيار المستقبل» الذكرى الـ18 لاغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، في وقت لا يزال فيه رئيسه سعد الحريري مستمراً بقرار تعليق عمله السياسي، بحيث سيقتصر إحياء الذكرى هذا العام على تلاوة الفاتحة على الضريح وسط بيروت اليوم (الثلاثاء). وبعد أشهر على مغادرته بيروت إثر إعلان تعليق عمله السياسي في يناير (كانون الثاني) 2022، وامتناعه عن خوض الانتخابات النيابية، عاد الحريري عشية الذكرى إلى بيروت، حيث ستكون له لقاءات سياسية ودبلوماسية واسعة وفق مواعيد محددة، بحسب ما تقول مصادر قيادية في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط». وتوضح المصادر أن «إحياء المناسبة هذا العام سيكون عبر وقفة صامتة أمام الضريح، حيث سيقوم الحريري و(مستقبليون) بقراءة الفاتحة صباح اليوم (الثلاثاء) ليكون بعدها بيت الوسط (مقر الحريري) مفتوحاً لاستقبال الجميع وكل من يريد زيارته». وفيما تشير المعلومات إلى أن «بيت الوسط» سيشهد لقاءات شعبية وتحديداً من قبل مناصري «تيار المستقبل» الذين بدأوا بتنظيم صفوفهم للقاء الحريري اليوم، تؤكد المصادر أن الزيارة لا تحمل أي طابع سياسي وتأتي فقط بمناسبة ذكرى والد الحريري، مشددة على أنه لم يطرأ أي تغيير أو تبدّل في قرار تعليق عمله السياسي، وبالتالي لم يتّضح حتى الآن ما إذا كان سيلقي رئيس «المستقبل» كلمة أمام زواره أم لا. واستذكر أمس (الاثنين) سياسيون ورجال دين الحريري في ذكرى اغتياله، كما زار عدد منهم الضريح لقراءة الفاتحة، أبرزهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكل من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والوزيرين السابقين خالد قباني وأحمد فتفت، إضافة إلى كتلة «الاعتدال الوطني» وعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية. وفي «ذكرى استشهاده بأكثر من طن من الديناميت والحقد والكراهية وعدم الوفاء»، وفق تعبيره، استذكر مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان مآثر الحريري «ومواقفه الوطنية الشجاعة، وتفانيه من أجل وحدة لبنان، وعيشه المشترك». وقال دريان: «لم يكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري مجرد زائد واحد إلى رؤساء الحكومات اللبنانية. إنه حي بإنجازاته في إعادة إرساء أسس وقواعد الوحدة الوطنية. وحي بإنجازاته في إعادة بناء الإنسان اللبناني من خلال التعليم والتربية في أرقى جامعات العالم. وهو حي في إعادة بناء بيروت، ولبنان، بعد أن دمره الجهل والتعصب الأعمى. وهو حي في تعزيز الروح العربية في لبنان، وهو حي بمواقفه من قضية فلسطين والقدس العربية المحتلة من العدو الصهيوني». وأضاف: «لقد بنى جسور المحبة والتعاون مع الدول العربية الشقيقة ومع دول العالم الصديقة، فكان واجهة لبنان في العالم العربي، وكان واجهة العالم العربي في العالم، شرقاً وغرباً. إننا في ذكرى استشهاده نستذكر مآثره الحميدة ومواقفه الوطنية الشجاعة وتفانيه من أجل وحدة لبنان وعيشه المشترك. وفي هذه الذكرى أيضاً، ندعو أحبتنا وأبناءنا في وطننا الغالي لبنان، إلى أن يقتدوا به وأن يتابعوا مسيرته في الخير والبناء والإعمار». بدوره، قال رئيس الحكومة السابق تمام سلام في تغريدة له على «تويتر»: «في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري يتذكر كل لبناني الإنجازات الوطنية الواعدة التي تحققت في إعمار لبنان وتنمية مجتمعه ومؤسساته، بالإضافة إلى إرساء علاقات عربية وإقليمية ودولية متينة تعود بالخير على اللبنانيين وعلى لبنان».

لبنان: الخلافات تطيح الجلسة التشريعية هذا الأسبوع

جهود لإزالة الهواجس

بيروت: «الشرق الأوسط».. أدت الخلافات السياسية اللبنانية والاعتراض على عقد جلسة تشريعية من قبل عدد من الكتل النيابية، إلى الإطاحة بالجلسة التي كان رئيس البرلمان نبيه بري ينوي الدعوة إليها هذا الأسبوع، لدرس عشرات اقتراحات القوانين، أهمها قانون «الكابيتال كونترول»، وتمديد ولاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وانتهت جلسة هيئة مكتب المجلس النيابي التي عُقدت أمس (الاثنين) برئاسة بري للبحث في جدول أعمال جلسة تشريعية، إلى تحديد جلسة أخرى الاثنين المقبل لاستكمال نقاشاتها، بحسب ما أعلن أمين عام مجلس النواب عدنان ضاهر. وأتى ذلك بعد إعلان «التيار الوطني الحر» نيته مقاطعة الجلسة على خلاف مواقف مسؤوليه السابقة، ما يعني عدم القدرة على تأمين النصاب المطلوب، إضافة إلى غياب الكتل المسيحية الأساسية، بعدما سبق لكل من حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية»، أن أعلنا رفضهما المشاركة في جلسات التشريع، إضافة إلى إصدار عدد من النواب المستقلين بياناً قبل أيام حمل توقيع 45 منهم أعلنوا فيه مقاطعة الجلسات التشريعية في ظل الفراغ الرئاسي؛ «لأنها مخالفة للدستور». وتشير مصادر نيابية مطلعة في «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الأخير لم يدعُ إلى جلسة إفساحاً في المجال للاتصالات لتذليل العقبات وإزالة بعض الهواجس والالتباسات التي يتلطى خلفها البعض، وفق تعبيرها، مؤكدة في الوقت عينه حرصه على الميثاقية والتوافق في كل القضايا، لكنها تحذر في المقابل من تعطيل كل المؤسسات، مذكرة بأنه حتى الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي تتطلب جلسات تشريعية. وأعلن النائب ميشال موسى، عضو كتلة بري، في حديث إذاعي، أن اتصالات تجري مع الأفرقاء كافة، بمن فيهم الكتل النيابية الرافضة مبدأ انعقاد جلسة التشريع، مذكراً بأن «الكتل الرئيسية ممثلة في هيئة مكتب المجلس». وأكد أن «الأولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، معتبراً أن «إتمام ذلك لا يزال بعيد المنال»، وقال: «لذا لا بد من عقد جلسات تشريع الضرورة في ظل ما تمر به البلاد من انهيار للمؤسسات، لتسيير أمور البلاد والعباد بالحد الأدنى كما حصل في فترات سابقة». وأوضح أن «هيئة مكتب المجلس ستدرس جدول أعمال الجلسة المرتقبة، على أن يتضمن الأمور التي انتهت اللجان النيابية من دراستها، بالإضافة إلى القوانين المعجلة المكررة»، موضحاً أن «تحديد موعد الجلسة يبقى من ضمن صلاحيات رئيس مجلس النواب». وأمس، عاد «اللقاء الديمقراطي»، برئاسة النائب تيمور جنبلاط، ليعلن استعداده للمشاركة في الجلسة التشريعية، إذا تمت الدعوة إليها، وذلك إثر لقاء جمع جنبلاط والنائبين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب، برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وقال شهيب رداً على سؤال حول الجلسة: «كما نحن نواكب ونتابع الأمور من خلال حضورنا الدائم لتعزيز المؤسسات الرسمية في مجلس الوزراء، فإذا تمت الدعوة إلى جلسة تشريعية وهناك مواضيع تخدم الناس في قضاياهم وهمومهم، فلن نغيب عن الواجب، ولكن يكون لنا رأينا داخل الجلسات».

كنعان لـ"نداء الوطن": ضد حجز الودائع ومخالفات المصارف

الدولار يساوي الليرة بـ"قشرة بصلة" والكابيتال كونترول "يتيم الأب والأم"!

نداء الوطن... في سياق متقاطع مع ما تفرّدت "نداء الوطن" بالكشف عنه أمس، لناحية خارطة الطريق الدولية والعربية التي رسم الاجتماع الخماسي في باريس الخطوط العريضة لمعالمها، استنفرت الدول الخمس قنواتها الديبلوماسية في بيروت لوضع المسؤولين اللبنانيين في خلاصات الاجتماع والنتائج العملية المرتقبة منه على مستوى بلورة صيغة "الحل اللبناني"، بدءاً من أولوية انتخاب رئيس للجمهورية بوصفها "حجر الزاوية" في عملية إعادة بناء الدولة واستنهاضها، وصولاً إلى تشكيل حكومة قادرة وعازمة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة عربياً ودولياً، تحت طائل التلويح الصريح بـ"إعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان" في حال استمرار عرقلة الاستحقاق الرئاسي والأجندة الإصلاحية. وإذ حرص سفراء الدول الخمس على إيصال رسائل حازمة وحاسمة إلى أركان السلطة تحذر من مغبة الإمعان في إغراق البلد وأبنائه أكثر في دوامة الانهيار والمراوحة، نقلت مصادر مواكبة لأجواء لقاءي عين التينة والسراي الحكومي أنّ الوفد الديبلوماسي الفرنسي والأميركي والمصري والقطري والسعودي شدد على أنّ "مفتاح الحل بيد اللبنانيين أنفسهم ولا يجب أن يتوقعوا أي مساعدة من الخارج طالما استمر الوضع على ما هو عليه من شغور رئاسي وفراغ مؤسساتي وتملّص من واجبات الإصلاح"، مشيرةً إلى أنّ التركيز كان واضحاً ومباشراً على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لكن من دون الخوض في هذه المرحلة في تزكية أي من الأسماء المرشحة للرئاسة الأولى على قاعدة أنّ "لكل وقت أوانه". وعلى أرضية الانهيار اللبناني، جنّ الدولار جنونه خلال الساعات الأخيرة فسحق العملة الوطنية بقفزات فلكية إلى درجة لم تعد معها الليرة تساوي حرفياً "قشرة بصل" على حد المثل الشائع، خصوصاً بعدما بلغ سعر كيلو البصل في الأسواق أمس 70 ألف ليرة توازياً مع بلوغ تسعيرة الدولار في السوق الموازية عتبة الـ70 ألفاً أيضاً، وذلك على الرغم من تهويل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والنائب العام المالي القاضي علي ابراهيم والأجهزة الأمنية بالضرب بأيدٍ من حديد على أيدي المضاربين، ليقفل مساءً مرتفعاً إلى نحو 69 ألف ليرة للدولار مع توقعات بصعوده أكثر مع احتدام الصراعات سياسياً ومصرفياً وقضائياً. وفي حين بدأت المصارف تعاني من بداية انشقاقات في جمعيتها حول كيفية تصليب موقفها بالتوسع بالإضراب إلى الاقفال، بعد تهديدات وصلتها بعدم المبالغة في التصعيد لئلا تضرب خطوطاً حمراء تدفع سياسيين وقضاة الى قلب ظهر المجن ضد القطاع المصرفي برمته، انقسمت كذلك على المستوى التشريعي القوى السياسية النافذة حول "جلسة الضرورة" ما يشي بتطييرها أو تأجيلها، في الوقت الذي هوّلت فيه المصارف بنفاذ صبرها لإقرار مشروع قانون "كابيتال كونترول" يوقف مفاعيل قضايا المودعين ضد بنوكهم. وفي هذا السياق، تردّد أنّ تكتل "لبنان القوي"، كما سائر الكتل الأخرى التي استشعرت حرجاً كبيراً أمام تعاظم غضب الناس والمودعين، حسم أمره لجهة رفض المشروع المطروح بأغلبية ضمن صفوف التكتل وقفت ضد رغبة أقلية فيه تراعي تاريخياً جمعية المصارف ومصرف لبنان في مواقفها. وفي سؤال عن موقفه من الجلسة التشريعية والصيغة المطروحة، قال رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان لـ"نداء الوطن": "لم أكن ومنذ اليوم الأول مع صيغة الكابيتال كونترول المحالة من الحكومة، ولم أصوّت عليها معدّلة في اللجان المشتركة، وقد أعربت عن موقفي الاعتراضي عليها داخل اللجان المشتركة وخارجها عبر أكثر من موقف بالإعلام، خصوصاً أنني كنت قد تقدّمت منذ أيار 2020 باقتراح معجّل مغاير، مع زملاء لي، لم يقره المجلس في حينه". وشدد كنعان عى أنّ "الكابيتال كونترول، و بعد مرور ثلاث سنوات على الانهيار، يجب ان يُعرض على الهيئة العامة بالتزامن مع الانتهاء من قانون معالجة الفجوة المالية وقانون إعادة هيكلة المصارف - كما هو وارد في متن التقرير الصادر عن اللجان المشتركة - كي لا يتحول الحجز المؤقت لودائع اللبنانيين إلى دائم، إضافةً إلى التصرّف بأموال المودعين من خلال تعاميم مصرف لبنان والمخالفات التي ترتكبها المصارف من دون أية محاسبة او حتى انجاز للتدقيق الجنائي، والذي كنت قد تقدمتُ أيضا بقانونه، مع زملاء لي، يجيز رفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان منذ سنتين". أما بالنسبة للجلسة التشريعية ، فيعتبر كنعان أنّ "أولوية تبقى، وطنياً ودستورياً، لانتخاب رئيس للجمهورية ومنه يعاد تكوين السلطة من خلال حكومة كاملة الشرعية تستكمل مع الرئيس الجديد عقد المؤسسات الدستورية وتشرّع اجتماعاتها وعملها، لا سيما، التشريعي والحكومي". قضائياً، برز أمس إعلان جمعية "الشعب يريد إصلاح النظام" أنه بناءً على شكواها ضد المصارف، قررت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون الادعاء على بنك عودة ورئيس مجلس ادارته سمير حنا ورئيس مجموعته تامر غزالة وكل من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال، وأحالت الملف الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان طالبةً إجراء التحقيق وإصدار مذكرات التوقيف اللازمة، ‏كما حددت عون يوم غد الأربعاء موعداً لعدد من المصارف "كمهلة أخيرة لرفع السرية المصرفية عن رؤساء وأعضاء مجالس إدارتها ومفوضي المراقبة ومدققي حساباتها تحت طائلة ملاحقتهم بجرم تبييض الأموال". غير أنّ بنك عودة سارع مساءً إلى التعليق على هذه الأنباء المتداولة، بالإشارة في بيان إلى أنّ إدارته العامة "لم تتسلّم لغاية تاريخه أي قرار رسمي صادر عن النيابة العامة الاستئنافية لجبل لبنان"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه "سوف يتولى الردّ حسب الأصول القانونية على أي ادعاء قد يتسلمه في هذا الصدد".

الهوى معلّقٌ بـ «حبال الهوا» في بلادِ... القلوب الموجوعة

«فالنتاين» في لبنان يحترق..في «جهنم الحمراء»

| بيروت - «الراي» |

... «الحب في زمن الفقر والمجاعة»، بعد الحب في زمن الكوليرا وفيروس كورونا.

كل العناوين تصلح لروايةٍ عن الحب في «بلاد الأرز» التي تسير على حبل مشدود فوق أفواه البراكين المالية والسياسية، والتي بات ناسها محرومين من كل شيء، قلوبُهم موجوعة من الجوع أو مذعورة من آتٍ أعظم، فلا يتبقّى لها أن تخفق للحب. في مثل هذه الأيام من فبراير كانت بيروت تمتلئ فرحاً، والأحمر الوردي يسطع في واجهات المحال التجارية، وترتفع مجسمات «قلوب فالنتاين» في الشوارع والساحات، وتعبق روائح الورود يحملها باعةٌ متجولون أو تحتضنها محال الزهور. لكن عيد الحب هذه السنة يحلّ على لبنان مغمّساً بكثير من الذكريات البشعة والمآسي، بعد ثلاث سنواتٍ من الحجْر الصحي وكورونا والانهيار المالي الذي حوّل متعة الحياة نقمةً في وطنٍ يحلو لأبنائه أن يظلوا مؤمنين بـ «حزب الحب والحياة»، وكأنه الوجه المكمّل لـ «حزب الحرية والسيادة والاستقلال». ورغم حفلات فنية عامرة، وسهراتٍ بلون فالنتاين في المطاعم والملاهي، فإن مَظاهر العيد بالكاد حلّت وبدا مشهد الحب رتيباً في بلدٍ عيْنُ أبنائه على عدّاد الدولار الأسود الذي يعمّق سقوطهم الحر في «جهنم الحمراء» وقلوبهم على مستقبلٍ يتّشح بسواد أيامهم الحالية المثقلة بهموم أزمةٍ هي ضمن «TOP 3» الأسوأ التي عرفها العالم منذ 1850. كل شيء تبدّل في الطريق إلى الحب في لبنان وفي طريقة البوح به التي كانت «تنبض بها» كلماتُ أنسي الحاج وجوزف حرب وطلال حيدر وأشعار نزار قباني، والأصواتُ الهامسة في الأثير من فيروز وصباح الى ماجدة الرومي، ومن أم كلثوم إلى عبدالحليم حافظ وسواهما من مصر، ومن فرنسا اديث بياف وجاك بريل من رعيل الحب الأول والذكريات التي تَغرف من الزمن عبَقاً لا ينسى. في الطريق إلى الحب اليوم، تَغَيَّرَتْ أحلام الجيل الطالع المفتون بـ «حلاوة» أولى شهور الحب، وتبدّلتْ كلماتُ العشق التي باتت مكتوبةً بعجل على الهاتف الخليوي. فلا كلمات أنسي على الموضة لجيل جديد، ولا أشعار نزار، أو «قومي طلعي على البال» لطلال حيدر. ليس وحده صراع الأجيال في مقاربة الحب واحتفالاته هو الذي جعل لـ «فالنتاين» اليوم معنى مختلفاً، على وقع أغنيات راقصة وموسيقى صاخبة، ومع إبداعاتٍ جديدة لا تشبه لوحاتٍ يرسمها عاشقان على رمل بحر بيروت. فأعياد الحب التي تحتفل بها شابات لبنان وشبانه صارت نوعين، كما حال الانقسام الأفقي بين طبقة أثرياء وفقراء. وأصلاً أصبح العيد في ذاته حزيناً، في مدينةٍ تغرف من الحزن كل سنةٍ كمشةً جديدة من التراجيديا والمآسي، في التظاهرات وانفجار المرفأ وضحاياه إلى ضياع مدخرات اللبنانيين في المصارف والهجرة الكثيفة لجيلٍ يبحث عن مستقبله خارج الحدود. أليس مؤلماً أن يرسل أبناء لأهلهم صورَ احتفالاتهم بعيد الحب وهم في باريس أو دبي؟ وأليس حزيناً أن يصبح فالنتاين على بُعد كيلومترات احتفالاتٍ صاخبة واللبنانيون يئنّون من وجع شراء باقة من الورد يبلغ ثمنها مئة دولار أي نحو 7 ملايين ليرة بحسب سعر السوق الموازية، وهم بالكاد يتقاضون هذا المبلغ كراتبٍ شهري، أو يكون ثمنها يوازي ما ستقدّمه الولايات المتحدة شهرياً للجندي اللبناني؟..... ومع ذلك تبقى احتفالات عيد العشاق قائمة، وسط انقسامٍ بين فئتين، أولى لم تعد تتعاطى معه بخفْقة الأيام الأولى للحب وعجقته، بل تكتفي بباقة ورد أو علبة شكولا خاصة بالمناسبة (سعرها لا يقلّ عن 30 دولاراً)، وثانية طالعة حديثاً الى مراتب ومراكب العشّاق المفتونين الذين يحوّلون المناسبة عيداً صاخباً. لا مجالَ لسؤال هؤلاء عن الشِعر ولا عن رواية حب مثالية أو قصيدة تليق بالمناسبة. فلهذه الفئة كلمات ونماذج و«صور خلوية» وقلوب حمر بأعداد كبيرة تتناقلها شاشات الهاتف وتحفظها بدلاً من رسائل معطّرة أو زهرية اللون. ولهذه الفئة فنانون جدد على الموضة الحديثة، من لبنانيين وعرب وغربيين، ولها طقوسها وأشكال العشق المجنون الذي يختلط بمتغيّرات الحال اللبنانية التي لم تعد تقْدر أن تؤمّن لهم كزدورة بالسيارة بسبب ارتفاع سعر المحروقات، أو نزهة للتمتع بثلج فبراير وشمسه الحارقة. والعيد كذلك لفئتين: واحدة من طبقة الأثرياء الجدد وأخرى من الذين لا يزالون يتقاضون رواتبهم بالليرة المنهارة، وبينهما تختلف أسعار الهدايا ومكان السهرات وباقات الورد. للأولى أسعار تقارب الخيال حين يصبح سعر أقلّ قطعة ذهبية يراوح بين 2 الى 3 آلاف دولار، بحسب إعلانات محال مجوهرات معروفة، الى حجوز فنادق وصالات فخمة خُصصت للاحتفال بعيد العشاق، وبلغت تذكرة الشخص الواحد فيها من 80 الى 200 دولار، وتجاوزتْها إلى أكثر من 700 دولار (VIP) بحسب أسماء الفنانين الذين أحيوا السهرة. وهذه السهرات تطلبت حجوزاتٍ مسبقة، والقائمون عليها كانوا مسرورين بارتفاع عددها، بعدما أصبحت هذه الحفلات كما في كل مناسبة حصراً بطبقةٍ من الأغنياء ومن الذين يتقاضون رواتب بالفريش دولار. أما الفئة الثانية فاكتفت بوردةٍ وبسهرة منزلية وبفيلم من وحي المناسبة على «نيتفليكس». إذ حتى بطاقة السينما صارت متعذّرة على فئات شبابية بعدما ارتفع سعرها إلى 200 ألف ليرة. وهؤلاء باتوا الأكثرية مع تدهور أحوال الطبقة المتوسطة وانسحاق الطبقة الفقيرة التي تتفرّج على سهرات عيد الحب على شاشات التلفزيون اذا تَأَمَّنَ التيار الكهربائي. ومع ذلك يبقى الحبّ عالقاً في زمنٍ ومكان بين الشعر والرواية والأغنية الفيروزية، وبين أحلام جيلٍ يريد الحب في زمن الرخاء والبحبوحة والأمن، بدل الغربة الدائمة عن وطنٍ كان يُفترض أن يكون موطئاً للحب والسلام.



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..35000 ألف ضحية في سوريا وتركيا.. وآمال بانتشال ناجين تلوح..حديث عن «إمكانية» تصنيع أسلحة بريطانية في أوكرانيا..«فاغنر» تعلن تقدمها باتجاه باخموت..واحتدام المعارك في دونيتسك..عقبات تواجه خطط الغرب لتسليم المليارات الروسية إلى أوكرانيا..الجيش الأميركي يسقط «جسماً طائراً» بالقرب من الحدود الكندية..خريستودوليدس يفوز برئاسة قبرص..

التالي

أخبار سوريا..غوتيريس: الأسد وافق على فتح معبرين حدوديين إضافيين لإدخال مساعدات إنسانية..مسؤولون أمميون في دمشق لتسهيل دخول مساعدات إلى الشمال السوري..«الاهتزاز» يرافق يومهم..سوريون يفضّلون الاحتماء بالعراء..الأردن يعلن تسيير قافلة إغاثية من 14 شاحنة إلى سوريا..مخلّفات الزلزال المُدمّر في سورية... الطواقم الطبية بين خسارة أحباء وتدفق مصابين..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,661,323

عدد الزوار: 6,907,321

المتواجدون الآن: 96