أخبار لبنان..مسؤولون يتململون من التدويل القضائي ويعوّلون على «السياسي» ..توقيف نون يستفز الشارع قُبيل تحركات فرنسية - بريطانية حول تفجير المرفأ.. اعتقال وليم نون ثم إطلاقه حرّك الشارع والأمور كادت تخرج عن السيطرة..«المركزي» اللبناني يتحوّل «أسيراً» للعبة النقد وانسداد أفق الحلول السياسية..

تاريخ الإضافة الأحد 15 كانون الثاني 2023 - 4:32 ص    عدد الزيارات 677    القسم محلية

        


لبنان: مسؤولون يتململون من التدويل القضائي ويعوّلون على «السياسي» ...

• توقيف نون يستفز الشارع قُبيل تحركات فرنسية - بريطانية حول تفجير المرفأ

الجريدة... منير الربيع ....عادت الاحتجاجات لبيروت والمناطق تحت عنوان تفجير المرفأ الذي تفرّعت منه أسباب كثيرة بدأت مع تحرّكات أهالي الضحايا رفضاً لتعيين قاض رديف للقاضي طارق البيطار، واستكملت بالغضب من توقيف جهاز أمن الدولة الناشط وليم نون، (شقيق جو نون، أحد ضحايا تفجير 4 أغسطس 2020) المشؤوم. وكثّف أهالي الضحايا تحركاتهم، لاسيما مساء أمس الأول وأمس بمناطق مختلفة، ولجأوا لقطع الطرقات، رفضاً لتوقيف نون وللمطالبة بإطلاق سراحه الذي تم لهم بالفعل مساء أمس. وكان المدعي العام لبيروت، القاضي زاهر حمادة، الذي أعطى إشارة قضائية بتوقيف نون، فكر للحظة في التراجع عن توقيفه، إلّا أنه ما لبث أن أبقى عليها، بل طلب توقيف بيتر بوصعب، وهو كذلك شقيق جو بوصعب أحد ضحايا التفجير، ما أجج التحركات. وسارعت بعض المجموعات التي نشطت في «ثورة 17 تشرين» للنزول للشارع والضغط على القضاء وجهاز أمن الدولة للمطالبة بإطلاق سراح نون وبوصعب، مهددين بالتصعيد لنيل مطلبهم. وانتقدت هذه المجموعات إلى جانب «نواب التغيير» وأحزاب «القوات» و«الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي» و«تكتل الاعتدال الوطني» وشخصيات مستقلة توقيف نون، مستغربين كيفية توقيفه فيما التحقيقات في تفجير المرفأ متوقفة ومعرقلة منذ نحو سنة، ورفع المتظاهون والمحتجون شعارات من بينها «يرضي القتيل ولا يرضي القاتل». ولاشك بأن قضية التحقيق في تفجير مرفأ بيروت ستتفاعل في الأيام المقبلة، ليس فقط بسبب التطورات المحلية، بل كذلك في ظل المعلومات التي تتحدث عن زيارة وفد قضائي فرنسي لبيروت في الفترة المقبلة لمتابعة التحقيقات التي يجريها الفرنسيون حول التفجير الذي كان بين قتلاه شخصان يحملان الجنسية الفرنسية. وتشير المعلومات إلى أن القضاء الفرنسي يطالب بالوصول إلى كل المعلومات التي توافرت لدى المحققين اللبنانيين. في السياق نفسه، تشير المعلومات إلى أن القضاء البريطاني سيصدر في الفترة المقبلة نتائج تحقيقاته بخصوص الباخرة «روسوس» وأصحابها والمسؤولين عن حمولتها من نيترات الأمونيوم التي كانت السبب الأساسي في تفجير المرفأ، وهذا يعني أن تحقيق المرفأ أصبح بدوره مدوّلاً، أسوة بالتحقيقات في ملفات مالية ومصرفية واقتصادية تتعلق بالأزمة الاقتصادية المتواصلة، خصوصاً أن البلد على موعد في الأيام القليلة المقبلة مع زيارة لوفدين قضائيين من فرنسا ولوكسمبورغ، للتحقيق بناء على دعاوى مالية رُفعت في هذه الدول بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بعد أن استكمل وفد قضائي ألماني تحقيقاته. «التدويل القضائي» بخصوص الملفات المالية والتحقيق في تفجير المرفأ الذي يشكو منه بعض المسؤولين اللبنانيين يقابلهما تعويل على «تدويل سياسي»، وسط قناعة جامعة لدى مختلف القوى اللبنانية، بأنه لا حلّ سياسياً إلا من خلال تقاطع مصالح خارجية تفضي إلى إبرام تسوية. ويترقب هؤلاء ما يمكن أن ينتج عن اجتماع فرنسي أميركي سعودي قطري مقرر في باريس، يتوقع مراقبون أن يصل إلى تسوية معيّنة، وهذا يفسر سبب وتوقيت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى بيروت. وتقول مصادر سياسية إن تصريحات عبداللهيان حول عدم التدخل في الشؤون اللبنانية تعني ضمنياً أن طهران توكل ملف التسوية السياسية المرتقبة إلى حزب الله بالكامل، وأن كلامه عن استعداد طهران لاستئناف الحوار مع السعودية يعكس استعداداً إيرانياً للدخول في تفاهمات إقليمية قد تنعكس إيجاباً على لبنان.

اعتقال وليم نون ثم إطلاقه حرّك الشارع والأمور كادت تخرج عن السيطرة

«بيروتشيما»... مَن نصَبَ فخاً لأهالي الضحايا وَقَعَ فيه

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- الرابحون: أهالي الضحايا وقضية المرفأ والمعارضة

- الخاسرون: قضاء تعمَّقت «جراحه» و«صورة» الجيش

- وليم نون... أول احتفال بالحرية من مقر فوج إطفاء بيروت تحيةً لروح شهدائه العشرة

ليست «رمّانة» ولا «قلوب مليانة» التي انفجرت شعبياً وقضائياً بتوقيفٍ وُصف بـ «الفخ» للناشط وليم نون، شقيق جو نون أحد ضحايا «بيروتشيما»، وبدا أنه مدجّج بـ «الكمائن» على أكثر من جبهة، أمنية وعسكرية ورئاسية شكّلت واقعياً «مسرحَ العمليات» لحَدَثٍ انطلقت شرارتُه «التقنية» من عناوين ترتبط بالتحقيق المعلَّق في تفجير مرفأ بيروت ومحاولاتِ «تفتيته»، وسرعان ما تطايرت تشظياتها ميدانياً وسياسياً قبل أسبوعٍ من وصول وفد قضائي فرنسي لمعاينة تطورات هذا الملف في ضوء سقوط ضحايا فرنسيين في «محرقة» 4 أغسطس 2020. فما شهده لبنان في الساعات الماضية في الشارع الذي انتفض تضامناً مع نون وجريمة المرفأ، التي سقط فيها 237 ضحية وأكثر من 6500 جريح ودمّرت نصف العاصمة، بدا نتاج «حروب» قضائية - سياسية أخذت التحقيقَ في الانفجار الهيروشيمي رهينةً وتركت الأهالي الذين لم يهدأوا منذ نحو 30 شهراً بـ «لا شيء يخسرونه» وهم يرفعون الصوت مجدداً رفْضاً لتكرار محاولة «بتْر أيدي» المحقق العدلي القاضي طارق بيطار بواحد من أمرين:

الأول تكبيل مهمته بانتظار «قبْعه» نهائياً، وهو ما مهّدت له عشرات دعاوى الردّ بحقه من مدعى عليهم وفي مقدّمهم 4 وزراء سابقين (والرئيس السابق حسان دياب)، الأمر الذي جمّد عمله منذ نحو 15 شهراً في ضوء «استرهان» وزير المال مرسوم تعيين قضاة محاكم تمييز أصيلين بحيث يكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز ويصار إلى البت بهذه الطلبات.

والثاني تشكيل «دفرسوار» لإقصاء بيطار عبر تكليف قاضٍ رديف بت ملفات الموقوفين في القضية (وهو ما يؤيده التيار الوطني الحر) ودفوعٍ شكلية تَقَدَّم بها المدعى عليهم من سياسيين خصوصاً بعدم اختصاص بيطار ملاحقة رؤساء ووزراء.

وبدا أهالي الضحايا الرابحين الأكبر من هذه «المواجهة» التي بدأتْ على خلفية ما رافَقَ تحركاً لهؤلاء قبل أيام أمام قصر عدل بيروت من تكسير زجاج ثم تهديد نون بـ «تفجير العدلية بالديناميت» بحال تم تعيين قاضٍ رديف وردّه على التلويح بإحضاره أمام النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حماده بـ «يروح يبلّط البحر»، هم الذين «أحيوا روح» التضامن مع قضيةٍ بات نون الذي أوقف الجمعة وأُطلق أمس رمزاً لها، ومثله بيتر بو صعب شقيق الضحية جو بو صعب الذي انطلقت أيضاً عملية جلْبه أمام جهاز «أمن الدولة». وفيما عبّرتْ عن استمرارِ الاحتضان الشعبي العاطفي والأخلاقي لمسارِ إحقاق العدالة في واحد من أقوى 3 انفجارات غير نووية عرفها الكوكب، التحركاتُ الاحتجاجيةُ في الشارع التي وصلتْ النهارَ بالليل بدءاً من الجمعة وتمركزتْ في محيط مقرّ «أمن الدولة» في الرملة البيضاء وفي جبيل مسقط نون الذي باتَ معه حتى الفجر في مكان توقيفه عدد من نواب التغيير وزملاء لهم من المعارضة (القوات اللبنانية والكتائب والمرشح للرئاسة ميشال معوض)، فإن لائحة الخاسرين بدت طويلة في ضوء المسار الذي اتخذتْه هذه القضية:

فثمة مَن رأى أن القضاء عمّق من «جراحه» بتعاطٍ مع هذه القضية اعتُبر من المعارضة امتداداً لممارساتٍ من حقبة النظام الأمني اللبناني – السوري حيث أكد نائب «القوات» غسان حاصباني أنّ «ما نراه اليوم هو تلاميذ الأنظمة القمعية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة وهذا لا يُركّع الشعب اللبناني ومعركتنا هي بنظافة القضاء»، فيما أعلن النائب المحامي ملحم خلف «أن جهازين أمنيين فتحا تحقيقاً في قضية نون في ذات الوقت وهذه سابقة»، معتبراً أنّ«ميزان العدالة معطّل بشكل غير مقبول ونحن أمام دولة بوليسية بلا مرجعية». وأشار نواب ووكلاء دفاع عن نون إلى«فخ قضائي»نُصب له عبر استدراجه لشرب«فنجان قهوة»(الجمعة) عند«أمن الدولة»وذلك غداة بلاغ بحث وتحرٍّ بقي طي الكتمان صدر بحقه (في قضية تكسير زجاج قصر العدل)، و«أخرج من الجارور»بعد احتجازه لدى هذا الجهاز في ملف التهديد«بتفجير العدلية»وتحقير القضاء، بالتوازي مع دهم منزله في جبيل بحثاً عن«الديناميت»وطلبِ«مثول»هاتفه الخلوي للتأكد من عدم وجود محاولات لشراء هذه المادة. ورغم خضوع نون للتحقيق صباح أمس من الشرطة القضائية بناءً لطلب من«أمن الدولة»عبر برقية أرسلت إلى المديرية العامة لـ«قوى الأمن الداخلي»ثم صدور إشارة قضائية من القاضي زاهر حماده بترْكه بسند إقامة بقضية تكسير زجاج قصر العدل التي سيصار لسماعه فيها أمام«الشرطة القضائية»مع عدد آخر من أهالي الضحايا غداً الاثنين، عاد وأبقى على توقيفه بالقضية الثانية مع ربْط الإفراج عنه بحضور بيتر بو صعب الذي لم تتمكن الأجهزة الأمنية من تبليغه بضرورة الحضور. وفي حين صدرتْ مطالبات عدة لمدعي عام التمييز للتصرّف«وكسْر إشارة حماده»، فإن الأخير لم يتدخل كونه سبق أن تنحى عن قضية تفجير المرفأ. وبعد ظهر أمس، ومع تَحوّل القضية«كرة ثلج»تتدحرج في أكثر من اتجاه لاحت في الأفق محاولات لترتيب مخرج يحول دون انفجار غضبة في الشارع المحتقن والذي كان يلوّح بتصعيد كبير، عبر صدور بيان تضامن عن مجلس القضاء الأعلى مع حماده يليه ترْك نون بسند إقامة وهو ما حصل بعد أخذ وردّ طويل داخل المجلس عَكَسَ التجاذبات الكبيرة في الجسم القضائي. وأقوى تعبير عن هذا التجاذب عبّر عنه بيان رئيس«القضاء الأعلى»القاضي سهيل عبود الذي أوضح«أن أي بيانٍ لم يصدر عن المجلس وفق الأصول القانونية المعتمدة، وإنما تمّ التداول في شأن إصدار بيانٍ متعلّق بما آلت إليه الأمور في المرحلة الأخيرة، ولم يُصَر إلى التوافق على مضمونه، الذي كان ما زال قيد المناقشة. وإن ما وصل إلى وسائل الإعلام هو مشروع بيان لم يحظَ بالموافقة المفترضة لإصداره، فاقتضى التوضيح». وكانت محطة lbci ذكرت أنّ القاضي عبود غير موافق على بيان المجلس الذي استنكر واستغرب«التّهجّم على عمل القضاة، ورافضاً التّطاول على القضاء وكرامته»، موضحة أنّ سبب موقف رئيس القضاء الأعلى مرده إلى أن البيان«لم يصدر وفقاً للأصول، ولم يَلحظ موضوع انفجار مرفأ بيروت بشموليّته، بما فيه وقف التّدخّلات في تحقيقات المرفأ من أيّ جهة أتت».

وفي لائحة مَن تَشَظّوا جراء قضية نون، صورةُ الجيش اللبناني الذي انزلق إلى مواجهةٍ عنفية مع عدد من الأهالي والمحتجين في منطقة جبيل خلال محاولة قطْع الطريق ليل الجمعة – السبت حيث جرى استخدام العنف المفرط الذي لم يوفر أحد رجال الدين المسيحيين (خال نون) الذي أصيب بضربة في رأسه، ما استدعى ردود فعل مستنكرة دخلت على خطها الكنيسة المارونية التي تواصل رأسها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أمس مع أهل وليم وأوفدت أيضاً مطران بيروت بولس عبدالساتر الى مقر أمن الدولة حيث التقى نون وأكد التضامن مع الأهالي والحقيقة والعدالة في قضية المرفأ التي حضرت صارخةً في عيون والدة نون التي بقيت مع ابنها طوال ليل التحقيق الطويل شاكرة المتضامنين وموجّهة نداء«ما تتركونا، دفنت ابني وابني الثاني معتقل». وفيما لم تُسْقط أوساط سياسية تَشابُك هذه القضية في خلفياتها المباشرة أو«استثماراتها»اللاحقة مع حساباتِ الانتخابات الرئاسية ومحاولات«حرْق أصابع»مرشّحين بارزين في السباق الرئاسي وبينها قائد الجيش العماد جوزف عون، فإن الأكيدَ في ضوء الخلاصات الأولية لِما حصل في اليومين الماضيين أن قضية تفجير مرفأ بيروت ما زالت عصية على الكسْر وكذلك شوكة الأهالي الذين عاودوا وبتضامن الكتف لكتف مع نواب المعارضة رسْم خط أحمر أمام هذا الملف، سيخضع لاختبار جديد الاثنين، ووَجد نواب آخرون من الموالاة أنفسهم مضطرّين لـ«الالتحاق»به.

وليم نون حراً... أول الكلام

وإذ امتدّ«الاحتفال بحرية»نون بين بيروت وجبيل، تعمّد وليم أن تكون أول إطلالة له بعد إطلاقه من مقر فوج إطفاء بيروت الذي سقط 10 من عناصره، وبينهم شقيقه، خلال محاولة إخماد النيران في عنبر الموت الذي كان يحوي مئات أطنان نيترات الأمونيوم قبل أن تنفجر ويحلّ الدمار الشامل. وحرص نون على توضيح أنّ«التوقيف كان بإشارة من القضاء، والتعامل معي كان محترماً»، مؤكداً«نحن مستمرّون بقضية 4 أغسطس، ومن حقّنا التعبير طالما التحقيق معطّل وهذه القضية لن تموت، وأحياناً نخطئ في التعبير، وسنشاغب عند الضرورة». وأضاف:«أشكر كلّ من وقف إلى جانبنا وأشكر اللواء طوني صليبا (مدير أمن الدولة)، وعلى القضاء أن يقوم بواجبه، وسنذهب إلى التحقيق الاثنين»، تاركاً للمحامين الحديث عن الجانب القانوني من الملف. وشكر كل مَن تضامنوا معه من رجال دين مسيحيين ومسلمين ونواب ومواطنين«فلولاهم لَما كنتُ خرجتُ»، مشدداً على«أن قضيتنا ليست سياسية وملفنا هو مرفأ بيروت ونريد الحقيقة في مَن قتل أهلنا». ومن المكان نفسه، اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل النائب سامي الجميّل«أن هذه قضيتنا وأعتبر ما حصل اليوم انتصاراً صغيراً في معركة كبيرة وطويلة والأساس هو أن نأخذ حقّنا».

«المركزي» اللبناني يتحوّل «أسيراً» للعبة النقد وانسداد أفق الحلول السياسية

الأسواق تترقب آليات كبح الانحدار المستمر لليرة

الشرق الاوسط... بيروت: علي زين الدين... تقلص الدور المحوري لمصرف لبنان في أسواق صرف العملات بشكل دراماتيكي بفعل سخونة المضاربات النقدية التي تتغذى أساساً من تعميق حالة عدم اليقين، وفي ظل ضم عوامل اضطراب مستجدة، ذات صلة بملفات قضائية بأبعاد محلية وخارجية، إلى الانقسامات الداخلية القائمة أصلاً، ربطاً باستحقاق الشغور الرئاسي واحتدام الخلافات بشأن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال ومهامها. ووفق توصيف مسؤول مصرفي كبير، فإن الدور المفترض للبنك المركزي كصانع رئيسي لأسواق الصرف والتحكم بإدارة السيولة النقدية، تحوّل سريعاً إلى حارس مرمى وحيد في ملعب المضاربين لصد سيل الهجمات الشرسة على سعر الليرة، التي نجحت في الاستنزاف السريع لمعظم المفاعيل المتوخاة لمبادرة التدخل الحاسم في سوق القطع التي أطلقها البنك المركزي يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليعود معها سعر الدولار في الأسواق الموازية وطرداً في أسواق الاستهلاك إلى مقارعة عتبة 50 ألف ليرة. وفي ظل خشية مصرفية ومالية من تداعيات أكبر حجماً وأشد إيلاماً تنتجها هذه المواجهة المشهودة في الميدان النقدي بين السلطة النقدية و«أشباح» الأسواق الموازية الذين يتكفلّون بالاستحواذ على الدولارات المعروضة بأي وسيلة ومهما ارتفعت الكميات المعروضة، ينشد الاهتمام إلى محتوى التدابير الردعية أو الوقائية التي يتوقع اعتمادها من قبل حاكمية البنك المركزي قبيل انطلاق أسبوع العمل الجديد يوم غد (الاثنين)، لا سيما بعد التوقف «الظرفي» لكثير من المصارف عن قبول عمليات صرف جديدة عبر منصة «صيرفة». ويؤشر انحدار حجم العمليات النقدية المسجلة على المنصة خلال الأسبوع الماضي، إلى الجانب الرقمي والمحسوس لانكماش دور البنك المركزي، وبالتالي توجه الجزء الأكبر من الطلب إلى الأسواق الموازية. فقد بلغ إجمالي العمليات المنفذة بيعاً وشراء في خمسة أيام نحو 322 مليون دولار، أي ما يوازي الحجم المسجل في يوم واحد من أسبوع العمل الأول للعام الحالي، الذي ناهزت حصيلته المجمعة نحو 900 مليون دولار في ثلاثة أيام فقط وليس خمسة، بسبب مصادفة عطلات رسمية. ووفق رصد أجرته «الشرق الأوسط»، فإن اضطرار البنك المركزي إلى تعديل التدخل المفتوح لعرض الدولار النقدي مقابل السيولة بالليرة وحصره بتلبية طلبات الأفراد ضمن سقف لا يتعدى تبديل نحو 2630 دولاراً بالسعر «المدعوم» البالغ 38 ألف ليرة، أسهم بتكوين موجة طلب مرتفعة على الدولار في الأسواق الموازية. بينما تكفلت الإجراءات الاحترازية التي نفذتها غالبية المصارف، ربطاً بموجبات رقابية وأسباب لوجيستية، بتعزيز تمركز عمليات المبادلات خارج منصة صيرفة ليتفلت تلقائياً سعر التداول فوق مستوى 49 ألف ليرة لكل دولار. وفي الحيثيات، فإنه فضلاً عن الطلب التجاري المعتاد الذي يقارب نحو 10 ملايين دولار يومياً لدى الصرافين المرخصين وتجار العملات، شهدت هذه المنافذ دفقاً استثنائياً لكميات من الليرة مرتجعة للزبائن من قبل البنوك، وبالمثل كميات وافرة تم جمعها من قبل المدخرين في المنازل، بغية الاستفادة من فتح سقوف الصرف إلى نحو المليار ليرة لكل حساب مصرفي فردي، طبقاً لمندرجات التعميم الأصلي، وقبل تعديله بواسطة تعليمات شفهية في يوم عطلة نهاية الاسبوع الماضي. ومن الواضح، بحسب خبراء وناشطين في أسواق النقد، أن المعوقات التي تصطدم بها سياسات البنك المركزي وتدابيره التقنية للحد من انحدار سعر صرف الليرة، لا تقتصر على الغموض السياسي غير البناء الذي يطغى على مجمل الاستحقاقات الدستورية والملفات الحيوية العالقة في شرك الشلل الحكومي والتشريعي، بل هي تستمد صلابتها وقدرتها على جبه التوجهات من وقائع المؤشرات المؤثرة مباشرة في التدفقات النقدية. وتؤكد الإحصاءات الموثقة أن ارتفاع الطلب التجاري على الدولار محلياً لتلبية الزيادة اللاحقة ببيانات الاستيراد، لا يتوازن مع حجم التدفقات الدولارية الواردة إلى البلد، وفي مقدمها تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين التي يقدر أن تكون وصلت إلى 7 مليارات دولار في العام الماضي، وتدفقات المواسم السياحية التي شهدت طفرة مستعادة بنحو 5 مليارات دولار. وبالفعل، تكفل اختلال المعادلة النسبية بين الوارد والصادر من النقود، بمزيد من الضغوط على التدخلات الدولارية للبنك المركزي واحتياطاته من العملات الصعبة، لا سيما في ظل التنشيط المتوالي لعمليات تهريب السلع والنقود بين لبنان وسوريا التي تعاني من أزمة حادة للغاية بتوفر العملات الصعبة. وهو ما تترجمه عملياً أسواق الصرف في البلدين بتلازم «مساري» انحدار سعري صرف الليرتين اللبنانية والسورية. فوفقاً لأحدث الإحصاءات المجمعة، ارتفع عجز الميزان التجاري إلى نحو 15.56 مليار دولار بنهاية العام الماضي، بعدما تعدّت أرقام إجمالي المستوردات إلى لبنان حدود 19 مليار دولار مقابل نحو 13.6 مليار دولار في عام 2021. بينما تقلص إجمالي الصادرات من نحو 3.9 مليار دولار إلى نحو 3.5 مليار دولار. وهذا ما أدى إلى توسع اختلال ميزان المدفوعات ليبلغ العجز التراكمي السنوي نحو 3.24 مليار بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، مقابل عجز بلغ نحو 1.97 مليار دولار للفترة عينها من العام الأسبق. ويعزى الانخفاض المسجل في ميزان المدفوعات من الناحية الرقمية البحتة، إلى تراجع صافي الموجودات الخارجيّة لدى مصرف لبنان بمبلغٍ قدره 3 مليارات دولار، أي ما يوازي في جزئه الأكبر، والبالغ نحو 2.5 مليار دولار، حجم التدخل لضخ الدولار النقدي في الأسواق دعماً لسعر الليرة، بالإضافة إلى انكماش صافي الموجودات الخارجيّة لدى المصارف والمؤسسات الماليّة بمبلغ قدره 175.5 مليون دولار، يمكن ربط معظمها بسداد نسبتها من الحصص الشهرية لأكثر من 100 ألف مودع يستفيدون حالياً من مندرجات التعميم 158، الذي يتيح سحب 800 دولار شهرياً، موزعة مناصفة بين الدولار والليرة، على أن يورّد البنك المركزي للمصارف نصف المبلغ المستحق بالدولار، أي 200 دولار لكل عميل، وتغطي البنوك مبلغاً مماثلاً من خلال موجوداتها في حسابات خارجية.



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..موسكو تستعد لتوسيع هجومها بعد حسم معركة سوليدار..كتائب شيشانية تتقاتل على جانبي خطوط التماس..البنتاغون يناقش مع الحلفاء توفير الدبابات الثقيلة لأوكرانيا..الحكومة الروسية تسرع وتيرة التعاقد لصناعة الطائرات..بايدن أشاد بالإصلاحات العسكرية اليابانية..قمة بايدن ـ كيشيدا تضع أسس تحالف أمني موسع..تشديد أميركي على منع تحول المنافسة مع بكين إلى صراع..الجمهوريون يفتحون تحقيقات في الانسحاب «الكارثي» من أفغانستان..أفغانستان: ارتفاع قتلى الهجوم قرب وزارة الخارجية إلى عشرة..وزيرة الدفاع الألمانية تخطط للاستقالة..

التالي

أخبار سوريا..تصاعد المواجهات شمال سوريا على وقع خطوات «التطبيع»..مقتل جندي تركي.. وأنقرة تلوّح مجدداً بعملية عسكرية..الأسد استقبل وزير خارجية إيران..سوريا تربط «العلاقات الطبيعية» مع تركيا بـ«إزالة الاحتلال»..مقتل 3 جنود سوريين بهجوم لـ"النصرة" و"التركستاني" و"الألبان" على ريف اللاذقية الشمالي..أنقرة تلوح باحتمال شن عملية برية في سوريا "في أي وقت"..دمشق تصدر قانوناً لرعاية «مجهولي النسب»..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,152,392

عدد الزوار: 6,757,428

المتواجدون الآن: 126