أخبار لبنان..مؤتمر الطائف يفتح أبواب التفاهم على مرشح رئاسي..باسيل يفترق عن حزب الله في اختيار المرشّح..الراعي يحذّر من انعكاسات الشغور على "التعايش والشراكة"..خطة محلية ــ خارجية لعزل التيار الوطني..نصائح «حزب الله» لباسيل: ترتيب بيته الداخلي وأخذ متسع من الوقت لصياغة بروفايل سياسي أقل استفزازاً..هل ينجح الأسد في إقناع باسيل بدعْم فرنجية للرئاسة؟..{حزب الله» غير مقتنع بمبررات رفض باسيل لفرنجية..سفراء أوروبيون يستمزجون الآراء حول التوافق على مرشح ثالث..

تاريخ الإضافة الإثنين 7 تشرين الثاني 2022 - 4:10 ص    عدد الزيارات 1145    القسم محلية

        


مؤتمر الطائف يفتح أبواب التفاهم على مرشح رئاسي..

جنبلاط يتفق مع برّي على مقاربة مختلفة للاستحقاق .. وباسيل يفترق عن حزب الله في اختيار المرشّح

اللواء... بقيت اصداء منتدى الطائف الذي انعقد في الاونيسكو، لمناسبة 33 عاما على توقيع اتفاقية الطائف في المملكة العربية السعودية، سواء بالمشاركة الوطنية، المتعددة، او المداخلات والكلمات التي عكست مدى الحاجة الملحة للتقيد بالدستور الذي انبثق عنه، «للحفاظ على صيغة العيش المشترك» لأن بلا التمسك بمضمون هذا الاتفاق سيكون البديل الاَّ مزيداً من الذهاب الى المجهول، على حد ما قال في كلمته سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، الذي وجه الدعوات للمنتدى الذي تحول الى مؤتمر وطني، بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وممثل عن الرئيس نبيه بري النائب كريم كبارة، والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، والنائب السابق وليد جنبلاط والنائب السابق سليمان فرنجية والمرشح الرئاسي النائب ميشال معوض، ووزير خارجية الجزائر السابق الاخضر الابراهيمي الذي لعب دوراً حاسماً في التوصل الى الاتفاق. والابرز، ما كشفه السفير بخاري ان لا نية لفرنسا لدعوة القادة الى لقاء وحوار وطني، ولا نية فرنسية في طرح لدعوة او نقاش طائف او تعديل الدستور. وحسب الاوساط السياسية المعنية ان المنتدى كان بمثابة خطوة لقطع الطريق على اية محاولة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا ينبثق ولاؤه او برنامجه من مندرجات الطائف على المستويات كافة. وقال مصدر رفيع شارك في المنتدى لـ«اللواء» ان مؤتمر الاونيسكو فتح الباب على مصراعيه للتفاهم اللبناني- العربي- الدولي على مرشح رئاسي. ومع بداية الاسبوع، حيث تعقد اللجان المشتركة جلسة لمناقشة عدة مشاريع قوانين، ابرزها الكابيتال كونترول، بقي ملف انتخابات الرئاسية في الواجهة. وتوقعت مصادر سياسية أن ترسم جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس المقبل، مسار عملية الانتخاب بعد فترة من الجمود، بفعل تمنع قوى الثامن من آذار ،من تسمية مرشحها للرئاسة والاقتراع بورقة بيضاء، في مواجهة مرشح قوى المعارضة ميشال معوض، بسبب تبدل محتمل بموقف كتلة التيار الوطني الحر، باتجاه تسمية مرشح للرئاسة، بدلا من خيار الورقة البيضاء، ما يؤدي عمليا الى انكشاف في انتقال الاستحقاق الرئاسي الى مرحلة جديدة. وقالت المصادر ان انفراد كتلة التيار الوطني الحر، بتسمية مرشح رئاسي بمعزل عن الاتفاق مع حليفه حزب الله وحلفاء الحزب، لم يحصل صدفة، وانما اتى بعد لقاء رئيس التيار النائب جبران باسيل مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مؤخرا، والذي تناول النقاش خلاله موضوع الانتخابات الرئاسية، ولم يكن كما تمناه باسيل، الذي رفض نصيحة نصرالله بتأييد ترشيح خصمه السياسي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كما رفض الالتقاء به، للتفاهم على موضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق بينهما على المرشح المقبول من كليهما، واصر رئيس التيار الوطني الحر على ان يكون هو شخصيا المرشح الوحيد للرئاسة، باعتباره يمثل اكبر كتلة نيابية مسيحية، في حين يفتقد فرنجية الذي خسرت كتلته بالانتخابات النيابية الماضية ولا يحوز على الحيثية الشعبية التي تؤهله للترشح للرئاسة الاولى. ولاحظت المصادر نقلا عن اوساط بالتيار الوطني الحر، ان رئيسه الذي لم يكشف عن اسم المرشح الذي سيقترع له في جلسة الخميس المقبل، يتصرف بانفعال لم يعد خافيا على احد، بعد فشل فرض شروطه على الرئيس المكلف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، وانتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وشددت على ان اعلانه عن زيارته قريبا لدمشق، ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد، لن يحسن حظوظه بالترشح للرئاسة او بدعم اي من المرشحين المحسوبين على التيار، باعتبار ان هذه الزيارة ليست في محلها في هذا الظرف بالذات، وتزيد من عزلة باسيل وتياره عن باقي الاطراف السياسيين، لان ما يتمناه منها من عوامل الاستقواء والدعم ليست كما كانت سابقا. وتوقعت المصادر ان يعقد التيار الوطني الحر اجتماعا يوم غد الثلاثاء، لبلورة الموقف النهائي الذي سيعتمده بجلسة الانتخاب الخميس وتسمية المرشح الذي سيصوت له، والذي بقي قيد الكتمان، في حين استبعدت ان يطرح باسيل نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية منذ الان، قبل أن يضمن الحد الادنى من التأييد والتعاطف من حليفه حزب الله، وهذا ليس متوافرا بعد، بل سيعمد الى تسمية مرشح يختاره من أصدقاء التيار، لتقصي ردة الفعل عليه وتحديدا من حليفه، وبعدها يحدد خياره النهائي. وهذا ما سيتحدد في اجتماع تكتل لبنان القوي غداً. وفي دردشة مع الصحافيين قال الرئيس قال رئيس مجلس نبيه بري حاولت استمزاج اراء جميع الكتل قبل توجيه الدعوات بشكل رسمي. وبعد ان اوضحت كتلتان اساسيتان هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رفضهما لفكرة الحوار تراجعت عن الموضوع حيث وضعت القوات اللبنانية شرطا تعجيزيا وهو دعوة ١٢٨ نائب الى جلسة الحوار فيما تحفظ التيار عن الطرح. واضاف: التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي وقد أعلنت انه سيكون هناك جلسة انتخابية كل أسبوع وعلى الأطراف ان تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول الى التوافق. وردا على سؤال حول اسم مرشح كتلة التنمية والتحرير قال: اجدد التأكيد على المواصفات التي حددتها في خطاب ذكرى تغييب الأمام الصدر في صور من دون نقصان وهذه المواصفات هي؛ ان يكون الاسم صاحب حيثية اسلامية ومسيحية ووطنية وان يكون عامل جمع وليس تفرقة. وعن موضوع احياء منتدى الطائف قال: لم نتغيب عن المنتدى وكان هناك ممثلا عني وعن كتلة التنمية والتحرير لكن عريف الحفل هو من غيبنا. بدوره، اعلن نائب رئيس المجلس الياس بوصعب: سأصوت لمرشح، ولم احسم امري بعد بالنسبة لاسم، لكنني لن اصوت بورقة بيضاء، وهذا امر ناقشناه في تكتل لبنان القوي. إذاً، عاد المجلس النيابي ليملأ الفراع الرسمي في ظل الشغور الرئاسي ووجود حكومة تصريف الاعمال، التي بالكاد تتابع وتعالج بعض القضايا الاساسية، حيث تعقد اللجان النيابية المشتركة جلسة لها اليوم لدرس ثمانية اقتراحات ومشاريع قوانين، ابرزها واولها مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، الذي ما يزال موضع درس واراء مختلفة بين الكتل النيابية لا سيما لجهة كيفية حماية اموال المودعين وتنظيم السحوبات وليس التحويلات فقط ، مع العلم انه من ابرز مطالب صندوق النقد الدولي، والتي منها ايضاً قانون اعادة هيكلة المصارف وقانون التوازن المالي، وقد اثار التأخير في اقرارها استياء الصندوق والدول المانحة التي تعوّل على اقرار هذه المشاريع لتتمكن من تحديد حاجات لبنان من الدعم وفي اي قطاعات. لذلك ما زالت مسألة اقرار المشروع في الجلسة غير محسومة، حيث تربط بعض الكتل الاساسية إقراره بالتوازي مع إقرار خطة التعافي الاقتصادي التي ما زالت ايضاً موضع تجاذب سياسي وحكومي. ورجحت بعض المصادر ان يتم تشكيل لجنة فرعية لمتابعة درسه اذا لم تتمكن اللجان من الاتفاق عليه. وقال مصدر نيابي بارز متابع للموضوع لـ «اللواء»: ان الحكومة اعادت مشروع خطة التعافي الاقتصادي الى النواب بعدما سحبته وجرى تعديله بناء لملاحظاتهم. وبالتالي لم يعد هناك حجة لهم لعدم درس المشروع ومناقشته وتعديل ما يرونه مناسباً في اللجان المشتركة. لكن يبدو ان هناك قوى سياسية تسعى لإفشال اي مشروع اصلاحي للحكومة لأسباب سياسية داخلية وخارجية من باب الضغط السياسي على الوضع اللبناني. بينما هناك قوى سياسية اخرى مهتمة بمناقشة المشروعين بمعزل عما يريده صندوق النقد الدولي. ومع ذلك لا نعلم مصير المشروع في جلسة اليوم، وما هي توجهات القوى السياسية حياله، هل يؤجل البحث فيه لمزيد من الدرس، ام تتم إحالته الى لجنة نيابية فرعية مع ما يعنيه ذلك من مزيد من المماطلة؟...... وفي الحراك السياسي، وفيما لم يظهر جديد حول الاستحقاق الرئاسي، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس، رئيس المجلس النيابي نبيه بري عشية جلسة اللجان المشتركة، وقبيل ايام من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل. وقال جنبلاط بعد لقائه بري: التواصل مستمر مع الصديق والحليف والتاريخ، وأخيراً بإمكاننا تهنئة الرئيس بري على جهوده بالترسيم بعد 9 سنوات. اضاف: اتفقنا أن لا يكون هناك مرشح تحدٍّ، والرئيس بري لم يتراجع عن الحوار إنما بعض الفرقاء رفضوه وهذا خطأ. لكن أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق الرئاسي ونستعرض الأسماء، ومرشحنا هو ميشال معوّض وثمّة فرقاء آخرين، فليتم التداول بأسماء أخرى وقد يكون معوّض أحدها. وكان جنبلاط قد اكد على هامش مشاركته في احياء الذكري الثالثة والثلاثين لإتفاق الطائف، انه ضد انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ومع انتخاب النائب ميشال معوض. وفي المواقف، أكّد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أنّه يجب إنتخاب رئيس للجمهورية حفاظاً على الكيان». وفي عظة قداس الأحد من بكركي، توجّه الراعي إلى النواب، قائلاً: تريدون لبنان واحداً انتخبوا رئيساً، ما قيمة نيابتكم اذا كنتم لا تملكون حرية القرار في انتخاب رئيس؟. واضاف: ليكن واضحاً أن الأولوية على الأولويات هي ​انتخاب رئيس الجمهورية​. وحذّر الراعي، من أنّه «مع غياب رئيس الجمهورية، يتعذّر الإتفاق مع ​صندوق النقد الدولي​«. وقال: لا... ليس رئيس الجمهورية لزوم ما لا يلزم، بل هو حاكم الجمهورية والمشرف على مؤسساتها.

ميقاتي في القاهرة

الى ذلك، وصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى مصر قبل ظهر امس، للمشاركة في «مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP27»، الذي سيُعقد على مدى يومين في شرم الشيخ، بدعوة مشتركة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والامم المتحدة. ويضم الوفد اللبناني الى المؤتمر وزير البيئة ناصر ياسين وسفير لبنان لدى مصر علي الحلبي. وستكون للرئيس ميقاتي مداخلة في جلسات عمل المؤتمر، كما سيعقد سلسلة لقاءات واجتماعات مع عدد من القادة والرؤساء والمسؤولين العرب والاجانب المشاركين في المؤتمر. وهذا المؤتمر السنوي تحضره 197 دولة من أجل مناقشة تغير المناخ، وما تفعله هذه البلدان، لمواجهة هذه المشكلة ومعالجتها. وهذه هي المرة الثانية التي يشارك فيها رئيس الحكومة في المؤتمر، بعد  المؤتمر السابق الذي انعقد في31 تشرين الاول من العام الفائت في مدينة غلاسكو في اسكتلندا.

ذكرى الطائف

وكانت المملكة العربية السعودية قد احيت يوم السبت، المؤتمر الوطني في الذكرى الـ 33 لتوقيع اتفاق الطائف بدعوة من السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري في قصرالأونيسكو، بحضور حشد كبير من الشخصيات النيابية والوزراية والسياسية والقوى الحزبية من مختلف التيارات، تقدمهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وممثل للرئيس نبيه بري. وشدّد السفير البخاري في كلمته على أن «مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني». وقال: نعوّل على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار. نحن بأمس الحاجة الى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته. محذرا من ان «البديل عن «الطائف» لن يكون إلّا المزيد من الذهاب نحو المجهول». واعلن السفير السعودي ان «فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف»، مشيرا الى ان الاتفاق محط اجماع دولي ويؤكد نهائية الكيان اللبناني. وقال وزير خارجية الجزائر الاسبق الأخضر الإبراهيمي الذي كان من رعاة وعرابي اتفاق الطائف: أن أول هدف لاتفاق الطائف كان إنهاء الحرب في لبنان. متوجها بالتحية «لكل من ساهم في إتمام هذا الاتفاق قبل 33 عاما. وتحدث عن «أهمية اتفاق الطائف الذي يساهم في صون لبنان بعد الحرب التي عصفت به»، لافتا إلى أن «وثيقة الوفاق الوطني جاءت بمساع سعودية وعربية وبإجماع لبناني على إرساء السلم». وقال: لقد أوقفت حرب الخليج عمل اللجنة الثلاثية، التي كانت تريد أن تستمر في مواكبة تنفيذ الطائف وهذا لم يحصل. وتحدث الرئيس فؤاد السنيورة قائلاً: أن الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من التجربة، تفيد بأن لبنان يقوم على قوة التوازن المستدام، الذي يحقق الاستقرار. واضاف: لا حل طائفيا أو فئويا، بل هناك حل واحد، فلبنان يقوم بالجميع أو لا يقوم، ويكون للجميع أو لا يكون. وختم: حسن النوايا هو المبدأ الذي يجب ان تبدأ به أي مبادرة أو حل، والأهم اليوم الوصول الى رئيس للجمهورية يؤمن باتفاق الطائف ويرعى العودة إليه ويسعى الى تثبيته والالتفات إلى الممارسة الصحيحة لتطبيقه. من جانبه، شدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «على أن الأهم اليوم انتخاب رئيس للجمهورية». وقال: المعركة الكبرى الآن ليست في صلاحيات الرئاسية الواضحة دستوريا وسياسيا، بل المشكلة في انتخاب الرئيس ولاحقا تشكيل حكومة ذات مصداقية، تطلق الإصلاحات المطلوبة للبدء بالإنقاذ الاقتصادي والمالي. أضاف: الطائف أساسي جدا لأنه كرس إنهاء الحرب التي شهدها لبنان على مدى 15 عاما. وقبل البحث في تعديل الطائف، علينا تطبيقه أولا للوصول الى إلغاء الطائفية السياسية. ومن قال انني كوريث لكمال جنبلاط أعارض إلغاء الطائفية السياسية. وختم: «في بنود الطائف المتعددة، هناك بند ينص على إنشاء مجلس الشيوخ الذي لم يطبق حتى الآن. هذا المطلب ورد في مذكرة الهيئة العليا للطائفة الدزرية إلى الرئيس السابق أمين الجميل، لكننا اصطدمنا مع النظام السوري برفض قاطع، لأن النظام لا يريد إعطاء الدروز في لبنان امتيازاً إضافياً قد ينعكس على دروز سوريا. اضاف: تفضلوا شكلوا هذه اللجنة، وصولا إلى أن نحدث التغيير النوعي والكمي على الطائف في لبنان. مؤكدا «ضرورة السير بـالاصلاحات الأخرى التي وردت في الطائف ولم تطبق كاللامركزية الإدارية وغيرها، ولا مانع من أن تناقش بهدوء بعيدا عن التوترات الطائفية الآنية والتي تهدف لحرف المسار عن إنتخاب الرئيس». واعتبر المطران بولس مطر في كلمته أن «المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان أخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها» . ورأى أن «عودتنا إلى الطائف فرصة للبنان، فالنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألا يتوقف»، مشددا على أن «الحوار واجب علينا بمحبة وأخوة» . اما المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا فدعت إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان». وأشارت إلى أن «الاتفاق وضع نظاما سياسيا جديدا يلبي طموحات اللبنانيين، من خلال تبني الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني». ورأى نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب (القوات اللبنانية) غسان حاصباني أن «دستورنا صالح والخلل في تطبيقه بدأ من النوايا، ومن المهم البقاء في جو الوفاق» . وقال: أن لبنان أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق الطائف، وعلى البرلمان اتخاذ الخطوات المطلوبة لتطبيقه. رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قال في تصريح له على هامش الاحتفال في تصريح تلفزيوني: بأن الطائف لا يزال الإتفاق الأصلح لتطبيقه. وأضاف :هذا اليوم رمزيته مهمة جداً، والمؤتمر ينفي ان السعودية تركت لبنان، والحضور الكبير يشير الى تثبيت مضامين الطائف. وتابع: الدستور والقوانين ينصون على القيام بتصريف الأعمال، وسنقوم بها لأننا سنُحاكم إن لم نفعل ونحن حريصون على القيام بواجباتنا، ولا اعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطنيّ. اما سليمان فرنجية الذي حضر الاحتفال فقال: كل عمرنا بهمنا الطائف، ونحن جزء منه، ولم نأتِ الى الاحتفال من أجل الرئاسة بل دُعينا ولبينا الدعوة. اضاف ردًّا على سؤال حول تأثير حضوره المؤتمرعلى علاقته مع حلفائه : حلفائي ليسوا ضد الطائف، لذا حضوري لن يؤثر على علاقتي معهم. وتحدث على هامش المؤتمر ثلاثة من النواب الذين شاركوا في اتفاق الطائف، فقال النائب السابق بطرس حرب في مداخلة له: إنه من السهل اليوم انتقاد الطائف، ففي حقبة الحرب، ما عاشه لبنان لم يكن سهلاً أبداً، ولهذا جاء الطائف لإنهاء الاقتتال والالتزام به ضروري ويجب تطبيق بنوده بشكل أساسي . ووجّه النائب السابق طلال المرعبي «الشكر للسعودية التي ترعى اتفاق الطائف وترعى لبنان ومن دون مقابل»، مشيراً إلى أن «المملكة تسعى إلى فرض الاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي». وقال: ندعو لإنشاء مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية، لا العمل «بالترويكا» في الحكم. إلى ذلك، قال النائب والوزير السابق إدمون رزق في مداخلة له: نشهد ان جوهر اتفاق الطائف هو شراكة حضارية في نظام حر، فلا اكراه في الوطنية كما في الدين.

دفعة جديدة من النازحين

واستمرت امس الاول عودة النازحين السوريين الى بلدهم، فإنطلقت السبت الدفعة الثانية من رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من نقطة  التجمع في وادي حميد في عرسال ضمن قافلة تضم 330 نازحاً، في اتجاه معبر الزهراني على الحدود اللبنانية السورية الى قرى القلمون الغربي. وانطلقت رحلة العودة بمواكبة أمنية من مخابرات الجيش والامن العام اللبناني وفريق من الصليب الأحمر اللبناني والمنظمات الدولية.  كما انطلقت فجرا قوافل جديدة من النازحين السوريين، من سرايا طرابلس، في اتجاه بلداتهم. وأشرف على عملية العودة الطوعية، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال هكتور الحجار الذي دعا المجتمع الدولي الى تشجيع هذه العودة.

الكوليرا: 118 اصابة

صحياً، ذكرت وزارة الصحة العامة، في تقرير امس، أن حالات الكوليرا في لبنان سجلت 10 اصابات جديدة، ورفعت العدد التراكمي إلى436، فيما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة وسجل العدد التراكمي للوفيات 18. كما نشرت وزارة الصحة خريطة تظهر عدد الاصابات الموزعة على البلدات والقرى اللبنانية.

الراعي يحذّر من انعكاسات الشغور على "التعايش والشراكة"

"ترشيحات 8 آذار": برّي يدفع للتسمية و"حزب الله" محكوم بباسيل

نداء الوطن... لم يكن مستغرباً على مسامع اللبنانيين التحذير من احتمال "التفكّك الكامل" لدولتهم واضطرارهم إلى "تحمّل المزيد من الألم" حسبما جاء على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف في معرض تصويبها على عملية العرقلة الممنهجة للإصلاح في لبنان، لا سيما وأن "التفكك" لم يعد من السيناريوات المتخيلة في الأذهان بل باتت مشاهده حقائق مُعاشة على أرض الواقع ألفها اللبنانيون منذ أن وضعت قوى 8 آذار قبضتها على السلطة، ليبدأ تحت سطوتها مسار تفكك الدولة وتحلل المؤسسات، وليصبح "الانهيار الرسمي" رديفاً لنموذج حكم "حزب الله" وحلفائه على كافة المستويات الدستورية والسياسية والقضائية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والخدماتية... فكانت النتيجة على الوجه المعاكس من الصورة اللبنانية أنّ "حزب الله" لم يمر عليه زمن "هو أقوى فيه من الزمن الذي نحن فيه محلياً وإقليمياً ودولياً"، حسبما تفاخر رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله" السيد إبراهيم أمين السيد أمس، مضيفاً: "ما يعني أننا لم نعد نحتاج إلى حرب من أجل الوصول إلى أهدافنا، يكفي أن يكون معنا السلاح والموقف الشجاع". ولأنّ التعطيل والتنكيل بالدستور من "ترسانة" الأسلحة الممانعة لقيام الدولة واستنهاض مؤسساتها، تضع قوى الثامن من آذار ثقلها لاستمرار ترجيح كفة الشغور في ميزان الاستحقاق الرئاسي، عبر الاستمرار في وضع جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية بين فكّي كماشة "الورقة البيضاء" و"تطيير النصاب" من دون الإقدام على تسمية أي مرشح والتصويت له في الهيئة العامة، الأمر الذي بات رئيس المجلس النيابي نبيه بري "لا يحبذ استمراره ويعتزم القيام بمروحة مشاورات بينية مع مكونات فريقه السياسي للدفع باتجاه الانتقال إلى مرحلة طرح الأسماء وفتح الباب تالياً أمام النقاش والتوافق مع الفريق الآخر"، كما نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن"، لكنّ جهود برّي في هذا الاتجاه لا تزال تصطدم بتمهّل "حزب الله" وتريثه في الانتقال إلى مرحلة التسميات والترشيحات لأنه باختصار "محكوم بعقدة جبران باسيل". وأوضحت المصادر أنّ قيادة "حزب الله" لا تزال تراعي "حسابات باسيل الرئاسية" وليست مستعجلة للقيام بأي خطوة نحو تجاوز هذه الحسابات ربطاً بحسابات "حارة حريك" الاستراتيجية التي تفرض عدم المخاطرة بخسارة "الغطاء" الذي يمنحه "التيار الوطني الحر" لـ"حزب الله" في الشارع المسيحي، ولذلك فإنّ "الحزب" يعمل على إبطاء حركة المشاورات التي يدفع بري إليها في سبيل التوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية بانتظار "إيجاد المخرج المناسب الذي يحفظ ماء وجه باسيل ولا يهدد تحالف "حزب الله" معه". وكان رئيس المجلس النيابي قد شدد في دردشة مع الصحافيين أمس على أنّ "التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي"، مؤكداً الحاجة إلى ضرورة أن "تتشاور الأطراف خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة (الرئاسية) والأخرى للوصول إلى التوافق". ولفتت الانتباه مساءً المواقف التي أطلقها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط من عين التينة مجدداً التأكيد على الاستمرار في ترشيح النائب ميشال معوّض "لكن لسنا فريقاً واحداً في البلد فليتم التداول بأسماء أخرى وعندها نرى". وبحسب المعلومات التي رشحت لـ"نداء الوطن" حول أجواء لقاء عين التينة بين بري وجنبلاط، فإنه أتى بشكل أساس بغية تظهير الأخير "محورية الدور" الذي قام به الأول في الوصول إلى اتفاق الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل على مدى عقد من الزمن، وذلك في سياق الرد على محاولة الفريق العوني "خطف هذا الإنجاز" وتجييره لمصلحة العهد السابق وتياره. وخلال اللقاء، تطرق جنبلاط مع رئيس المجلس إلى ضرورة مغادرة مربع المراوحة في ملف الاستحقاق الرئاسي بدءاً من الإقدام على خطوة طرح "مرشح رئاسي للفريق الآخر"، على قاعدة: "نحن لدينا مرشحنا وعليكم طرح مرشحكم للوصول إلى التوافق". تزامناً، وبينما برزت أمس مناشدة البابا فرنسيس السياسيين اللبنانيين "تنحية مصالحهم الشخصية" قائلاً خلال رحلة عودته من البحرين: "ساعدوا لبنان كي يخرج من هذا الوضع السيئ ودعوه يستعيد عظمته"، كانت للبطريرك الماروني بشارة الراعي مواقف عالية السقف في قداس الأحد في بكركي أمس حذر فيها من تداعيات الشغور السلبية على "التعايش والشراكة الوطنية" في البلد، مؤكداً أنّ انتخاب رئيس الجمهورية هو "باب" التعايش والحفاظ على الكيان "بوجه الذين يبحثون عن كيانات أخرى سياسية وحزبية ومذهبية وشخصية لهم لا للبنان"، وتوجه الراعي بالمباشر إلى النواب الذين يعطلون الاستحقاق الرئاسي بالقول: "تريدون لبنان كياناً واحداً؟ انتخبوا رئيساً للجمهورية، تريدون استمرار صيغة الشراكة الوطنية؟ انتخبوا رئيساً للجمهورية".

البابا فرنسيس: ساعدوا لبنان على وقف انهياره

نداء الوطن... المصدر: سكاي نيوز... دعا البابا فرنسيس السياسيين اللبنانيين، اليوم الأحد، إلى "تنحية مصالحهم الشخصية" والتوصل إلى اتفاق لملء فراغ السلطة في بلد يعيش أزمة، حيث لا يوجد رئيس حالياً. وقال البابا خلال عودته من رحلته إلى البحرين: "أدعو السياسيين اللبنانيين إلى تنحية مصالحهم الشخصية، والالتفات إلى البلد والتوصل إلى اتفاق". وأضاف: "لبنان يسبب لي الألم... لبنان ليس بلداً، لبنان رسالة لها معنى كبير لكنه يتألم حاليا. أوجه ندائي إلى السياسيين اللبنانيين: اتركوا مصالحكم الشخصية وانظروا إلى بلدكم. الله أولا ثم وطنكم". وختم الحبر الأعظم: "لا أريد أن أقول أنقذوا لبنان، بل أقول ساندوا لبنان... ساعدوا لبنان على وقف انهياره".

خطة محلية ــ خارجية لعزل التيار الوطني

الاخبار.... ابراهيم الأمين .... كان من الصعب الحديث، قبل أسبوعين أو أقل، عن التوترات الكبيرة الكامنة في الشارع المسيحي. كان الكلام سيبدو كأنه تحريض أو مقدمة لأحداث ما. لكن الوقائع التي تلت الانتخابات النيابية الأخيرة، وطريقة التعامل مع ملف الحكومة التي لم تشكّل، والاستنفار الذي رافق مغادرة الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري، كل ذلك، كان يشي، إلى جانب بعض المعطيات، بأن هناك من لا يدرك حقيقة أن «الساحة المسيحية» هي الأكثر عرضة لتكون ساحة لتصفية حسابات سياسية تتجاوز مصالح ومطالب القوى المسيحية نفسها. قبل أقل بقليل من ثماني سنوات، أبلغ حزب الله الأطراف المحلية والخارجية أنه سيدعم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، مستنداً إلى القوة التمثيلية للرجل، وإلى المعطيات الداخلية والإقليمية التي تسمح بوصوله. من يومها، انطلقت الحملة المنظمة على العماد عون وفريقه، وهي حملة شارك فيها كل من يعتبرون اليوم في موقع الخصومة مع التيار الوطني الحر داخلياً، وانضم إليها لاعبون من الخارج ممن كانوا يعتقدون أن وصول عون إلى القصر الجمهوري ودخوله لعبة السلطة سيبعده عن حزب الله. عملياً، قام تحالف غير مسبوق، شمل كل خصوم الجنرال على الساحة المسيحية. وحتى من استكانوا في انتخابات العام 2018، تصرفوا بانتهازية كانت معروفة، لكن الجنرال تعامل معها على أنها قد تكون تعبيراً عن رغبة البعض في الخروج من عقلية الماضي. وخلال الفترة التي امتدت حتى اندلاع أحداث 17 تشرين 2019، كانت الماكينة قد أجهزت على كل شيء. صار عون، ومعه رئيس التيار جبران باسيل، يمثلان وجه الشيطان في لبنان. لم يبق أحد من كل خصومهما المسيحيين، من القوات والكتائب إلى الأحرار وبقية 14 آذار، إلى الأطر التي استجدّت باسم مجموعات مدنية أو حتى نافذين داخل الكنيسة وبعض رجال الأعمال وشخصيات تقليدية، كل هؤلاء تجمعوا في معركة واحدة ضد عون وباسيل. رغم كل التباينات القائمة بين هؤلاء، تلاقوا جميعاً عند فكرة واحدة اسمها: شيطنة التيار ورموزه وإعلان الحرم عليه بسبب علاقته بحزب الله. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن حلفاء حزب الله المسيحيين، من تيار المردة إلى شخصيات مستقلة في الشمال والبقاع وبيروت، انضموا هم أيضاً إلى الجبهة، ولو أنهم قاتلوا التيار لأسباب لا تتصل بعلاقته مع المقاومة، لكنهم كانوا يتصرفون على أساس أن التيار يمارس سياسة الإقصاء التي تشملهم ولا تقتصر على الخصوم فقط. وفي الجبهة المقابلة، لم يكن هناك من يحتاج إلى شحذ الهمم في معركة قاسية ضد عون وباسيل. إذ إن تحالف حركة أمل - الحزب التقدمي الاشتراكي - تيار المستقبل، لم يكن ينقصه أي حافزية للانقضاض على عون وفريقه. وهؤلاء تصرفوا على أنهم أرغموا على التعامل بإيجابية أو حيادية مع انتخاب عون رئيساً، فيما هم، في حقيقة الأمر، لم يرغبوا يوماً بأن يكون لديهم شريك في السلطة مثل ميشال عون. ولا يعود ذلك فقط إلى الخلاف الذي كان قائماً بينهم وبين الجنرال في آخر ثمانينيات القرن الماضي، بل لأنهم أصلاً من الفريق الذي عمل بالنسخة السورية من اتفاق الطائف التي قامت على عدم السماح لرئيس مسيحي قوي بالوصول إلى قصر بعبدا. وهم شعروا، بين العامين 2005 و 2016، بأن التيار الوطني الحر، بدعم مباشر من حزب الله، كان يستعيد المواقع التي استولى عليها «إسلاميو الطائف» من المسيحيين بين العامين 1990 و2005. كما أن الجميع كان يعرف أن عون يعتبر أن كل الجبهة المقابلة، التي تضم إسلاميي الطائف ومسيحيي سوريا، يتحمّلون مسؤولية الانهيار والتفكك الذي يعيشه لبنان، وكان برنامجه للإصلاح، يعتمد على مواجهة مباشرة وقاسية معهم، لكنه عدّل كثيراً في تصوراته، وحتى في آلياته. ورغم أنه بادر إلى التعايش والتعاون مع فريق من هؤلاء، بل إن التيار الوطني نفسه سارع إلى حجز مقاعد له في الإدارة العامة، إلا أن كل ذلك لم يشفع له. واستمرت الحملة واشتدت بعد انضمام مباشر للولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى، ربطاً بعلاقة عون وباسيل بحزب الله من جهة، وباستعداد عون وباسيل للذهاب نحو علاقات مختلفة مع الشرق من جهة ثانية. عندما اندلعت أحداث 17 تشرين، لم يكن هناك من إجماع فعلي، لا لفظي، لغالبية الفاعلين في هذا الحراك، سوى الحملة على باسيل. ومع الوقت انحسرت الموجة الاعتراضية على «كلن يعني كلن»، وبقيت المعركة مفتوحة ضد التيار وعون وباسيل وصولاً إلى الاعتداء المباشر عليهم بلغة غريبة بعض الشيء. وترافق ذلك مع إعلان السعودية الحرم على أي علاقة مع عون وباسيل، ومعاقبة سعد الحريري على أي تعاون معهما أو مع حزب الله، ثم جاء الأميركيون بقرار معاقبة باسيل بعد تهديده وتخييره بين العقوبات وبين العلاقة مع المقاومة. عملياً، لم تتوقف حملة الشيطنة ضد التيار وعون وباسيل، لكنها أخذت بعداً مختلفاً بعد الانتخابات النيابية، لأن ملايين الدولارات، والدعاية اليومية على مختلف الصعد، لم تدفع التيار إلى موقع الخاسر نيابياً. ورغم أن خصومه حصدوا أصواتاً ومقاعد أكثر في الوسط المسيحي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لجعل التيار في عزلة تمنع عليه المشاركة في إدارة أي حكومة جديدة. لذلك، كان القرار بأن يكون الأداء في الأشهر الأخيرة من ولاية عون مشابهاً لما حصل مع العماد إميل لحود، لجهة عزله وترك الأمور بيد مجلس الوزراء. لكن الحكومة التي يتمثل فيها التيار الوطني، وفيها حليف قوي له هو حزب الله، لم يكن بالإمكان إدارتها بطريقة مختلفة. وجاء ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو ليظهر للأطراف الخارجية قبل الداخلية أن السير نحو تفاهمات قابلة للتنفيذ، إنما يتم من خلال دور مركزي للتيار الوطني الحر، ولباسيل شخصياً، ووصل الأمر بالأميركيين إلى إصدار قرار رئاسي بمنح الوسيط عاموس هوكشتين استثناء لعقد لقاءات مباشرة مع باسيل برغم إدراجه على لوائح العقوبات. إذ إن اجتماعات باسيل - هوكشتين في لبنان والخليج وأوروبا كانت ضرورية لتسريع عقد التفاهم، وكان الأميركيون يعرفون أن باسيل هو رجل ثقة أول عند المقاومة بوصفها القادرة على تعطيل أي تفاهم يخص الصراع مع العدو. لذلك حاول رئيس الحكومة المكلف مرات كثيرة أخذ الأمور في ملفات كثيرة صوب مكان لا يكون فيه لعون أو باسيل أي تأثير، وصولاً إلى الامتناع عن تشكيل حكومة جديدة بدعم من حلفائه. الاستراتيجية الواضحة عند كل خصوم التيار وعون وباسيل كانت تقوم على فكرة أنه بعد خروج عون من القصر الجمهوري، ستكون هناك جولة جديدة من المواجهات معه. وثمة ترقب عند خصومه من اللبنانيين لعقوبات أميركية جديدة ضده وضد أفراد عائلته وضد قيادات في التيار الوطني الحر، إضافة إلى حملة إعلامية مستمرة تحاول تحميل عون المسؤولية عن الأزمات التي يواجهها لبنان، وصولاً إلى إبعاد التيار عن أي تأثير في معركة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحتى دفعه إلى موقع يسهل إبعاده عن أي حكومة جديدة في المرحلة المقبلة، بالتالي فتح الباب أمام سياسة الإقصاء والانتقام حتى من الموظفين العامين المحسوبين على التيار.

إذا لم تبادر بكركي إلى خطوات عملانية، فالشارع المسيحي مقبل على مواجهات لا توترات

على أن معركة عزل التيار لم تعد ممكنة بالوسائل التي اعتمدت سابقاً. ما يجري اليوم هو المرحلة الأكثر خطورة، والتي تعكس حادثة «أم تي في» أحد أوجهها. لأن المقصود بما حصل، الانتقال من مرحلة تصنيف التيار كحزب فاشل مسؤول عن الفوضى والخراب، إلى حزب يسعى لتشكيل ميليشيات تشكل خطراً على الأمن الوطني. ويجري العمل، بقوة، لتوريط الجيش اللبناني في هذه المهمة انطلاقاً من الخصومة القائمة اليوم بين التيار وبين قائد الجيش العماد جوزيف عون حول انتخابات رئاسة الجمهورية. وفي حال توسع العمل القمعي ضد التيار بحجج متنوعة، سنكون أمام عملية تطابق مع ما تعرض له التيار الوطني الحر عندما نفي العماد عون إلى باريس، وصار حزباً سرياً يتعرض ناشطوه للملاحقة والاعتقال والإقصاء. طبعاً، لا يمكن الاعتقاد بسهولة نجاح مثل هذه الخطوة. لكن الخطير في الأمر أن متطلبات عزل التيار وشيطنته وتحويله إلى مجموعة خارجين عن القانون، تشتمل ضمناً على مواجهات قاسية لن يكون لها مسرح سوى الشارع المسيحي، لأن الأمر غير ممكن الآن في الأماكن الأخرى، فهو مستحيل عند الشيعة، ومصدر قلق حقيقي عند الدروز، وليست له أهمية كبيرة عند السنة. بينما يراهن خصوم التيار في لبنان وخارجه على أن ضربه في الشارع المسيحي هو المدخل الوحيد لإضعافه، تمهيداً لعزله والقضاء عليه. وبمعزل عن خطة التيار لمواجهة هذا المخطط، يمكن لطرف آخر، مثل بكركي، أن يبادر سريعاً إلى خطوات تمنع انفجاراً لن تقتصر ساحاته على المنصات الإعلامية، الواقعية منها والافتراضية، بل سينتقل حكماً إلى الجامعات والمدارس والأحياء والقرى، وسيكون عنوان الكارثة التي سيدفع المسيحيون كافة ثمنها.

نصرالله حدّد له «الأسبابَ الموجبة»... في إحاطةٍ استراتيجية

هل ينجح الأسد في إقناع باسيل بدعْم فرنجية للرئاسة؟

باسيل وفرنجية... هل يتفقان على الرئاسة؟

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- نصائح «حزب الله» لباسيل: ترتيب بيته الداخلي وأخذ متسع من الوقت لصياغة بروفايل سياسي أقل استفزازاً

- هذا ما سمعه باسيل من نصرالله عن معنى وصول فرنجية للرئاسة

- باسيل لم يَفُز بـ «وعْدٍ رئاسي» و«حزب الله» لا يرفع شعار «فرنجية أو لا أحد»

- «حزب الله» المُمْسِك بالنفوذ يريد رئيساً «ليس معنا بالضرورة ولكن ليس ضدنا بالتأكيد»

- هواجس باسيل من وصول فرنجية... طوني والزعامة الشمالية

- طيْف فرنجية يُرافِقُ باسيل... من حارة حريك إلى قصر المُهاجِرين

- معطياتٌ عن الإعداد لاستقبالٍ حافِلٍ لباسيل في دمشق وعلى الطاولة «المَشْرِقية» و... فرنجية

رغم «الفراغ» الساكن القصر الجمهوري في بعبدا بعدما تَرَجَّلَ الرئيس ميشال عون عن الكرسي وأوحى بأنه تَحَرَّرَ من عبئه، ازداد القصرُ والطريقُ إليه حضوراً في الحياة السياسية ويومياتها الصاخبة، كأن في الأمر «دقّ نفير» بين اللاعبين لاحتلال الكرسي الآسر، الذي يكاد أن يرتفع فوق حطامٍ اسمه... الدولة. ولم تكن كافية الإشارات التي أكثر منها عون في ساعاته الأخيرة في القصر عن أنه سئم الرئاسة وقيودها، لثني حزبه (التيار الوطني الحر) عن السعي لركوب السِباق إلى بعبدا عبر حصانٍ يختاره مِن بين صفوفه أو مَن ينوب عنه رغم فذلكته الرائجة عن «ما خلّونا» تبريراً للفشل في تجربة إدارة الحُكْم على مدى الأعوام الستة الماضية.

باسيل... الشريك المُضارِب

وتخضع حركةُ رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بعد مغادرة القصر لمعاينةٍ حثيثةٍ نظراً لمكانته المحورية في التوازنات الحاكمة لـ «صناعة الرئيس». فهو الخليفةُ «المفترَض» الذي أَعَدَّه عون منذ وطأ بعبدا، والشريكُ المُضارِبُ لتحالف «8 مارس» بقيادة «حزب الله»، والقابضُ على كتلةٍ وازنة لا يضاهيها وزناً إلا الكتلة الموازية لـ «القوات اللبنانية» المُتَمَوْضِعة في المقلب الآخَر، أي في المعارضة. أولُ الكلام «الجَدّ» الذي قاله باسيل بعد الساعة صفر لحلول فخامة الفراغ انطوى على ثلاث إشاراتٍ بارزة لها ما بعدها... كشْفُه عن مداولةٍ للملف الرئاسي وجهاً لوجه مع حليفه، ربما الوحيد، الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله. المضيُّ في رفْض دعم ترشيح سليمان فرنجية، حليف الحزب وسورية وعرْض التفاهم معه على مرشّح ثالث. تأكيدُ عزمه على زيارة دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد قبل نهاية السنة الحالية على الأرجح.

من حارة حريك إلى قصر المهاجرين

وبهذا المعنى فإنه على طريق باسيل، من حارة حريك (نصرالله) إلى قصر المهاجرين (الأسد)، سيرافقه بالتأكيد طيْف فرنجية الرئاسي الذي كان بَلَغَ بوابة قصر بعبدا مرتين في 2004 و 2016 قبل أن تبتعد عنه لأسباب تتصل بحسابات «اللحظة» لـ«حزب الله» والنظام في سورية ودَفَعَ ثمنَها الزعيمُ الزغرتاوي «ابنُ الخط» الذي يُفاخِرُ بصداقة بشار ووصَفه نصرالله بـ«نور العين»، وها هو جالِسٌ الآن خلْف «الأوراق البيض» وأوراق أخرى في تمارين انتخابية لا انتخاب فيها بانتظار ما سيُفْضي إليه حراكُ الداخل والخارج. فعشية جلسة البرلمان الخامسة يوم الخميس، بدا أن المعارضةَ بتلاوينها المختلفة ماضيةٌ في تكتيكها الانتخابي عبر دعْم مرشح الصوت الأعلى ميشال معوض أو الاقتراع بـ «أسماء حرَكية» في انتظار مُراكَمَةِ أرقام وأحجام في الطريق إلى تسويةٍ ما. أما على مقلب «حزب الله» وحلفائه ومعهم سورية فلا خيارات محسومة في انتظار ما ستؤول إليه أسئلةٌ من نوع: ماذا يريد باسيل؟ ما الموقف الفعلي لـ «حزب الله»؟ وهل من دور للأسد؟

ماذا عن محاباة الأميركيين؟

باسيل الأكثر ذكاءً من أن يترشّح، أقلّه الآن، بحسب ما قاله أخيراً، يدرك أن حظوظَه معدومةٌ في ضوء الاصطفافات الحالية. لكن ليس من عادة رئيس «التيار الوطني الحر» أن يستسلم بسهولةٍ، ما يجعل مواقفه عرضةً لتأويلاتٍ أكثرها وضوحاً أنه يسعى لإطالة أمد الشغور الرئاسي الذي لم يُكتب له أن يكون بـ «حمايةِ» حكومةٍ فاعلةٍ يملك «حصةَ الأسد» فيها للإمساك ما أمكن بخيوط اللعبة ومعاودة تعويم نفسه كمرشحٍ أول أو أقلّه كناخبٍ أول. ويحلو للبعض في بيروت الترويج لروايةٍ تُنسب فصولٌ منها للديبلوماسي الأميركي ديفيد شينكر، مفادها أن باسيل قام بمحاباة الأميركيين عبر الضلوع في إمرار الخط 23 لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لقاء الاستجابة لدعواه لرفْع العقوبات عنه، ما يتيح له استظلالَ أي تَناغُمٍ أميركي – إيراني حول الرئاسة على غرار ما جرى في شأن الترسيم الذي يتباهى بلعب دورٍ مؤثّرٍ فيه.

لا وعدَ رئاسياً لباسيل

هذا السيناريو قد يبدو «متخيَّلاً» مقارنةً بحجم المشكلات التي يواجهها رئيس «الوطني الحر» مع مروحةٍ واسعةٍ من القوى السياسية ذات الامتداد الطائفي وربما داخل تياره، خصوصاً أنه لم يَفُزْ بأي وَعْدٍ من «حزب الله» بدعْم ترشيحه شبيه بما حَظي به عمُّه العماد ميشال عون الذي استحقّ من الحزب تعطيلَ الاستحقاق الرئاسي لعامين ونصف العام لفرْض انتخابه. ويتحدث مَن هم على درايةٍ بما يجري في الكواليس وخلف الستائر المقفَلة عن أن «حزب الله» حاذَرَ طويلاً إطلاقَ أي إشاراتٍ من النوع الذي يمكن أن يُفهم على أنه التزامٌ رئاسي تجاه باسيل، الذي لم يحظَ بأكثر من «وسامٍ كلامي» من رتبة «التضحية» يوم فُرضت العقوبات الأميركية عليه. فحينها اكتفى نصرالله في آخِر الكلام بالقول «يُبنى على الشيء مقتضاه». «مقتضاه» لا يرتقي إلى مستوى وعْدِ رئيس «التيار الوطني الحر» بالرئاسة ولا بمجاراة باسيل في حربه المفتوحة على رئيس البرلمان (زعيم حركة «أمل») نبيه بري، الحليفُ الشيعي للحزب الذي يَرسم خطاً أحمر يصون العلاقةَ مع بري تجنُّباً لأي صراعٍ يمكن أن يعيد تجربةَ إراقة الدماء بين الشيعة أنفسهم على غرار حرب إقليم التفاح عام 1988.

«حزب الله»... البراغماتي

فـ «حزب الله» الذي فُهم أنه يقوّم سلباً تجربةَ المجيء برئيسٍ محسوبٍ عليه كالعماد عون، حرص على حفْظِ التحالف مع «التيار الوطني الحر» وعلى تمكينه من حصْدِ كتلةٍ نيابيةٍ يُعتدّ بها لحماية التوازن داخل الوسط المسيحي والحؤول دون تَفَوُّق «القوات اللبنانية»، الخصمُ الذي يرتقي إلى مستوى العداء بالنسبة إلى الحزب. واستوقف أوساطاً واسعة الاطلاع أن «حزب الله» في مقاربته الرئاسية تَراجَعَ خطوةً إلى الخلف برفْعه شعار الرئيس التوافقي الذي يريده «ليس معه بالضرورة لكن ليس ضده بالتأكيد»، على أن يكون شخصيةً قادرةً على «الكلام» مع المجتمعيْن العربي والدولي. وفي تقدير هذه الأوساط أن «حزب الله» أدرك أن من غير المهمّ كثيراً مَن هو الرئيس ما دام الأهمّ هو بيد الحزب، أي «النفوذ» الذي يجعل التركيبةَ بمجملها في متناوله، وهو ما اعتُبر براغماتيةً مردّها إلى خُلاصاتِ تجربة الإتيان برئيسٍ صافٍ كالعماد عون. هذه «المرونةُ» في مقاربة «حزب الله» الرئاسية لاحَظَها السفيرُ السعودي في بيروت وليد بخاري، ويردّها إلى عدم الرغبة في معاودةِ استنساخ التجربة العونية في الحُكْم وعدم القدرة على المضي في مغامراتٍ من هذا النوع، في الوقت الذي عُثر للمرة الأولى في تصريحاتٍ للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا على مفردة ملتبسة عن براغماتية «حزب الله» التي تُشتمّ منها رائحةُ الغاز على خط الوئام البحري بين لبنان وإسرائيل.

نصائح نصرالله لباسيل

وخلاصةُ الكلام الذي «لا يرقى إليه الشك» أن أحلامَ باسيل الرئاسية الآن إما تشبه «أحلامَ اليقظة» وإما أنها بحكم المؤجَّلة، فهو سمع من «حزب الله» وأمينه العام نصائح ذات مغزى بضرورة أن يولي الأولويةَ لمعاودة ترتيب بيته الداخلي وأخذ متسع من الوقت (أعوام) لصياغة بروفايل سياسي مغاير (أقلّ استفزازاً) يطلّ به على اللبنانيين إفادةً من دروس احتجاجات 17 أكتوبر (2019) وعِبَرها. ومن المفيد القول إن هذه الخلاصة لا تعني أن «حزب الله» يدير ظهرَه لحليفه في «تفاهم مار مخايل» أو لـ «جناحه» المسيحي. ولم يذع باسيل نفسه سراً عندما كشف عن أنه سمع من نصرالله في لقائهما الأخير «إحاطةً إستراتيجية» لمعنى وصول فرنجية للرئاسة من دون أن يَطلب منه صراحة دعمه أو حشْد الأصوات له لضمان كسْر التوازن السلبي في البرلمان.

بين باسيل وفرنجية... «حزب الله» يمون

وما لم يَقُلْه باسيل وما لم يسمعه من نصرالله شخصياً، كان قيل وسُمع عبر قنواتِ التواصل المعتمَدة بين رئيس «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» ودار حول ضماناتٍ وتطميناتٍ وتعهداتٍ لـ «زحزحة» موقفِ باسيل الرافض لدعم انتخاب فرنجية رئيساً، رغم حرص الحزب الدائم على الترويج أنه يؤيّد الزعيم الزغرتاوي لكنه لن يخوض معركتَه. من الضماناتِ أن فرنجية هو المرشّح الوحيد الذي «يمون» عليه الحزب لإبرام تَفاهُمٍ مع باسيل وبرعايته. ومن التعهداتِ أن الحزب نفسه مستعدٌّ لـ «ضمان» أي تَفاهُمٍ من هذا النوع وما ينجم عنه من التزاماتٍ. أما التطمينات فامتدت من أن الزعامةَ الشماليةَ لفرنجية لن تأكل من صحن باسيل، إلى تبديد هواجس الأخير من إمكان سعي فرنجية – الرئيس إلى تعبيد الطريق لنجله (النائب) طوني لوراثة القصر.

هكذا حُرم فرنجية الرئاسة... مرّتيْن

وثمة مَن يعتقد أن هذه «اللهفة» من «حزب الله» على فرنجية لا تنبع من مجرّد اعتباراتٍ إستراتيجية ترتبط بالهوية السياسية لزعيم «المردة»، بل ربما بشعورٍ أن لفرنجية ديْناً في ذمة الحزب الذي أحْبط وصول حليفه - الذي لم «ينقل البارودة من كتف لكتف» - مرتيْن كانت الرئاسة أيْنعت له وحُرم من قِطافها. في العام 2004 عندما بَلَغَ لبنان عيْنَ العاصفة وتَعاظَمَ الرفضُ الداخلي والخارجي للقرار السوري بتمديد ولاية الرئيس السابق إميل لحود ولاحتْ في الأفق طلائع القرار 1559، بادَرَ رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري إلى صوغ «فكرةٍ» لكسر المأزق الخطر، فأوفد إلى الرئيس السوري بشار الأسد اقتراحاً يقضي باختيار أحد الاسميْن من الحلفاء اللصيقين بدمشق، جان عبيد أو سليمان فرنجية للرئاسة تفادياً لتَجَرُّع لبنان الكأس المُرّة بالتمديد للحود وفتْح البلاد تالياً على المجهول. يُروى أن الأسد، الذي تَلَقَّفَ اقتراح الحريري، مستبعداً عبيد ومتبنّياً صديقه فرنجية، أرسل إلى نصرالله مَن يسأله رأيَه نظراً لكلمته الوازنة بالنسبة إلى سورية في تلك المرحلة، فكان جواب الأمين العام لـ «حزب الله» أنه «لا نعرفه كفاية»، وتالياً فإنه نصح بتجنُّب المجازفة في تلك اللحظة المفصلية في المنطقة فـ... طارتْ فرصة فرنجية. لم يكن رئيس «المردة» في حينه تَعَرَّفَ إلى «الحاج رضوان» الذي كان يجهل اسمه الحقيقي، أي عماد مغنية، رغم تطوُّر العلاقة بينهما إلى صداقة ورحلات صيد و«سياحة» على مواقع «حزب الله» على الحافة الأمامية مع إسرائيل، وهي الصداقة التي أرستْ علاقةً راسخةً بين فرنجية «رجل الثوابت» وبين «حزب الله». وقليلون يعرفون أنه عندما أذيع نبأ اغتيال القائد العسكري لـ «حزب الله» عماد مغنية في فبراير الـ 2008 في دمشق، سارَعَ فرنجية للاتصال بصديقه «الحاج رضوان» لاستيضاح ملابسات ما جرى ولتعزيته من دون أن يدري، في حينه أنه كان يهاتف مغنية نفسه الذي سقط في انفجار السيارة المفخَّخة في حي كفرسوسة الدمشقي. غير أن هذه العلاقة وعُمْقها لم تسعف رئيس «المردة» في الـ2015 حين بادر زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى تبني ترشيح فرنجية حليف «حزب الله»، الذي تعاطى للوهلة الأولى مع الأمر على أنه «مناورة» من الحريري لشقّ صفوف «8 مارس» عبر وضع فرنجية وعون (المرشح) وجهاً لوجه، وتالياً لم يدرك جديةَ المبادرة إلا بعد الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الزعيم الزغرتاوي من الرئيس الفرنسي آنذاك فرنسوا هولاند، والتأكد من وجود تَفاهُمٍ بين باريس والرياض على دعم فرنجية. وتشي وقائع تلك المرحلة بأن «حزب الله» الذي وَعَدَ عون بالرئاسة لم تَرُقْ له حركةُ فرنجية، لخروجها عن المعادلة التي يريدها «نحن نسمّي الرئيس وعلى الآخَرين تحديد موقفهم سلباً أو إيجاباً»، إضافة إلى «النقزة» التي أثارها وجود تَفاهُمٍ فرنسي - سعودي، بمعزل عن إيران والحزب، بطبيعة الحال. وذهب «حزب الله» إلى أبعد من ذلك في إبعاده خيار فرنجية آنذاك حين رَسَمَ شكوكاً حول التزاماتٍ قَطَعَها رئيس «المردة» لزعيم «المستقبل» في تَفاهُمٍ من سبع أوراق، أخفى ثلاثة منها عن الحزب لاشتمالها على تعهدات تجاوزت الخطوط الحمر كالتزامه حلّ «سرايا المقاومة» والإبقاء على قانون الانتخاب المعروف بـ «قانون الستين» وسوى ذلك... رغم سحب «حزب الله» الرئاسة من فم فرنجية للمرة الثانية، فإن الرجلَ حافَظَ على رباطة جأشه، فامتنع حتى عن النزول إلى البرلمان لانتخاب نفسه، مكتفياً بمعارضةٍ من «أوراق بيض» في مواجهةِ عون الذي جَعَلَه الحزب رئيساً مع وقف التنفيذ قبل تبني ترشيحه من خصمه اللدود «القوات اللبنانية» وإبرام الحريري لتسويةٍ معه.

هل الثالثة... ثابتة؟

ربما تكون الثالثة ثابتة مع فرنجية، أقلّه بالنسبة إلى «حزب الله» الذي «يُدَوْزِنُ» موقفه وفق القاعدة الآتية: يؤيد رئيس «المردة» ويصوّت له ويسعى لحشد تأييدِ حلفائه له، لاقتناعه بأن فرنجية مشروع رئيس توافقي في الداخل ويحظى بعدم ممانعةٍ خارجية، ولا سيما أميركية – فرنسية وسبق أن حظي برضى سعودي في العام 2015. مَن يدقق في حركة المشاورات وإيقاعها وما تنطوي عليه المناقشاتُ في الأندية السياسية، يدرك أن «حزب الله» لن يقول «فرنجية أو لا أحد» من جهةٍ، لكنه يرغب في فتْح الطريق أمامه لاعتقاده أنه يتمتع بتأييدٍ مكتوم من طوائف عدة وقادرٌ على فتْح قنواتِ تَعاوُنٍ مع المجتمعيْن العربي والدولي.

... هل ينجح الأسد حيث فشل الآخرون؟

«حجرُ العثرة» الأكثر إثارة في طريق فرنجية إلى القصر بحسب ما يَرْشَحُ عن المداولات التي يُجْريها «حزب الله» وسواه، هو جبران باسيل الذي استمع بإصغاءٍ لمحاكاة نصرالله عن الأسباب الموجبة التي ترجّح كفة رئيس «المردة» على سواه، وهو الذي – أي باسيل – تُعِدُّ له دمشق استقبالاً حافلاً خلال الزيارة التي بدأت ترتيباتُها وسيتخلّلها لقاء مع الأسد وتَفاهُماتٌ، «المشرقية» واحدة من عناوينها. وثمة انطباعاتٌ في بيروت ترقى إلى مستوى «المعطيات» بأن «الأسد، الذي يعمل بالتكافل والتضامن مع نصرالله، سيكمل البازل الذي رُسِمَ في الضاحية عبر حضّ باسيل على رفْع الفيتو من أمام فرنجية ودعْم ترشيحه لقاء ضماناتٍ تتناول المستقبل حاذر الأمين العام لحزب الله إغداقها على رئيس التيار الوطني الحر».

{حزب الله» غير مقتنع بمبررات رفض باسيل لفرنجية

صارحه بترشيح رئيس «المردة»... ومستاء من «مناوراته»

(الشرق الأوسط)...بيروت: كارولين عاكوم... لا تشير المعطيات السياسية حتى الساعة إلى أن جلسة الخميس المقبل لانتخاب جديد رئيس للجمهورية في لبنان ستختلف عن سابقتها، بحيث يتوقع أن يتكرر المشهد عينه بعقد دورة أولى قبل أن تفقد الدورة الثانية نصابها بقرار من فريق «حزب الله» وحلفائه. وبينما يتمسك «حزب الله» بمرشحه المعروف، لكن غير المعلن، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي يفضله على حليفه الآخر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، تستمر الكتل المعارضة الرئيسية المتمثلة بشكل أساسي من أحزاب «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» في قرارها دعم النائب ميشال معوض والاقتراع له في الجلسة المقبلة. وتقول مصادر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن معوض «هو المرشح الرئاسي الجدي الوحيد، والمحاولات مستمرة مع مكونات المعارضة لتبني ترشيحه، والأمل بأن يلامس الخميس المقبل حدود الـ 50 صوتا»، موضحة أنها ستكرر قبل جلسة الخميس وإبانها مطالبتها رئيس البرلمان نبيه بري بالدعوة إلى جلسات انتخابية مفتوحة بما يشكل عامل ضغط على النواب لحسم موقفهم. وكان الرئيس بري قد أكد، أمس، أن «التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعياً للتوافق السياسي». واعتبر، بعد استقباله، أمس، النائب السابق وليد جنبلاط، أنه «على الأطراف أن تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول إلى التوافق». أما جنبلاط فقد رأى أن «أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق، وأن نستعرض الأسماء». وقال: «مرشحنا ميشال معوض، لكننا لسنا فريقاً واحداً في البلد، فليتداول بأسماء، وعندها نرى قد يكون ميشال أحدهم». وأضاف: «لقد اتفقنا (مع بري) على ألّا يكون هناك مرشح تحدٍّ». وفي حين أعلن أكثر من نائب في «التيار الوطني الحر» أن كتلته النيابية لن تبقي على خيار الورقة البيضاء التي اعتمدها فريق «حزب الله» وحلفاؤه في الجلسات الماضية، تقلّل مصادر مقربة من الحزب، من أهمية هذه الخطوة إذا أقدم عليها «التيار» مع تأكيدها أن «مرشح الحزب وحليفه الرئيسي، رئيس البرلمان نبيه بري، هو رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية وهو بات معروفا للخصوم والحلفاء وعلى رأسهم باسيل». وبينما تعكس المصادر استياء الحزب من مقاربة باسيل للاستحقاق الرئاسي ورفضه دعم فرنجية، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يعلم أن مرشح (التيار) إلى أبد الآبدين هو باسيل وأي خطوة باتجاه الاقتراع لشخصية غيره، كالنائبة ندى البستاني أو غيرها، تعني المناورة والقول إننا لسنا ضمن تجمع الـ 60 نائبا (الذين اقترعوا في الجلسات الماضية للورقة البيضاء)»، مع تأكيدها أن خيار «الحزب» وحليفته حركة «أمل» لا يزال حتى الساعة الورقة البيضاء. وحول سبب عدم إعلان الحزب دعمه رسميا لفرنجية حتى الآن، تقول المصادر: «عندما يطلب الحزب من باسيل، دعم رئيس (المردة) هذا يعني بشكل واضح لباسيل وغيره أن مرشحنا الوحيد هو فرنجية»، رافضة القول في الوقت عينه إن الحزب يمارس الضغوط على باسيل أو أي طرف من حلفائه «بل يمارس سياسية الإقناع والدليل اللقاء الأخير الذي جمع باسيل مع أمين عام الحزب حسن نصرالله». وتضيف: «سمعنا مبررات رفض باسيل لفرنجية لكن من قال إن ما يقوله يقنع الحزب؟». وفي رد على سؤال عما سيقدم عليه الحزب في حال الوصول إلى حائط مسدود مع باسيل والى متى سوف يستمر الفراغ في موقع الرئاسة، تقول المصادر: «ليس هناك من داع للاستعجال، ونعتقد أنه من المستبعد أن يحدث خرق في ملف الرئاسة قبل نهاية السنة، كما أن الأمور مرتبطة بالظروف الداخلية والخارجية»، معتبرة أنه «من المبكر الحديث عن حائط مسدود ونعمل للتوصل إلى تفاهم وتوافق على فرنجية مع باسيل وما أمكن من النواب السنة ورئيس الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط». وأمس اتهم النائب في «حزب الله» علي المقداد «الفريق الآخر» بالتعطيل، وقال: «الذي يعطل انتخاب رئيس الجمهورية هو من يدعم مرشحا لا ترضى عنه غالبية المجلس النيابي، ويصر على رفض الحوار للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لا يمثل استفزازا لأحد، وطني، لا يرضخ للإملاءات الخارجية»، مضيفا: «كفى تضييعا للوقت وتأخيرا لانتخاب الرئيس، فالبلد لا يتحمل المزيد من المماطلة وتضييع الفرص». وقال: «نحن سعينا ونسعى على الدوام لتقريب وجهات النظر، وهدفنا الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، ولا نريد أي تأثير سلبي يزيد من معاناة اللبنانيين. ونتمنى على كل المكونات اللبنانية أن تعمل للتوفيق، وليس للتفريق وإثارة الفتن خدمة لمشاريع خارجية إقليمية ودولية». في موازاة ذلك، تستمر الكتل النيابية الأخرى على مواقفها، مع الدعوات المستمرة لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي هذا الإطار، أكد النائب فيصل الصايغ تمسك «الاشتراكي» بترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية. وقال في حديث إذاعي: «العلاقة ممتازة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط»، مشيرا إلى أن «هناك حلفا تاريخيا لكن لا أحد (يمون) على الآخر في السياسة». من جهة أخرى انتقد النائب في حركة «أمل» هاني قبيسي الداعين لانتخاب رئيس سيادي. وقال: «الوقت حان لكي يتفاهم اللبنانيون فيما بينهم، وهذا ما طرحناه ككتلة (تنمية وتحرير) وقلنا تعالوا إلى الحوار والتلاقي لنتفق من دون أن ينتصر لبناني على آخر بل لنجعل لبنان منتصرا بكل أحزابه وتياراته بنبذ الخلافات والصراعات ولغة التوتر في الشوارع والإعلام».

سفراء أوروبيون يستمزجون الآراء حول التوافق على مرشح ثالث

لأن تعطيل جلسات الانتخاب ينذر بشغور رئاسي مديد

الشرق الاوسط... بيروت: محمد شقير... يبدي المجتمع الدولي قلقه حيال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، ما يُنذر بأن يكون الشغور الرئاسي مديداً، خصوصاً أن جلسة الانتخاب الخامسة التي تُعقد الخميس المقبل بدعوة من رئيس البرلمان لن تحمل مفاجأة يمكن التعويل عليها لاختصار المسافة التي ما زالت تعيق إيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا، وستنتهي كسابقاتها من الجلسات «المحكومة» حتى إشعار آخر بتعطيل انتخابه، لأن ميزان القوى بداخل المجلس النيابي لا يسمح لهذا الفريق أو ذاك بالتفرّد بحسم المعركة لصالحه. واستباقاً لجلسة الخميس، فإن معظم سفراء الدول المعنية بإنجاز الاستحقاق الرئاسي باتوا على يقين بأن الجلسة ستدور في حلقة مفرغة، وأن هناك ضرورة للبحث عن مخرج يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية شرط أن يحظى بموافقة الكتل النيابية الكبرى ذات التأثير المباشر لإخراج انتخابه من المراوحة التي تأخذ البلد إلى مزيد من التدحرج نحو الانهيار الكارثي. وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» بأن سفراء عدد من الدول الأوروبية باتوا على قناعة بأنه لا خروج من المراوحة القاتلة إلا بمبادرة الكتل النيابية الفاعلة للتوافق على مرشح ثالث للرئاسة يتموضع انتخابياً بين مرشح أكثرية القوى المعارضة، النائب ميشال معوض، والمرشح الذي يتوافق عليه محور الممانعة والمقصود به رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وأكدت المصادر الدبلوماسية أن سفير دولة أوروبية فاعلة في لبنان بادر إلى استمزاج رأي «حزب الله» حيال ضرورة التوافق على مرشح ثالث، لكن الأخير فضّل التريُّث ريثما يواصل نصر الله مساعيه لإقناع باسيل بدعم ترشّح فرنجية الذي يحتفظ لنفسه بإعلان موقفه النهائي في الوقت المناسب، وقالت إن ما يميّز الحزب عن حلفائه في خوضه للمعركة الرئاسية يكمن في أنه يتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي من زاوية إقليمية، وأن موافقته على انتخاب مرشح توافقي تبقى خاضعة لما يدور في المنطقة، وبالتالي لا يبيع موقفه لجهة محلية من دون حصوله على أثمان سياسية تتيح لحليفه إيران توظيفها في تحسين شروطه في ملف المفاوضات النووية التي ما زالت عالقة في ضوء تجميد البحث فيها بسبب الخلاف بين طهران وواشنطن. ولفتت إلى أن اقتراح التوافق على مرشح ثالث من دون الدخول في الأسماء لا يزال في طور التشاور. ورأت أنه لا أساس من الصحة لما يتردد حول الإعداد لطبخة رئاسية على نار هادئة تقضي بإجراء مقايضة تقوم على التسليم برئاسة الجمهورية لمرشح ينتمي إلى محور الممانعة، والمقصود به فرنجية، في مقابل المجيء برئيس حكومة يحظى بتأييد الأكثريات في المعارضة، في إشارة إلى سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام. وتتعامل مصادر سياسية محلية مع ما يتردد حول الإعداد لمثل هذه المقايضة على أنها محاولة مكشوفة يقف خلفها أكثر من شخصية محسوبة على محور الممانعة يراد منها اختبار النيات، رغم أنه ليس هناك من يتبنّاها، إضافة إلى أنه لا علم لسلام بها. وأكدت المصادر نفسها أن انتخاب الرئيس يجب أن يشكل محطة للانتقال بلبنان إلى مرحلة سياسية جديدة، وقالت إن الصراع على الرئاسة يتجاوز الأشخاص إلى البرنامج السياسي والمهمات الملقاة على عاتقه امتداداً إلى رئيس الحكومة العتيد والبيان الوزاري لحكومته. لذلك يبقى من السابق لأوانه الانتقال بالمعركة الرئاسية من معركة «كسر عظم» التي تتسم بها حالياً إلى البحث عن رئيس توافقي يبقى تحت سقف أن هناك ضرورة لملء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس بأي ثمن، وكأن البلد في أحسن أحواله، ولا يغرق في هذا الكم الكبير من أزماته. لكن هناك من يراهن على عامل الوقت، الذي يمكن أن يضغط في حال استمر تعطيل جلسات الانتخاب لفتح الباب أمام البحث عن مرشح ثالث، وإلا فإن المسرحية التي يشهدها البرلمان قابلة للتمديد إلى ما شاء الله، وهذا ما يشكل إحراجاً للنواب بصرف النظر عمّن يعطل انتخاب الرئيس. وعليه، يبدو حتى الساعة أن هناك استحالة للوصول إلى مرشح توافقي من دون استقدام رافعة دولية وإقليمية لحث النواب على انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، مع أن الظروف ليست ناضجة حتى الساعة لدخول المجتمع الدولي على خط التعطيل إفساحاً في المجال أمام تنعيم مواقف الكتل النيابية من موقع اختلافها لملاقاة بعضها بعضاً في منتصف الطريق لانتشال لبنان من قعر الانهيار لغياب المساعدات الدسمة لإنقاذه والمشروطة بدفتر من الشروط لا بد من الاستجابة لمضامينه، وإن كانت تتجاوز إنجاز الاستحقاق الرئاسي إلى الإصلاحات لإعادة تأهيل البلد وإدراجه على خريطة الاهتمام الدولي.

هنيبعل القذافي يعاني انتكاسة صحيّة ونفسيّة ويرفض معاينة الأطباء

الشرق الاوسط... بيروت: يوسف دياب.. عاد ملف هنيبعل القذافي، نجل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، إلى الواجهة، لكن هذه المرة من بُعده الإنساني وليس القضائي، حيث كشف مصدر رسمي لبناني مطلع على الملف، أن هنيبعل «يعيش حالة صحية ونفسية صعبة للغاية، في ظل استعصاء البت بملاحقته سلباً أو إيجاباً، واستحالة الإفراج عنه بعد مضي سبع سنوات على توقيفه بموجب مذكرة توقيف صادرة بحقه عن المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة». ويوجه القضاء اللبناني إلى نجل معمر القذافي تهمة «كتم معلومات تتعلق بمصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين (الذين فقدوا في العاصمة الليبية طرابلس عام 1978، إثر وصولها بدعوة من معمر القذافي، والاشتراك في جريمة إخفائهم والتمادي في هذه الجريمة منذ 45 عاماً». وأكد المصدر الرسمي لـ«الشرق الأوسط»، أن هنيبعل «يعاني عوارض صحية صعبة، وأن حالته في الأسابيع الأخيرة باتت سيئة، فهو يرفض مواجهة أحد أو التحدث لأي شخص، ويمتنع عن معاينته من قبل أطباء لرصد وضعه الصحي والنفسي». وأشار إلى أن القذافي الابن «يرفض أخذ أدويته، وبات مقلاً من الكلام ويمتنع عن الخروج للنزهة اليومية أو التعرض لأشعة الشمس كما كان يحصل عادة». ولم يخف أن «وضعه الصحي والنفسي صعب للغاية وثمة خطر على حياته». ورفض الوكيل القانوني للقذافي المحامي غسان المولى الحديث عن وضع موكله، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ملتزم بتعميم نقابة المحامين الذي يمنع المحامين من الإدلاء بتصريحات إعلامية». ولا يزال الملف القضائي عالقاً عند عقد أساسية يتعذر حلها حالياً، بسبب امتناع السلطات الليبية عن التعاون مع المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، الذي يضع يده على الملف. وأوضح مصدر قضائي معني بالقضية لـ«الشرق الأوسط»، أن المحقق العدلي «أرسل مرات عدة مذكرات لتبليغ 13 شخصاً ليبياً مشتبها بتورطهم في القضية، بينهم ضباط وكوادر أساسيون في نظام معمر القذافي، لكن لم يجر تبليغهم ولم تعد المذكرات وفق الأصول»، معتبراً أن «السلطات الليبية الحالية تتعمد تجاهل الطلبات اللبنانية». وشدد المصدر على أن «هنيبعل موقوف وفق القانون ودون أي ظلم، وثمة إجراءات قانونية ضده مرتبطة بجرائم ارتكبها، أقلها كتم المعلومات التي لديه عن خطف وإخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وكل الإجراءات المتخذة بحقه قانونية وليس هناك أي تعسف أو مخالفة للقانون بحقه». ورفض رئيس لجنة المتابعة لملف الصدر ورفيقيه القاضي حسن الشامي، تحميل المحقق العدلي «مسؤولية ما يحكى عن تدهور الصحة الجسدية أو النفسية للقذافي». وقال «بغض النظر عما يحكى عن صحة الموقوف من عدمها، فإن أي سجين معرض للإصابة بوعكة صحية، ونحن لا نتدخل بإدارة السجن وكيفية التعامل معه كسجين، لكن الكل يعرف أن هنيبعل غير مقموع، بدليل الرسالة التي وجهها إلى قناة تلفزيونية مشهورة». وتابع الشامي «عائلة القذافي تصعد وتهدد وتدعي اعتقاله ظلماً وتعسفاً، بينما يربط هنيبعل الإفصاح عن المعلومات التي لديه، بإطلاق سراحه والسماح له بمغادرة لبنان». وأعطى مثالاً على ذلك بأن «أحمد قذاف الدم (مدير المخابرات الليبية السابق، طالب لبنان بالإفراج عن هنيبعل، على أن يدلي بالمعلومات التي لديه عن القضية». ويبدو أن ثمة أطرافاً عدة دخلت على خط الوساطة للإفراج عن القذافي الابن لكن مساعيها باءت بالفشل، وأعلن القاضي الشامي، أن «هناك أكثر من طرف دخل مؤخراً على الخط لتحرير هنيبعل، لكن المؤسف أن هذه الأطراف دائماً ما تقدم الحل على أساس تعويضات مالية وكأنها تسوق لصفقة تشي بأن الغاية من توقيف ابن القذافي هو قبض الأموال». وختم «عائلة الصدر ورفيقيه وكل من يحمل قضيته لا يريدون قرشاً واحداً، وغايتهم الوحيدة تحرير الإمام ورفيقيه وإعادتهم إلى وطنهم وأهلهم». 



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..زيلينسكي: إيران تكذب وترسل أعداداً كبيرة من المسيرات إلى روسيا..مساعدة أميركية جديدة لأوكرانيا تشمل دبابات «تي ـ 72» وصواريخ «هوك»..ستولتنبرغ يحذر بوتين: ليس من منتصر في الحرب النووية التي تلوح بها..الاستخبارات البريطانية تتوقع عدم حصول المجندين الروس الجدد على تدريب كافٍ..تقرير أميركي: مكونات المسيّرات الإيرانية مصدرها 30 شركة أجنبية..كييف لطهران: عواقب التواطؤ مع موسكو تتجاوز المنفعة..بايدن: انتخابات الكونغرس لحظة "فارقة".. وترمب يدعو لحشد موجة حمراء..الانتخابات النصفية تلهب السباق في الولايات المتأرجحة..تحديات «ديمقراطية» لسياسات بايدن الخارجية..الأمم المتحدة تحضّ ماسك على احترام تويتر لحقوق الإنسان..خلافات عاصفة في مجلس الأمن تحول دون موقف موحد من كوريا الشمالية..فرنسا: حزب التجمع الوطني ينتخب زعيماً جديداً..

التالي

أخبار سوريا..«لواء القدس» الموالي للأسد ينخرط في الحرب الاوكرانية..مقتل 10 أشخاص في قصف للنظام على مخيم ومزارعين شمال غربي سوريا..تركيا تقتل قيادياً عراقياً من «الوحدات الكردية» في عين عيسى..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,663,281

عدد الزوار: 6,907,429

المتواجدون الآن: 97