أخبار لبنان..ضمانات فرنسية للسعودية حول «الطائف» وخلاف بين حزب الله وباسيل.. أزمة صامتة تتمدّد مع المغرب..«كبتاغون» ومسيَّرات؟.. في الذكرى الـ33 لتوقيع «اتفاق الطائف»..إصرار واسع على التمسك به..المنسقة الخاصة للأمم المتحدة: الاتفاق وضع نظاماً سياسياً يلبي طموحات اللبنانيين..«الطائف»..دستور لبناني طُبق انتقائياً..جنبلاط يتذكر رحلة «الطائف» من معركة «سوق الغرب»..تفشٍّ سريع لـ«الكوليرا» في لبنان..والفقر ينذر بكارثة..

تاريخ الإضافة الأحد 6 تشرين الثاني 2022 - 4:27 ص    عدد الزيارات 836    القسم محلية

        


لبنان: ضمانات فرنسية للسعودية حول «الطائف» وخلاف بين حزب الله وباسيل..

الجريدة... منير الربيع ... حشدت السعودية الدعم لاتفاق الطائف، خلال الحفل الذي نظمته سفارتها في بيروت أمس، في الذكرى الـ 33 لتوقيع الاتفاق، كنوع من الردّ على كل محاولات الإطاحة به، أو الحديث عن الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي يعيد صياغة النظام السياسي اللبناني. وفي المؤتمر الذي حضرت فيه ذكرى شخصيات كان لها الأثر الفعلي في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار ووقف التقاتل الأهلي اللبناني، من أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، والراحلين العاهل السعودي فهد بن عبدالعزيز والأمير سعود الفيصل وغيرهم، أجمعت الكلمات على أن لبنان يقوم بقوة التوازن، ولا يمكن لموازين القوى أن تتحكم به وأن تغير نظامه وبنيته الدستورية كلما تغيّرت هذه الموازين. ويتركز النجاح السعودي في جملة نقاط؛ أولها حشد أكبر عدد ممكن من القوى والشخصيات السياسية ومن مكونات مختلفة، وكان لافتا حضور جميع القوى المسيحية المتنافسة، فالأجانب أصدقاء وحلفاء المملكة المسيحيون حضروا، كما حضر ممثلون عن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، وممثلون عن «التيار الوطني الحرّ» الذي أكد مسؤولوه من داخل المؤتمر أنهم يحترمون الاتفاق الذي أصبح دستور البلاد، إضافة الى حضور سليمان فرنجية. واقتصر الغياب على حزب الله وعلى ممثلين رسميين عن تيار المستقبل، إذ اعتذرت النائبة بهية الحريري عن عدم الحضور، لأسباب خاصة. وأكد السفير السعودي لدى بيروت، وليد البخاري، أن اتفاق الطائف هو مطلب دولي لا تراجع عنه، كاشفاً أن مسؤولين فرنسيين أكدوا نقلاً عن الرئيس إيمانويل ماكرون «أنّه ليست هناك أيّ نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف». وأشار الى أن المملكة تعوّل على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى إلى العيش باستقرار، نحن في أمسّ الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته». ورأى أن المؤتمر «يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره، والمحافظة على الميثاق الوطني». ويمكن قراءة كلمة البخاري على أنها استمرار للاهتمام السعودي بالملف اللبناني، وأن المملكة ستكون شريكة في صياغة أي تسوية سياسية أو رئاسية سيعمل اللبنانيون على إنجازها في المرحلة المقبلة لتجاوز الفراغ، خاصة أن مجمل الكلمات في المؤتمر شددت على ضرورة انتخاب رئيس جديد وعدم الاستمرار في الفراغ، لأن هذا الفراغ هو بيئة حاضنة لضرب الاتفاق ومضامينه. وتقول مصادر متابعة إن الحركة السعودية لن تقف عند حدود تنظيم المؤتمر، بل سيكون لها مندرجات ذات فعالية أكبر في المرحلة المقبلة، بينما تعتبر مصادر لبنانية أنه لا حلّ للعقدة الرئاسية في الأفق القريب، وسط الانقسام الذي لا يزال قائماً، خصوصاً مع تسريبات من قبل حزب الله حول تبنّي ترشيح سليمان فرنجية، مع محاولات مستمرة لإقناع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بتبنّي ترشيح رئيس تيار المردة، وهو الأمر الذي يرفضه باسيل بشكل قاطع، وهذ ما يوسّع التباين بين الحزب و«التيار»، الذي قد يظهر أكثر في الجلسة المقررة الخميس لانتخاب رئيس، خصوصاً إذا قرر التيار الوطني الحرّ أن يصوّت باسم لانتخاب الرئيس، وأن يتخلى عن الورقة البيضاء.

أزمة صامتة تتمدّد مع المغرب... «كبتاغون» ومسيَّرات؟

منتدى حاشِد في لبنان بالذكرى 33 لإبرامه... الطائف أولاً

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- السعودية توجّه رسالة لا لبس فيها إلى أنها «لم تتخلّ» عن لبنان

- فرنجية يلبّي «دعوة الطائف»... وجنبلاط لا يقبل به رئيساً

- الشغب في استوديو مارسيل غانم... أول غيث التلويح بالفوضى؟

تَشابَكَتْ الرمزياتُ والرسائل في المؤتمر الوطني الذي أقيم أمس، في الذكرى 33 لإبرام اتفاق الطائف بدعوة من السفير السعودي في بيروت وليد بخاري، في الوقت الذي تقف «جمهورية الطائف» أمام منعطفٍ خطر في ضوء «الأعطال المدبَّرة» أو التي تَنْفَذ من ثغر دستورية والتي يُراد أن تجعل النظامَ السياسي... ولّاد أزمات. وأي مفارقةٍ أن تكون الذكرى 33 لاتفاق الطائف الذي بدأت «الخطوات الأولى» في اتجاه بلوغه بعد الفراغ في سدة الرئاسة الأولى العام 1988 عقب انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل (وتسلُّم قائد الجيش آنذك العماد ميشال عون رئاسة حكومة عسكرية انتقالية) مع اللجنة السداسية العربية التي ترأسها سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد (وكان آنذاك وزيراً للخارجية)، فيما لبنان يعيش حالياً مع انقضاء عهد الرئيس ميشال عون، ثالث شغور رئاسي على التوالي (منذ 2007) في الجمهورية الثانية التي عَرفتْ:

* نسخةً سوريّة» من اتفاق الطائف (بين 1990 و2005) كانت معها دمشق الناظم الأمني والسياسي للواقع اللبناني وتناقضاته السياسية والطائفية والمذهبية.

* و«الطبعة الثانية» التي حَكَمَتْها موازين القوى وصراعٌ داخلي بامتداداتٍ إقليمية خيض بأدوات «غير متناسبة»، من «حزب الله» الذي استخدم «قواعد اشتباك» من طبيعة «حربية» فيما انتظم خصومه مما كان يُعرف بائتلاف قوى 14 مارس خلف معادلة «التوازن السياسي» مع السلاح بقوة الإمساك بـ «الختْم الشرعي» في البرلمان، قبل أن يُفْضي الإفراط في «الواقعية السياسية» تحت ضغط الضربات المتتالية من الحزب بـ «القوة الناعمة» أو بـ «أنيابه» المتعددة، إلى فرْط هذا الاتئلاف وتَبَعْثُره.

وعلى وقع المخاوف التي عزّزتْها محاولاتٌ لإرساء طاولة حوار أو أكثر في الخارج لبحث الأزمة اللبنانية وأثارت «نقزةً» من نيات مبيتة للانقضاض على اتفاق الطائف وتوازناته عبر «مؤتمر تأسيسي» أو ما شاكل وذلك تتويجاً لمسارٍ مُنْتَظِم من «تعديلاتٍ جينية» جرى دسّها في ممارسة السلطة في العقد الأخير وصولاً إلى عهد عون، جاء «منتدى الطائف» والمشاركة اللبنانية الحاشدة والجامعة فيه ليعاود تثبيت هذا الاتفاق ودستوره بصفته «الوعاء» الوحيد القادر حالياً على تشكيل «منصة خلاص» للبنان من الانهيار الشامل الذي يعيشه والذي لم يعرف مثله في تاريخه، بعدما كان «الطائف» شكّل «الحمّالة» التي نُقلت «بلاد الأرز» على متنها من حرب الـ 15 عاماً إلى رِحاب سلام... لم يكتمل. ولم يكن عابراً في «مؤتمر الطائف» البيروتي (في قصر الاونيسكو) الذي أطلتّ السعودية من خلاله كـ «خيمةٍ» وراعية للوحدة الوطنية ومرتكزاتها القائمة على «قوة التوازن» وليس «ميزان القوى» ووجّهت رسالة لا لبس فيها إلى أنها «لم تتخلّ» عن لبنان، أن يحضر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورؤساء أحزاب وممثلون لرئيس البرلمان نبيه بري ولـ«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس السابق ميشال عون) وللبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان ورؤساء طوائف آخرون وحشد من الشخصيات. وفي حين عَكس حضور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا ودعوتها إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان» استمرار الغطاء الأممي لدستور الطائف، وسط توقُّف أوساط سياسية عند غياب النائبة السابقة بهية الحريري كما الرئيس السابق للبرلمان حسين الحسيني الذي يُعتبر «عرّاب الطائف» و«أمين صندوقة أسراره» ومداولاته، فإن حضور رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية المطروح بقوةٍ في السِباق الرئاسي وإن من دون ترشيح معلَن، شكّل مفاجأةً قيست في «الميزان الرئاسي» وتحديداً من زاوية عدم وجود «فيتو» حاسِم خارجي عليه، فاعتُبرت إطلالته من «بوابة الطائف» في مرحلة الشغور بمثابة استظلالٍ لهذا الاتفاق لإعلان أنه يمكن أن «يشْبك» مع تقاطعاتٍ ترتكز على وثيقة الوفاق الوطني كعامل جمْع داخلي ووصْلٍ مع الخارج. وإذ قال فرنجية على هامش المنتدى رداً على سؤال حول اذا كان اهتمامه بالطائف بداية مشوار لرئاسة الجمهورية «كل عمرنا يهمّنا الطائف ونحن جزء منه ولم نأت من أجل الرئاسة بل دُعينا ولبّينا الدعوة»، معلناً: «حلفائي ليسوا ضد الطائف ولذا حضوري لن يؤثر على علاقتي معهم»، كان بارزاً أن رئيس«الحزب التقدمي الاشتراكي»وليد جنبلاط الذي حضر ايضاً المؤتمر كان جازماً بتأكيده«لا أقبل بسليمان فرنجية رئيساً ومرشحنا حتى الآن هو ميشال معوض». وكان المؤتمر الذي شارك فيه الديبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، الذي كان المبعوث الخاص للجنة الثلاثية برئاسة الملك فهد بن عبدالعزيز وملك المغرب الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد، شهد إعلان بخاري أنّ فرنسا أكدت للسعودية أنّه «لن يكون هناك أيّ نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف»، لافتاً إلى «أن مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني». وقال:«نعوّل على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار (...) ونحن بأمسّ الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته». من جهته، أثار جنبلاط في كلمته مسألة عدم تطبيق بند إنشاء مجلس الشيوخ الوارد في الطائف، معتبراً أنّه «قبل البحث في تعديل الطائف علينا تطبيقه أولاً للوصول إلى إلغاء الطائفية السياسية»، مؤكداً في موضوع رئاسة الجمهورية «ان المعركة الكبرى ليست الآن في صلاحيّات الرئاسة الواضحة دستورياً وسياسياً بل في انتخاب الرئيس ولاحقاً تشكيل حكومة ذات صدقية تطلق الإصلاحات المطلوبة للبدء بالانقاذ الاقتصادي والمالي». وكان ميقاتي شدد قبيل المؤتمر على أهميّة اتفاق الطائف باعتباره ركيزة أساسيّة لإنهاء الحرب الأهلية قبل نحو 30 عاماً، وقال: «هذا اليوم رمزيته مهمة جداً والمؤتمر ينفي أن السعودية تركت لبنان، والحضور الكبير يشيرُ إلى تثبيت مضامين الطائف الذي لايزال الاتفاق الأصلح لتطبيقه». وأضاف: «نحرص في الحكومة على القيام بواجباتنا ولأن الدستور والقوانين تنصّ على القيام بتصريف الأعمال سنقوم بها وإلا سنُحاكم، ولا أعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطنيّ». وجاء هذا المؤتمر الحاشد عشية دخول البلاد الأسبوع الثاني من الشغور الرئاسي، وسط عدم تعويل على جلسة الـ«لا انتخاب» الخامسة التي دعا إليها بري يوم الخميس، وتَعاظُم الخشية من انزلاق البلاد إلى فوضى شاملة قد «تخرج عن السيطرة» في الوقت الذي تتصاعد المخاوف من تشظّي مظلة الدعم التي تحاول بيروت استعادتها للواقع اللبناني درءاً لـ«عواصف الفراغ» كما سعياً وراء «طريق مختصر» يوصل «التايتنيك» اللبنانية إلى برّ الأمان. وإذ كانت الغيوم القاتمة تزداد في سماء العلاقة بين لبنان والمغرب الذي أعلن إحباطَ عملية تهريب دولية لأكثر من مليوني حبة من مخدر «الكبتاغون» كانت على متن باخرة آتية من لبنان ومتجهة صوب ميناء في غرب افريقيا، وذلك على وقع اتهام الرباط قبل أيام (عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة) إيران و«حزب الله» بالتوغل في منطقة شمال أفريقيا وتدريب وتجهيز «جبهة البوليساريو» في تندوف (الجزائر) بطائرات مسيَّرة، توقفت أوساط سياسية عند كلام مُساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف التي قالت إن «الوضع في لبنان قد يزدادُ سوءاً مع فراغٍ غير مسبوقٍ في السلطة». وعبّرت الأوساط عن قلق بالغٍ من أن يكون «أول غيث» ما «يكمن» للبنان في مرحلة الشغور أطلّ عبر «الفوضى المنظّمة» التي استهدفت استديو برنامج «صار الوقت» الحواري السياسي الذي يقدّمه الإعلامي مارسيل غانم على شاشة محطة «ام تي في» وتمدّد إلى خارجه ليل الخميس، وتخللته مظاهر مسلحة وإطلاق نار وسقوط عدد من الجرحى. وبمعزل عن ملابسات الإشكال الذي بدأ بين جمهور «التيار الوطني الحر» الذي أتى لـ «دعْم» النائب شربل مارون، الذي كان ضيفاً على البرنامج، وبين عدد من المنتمين إلى أحزاب أخرى قبل أن يتدخل عناصر الأمن المولجون حماية المحطة وتنفجر الأمور في محيطها، فإن مَظاهر الشغب التي سادت «على الهواء» وكادت تتطور لِما هو أخطر لولا تدخل الجيش وتطويق الإشكال الذي أَنْذر باقتحامِ المحطة. وفيما اتهم «التيار» بعض الجمهور وعناصر أمن المحطة «بالاعتداء على الطلبة بعد اقتيادهم إلى الخارج وأطلقوا النار»، قال مارسيل غانم في أحاديث صحافية «إنّ ما حصل أتى نتيجة تحضير مسبق للإشكال قبل انطلاق الحلقة، سواء من خلال رسائل التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو التواجد بكثرة في محيط الاستوديو»، كاشفاً أنه«عندما استشعر خطورة ما يتم التحضير له أعاد تنبيه ضيفه النائب مارون إلى ضرورة الالتزام بما جرى الاتفاق عليه مسبقاً لناحية عدم جواز تواجد هذا العدد الكبير من الحرس القديم، ووجوب العمل على ضبط أي تحركات مشبوهة من قبلهم، لكن سرعان ما تم افتعال المشكل وتسارعت الأمور لتتحول من شتائم إلى تضارب داخل الاستوديو ثم إلى شغب وتكسير وتخريب في الخارج». واعتبر غانم أنّ رئيس التيار جبران باسيل «وجد الوقت مناسباً من أجل الإعلان عن الميليشيا المسلحة خاصته من خلال برنامج تلفزيوني هو الأكثر مشاهدة، محاولاً بذلك شدّ عصب مجموعته المتوجسة من المحاسبة مع انتهاء العهد، عبر إبراز قوته المسلحة على الأرض وأمام الناس، وإيصال رسائل ترهيبيّة تتوعد جميع الذين يطالبون بمساءلة التيار الوطني ومحاسبته»، مؤكداً«لم يتم الاعتداء عليّ وعندي سواعد كفاية لادافع عن حالي».

في الذكرى الـ33 لتوقيع «اتفاق الطائف»... إصرار واسع على التمسك به

دعوات لاستكمال تنفيذه... وبخاري يقول إنه يعكس اهتمام السعودية بأمن لبنان ووحدته

بيروت: «الشرق الأوسط».. كرس «المؤتمر الوطني» الذي دعت إليه السفارة السعودية في لبنان في الذكرى الـ33 لتوقيع «اتفاق الطائف» في قصر الأونيسكو أمس، الإجماع اللبناني على التمسك بالوثيقة التي أقرت في عام 1989، وأعاد تثبيت صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته، وضاعف المطالبة باستكمال تنفيذ بنوده، في ظل الأزمات السياسية التي تعاني منها البلاد. ولم تغب الاستحقاقات السياسية الداهمة عن المناسبة، في ظل شغور في موقع رئاسة الجمهورية، تلا عجزاً عن تأليف حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، ولاقت تلك الاستحقاقات دعوات لحلها بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وانطلقت أعمال «المؤتمر الوطني» الذي دعت إليه السفارة السعودية لدى لبنان في الذكرى الـ33 لتوقيع اتفاق الطائف صباح أمس السبت في «قصر الأونيسكو» في بيروت، بمشاركة سياسية ودبلوماسية ودينية واسعة، أكد خلالها سفير المملكة لدى لبنان وليد بخاري أن «مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني». وقال السفير بخاري: «نعول على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار»، وأضاف «نحن بأمس الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته». وأشار إلى أن «فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف». وشدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أن «اتفاق الطائف يكتسب أهمية قصوى باعتباره ركيزة أساسية لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان قبل نحو 30 عاما، وأن المملكة العربية السعودية لم تترك لبنان وهي إلى جانبه». وقال في تصريحات صحافية لدى حضوره المؤتمر: «هذا اليوم رمزيته مهمة جدا، والمؤتمر المنعقد يؤكد مجددا أن المملكة العربية السعودية لم تترك لبنان، والحضور الكبير هنا يشير إلى تثبيت مضامين اتفاق الطائف الذي لا يزال الاتفاق الأصلح للبنان». وقال ردا على سؤال: «نحرص في الحكومة على القيام بواجباتنا، ولأن الدستور والقوانين تنص على القيام بتصريف الأعمال سنقوم بها بكل أمانة ومسؤولية وحس وطني، ولا أعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطني». وشدد السياسي والدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي الذي كان مشاركاً في صياغة وثيقة الاتفاق الوطني في عام 1989، على أن «أول هدف لاتفاق الطائف هو إنهاء الحرب في لبنان»، متوجها بالتحية «لكل من أسهم في إتمام هذا الاتفاق قبل 33 عاما». وتحدث عن «أهمية اتفاق الطائف الذي يساهم في صون لبنان بعد الحرب التي عصفت به»، لافتا إلى أن «وثيقة الوفاق الوطني جاءت بمساع سعودية وعربية، وبإجماع لبناني على إرساء السِّلم». من جهته، شدد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة من «الأونيسكو» على أن «الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من التجربة تفيد بأن لبنان يقوم على قوة التوازن المستدام، الذي يحقق الاستقرار». وقال: «لا حل طائفيا أو فئويا، بل هناك حل واحد فلبنان يقوم بالجميع أو لا يقوم، ويكون للجميع أو لا يكون». وأكد السنيورة أن «حُسن النيات هو المبدأ الذي يجب أن تبدأ به أي مبادرة أو حل، والأهم اليوم الوصول إلى رئيس للجمهورية يؤمن باتفاق الطائف، ويرعى العودة إليه، ويسعى إلى تثبيته، والالتفات إلى الممارسة الصحيحة لتطبيقه». من جانبه، شدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على أنه «قبل البحث في تعديل (الطائف) وحوار هنا وهناك، يجب تطبيقه وصولاً إلى إلغاء الطائفية السياسية، التي هي كما ورد في الطائف». وسأل جنبلاط: «من قال إننا نخاف أو نهرب من إلغاء الطائفية السياسية، المطلب التاريخي لكمال جنبلاط والحركة الوطنية اللبنانية على مدى عقود؟ من قال إنني وريث كمال جنبلاط معارض لإلغاء الطائفية السياسية؟ لكن تفضلوا شكلوا هذه اللجنة، وصولاً إلى أن نحدث التغيير النوعي والكمي على الطائف في لبنان». وأكد ضرورة السير بـ«الإصلاحات الأخرى التي وردت في (الطائف)»، مضيفاً «لم تُطبق كاللامركزية الإدارية وغيرها، ولا مانع من أن تُناقش بهدوء بعيداً عن التوترات الطائفية الآنية التي تهدف لحرف المسار عن انتخاب الرئيس». وقال جنبلاط: «المعركة الكبرى ليست الآن في صلاحيات الرئاسة الواضحة دستورياً وسياسياً، المشكلة في انتخاب الرئيس ولاحقاً تشكيل حكومة ذات مصداقية تطلق الإصلاحات المطلوبة للبدء بالإنقاذ الاقتصادي والمالي. لكن لا معنى لكل هذا اليوم إذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية». وأكد المطران بولس مطر، الذي مثل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، خلال مداخلة له في المؤتمر أن «المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان إخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها». ورأى مطر أن «عودتنا إلى الطائف فرصة للبنان، فالنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألا يتوقف»، مشددا على أن «الحوار واجب علينا بمحبة وأخوة». ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان». وأشارت إلى أن «الاتفاق وضع نظاما سياسيا جديدا يلبي طموحات اللبنانيين من خلال تبني الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني». وعلى هامش المؤتمر، أكد رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في دردشة مع الصحافيين قائلا: «إننا طوال عمرنا كنا مع الطائف، ولم نكن يوماً خارج الطائف ونحن جزء منه». وقال: «نحن لبينا الدعوة، ولم نأت من أجل الرئاسة، ولا من أجل أي أمر آخر، ونحن دُعينا إلى مناسبة وطنية». وأكد أن حلفاءه مثله يؤيدون اتفاق الطائف.

الجلسة الثانية

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني في مداخلة في الجلسة الثانية للمؤتمر: «إذا نظرنا إلى الأهداف التي وضعت على أساسها وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والأعمدة التي قامت عليها من نهائية الكيان اللبناني أرضاً وهوية وشعباً وبسط سيادة الدولة على كافة أراضيها، والتي كرست في الدستور برعاية المملكة العربية السعودية وبضمانات دولية ومن الأمم المتحدة، وإذا نظرنا إلى الممارسة وتطبيق الدستور اللبناني، فلا شك أن دستورنا صالح وتطبيقه هو الأساس رغم النيات التي رافقت ذلك من قوى داخلية أو خارجية أو قوى متحكمة بالوضع في لبنان». وقال حاصباني: «خلال مراحل مختلفة كان هناك خلل وتأخير في التطبيق، وهذا لا يعني أن الدستور ليس مناسبا، ولا شيء مثالياً في الوقت عينه، ولكن فلتطبق الوثيقة أولا وبناء عليه يمكن إجراء نقاش بشأنها»، وأضاف «شبه مستحيل أن يتم تحديد ثغرات أو إشكاليات أي نص ما لم يتم تطبيقه بنيات حسنة وبأفضل الطرق وبشكل كامل من قبل كل الأطراف التي وضعته». وشدد حاصباني على أنه «من المهم أن نبقى في إطار الوفاق الوطني الذي حصل وترجم دستوراً. نحن اليوم أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق هذا الدستور كجمهورية ديمقراطية برلمانية». وقال: «فليتخذ مجلس النواب الخطوات اللازمة لتطبيقه». من جهته، رأى النائب والوزير السابق بطرس حرب من الأونيسكو، أنه «من السهل اليوم انتقاد الطائف، ولكن لم يكن سهلا ما كان يُعانيه يومها لبنان من قتل وقصف». بدوره، اعتبر النائب والوزير السابق إدمون رزق من «الأونيسكو»، أن «ما نشهده أن جوهر الاتفاق شراكة حضارية في نظام حر». ولفت إلى أن «لا إكراه في الوطنية كما في الدين». ودعا النائب والوزير السابق طلال المرعبي إلى «إنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية لا العمل بالترويكا». وشكر «السعودية التي ترعى اتفاق الطائف ولبنان من دون مقابل، وتسعى فقط إلى فرض الاستقرار».

تأكيد دبلوماسي وسياسي وديني على ضرورة تطبيق «الطائف» والالتزام به

المنسقة الخاصة للأمم المتحدة: الاتفاق وضع نظاماً سياسياً يلبي طموحات اللبنانيين

بيروت: «الشرق الأوسط».. شدد سياسيون ودبلوماسيون وشخصيات دينية في بيروت على ضرورة تطبيق اتفاق الطائف، والالتزام ببنوده كونه «وضع نظاماً سياسياً يلبي طموحات اللبنانيين»، وذلك ضمن المشاركات في المؤتمر الوطني الذي دعت إليه سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان في الذكرى الـ33 لتوقيع الاتفاق. وشاركت شخصيات دينية وسياسية ودبلوماسية في المؤتمر الوطني الذي افتتحه سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري، في «قصر الأونيسكو» في بيروت صباح السبت، حيث شدد على أن «مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني». وقال بخاري، «نعول على حكمة القادة اللبنانيين وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار»، مشدداً على «أننا بأمس الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته». وأكد المطران بولس مطر، خلال مداخلة له في المؤتمر، أن «المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان أخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها». ورأى مطر أن «عودتنا إلى (الطائف) فرصة للبنان، فالنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألا يتوقف»، مشدداً على أن «الحوار واجب علينا بمحبة وأخوة». ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان». وأشارت إلى أن «الاتفاق وضع نظاماً سياسياً جديداً يلبي طموحات اللبنانيين من خلال تبني الإصلاحات وتنفيذها، وتأسيس الانتماء الوطني». وقال نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني، في مداخلة في الجلسة الثانية للمؤتمر، «إذا نظرنا إلى الأهداف التي وضعت على أساسها وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والأعمدة التي قامت عليها من نهائية الكيان اللبناني أرضاً وهوية وشعباً، وبسط سيادة الدولة على كافة أراضيها، التي كرست في الدستور برعاية المملكة العربية السعودية، وبضمانات دولية ومن الأمم المتحدة، وإذا نظرنا إلى الممارسة وتطبيق الدستور اللبناني، فلا شك أن دستورنا صالح، وتطبيقه هو الأساس، رغم النيات التي رافقت ذلك من قوى داخلية أو خارجية أو قوى متحكمة بالوضع في لبنان». وقال حاصباني، «خلال مراحل مختلفة كان هناك خلل وتأخير في التطبيق، وهذا لا يعني أن الدستور ليس مناسباً، ولا شيء مثالياً في الوقت عينه، ولكن فلتطبق الوثيقة أولاً، وبناءً عليه يمكن إجراء نقاش بشأنها». وأضاف: «شبه مستحيل أن يتم تحديد ثغرات أو إشكاليات أي نص ما لم يتم تطبيقه بنيات حسنة وبأفضل الطرق وبشكل كامل من قبل كل الأطراف التي وضعته». وشدد حاصباني على أنه «من المهم أن نبقى في إطار الوفاق الوطني الذي حصل وترجم دستوراً. نحن اليوم أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق هذا الدستور كجمهورية ديمقراطية برلمانية». وقال: «فليتخذ مجلس النواب الخطوات اللازمة لتطبيقه». من جهته، رأى النائب والوزير السابق بطرس حرب من «الأونيسكو»، أنه «من السهل اليوم انتقاد (الطائف)، ولكن لم يكن سهلاً ما كان يُعانيه يومها لبنان من قتل وقصف». بدوره، اعتبر النائب والوزير السابق أدمون رزق، من «الأونيسكو»، أن «ما نشهده أن جوهر الاتفاق شراكة حضارية في نظام حر». ولفت إلى أن «لا إكراه في الوطنية كما في الدين». ودعا النائب والوزير السابق طلال المرعبي، من «الأونيسكو»، إلى «إنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية لا العمل بالترويكا». وشكر «السعودية التي ترعى اتفاق الطائف ولبنان من دون مقابل، وتسعى فقط إلى فرض الاستقرار».

«الطائف»... دستور لبناني طُبق انتقائياً

الشرق الاوسط... بيروت: بولا أسطيح... في عام 1989 وبعد 15 عاماً من حرب أهلية طاحنة في لبنان، شهدت مدينة الطائف السعودية على تفاهم لبناني - عربي - دولي أدى لتعديل النظام اللبناني وولادة وثيقة «الوفاق الوطني»، أو ما بات يُعرف بـ«اتفاق الطائف»، الذي أعلن قيام الجمهورية الثانية. هذا الاتفاق شكل نقطة تحول في تاريخ لبنان الحديث، وقد تكوّن من 4 مواد رئيسية، هي: المبادئ العامة والإصلاحات، وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، وتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي والعلاقات اللبنانية - السورية. وفيما تم اعتبار لبنان «عربي الهوية والانتماء»، تم التأكيد على أنه «جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل». وحددت وثيقة «الوفاق الوطني» صلاحيات جديدة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فبعد أن كان الأول يمسك في دستور لبنان الذي وضع عام 1926 بصلاحياتٍ شبه كاملة السلطة الإجرائية، أو ما يعرف بالتنفيذية ويعاونه الوزراء، انتقلت هذه السلطة إلى يد مجلس الوزراء مجتمعاً. وطبق اتفاق «الطائف» في السنوات الـ33 الماضية انتقائياً، فتم التغاضي عن مجموعة من الإصلاحات الأساسية التي لحظها، ما جعل النظام مكبلاً ويعطل نفسه عند الاستحقاقات الأساسية. وأبرز هذه الإصلاحات التي بقيت حبراً على ورق، إلغاء الطائفية السياسية التي تعد أبرز علل النظام القائم حالياً. إذ نصت الوثيقة على أن «إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية» يضعها مجلس النواب، كما هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، على أن يتم في مرحلة انتقالية إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة والمصالح المستقلة، وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى، وإلغاء ذكر الطائفة والمذهب في بطاقة الهوية. كذلك لم يطبق البند الداعي لاعتماد اللامركزية الإدارية وخطة إنمائية موحدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحدة والاتحادات البلدية بالإمكانات المالية اللازمة. وبحسب رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، فإنه ومن خلال «اتفاق الطائف»، حصل المسيحيون «وللمرة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر على مطلبهم التاريخي ألا وهو نهائية الكيان اللبناني خطياً، كما حصل المسلمون على مطلبهم التاريخي بعروبة لبنان وانتمائه للعالم العربي»، معتبراً أن «هذا العقد الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين يتجاوز موضوع المناصفة والمثالثة باعتباره أنهى 70 سنة من التقاتل بين فريق يتهم الآخر بأن لبنانيته ناقصة وفريق يتهم الأول بأن عروبته ناقصة». أما جوزيف باحوط الباحث في برنامج «كارنيغي» للشرق الأوسط، فأشار في دراسة له إلى أن النظام السياسي اللبناني يقوم على التقسيم الطائفي للسلطات الدستورية والمناصب الإدارية، بحيث يضمن تمثيل فئات معينة في حين يسهم أيضاً في شلل عملية صنع القرار. واعتبر أن العيوب التي تكتنف نظام الحكم القائم على أساس طائفي، أدت إلى دخول لبنان في أتون حرب أهلية. وقد عدّل اتفاق الطائف في عام 1989، الذي وضع حدّاً للحرب، هذا النظام. ورأى أنه «على الرغم من العيوب التي تعتري النظام اللبناني الطائفي لتقاسم السلطة، وأنه يتفكّك في نواحٍ كثيرة، فإنه ساعد على بقاء البلد في حالة سلام ويقدّم دروساً قيّمة للمنطقة».

جنبلاط يتذكر رحلة «الطائف» من معركة «سوق الغرب»

اعتذر من الإبراهيمي على «قصف» مقره... وكشف رفض دمشق إعطاء الدروز امتيازات

بيروت: «الشرق الأوسط»... سرد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وقائع تاريخية مهدت لتوقيع وثيقة الوفاق الوطني اللبناني في عام 1989، من معركة «سوق الغرب» الشهيرة ضد قوات الجيش اللبناني الموالية لرئيس الحكومة العسكرية آنذاك ميشال عون، وصولاً إلى توقيع الاتفاق، مروراً برفض النظام السوري إعطاء دروز لبنان أي امتياز قد ينعكس على دروز جبل العرب في سوريا. وفي مداخلته في منتدى الطائف الذي نظمته السفارة السعودية لدى لبنان، في قصر الأونيسكو، بمناسبة الـذكرى الثالثة والثلاثين لإقراره، بدأ جنبلاط مداخلته بالقول، «هذه القاعة تعود بي بالذاكرة 50 عاماً إلى الوراء، حينما كان اليوم الأربعين لكمال جنبلاط، وهنا بدأت بحياتي السياسية». واستذكر جنبلاط المحطات السياسية والعسكرية التي سبقت الوصول إلى اتفاق الطائف، فأشار إلى أنه «سنة 1988، تشكلت اللجنة السداسية العربية، وكان هدفها مساعدة لبنان على انتخابِ رئيس، وخرجت بتوصية أن سوريا كانت وراء عرقلة الحل، هذا كان انطباعنا آنذاك، وفي مارس (آذار) 1989 أطلق ميشال عون (حرب التحرير) المدمرة التي أوصلت البلاد إلى درجة غير مسبوقة من الدمار والضحايا باستثناء القصف الإسرائيلي على بيروت الغربية سنة 1982، فكان القصف والقصف المتبادل طوال أشهر».

- قصف

ولفت جنبلاط إلى أنه «في تلك الأثناء، شُكلت اللجنة الثلاثية العربية العليا، وحينها كان مقر إقامة اللجنة التي كانت تضم الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح (رحمه الله) والأمير سعود الفيصل (رحمه الله) والسيد الأخضر الإبراهيمي في (فندق البستان)، وقد تعرض إلى قصف مدفعي من قبل مدفعية (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وهو الأمر الذي أدنته مع الشيخ صباح والأمير سعود، واليوم أدينه أمامكم وأعتذر، وقد شُكلت اللجنة في قمة الدار البيضاء في 26 مايو (أيار) 1989 لإيجاد مخرج للأزمة اللبنانية في غضون ستة أشهر، وقد ضمت اللجنة الملك السعودي فهد بن عبد العزيز، والرئيس الشاذلي بن جديد، والملك الحسن الثاني. وتم تحميل ميشال عون المسؤولية عن تدهور الوضع، وكان السيد الأخضر الإبراهيمي ممثل الجامعة العربية في هذه اللجنة». وأضاف جنبلاط: «في صيف 1989، قررتُ أنه من الضروري القيام بعملٍ ما لتغيير مسار الأمور للخلاص من هذه المحنة، واستشرت القيادة السورية، بالتحديد العماد حكمت الشهابي (رحمه الله) رئيس أركان الجيش العربي السوري آنذاك، إذ نبهني إلى أن جبهة سوق الغرب محصنة، وفيها أفضل ألوية الجيش اللبناني الموالية لعون. لكنني أصررت على المغامرة. وطلبت من المقدم رجا حرب (شفاه الله) قائد جيش التحرير الشعبي (قوات الشهيد كمال جنبلاط) آنذاك خوض المعركة ومحاولة الاستيلاء على سوق الغرب وعلى تلة 888 الاستراتيجية، فكانت المعركة في 13 أغسطس (آب) 1989 التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي وجيش التحرير الشعبي وحيداً، وفي ذاك النهار المشهور والمشهود، كان نهاراً حافلاً بدوي الراجمات والمدافع والرصاص منذ الخامسة فجراً حتى الرابعة بعد الظهر، موعد وقف إطلاق النار». وتابع قائلاً: «إذ لم يتحقق الهدف العسكري بالاستيلاء على تلة 888 وسوق الغرب، إلا أنه منذ تلك اللحظة، ساد الهدوء الكامل على كل الجبهات كافة، وتوقفت المدافع عن القصف والقصف المضاد على كل المناطق»، معتبراً أن «هذه المعركة برأيي، بشكل أو بآخر، حركت التاريخ، وشهداء جيش التحرير الشعبي فتحوا طريق السلام، طريق (الطائف). وفعلاً، ابتدأت رحلة (الطائف). لقد أثمرت المغامرة».

- مجلس الشيوخ

وأشار جنبلاط إلى أنه «في بنود (الطائف) المتعددة التي لم تُطبق، ورد إنشاء مجلس الشيوخ». وشرح جنبلاط من أين أتت هذه الفكرة. وقال: «ورد هذا المطلب من بين مطالب عديدة أخرى في المذكرة التي رفعتها الهيئة العليا للطائفة الدرزية إلى المسؤولين والرئيس أمين الجميل في مايو (أيار) 1983. كانت الهيئة العليا تضم الأمير مجيد أرسلان، وسماحة شيخ عقل الدروز الشيخ محمد أبو شقرا، والعبد الفقير وليد جنبلاط، حيثُ كان الجبلُ محتلاً من قبل إسرائيل ترافقها بعض الميليشيات اليمينية، وقد قررنا آنذاك وصولاً إلى حلٍ مقبولٍ، بسحب الميليشيات وإرسال الجيش محل القوات الإسرائيلية». وأضاف جنبلاط: «اصطدمنا مع النظام السوري الذي رفض بشكل قاطع مجلس الشيوخ، وكان سبب الرفض حينها أن النظام السوري لم يكن يريد إعطاء دروز لبنان امتيازاً إضافياً قد ينعكس على دروز جبل العرب... إنها الحساسيات التاريخية أو الهوس التاريخي للنظام السوري من تضحيات جبل العرب بدءاً من ثورة الاستقلال السوري سنة 1925 - 1927 إلى الأمس القريب». وقال جنبلاط، «لكن، رغم تعاطف العماد حكمت، الذي تاريخياً لعب دوراً في إنصاف الدروز في سوريا من جبل السماق إلى جبل العرب، وعمل على تصحيح مغالطاتٍ وإساءات بحقهم، أصررنا على مطلب مجلس الشيوخ وساعدنا في هذا المجال الشهيد رفيق الحريري والقيادة السعودية، وعليه وُضع مبدأ مجلس الشيوخ لكنه رُبط بالبند القائل: «مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، يُستحدث مجلسٌ للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية». وسأل جنبلاط، «لماذا مطلب مجلس الشيوخ برئاسة درزي؟»، وأضاف: «في إطار إعادة توزيع الصلاحيات بين الرئاسات، يحق لنا كشريحة عربية إسلامية ومؤسسة في لبنان أن يكون لنا هذا الدور وهذا الموقع. لن نقبل أن نخسر في السلم بمعزل عما ربحنا في الحرب».

تفشٍّ سريع لـ«الكوليرا» في لبنان... والفقر ينذر بكارثة

الإصابة الأولى سُجّلت في مخيم للاجئين السوريين قرب بلدة ببنين الشمالية

بيروت: «الشرق الأوسط».. تزداد يوماً بعد يوم وتيرة الإصابات بـ«الكوليرا» في لبنان نتيجة جملة عوامل كارثية، منها انتشار الفقر وسط شرائح كبيرة من اللبنانيين، وخصوصاً في الأرياف والمناطق النائية. وكالة «الصحافة الفرنسية» نشرت (السبت) تقريراً عن الوباء وضحاياه في منطقة الشمال تحديداً، وجاء فيه: تُدرك مروى خالد تماماً أن المياه الملوثة كانت وراء إصابة ابنها بـ«الكوليرا» وإدخاله المستشفى، لكنها تستمر في استخدامها؛ لأن مياه الشفة غير متوافرة لدى معظم سكان بلدتها الغارقة في الفقر في شمال لبنان، والتي تحوّلت بؤرة لتفشي الوباء. وتتوقع المرأة أن «يصاب الجميع بـ(الكوليرا)» في البلدة، على غرار ابنها البالغ 16 عاماً، الذي لا يزال يخضع للعلاج في مستشفى ميداني أقيم في بلدة ببنين في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومثل كثر من سكان هذه البلدة المكتظة، تشرب مروى (35 عاماً) وأولادها الستة من المياه غير النظيفة، نظراً إلى أن إمكاناتهم لا تتيح لهم شراء قناني المياه المعدنية. وتقول وهي تقف قرب سرير ابنها: «الناس يدركون ذلك، ولكن ما باليد حيلة، فلا خيار آخر لدينا». بدأت حالات «الكوليرا» بالظهور في لبنان في مطلع أكتوبر للمرة الأولى منذ عقود، في ظل انهيار اقتصادي انعكس سلباً على قدرة المرافق العامة على توفير الخدمات الرئيسية، من مياه وكهرباء واستشفاء، مع تداعي البنى التحتية. وحذرت منظمة الصحة العالمية (الاثنين) الماضي، من «انتشار سريع لوباء (الكوليرا) الفتاك في لبنان»، مع بلوغ الإصابات المؤكدة نحو 400 وارتفاع الوفيات الناتجة عنه إلى 18. وتقول رنا عجاج وهي تهتم بابنتيها في المستشفى الميداني، إنها أصيبت مع 4 آخرين من أفراد أسرتها الثمانية بـ«الكوليرا». وتضيف وهي تهتم بابنتها الكبرى البالغة 17 عاماً، والصغرى البالغة 9 أعوام التي أصيبت للمرة الثانية: «حتى بعد أن يُشفى المصابون منا، سنشرب مجدداً من المياه نفسها، وسيتكرر ما حصل، ونمرض مرة أخرى». في الجانب الآخر، خلف ستارة فاصلة، يقبع ابن العاشرة مالك حمد الذي فقد 15 كيلوغراماً منذ إصابته بالمرض قبل أسبوعين، ويجد صعوبة في شرب محلول معالجة الجفاف، في حين تخشى والدته أن يصاب أبناؤها العشرة الآخرون أيضاً. وشهدت ببنين التي تضم عائلاتها عدداً كبيراً من الأفراد وتعيش في حال فقر، أكثر من ربع إجمالي حالات «الكوليرا» في لبنان. ويحضر يومياً نحو 450 شخصاً للمراجعة بالمستشفى الميداني في البلدة الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً من الحدود مع سوريا، وفق ما تفيد مديرته ناهد سعد الدين، فيما يبلغ عدد سكانها نحو 80 ألفاً، ربعهم من اللاجئين السوريين، وفي مخيم الريحانية المخصص لهم قرب البلدة، سُجّلت الإصابة الأولى بعد ظهور حالات في سوريا. وقليلة هي منازل ببنين المتصلة بشبكة مياه الشفة المتداعية، ولا انتظام أصلاً في تغذيتها بسبب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي. ويشير المهندس في «مؤسسة مياه لبنان الشمالي»، طارق حمود، إلى أن عدد المنازل المشتركة في الشبكة لا يتجاوز 500. ويضطر معظم السكان تالياً إلى شراء المياه التي تنقلها صهاريج من آبار تكون أحياناً ملوثة، كما يجتاز البلدة أحد روافد نهر البارد الملوث بـ«الكوليرا»، بحسب مديرة المستشفى الميداني، مما أدى إلى تلويث الآبار وعيون الماء التي درج السكان على الشرب منها. وتشرح سعد الدين، أن «هذه المياه تروي كل الأراضي الزراعية، وتلوث كل الآبار وعيون المياه في ببنين». ويقول جمال السبسبي وهو يشير إلى المياه التي يميل لونها إلى الأسود، وتروي «المزارع والأراضي الزراعية»، إن مياه الصرف الصحي تصب في النهر، وتنتشر فيه حفاضات الأطفال والنفايات، «وكل الأشياء المقرفة». ويسأل مستنكراً: «ماذا تفعل البلدية حيال ذلك؟ إنها نائمة». ويضيف: «لا غرابة في انتشار الأمراض، فهي حتماً ستتفشى في ظل واقع كهذا!». ويظهر «الكوليرا» عادة في مناطق سكنية تعاني شحاً في مياه الشرب، أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي. وغالباً ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال وتقيؤ. ويمكن علاجه بسهولة، لكنه قد يفتك بالمريض خلال ساعات في غياب الرعاية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وسعياً إلى مكافحة انتشار الوباء، بادرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، والصليب الأحمر اللبناني، إلى توزيع مادة الكلور القابلة للذوبان على السكان بغية تعقيم المياه. وتقول صابرة علي (44 عاماً)، وهي ناظرة مدرسة توفي اثنان من أفراد عائلتها جراء «الكوليرا» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «لم أخَف من فيروس (كورونا) بقدر ما أخاف اليوم من (الكوليرا)». وترى مديرة المستشفى الميداني ناهد سعد الدين، أن «البنى التحتية تحتاج إلى تغيير، والآبار والعيون تحتاج إلى معالجة». وتضيف: «نطالب بخطة على المدى الطويل لمعالجة الوضع، وإلا سنرى كوارث أكثر بكثير». 



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..الجيش الروسي في الميزان العسكري.. قائد أميركي يحذّر من تفوق الصين على قدرات بلاده العسكرية..قتال عنيف في خيرسون.. أسباب تدفع روسيا للتمسك بالمدينة الاستراتيجية..تقرير: الأسلحة الإيرانية تدفع إسرائيل ببطء إلى الدفاع عن أوكرانيا..تمويل جماعي لشراء أسلحة بريطانية لأوكرانيا..حظر تجول في خيرسون وبوتين يطلق نداء لسكانها من قلب الساحة الحمراء..مجموعة فاغنر تظهر للعلن لأول مرة في روسيا وتفصح عن أهدافها..ميدفيديف: روسيا تخوض معركة مقدسة ضد الشيطان..الولايات المتحدة تمول تجديد الدبابات والمضادات الجوية الأوكرانية..«السبع» تتوعد موسكو «بالمحاسبة» على «جرائم الحرب» في أوكرانيا..شولتس يدعو شي إلى علاقات تجارية متساوية..عاصفة في البرلمان الفرنسي بسبب كلام عنصري لنائب..واشنطن وسيول تحذران بيونغ يانغ من القيام بهجوم نووي..

التالي

أخبار سوريا..مقتل ستة مدنيين في قصف لقوات النظام شمال غربي سوريا..السويد تتخلى عن دعم أكراد سورية..تقدم لـ«فصائل التسويات» في مواجهات مع مجموعات مسلحة في درعا..سوريا تستقبل دفعة جديدة من النازحين «العائدين طوعاً» من لبنان.. "أورينت" تكشف كواليس اجتماع عينتاب: قادة الفصائل ممنوعون من التواصل ولقاءات قادمة بأنقرة..فضيحة تكشف مساهمة ميليشيا حزب الله بمنح الجنسية اللبنانية لقياديين سوريين..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,693,159

عدد الزوار: 6,908,828

المتواجدون الآن: 101