أخبار لبنان..المفتي قبلان يصدر «تكليفاً شرعياً» ويدعو إلى التصويت لـ«حزب الله» و«أمل»...  السفير السعودي: نرفض ممارسات القوى الظلامية المعطلة لاستقرار لبنان.. «التيار» و«القوات اللبنانية» يرفعان سقف «التراشق الانتخابي»..التوترات الأمنية ترغم لبنانيين قرب الحدود السورية على الاقتراع بعيداً عن بلدتهم.. التعرض لمفتي طرابلس يلقى استنكاراً واسعاً.. سرقة الأملاك العامة للدولة تفاقم أزمات اللبنانيين.. عائلات ابتلعها البحر... بأطفالها وأمهاتها..

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 أيار 2022 - 6:24 ص    عدد الزيارات 1434    القسم محلية

        


المفتي قبلان يصدر «تكليفاً شرعياً» ويدعو إلى التصويت لـ«حزب الله» و«أمل»... 

قال إن الانتخابات «أم المعارك» وحرَّم المقاطعة والورقة البيضاء...

بيروت: «الشرق الأوسط»... أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أمس، ما يمكن اعتباره «التكليف الشرعي» الحاسم حيال الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار)، متوجهاً إلى الناخبين الشيعة بالقول إن «الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى وفريضة دينية»، محرماً في الوقت نفسه مقاطعة الاستحقاق أو الاقتراع بورقة بيضاء. وبينما وصف المعركة الانتخابية بـ«أكبر فرائض الله»، دعا للتصويت لـ«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») وحلفائهما. وجاء كلام قبلان في خطبة عيد الفطر المبارك؛ حيث وصف المعركة الانتخابية بالمصيرية، وتوجه إلى اللبنانيين بعامة والشيعة بخاصة بالقول: «الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى، وفريضة وطنية وأخلاقية ودينية حاسمة، والتردد ممنوع؛ بل حرام، وترك المعركة الانتخابية حرام، والورقة البيضاء حرام؛ لأن البلد والسلطة أمانة الله، إياكم أن تضيعوها، ومن يعتزل المعركة الانتخابية إنما يعتزل أكبر فرائض الله». وبينما قال قبلان إن «الأميركي يخوض مع حلف إقليمي تطبيعي معركة إنهاك لبنان، وحرق الأخضر واليابس، بهدف صهينة لبنان»، اعتبر أن «الحياد جريمة كبرى، والمعركة مصيرية». وأضاف قبلان: «أيها الإخوة المؤمنون، في الخامس عشر من شهر مايو سنخوض أكبر معركة وطنية، والعين على تحرير القرار السياسي، وإنقاذ البلد من التبعيات الخبيثة. والقضية ليست قضية غالبية نيابية متجانسة بقدر ما هي أولويات وأهداف وطنية، والباقي تفاصيل». وتوجه إلى اللبنانيين بكل طوائفهم قائلاً: «نريد أن نعيش معاً بعيداً من عقلية غالب ومغلوب، وبعيداً من نزعة التطويف والتخوين والتخويف والمتاريس النفسية والجمهوريات البغيضة، فالتجربة السياسية بصيغة النظام الطائفي مزقتنا، وفرقتنا، وحولت عائلتنا الوطنية الواحدة إلى دويلات خوف وقلق وحقد وقطيعة، لصالح إقطاع السلطة، وعائلة صفقاتها، وكارتيلاتها المتوحشة». ودعا قبلان للاقتراع لصالح «الثنائي الوطني» (الثنائي الشيعي) قائلاً: «اليوم المعركة ليست معركة تعيينات إدارية وأمنية وحصص؛ بل معركة نظام طائفي يجب دفنه لصالح نظام المواطنة، أما أم المعارك، فتبدأ من تطهير وتحرير القرار السياسي والإداري عبر صناديق الاقتراع. وسنقول نعم كبيرة جداً للائتلاف الوطني الذي يتشكل من الثنائي الوطني وباقي شركائه، والموقف الديني والوطني محسوب بدقة».

السفير السعودي: نرفض ممارسات القوى الظلامية المعطلة لاستقرار لبنان

المصدر | الخليج الجديد+ متابعات... اختتم السفير السعودي لدى لبنان، "وليد بخاري"، الثلاثاء، مسابقة "القرآن الكريم"، في مقر السفارة، مهنئا شعب لبنان والأمة العربية والإسلامية بمناسبة عيد الفطر. وفي كلمة له، قال "بخاري": "كل عام وشعب لبنان والأمة العربية والإسلامية بخير". وأضاف السفير السعودي: "المملكة تعلن وقوفها إلى جانب لبنان، وتؤكد رفضها التام لممارسات القوى الظلامية المعطلة للاستقرار في لبنان". وأكمل "وليد بخاري": "نأمل أن يستعيد لبنان تألقه ودوره الفاعل بين دول المنطقة". وكانت أزمة دبلوماسية اندلعت بين لبنان ودول الخليج بعد نشر مقابلة متلفزة جرى تسجيلها مع "جورج قرداحي" قبل توليه مهام منصبه وزيرا للإعلام في لبنان، اعتبر فيها أن جماعة أنصار الله اليمنية "تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات"، وما فاقم الأزمة أكثر، هو رفض "قرداحي" الاعتذار. وأعلنت بعدها السعودية استدعاء سفيرها لدى بيروت، وإمهال السفير اللبناني في المملكة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولحقت بها في هذا القرار الكويت والبحرين والإمارات، كما أعلنت المملكة، وقف دخول الواردات اللبنانية إلى أراضيها.

«التيار» و«القوات اللبنانية» يرفعان سقف «التراشق الانتخابي»

بيروت: «الشرق الأوسط»... تستمر «الحرب الانتخابية» بين «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» بسلاح الاتهامات والمواقف عالية السقف، في موازاة المعارك التي تخوضها الأحزاب المتنافسة وأحياناً «المتحالفة قسراً» على غرار «التيار» وبعض حلفائه، استعداداً للاستحقاق الانتخابي في 15 مايو (أيار) المقبل. وبعد الهجوم الذي شنه «التيار» و«القوات» كل منهما على الآخر، على خلفية شكوى باسيل ضد «القوات» واتهامها بتجاوز سقف الإنفاق الانتخابي، استمرت المواقف من قبل مسؤولين في الطرفين؛ فدعا رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «حزب القوات اللبنانية»، ريشار قيومجيان، إلى عدم انتخاب «من تلفظه الناس وترفضه المناطق»؛ في إشارة إلى رئيس «التيار» النائب جبران باسيل الذي رفض استقباله أبناء بعض المناطق في الشمال والبقاع. وقال قيومجيان في تغريدة له: «لا تنتخبوا من تلفظه الناس وترفضه المناطق، فيدخل إليها بصفة فتنة متنقلة، خائفاً منبوذاً متكلاً على إرهاب وترهيب (حزب الله) يستجدي منه نائباً بالفرض والقمع»، وتوجه إلى أبناء بعلبك - الهرمل قائلاً: «أهلنا في بعلبك - الهرمل والبقاع الشمالي، واجهوا بصوتكم وانتخبوا (القوات)». ويخوض «حزب القوات» المعركة في دائرة بعلبك - الهرمل بالتحالف مع شخصيات شيعية وسنية معارضة لـ«حزب الله»، وقد تعرض 3 من المرشحين الشيعة في هذه الدائرة للضغوط من قبل «الحزب» أدت إلى انسحابهم من المعركة. في المقابل، انتقد النائب في «التيار» سيمون أبي رميا ما وصفه بـ«النفاق السياسي الذي يمتهنه البعض ليسرق شعارات (التيار) ويحمله مسؤولية الانهيار الاقتصادي»، وسماهم «النيو سياديين». وتوجه إلى «القوات اللبنانية» بالقول: «عن أي كرامة تتكلمون؟ أنتم الذين كنتم ضدنا في معركة تكريس الشراكة الوطنية في القرار عبر قانون انتخابي عادل، هذا القانون الذي حمل لواءه رئيس الجمهورية و(التيار) والذي لولاه لما كنتم في المجلس النيابي اليوم، في حين أنتم من انقلب على الاتفاق وغرر به». وعدّ أبي رميا أن الفراغ الرئاسي قبل وصول الرئيس عون «كان ضرورة لاستعادة كرامة الرئاسة عبر وصول ممثل المسيحيين الأول». وحذر من جهة أخرى «من التطاول على رئيس الجمهورية أو (التيار الوطني الحر)»، مؤكداً أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الحرية والاستقلال الذي دافع عن الشراكة الحقيقية فاستعاد من خلال الممارسة صلاحيات الرئيس القوي التي انتزعها (الطائف) من مقام الرئاسة الأولى». وعلى خط معركة أخرى؛ إنما مع «التيار» وباسيل أيضاً، خرج سجال غير مباشر بين الأخير ونائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، الذي كان ضمن تكتل «التيار» وانسحب منه في وقت لاحق ليعود حالياً ويخوض الانتخابات في لائحة تجمع «الحلفاء الخصوم» في البقاع الغربي وتضم حلفاء «حزب الله»، وبينهم الوزير السابق حسن مراد والفرزلي ومرشح «التيار». وبعدما هاجم باسيل؛ الذي زار البقاع أول من أمس، الفرزلي، من دون أن يسميه، متحدثاً عن وصوليين وناكري جميل، كتب نائب رئيس البرلمان عبر حسابه على «تويتر» بيتَي شعر جاء فيهما:

«يُخاطِبُني السَفيهُ بِكُل قُبح

فَأَكرَه أَن أَكونَ لَه مجيبا

يزيد سَفاهَة فَأَزيدُ حِلماً

كَعود زادَه الإِحراق طيبا».

وكان باسيل قال في كلمة له من البقاع الغربي: «الوصوليون والجاحدون وناكرو الجميل أصبحوا يبررون فشلهم تجاه الناس بالهجوم على (التيار) وبتشويه صورة مرشح (التيار) شربل مارون وبتحميله مسؤولية فشلهم بالكهرباء وبالإنماء ومواقفهم المتقلبة وشخصيتهم المتلونة ونفسيتهم الخبيثة». وأضاف: «هناك أشخاص أخذوا فرصة بالتشريع وبالتنفيذ وتأمن لهم الدعم لأعلى الألقاب، فلم يتركوا بالتشريع بصمة ولا حتى بالإنماء، فهذا الصنف من الناس معروف ومكشوف، تاريخهم يفضحهم، والطبع عندهم أقوى من التطبع».

التوترات الأمنية ترغم لبنانيين قرب الحدود السورية على الاقتراع بعيداً عن بلدتهم

بعلبك (شرق لبنان): «الشرق الأوسط»... تمثل بلدة الطفيل اللبنانية الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، حالة فريدة بين القرى والبلدات اللبنانية التي ستستضيف مقترعين في الانتخابات النيابية المقبلة، بالنظر إلى أن مراكز اقتراع البلدة، ستنقل إلى قرية أخرى بسبب التوتر بين سكانها ومسلحين ينتقلون من الأراضي السورية إليها. وتقع البلدة في إحدى قمم سلسلة جبال لبنان الشرقية في القلمون على الحدود السورية. ولم يكن هناك طريق إليها إلى الداخل اللبناني، إلا عبر الأراضي السورية. وتتغذى البلدة من الكهرباء السورية، وكان سكانها يتلقون التعليم والعلاج في المدارس والمستشفيات السورية. في العام 2018 وبعد خروج المجموعات المتطرفة منها، أعيد تأهيل طرقات إليها، قبل أن يدخل عامل آخر على وضع البلدة التي يسكنها أكثر من ألف شخص، إذ باتت عُرضة لهجمات مسلحة من الجانب السوري على خلفية نزاع عقاري بين شركة اشترت قسماً منها، وسكان يشغلون الأراضي الزراعية. ولطالما امتاز الاقتراع في البلدة بالمشقة والصعوبة. ففي الانتخابات التي سبقت العام 2018 كانت القوى الأمنية اللبنانية وعناصر الجيش تتولى نقل صناديق الاقتراع ورؤساء الأقلام ولوازم العملية الانتخابية والموظفين بثلاث طائرات مروحية تابعة للقوات الجوية اللبنانية. وكانت تلك المروحيات تتحرك صباحا قبل فتح أقلام الاقتراع لتعود بعد إقفالها إلى مطار رياق العسكري في البقاع، ومنها تنقل النتائج والموظفين والصناديق إلى قصر العدل في بعلبك لتتم بعدها عمليات فرز الأصوات وإصدار النتائج. في العام 2018، طلب أهالي البلدة من وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق نقل صناديق اقتراع الطفيل إلى بلدة معربون، وأحضر الناخبون من الأراضي السورية من بلدة عسال الورد شمال الطفيل، بواسطة حافلات للنقل قبل انتقال صناديق الاقتراع إلى معربون للاقتراع، وذلك نتيجة الأوضاع الأمنية. واليوم، يناشد أهالي بلدة الطفيل وزير الداخلية بسام مولوي إبقاء أقلام البلدة في بلدة معربون، تلافيا للاحتكاك والتأثير على الناخبين بسبب نزاع دفع معظم الناخبين للإقامة في بلدات في العمق اللبناني مثل سعد نايل وطرابلس وغيرهما، ما ينبئ بنسبة تصويت خجولة تقل عن سابقاتها نتيجة تكاليف بدل الانتقال إلى بلدة معربون التي تبعد 35 كيلومترا عن بعلبك و55 عن سعد نايل. وتبدو نسبة التصويت هاجساً للسكان. ففي انتخابات العام 2018، وبعد نقل صناديق الاقتراع إلى معربون، تدنت نسبة التصويت نتيجة مشقة مسافة الطريق، حيث سجل اقتراع 250 من الناخبين في هذه الأقلام، علما بأن هناك 930 صوتاً في الطفيل. وانتقل السكان في انتخابات العام 2018 بواسطة حافلات سورية صغيرة من سوريا إلى بلدة معربون التي تبعد مسافة 24 كيلومتراً عبر عسال الورد في ريف دمشق إلى دمشق فالزبداني وسرغايا السورية باتجاه معربون عبر ساتر ترابي غير شرعي ليعودوا بعد عملية الاقتراع إلى عسال الورد بنفس الطريقة. ومنعاً لتجاوز عقبتي تدني نسبة الاقتراع، ومشقة العبور إلى الصناديق، طرح موضوع استحداث مراكز اقتراع أخرى على السلطات اللبنانية. لكن محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر قال خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في مركز المحافظة بحضور رؤساء الأجهزة الأمنية والقضاة، «إننا تلقينا طلبات لاستحداث مراكز جديدة لأقلام الاقتراع، لكن لا مجال لاستحداث أي مركز جديد، ذلك أن زيادة أو نقل أي مركز يحتاج إلى زيادة في العناصر الأمنية»، وقال إنه «بعد الكشف رأينا أن هناك استحالة، والوقت لم يعد كافياً». وخلال السنوات الماضية، اتسعت دائرة الهجرة الداخلية والحدودية من بلدة الطفيل إلى الداخل السوري والداخل اللبناني، وانخفض عدد المقيمين في البلدة ما انعكس انخفاضا في نسبة التصويت. ومعظم سكان الطفيل فلاحون يعملون في الزراعة. وهجرها 70 في المائة من السكان. وتقول مصادر في البلدة إن عائلات اتجهت إلى عسال الورد السورية، وآخرين (أي المسيحيين) انتقلوا إلى صيدنايا، فيما انتقل آخرون إلى سعد نايل في البقاع وطرابلس في الشمال، وضواحي مدينة بعلبك في الشرق.

لبنان: التعرض لمفتي طرابلس يلقى استنكاراً واسعاً

بعد مهاجمة سيدة له خلال توجهه لأداء صلاة العيد

بيروت: «الشرق الأوسط»... لاقى التعرض للقائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام خلال تأديته صلاة عيد الفطر المبارك، استنكاراً وتضامناً طرابلسياً واسعاً. وكان الشيخ إمام قد تعرض للإهانة من قبل سيدة خلال توجهه للصلاة في الجامع في طرابلس صباح يوم العيد، مستنكرة قدومه للصلاة: «وأولادنا في قاع البحر»، في إشارة إلى المهاجرين الذين لا يزالون في البحر منذ نحو أسبوع إثر غرق الزورق الذي كانوا يستقلونه للهجرة بشكل غير شرعي. ودان النائب سمير الجسر، ما حدث عقب صلاة العيد مع مفتي طرابلس، وقال في بيان: «ما حدث عقب صلاة العيد مع قائم مقام مفتي طرابلس لم يكن تعرضاً للمفتي الشيخ محمد إمام، بقدر ما كان تعرضاً لإقامة الشعائر الدينية صباح يوم العيد، وهذا شأن خطير وغير مسبوق في تاريخ المدينة، وإن السكوت عنه أخطر من حدوثه»، وتوجه للمعنيين من قضاء ورجال أمن ومسؤولين سياسيين «لمباشرة تحقيق شفاف وسريع واتخاذ التدابير القانونية اللازمة». كذلك استنكر النائب محمد كبارة التعرض بالإساءة إلى القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأكد أن «هذا الشيخ الجليل لا يستحق منا إلا كل احترام وتقدير واحتضان له ولهذا الموقع الذي حاول بعض المأجورين أمس التجرؤ عليه والإساءة إليه صبيحة يوم العيد من دون وجه حق». وقال كبارة: «لم يعد جائزاً هذا التفلت الحاصل، فللناس كراماتها وما نشهده غريب عن أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، لذلك لا بد من تدخل سريع أمني أو قضائي أو مجتمعي لوقف هذه الاعتداءات التي لن نسكت عنها». بدوره استنكر النائب فيصل كرامي: «ما تعرض له الشيخ محمد إمام وهذا ما لا نقبل به بتاتاً، أياً تكن الحجج والادعاءات التي يسوقها الذين ارتكبوا هذا الفعل، وهم ليسوا سوى موتورين قاموا بما قاموا به لأسباب مجهولة معلومة»»، مضيفاً: «هذا التعرض لموقع دار الفتوى في طرابلس يأتي في سياق الحملات على الكثير من الشخصيات والمرجعيات والقامات الدينية والسياسية، وهو يؤدي إلى تداعيات قد نعرف بداياتها ولكن قد نجهل نتائجها». وطالب الدولة وأجهزتها «التي قصرت في ردع هذا الفعل بحزم وبشكل فوري، بتوقيف ومحاسبة كل من قام بالاعتداء على مقام مفتي طرابلس والشمال وعلى العمامة التي تشكل رمزية دينية لدى كل المسلمين، وفي حال لم تتحرك الأجهزة ولم يتحرك القضاء، فإننا سنتخذ مضطرين صفة الادعاء الشخصي بحق كل من شارك في هذا الفعل المشين، كي يكون العقاب رادعاً قانونياً أمام كل من تسول له نفسه تكرار مثل هذه الأعمال». كذلك، استهجن مجلس نقابة المحامين في طرابلس، في بيان «ما تعرض له القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، نظراً لما يتمتع به سماحته من ورع ووداعة وإيمان، ولرمزية عمامته وموقعه الديني، ولقدسية المناسبة والمكان اللذين حصل فيهما الاعتداء». وأضاف: «أياً يكن العنوان الذي تلطى خلفه الفاعلون، فإنه لا يحق لهم أن يعتدوا على الحقوق والكرامات تحت ستار المطالبة بحقوقهم وكراماتهم؛ فكل قضية مهما كانت سامية ينبغي ألا تكون الغوغائية سبيلاً لبلوغها، لأن الخير لا ينال أبداً بوسائل الشر». وأعلن مجلس نقابة المحامين تضامنه «الكامل مع صاحب السماحة»، مهيباً بالسلطات القضائية المختصة أن تتخذ «التدابير القانونية اللازمة لملاحقة الفاعلين ومعاقبتهم، فيكونون عبرة لأنفسهم وللآخرين».

سرقة الأملاك العامة للدولة تفاقم أزمات اللبنانيين

تشمل كابلات مؤسسة «كهرباء لبنان» ومحطات شركات المياه

الشرق الاوسط.. بيروت: بولا أسطيح... لا تقتصر عمليات السرقة التي ارتفعت نسبتها بشكل كبير مقارنة بالأعوام الماضية في لبنان الذي يشهد أزمة مالية – اقتصادية غير مسبوقة، على السيارات والدراجات النارية وما يحمله المارة من محفظات لأموالهم وهواتف وحاجات شخصية أخرى، إنما تعدتها في الأشهر الماضية لتطال أملاكاً عامة ما يؤدي لتفاقم الأزمات التي يرزح تحتها اللبنانيون وبخاصة أزمة الكهرباء وتراجع خدمات الاتصالات والإنترنت وحتى المياه. ورفع عماد كريدية، مدير عام هيئة «أوجيرو» التي تشكل اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات الصوت منبهاً من تفاقم عمليات سرقة معدات الاتصالات، شاكياً «غياب الأمن الاستباقي الذي يردع السارقين وعدم محاسبتهم من قبل القضاء». مضيفاً: «يُطلب منا، ومن موازنة أُفرغت على تأمين ما كان من واجب مؤسسات أخرى تأمينه لنا، أن نستبدل المسروقات دون اتخاذ أي إجراءات لحمايتها. مما يجعلنا مورداً لهؤلاء السارقين. لن نقبل بذلك. طفح الكيل». ويوضح كريدية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز ما تتم سرقته من معدات تابعة لـ«أوجيرو»، كابلات وبطاريات ومولدات ما يؤثر على الخدمات التي تقدمها الهيئة نتيجة غياب الموازنات والأموال اللازمة لشراء قطع بديلة»، شارحاً أن «كل الموازنة تذهب بالوقت الراهن لشراء المازوت الذي ارتفع سعره بشكل غير مسبوق». ويشير كريدية إلى أنه نبه من تداعيات ما يحصل منذ أكثر من 6 أشهر من دون نتيجة، قائلاً: «وزير الداخلية يقول لنا أبلغوني بهكذا عمليات وأنا أتحرك، لكن كيف نقوم بذلك وكيف نعرف نحن بشكل استباقي ماذا سيُسرق وأين؟ كما أن شرطة البلدية في المناطق لا تتعاون كما الأهالي». ونشطت في الأشهر الماضية عمليات سرقة الكابلات بشكل أساسي، ليس فقط التابعة لـ«أوجيرو» إنما أيضاً لمؤسسة كهرباء لبنان ما أدى لانقطاع الخدمة تماماً عن كثير من البلدات والقرى، علماً بأن الخدمة لا تتوفر أصلاً إلا لساعة أو ساعتين في اليوم. وطالت السرقات محطات المياه ما أدى لانقطاعها عن مئات المنازل واضطر أهلها لشراء الماء من الصهاريج الخاصة. وتكمن الإشكالية الأساسية بأن مؤسسات الدولة غير قادرة على استبدال القطع المسروقة نتيجة الأزمة المالية الكبيرة التي ترزح تحتها وغياب الاعتمادات، ما يؤدي لتوقف الخدمات أياماً وأسابيع. وتلاحق القوى الأمنية باستمرار هؤلاء السارقين لكن ارتفاع أعدادهم وإقدامهم على عمليات السرقة في ساعات الليل المتأخرة مستفيدين من انقطاع التيار الكهربائي كما إطفاء أصحاب الموتورات مولداتهم، كل ذلك صعّب من مهمة قوى الأمن الداخلي التي كانت قد أعلنت منذ فترة عن توقيف العشرات لإقدامهم على عمليات سرقة أسلاك كهربائية عدة عن الشبكة العامة لمؤسسة كهرباء لبنان والشبكات الخاصة في مختلف المناطق اللبنانية، بغية استخراج النحاس منها وبيعه توخياً للربح المادي. وتطال السرقات أيضاً المولدات الكهربائية، ومادتي المازوت والبنزين، كما تتكرر عمليات سرقة النفط من أنابيب النفط العراقية التي تعبر سهل عكار في شمال لبنان إلى مصفاة النفط في البداوي - طرابلس. ويشير رئيس بلدية عاريا (جبل لبنان) بيار بجاني إلى تعرض البلدة أكثر من مرة لعملية سرقة كابلات سواء من المحطة التي تضخ المياه لبلدتي عاريا والكحالة، وهي كابلات ممتدة تحت الأرض، أو من محطة الكهرباء في البلدة الواقعة مباشرة قبالة مركز أمني، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى صعوبة إلقاء القبض على الفاعلين باعتبارهم يستفيدون من انقطاع الكهرباء عن كاميرات المراقبة خلال الليل. ويوضح بجاني أنه «لو يتم دعم البلديات لاستقدمنا مزيداً من الحرس البلدي، لكن الأعداد محدودة جداً وعدد كبير من الحرس متطوع». ويضيف: «ظواهر السرقة هذه التي تطال النحاس في الكابلات والحديد والخشب جديدة ولم نعهدها من قبل وهي نتيجة مباشرة للأزمة الاقتصادية الكبيرة التي يرزح تحتها البلد. حتى الساعة لم نسجل سرقة منازل ولكننا نتخوف في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه أن ننتقل إلى مراحل ومستويات جديدة من السرقة». وتشير أرقام قوى الأمن الداخلي اللبناني إلى ارتفاع نسبة جرائم السرقة والنشل في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، 21 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، حيث بلغ عدد السرقات المسجلة للعام الحالي 1745 فيما بلغ الرقم 1439 في المرحلة نفسها من عام 2021. أما أرقام الشركة «الدولية للمعلومات» فتشير إلى أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، شهدت ارتفاعاً في جرائم سرقة السيارات بنسبة 26.2 في المائة وجرائم السرقة بنسبة 21.2 في المائة والقتل بنسبة 15 في المائة. وفي مقارنة مع الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 تصل نسبة الارتفاع إلى 306 في المائة.

«الراي» ترصد فواجع عائلات... تموت مرّتيْن

طرابلس المكلومة على صراخها... آخ يا بحر

الراي.. بيروت – من زيزي اسطفان:

- عائلات ابتلعها البحر... بأطفالها وأمهاتها

- أصغر الضحايا طفل الـ 40 يوماً و«تالين» ابنة الـ 18 شهراً ماتت مع أمها الحامل

- آباء مفجوعون خسروا عائلاتهم وتَحَضَّروا لـ «أعراس موت»

لم يتكشف بعد هول الكارثة التي ضربت مدينة طرابلس ولم يلفظ البحر بعد أجساد مَن ابتلعهم، ولا يزال بصيص أمل يرفض أن يذوي يضيء خافتاً في نفوس الأهل الذين يرفضون أن يصدقوا أن أحباءهم وأبناءهم وأهلهم ذهبوا الى غير رجعة وأن «الأزرق الكبير» سيكون أشدّ ضراوة عليهم من أبناء اليابسة الذين «رموهم في فم البحر». زورق الموت الذي قيل إنه ضمّ على متنه 60 راكباً وتم إنقاذ 47 منهم تَبَيَّنَ أنه كان يحمل عدداً أكبر قد يصل الى ثمانين وأكثر. وبحسب لوائح أسماء الناجين لا يزال نحو 33 شخصاً في عداد المفقودين الذين باتوا ضحيةَ جريمةٍ مزدوجة، قهْر جعلهم يخاطرون «حتى الموت»، وغموض يلفّ مصيرهم وجَعَلَ حتى استعادة جثامينهم حلماً لذويهم ولو من... قلْب الكابوس. «هم ليسوا محاربين ولا يحملون سلاحاً هم فقط هاربين من هذا البلد». صرخةُ جَدّة احترق قلبها على ابنتها وحفيدتها اللتين ما زالتا مفقودتين في البحر: «أَمِّنوا لنا عيشة هنية حتى نبقى هنا على أرضنا... الله ينتقم من كل من فعل بنا هكذا وجَرَّنا الى البحر...». لم يَمُتْ هؤلاء الضحايا وهم يحاربون من أجل وطنهم أو يرفعون أسلحتهم في وجه الزعماء أو القوى الأمنية بل ماتوا وهم يحاربون اليأس والإحباط على اليابسة و يصارعون الموج والأعماق في البحر. للمرة الأولى قاربُ فرارٍ يحمل على متنه عائلات بأربابها ونسائها وأطفالها ورضعها أكثر مما يحمل شباناً كما جرت العادة. وليس طيش الشباب ولا جرأة أحلامه ما دفع بالآباء لحمل صغارهم ونسائهم لخوض البحر وأخطاره بل هو الهرب من مستقبلٍ قاتمٍ ينتظر هؤلاء الصغار في حال بقوا على أرض الوطن النازف. عميد دندشي الوالد المفجوع الذي فَقَدَ زوجةً وثلاثة أطفال لم توجد جثثهم بعد، يروي لمَن يود أن يسمعه أنه ليس جائعاً وطرابلس بحياتها لم تعرف الجوع، لكنه كان يود أن يؤمّن لأطفاله حياةً أفضل ومستقبلاً مضموناً «فهنا لا يجدون دواءً إذا احتاجوا إليه أو علبة حليب، ولا يمكنهم دخول مستشفى إذا اضطرهم الأمر ولا حتى تَحَمُّل أجرة حافلة مدرسية او قسط مدرسة». بحرقةٍ يَبْكي ربّ العائلة أبناءه قائلاً: «باتوا شهداء ونالوا أعلى مراتب الشهادة. ما عادوا بحاجة الى مستقبل... كنتُ أريد حياة جديدة وكريمة لعائلتي. كنت أريد الوصول إلى أوروبا لتأمين جواز سفر أجنبي لابني يعطيه حياةً كريمة في المستقبل، لكن الجيش منعني. لماذا؟ هل يمكنه أن يضمن لي العيشَ بكرامة في لبنان؟ لماذا لم يسمح لنا باستكمال الرحلة؟». عميد الذي سارع إلى رمي نفسه في البحر، راح يساعد العائمين على وجه المياه: «أطفالنا ونساؤنا كانوا عائمين أمامنا فاقدين للوعي. حاولتُ إسعافَ امرأة وصرت أضرب على ظهرها علّها تبصق الماء وتستفيق، فاستعادت وعيها وقلتُ لأحد الصغار ان يتعلق بكتفي لأوصله الى قارب الجيش، وكنت أدعو الى ربي أن يسخّر لي أحداً ليخلص زوجتي وابنتي وابني كما أنقذتُ أنا آخرين... كنت أرى الجثث أمامي عائمة وأنا أدعو وأصلّي». رائد دندشي، شقيق عميد، حَمَلَ هو الآخَر عائلته، زوجته وأبناءه الثلاثة ليكون الى جانب أخيه في رحلة البحث عن مستقبل. كان موقوفاً عند القوى الأمنية، ولم يودّع طفله بهاء ابن العشر سنوات الذي قضى غرقاً في البحر. وكانت زوجته حورية لا تزال مفقودة الى أن لفظ البحر جثتها لاحقاً في منطقة شكا فيما طفلته «غزل» في عِداد المفقودين. عائلة دندشي فقدتْ 9 من أبنائها. ومع وصول جثمان الطفل بهاء الى منزل العائلة لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، لَعْلَعَ صوتُ الرصاص عالياً في الأحياء المحيطة لكنه لم يَطْغَ على عويل النساء ونحيب الجَدّة المفجوعة التي كانت تصرخ «عشرة أنفس راحوا من بيتي، ليش قتلولي ياهن؟ الله يحرق قلبه مَن حرق قلوبنا وموّت ولادنا». حرقة القلب في هذا المنزل كبيرة جداً، وكباره كما صغاره ما عادوا يعرفون على مَن يبكون ومَن يندبون ممّن رحلوا بحثاً عن وطن أفضل خلف البحار. أبو تيمور الدندشي، أحد الأعمام وشقيق عميد ورائد، يقول: "فقدْنا 9 أطفال مع أمهاتهم، راحوا «لأنهم أرادوا الوصول إلى بلدٍ يشعرون فيه أنهم بشر». يبكي العم بحرقة حين يخبر كيف حَمَلَ أشقاؤه عائلاتهم وركبوا البحر ومَخاطره ليؤمنوا لهم حياة نزيهة كريمة بعدما بات البلد بأكمله غير قادر على تأمين «علبة حليب للأطفال أو مستشفى للمرضى». عميد دندشي الوالد المفجوع الذي أراد إسماع صوته للإعلام لنقل مأساته الى العالم يزفّ أبناءه عرساناً ويقول: «بحياتي ما لبست بدلة. ما بعرف الا إلبس جينز، بس رح ألبس البدلة لأنّي بدّي زفّ 3 عرسان. فقدت طفلين، جواد 8 سنوات وأسد 40 يوماً وفداء ابنة الخمس سنوات التي حُرمت من حنّيتها». الفاجعة ذاتها بطعمها المُر أصابت شقيقه بلال الذي نجا بينما بقيت زوجته منيرة المصطفى وولداها ليث ورزان مفقودون. باب التبانة والقبة في طرابلس تودّعان الضحيةَ تلو الأخرى وكأنه مكتوبٌ على هذه المناطق الفقيرة أن لا يفارقها الموت والحداد وأن يكون الحزن رفيقها الدائم. جنازةُ الطفلة تالين الحموي السماك تحوّلت مأتماً للآمال والأحلام. فالذين ركبوا الزورق كانوا يبحثون عن مستقبل ونقطة ضوء، فـ «رحلة الموت كانت حياة جديدة بالنسبة إلينا» يقول أحد الناجين. لكن موت الأطفال قَتَلَ الأحلامَ وجَعَلَ طرابلس كلها تُفْجَعُ بضحاياها. مأتم تالين، ابنة السنة ونصف، ووالدتها سارة طالب، انقلبَ الى تظاهرة غضب في شوارع التبانة. هنا كان الشبان يتسابقون على احتضان جثمان الطفلة الملفوف بالكفن الأبيض، ويتناوبون على حَمْل نعش الوالدة وكأنهم بذلك يوفون شهداء الفقر حقهم ويرفعونهم رايةَ غضبٍ في وجه كل منظومة السلطة التي يعتبرون أنها ساهمت في قتْلهم. آل الحموي لم تنتهِ آلامهم بمأتم الطفلة تالين ووالدتها، فالعائلة مفجوعة بأكثر من مفقود. الوالد محمد حَمَلَ زوجتيه وإحداهما حامل بتوأم وأولاده الخمسة في رحلة السعي إلى حياة أفضل، لكن الموت فرّق العائلة التي ابتلع البحر عدداً من أفرادها ولم يَعُدْ منهم إلى اليابسة إلا 3 من الأبناء. شقيق محمد يشكر الله على العثور على الأطفال الثلاثة علي ونادية ونارمين، بعد انتشالهم أحياء إنما منهارين لا يستطيعون التحدث عما حصل لهم، فيما توفيت الزوجة الثانية، الحامل سارة (29 سنة) وابنتها تالين، ولا تزال الزوجة الأولى ليال وابنتها نادين في عِداد المفقودين. الطفل علي الحموي لا يزال مصدوماً ولا يصدّق ما حصل، لكن كلامه لا يخلو من الغضب. ويروي لإحدى وسائل الإعلام اللحظات الأخيرة قبل غرق القارب، قائلاً: «كنا جالسين في الداخل نأكل. أمي وأختي كانو حدي بس وقعنا. وأنا ايدي مكسورة ما قدرت اعملهن شي. وبعد سقوط القارب حضنتني والدتي وشقيقتي الصغرى. بعد لحظات شفت امي عبطت اختي و قالت بسم الله، ونزلت تحت المي... ماتت امي و اختي و ابي ما عارف مصيرو...». ويغص الطفل ويختنق بدموعه غير قادر على متابعة الكلام. يستغرب أصدقاء محمد الحموي قراره المفاجئ بالسفر مع عائلته فهو لم يبلغ أحداً بذلك، وأصدقاؤه كما عائلته عرفوا بالأمر بعد انتشار خبر غرق الزورق. فهو كان قد جرّب حظه بالسفر شرعياً الى قطر ودبي سابقاً لكن يبدو أن القَدَرَ كان يرسم له خططاً أخرى أشد قسوة من الفقر والعوز والمشاكل. عائلات بأكملها من اللبنانيين والسوريين دفعت ثمن اليأس والذل والحرمان والبحث عن مستقبل أفضل لأولادها. أطفال سوريون ثلاث دفعوا من أرواحهم ثمن الحرب السورية التي لا تعرف لها ختاماً. ماسة، محمد وجاد سبسبي، غرقوا مع والدتهم ريهام دواليبي التي لم تتخط الخامسة والعشرين من عمرها في رحلة الموت فيما يبدو ان الوالد قد نجا ليعيش الموت مرتين. مدرسة الأطفال الثلاثة نعتهم ببيان مؤثر: «بفيض من الحزن والأسى والألم ودعت مدرسة رسول المحبة تلامذتها جاد وماسة ومحمد سبسبي، الذين قضوا غرقاً على متن مركب الموت في بحر طرابلس. إن العين تدمع والقلب يحزن، والعبارات تختنق مع غيابكم والكلمات لا توفيكم حقكم في الرثاء. تلامذتنا الأحبة، لقد رحلتُم مع أحلامكم الصغيرة البريئة، فبكتْ مقاعد المدرسة وجدرانها ألماً انسكب في كل زواياها التي شهدت على تميُّزكم خلقاً وأدباً واجتهادا. أيها الراحلون الصغار الألم يعتصرنا لفقدكم، إدارة ومعلمين وطلابا وأهالي، وعزاؤنا أنكم عند مليك مقتدر وستبقون في وجداننا ذكرى لا تمحى. فالرحمة والسلام لأرواحكم الطاهرة». ومنذ وقوع الكارثة، لا يزال البحر يلفظ جثثاً ويقفل فصولاً في حياة العائلات المُهاجِرة مرشَّحة لمزيد من النهايات السود مع كل طلعة شمس. فقد عُثر على شاطئ بلدة شكا على جثتي أمير قدور وخديجة النمري فيما لا تزال عائلات بأكملها مفقودة أو فرّق الموت بين أفرادها. فنجا مَن نجا وغاب مَن غاب بعدما بات الأمل بالعثور على ناجين شبه معدوم. عائلة ريماس المجهولة المصير، فُقدت منها فتاتان... أحد أفراد عائلة الجمل يخشى ألا يتعرف الى شقيقتيه وآخرين من عائلته حين يلفظ البحر جثثهم المنتفخة أو المتحللة نتيجة بقائها طويلاً في البحر... عائلات طالب والجندي والقدور لا تعرف إن كان عليها أن تسعد بالناجين منها أو تنتحب على الذين لا يزالون في قعر البحر بعدما فرقهم المصير الموجع وغيّر وجهتهم، فعاد مَن عاد الى يابسة الألم ورحل مَن رحل على أمل أن يكون مع كل الضحايا في فسيح الجنان. ومحمد طالب العريس الذي عقد خطوبته قبل أيام هو أيضاً في عداد المفقودين، وترفض خطيبته أن تعتبره ميتاً في قلبها ووجدانها، فهو مفقود وقد يعود إليها يوماً ولا تزال متعلّقة بأمل نجاته وعودته. كان يبكي حين غادر بيتها بعد وداعها وطلب منها أن تدعو له. «لا تبكي»، قالها لها في رسالة نصية، وأضاف: «أنا قوي بك»، لكن بعدها لم تسمع منه شيئاً ولم تصله رسالتها. عائلة طالب، فقدت الأب والأم والعريس محمد وشقيقه عدنان، ونجا شقيقان منها. محمد خاطَرَ بالسفر أكثر من مرة لتأمين مستقبل له مع مَن يحب لكن القَدَرَ رسم له مخططاً آخر وترك خطيبته مفجوعة. هو غول الموت الذي لا يشبع من دماء المقهورين، ضمّ الى سجلّاته أسماء جديدة التَحَقَتْ بكل مَن سبقوها في الوطن الذي كُتب له أن يودّع أبناءه إما للموت او للرحيل.



السابق

أخبار وتقارير.. الحرب الروسية على اوكرانيا..بايدن في حفل عيد الفطر: المسلمون في أميركا يجعلون بلادنا أكثر قوة..بايدن يهنئ المسلمين بعيد الفطر: القرآن الكريم يحث على العدل.. وزير الخارجية الروسي يُغضب إسرائيل: هتلر كان دمه يهودياً.. حرب أوكرانيا كسرت حلم موسكو.. البحر الأسود لم يعد روسياً.. روسيا تسقط مسيّرات أوكرانية… وترفض {مواعيد مصطنعة} لإنهاء الحرب..بريطانيا تتعهد بمساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بـ375 مليون دولار.. رئيس وزراء الهند يدعو إلى الحوار لإنهاء الحرب في أوكرانيا.. غزو الصين لتايوان سيكون أسوأ من حرب أوكرانيا..

التالي

أخبار سوريا.. الإفراج عن المعتقلين السوريين.. نظام الأسد "يتعمد الفوضى".. مشروع جديد.. تركيا تستعد لإعادة مليون سوري إلى بلادهم.. إسرائيل تكشف مقتل أحد جنودها في «عمق الأراضي السورية» قبل 38 عاماً..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,147,864

عدد الزوار: 6,757,099

المتواجدون الآن: 136