ملاحظات ونقاشات صاخبة لم تؤد إلى إطلاق التنظيم...أبو جمرا يسعى إلى حركة تصحيحية أم انقلابية ؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 15 كانون الأول 2009 - 5:14 ص    عدد الزيارات 3133    القسم محلية

        


\"\"
اللواء عصام ابو جمرا. (من الارشيف)
كتب بيار عطاالله:
يروي الضباط المتقاعدون في المؤسسة العسكرية ان ثلاثي العماد ميشال عون واللواء عصام ابو جمرا واللواء ادغار معلوف شكل فريق عمل متجانسا منذ ان كان الثلاثة في المجلس العسكري، بحيث كان كل منهم يكمل الآخر. فالعماد عون ضابط طموح جدا ومندفع في خياراته الى اقصى الحدود، وعندما يؤمن بفكرة او خطة معينة يسير بها الى النهاية. اما اللواء معلوف فذو اعصاب فولاذية ويعالج الامور بالروية وطول الاناة. وبين الطموح وطول الاناة كان اللواء ابو جمرا بيضة الميزان، فهو صاحب الباع الطويل عملانيا والمسؤول عن الشق التنفيذي وواضع الخطط ومنفذها، وفي اختصار كان الرأس المدبر لحركة الحكومة الانتقالية التي سميت حكومة العسكريين خلال ولايتها.
استمر هذا الفريق عاملا في احلك الظروف، وعندما غادر الفريق الى الاراضي الفرنسية استمر عون وابو جمرا على الوتيرة عينها، يتكاملان كل من موقعه، لكن الاهم في سيرة العلاقة بين الرجلين ان ابو جمرا، باعتباره من الروم الارثوذكس، شكل مع معلوف الكاثوليكي ما يشبه مجلس قيادة مسيحيا متعدد اللون، الى جانب عون الماروني، الامر الذي لم تشهده القوى المسيحية الاخرى في تاريخها، باستثناء الكتائب التي اولت احد قادتها الارثوذكس وليم حاوي موقعا متقدما جدا في رئاسة قواها العسكرية وصل الى مرتبة رئيس المجلس الحربي. وبالفعل، احسن العماد عون بعد عودته من فرنسا الافادة من هذه العوامل، فكان ان اختارته غالبية الرأي العام المسيحي بنسبة غير مسبوقة زعيما، وخصوصا لدى الطائفة الارثوذكسية التي اشارت مختلف استطلاعات الرأي عام 2005 الى تمكن "التيار الوطني الحر" من حصد كم كبير من اصواتها. اضافة الى ذلك، تقول اكثر من دراسة ان نسبة تأييد "التيار الوطني" تراجعت كثيرا لدى الناخبين الموارنة خلال انتخابات 2009 ووصلت الى ما يراوح بين 40 و42 في المئة، وربما ادنى في بعض المناطق، لكنها لم تسجل هذا التراجع في المناطق ذات الغلبة الارثوذكسية حيث بقيت محافظة على نسبة معينة من التقدم باستثناء الدائرة الاولى في بيروت.
ويروي أحد قياديي "التيار الوطني الحر" من الذين شاركوا في الاعداد للانتخابات النيابية الاخيرة، ان نتائج الانتخابات في الكورة وزحلة ومرجعيون والبقاع الغربي وحتى في المتن، كانت اختلفت ربما لو استطاع "التيار" تقديم عينة أخرى من المرشحين الذين يتمتعون برصيد شعبي أوسع وتأييد فئات كبرى من مجتمعات هذه الدوائر، وخصوصاً اللواء ابو جمرا الذي يمتلك نسبة تأييد واسعة في حاصبيا ومرجعيون، وكان سيؤدي فوزه أو خسارته الى تكريس قاعدة ثابتة لـ"التيار الوطني الحر" وخصوصاً لدى الارثوذكس في تلك الانحاء.
يقول مناصرو أبو جمرا انهم ليسوا مذهبيين ولا طائفيين، وان التيار حركة علمانية وطنية، لكنهم في المقابل يصرّون على التعامل مع الوضع اللبناني بواقعية لأنه من غير المقبول ان يتخلى عون عن الفئة الارثوذكسية الواسعة المؤيدة له والتي لم تخذله في معظم الأحيان. يقود هذا السرد الى شكوى نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ابو جمرا من الآلية التي اعتمدها العماد عون لتعيين وزراء "التيار" من خارجه، والشكوى التي أخرجها الى العلن حول توزير اثنين من خارج "التيار"، اضافة الى الكلام الكبير الذي قيل في حق كوادر "التيار" والكفايات لديه والتي استعيض عنها دون أي مقابل ولأسباب غير مقنعة.

 

نقاشات صاخبة

ويقول قياديو "التيار الوطني" ان ما يشهده "التيار" حالياً يتوج مساراً طويلاً من النقاشات الصعبة داخل الهيئات القيادية العليا وقيادة الصف الثاني، وكان آخرها ما شهدته حلقات عدة في كسروان وجبيل وساحل المتن حيث لم يتردد العونيون في المجاهرة بملاحظاتهم علناً ورفع الشكوى مما يعتبرونه أخطاء أساسية. أما النقاش الأصعب، على ذمة القياديين، فكان ذلك الذي خاضه النائب ميشال عون واللواء ابو جمرا حول تسمية وزراء "التيار" وآلية اتخاذ القرار وموقع الوزيرين نحاس وعبود في التركيبة ومؤسسات القرار، اذ لم ينجح الرجلان في التوصل الى قواسم مشتركة على ما قيل، وتمسك عون بفكرته ومقاربته للملف، في حين اصر ابو جمرا على حق الحصول على اجابات عملاً بروحية فريق الترويكا الذي خاض غمار الشأن الوطني منذ 1989 وصولاً الى مرحلة الحكومة الانتقالية العسكرية وبعدها المنفى القسري وما تلاه.
ويشدد مناصرو ابو جمرا على انهم يسعون الى بناء تنظيم سياسي حقيقي وكامل يستند الى التجربة الديموقراطية الكبيرة لدى اللبنانيين، وهذا ما يسمونه مشروع "مأسسة التيار الوطني الحر" والنأي به عن تجربة الاحزاب المسيحية الاخرى. ويتمسك هؤلاء الانصار في هذا الاطار بأن الاقطاعية العائلية والفردية ورفض الانصياع الى موجبات الشورى او التشاور واعتماد مبادئ التنظيم والعمل الحزبي الحديث كانت السبب الرئيسي وراء فشل الكثير من التجارب السياسية لدى المسيحيين. وان اغفال هذه المسائل او التغاضي عنها قد يؤدي لاحقاً الى خسارة شاملة لـ"التيار الوطني"، بدليل التراجع الواضح في الحضور النقابي والطالبي وحتى المناطقي، مقارنة بأداء السنين الماضية. وفي رأيهم ان استمرار الامور على ما هي سيؤدي الى انتكاسة كبيرة لأكبر حركة شعبية مسيحية حديثة.
ثمة وساطات بين الرابية واليرزة (مقر اقامة ابو جمرا) يقودها نواب وناشطون، ويعترف عدد من الضباط المتقاعدين الناشطين في "التيار" بأحقية مطالب ابو جمرا، ويجزمون بأن ما جرى ليس الا نتيجة انضباطيته وتمسكه باطلاق مؤسسة حزبية واضحة المعالم تتجاوز الاقطاعية العائلية والعثرات الكبيرة التي مني بها التيار، كما تستجيب لمطالب القاعدة الشعبية العريضة. ويؤكدون ان النائب السابق لرئيس الحكومة لا يقوم بحركة انقلابية بل "حركة تصحيحية" للعودة الى المؤسسات والنظام الداخلي وقوة الهيئة التأسيسية والهيئة العامة أو المؤتمر الوطني كما يسميها العونيون، وكل ما سوى ذلك لن يؤدي الى أي نتيجة بل سيكون بمثابة علاج مرحلي لن يلبث أن ينهار.


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,194,392

عدد الزوار: 6,982,430

المتواجدون الآن: 75