إذا خسرتْ روسيا...فالصين هي التالية...

تاريخ الإضافة الأحد 15 كانون الثاني 2023 - 7:05 م    التعليقات 0

        

إذا خسرتْ روسيا... فالصين هي التالية...

الراي.. |إيليا ج. مغناير|....

لا يمكن فصل ما يحدث اليوم في أوكرانيا وحرب روسيا وحلف شمال الأطلسي بقيادة أميركا عن دفاع واشنطن المستميت عن موقعها المتربع على عرش العالم. وهذا الدفاع لا يشمل فقط تحدي موسكو وقدراتها على القتال واستعدادها لمواجهة أميركا عسكرياً في حربٍ تدور رحاها بالوكالة، بل إن تَعاظُم قدرات الصين يمثل الخطر الأكبر على الهيمنة الأميركية بسبب توسُّع بكين بمشاريعها الاقتصادية والتجارية لتشمل آسيا وأوروبا وافريقيا وأميركا اللاتينية، وخصوصاً إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا وسخّرت قدراتها ومعنوياتها القتالية بشراكةٍ استراتيجية مع أغنى دول العالم، الصين. ولذلك فإن الأمور أصبحت أكثر وضوحاً لجهة أن الولايات المتحدة أرادت إزاحة روسيا عن طريقها، وهي متّجهة نحو الصين كهدفها النهائي. ولكن، هل تنجح وإلى ماذا تحتاج لتحقيق ذلك؟

استعرت الحربين العالميتين، الأولى والثانية، من القارة الأوروبية دون مشاركة الولايات المتحدة التي لم تكن تَعتبر الفاشية عائقاً أو خطراً عليها (بل على العكس من ذلك) إلا حين هاجمت اليابان القاعدة الأميركية في بيرل هاربر، هونولولو، هاواي عام 1941. ومنذ ذلك التاريخ ترسّخت سيطرة أميركا داخل القارة الأوروبية لتوسّع شبكتها العنكبوتية نحو العالم وتبدأ رحلة بسْط نفوذها المطلق. وقد استخدمت واشنطن الحروب الخشنة في العقود الأولى أثناء بناء سيطرتها وخصوصاً بعدما تنحى الاتحاد السوفياتي جانباً. وفي أعقاب فشل سلسلة من الحروب الأميركية في العالم، تَبَدَّلَتْ سياستها لتستخدم الحرب الناعمة الاقتصادية التي لا تقلّ ضراوة وقسوة عن الحرب الخشنة لترهق كاهل الشعوب وتفقرها. إلا أن الحرب - بكافة أشكالها - ضد الصين غير ممكنة إلا إذا إستطاعت أميركا فصل الصين كلياً عن روسيا وإحاطتها بجدارٍ من القواعد العسكرية ودفْعها من خلال استفزازاتِ إستراتيجية من قبل دول تُعتبر ذات حساسية لبكين، لردّ فعل يجرّها إلى الحرب. ولكن ذلك غير ممكن من دون هزيمة روسيا أو إرهاقها اقتصادياً أو زعزعة الاستقرار الداخلي في الدولة التي تستطيع خوض الحروب ولها باع طويل وتاريخ في مقارعة النفوذ الأميركي. وإذا ما حصل واجتمع الجبّاران الصيني – الروسي، على عدو مشترك، تصبح المعركة الأميركية معرّضة للفشل ومن الصعب أن يُكتب لها النجاح. ومن هنا، فإن أحد أهمّ الأسباب الرئيسية للحرب الأميركية - الروسية على الأراضي الأوكرانية هو تحضير الأرضية المناسبة لحرب أميركا المقبلة على الصين، بالوكالة طبعاً، لتحييد استخدام الأسلحة النووية التي تملكها بكين، كحال روسيا، ولن تستطيع استعمالها في حال جرّتْها واشنطن إلى حرب كلاسيكية كما تفعل اليوم مع روسيا. وإذا استطاعت الدول الـ30 في منظمة «الناتو» (حلف شمال الأطلسي) هزيمة روسيا أو دفْع جنودها إلى خلف الخطوط التي احتلتها (100.000 كيلومتر مربع) أو جذْبها إلى وحول أوكرانيا لسنوات طويلة، فإن ذلك من شأنه إرسال إنذار جدي للصين لإرهابها وإخضاعها كي تتخذ موقفاً أكثر ليونة تجاه السيطرة الأميركية على العالم. مما لا شك فيه أن الصين لا تقف مكتوفةً، وتأخذ العِبر الاقتصادية والعسكرية من الحرب الدائرة في أوكرانيا، وخصوصاً بعدما وجّه حلف الناتو إنذارَه للصين بأنه ليس معنياً فقط بالشمال الأطلسي بل أيضاً ببحر الصين وتفرّعاته لينقل الرسالة التي أرادتْها واشنطن إلى مَن يعنيه الأمر. واستطاعت أميركا دفْع دول أوروبا (غير المتحدة على موقف سياسي جامع) للإعلان عن نياتها غير الصديقة تجاه الصين (ليست عدائية لغاية اليوم). كما نجحت الولايات المتحدة بدفع اليابان لمضاعفة ميزانيتها الدفاعية التي بلغت المستوى الثالث عالمياً بعد أميركا والصين. وكانت واشنطن قد أنفقت عشرات المليارات من الدولارات لدعم اليمين الياباني - الذي حكم لعقود - ومنع تحوّل الدولة إلى الاشتراكية أو الشيوعية. ووقّعت اليابان وإنكلترا إتفاقات دفاعية تسمح للندن بالتمركز العسكري في اليابان والدفاع عنها في حال اعتداء خارجي (وهنا الرسالة موجّهة إلى الصين). وأقرّت أميركا بيع أسلحة متقدمة إلى تايوان بقيمةٍ تفوق مليار ونصف مليار دولار. أما الهدف من وراء ذلك فهو بناء دولة مستعدة للتحالف في وجه أعداء أميركا ودفْع إحدى هذه الدول (مثل تايوان في هذه الحالة) لتكون هي مسرح العمليات العسكرية إذا لزم الأمر، بما يشبه الوضع الحالي لأوكرانيا اليوم. وهذا يُعد أقل كلفة على أميركا التي تدور عجلة إقتصادها ومصانعها في الحروب، وخصوصاً أنها عقدت صفقات أسلحة غير مسبوقة مع دول أوروبية وأخرى من خلال الحرب الأوكرانية. أما الهدف الثاني فهو إرهاق الصين المتطوّرة والغنية والمتفوّقة صناعياً والتي لم تخض الحروب في الماضي وعزّزت إقتصادها أثناء انغماس أميركا والاتحاد السوفياتي بسباق التسلح. وتهدف أميركا إلى إفقار وزعزعة الإستقرار الداخلي للصين الداخلي لتبقى هي المُسَيْطِرة، وخصوصاً بعد إيجاد بكين بدائل عن البنك الدولي بإنشاء المصرف الآسيوي والمضيّ ببناء طريق الحرير ومنافسة العقود الاقتصادية التي كانت حكراً على الشركات الأميركية في السابق. وتستخدم واشنطن عملتها الدولية لتطبع منها ما تشاء ولا تهتمّ بالديون التي تثقل كاهلها والتي بلغت 32 ترليون دولار. بينما، وعلى الرغم من قوة الاقتصاد الصيني، فإن حرباً في آسيا ستُضعف الاقتصاد الصيني النشيط والمتفوّق من دون شك. وتالياً فإن قرع طبول الحرب وتقديم أميركا كـ «مُدافِع عن اليابان في حال اعتداء صيني» لم يُعلن أبداً من قبل بكين على الرغم من التاريخ الدموي بين الدولتين وتنازُعهما على بعض الجزر والذي أنتج توقيع اتفاق صيني- ياباني بعدم الاعتداء عام 1991. إلا أن اللافت أكثر في الأمر هو إعلان كوريا الجنوبية، حليفة أميركا الأولى في آسيا، أنها تملك القدرة لإنتاج أسلحة نووية وهو ما من شأنه رفْع مستوى الإنذار لدى الصين التي يبدو أنها، على غير الموقف الروسي، غير مستعدة لقبول الإستفزاز الأميركي والانجرار إلى حرب في الوقت الراهن. بل تعمل بكين على إنشاء علاقات متينة أكثر مع الدول الغنية بالطاقة في دول الخليج ومع دول العالم التي تكنّ الصداقة وليس الإستسلام لأميركا، وأخرى معادية لها، وتتفق على إنجاز خط غاز جديد يمرّ عبر منغوليا من روسيا. وما خطة تسليح أستراليا بغواصات نووية إلا جزءاً من المخطط الأميركي الذي يريد من الصين أن لا تتخذ أي إجراء مستقبلي يضرّ بالمصالح الأميركية مهما كانت. إلا أن ذلك لن يكون ممكناً لأن أميركا لن ترضى بأنصاف الحلول وستذهب أبعد في استفزازاتها أملاً في الوصول إلى نزاع مسلّح أو خطوة حربية تقوم بها الصين. وهذا يضع بكين في موقف يضرّ بمصالحها وخصوصاً إذا كانت روسيا منشغلة في الحرب ضد الناتو في أوكرانيا أو غرقت في وحولها وطال أمد المعركة، كما تأمل واشنطن. مما لا شك فيه أن الغرب يمثّل بين 11 في المئة إلى 16 في المئة من سكان العالم. ولكنها مجموعة دول تقودها أميركا وتؤمن بالحروب ولا تلتفت إلى القوانين الدولية لأنها خارج دائرة المحاسبة وتستطيع فعل ما تشاء. وقد فقدت أوروبا القدرة على إتخاذ قرارات تُخالِف أهداف أميركا حتى ولو أضرت بمصالح القارة العجوز الاقتصادية. وتالياً فإن قدرة الصين على تفادي الدخول في حرب تايوان هي التي ستدفع أميركا لتكون أكثر عنفاً واستفزازاً. إلا أن توسيع قدرات الصين سيكون كافياً لردع أي محاولةٍ لإستفزازها في عقر دارها وسيمنع أميركا من مهاجمتها مباشرة. وتالياً فإن بكين تستطيع التحلي بالصبر - ولا سيما ان الحرب لا تزال غير مهيأة - ودعم دول أخرى تشغل أميركا وحلفاء ومناطق نفوذ - كما فعلت روسيا وإيران - لتتعدّد الجبهات وتتشتت القوات ضدّها. إنها مرحلةٌ حرجة يمرّ بها العالم في وقتٍ يتغيّر المناخ ليذوب الثلج وتنشط الفياضانات ويعمّ الجفاف دولاً تشهد تقلبات بالحرارة مثلما يحدث اليوم في العالم بسبب الإنشغال الدولي بأمور أخرى. وكذلك هي مرحلة انهيار إقتصادي وتقشّف ينتظره العالم للسنة الحالية والسنوات المقبلة وسط أزماتٍ إقتصادية حادة وحروب مشتعلة تمثّل رد فعل طبيعياً لدفاع أميركا الشرس عن قيادتها للعالم وفق مقولة «ومن بعدي الطوفان».

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,759,192

عدد الزوار: 6,913,395

المتواجدون الآن: 110