ائتلاف الأحزاب والقوى الإسلامية بقيادة الإخوان يرفض تأجيل استفتاء الدستور، الشاطر يطل على الساحة السياسية مهاجما المعارضة.. وبديع يتحدث عن فساد وإجرام..مصر.. الأزهر والعسكر....أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

مرسي يلغي الإعلان الدستوري والمعارضة تلوح بالإضراب العام....مصر: إعلان دستوري جديد لتنفيس الأزمة.. والجيش يحذر من الحسابات الخاطئة، تصعيد بين الإخوان والمعارضة > ...نص بيان القوات المسلحة المصرية...«حوار» محموم في الرئاسة.. وتوقعات بإعلان دستوري جديد لنزع فتيل الأزمة، الإسلاميون يمهلون معتصمي «الاتحادية» ساعات لفض الاعتصام.. «والإنقاذ» تطالب بتفكيك ميليشيات «الإخوان»

تاريخ الإضافة الإثنين 10 كانون الأول 2012 - 5:59 ص    عدد الزيارات 1954    القسم عربية

        


 

مرسي يلغي الإعلان الدستوري والمعارضة تلوح بالإضراب العام
موقع إيلاف...صبري عبد الحفيظ حسنين           
أصدر الرئيس محمد مرسي، إعلاناً دستورياً جديداً، تقرر بمقتضاه إلغاء الإعلان الدستوري السابق، والإبقاء على الإستفتاء الدستوري في موعده. وكانت جبهة الانقاذ دعت الى استمرار "الاحتشاد السلمي" ضد الاعلان الدستوري والاستفتاء ملوحة بالاضراب العام.
القاهرة: الغى الرئيس المصري محمد مرسي ليل السبت الاحد الاعلان الدستوري الذي اصدره في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ومنحه صلاحيات استثنائية ما تسبب في ازمة سياسية حادة، واصدر اعلانا جديدا لكنه ابقى الاستفتاء على مشروع دستور مثير للجدل في موعده السبت القادم.
وبعد سلسلة الاشتباكات والاحتجاجات التي حصلت في مصر أصدر مرسي إعلاناً دستورياً جديداً جاء فيه:
1ـ يلغى الاعلان الدستورى الصادر بتاريخ 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 اعتبارًا من اليوم، ويبقى صحيحا ما ترتب على ذلك الاعلان من آثار.
2- فى حالة ظهور دلائل أو قرائن جديدة تعاد التحقيقات فى جرائم قتل، والشروع فى قتل، وإصابة المتظاهرين، وجرائم الارهاب التى ارتكبت ضد المواطنين فى المدة الواقعة ما بين يوم 25 كانون الثاني/يناير 2011 ويوم 30 حزيران/يونيو 2012 وكان ارتكابها بسبب ثورة 25 يناير أو بمناسبتها أو متعلقا بها.
فاذا انتهت التحقيقات الى توافر ادلة على ارتكاب الجرائم المذكورة احالت النيابة العامة القضية الى المحاكم المختصة قانونا، ولو كان قد صدر فيها حكم نهائى بالبراءة او برفض الطعن بالنقض المقام من النيابة العامة على حكم البراءة.
3- فى حالة عدم موافقة الناخبين على مشروع الدستور المحدد لاستفتاء الشعب عليه يوم السبت الموافق 15 من ديسمبر 2012، يدعو رئيس الجمهورية خلال مدة اقصاها ثلاثة اشهر لانتخاب جمعية تاسيسية جديدة مكونة من مائة عضو انتخابا حرا مباشرا.
وتنجز هذه الجمعية أعمالها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتخابها.
ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور المقدم من هذه الجمعية خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ تسليمه الى رئيس الجمهورية.
وفى جميع الاحوال تجرى عملية الفرز واعلان نتائج اي استفتاء على الدستور باللجان الفرعية علانية فور انتهاء عملية التصويت على أن يعلق كشف بكل لجنة فرعية موقعا من رئيسها يشتمل على نتيجة الفرز.
 4 - الاعلانات الدستورية بما فيها هذا الاعلان لا تقبل الطعن عليها امام اية جهة قضائية وتنقضي الدعاوي المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم.
5- ينشر هذا الاعلان الدستورى فى الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من تاريخ صدوره.
أعلن رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل، أن الرئيس محمد مرسي، سيصدر إعلاناً دستورياً جديداً، يأتي هذا تأكيداً لانفراد "إيلاف" بتقرير نشرته أمس الجمعة على صفحتها، وحمل عنوان "مرسي يدرسي إصدار إعلاناً دستورياُ جديداُ "لمعالجة عوار" السابق". وورد فيه أن "الرئيس مرسي يبحث إصدار إعلان دستوري جديد "يعالج فيه عوار الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي".
وقال قنديل في تصريحات تلفزيونية، "اتفق المجتمعون مع الرئيس محمد مرسي، في حوار السبت، بقصر الاتحادية، على تشكيل لجنة لتعديل الإعلان الدستوري، بما لا يفرغه من مضمونه، ويزيل المخاوف منه في جميع المؤسسات"، مشيراً إلى أن "اللجنة تتكون من الدكتور محمد سليم العوا، والدكتور محمد محسوب، وأيمن نور، الفقيه الدستوري ثروت البدوي وأحمد كمال أبوالمجد، جمال جبريل، مضيفًا إذا انتهت إعادة الصياغة سيصدر في صورة إعلان دستوري جديد".
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء المصري تأكيداً، لما نشرته "إيلاف"، وجاء فيه أن "الرئيس سوف يطرح هذا الخيار على رموز المعارضة غداً، السبت 8 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، لمناقشته"، وأن "مستشاري مرسي عرضوا عليه إلغاء المادة السادسة من الإعلان الدستوري، التي تحصن قراراته ضد الطعن عليها أمام أية جهة، ويستثنى منها ما ورد في الإعلان الدستوري من مواد فقط، لاسيما مواد: إعادة محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء أحداث ثورة 25 يناير، وما تلاها من أحداث خلال المرحلة الإنتقالية، وتحصين الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من الحل فقط".
وقال قنديل أيضاً، إن "الرئيس محمد مرسي والقوى السياسية يبحثون «طريقة قانونية لتأجيل الاستفتاء، دون الإخلال بالمادة 60 من الإعلان الدستوري، حتى لا يُطعن على القرار، والرئيس ليس لديه اعتراض على التأجيل"، وهو ما أنفردت به "إيلاف" أيضاً أمس في التقرير ذاته، وجاء فيه أن "الرئيس سوف يضع مادة تمكنه من تأجيل الإستفتاء على الدستور، وإلغاء المادة التي تنص على ضرورة طرح الدستور للإستفتاء خلال 15 يوماً من تاريخ تسلمه من الجمعية التأسيسية، وقد يسمح بالنقاش حول الدستور لمدة شهر أو شهرين مقبلين، لتحقيق التوافق عليه".
وفي السياق ذاته، قال عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، الذي شارك في اجتماع المعارضة مع الرئيس مرسي اليوم السبت، إن أحزاب "الوسط" و"غد الثورة" و"الحضارة" و"العدل" تداولت مع أطراف عدة في الأحداث الأخيرة وتطورات الأزمة وانتهت إلى ضرورة: "طرح إجراء التعديلات اللازمة على الإعلان الدستوري سواء بالحذف أو الإضافة أو الإلغاء لأي من بنوده،على أن يصدر في ذات اليوم السبت إعلان دستوري جديد بما يتم التوافق حوله".
وأضاف في تصريحات له عبر صفحته على موقع الفايسبوك، أن الأحزاب توفقت على "طرح كافة المقترحات الخاصة بأي من مواد الدستور بغير تحفظ، وتسليم ما يتم التوافق حوله لرئيس الجمهورية لدعوة الجمعية التأسيسية للانعقاد الفوري، بحضور مقدمي المقترحات، والجهات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة, دون أن يكون لهم صوت معدود، على أن تجرى كافة المناقشات على الهواء مباشرة حتى يطّلع الشعب على كافة التفاصيل، على أن تعيد الجمعية التأسيسية مشروع الدستور بعد التوافق عليه على النحو السالف لرئيس الجمهورية لعرضه للاستفتاء العام في موعد لاحق للموعد المحدد".
ولفت إلى أن الأحزاب اتفقت على "رفض كافة صور العنف سواء في الاحتكاك بين المتظاهرين أو إحراق المباني والمؤسسات ومقرات الأحزاب ، ونؤكد على ضرورة التمسك بسلمية الاحتجاجات".
وفي سياق ذي صلة، تتواصل الإحتجاجات في مصر ضد الإعلان الدستوري وضد قرار الرئيس مرسي بطرح الدستور الجديد للإستفتاء يوم 15 ديسمبر الجاري، غير أن أعداد المحتجين أمام قصر الإتحادية أنخفضت كثيراً، لتصل إلى أدني مستوياتها منذ إندلاع الإحتجاجات أمام القصر يوم الثلاثاء الماضي، وإندلعت إشتباكات محدودة بين معارضي ومؤيدي مرسي، وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة.
نحو الاضراب العام
دعت جبهة الانقاذ الوطني اهم قوى المعارضة المصرية في بيان مساء السبت المصريين الى الاستمرار في التظاهر و"الاحتشاد السلمي" حتى تحقيق المطالب، ملوحة بالاضراب العام لاسقاط الاعلان الدستوري وارجاء الاستفتاء على مشروع الدستور.
وقالت في بيان "ان جبهة الانقاذ تدعم وتدعو شباب مصر للاحتشاد السلمي والاعتصام في جميع ميادين مصر حتى تتحقق المطالب" مضيفة "تؤكد كل الشواهد والحشود الجماهيرية خلال الايام الماضية أن ارادة الشعب المصري تتجه إلى الاضراب العام".
واضافت الجبهة في بيانها الذي تلاه خلال مؤتمر صحافي محمد ابو الغار رئيس الحزب المصري الديموقراطي (يسار وسط) "دعت جبهة الانقاذ الوطني ولا زالت إلى حوار وطني واسع على أسس ديموقراطية وثورية هي إلغاء الاعلان غير الدستوري الصادر في 22 نوفمبر وتأجيل الاستفتاء على دستور باطل صادر من جمعية مشكوك في شرعيتها، لكن السيد رئيس الجمهورية ابى الا ان يجهض هذا الحوار بالتحايل عليه والالتفاف حول هذه المطالب، مصمما على الانحياز إلى جماعته على حساب الاجماع الشعبي".
واكد البيان مطالب الجبهة الاساسية وهي "اسقاط الاعلان غير الدستوري (..) باعتباره باطلا من أساسه وفاقدا للمشروعية والشرعية" و"رفض اجراء استفتاء على دستور يصادر حرية شعبنا ويفتقد إلى ابسط ضمانات حقوق الفلاحين والعمال والموظفين والنساء والاطفال وكافة فئات المجتمع المهمشة".
وشددت الجبهة ان "الحوار الجاد والموضوعي الذي قمنا بالدعوة إليه، له استحقاقات ولا يمكن لعاقل أن يقبل الحوار على أسنة الرماح وأن مبادرتنا لهذا الحوار ما زالت قائمة ومفتوحة لاغالب فيها ولا مغلوب". يشار الى ان بيان الجبهة صدر قبل اعلان رئيس الوزراء المصري هشام قنديل موافقة الرئيس مرسي على تعديل الاعلان الدستوري ودراسة امكانية ايجاد حل قانوني لتاجيل الاستفتاء على مشروع الدستور.
 
مصر: إعلان دستوري جديد لتنفيس الأزمة.. والجيش يحذر من الحسابات الخاطئة، تصعيد بين الإخوان والمعارضة > ائتلاف القوى الإسلامية يتمسك بالاستفتاء > جبهة «الإنقاذ» تطالب مرسي بحل ميليشيا الإخوان

القاهرة: «الشرق الأوسط» ... في تطور ينذر بصدام وشيك، تمترست القوى السياسية المتصارعة في مصر أمس خلف مواقف متشددة، ورفعت سقف مطالبها في مسعى للضغط على مؤسسة الرئاسة التي دعت لحوار وطني لنزع فتيل انفجار متوقع، بينما دخلت المؤسسة العسكرية التي آثرت الصمت منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي قبل ستة أشهر، على خط الأزمة، قائلة في بيان لها أمس إنها تدعم الحوار، محذرة من «العنف» و«الحسابات الخاطئة».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المشاركين في الحوار الوطني يقتربون من التوافق حول إعلان دستوري جديد، قد ينهي حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من أسبوعين.
أكد ذلك رئيس الوزراء المصري هشام قنديل مساء أمس قائلا إن الرئيس مرسي وافق على تعديل الإعلان الدستوري الذي منحه صلاحيات استثنائية وتطالب المعارضة المصرية بإلغائه. وأوضح قنديل، في تصريحات لقناة «المحور»، أن مرسي وافق على تعديل الإعلان الدستوري، وسيصدر إعلانا دستوريا جديدا (مساء أمس السبت أو صباح اليوم الأحد).
وبخصوص تأجيل الاستفتاء على الدستور الخلافي، المطلب الثاني للمعارضة، قال قنديل إنه «تم الاتفاق خلال اللقاء مع قوى وشخصيات سياسية اليوم في مقر الرئاسة على دراسة إمكانية إيجاد حل قانوني لتأجيل الاستفتاء».
وتمسكت جبهة الإنقاذ الوطني بشروطها المعلنة سلفا، وعلى رأسها إسقاط الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي الشهر الماضي، وإلغاء الاستفتاء على الدستور. وحذر القيادي بالجبهة الدكتور محمد أبو الغار عقب اجتماع مغلق لقياداتها من الاعتداء على معتصمي ميدان التحرير وقصر الاتحادية الرئاسي، مطالبا مرسي بتفكيك ميليشيات «الإخوان»، وبدء التحقيق فورا في وقائع قتل المعتصمين أمام «الاتحادية» الأربعاء الماضي، داعيا المصريين إلى الاعتصام في ميادين حتى تحقيق المطالب.
وردت القوى الإسلامية التي اجتمعت أمس بحضور نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، باتهام القوى المعارضة بالسعي إلى إسقاط مؤسسات الدولة. وخرجت المؤسسة العسكرية عن صمتها أمس وقالت في بيان لها إن «منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به» .
 
الجيش المصري: الحوار هو الأسلوب الأمثل وغير ذلك يدخلنا في نفق مظلم، حذر في أول تعليق له على الأزمة من «تقديرات وحسابات خاطئة»

القاهرة: محمد حسن شعبان ... في أول تعليق للمؤسسة العسكرية في مصر على الأزمة التي تعيشها البلاد منذ نهاية الشهر الماضي على خلفية الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، ودعوته إلى الاستفتاء على دستور البلاد الجديد في غياب التوافق الوطني حوله، أصدر المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة بيانا أعرب فيه عن دعم الجيش لـ«الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن»، وهو ما اعتبره قيادي في حزب الرئيس محمد مرسي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، رسالة من الجيش للمعارضة التي راهنت على تدخله، فيما وصفه مراقبون بينهم قيادي في جبهة الإنقاذ بـ«المتوازن والحيادي».
واحتدم الخلاف السياسي في البلاد، وتطور إلى مشهد دام في اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس مرسي عقب إصداره إعلانا دستوريا وصفه معارضوه بـ«الديكتاتوري»، بالإضافة إلى دعوة الرئيس الذي ينتمي لجماعة الإخوان المواطنين للاستفتاء على دستور لا يحظى برضا القوى المعارضة والكنائس المصرية الثلاث.
وقال الجيش الذي أدار المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، إنه يتابع بـ«مزيد من الأسى والقلق تطورات الموقف الحالي وما آلت إليه من انقسامات، وما نتج عن ذلك من أحداث مؤسفة كان من نتيجتها ضحايا ومصابون بما ينذر بمخاطر شديدة نتيجة استمرار مثل هذه الانقسامات، التي تهدد أركان الدولة المصرية، وتعصف بأمنها القومي».
وتابع العقيد أركان حرب أحمد محمد علي المتحدث العسكري الرسمي، قائلا: إن «منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وإن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به»، معربا عن ثقته في أن الشعب المصري قادر بوعيه وإدراكه على الاستمرار في التعبير عن آرائه سلميا بعيدا عن كل مظاهر العنف التي تشهدها البلاد حاليا».
وقال بيان الجيش الذي أذاعه التلفزيون الرسمي أمس (السبت) قبيل بدء الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس مرسي وقاطعته القوى السياسية المعارضة التي توحدت تحت مظلة جبهة الإنقاذ، إن «المؤسسة العسكرية تنحاز دائما إلى شعب مصر العظيم وتحرص على وحدة صفه، وهي جزء أصيل من نسيجه الوطني وترابه المقدس (...) وفي هذا الإطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن».
مضيفا: أن «اختلاف الأشقاء من المصريين بشأن آراء وتوجهات سياسية وحزبية هو أمر يسهل قبوله وتفهمه؛ إلا أن وصول الخلاف وتصاعده إلى صدام أو صراع أمر يجب أن نتجنبه جميعا ونسعى دائما لتجاوزه كأساس للتفاهم بين كافة شركاء الوطن».
وحذر البيان من أن عدم الوصول إلى توافق واستمرار الصراع لن يكون في صالح أي من الأطراف وسيدفع ثمن ذلك الوطن بأكمله، مشددا على ضرورة تجنب الوقوع فيما سماه «تقديرات وحسابات خاطئة» تجعل فرقاء المشهد السياسي لا يفرقون بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية والثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها.
واختتمت القوات المسلحة بيانها قائلة: إنها «بوعي وانضباط رجالها التزمت على مر التاريخ بالمحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطنين وما زالت وستظل كذلك؛ إلا أنها تدرك مسؤوليتها الوطنية في المحافظة على مصالح الوطن العليا وتأمين وحماية الأهداف الحيوية والمنشآت العامة ومصالح المواطنين الأبرياء».
واتفق عدد من المراقبين على وصف بيان الجيش بـ«المتوازن»، وقال الدكتور عمرو حمزاوي وهو قيادي في جبهة الإنقاذ المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: «هذا بيان متوقع، أكد فيه الجيش على أنه غير عازم على التدخل في السياسة، كما أكد حرصه على تحقيق التوافق».
ووصف حمزاوي وهو أيضا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، البيان بـ«المتوازن والحيادي»، مؤكدا أن قوى المعارضة داخل جبهة الإنقاذ حريصة على أن تعالج الأزمة الحالية انطلاقا من الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية، مؤكدا على أن هذا هو ما يدعوها (جبهة الإنقاذ) إلى التمسك بمطلب إسقاط الإعلان الدستوري.
في المقابل، قال مصدر رفيع في حزب الحرية والعدالة إن «البيان رسالة واضحة لقوى المعارضة بأن الجيش ملتزم بالشرعية». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «بعض القوى كانت تراهن على تدخل الجيش وما صدر رسالة بأن هذا لن يكون وأن المؤسسة العسكرية لن تسمح بالفوضى واستخدام العنف لإسقاط الرئيس».
ونقلت وكالة «رويترز» على لسان مصدر عسكري قوله، إن «بيان القوات المسلحة المصرية لا يشير إلى أي نية للتدخل في السياسة».
يأتي هذا في وقت قالت فيه الصفحة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه في إطار الاستعداد لعمل الاستفتاء في موعده، فإن الرئيس مرسي سيصدر مرسوما بقانون لإعطاء صلاحية الضبطية القضائية للقوات المسلحة التي من المقرر أن تشارك في تأمين الاستفتاء تحت إشراف اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء لمشروع الدستور.
 
نص بيان القوات المسلحة المصرية

جريدة الشرق الاوسط... فيما يلي النص الحرفي لبيان القوات المسلحة المصرية الصادر أمس كما ورد على صفحة المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة على «فيس بوك»:
«تتابع القوات المسلحة بمزيد من الأسى والقلق تطورات الموقف الحالي وما آلت إليه من انقسامات، وما نتج عن ذلك من أحداث مؤسفة كان من نتيجتها ضحايا ومصابون بما ينذر بمخاطر شديدة نتيجة استمرار مثل هذه الانقسامات التي تهدد أركان الدولة المصرية، وتعصف بأمنها القومي.. وتأسيسا على ما سبق ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية في المحافظة على الأمن القومي المصري، تؤكد القوات المسلحة على ما يلي:
1- أن الشعب المصري العظيم الذي أبهر العالم بثورته السلمية في 25 يناير 2011 وفوت الفرصة على كل من أراد أن ينحرف بالثورة عن مسارها السلمي لقادر بوعيه وإدراكه على الاستمرار في التعبير عن آرائه سلميا بعيدا عن كل مظاهر العنف التي تشهدها البلاد حاليا.
2- أن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به.
3- تنحاز المؤسسة العسكرية دائما إلى شعب مصر العظيم وتحرص على وحدة صفه، وهي جزء أصيل من نسيجه الوطني وترابه المقدس، وتأكد ذلك من خلال الأحداث الكبرى التي مرت بها مصر عبر السنين.. وفي هذا الإطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن.
4- أن اختلاف الأشقاء من المصريين بشأن آراء وتوجهات سياسية وحزبية هو أمر يسهل قبوله وتفهمه إلا أن وصول الخلاف وتصاعده إلى صدام أو صراع أمر يجب أن نتجنبه جميعا ونسعى دائما لتجاوزه كأساس للتفاهم بين كافة شركاء الوطن.
5- أن عدم الوصول إلى توافق واستمرار الصراع لن يكون في صالح أي من الأطراف وسيدفع ثمن ذلك الوطن بأكمله.. وفي هذا الإطار يجدر بنا جميعا أن نراقب بحذر شديد ما تشهده الساحة الداخلية والإقليمية والدولية من تطورات بالغة الحساسية، حتى نتجنب الوقوع في تقديرات وحسابات خاطئة تجعلنا لا نفرق بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية وبين الثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها.
6- أن القوات المسلحة المصرية بوعي وانضباط رجالها التزمت على مر التاريخ بالمحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطنين وما زالت وستظل كذلك، إلا أنها تدرك مسؤوليتها الوطنية في المحافظة على مصالح الوطن العليا وتأمين وحماية الأهداف الحيوية والمنشآت العامة ومصالح المواطنين الأبرياء.. وفي هذا الإطار نوجه الشكر إلى رجال القوات المسلحة الشرفاء على تحملهم للمسؤولية في تأمين هذا الوطن العزيز بكل صدق وإخلاص وتفانٍ.
حمى الله مصر وألف بين قلوب رجالها وسدد على طريق الخير خطى أبنائها الشرفاء».
 
«حوار» محموم في الرئاسة.. وتوقعات بإعلان دستوري جديد لنزع فتيل الأزمة، الإسلاميون يمهلون معتصمي «الاتحادية» ساعات لفض الاعتصام.. «والإنقاذ» تطالب بتفكيك ميليشيات «الإخوان»

القاهرة: وليد عبد الرحمن وأحمد امبابي .... قالت مصادر مطلعة داخل الرئاسة المصرية، أمس، إن الحوار الوطني الذي أجراه الرئيس محمد مرسي مع قوى سياسية أسفر عن إعلان دستوري جديد لنزع فتيل الأزمة، بعد ما شهدته البلاد من تطورات تنذر بتجدد الاشتباكات الدامية أمام قصر الاتحادية الرئاسي.
يأتي ذلك فيما أمهل الشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل معتصمي قصر الاتحادية ساعات لفض اعتصامهم الذي دخل يومه الثاني أمس. وقال في كلمة لحشود السلفيين أمام مدنية الإنتاج الإعلامي «ساحات قصر الاتحادية ليست ساحات للتظاهر، ودونها الرقاب والأرواح».
يأتي هذا في وقت استمرت فيه المفاوضات المحمومة في قصر الرئاسة بين الرئيس مرسي ونائبه وممثلي قوى سياسية وشخصيات عامة وافقت على حضور اللقاء، لنزع فتيل الأزمة في مصر.
وواصل مئات من الإسلاميين حصارهم للبوابة الرئيسية لمدينة الإنتاج الإعلامي بضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة لليوم الثاني أمس (السبت)، لمنع الرموز المعارضة لسياسات الرئيس محمد مرسي من الظهور على القنوات الفضائية الخاصة التي تبث من المدينة، والمطالبة بتطهير الإعلام من «فلول نظام مبارك» على حد زعمهم، فيما تظاهر المئات من المعتصمين أمام «الاتحادية» من القوى المدنية احتجاجا على ما يدور في اجتماع الرئيس محمد مرسي مع الرموز السياسية، مطالبين بإلغاء الإعلان الدستوري الأخير والاستفتاء على الدستور الجديد. وكشفت مصادر داخل مدينة الإنتاج الإعلامي لـ«الشرق الأوسط»، عن «منع الحشود السلفية دخول عدد كبير من الإعلاميين والعاملين في العديد من القنوات».
ووجه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل السلفيين للتوجه إلى مدينة الإنتاج الإعلامي للاحتشاد هناك، مؤكدا أنهم لن يبرحوا هذا المكان، داعيا الحشود عدم المغادرة، ووجه دعوة لحضور المزيد. وقال مخاطبا حشود السلفيين «هناك عدد من إخوانكم يعدون الآن قائمة سوداء بأسماء شخصيات سياسية وإعلاميين، ملاك ثلاث قنوات فضائية، متورطين في الأحداث الأخيرة التي وقعت في محيط قصر الاتحادية الرئاسي (الأربعاء) الماضي وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتخطط للانقضاض على الشرعية لإسقاط الدكتور محمد مرسي». ووجه أبو إسماعيل كلامه لهم مهددا إياهم بقوله «لا بد أن تأخذوا كلامي مأخذ الجد لأن كل كلمة فيه مقصودة».
وخاطب أبو إسماعيل من سماهم بالفلول داخل مدينة الإنتاج الإعلامي أو أمام قصر الاتحادية، قائلا «إما أن ترتدعوا اليوم أو سترتدعون غدا إن شاء الله»، وأملهم ساعات للانسحاب من هذا «الاتفاق الجنائي» - حسب قوله.
وجه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل رسالة تحذير إلى الإعلام مفادها أن «حرية النقد مكفولة؛ لكن تجاوز حد الأدب لدرجة إهدار هيبة الدولة والنظام غير مقبول، ولن يسمح به أبدا»، موضحا أن الأرواح والأعناق فداء لأن يستقر الحق والوضع السياسي في مصر. وأضاف أبو إسماعيل «لن نسمح أن يكون رئيس الدولة ألعوبة في وسائل الإعلام».
لكن مصادر داخل الرئاسة الجمهورية أكدت أنهم قاموا مساء أول من أمس بالاتصال هاتفيا بعدد من قيادات الأحزاب السياسية الرافضة للحوار الوطني، على رأسها أحزاب الوفد والدستور والمؤتمر ومصر القوية والتيار المصري، إلا أن مسؤولي الرئاسة رفضوا إعطاء هذه الأحزاب ضمانات معينة مثل تجميد الإعلان الدستوري كاملا وتأجيل الاستفتاء نهائيا قبل حضور الحوار الوطني.
وحسب المصادر نفسها فإن «هناك 4 محاور رئيسية دار النقاش حولها خلال الحوار الوطني، أولها إلغاء الإعلان الدستوري الأخير أو بعض مواده وعلى رأسها المادة السادسة الخاصة بالإجراءات الاستثنائية والمادة الثانية الخاصة بتحصين قرارات الرئيس». والمحور الثاني هو «مدى التوافق على إصدار إعلان دستوري جديد بتغيير موعد الاستفتاء وتأجيله شهرا على الأقل لحين التوافق على مشروع الدستور»، والمحور الثالث «مناقشة إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية أو دعوتها لاستكمال عملها حتى 12 فبراير (شباط) المقبل»، أما المحور الرابع فهو «كيفية وقف الفعاليات الميدانية والحشد المتبادل بين القوى السياسية».
وشددت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «كل ما سيتوصل إليه اللقاء من حلول أو اتفاقات مبدئية سيتم التوقيع بموجبه على وثيقة رسمية مشهرة تعلن للرأي العام، وسيصدر على أثرها إعلان دستوري جديد أو قرارات جمهورية ستؤدي إلى انفراجة في الأزمة» - كما وعدت المصادر. لكن مراقبين يرون أن كلام المصادر مجرد تكهنات، ولا توجد حقائق مؤكدة عما سينتهي إليه الاجتماع.
في غضون ذلك، واصل المتظاهرون من القوى والحركات الثورية والأحزاب المدنية اعتصامهم أمام قصر الاتحادية، احتجاجا على الإعلان الدستوري الأخير، والمطالبة بإلغاء الاستفتاء على الدستور، وتشكيل جمعية تأسيسية أخرى تمثل كل القوى الوطنية وكل طوائف الشعب.
وأعادت قوات الحرس الجمهوري المكلفة بتأمين قصر الاتحادية زرع الأسلاك الشائكة ونشر المدرعات والدبابات على مداخل الشوارع المحيطة للقصر، والتي تخطاها المتظاهرون في مليونية «الكارت الأحمر» أول من أمس (الجمعة).
في سياق مواز، طالبت جبهة الإنقاذ الوطني «الرئيس محمد مرسي بتحمل مسؤوليته بحماية المظاهرات والاعتصامات»، داعية إياه إلى إسناد مهمة التحقيق لقاضي التحقيق في أحداث اشتباكات الأربعاء الماضي.
وأكد الدكتور محمد أبو الغار، في بيان للجبهة خلال مؤتمر صحافي مساء أمس (السبت)، على رفض الجبهة للإعلان الدستوري غير الشرعي، وكذلك رفض الاستفتاء على الدستور قبل التوافق عليه، مشيرا إلى استعداد الجبهة للدخول في حوار جاد، كاشفا عن أن الجو العام يكشف عن وجود ميل للإضراب العام. ودعا أبو الغار الدكتور مرسي إلى حل الميليشيات العسكرية التي شكلتها جماعة الإخوان المسلمين، كما دعا المواطنين إلى الاعتصام السلمي حتى تحقيق المطالب.
 
واشنطن: نتصل بكل القادة المصريين ونؤيد الحوار من دون شروط مسبقة، الخارجية الأميركية: هذه ليست ثورة ثانية وأوباما عبر عن قلقه لمرسي

واشنطن: محمد علي صالح ... قالت وزارة الخارجية الأميركية إن السفارة الأميركية في القاهرة تتصل مع المصريين «على كل المستويات» لتأكيد أهمية الحوار للخروج من الأزمة الحالية. ودعت إلى حوار دون شروط. وإلى «استفتاء ذي مصداقية». وأن واشنطن تؤيد الرئيس محمد مرسي «لأنه انتخب ديمقراطيا»، ولكن الرئيس باراك أوباما، في اتصاله التليفوني مع الرئيس مرسي يوم الخميس، عبر عن «القلق».
وقال مارك تونر، نائب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «سفارتنا على اتصال منتظم مع القادة المصريين، على كافة المستويات، ومن مختلف ألوان الطيف السياسي. إنها تستشهد بنداء الرئيس إلى مرسي، وتأكيد الرئيس على جميع الزعماء السياسيين في مصر بأهمية أن يوضحوا لمؤيديهم أن استمرار أعمال العنف أمر غير مقبول». وأضاف تونر: «نحن نتوقع من الحكومة المصرية احترام حرية التعبير، والاجتماع، وممارسة ضبط النفس».
وعن رفض بعض المعارضين دعوة الرئيس مرسي للحوار معه، قال تونر: «نحن نرحب بهذه الدعوة. لكن، الحوار الهادف يجب أن يجري دون شروط مسبقة». وأضاف: «طبعا، نحن ننقل نفس الرسالة إلى زعماء المعارضة».
وفي إجابة على سؤال، خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي غلبت عليه أسئلة كثيرة ومثيرة عن مصر، عن «استقرار الحكومة المصرية»، لم يشكك تونر في استقرارها، لكنه عبر عن القلق. وقال: «نحن قلقون جدا إزاء الوضع في مصر. نشجب العنف ضد، أو بين، الجماعات المتنافسة من المتظاهرين. نريد رؤية نهاية للعنف، وأيضا، نريد من الحكومة المصرية احترام حق الاحتجاج السلمي لهؤلاء المتظاهرين».
وعن الاستفتاء الذي دعا له الرئيس مرسي، قال تونر: «طبعا، هذه العملية مصرية. لكن، نحن بالتأكيد نؤيد الاستفتاء، ولكن يجب أن يكون ذا مصداقية للشعب المصري». وأضاف: «كما شاهدنا خلال الأيام الماضية، المصريون على استعداد للتضحية قليلا جدا لضمان سماع أصواتهم. وطالما يفعلون ذلك سلميا، يملكون الحق في التظاهر، وفي التعبير عن وجهات نظرهم بشأن صورة الدستور في مصر. إذا سيكون ذلك من خلال استفتاء، نحن نؤيد ذلك».
وفي إجابة على سؤال عدالة الطريقة التي كتب بها الدستور، قال تونر: «واضح أن المصريين لديهم آراء قوية عن مضمون مشروع الدستور. وعن العملية التي وافقت بها الجمعية التأسيسية على مشروع الدستور». وأضاف: «نحن قلقون على عدم توافق الآراء. ونرى أن هناك حاجة لعملية، يقودها الشعب المصري، ويصدقها، تسير إلى الأمام للموافقة على دستور».
وعن شرط معارضين بإلغاء القرارات الدستورية التي أعلنها مرسي قبل الاشتراك في الحوار، قال تونر: «دون شروط معناه دون شروط، كما قلت».
وفي إجابة على سؤال إذا كانت واشنطن تؤيد الاستفتاء «في الظروف الحالية»، قال تونر: «هذا موضوع متروك للمصريين ليقرروه بطريقة سلمية».
وفي إجابة على سؤال عن «خطأ مرسي الأساسي» عندما أعلن القرارات الدستورية في الشهر الماضي، قال تونر: «ليس مفيدا انتقاد شخص أو جهة معينة في هذه الظروف، أو تحميلهم مسؤولية حدث معين. نريد في الظروف الحالية الحرص على الحوار للخروج من هذه المشكلة».
وفي إجابة على سؤال إذا كان مرسي أضر بمصداقيته، وعرقل إجازة الدستور، عندما أعطى نفسه سلطات دستورية استثنائية، قال تونر، دون إجابة مباشرة على السؤال: «هذا وقت متوترة جدا في مصر. ونحن نريد أن نرى الشعب المصري وقد خرج من هذه المشكلة بتأسيس ديمقراطية أقوى وأكبر. نحن نريد أن نرى هذا التحول السياسي وقد نجح. وحقا، على الشعب المصري أن يقرر ما هي وسيلة ذلك. لكن، هام الآن أن يبدأ هذا الحوار، كما قلت، من دون شروط مسبقة».
ورفض تونر القول إن واشنطن طلبت من مرسي إلغاء القوانين الدستورية، وقال إن البيت الأبيض قال إن الرئيس أوباما عبر للرئيس مرسي «عن قلقه».
وفي إجابة عن سؤال عن احتمال تدخل الجيش، قال تونر: «نحن نراقب الوضع عن كثب. نحن قلقون إزاء مستوى العنف، ولا نريد أن نرى أنه يتصاعد. نريد أن نرى المتظاهرين المسالمين وقد سمح لهم بالتظاهر. ونريد أن نرى قوات الأمن وقد أظهرت ضبط النفس». ورفض تونر الإجابة مباشرة عن احتمال التدخل العسكري. لكنه قال إن «الاتصالات الأميركية مع كل الطوائف والجماعات في مصر»، بما في ذلك القوات المسلحة.
ورفض تونر الإجابة مباشرة على عدد من الأسئلة من صحافيين عن «مطالب مصريين برحيل مرسي». وقال: «لا أريد أن أضع نفسي وسط هذه العملية السياسية التي تجري حاليا. كما قلنا، في أي عملية ديمقراطية، الشيء الهام هو العملية نفسها. وأن تكون ذات مصداقية، وأن تسير إلى الأمام».
وفي إجابة غير مباشرة على سؤال إذا كانت واشنطن «تثق» في تصرفات مرسي، قال تونر: «كما قال بيان البيت الأبيض، الرئيس أوباما عبر عن قلقه. ونحن نتحدث مع كل الأطراف. ولدينا رسالة متسقة: هذا عملية سياسية مصرية. ولا بد من السماح لها بأن تسير قدما سلميا. لكن، نكرر الدعوة إلى حوار، جاد، ودون شروط مسبقة. ووضع حد لأعمال العنف».
وفي إجابة على سؤال عما إذا كان الذي يجري في مصر «ثورة جديدة»، قال تونر: «لا».
 
ائتلاف الأحزاب والقوى الإسلامية بقيادة الإخوان يرفض تأجيل استفتاء الدستور، الشاطر يطل على الساحة السياسية مهاجما المعارضة.. وبديع يتحدث عن فساد وإجرام

القاهرة: محمود محسن ... فيما بدا اصطفافا إخوانيا سلفيا غير مسبوق لدعم الرئيس المصري محمد مرسي، عقد المرشد العام لجماعة الإخوان مؤتمرا صحافيا صباح أمس، بينما أطل نائبه خيرت الشاطر الذي آثر الغياب عن المشهد السياسي في البلاد طوال الفترة الماضية في مؤتمر صحافي عقدته القوى الإسلامية أمس أيضا، أعلنت فيه تأييدها لإجراء الاستفتاء في موعده مستبقة بذلك نتائج الحوار الوطني الذي بدأته مؤسسة الرئاسة.
وأعلن ائتلاف الأحزاب والقوى الإسلامية الذي يضم 13 تنظيما بينها جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب والقوى السلفية، رفضه تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور المقرر في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وأكد بيان لهذه القوى تلاه نائب المرشد العام للإخوان المسلمين خيرت الشاطر في مؤتمر صحافي «ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور في موعده دون تعديل أو تأجيل».
ووقع بيان الائتلاف 13 حزبا وحركة إسلامية بينها بالخصوص الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها وحزب النور والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية.
وحذر الائتلاف «المتلاعبين بإرادة الشعب من محاولة اغتصاب الدولة أو الانقلاب على الشرعية»، مضيفا: «إن كل الخيارات مفتوحة أمام القوى الإسلامية للحفاظ على الشرعية ومؤسسات الدولة المنتخبة».
وشن الشاطر الذي يعتقد معظم المراقبين أنه يملك تأثيرا كبيرا في القرارات التي تخرج من الرئاسة، هجوما حادا على قوى المعارضة. وقال خلال مؤتمر القوى الإسلامية بمقر الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمدينة نصر إن «هناك من يخطط للفراغ السياسي والفوضى، وجر الجماعة لمعارك جانبية»، مضيفا أن «معركتنا كإسلاميين ليست معركة مقرات أو طوب، ولكن دعم وحماية الشرعية».
وكانت مقار الإخوان في عدد من محافظات الجمهورية قد تعرضت لهجوم من قوى معارضة للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي الشهر الماضي، وحصن فيه قراراته من الطعن عليها.
وقال الشاطر إنه «يعلم جيدا أن هناك من يريد شل حركة الرئيس وإسقاط مؤسسات الدولة»، مضيفا أن معارضي الرئيس لا يتجاوزون الـ30 ألف متظاهر، وأن الجماعة لن ترضى أن تسرق الثورة مرة أخرى، وتابع: «لن ننجر إلى الفتن والأقباط شركاؤنا في الوطن»، واعتبر نائب المرشد أن مشروع النهضة، المشروع التنموي الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين، يحتاج لمزيد من الاستقرار السياسي لتطبيقه.
وكشف الشاطر عن وجود معلومات لدى الإخوان من كواليس البرامج الفضائية تم تسجيلها على الهواتف الجوالة لحوارات بين قيادات لم يسمها لإسقاط الدكتور مرسي بعد 3 أو 4 شهور، موضحا في كلمته أمام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أن الإخوان لا يعلقون «شماعتهم» على الإعلام من فراغ ولكن من منطلق معلومات حقيقية.
وأضاف أن مصادر مختلفة كالإخوان وقوى إسلامية عدة رصدت لقاءات دولية وإقليمية وداخلية من أجل انتشار الفوضى في مصر عقب الثورة. وتابع: «ولو فشل إرباك الثورة، فيجب إرباك القوى التي ستحكم».
ودأبت قيادات إخوانية خلال الأسابيع الماضية على مهاجمة قنوات فضائية وصحف خاصة مملوكة لرجال أعمال مصريين. كما حاصرت حشود إسلامية منذ أول من أمس مدينة الإنتاج الإعلامي بحي 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة المصرية، وأعلنت اعتصامها مطالبة الرئيس مرسي بتطهير الإعلام.
وأعلن الائتلاف، الذي يضم جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى، عن انعقاده بشكل دائم، لبحث الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد.
من جانبه، دعا مرشد جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع جميع القوى السياسية إلى التبرؤ من العنف، وقال بديع خلال كلمته بمؤتمر للجماعة في مقر المركز العام للإخوان المسلمين أمس إن 8 قتلى جميعهم من الإخوان سقطوا خلال أحداث قصر الاتحادية الأربعاء الماضي، موضحا أن 28 مقرًا للجماعة وحزبها تعرضت للاعتداءات والحرق في جميع أنحاء المحافظات خلال الأيام الماضية خلافًا للمركز العام وجريدة الحرية والعدالة الناطقة باسم الحزب.
وقال بديع في مقر الإخوان المسلمين في القاهرة إن «الذين لا يريدون النزول على رأي الشعب ندعوهم إلى المصالحة والحوار وأن نحتكم إلى الشعب المصري».
وأضاف: «بفضل الله سنعلي مصلحة مصر على كل المصالح، كل ما ترون يهون في سبيل أن تعود مصر إلى الاستقرار والعودة إلى الحوار».
وتابع: «أقول للكل، إياكم أن يكون هناك عندكم بغض للإخوان ينسيكم مصلحة مصر، اغضبوا منا اكرهونا كما تشاءون ولكن حكموا العقل، وحدة مصر لا تحتمل ما يحدث الآن».
واعتبر أن «المشهد الذي يحدث في مصر الآن ليس هو الذي يعبر عن مصر»، مدافعا عن جماعة الإخوان ومؤكدا أنها تبنت دوما «الحوار وسيلة واحدة للتعامل مع المعارضين».
وكان المرشد العام للإخوان يرد على الاتهامات الموجهة لجماعة الإخوان المسلمين، خصوصا من الناشطين الشباب المعارضين، باستخدام العنف لفض الاعتصام أمام قصر الرئاسة الأربعاء الماضي مما أدى إلى اشتباكات دامية أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة مئات آخرين.
غير أن بديع اتهم متظاهرين معارضين بإحراق 28 مقرا للجماعة في أنحاء مختلفة مؤكدا أن ثمانية من أعضائها قتلوا في اشتباكات في عدة محافظات.
وقال إن «ما يحدث ليس معارضة إنما فساد واستبداد وإجرام أنتم شهود عليه الآن، هذه جرائم ليست خلافات في الرأي وليست معارضة».
وشدد على أن «هذه جرائم وليست خلافات في الرأي وليست معارضة»، داعيا «كل القيادات السياسية إلى أن تتبرأ من القتلة والمخربين».
وأوضح بديع أن رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني «سيشارك في الحوار» الذي سيجريه الرئيس المصري محمد مرسي السبت «مع لجنة الحكماء».
وتساءل بديع أمس ردا على اتهام المعارضة له بأنه هو منْ يحكم مصر: «هل أنا رجل يحكم مصر؟ مقره يحرق ويعتدى عليه؟! أرجو أن تردوا أنتم، وأحذر من أن الله قال (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)». وتابع: «نحن لا نؤدي دور مؤسسات الدولة، ولكن ندافع عنها ضد من يريدون تخريبها، ونضحي بأنفسنا ونساعد الأجهزة الأمنية».
وأعرب بديع عن أمله في أن يتم تغليب المصلحة العامة للبلاد، مطالبا بالقصاص من القتلة، ومؤكدا «وراء ما يحدث في مصر مصالح وأموال لا تريد أن تستقر الأوضاع في مصر».
وميدانيا قام المتظاهرون بميدان التحرير صباح أمس بإغلاق مجمع المصالح الحكومية بالتحرير باستخدام الأسلاك الشائكة ردا على قيام الإسلاميين بمحاصرة مبنى المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامي، وتدفق اليوم المئات من المتظاهرين على ميدان التحرير، يأتي ذلك بينما أفرجت السلطات المصرية عن المقبوض عليهم في أحدث الاتحادية الأخيرة. إلى ذلك، تجمع العشرات من المتظاهرين منذ قليل أمام قصر الاتحادية، مرددين هتافات مناوئة للنظام، هذا بينما تجمع المئات من مؤيدي الرئيس محمد مرسي، ظهر أمس أمام مسجد رابعة تأييدا لقرارات الرئيس، ولحماية الشرعية الدستورية، على حد وصفهم.
وفي مدينة الإنتاج الإعلامي تواصل الاعتصام الذي أعلن عنه عدد من أنصار المرشح الرئاسي السابق الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أمام مدينة الإنتاج الإعلامي تزايدًا ملحوظًا بعد توافد عدد من المتظاهرين صباح أمس السبت على مقر الاعتصام، وشكل المعتصمون لجانًا شعبية بمحيط الاعتصام مما أدى إلى وقوع بعض المناوشات والاحتكاكات بين أفراد تلك اللجان وبعض العاملين بمدينة الإنتاج الإعلامي أثناء دخولهم للمدينة وذلك لمطالبتهم بإبراز هوياتهم وتفتيشهم.
 
مستشارون ومقربون من مرسي: الرئيس يعتمد أكثر على الإخوان ولا يثق بحكومته، رهانه على أن الماكينة السياسية الإخوانية ستتغلب بسهولة على المعارضة

القاهرة: ديفيد كيركباتريك* ... في مواجهة أخطر أزمة يتعرض لها الرئيس المصري محمد مرسي منذ اعتلائه سدة الحكم، بدأ الرجل في اللجوء أكثر من أي وقت مضى إلى حلفائه الإسلاميين في جماعة الإخوان المسلمين، مراهنا على سطوتهم السياسية من أجل تحقيق نصر حاسم في الاستفتاء الوشيك على الدستور المصري في صورته النهائية. ومع ارتفاع هتافات عشرات الآلاف من المطالبين بإسقاطه أو حتى سجنه في رابع يوم من الاحتجاجات التي اندلعت خارج القصر الرئاسي، اعترف مستشارو مرسي وقياديو جماعة الإخوان يوم الجمعة الماضي بأن الرجل بعيد عن قاعدته الأساسية من المؤيدين الإسلاميين يشعر بتزايد عزلته في الساحة السياسية، بل وحتى داخل حكومته نفسها.
وقال مصدر مقرب من الرئيس رفض الإفصاح عن هويته لتناوله مداولات داخلية إن جماعة الإخوان «هي ما يمكنه الاعتماد عليه». ويبدو أن مرسي يصدق أنه في مقدوره هو والجماعة كسب قاعدة تصويتية قوية لصالح مسودة الدستور خلال الاستفتاء المزمع إجراؤه الأسبوع المقبل، على أن تكون هذه القاعدة قوية بما يكفي لإضعاف الثقة في المعارضة، والسماح له بأن يبدأ بداية جديدة وأن يستعيد بعضا من سلطته. وفي ظل الصعوبات التي يواجهها مرسي في إخماد موجة الاحتجاجات والعنف، بدا أنه يقدم تنازلا جديدا لخصومه يوم الجمعة الماضي من خلال فتح الباب أمام احتمال تأجيل الاستفتاء على مسودة الدستور، الذي تحدد بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بل واحتمال إجراء تعديلات عليه من جانب الجمعية التأسيسية للدستور التي يهيمن عليها الإسلاميون. غير أن زعماء المعارضة لم يعيروه أي آذان مصغية، مكررين مطالبهم بضرورة البدء في عملية تغيير شاملة داخل الجمعية نفسها. وصرح محمد البرادعي، الدبلوماسي السابق في الأمم المتحدة ومنسق جبهة الإنقاذ المعارضة، يوم الجمعة الماضي في رد تلفزيوني: «عليه أن يتخذ هذه الخطوات، وأرجو أن يستمع إلينا».
إلا أن مستشاري مرسي أكدوا أن لديه أملا ضئيلا في التوصل إلى حل وسط، وأنه ينوي الاستمرار في حشد أنصاره من الإسلاميين، وهي استراتيجية كشف عنها في أوضح صورة أثناء كلمة تلفزيونية وجهها إلى الأمة ليلة الخميس الماضي، فعند الحديث عن الصدامات التي وقعت بين مؤيديه الإسلاميين وخصومهم وسقط فيها 6 قتلى على الأقل، امتنع مرسي تقريبا عن ذكر ما من شأنه توحيد الصفوف، وهو أمر كان يمكنه تحقيقه عن طريق إبداء التعاطف بدرجة متساوية مع من جرحوا أو قتلوا من كلا الجانبين، إلا أنه بدلا من ذلك تطرق إلى هذه الموضوعات بنبرة تميل في جلها إلى أنصاره الإسلاميين، زاعما أن مؤيديه خارج القصر تعرضوا لهجوم من قبل بلطجية مندسين يتلقون «أموالا سوداء» في مؤامرة من الموالين للرئيس المخلوع حسني مبارك، وأن المصالح الأجنبية مصممة على إفشال الثورة، وذكر أيضا أن بعض المتهمين لهم «صلات مباشرة» بالمعارضة السياسية، داعيا المصريين إلى «الوقوف في وجه هذه الجرائم المشينة».
ويمثل اتكال مرسي على قاعدة الإسلاميين المؤيدين له رهانا على أن الآلة السياسية الإخوانية سوف تتمكن بسهولة من التغلب على المعارضة العلمانية، حتى بعد استعادتها لطاقتها وحيويتها. ويؤكد مستشاروه أن الوصول إلى دستور حتى وإن كان غير مثالي سوف يثبت التزامه بالديمقراطية وسيادة القانون ويعيد إليه مصداقيته، إلا أنه يسهم أيضا في تغذية حالة الاستقطاب التي تكبل السياسة المصرية حاليا وتصيبها بالشلل، مما يهدد بوصم كل من الدستور ومرسي بأنهما متحيزان بالكامل لحزب معين، وكذلك الانتخابات البرلمانية القادمة، التي من المقرر أن تتم في شهر فبراير (شباط) المقبل إذا ما تم تمرير الدستور. وقال قيادي كبير داخل جماعة الإخوان يوم الجمعة الماضي، لكنه طلب عدم ذكر اسمه لمناقشة أمور داخلية: «لا أظن أنه سيكون لدينا نفس القدر من الثقة، وأظن أن أعدادنا سوف تتأثر في الغالب».
ويقول بعض من هم على علم بمشوار مرسي كأحد القيادات السياسية داخل جماعة الإخوان إن شخصيته أيضا ربما تكون عاملا من العوامل، إذ يوضح شادي حميد، وهو مدير الأبحاث لدى «مركز بروكنغز الدوحة» ومراقب عن كثب لجماعة الإخوان: «إن مرسي شخص عنيد، حيث لم يعرف عنه أنه يتجاوب بشكل جيد مع من يختلف معهم». غير أن مستشاري مرسي يقولون إنه أيضا يعتمد بصورة لافتة للنظر على جماعة الإخوان، التي تعتبر القوة السياسية الأكثر تنظيما في مصر، ويعود ذلك في جزء منه إلى أنه لا يثق في حكومته نفسها، التي ظلت في معظمها كما هي عقب رحيل مبارك. وقد أعلنت القوات المسلحة أنها لن تنحاز إلى أي من الجانبين، وظل جنرالات الجيش يرفضون الإذعان لسلطته حتى 3 أشهر مضت، وأصروا على ضمان استمرار استقلالية القوات المسلحة في ظل الدستور القادم.
وأثناء تأهب المحتجين على الدستور الجديد للزحف في مسيرات نحو القصر الرئاسي يوم الأربعاء الماضي، رأى مرسي أنه أيضا لا يمكنه الاعتماد على وزارة الداخلية في الدفاع عن القصر، حيث سبق لها أن فشلت في حماية أكثر من 12 مقرا من مقرات الإخوان ضد الهجمات التي تعرضت لها على مدار الأسبوعين الماضيين، وذلك بحسب ما ذكره مستشاروه، وخلص إلى أن كبار مسؤوليها قد يفضلون التنحي جانبا بدلا من اتخاذ إجراءات ربما تعود عليهم بردة فعل عكسية. وقال القيادي الإخواني: «لقد دعا شباب جماعة الإخوان المسلمين إلى تكوين درع بشرية وحماية الرئاسة لأنه لا يستطيع الوثوق في الدولة. إنه معزول».
وقد أدى هذا القرار إلى تلك الليلة التي شهدت قتالا عنيفا في الشوارع والتي لم تؤد إلا إلى زيادة الانقسام السياسي. وفي اليوم التالي، قام مرسي باستدعاء دبابات الحرس الجمهوري، وهي وحدة خاصة تحت سلطته المباشرة. ويقول مستشاروه إنه مقتنع بأن معارضيه في الجمعية التأسيسية لديهم نوايا خبيثة من التفاوض حول أحكام الدستور الموضوع، حيث يبدون موافقتهم على اعتماد حلول وسط، ثم لا يلبثون أن ينسحبوا في الدقيقة الأخيرة. والآن يقول قياديو الإخوان وبعض المحللين إنه لا يوجد أي حل وسط يرضيهم.
* خدمة «نيويورك تايمز» ، فقد ذكر عصام العريان، وهو قيادي إخواني كبير كان ضمن تشكيل تأسيسية الدستور: «إن الجدل لا يدور حول محتوى النص. الجدل الحقيقي هو: هل سيكون لدينا دستور أم لا؟ إنهم خائفون من الديمقراطية».
غير أن عشرات الآلاف من مناوئي مرسي احتشدوا خارج قصر الرئاسة يوم الجمعة الماضي لليلة الرابعة على التوالي، وقال الكثيرون منهم إنهم هم أيضا لا يرغبون في التوصل إلى حل وسط لأن مرسي فقد كل مصداقيته. وهتف المتظاهرون: «سوف نعيدك إلى السجن»، في إشارة إلى الأشهر التي قضاها مرسي داخل السجن في عهد مبارك بسبب دوره كقيادي إخواني، غير أن الهتاف الأكثر تكرارا لم يكن عن الدستور، بل كان دعوة إلى «إسقاط النظام».
أبو الغار لـ «الشرق الأوسط»: مرسي ليس الحاكم الحقيقي.. ولو تركه «الإخوان» ستتقدم مصر، القيادي بجبهة الإنقاذ: مستعدون للتعاون مع الرئيس.. ودخول السلفيين لـ«الإنتاج الإعلامي» سيؤدي لمذبحة

القاهرة: وليد عبد الرحمن .... كشف الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، عن أن جبهة الإنقاذ لم ترفض الحوار الوطني مع الرئيس محمد مرسي أو أي طرف آخر؛ مبينا أن الجبهة ترى أن يبدأ ذلك الحوار بعد إلغاء الإعلان الدستوري الأخير وتأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لمناقشة مشروع الدستور والاتفاق على مواده، قائلا: «ليس لدينا أي شروط غير هذين الشرطين».
وأضاف أبو الغار في تصريحات خاصة مع «الشرق الأوسط»: «مستعدون للتعاون الجاد في كل الأمور، والحوار والتوافق سبيلنا.. فنحن لا نملك القوة ولا الميليشيات مثل جماعة الإخوان المسلمين» على حد قوله. وأصدر الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا جديدا في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وسع فيه من صلاحياته، وحصن الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) من الحل، وأعلن عن طرح مشروع الدستور للاستفتاء الشعبي في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مما أدى إلى خروج احتجاجات ضده في ميدان التحرير بوسط القاهرة، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي وفي عدة محافظات مصرية. وحول موقف الجبهة حال عدم استجابة الرئيس مرسي لأي من الشرطين، قال أبو الغار: «سوف يستمر الوضع على ما هو عليه الآن، ولن ينصلح حال مصر، وسوف تعاني البلاد من الإفلاس، وسيكون المسؤول وقتها عن كل ذلك هو الحزب الحاكم في مصر (الحرية والعدالة)، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، الذي يريد فعل كل الأشياء وفق فكر قياداته».
وتعد «الإنقاذ الوطني» جبهة واسعة تضم رموز المعارضة السياسية ومرشحين سابقين للرئاسة، تم تدشينها عقب الإعلان الدستوري الأخير للرئيس مرسي، ومنسقها العام الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، وتضم من رموز المعارضة حمدين صباحي، مؤسس حزب التيار الشعبي والمرشح السابق للرئاسة، وعمرو موسى رئيس حزب المؤتمر والمرشح السابق للرئاسة، والسيد البدوي رئيس حزب الوفد، وعدد من رموز القوى الوطنية.
ورفضت جبهة الإنقاذ الحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي أمس (السبت) للتباحث حول الموقف السياسي الراهن في البلاد. وقالت الجبهة على لسان عمرو موسي، إن «الدعوة إلى الحوار بالشكل الذي وجهت به لا تؤدي الغرض المطلوب، إذ ليس من شأنه طرح إمكانيات، لتباحث جدي بشأن المطالب الشعبية».
وعن المشهد السياسي الحالي في مصر، قال الدكتور أبو الغار: «المشكلة الحقيقية في اعتقادي؛ أن الدكتور محمد مرسي ليس الحاكم الحقيقي لمصر، فالأوامر تأتي إليه فتعمل على إحراجه بشدة». وتابع: «لو يترك الإخوان مرسي وشأنه، سوف تتقدم مصر»، مضيفا: «قابلت مرسي وقت الانتخابات التشريعية والرئاسية وخطابه عاقل ومتفتح، كما أعرفه من أيام النضال ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وكان رجلا حكيما وصاحب موقف».
وأكد أبو الغار أن «الرئيس مرسي يفطن لذلك (وهو تدخل جماعة الإخوان في شؤون البلاد)؛ لكنه لا يستطيع أن يتخذ أي قرار وهذه هي المشكلة»، مستدركا: «مرسي يفطن لكل شيء».
وكشف القيادي في جبهة الإنقاذ تفاصيل اللقاء الأخير بالرئيس محمد مرسي قبل أسبوعين، قائلا: «الرئيس مرسي طلب مقابلة رؤساء الأحزاب ومرشحي الرئاسة، وسألنا سؤالا واحدا هو كيف نحل مشكلة الدستور الجديد والجمعية التأسيسية؟ وقدمنا اقتراحات مختلفة ومعظمها جيدة، وهو استمع جيدا لآراء الجميع، وجميع الاجتماعات انتهت بطريقة ودية، وفي نهاية الاجتماعات، قال الرئيس مرسي شيئا محددا جدا وهو أنه لن يكون هناك دستور ديني، لأن مصر سوف تستمر دولة مدنية ديمقراطية حديثة ولن تكون دولة دينية، وأنه لن يحدث أنه سيوافق على طرح دستور غير توافقي للاستفتاء». وتابع أبو الغار: «بعد لقاء الرئيس كان هناك اطمئنان من جميع القوى السياسية، وبعدها أصدر الإعلان الدستوري، و(طبخ) الدستور وطرحه للاستفتاء».
وأوضح الدكتور أبو الغار، أن الدكتور مرسي كان أمينا وصادقا في كلامه معنا ويفكر بشكل صحيح؛ لكن من فوقه لا يعجبهم هذا الكلام، مؤكدا أن جماعة الإخوان أصدرت أوامرها للرئيس لتنفيذ قرارها هي.
وحول رؤيته لتطور الأحداث في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، قال أبو الغار: «الفضائح الكبرى التي قامت بها ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين أمام الاتحادية (الأربعاء) الماضي، والتي تم تصويرها وفضحها محليا ودوليا، ستجعلهم يهدأوا فترة قد تصل إلى أسبوعين قبل تكرار ذلك من جديد».
وشهد محيط قصر الاتحادية الرئاسي بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) اشتباكات بين مؤيدين للرئيس مرسي من تيار الإسلام السياسي ومعارضين له اعترضا على الإعلان الدستوري وطرح مشروع الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي، وأسفرت عن سقوط قتلى ومصابين من الجانبين.
وعن رأيه في محاصرة التيار السلفي لمدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة، قال أبو الغار: «عندما يحدث أي شيء من السلفيين يكون الإخوان وراءه، فالجماعة تجتمع معهم ويتم توجيههم»، وتابع: «الإخوان يضحكون عليهم»؛ لكنه في الوقت نفسه أبدى تخوفا من تطور الوضع أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، مؤكدا أن العديد من الإعلاميين قطعوا عطلاتهم وذهبوا للمدينة للدفاع عنها من الهجمة السلفية، وأن أي دخول للسلفيين للمدينة سيؤدي إلى مذبحة.
وواصل مئات من الإسلاميين حصارهم للبوابة الرئيسية لمدينة الإنتاج الإعلامي بضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة لليوم الثاني أمس (السبت)، لمنع الرموز المعارضة لسياسات الرئيس محمد مرسي من الظهور على القنوات الفضائية الخاصة التي تبث من المدينة، والمطالبة بتطهير الإعلام من «فلول نظام مبارك» على حد زعمهم.
 
بعد مقهى ريش.. «كوستا» يجد طريقه إلى القاموس السياسي المصري، أصبح تجمعا للناشطين.. وارتبط اسمه بتجمع سلفي وآخر علماني

القاهرة: محمود محسن .. على بعد خطوات معدودة من قصر الاتحادية بضاحية مصر الجديدة، ربما لم يجد عدد من الناشطين والسياسيين وكثير من الصحافيين الأجانب غير أحد فروع مقهى «كوستا كافيه» القريب من قصر الرئاسة ملاذا لانتظار وصول المسيرات وبدء المظاهرات التي نظمتها المعارضة المصرية أول من أمس لرفض الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وأعطى لنفسه فيه صلاحيات كبيرة وحصّن قراراته من إمكانية مراجعتها من قبل القضاء المصري.
وفي ميدان التحرير قلب المظاهرات تجد المقهى الذي يبدو أنه يصر بقوة على أن يدخل اسمه الغربي في قواميس السياسة المصرية، وفي مواجهة الجامعة الأميركية وبشارع محمد محمود يحتل المقهى موقعا بدا استراتيجيا في قلب الأحداث، ويستدعي هذا المقهى ربما ذكريات مقاهي مصر مع المثقفين والسياسيين خاصة مقهى «ريش» الذي تأسس عام 1908م بوسط القاهرة وكان في ذلك الوقت أكبر تجمع للمثقفين والسياسيين في المنطقة العربية.
ومنذ ثورة يناير قبل الماضي اشتهر «كوستا»، الذي يحمل اسم المقهى الأميركي الشهير وله فروع عدة في مختلف الأماكن الهامة والراقية بالعاصمة المصرية، برواده من السياسيين والنشطاء وأساتذة العلوم السياسية إضافة إلى أبناء الطبقات الراقية، ولعب على أوتار السياسة فاستغل عدد من الشباب السلفي في مصر اسم المقهى وشهرته في محاولة تحسين صورة التيار السلفي وتصحيح بعض الأفكار والمخاوف التي راودت المصريين بعد بروز هذا التيار بقوة على الساحة قبل عامين.
وعلى شاكلة «سلفيو كوستا»، تشكلت مجموعة «علمانيو كوستا» لمواجهة الأفكار الخاطئة التي بدأ بعض الدعاة ترويجها عن العلمانية وربطها بازدراء الأديان، وبين الاثنين بدا أن المقهى بات يحتل رقما في المعادلة السياسية في البلاد ولم يكتف فقط بأن يجلس على مقاعده الوثيرة مثقفون وسياسيون بارزون يتحدثون في شأن الوطن، ولكن أصبح اسمه ماركه مسجلة للدعاية والدعاية المضادة لكل فصيل سياسي.
وعلى الرغم مما يقدمه المقهى من خدمات فإنه يعيد وبقوة ثنائية «الصفوة» و«الحرافيش».. فبينما جلس الصحافيون والناشطون على مقاعدهم الوثيرة أول من أمس ووسط أجواء مكيفة تخللتها مقاطع الموسيقى الهادئة كان عدد آخر من المتظاهرين يجلسون على رصيف الترام القريب من محيط المظاهرات المواجهة لمبنى المقهى الفاخر وفضلوا احتساء الشاي والمشروبات الأقل سعرا من «نصبات» الباعة الجائلين ليعيدوا ربما هذه الثنائية التي ذكرها أديب نوبل الذي اعتاد الجلوس على مقهى «ريش» قديما.
ويسير «كوستا» بخطى حثيثة على درب «ريش» الذي احتضن الكتاب والمفكرين والأدباء والفنانين، وأصبح مقرا يجتمع فيه دعاة الثورة والمهمومون بشؤون الوطن، ومقرا لانطلاق ثورة الأدباء في 1972، احتجاجا على اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني. اليوم يبدو «كوستا» حاضرا في مظاهرات القاهرة جميعا لكنه ربما اكتفى هذه المرة باستضافة الأغنياء القادرين على الدفع تحت وطأة التدخلات الرأسمالية والتي أجبرته على إبعاد البسطاء من الثوار والمتظاهرين عن ساحته الفخمة.
 
مصر.. الأزهر والعسكر

طارق الحميد... بيانان هامان صدرا في مصر يقولان لنا الكثير عما يحدث هناك على أثر الانقلاب الإخواني المتمثل بالإعلان الدستوري، ثم الشروع بكتابة دستور يمثل رؤية الإخوان دون سائر مكونات المجتمع المصري، والبيانان هما بيان الأزهر، الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية، والبيان الآخر هو بيان القوات المسلحة المصرية.
بيان مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، الصادر الخميس الماضي، طالب الرئيس المصري بـ«تجميد الإعلان الدستوري الأخير ووقف العمل به»، و«الدخول في حوار وطني يدعو إليه السيد رئيس الجمهورية فورا وتشارك فيه كل القوى الوطنية دون استثناء ودون شروط مسبقة». لكن الرئيس مرسي دعا إلى الحوار، دون أن يقوم بتجميد الإعلان الدستوري! ثم صدر أمس السبت بيان للقوات المسلحة المصرية جاء فيه أن «منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به»، والعبارة الأخيرة مهمة جدا، أي «لن نسمح به». كما أضاف البيان: «وفي هذا الإطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن». إلى أن يقول بيان القوات المسلحة: «يجدر بنا جميعا أن نراقب بحذر شديد ما تشهده الساحة الداخلية والإقليمية والدولية من تطورات بالغة الحساسية، حتى نتجنب الوقوع في تقديرات وحسابات خاطئة تجعلنا لا نفرق بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية وبين الثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها».
ومن هنا فإن أهمية البيانين؛ بيان الأزهر، والعسكر، أنهما انحازا للمطالب الشعبية، مما يعني أنهما انحازا أيضا للدولة، ومفهوم الدولة، وهو ما يقول لنا، وهذا أمر مهم، إن ما يحدث في مصر ليس معركة من يريد الدين ومن لا يريده كما يحاول البعض ترويج ذلك زورا وبهتانا، فلا يمكن أن ينحاز الأزهر الشريف، مثلا، إلى صف من يريد إقصاء الدين، لكن الأزهر، ومثله العسكر، رأيا بما يحدث في مصر تدميرا لمفهوم الدولة، وتقويضا لمؤسساتها، وهذه هي حقيقة ما يحدث بمصر اليوم، وليس كما يروج البعض، وعن عمد. فالأزهر يدرك أن مكونات المجتمع المصري لا يمكن لها التعايش إلا في ظل دولة، وليس جماعة، ولو تحدثت باسم الدين، وكما قال الإعلامي المصري عمرو أديب في لقطة ذكية بأنه «لو كان كل متظاهر في الشارع المصري اليوم فلولا، كما يقول الإخوان، لما كان ليسقط مبارك، ولو كان كل من في الشارع المصري اليوم ليبراليين لكنا نعيش في جنيف»، وبالطبع ليس كل من في الغرب ليبراليين، وهذه قصة أخرى.
وعليه، فإن بيان الأزهر، والعسكر، وكل من تظاهر من المصريين الآن ضد قرارات مرسي، يؤكدون أن المعركة ليست معركة من يريد نصرة الدين ومن يريد إقصاءه، بل هي معركة من يريد الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، ضد من يستخدمون الدين لاختطاف الدولة كلها، والفارق كبير بالطبع.
 
أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

عبد الرحمن الراشد... عبد المنعم أبو الفتوح إسلامي، وإخواني، وزعيم سياسي كبير في مصر، لم يخشَ أن يقول كلمته، كلمة حق في اللحظات الصعبة في مصر اليوم، قال إنه ضد إسقاط الرئيس محمد مرسي لأنه جاء بالأغلبية، لكن في الوقت نفسه ضد استبداد الرئيس حتى ولو كان هو أبو بكر الصديق، مضيفًا أنه لن يحمي الرئيس غير الشعب المصري الذي انتخبه.
وقال أيضا إن قصر الرئاسة ملك للشعب وليس ملكا لأحد، لا الرئيس ولا جماعة الإخوان، مطالبًا الرئيس مرسي أن يكون رئيس كل المصريين، لأنهم هم الذين أتوا به وبفضلهم يجلس الآن على كرسي الرئاسة. وهناك إسلاميون آخرون أيضا ضد مرسي في الأزمة الحالية، وبالتالي فالمسألة ليست بين إسلاميين وغيرهم بل صراع سياسي.
ورغم أن النزاع على قضايا أساسية، مثل الدستور والقضاء، فإنها خلافات قابلة للحل بتعديل بعض فقرات الدستور وإلغاء الإعلان الرئاسي الذي قال مرسي إنه مستعد لإلغائه. وسبب الفشل في التصالح إما لأن الرئاسة أو قوى المعارضة لا تريد الحل، وإما أنها لا تملك مهارات إدارة النزاع، أو ربما العلة في ضعف التواصل بين المعسكرين، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين، كل يدعي أن الآخر يريد أن يتعشى به.
ويبدو أن مشكلة الرئيس مرسي الحقيقية ليست قوى المعارضة بل حزبه الذي ينتمي إليه، حزب الإخوان الذي يتضح مع الوقت أنه من يدير الرئاسة ويتدخل في قراراتها. وأمس عمّق الأزمة مرشد الإخوان الذي زعم أن هناك مؤامرة داخلية وخارجية ضدهم، في أسلوب قديم للهروب من الأزمة الحقيقية. وواضح أيضا أن مرسي أدرك متأخرا أن جماعته ورطته في الإعلان الرئاسي المنسوب إليه، لأنه غير قانوني ويتناقض تماما مع ركنين أساسيين حلف اليمين على احترامهما؛ فصل السلطات والمحاسبة! فقد جمع سلطة البرلمان والرئاسة وأراد ضم القضاء، ثم أعلن أن قراراته لها صفة العصمة، لا تنقض ولا يحاسب عليها ما تأخر منها وما تقدم!
والأرجح أنه أدرك حجم الخطأ الرهيب الذي ارتكبه بعد أن فاضت الميادين بالمحتجين ضده، وأراد التراجع، معلنا استعداده لإلغاء ما فعله، أي الإعلان الرئاسي مقابل إقرار الدستور خلال شهرين. إنما في عجلة من أمره، محاولا إصلاح الخطأ، ارتكب خطأ آخر، طبخ الدستور في يومين لا شهرين حتى يتخلص من الإعلان الرئاسي. كيف له أن يستهين بالمهمة؟ الدستور عقد زواج مدى الحياة لا يعقل فرضه كيفما كان على قوى المجتمع، فالمفترض أنه المرجع الشرعي والضامن لحقوق الجميع من أقباط وإسلاميين وقوى سياسية، سواء أغلبية أو أقلية.
مفهوم الأغلبية نفسه يساء تفسيره، كما نرى في مصر وتونس وغيرهما. من حق الأغلبية إدارة الحكومة إذا فازت، لكنها لا تفرض أحكامها على الجميع. وهناك فارق شاسع بين الحكم والحكومة. فالأغلبية البيضاء في بريطانيا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة لا تستطيع أن تعيد الرق، ولا أن تحرم النساء من نفس الحقوق التي عند الرجال، ولا الأغلبية المسيحية تفرض قوانينها الدينية على الأقلية اليهودية أو المسلمة.
تستطيع الأغلبية إدارة الشؤون العامة المتغيرة وفق أنظمة ثابتة، والدستور هو الأمر الثابت الذي يفترض أنه يمنح الجميع نفس الحقوق. وهنا الفارق بين الجماعات الفاشية والديمقراطية، الأغلبية تدير شؤون الدولة في إطار نظام يقوم على توازن سلطات، ووفق نواميس تحمي الأقليات وكل القوى التي يتشكل منها المجتمع.
الأزمة المصرية تنحدر بشكل سريع وخطير، رغم أن الفوارق بين الرئاسة والمعارضة ليست كبيرة، سواء في البنود المختلف عليها دستوريا أو في ممارسات الرئيس، كلها قابلة للتصويب والحلول الوسط، لكن - كما ترون - النفوس مليئة، والشكوك كبيرة حول النوايا، وهنا يأتي دور رجال فاعلين مثل أبو الفتوح للتوسط بين الجانبين لتصويب قرارات الرئيس.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,264,194

عدد الزوار: 6,984,635

المتواجدون الآن: 72