هل ستسمح واشنطن لاسرائيل بشن حرب جديدة على لبنان؟

صوفيا- محمد خلف:


يعيش الشرق الاوسط توترا غير مسبوق على خلفية مواصلة التشدد الاميركي – الاسرائيلي فيما يخص تزويد سوريا حزب الله صواريخ سكود ،وتشهد المنطقة في الوقت نفسه سباقا متصاعدا بين مساري التسخين و التبريد في وقت دخل فيه وزير الدفاع الاميركي روبرتس غيتس على خط الاتهامات قائلا" ان سوريا وايران تزودان حزب الله بقذائف وصواريخ ذات قدرات من الاكثر اهمية" مضيفا" وصلنا الى حد ان حزب الله يملك من القذائف و الصواريخ أكثر من غالبية حكومات العالم وهو ما يزعزع امن و استقرار المنطقة".
تعقيدات الوضع الناشئ على خلفية غليان " سكود" دفعت العواصم العربية الكبرى الى تكثيف اتصالاتها لوقف تلك اللهجة الاميركية و الاسرائيلية التصعيدية التي يمكن ان تتحول في اي لحظة الى مواجهة عسكرية ،وفي سياقها بعث وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط رسالة الى نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون تناول فيها ما لمسه خلال زيارته الاخيرة الى لبنان من قلق أزاء تدهور في الاوضاع مشابه لحرب يوليو العام 2006 ".
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهودا باراك وصل الى واشنطن للبحث كما ذكرت جريدة" هآرتس" في تسليح حزب الله ،وقالت " ان المسؤولين الاسرائيليين مقتنعون بصحة التقارير حول نقل سكود من سوريا الى حزب الله " ،كاشفة عن ان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية " السي آي ايه" ليون بانيتا تسلم من باراك ملفا يضم وثائق دامغة عن تسليم سوريا حزب الله صواريخ سكود".
وفي بروكسيل قالت وزير خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون " ان الاتحاد الاوروبي يبدي قلقه حيال التصريحات العلنية التي جرى تبادلها اخيرا بين مختلف الاطراف في الشرق الاوسط " مشيرة الى انها " تذهب في الاتجاه المعاكس للجهود التي يبذلها الاوروبي وشركاؤه الرئيسيون لتحقيق السلام".
هذا ونقلت مصادر روسية رفيعة استهجان الكرملين للتهديدات الاسرائيلية و الاميركية على خلفية " ازمة السكود" مشيرة في تصريحات نقلتها النشرة الالكترونية " NOW lebeanon" ان عملية عبور هذا النوع من الصواريخ الى الاراضي اللبنانية دون ان يصار الى رصدها امر في غاية الصعوبة من الناحية التقنية و الفنية ،اذ هي صواريخ كبيرة الحجم وتركيبها يتم على عربات او منصات اطلاق كبيرة تحتاج الى رادارات مواكبة لعملية الاطلاق ولا يمكن استخدامها الا من قبل الجيوش النظامية".
وشدد المصادر نفسها على " ان الاتفاقيات المبرمة مع سوريا و التي تزود بمقتضاها روسيا الجيش السوري بالسلاح سواء عبر عمليات بيع او على شكل هبات ،انما تحظر على سوريا بشكل تام نقل هذه السلاح الى طرف ثالث" موضحا" اذا ثبت ان هناك صواريخ سكود فهي اما تكون صناعة صينية او كورية شمالية".

قلق مصري وتكهنات

هذا واعربت مصادر لبنانية عن حيرتها فيما يخص زيارة ابو الغيط الى بيروت السريعة و المفاجئة ،وتساءلت هل " لبنان في خطر محدق فعلا بحيث دفع الرئيس حسني مبارك بما لديه من معلومات الى ارسال وزير خارجيته لتبليغ رسالة" ، ذلك" ان لبنان مر بأزمات بالغة الشدة في السنوات الخمس المنصرمة وقبلها ولكن مسؤوليه لم يتبلغوا موقفا مصريا مماثلا وهو " ان الرئيس مبارك وجد انه من الضروري ان تقف القاهرة الى جانب لبنان في هذا الوقت".
ورصدت مصادر دبلوماسية تناقضات كبيرة في تظهير لبنان الرسمي لموقفه الحقيقي مما يتعرض له من اخطار على كل المستويات ،مشيرة الى ان الاتصالات التي يجريها رئيس الحكومة سعد الحريري بزعماء الدول الاوروبية وغير الاوروبية تسلط الضوء على مخاوف ضمنية يسعى شخصيا للالتفاف عليها وتطويقها سياسيا وديبلوماسيا".
ورأى مراقبون ان الكلام اللبناني من ينابيعه المختلفة وعلى جهتيه المقلقة و المهدئة يعطي المفعول نفسه ،ويبقى السؤوال الاكثر الحاحا على السنة اللبنانيين " هل هناك حرب؟ ومتى؟
يشدد المراقبون ان لا مصلحة لاي من الاطراف بوقوع حرب في هذه المرحلة وهو استنتاج يسري على اسرائيل وسوريا وعلى ايران ايضا ،على اساس ان المسألة لم تعد في احتمال ان يعاني لبنان وانعكاساته على لبنان ،ولا مصلحة حتى ل" حزب الله" في حرب في هذه المرحلة .
بلا شك ان الحديث عن الحرب هو اكبر من القدرة على ترجمته الى واقع ،لاسيما و ان حسابات الافرقاء الاقليميين تظللها ايضا حسابات قوى دولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي ليس من مصلحتها الان نشوب حرب في المنطقة وبحرب على لبنان لاسباب متعددة؟
الا ان بعض المحللين لا يستبعدون مع ذلك شن اسرائيل حربا جديدة على لبنان قد تتوسع وتشمل اطرافا اخرى سوريا احدها ،وقالت جريدة " يديعوت احرونوت" ان المؤسسة العسكرية الاسرائيلية تعتبر ان الهدوء الذي يسود الجبهة الشمالية خادع ،على خلفية مساعي حزب الله للانتقام لمقتل عماد مغنية".
الاستنتاج الملح هو ان اسرائيل لن تشن حربا جديدة الا في احدى حالتين او في الحالتين معا : اما ان تكون حققت اختراقا على مستوى مواقع الصواريخ ،او ان يكون تحقق اختراقا على مستوى امن القيادة العليا لحزب الله".