خلل أمني يستتبعه خلل اقتصادي في مصر

تاريخ الإضافة الخميس 4 آب 2011 - 8:59 ص    عدد الزيارات 749    التعليقات 0

        

ديفيد شينكر .....ويكلي ستاندرد

مرت خمسة أشهر منذ الثورة التي أنهت فترة حكم حسني مبارك التي دامت ثلاثين عاماً لكن الاضطرابات في مصر لم تنته بعد· فقد أصبحت الاحتجاجات الواسعة أمراً روتينياً أن لم يكن قد تحولت إلى شئ اعتيادي في مصر· وفي أواخر حزيران أصيب ألف مواطن بجروح في مصادمات مع شرطة مكافحة الشغب في <ميدان التحرير> بالقاهرة، حيث كانوا ينتقدون بطء خطوات الإصلاح· ومؤخراً وفي 8 تموز نزل عشرات الآلاف من المصريين إلى <ميدان التحرير> على أمل <إنقاذ الثورة>·

وفي الآونة الأخيرة، ركزت المظاهرات في الغالب على مطالب مساءلة النظام القديم - أي محاكمة مسؤولي النظام السابق بسرعة أكبر، وتقديم تعويضات مالية لأسر أولئك الذين قُتلوا خلال الثورة· لكن بنفس السهولة كان يمكن أن تركز الاحتشادات على الوضع الأمني المتدهور الذي يشكل تهديداً خطيراً للثورة·

وعلى الرغم من أنه قد يكون من المغري لواشنطن والمجتمع الدولي، مجرد إعطاء المزيد من المعونة المالية لمصر ما بعد الثورة، إلا أن ضخ المزيد من السيولة النقدية - حتى لو كانت كبيرة - سوف لن يفعل الشئ الكثير لتحسين وضع الدولة على المدى البعيد· فغياب الأمن المادي، وفرص استدامة النمو الاقتصادي وتعزيز المكاسب الديمقراطية للثورة تبدو مُعتمة·

وسيستلزم الأمر جهداً شاقاً لإعادة ترسيخ الأمن· فأثناء الثورة فقدت الشرطة وقوات الأمن العام مصداقيتها بعد أن كانت يوماً ما عظيمة القدرة، واجتاح المتظاهرون مقرات الشرطة في حين انشغل الضباط بإبادة أي أوراق قد تدينهم وتجنيب أنفسهم من ملاحقات قضائية مستقبلية·

إن قوات الشرطة المصرية الضعيفة المعنويات والتي لا تتلقى رواتب كبيرة قد تضعضعت بشكل كبير· ويُقدر بأن نحو 30 بالمئة فقط من أولئك الضباط الذين كانوا ذات مرة موجودين في كل مكان بزيهم الأسود لا يزالون في وظيفتهم· وفي الوقت نفسه، فإن جهاز أمن الدولة - ذلك الجهاز القمعي والمنظمة المحلية لمكافحة للإرهاب التابعة للنظام السابق - قد فقد الكثير من قدراته، كما أن خليفته <جهاز الأمن الوطني> لم يصل بعد إلى الكفاءة المطلوبة·

ووسط هذا الفراغ الأمني وبسببه تواجه مصر أزمة اقتصادية· فالسياحة لم تعد إلى مسارها منذ الثورة مما يساهم في ارتفاع نسبة البطالة الذي وصل رسمياً الآن إلى 12 بالمئة· وفي الوقت نفسه، فإن جو عدم اليقين السياسي والأمني قد أعاق الاستثمار الأجنبي المباشر على نحو كبير مما أدى إلى نسبة نمو وصلت إلى <سالب 4· 2> بالمئة (-4· 2%) في الربع الحالي، وهي أول فترة سلبية على مدى عشر سنوات تقريباً·

وفي أيار، ومع انخفاض العائدات وهبوط احتياطي النقد الأجنبي بدت الدولة تنحدر باتجاه انهيار اقتصادي· وكان رد فعل المجتمع الدولي هو تقديم أربعين مليار دولار كالتزامات بالمساعدة عززت الثقة ومنعت - على الأقل مؤقتاً - أسوأ السيناريوهات المحتملة· لكن مصر لم تصل بعد إلى مرحلة الأمان·

وبينما يلتهم دعم الطعام والوقود ما يزيد على 9 بالمئة من الميزانية السنوية المصرية إلا أنه ليس واضحاً ما إذا كانت هذه المخصصات الكبيرة ستغطي نسبة 40 بالمئة من المصريين الذين يكسبون كل يوم دولارين فقط أم لا· ووفقاً لإحصائيات حديثة أجرتها الحكومة المصرية زادت أسعار المواد الغذائية الرئيسية المحلية في الأشهر الاثني عشر الماضية بنسبة 100 في المئة تقريباً· وفي أوائل حزيران وخلال فترة أسبوع واحد فقط، ارتفعت أسعار الأرز وزيت الطهي واللحوم بنسبة 11 بالمئة·

وفي كانون الثاني، في جهد يمثل المحاولة الأخيرة لاسترضاء المحتجين والبقاء في السلطة أقر مبارك زيادة 15 بالمئة في رواتب القطاع العام· وبينما كانت الزيادة كبيرة إلا أنها لم تستطع مواكبة التضخم، وستكون أقل بكثير من توقعات الشارع المصري في مرحلة ما بعد الثورة· على أن هذا المزيج من الضغوط الاقتصادية وانكماش الجهاز الأمني وهروب المجرمين من سجون الدولة أثناء الثورة قد نتج عنه ارتفاع معدل الجريمة بصورة لا تدعو للدهشة· وفي الحقيقة، ووفقاً لبعض التقديرات فإن النشاط الإجرامي - الذي يتراوح من الجنح إلى الجنايات - قد زاد إلى ما يصل إلى 200 بالمئة، والمصريون قلقون· فقد أفاد استطلاع أجراه <مركز غالوب في أبو ظبي> نُشر في أيار الماضي أن 39 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع قالوا أنهم <شعروا بعدم الأمان في المشي وحدهم ليلاً> وهي نسبة أعلى بـ17 بالمئة مما كان عليه الحال قبل عام·

ومن جانبها رسمت الصحف المحلية صورة قاتمة للوضع الأمني· فما تزال مبيعات المسدسات، أن كانت قانونية أم لا، في تصاعد· كما أن أسعار البنادق الآلية من نوع AK-47 هي الأخرى في ارتفاع· كما أصبحت السرقة الحدث الأكثر شيوعاً· فعلى سبيل المثال، في أيار أفادت <الشركة المصرية للاتصالات> عن سرقة كابلات هواتف خلال الأشهر الأربعة الماضية تبلغ قيمتها نحو 5 ملايين دولار· وتنقل الصحافة المصرية أيضاً أخباراً تتكرر إلى حد كبير عن حالات من الاختطاف والاغتصاب الجماعي لم يُسمع بها من قبل·

وهناك تقارير غير مسبوقة عن سرقة سيارات لأفراد وشركات تجارية في جميع أنحاء مصر هي بنفس القدر من الشؤم· ووفقاً لمقابلة مع رئيس جمعية للنقل والمواصلات نشرتها صحيفة <اليوم السابع> اليومية في 9 أيار بأنه بالإضافة إلى العدد المرتفع لسرقة السيارات الشخصية، فقد تم الاستيلاء في الأشهر الأخيرة على 15 شاحنة تحمل مواد بناء في جميع أنحاء مصر مما أدى إلى توقف هذه الشحنات· كما أن انعدام الأمن شبه التام في الطرق يساهم أيضاً، كما جاء في المقابلة، في [حدة] أزمة السلع الغذائية·

وعلى الرغم من صورة التطورات المثيرة للقلق بشكل متزايد في دولة كانت يوماً ما مستقرة، إلا أن مصر اليوم لا تشبه مشهد فيلم <ماد ماكس للشرق الأوسط> بعد الخراب· لكن المؤشرات غير مبشرة ولن تتحسن أن لم يكن هناك تركيز حقيقي على الأمن· أن ما تحتاج إليه مصر الآن هو ليس المزيد من المال بل المزيد من الاستقرار· وكلما فهمت السلطات العسكرية ذلك بسرعة كلما كانت هناك فرصة أفضل لمصر لتتمكن من قلب الحراك الحالي وبدء التحرك نحو مستقبل أكثر رخاء.

تقييم المجهود الحربي الحوثي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023....

 الإثنين 27 أيار 2024 - 6:13 م

تقييم المجهود الحربي الحوثي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.... معهد واشنطن..بواسطة مايكل نايتس Al… تتمة »

عدد الزيارات: 158,503,832

عدد الزوار: 7,103,567

المتواجدون الآن: 202