الاستخبارات في مواجهة «وحوش الإرهاب»

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 تموز 2016 - 7:32 ص    عدد الزيارات 542    التعليقات 0

        

 

الاستخبارات في مواجهة «وحوش الإرهاب»
كريستوف لابيه أوليفا ريكاسين 
شاغل «داعش» هو القضاء على «المنطقة الرمادية»، أي الغربيين الذين يدينون بالإسلام. فهم «مستقلون ويرفضون الالتحاق بالخلافة». والسبيل الى بلوغ الهدف هذا هو رفع عدد الهجمات على أرض العدو وتدمير اللحمة الاجتماعية. وفي مجزرة 14 تموز (يوليو)، يوم الاحتفال الوطني الفرنسي، نزل محمد لحويج على تمنيات تنظيم «الدولة الإسلامية». فإيقاظ خلايا «وحوش الإرهاب» النائمة في الغرب هو الخطوة الأخيرة في مخطط تسميم نظرة الفرنسيين الأقحاح الى مواطنيهم المسلمين والنفخ في الريبة إزاءهم والقضاء على «المنطقة الرمادية». وتوجيه ضربة الى فرنسا يساهم في زعزعة البلد الأوروبي الذي يحتضن أكبر عدد من المسلمين ويرفع لواء العلمانية. ومنذ الهجوم على «شارلي ايبدو» وعلى المتجر اليهودي في كانون الثاني (يناير) 2015، ينفذ «داعش» مخططاً أسود اللون في فرنسا. وخطوطه العريضة مرسومة في وثيقة من 200 صفحة صيغت في 2004، عنوانها «إدارة التوحش». وهذا الهوس بالتخطيط هو من إرث الاستخبارات الروسية والأميركية. والعقل المفكر «الداعشي» مؤلف من كادرات الاستخبارات العراقية في عهد صدام حسين. وهؤلاء تتلمذوا على الـ «كي جي بي». وهذه المعرفة عززتها الاستخبارات الغربية حين دعمت الفصائل الإسلامية المقاتلة ضد الجيش الأحمر في حرب أفغانستان.
وأعدت هجمات 13 تشرين الثاني (نوفمبر) في باريس، وهي خلفت 130 قتيلاً، كما لو أنها عملية عسكرية سرية ينفذها مغاوير متسللون تدربوا على السلاح في الخارج وزودتهم شبكة لوجيستية بهويات مزورة وشقق «للتآمر». وسقوط عدد كبير من القتلى في عملية معقدة ودقيقة حمل الحكومة الفرنسية على إعلان الطوارئ وتشديد ترسانة مكافحة الإرهاب وتقويض الديموقراطية التي نرفع لواءها في الحرب على «داعش». ومنذ تعاظم وتيرة الضربات الغربية ومشاركة الجيش الروسي، قتل عدد كبير من قادة تنظيم «داعش»، وألمّ به الاضطراب، وصار يعاني صعوبات في نشر عناصره في أوروبا. ولكن التنظيم هذا تكيف، وحضّ على هجمات ممولة ذاتياً يتعذر رصدها، ينفذها أشخاص وهؤلاء يوجههم من بُعد الى ضرب أهداف رمزية. ففي نيسان (ابريل) 2015، سعى سيد أحمد غلام، الى مهاجمة كنيسة في فيل جويف الفرنسية، ثم قطع ياسين صالحي رأس صاحب عمله وعلق الرأس المبتورة على أسلاك يعلوها علم «داعش»، وخنق العروسي أبلا شرطياً وزوجته في منزلهما، وتبنى الإرهابي هذا على فايسبوك عمليته وقال أنه ارتكبها نزولاً على أوامر «داعش» الذي دعا مؤيديه الى قتل «رجال الشرطة والعسكريين». وهذه الهجمات بخسة الكلفة، ولكنها تعود باهتمام إعلامي كبير تضخمه شبكات المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي حيث يبث «داعش» بروباغندا وبائية وينشر آلاف أشرطة الفيديو شهرياً.
والانترنت هو مسرح امتداد «داعش» ينقل صداه وأوامره الى العالم. وشأن بن لادن الذي حرف طائرات مدنية، وهي رمز التفوق التكنولوجي الغربي، عن مسارها لضرب قلب الولايات المتحدة، كوادر «داعش» حرفوا جوهرة المجتمع الإعلامي لإيقاظ «وحوش الإرهاب». وتبنى التنظيم هجوم نيس وأعلن أن منفذه هو «جندي جهادي». ومحمد لحويج بو هلال، الانتحاري في نيس، هو مسخ إرهابي، شأن السائق الذي صدم، قبيل عيد الميلاد في 2014، 11 شخصاً قبل أن يصنف بالمضطرب نفسياً. ولم ترصد أجهزة الاستخبارات نشاط هذين الشخصين الهشين نفسياً اللذين أصابهما التطرف بسرعة خاطفة وحضتهما على القتل كراهية عنيفة لفرنسا.
وليست مديرية الأمن الداخلي الفرنسية معدة لرصد أمثال هؤلاء ولا هي قادرة على ذلك. فهي أنشئت لتفكيك شبكات مركبة ومتماسكة، ولا تزال متأثرة بثقافة التجسس المضاد الموروثة من الحرب الباردة. وفي أيار (مايو) المنصرم، قال باتريك كالفار، المدير العام في الأمن الداخلي الفرنسي، أمام لجنة مكافحة الإرهاب أنه على قناعة بأن الإرهابيين سينتقلون الى مرحلة السيارات المفخخة والمتفجرات وأن نفوذهم سيزيد. ولكن في إمكان شاحنة تبريد أن تصدم حشداً من الناس على نحو ما حصل في نيس. وتحويلها الى سلاح لا يحتاج الى خبرات صانعي المتفجرات. فمثل هذه الشاحنة أودى بحياة 84 شخصاً. وفي غياب شبكة أمان ترسيها أجهزة الاستخبارات، (وهي اليوم بائتة النهج ولا تواكب تغير شكل الإرهاب وتحوله)، يعود صد الإرهابيين الى مروءة نخب قوات التدخل المدججة بسترات ثقيلة ومسلحة كما لو أنها حاملات طائرات، أو الى رجال الشرطة على نحو ما حصل في نيس. فرجال الشرطة من أصحاب البزات الزرقاء، أوقفوا الشاحنة.
والسبيل الأمثل الى رصد الإرهابيين في فاصل الوقت القصير الذي ينزلقون فيه الى التطرف الذاتي، هو رفع عدد الاستخبارات البشرية والاختلاط المباشر. وتمس الحاجة الى رتق نسيج شبكة مديرية الأمن العام، والعدول عن توسل المراقبة التكنولوجية كما لو أنها عصا سحرية قادرة على كشف كل شيء، والمبادرة الى اعتبارها من أسلحة دروع واقية. والى هذه الأسلحة، يجب شن الحرب على الإرهاب من طريق إخماد بروباغندا «داعش» القاتلة، وهي شريان حياة المسوخ الإرهابيين، وملاحقة القائمين على قنوات الاتصال الإرهابية. وأعلن في ايار المنصرم، برنار باجوليه، مدير الاستخبارات الخارجية أن مديرية الأمن العام الخارجي شنت، منذ 2013، 40 عملية لاعتقال أشخاص والحؤول دون عمليات إرهابية أو تحييد إرهابيين.
* صحافيان، عن «لوبوان» الفرنسية، 21/7/2016، إعداد منال نحاس
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,220,823

عدد الزوار: 6,941,005

المتواجدون الآن: 115