المهاجرون الشباب قوّة يتمّ تجاهلها على رغم حاجة أوروبا إليها

تاريخ الإضافة الجمعة 9 تشرين الأول 2015 - 8:16 ص    عدد الزيارات 533    التعليقات 0

        

 

المهاجرون الشباب قوّة يتمّ تجاهلها على رغم حاجة أوروبا إليها
خوسيه راموس هورتا وفيليكس ماركوار 
* خوسيه راموس هورتا الرئيس السابق لتيمور الشرقية، وحائز «جائزة نوبل للسلام». وفيليكس ماركوار المسؤول السابق عن الاتصالات في «إنترناشيونال هيرالد تريبيون»، وكاتب صحافي وناشط. وقد شارك الإثنان في تأسيس مركز أبحاث «يوثونوميكس».
تعكس أزمة اللاجئين في أوروبا المثال الأكثر مأساويةً لظاهرة أوسع انتشاراً، تتمثّل بحركات تدفّق المهاجرين المتنامية. وفي عالم توازي ثروة أغنى 75 شخصًا فيه ما يملكه نصف البشرية الأكثر فقراً، لن نتفاجأ كثيراً إن بقي عدد الأشخاص المطالبين بحصّة أكبر من العالَم يتزايد. ذلك أنّ السبب الأساسي وراء معظم موجات الهجرة عبر التاريخ يكمن في الاستياء من الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
أمّا الجديد في كلّ ذلك، وفق ما قاله بيتر ساذرلاند، ممثل الأمم المتحدة الخاص لشؤون الهجرة في محاضرة ألقاها مؤخرًا في «كلية لندن للاقتصاد»، فهو أنّ حصول «تحوّل من اختيار الدول للمهاجرين إلى اختيار المهاجرين للدول التي ينوون السفر إليها». والواقع أنّ «المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية» عجز مؤخرًا عن إقناع ألف لاجئ من العراق وسورية، كانوا ينوون تقديم اللجوء إلى فرنسا، باستقلال حافلات تمّ إرسالها إلى ميونيخ وكانت متّجهة إلى فرنسا. وتُعتبر عوامل مثل اللغة، وزيادة كره الأجانب، وارتفاع معدلات البطالة، من أهم أسباب نقص الحماسة هذا. وعلى المدى الطويل، يبدو أنّ البلدان غير الحديثة التي تنظر إلى الهجرة كمشكلة بدلاً من فرصة ستزداد هشاشةً مع الوقت.
في العام 2012، صرّحت حركة «انصرفوا» الفرنسية (Barrez-vous) أنّ فرنــسا تحوّلت إلى نظام يحكمه المســنون بمســتويات مركزية زائدة عن حدّها، ما يدفع بالشبّان الفرنسيّين المحبطين إلى حزم حقائبهم والبحث عن فرص للعمل والتقدّم في بلدان أخرى، ســـــواء كان ذلك لمصلحتهم الخاصة أو بمـــثابة دعوة إلى حضّ الطبقة الســياسية الفرنسية على التصرّف. ولدى تأسيسنا مركز أبحاث «يوثونومـيكس»، قمنا بتقدير مدى نجاح هؤلاء الشبّان المهاجرين على نطاق أوسع بكثير.
واستنادًا إلى تسعة وخمسين معيارًا مختلفًا، بما في ذلك بطالة الجيل الشاب، وجودة التعليم وتكلفته، وقدرة الشباب على تحمّل تكاليف السكن والادخار للمستقبل، والعجز العام، وإمكانية الاستفادة من الوسائل التكنولوجية، والحرية السياسية والدينية، إضافةً إلى متوسط عمر القادة المنتخبين، وغيرها من المعايير، أنشأنا «مؤشر يوثونوميكس العالمي»، الذي يصنّف أربعة وستين بلدًا وفق إمكانيتها على إتاحة الظروف المواتية التي من شأنها أن تسمح للشبّان بالتطور واستثمار مهاراتهم. وتشير النتائج التي توصّلنا إليها إلى نوع من الاستهتار المفاجئ تجاه الأجيال الأصغر سنًّا، مقابل أداء ضعيف في عدد كبير من الدول المتقدمة مثل فرنسا أو اليابان أو إيطاليا، علماً أنّ بلداناً أخرى، مثل الولايات المتحدة الأميركية أو المملكة المتحدة لا تتيح إلّا آفاقاً محبِطة للشباب في السنوات المقبلة.
وفي دراسة أُجريت في العام 2009 بعنوان «اقتصاد الأجيال في عالم متغيّر»، اعتبر رونالد لي وأندرو ماسون أنه في بلدان كثيرة من العالم، وللمرة الأولى منذ أن كان البشر أصلاً صيادين ومزارعين (ما عدا في أوقات المجاعة أو الوباء أو الحرب)، ما عادت الثروات الصافية تنتقل من الآباء إلى الأبناء. والأسوأ من ذلك هو أنّه بات من المتوقَّع أن تموّل الأجيال الشابة تقاعد الكبار في السنّ، في ظلّ غياب أي احتمال بأن يتمّ تمويل تقاعدهم الخاصّ في المقابل. وما يزيد الطين بلّة في أعقاب أزمة الرهن العقاري، هو أن يختار مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية تحويل البلايين من الديون التي تراكمت من صناديق التحوّط، وصناديق التقاعد، والمصارف، والمؤسسات المالية الخاصة الأخرى إلى دين عام، وبالتالي نقل هذا العبء إلى أحفادهم وأبناء أحفادهم.
وبما أنّ هذا الوضع جديد نسبيًّا، لا تزال العواقب المتأتية عنه على المدى الطويل غير مفهومة بالكامل. وفي القرن الماضي، أصدر الفيلسوف الفرنسي الليتواني إيمانويل ليفيناس نظريةً حول أهمية نقل المعرفة والقيم عبر الأجيال. وقد اعتبر، في هذا الصدد، أنّ هذا الانتقال هو من أحد الاختلافات السلوكية الرئيسية بين الإنسان والحيوان.
ولكن ماذا عن أهمية انتقال الثروة؟ ماذا يمكن أن يحدث عندما يختار جيل، وللمرة الأولى، عدم نقل أي ثروة للجيل القادم؟ ماذا يمكن أن يحدث عندما يفهم جيل الألفية كيف عرّض آباؤهم وأجدادهم مستقبلهم للخطر؟
لقد قيل الكثير عن خطر حصول صراع بين الحضارات، والثقافات، والأديان في القرن الحادي والعشرين. ماذا لو كان الخطر الأكبر الذي واجهناه هو في الواقع صراع بين الأجيال؟
تجدر الإشارة إلى أنّ السياسيين يميلون إلى معاملة الشباب في شكل مستهتر: فلا يعطونهم حقّ التصويت، علمًا أنّ هؤلاء باتوا يشكّلون الفئة الفقيرة (الجديدة) - مع الإشارة إلى أنّ أزمة الرهن العقاري جعلتهم أكثر فقرًا، في حين ساهمت في زيادة ثروة عدد كبير من المتقاعدين - وفي معظم البلدان المتقدمة، باتوا يشكّلون جزءًا صغيرًا من السكّان. ويبدو أن هؤلاء السياسييّن نسوا أنّ الفرص غير المسبوقة بالتنقّل بين الدول اليوم يعني أنّ نفوذ الشبّان تزايد في شكل غير مسبوق، وبات يخوّلهم أخيرًا الحصول على الاهتمام الذي يستحقونه. وإن عجزوا عن إيصال صوتهم ولم تتمّ تلبية احتياجاتهم الأساسية، فسيختارون ببساطة حزم حقائبهم والرحيل. وقد بدأنا نرى أبناء وأحفاد المهاجرين في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية يعودون إلى بلدانهم الأصلية لإنشاء أعمال جديدة والسعي إلى تأمين فرص عمل أهمّ.
ينبغي الإثناء إلى دور الدول والحكومات التي تستحدث سياسات من شأنها تعزيز آفاق الشبّان والسماح لهم بالازدهار، لأنّ ذلك سيحضّ الأجيال الشابّة في بلدان أخرى على مناشدة حكوماتهم ببدء تطبيق أفضل الممارسات. ولا شكّ في أنّ منح الشبّان تأشيرة عمل عالمية سيساهم كثيراً في إعادة التوازن إلى مجرى الأمور لمصلحتهم، وسط معاناتهم المستمرّة نتيجة الأزمة المالية، من طريق جعل الفرص متساوية على الساحة العالميّة والسماح لشبّان العالم أجمع بالاستفادة من أكثر الوسائل المتاحة للتصويت حتّى الآن، ألا وهي أقدامهم التي تسمح لهم بالمهاجرة.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,141,532

عدد الزوار: 6,756,653

المتواجدون الآن: 123