مخرج؟ غزة وإسرائيل بين الحروب

تاريخ الإضافة السبت 5 أيلول 2015 - 6:35 ص    عدد الزيارات 514    التعليقات 0

        

 

مخرج؟ غزة وإسرائيل بين الحروب
Middle East Report N°162 26 أغسطس 2015
الملخص التنفيذي 
في السنة التي انقضت منذ حرب غزة عام 2014، لم يتم فعل الكثير لتغيير الظروف التي أدّت إلى حدوثها. ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني، التي شُكِّلت في حزيران/يونيو 2014 ومقرّها الضفة الغربية، أعيد تشكيلها دون موافقة حماس. إنها تنظر إلى قطاع غزة بوصفه فخّاً، وبالتالي فإنها ترفض تحمّل المسؤولية عن حكمه. رغم أنها تفتقر إلى القدرة والرغبة لممارسة سلطتها هناك، فإنها تستمر في جمع العائدات الضريبية على جميع المستوردات إلى غزة بوصفها السلطة المعترف بها دولياً. كانت حكومة حماس تعتمد على الضرائب التي تفرضها على السلع المهرّبة عبر الأنفاق التي تصل بين قطاع غزة ومصر، إلاّ أن تلك الأنفاق، إضافة إلى المعبر الحدودي الوحيد مع مصر، أُغلقت بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في القاهرة في تموز/يوليو 2013. ومن أجل تجنب صراع آخر، خفّفت إسرائيل من الحصار الذي تفرضه على القطاع بشكل ما. إلاّ أن هذا لا يعالج احتياجات القطاع؛ فحكومة تسيير الأعمال تفتقر إلى الأموال؛ واقتصادها في حالة مزرية؛ ومعظم سكان القطاع لا يستطيعون الوصول إلى العالم الخارجي. ينبغي فعل المزيد حيال هذه القضايا، وإلاّ فإن حدوث الحرب القادمة قد يكون مسألة وقت وحسب.
من غير المرجح العثور على حل لمشاكل غزة في القاهرة أو رام الله. كلاهما تنظران إلى حماس، أو للمنظمة الأم، الإخوان المسلمين، بوصفها تهديداً وجودياً. إنهما لا تريدان إنقاذ حماس أو مساعدة إسرائيل في سياستها التي اتّبعتها منذ سنوات بقطع الصلات بين قطاع غزة والضفة الغربية. بدلاً من ذلك، فكلاهما قانعتان بتجاهل قطاع غزة ومراقبة حماس وهي تغرق في مشاكلها المالية المتفاقمة.  وفقاً لحساباتهما، إذا نشبت حرب جديدة، فإن إسرائيل وحماس هما اللتان ستدفعان الثمن.
بالنسبة للعديد من قادة السلطة الفلسطينية في رام الله، فإن العودة إلى قطاع غزة ليس منطقياً؛ حيث ستُحمَّل السلطة الفلسطينية مسؤولية العنف الذي من المؤكد أنه سيندلع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، دون أن يكون لديها الأدوات اللازمة لمنعه. من المرجح أن السيطرة على المنطقة وقرارات الحرب والسلم ستظل في مكان آخر. ودون حل لمشكلة نقص الأموال اللازمة لدفع جميع رواتب موظفي القطاع العام في قطاع غزة، فإن السلطة الفلسطينية الضعيفة أصلاً يُطلب منها حل مشاكل إضافية تثقل كاهل حماس حالياً. حتى لو وُجدت حلول لهذه المشاكل، تبقى هناك مسألة الصراع والمعارضة داخل فتح، التي تشكل قاعدة سلطة الرئيس محمود عباس. بالنظر إلى علاقة العداوة القائمة بينه وبين العضو السابق في اللجنة المركزية لحركة فتح وأحد أعمدة الحركة محمد دحلان، وهو من غزة ويتمتع بدعم كبير فيها، فإن التحدّيات لعباس من داخل حركته قد تكون أكثر جسامة من تلك التي تشكلها حماس.
بالنسبة لكثيرين في إسرائيل، يُنظَر إلى العودة عن سياسة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية على أنها تهديد أمني خطير، حيث يُعتقد أن فصل القطاع يمنع حماس من نقل المعارف، والأسلحة، والتمويل والنفوذ السياسي إلى الضفة الغربية، حيث ستتنامى قوّتها على حساب الشريك الأمني لإسرائيل، أي السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح. بالنسبة لفرقاء مهمّين في الحكومة الائتلافية، فإن تعزيز الفصل بين الأراضي يخدم مصالح ديموغرافية أيضاً، حيث إن إسرائيل لم تتخلى عن مطالبتها بالضفة الغربية. حتى أولئك المستعدّين لتخفيف الحصار على غزة سيفعلون ذلك إلى الدرجة التي تمنع تلك الخطوات من أن تهدد بزيادة قوة حماس في الضفة الغربية.
لا إسرائيل ولا حماس تعتبران نشوب حرب جديدة أمراً وشيكاً، لكن كلاهما تفهمان أنه من المرجح استئناف القتال إذا لم يحدث تغيير جذري في الظروف الحالية. يمكن لحماس أن تجد نفسها في مواجهة تحديات داخلية متنامية ـ الهجمات السلفية الجهادية، وانهيار الخدمات الحكومية، والاحتجاجات الشعبية ـ تبدو الحرب مخرجاً منها يوفر لها فرصة لتعزيز قوتها، وإعادة ترسيخ مصداقيتها العسكرية وربما تخفيف الحصار من خلال التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد.
إذا لم يتجدد القتال أو إذا لم تُستعمل عصي وجزرات أكبر لدفع السلطة الفلسطينية الضعيفة إلى تحمّل مسؤولية قطاع غزة، فإن خيارات إسرائيل الرئيسية تتمثل في: إما تحسين الأوضاع هناك وبشكل أحادي، بحيث تتمكن الإدارة التي تسيطر عليها حماس من الحكم بشكل مستدام، وبذلك تقدم لحماس دافعاً أكبر للاستمرار في فرض وقف إطلاق النار الحالي، أو التوصل إلى وقف إطلاق نار قوي وشامل مع حماس. سيكون من الصعب تحقيق الخيار الثاني. هناك خلافات كبيرة؛ فلدى حماس وإسرائيل أفكار مختلفة حول النطاق الجغرافي لوقف إطلاق النار المحتمل (ما إذا كان يشمل الضفة الغربية)، ومدّته، والالتزامات المتعلقة بأسلحة حماس (من حيث التهريب والإنتاج) ونطاق الإجراءات الإسرائيلية لتخفيف الحصار.
لأن الحرب تبدو احتمالاً بعيداً، ليس هناك ضغوط تُذكر على الحكومة الإسرائيلية لتحقيق التقدم في المفاوضات المباشرة حول قطاع غزة ـ التي التزمت إسرائيل وحماس بالشروع بها خلال شهر واحد من تاريخ وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 26 آب/أغسطس 2014 ـ ناهيك عن تغيير سياساتها بشكل جذري أو السماح بإنشاء ممربحري يستطيع سكان غزة من خلاله السفر إلى العالم الخارجي.
المسؤولون الإسرائيليون يرون عقبات كبيرة في وجه التوصل إلى اتفاق مع حماس. يخشون من أن وقف إطلاق نار جديد سيضعف أو يدمر المقاطعة الدولية للحركة الإسلامية، وسيقوّيها في الضفة الغربية وسيلحق الضرر بعلاقات إسرائيل مع السلطة الفلسطينية ومصر. حتى المفاوضات غير المباشرة تُعدّ مخاطرة سياسية بالنسبة لحماس وأيضاً بالنسبة لمعظم السياسيين الإسرائيليين. المسؤولون الإسرائيليون قلقون من أن اتفاقاً مع حماس سيشكل "ضربة قاضية" لعباس، الذي لا يعتبره معظمهم شريكاً في السلام، لكنهم لا يعتبرونه تهديداً. بما إنه يكره العنف فإنهم يعتبرونه ذخراً استراتيجياً.
من ناحية أخرى، فإن استمرار محاصرة قطاع غزة والحروب المتكررة لم تؤدِّ إلى تعزيز قوة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية فحسب، بل إنها أضعفتها وعززت من قوة حماس وساعدت على جعل القيام بدبلوماسية ناجحة أمراً مستحيلاً.
إن سياسات عزل حماس ومحاصرة قطاع غزة، التي صُمّمت من قبل نفس اللاعبين الدوليين الذين وجّهوا العملية الدبلوماسية، لم تؤدِ إلى تقريب الحل السياسي ولا أدت إلى إزاحة حماس. و ليس هناك من سبب يدعو للاعتقاد بأن استمرار هذه السياسات سيحقق ذلك.
مهما كانت الخيارات التي تتخذها حماس وإسرائيل فإنها لن تؤدي إلى تسوية الصراع الأساسي. لكن السماح لسكان قطاع غزة بتصدير السلع، وفرض الضرائب على أنفسهم والخروج والدخول من منطقتهم بحرية سيوفّر للإسرائيليين والفلسطينيين على الأقل احتمال توفير جزء من سفك الدماء، بينما يتم استكشاف احتمالات أخرى، بما في ذلك تحقيق اختراق في المأزق السياسي.
التوصيات
من أجل تثبيت وقف إطلاق النار ؛ وخلق العائدات لدفع رواتب موظفي قطاع غزة، والنفقات النثرية وتكاليف تقديم الخدمات؛ وتمكين سكان قطاع غزة من حرية الوصول إلى العالم الخارجي بشكل يعتمد عليه.
إلى الحكومة الإسرائيلية:
1.  إجراء مفاوضات مباشرة مع حماس أو مع وفد فلسطيني موسّع يضم حماس حول توسيع وتعزيز استقرار وقف إطلاق النار، كما تم الاتفاق على ذلك بين إسرائيل وحماس في 26 آب/أغسطس 2014؛ إذا كانت مصر غير مستعدة للتوسّط أو إذا كانت غير مقبولة لأي من الطرفين، ينبغي السعي إلى وسيط بديل مثل النرويج، أو سويسرا، أو ألمانيا، أو قطر، أو تركيا، أو السعودية أو الأمم المتحدة.
2.  السماح بإنشاء ممربحري بإشراف دولي (مرفأ أو رصيف عائم) في قطاع غزة ووصلها بقبرص أو ببلد آخر بحيث يستطيع سكان القطاع الخروج والدخول إلى أراضيهم من خلال معبر غير مصري وغير إسرائيلي.
3.  تسهيل زيادة عدد المسافرين من قطاع غزة إلى الخارج عبر جسر اللنبي مع الأردن، وذلك في الفترة الممتدة من الآن إلى أن يتم تأسيس الممر البحري، و ذلك من خلال تفتيش سكان القطاع في معبر إيرز قبل وضعهم في باصات تذهب بهم مباشرة إلى جسر اللنبي.
4.  إظهار أن تحقيق الاستقرار في غزة لن يأتي على حساب حل الدولتين وذلك بتعزيز العلاقات المتوترة بين قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك من خلال زيادة وتيرة السفر و التجارة  بين قطاع غزة والضفة الغربية بطريقة لا تعرّض المصالح الإسرائيلية  للخطر وذلك من خلال  تصريحات رسمية تفيد بأن إسرائيل تعتبر قطاع غزة جزءاً لا يتجزأ من أي دولة فلسطينية مستقبلية.
5.  التفكير بخطوات لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية،  وذلك من خلال:
‌أ) توسيع الولاية القانونية للسلطة الفلسطينية على الأراضي داخل الضفة الغربية (على سبيل المثال نقل أجزاء من المنطقة "ج" إلى المنطقة "ب" وأجزاء من المنطقة "ب" إلى المنطقة "آ"؛ والسماح للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بالعمل في القدس؛
‌ب) السماح بإجراء عمليات تخطيط، واستثمار وتنمية جديدة في الأجزاء المتبقية من المنطقة "ج"؛
‌ج) العمل مع السلطة الفلسطينية على تطوير حقول الغاز الطبيعي على ساحل قطاع غزة.
إلى الحكومة المصرية:
6.  دعوة إسرائيل وحماس أو وفد فلسطيني يضم حماس للتفاوض على وقف إطلاق النار، كما اتفقا على أنه سيحدث خلال شهر من 26 آب/أغسطس 2014؛ وإذا كانت القاهرة غير مستعدة لفعل ذلك، دعوة الأطراف لإجراء هذه النقاشات من خلال وسيط آخر.
7.  عرض إعادة فتح معبر رفح في ساعات نظامية، ستة أيام في الأسبوع، بموازاة فتح إسرائيل لجميع معابرها مع قطاع غزة.
إلى حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية:
8.  التكليف بإجراء تدقيق مستقل للحسابات المالية الفلسطينية والضرائب التي يتم تحصيلها في قطاع غزة والضفة الغربية والالتزام بتصحيح حالة عدم التوازن في توزيع الدخول بين قطاع غزة والضفة الغربية استناداً إلى نتائجه.
إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمانحين الآخرين للسلطة الفلسطينية:
9.  توفير الإشراف الدولي على الممرالبحري الجديد لغزة.
10.  التعهد باستمرار الاتحاد الأوروبي في دعم حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تضم وزراء من حماس وفتح، وتعمل في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء وتلتزم بالتمسك   بوقف إطلاق النار مع إسرائيل.
11.  عرض المساعدة والدعم للتدقيق المستقل للحسابات المالية والضرائب الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.
12.  مناشدة قطر، والسعودية والأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي لتيسير إدماج وزارات قطاع غزة والضفة الغربية بجميع موظفيها وذلك بتمويل الرواتب، ومخصصات الرعاية الاجتماعية والنفقات النثرية الحكومية في قطاع غزة.
13.  ضمان توزيع الاعتمادات المالية في الموازنة الموجّهة للشعب الفلسطيني على قطاع غزة والضفة الغربية بصورة عادلة، وزيادة المساعدات لمشاريع غزة عند الضرورة.
14.  تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك من خلال زيادة مساعدات المانحين، وتشجيع إسرائيل على اتخاذ الخطوات المذكورة أعلاه واعتراف دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين.
مدينة غزة/القدس/رام الله/بروكسل، 26 آب/أغسطس 2015
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,273,863

عدد الزوار: 6,943,115

المتواجدون الآن: 69