ما هو المتوقع من محادثات السلام السورية في موسكو

تاريخ الإضافة الخميس 29 كانون الثاني 2015 - 7:48 ص    عدد الزيارات 547    التعليقات 0

        

 

ما هو المتوقع من محادثات السلام السورية في موسكو
آنا بورشفسكايا
 آنا بورشيفسكايا هي زميلة مساعدة في معهد واشنطن وزميلة في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية.
بعد فشل جولتين من محادثات السلام في جنيف في حل الأزمة السورية، اقترحت موسكو في كانون الأول/ ديسمبر 2014 إجراء محادثات سلام خاصة بها بين الحكومة السورية والمعارضة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن المحادثات ستجري ما بين 26 و 29 كانون الثاني/ يناير، وذلك وفقاً لتقارير الصحافة الروسية. وقد وصف بوغدانوف المحادثات بأنها "تشاورية" و"تحضيرية"، دون أي شروط مسبقة ودون جدول أعمال محدد. ويمكن لهذه المحادثات أن تؤدي، وفق تصريحه، إلى مناقشات أكثر واقعية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تشارك في محادثات موسكو، إلا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أعرب في 14 كانون الثاني/ يناير في جنيف عن أمله في أن المحادثات "يمكن أن تكون مفيدة".
من سيحضر
لا تزال التفاصيل المتوفرة حول الاجتماع قليلة. لكن وفقاً لما ذكره نائب وزير الخارجية الروسي، فقد أرسلت موسكو حوالي ثلاثين دعوة إلى أعضاء من المعارضة السورية. وتؤكد مصادر روسية أن الحكومة السورية مستعدة للاجتماع بالمعارضة في موسكو، على الرغم من أنه من غير الواضح بشكل دقيق من سيحضر هذا الاجتماع. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قد يرسل نائبه، رمزي عز الدين رمزي. وفي 17 كانون الثاني/ يناير، أشار تقرير صحفي روسي نقلاً عن تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إلى أن "أي طرف لم يرفض" المشاركة في المحادثات "بشكل قاطع".
ولا بد من الإشارة إلى أن "الائتلاف الوطني السوري"، وهو الجماعة الرئيسية المدعومة من الغرب في المعارضة السورية، قد رفض هذه المحادثات، ولكن مع ذلك بإمكان موسكو أن تبرر سبب عقدها. فبيان جنيف، الذي تم اعتماده في حزيران/ يونيو 2012 في مؤتمر دولي حول السلام في سوريا، يحدد خارطة طريق خاصة بالأمم المتحدة لوضع حدّ للعنف في سوريا. وتدعو هذه الخارطة إلى إنشاء هيئة حكومية انتقالية من شأنها "ممارسة كافة الصلاحيات التنفيذية"، وتكون مكونة من "أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة وجماعات أخرى، ويتم تشكيلها على أساس التوافق المتبادل". وفي الواقع، يمكن لعدم الدقة هنا بشأن جماعات المعارضة التي يمكن إدراجها في الحكومة الوطنية الانتقالية أن يعطي موسكو فرصة لتُشرك الجماعات التي تفضلها، وهي تلك التي لا تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط مسبق للمحادثات.
من جانبها، يبدو أن إيران تدعم المحادثات. إذ ورد أن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان صرح خلال زيارته إلى العاصمة الروسية في كانون الأول/ ديسمبر أن إيران دعمت "فكرة موسكو في إجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة المعتدلة".
تأمين الدعم للرئيس الأسد
على الرغم من أن الولايات المتحدة دعت الرئيس السوري مراراً وتكراراً إلى التنحي، إلا أن غموض بيان جنيف من عام 2012 يترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية بقاء الأسد جزءاً من حل مستقبلي للأزمة السورية. ومثلها مثل روسيا، تريد إيران بقاء الأسد، وهو حليفها منذ وقت طويل، في السلطة. وبالتالي، يمكن للمحادثات في موسكو دون مشاركة "الائتلاف الوطني السوري" أن تساعد ضمناً على تعزيز هذه الفكرة.
وفي هذا الإطار، أعرب الرئيس الأسد نفسه عن دعم جهود روسيا قائلاً "نحن واثقون من أن أي مبادرة دبلوماسية روسية ستستند إلى مبادئ احترام سيادتنا الوطنية"، وذلك وفق تقرير صحفي روسي في أعقاب زيارة بوغدانوف إلى دمشق في كانون الأول/ ديسمبر. وفي مقابلة حصرية أجراها مع الصحيفة الأسبوعية الفرنسية "باري ماتش" في كانون الأول/ ديسمبر، أوضح الرئيس الأسد "أن المهمة الرئيسية للقيادة السياسية العليا في سوريا هو تجنب الاعتماد مباشرة على القوى الغربية". من هنا فإن إجراء المحادثات في موسكو يعطي ميزة مماثلة بالتحديد للرئيس السوري.
ومن جهته، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولسبب وجيه، حساس بشكل خاص تجاه أي اقتراحات تقول بأنه يتوجب على القادة الذين يمسكون زمام الحكم منذ فترة طويلة أن يتركوا مناصبهم تحت الضغط. ومنذ عدة سنوات وحتى الآن، تحذّر الصحافة الروسية التي تخضع لإدارة الدولة من "المخاطر" و"الفوضى" التي قد تترتب عن رحيل الأسد. 
الفرص المستقبلية لموسكو
تبدو المحادثات في موسكو غامضة وتمهيدية للغاية لكي تؤول إلى أي نتائج فورية. بيد أنه، على المدى الطويل، يمكن لهذه المحادثات أن تسمح لموسكو باكتساب عدد من المزايا.
فمع اقتراب إكمال الصراع السوري سنته الرابعة، تضخمت الحالة الإنسانية المتردية على نحو متزايد، وبالتالي أصبحت تتطلب توفير جهود إغاثة عاجلة في جميع أنحاء المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التقدم الذي أحرزه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» أشاح بالتركيز الغربي بعيداً عن الإطاحة بالرئيس الأسد وحوّله نحو التخفيف من الأزمة الحالية الملحّة، حتى ولو أن القادة الغربيين ما زالوا يقولون أن على الرئيس السوري التنحي.
وفي ظل الغياب الظاهر لسياسة غربية واضحة المعالم تجاه الصراع السوري، وربما في إطار استغلال الإرهاق من الوضع في سوريا، استغلت روسيا فرصةً لدفع أجندتها الدبلوماسية الخاصة نحو المرحلة القادمة. ويمكن لذلك أن يشمل طرح الفكرة التي تقول بأن بقاء الأسد هو الخيار البديل الوحيد الصالح لانتصار المتطرفين الإسلاميين أو للانهيار الكامل للدولة. وفي الوقت نفسه، يمكن لموسكو أن تسعى إلى تعزيز مطالبتها بأن تكون ممثلاً دولياً رئيسياً يعمل على صياغة القرارات العالمية الحاسمة في عالم يظهر مجدداً كـ"عالم متعدد الأقطاب" كما يطمح إليه الرئيس بوتين.
الغموض الغربي وآثاره
في حين أن سياسة روسيا تجاه سوريا كانت متناسقة إلى حد كبير منذ بداية الصراع في عام 2011 - من خلال استمرار دعمها الثابت للأسد - تردد الغرب ما بين المطالبة بتنحي الرئيس السوري وبين القبول الضمني به كجزء من عملية السلام. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد شجعت المعارضة السورية لحضور محادثات موسكو، قالت ماري هارف، الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في 12 كانون الثاني/ يناير، "يمكنني أن أتحقق من ذلك ... نحن نعتقد أن كل ما من شأنه أن يذهب بنا نحو التقدم الحقيقي هو حل جيد".
إن الغموض أو الصمت الغربي المستمر يمكن أن يخلق تصوراً بعدم الاهتمام في أحسن الأحوال، إن لم يخلق تفضيلاً لأخذ بعض الأطراف غير الغربية زمام المبادرة في حل الأزمة. وفي ظل غياب أي سياسة غربية واضحة ومتسقة، قد يسود موقف روسيا ببساطة باعتباره الخيار الوحيد المتاح.
وفي حين غالباً ما يحترم المسؤولون الروس أهمية القانون الدولي، إلا أن موسكو تصر فقط على هذا الالتزام عندما يتناسب مع مصالحها. وعلى الرغم من أن الغموض يكتنف عملية جنيف حول إمكانية بقاء الأسد كجزء من حكومة انتقالية، إلا أن هدفها كان يكمن في وضع خارطة طريق نحو السلام والديمقراطية في سوريا، وهي نتيجة تحمل في طياتها رحيل الأسد.
قد تستند المحادثات المقبلة في موسكو إلى بيان جنيف، ولكن من الواضح أن روسيا تريد الابتعاد عن هذه العملية كما هي معرفة حالياً. وعلى الرغم من غياب جدول أعمال رسمي لمحادثات موسكو، إلا أن التقارير أفادت بأن الكرملين ودمشق أكدتا على ضرورة التركيز على "مكافحة الإرهاب". كما ووصفتا أي معارضين مسلحين ضد الأسد بـ"الإرهابيين".
توصيات سياسية
إذا حقق الرئيس بوتين ما يبتغيه وبقي الأسد في سدة الرئاسة، سيكون لمثل هذه النتيجة عواقب وخيمة قد تشمل تشويه سمعة الغربيين الذين طالبوا بالاطاحة بالأسد، وإظهار المجتمع الدولي على أنه غير حاسم وغير موثوق به للأطراف الآخرين في روسيا أو في المدار الروسي الذين قد يتطلعون إلى إسقاط الحكام الديكتاتوريين. وقد يسمح ذلك أيضاً للرئيس بوتين بأن يكتسب ظاهرياً شرعية دولية متجددة على الرغم من الغضب الأمريكي والأوروبي تجاه غزو روسيا لأوكرانيا، كما قد يؤدي إلى إعادة تنشيط روسيا كلاعب دبلوماسي مهيمن على الساحة الدولية.
أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، والتي يبدو أنها تعتمد منهجية الانتظار والترقب، فيتوجب عليها بدلاً من ذلك أن تعود وتؤكد أنه يتوجب أن يرحل الأسد في النهاية. ويجدر بواشنطن أن توضح لموسكو أنه يمكن لروسيا أن تلعب دوراً هاماً ومفيداً إذا عملت على تسهيل رحيل الأسد كجزء من العملية الانتقالية التي دعا إليها بيان جنيف. إن الاصرار على أن الأسد هو جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل قد يزيد أيضاً من الدعم للحملة التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا. فالعديد من السوريين العاديين، فضلاً عن الأتراك والعرب في دول الخليج، غير متحمسين للحملة لأنهم يرون أن الأسد هو المستفيد منها.
كما ويجب على الولايات المتحدة أن تُظهر لروسيا وإيران ونظام الأسد التزاماً واضحاً وطويل الأمد بمواجهة العنف الطائفي في سوريا، سواء من قبل الأسد أو «داعش». وفي هذا السياق، قد تؤدي موافقة الكونغرس على استخدام القوة العسكرية في سوريا إلى توجيه مثل هذه الرسالة. وبالنسبة للرئيس الأسد، إن استعداد الولايات المتحدة على استخدام القوة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» يمكن أن يشير إلى استعدادها لاستهداف قواته الجوية في المستقبل.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,136,598

عدد الزوار: 6,756,086

المتواجدون الآن: 127