التونسيون ينتخبون رئيساً للجمهورية

تاريخ الإضافة الأحد 23 تشرين الثاني 2014 - 8:30 ص    عدد الزيارات 665    التعليقات 0

        

 

التونسيون ينتخبون رئيساً للجمهورية
سارة فوير
سارة فوير هي زميلة سوريف في معهد واشنطن.
في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، يعود التونسيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد حوالي شهر واحد من انتخابهم البرلمان الجديد. يُذكر أن الانتخابات البرلمانية، والتي أشاد بها المراقبون المحليون والدوليون على نطاق واسع، أدت إلى تشكيل هيئة تشريعية يهيمن عليها حزب "نداء تونس" المناهض للإسلاميين، الذي حصل على 85 من أصل 217 مقعداً في البرلمان. أما حزب "النهضة"، وهو الحزب الإسلامي الرئيسي في تونس، فقد حلّ في المركز الثاني مع 69 مقعداً، ما يشكل انخفاضاً ملحوظاً في عدد المقاعد، من 89 مقعداً حاز عليها في انتخابات الهيئة الانتقالية في العام 2011. من جهة ثانية فإن ثلاث كتل نيابية أصغر حجماً، أي ائتلاف "الجبهة الشعبية" اليساري و"الاتحاد الوطني الحر" المعتدل، و"آفاق تونس" الليبرالي، ستشغل 39 مقعداً مجتمعة، فيما ستشغل مجموعة من المستقلين المقاعد المتبقية والتي يبلغ عددها 24 مقعداً. بناءً على هذه الخلفية، فإن الانتخابات الرئاسية ستشكّل نقطة مرحلية هامة في آخر عملية انتقال تونس نحو الديمقراطية، وهي عملية واعدة وإن كانت هشة. إذ إن مجرد إجراء تونس انتخابات رئاسية سلمية في منطقة تتخبط وسط الدول الفاشلة والاستبداد المتصاعد والعنف، أمر يجب أن يُسعد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، والأهم من ذلك، دافعاً لتقديم المساعدة في المرحلة القادمة.
سبب أهمية الرئاسة
يقسّم الدستور التونسي الجديد الذي تم اعتماده في كانون الثاني/يناير السلطة التنفيذية ما بين حكومة برئاسة رئيس وزراء ورئاسة جمهورية. ونتيجة لكونه على رأس الدولة، فإن رئيس الجمهورية سيكون رئيس أركان القوات المسلحة، كما سيكون مسؤولاً عن إعداد سياسات الدفاع والأمن القومي والسياسات الخارجية. وبالتشاور مع رئيس الوزراء، يعيّن الرئيس أيضاً حاكم البنك المركزي التونسي، وبالتالي فهو يمارس، على الأقل، نفوذاً غير مباشر على السياسات المالية الوطنية، وهو مجال أساسي نظراً إلى الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي تمر بها البلاد وإلى الاحتمال القوي بإجراء إصلاحات اقتصادية في الأشهر المقبلة. يُشار أيضاً إلى أنه في ظل ظروف معينة، يمكن أيضاً لرئيس الجمهورية أن يقترح القوانين في البرلمان، ويحله ويدعو إلى انتخابات جديدة، ويعلن حالة الطوارئ. ففي إطار أوسع من كونه مجرد وجهاً رسميّاً للبلاد، سيتمتع الرئيس التونسي بنفوذ سياسي.
المتنافسون
عندما سيدخل التونسيون إلى مراكز الاقتراع يوم الأحد، سيختارون من بين قائمة تضم سبعة وعشرين مرشحاً وافقت عليهم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات. (وفي حال لم يحصل أي مرشح على غالبية الأصوات، ينتقل المرشحان الحاصلان على أكبر نسبة من الأصوات إلى جولة ثانية من الانتخابات في موعد أقصاه 31 كانون الأول/ ديسمبر.) لا بد من الإشارة هنا إلى أن حزب "النهضة" سيغيب بشكل تام وملحوظ عن عملية الاقتراع، وذلك بناءً على قرار الحزب الإسلامي بعدم ترشيح أي شخص. ففي الاجتماع الأخير للهيئة التنفيذية للحزب، أعلن هذا الأخير عن أنه سيمتنع أيضاً عن تأييد أي مرشح بشكل رسمي، على الرغم من أن بعض أعضاء الحزب البارزين أعربوا بشكل علني عن دعمهم لمرشحين من غير حزب "نداء تونس". ومن بين المرشحين للرئاسة، يبرز أربعة متنافسين رئيسيين.
الباجي قائد السبسي. إن السبسي، زعيم حزب "نداء تونس"، تولى سابقاً منصب وزير الداخلية والدفاع والشؤون الخارجية في ظل نظام الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة (الذي حكم بين 1957 و1987)، وشغل بعد ذلك منصب رئيس مجلس النواب في ظل حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي (الذي حكم بين 1987 و2011). أما آخر مهام السبسي في الحكومة فقد كانت تولي منصب رئاسة الوزراء بشكل مؤقت في أعقاب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق بن علي وأشعلت الأحداث التي شهدتها المنطقة بأكملها والتي عُرفت باسم الربيع العربي. وقد قام السبسي ببناء حملته الانتخابية على مفاهيم التقدم والحداثة وإعادة الهيبة للدولة، وهي مفاهيم تذكر بعهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة. وبالنسبة إلى مؤيديه، فإن أصداء "البورقيبية" هذه هي بالضبط عامل الجذب الذي يتمتع به السبسي. أما بالنسبة إلى منتقديه، فإن تولي السبسي الرئاسة من شأنه أن يشكل عودة مقلقة إلى النظام القديم، خاصة بما أن حزب "نداء تونس" جذب أعضاءً من الحزب الحاكم السابق. ويعتبر المنتقدون أيضاً أن السبسي، الذي يبلغ من العمر سبعة وثمانين عاماً والذي يُقال أنه في حالة صحية غير جيدة، فشل في تأسيس هيكليات ديمقراطية داخل حزب "نداء تونس".
المنصف المرزوقي. المرزوقي طبيب أعصاب كان ناشطاً في السياسات المعارضة منذ أواخر الثمانينات، عندما أصبح رئيساً للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي العام 2001، أسس حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي رفض نظام الرئيس السابق بن علي الاعتراف به. وفي ذلك العام نفسه، نفى المرزوقي نفسه إلى فرنسا، حيث بقي لمدة عشر سنوات. وفي العام 2011، في أعقاب الثورة التونسية، عاد المرزوقي إلى وطنه، حيث فاز حزبه في مرحلة لاحقة بتسعة وعشرين مقعداً في البرلمان الانتقالي. وحين انضم "المؤتمر من أجل الجمهورية" إلى الائتلاف الحاكم مع حزب "النهضة"، أصبح المرزوقي رئيساً للبلاد. وحتى الشهر الماضي، بدت فرصه في الاحتفاظ بمنصب الرئاسة ضئيلة، وذلك نظراً إلى عدم بروز حماسة شعبية تجاهه وإلى الإحباط العام المنتشر بسبب أداء الأحزاب الحالية على مدى السنوات الثلاثة الماضية. بيد أن الظهور القوي لحزب "نداء تونس" في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي أعطت دفعاً للمرزوقي من حيث الأضواء المسلطة عليه والدعم، إذ تسعى الفصائل إلى منع "نداء تونس" من السيطرة على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية.
حمة الهمامي. الهمامي ناشط سياسي على الساحة التونسية منذ فترة طويلة، وهو الناطق الرسمي باسم "الجبهة الشعبية"، وهي عبارة عن ائتلاف من 11 حزباً يسارياً فاز بخمسة عشر مقعداً، وهو رابع أكبر كتلة نيابية في الانتخابات التشريعية الأخيرة. منذ السبعينات ارتبط إسم الهمامي بأقصى اليسار، وفي العام 1986 أسس "حزب العمال الشيوعي التونسي" وأصبح الناطق الرسمي الرئيسي له. ولا بد من الإشارة إلى أنه وبسبب نشاطه السياسي، تعرض للسجن والتعذيب وأُجبر على الاختباء مرات عدّة في خلال عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. وفي العام 2012، قام "حزب العمال الشيوعي التونسي"، وهو عضو مؤسس في "الجبهة الشعبية"، بتسمية نفسه "حزب العمال التونسي" وأصبح الهمامي أميناً عاماً له. وقد ركزت حملته الانتخابية، والتي تعكس الأولويات التشريعية بالنسبة إلى "الجبهة الشعبية"، على البطالة والعدالة الاجتماعية والتفاوتات الاقتصادية الإقليمية.
سليم الرياحي. كمنت المفاجأة التي حملتها الانتخابات التشريعية الأخيرة في وصول "حزب الاتحاد الوطني الحر"، وهو حزب لم يكن معروفاً كثيراً في السابق، إلى المركز الثالث مع ستة عشر مقعداً. وقد أسس هذا الحزب سليم الرياحي، وهو رجل أعمال ثري نشأ في ليبيا المجاورة، ويُقال أنه جمع ثروته من خلال الاستثمار في مجالات النفط والطاقة والطيران والعقارات. ومنذ عودته إلى تونس في العام 2011 وهو يموّل عدة مشاريع تنموية على نطاق واسع، وفي العام 2012 أصبح رئيساً للـ"نادي الإفريقي"، وهو فريق كرة قدم تونسي شهير. قد تكون ثروة الرياحي من أكبر ما يملك، ومسؤوليته الكبرى أيضاً، إذ إن أنصاره مقتنعون بأنه سيوزع من ثروته، وسيكون من المستبعد أن يسرق من المواطنين، في حين أن المتشككين يتهمونه بشراء دعم الناخبين.
ما بعد 23 تشرين الثاني/نوفمبر
بالنسبة إلى التونسيين، فإن الأثر الفوري للانتخابات المقبلة سيكمن في تحديد الانقسام السياسي للسلطة ما بين فروع الحكومة، ومما لا شك فيه أن النتائج ستؤثر على المفاوضات حول تشكيل الحكومة. أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة والمراقبين الخارجيين الآخرين، فإن نتائج الانتخابات، سواء تم الإعلان عنها الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل، ستقدم أيضاً مؤشرات حول المسار الذي ستتخذه السياسة الخارجية التونسية على مدى السنوات القادمة. إذ إن تولي السبسي رئاسة الجمهورية على سبيل المثال قد يعني علاقات أوثق مع دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي التي تحجم حتى الآن عن تقديم الدعم إلى حكومة يقودها الإسلاميون في تونس.
لكن بغض النظر عمن سيدخل قصر قرطاج في كانون الثاني/ يناير، فإن اختيار الرئيس في إطار انتخابات حرة ونزيهة سيمثل بحد ذاته إنجازاً عظيماً. وفيما تتشكل ملامح الحكومة القادمة في تونس، يتعين على صانعي السياسات الأمريكيين أن يواصلوا إظهار الدعم القوي للعملية الانتقالية السياسية في البلاد. فإلى جانب برامج المساعدة الاقتصادية والأمنية القائمة، فإن اتخاذ تدابير قريبة المدى مثل إرسال وفد رفيع المستوى لحضور حفل تنصيب الرئيس، واستضافة الرئيس التونسي الجديد في البيت الأبيض، ودعوة مجلس النواب القادم للانضمام إلى لشراكة الديمقراطية البرلمانية الأمريكية، من شأنه أن يبيّن عزم الولايات المتحدة على أن تبقى شريكاً أساسياً لتونس.
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,048,055

عدد الزوار: 6,749,739

المتواجدون الآن: 99