القوى المقسّمة في العراق

تاريخ الإضافة الجمعة 17 تشرين الأول 2014 - 8:15 ص    عدد الزيارات 619    التعليقات 0

        

 

القوى المقسّمة في العراق
مايكل نايتس
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
"ميدل إيست إنسايدر"
يوماً بعد يوم تكتسب كردستان العراق أهمية إضافية كمركز لانطلاق العمليات العسكرية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش»). ويقوم الجيش الأمريكي و "وكالة الاستخبارات المركزية"الأمريكية بتوسيع مرافقهما الموجودة مسبقاً في "مطار أربيل الدولي"، وقد يبدآن قريباً بنشر طائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة خاصة بالبحث والانقاذ في هذا المطار. أما شركاء التحالف الآخرين مثل المملكة المتحدة وكندا واستراليا وفرنسا فقد يتبعون النهج نفسه. وفي المقابل، يضغط أكراد العراق من أجل الحصول على دعم دولي أكبر لتنمية وتقوية "البيشمركة" - القوات المسلحة في كردستان العراق.
ومنذ أن التزم الأكراد بصورة تامة بمكافحة «داعش» في آب/أغسطس، تعهدت عدّة دول بتقديم الدعم لهم لتدريب الجيش الكردي. ومن جهتها، وفرت الولايات المتحدة الأسلحة الصغيرة والذخيرة لكردستان العراق منذ آب/أغسطس، باستخدامها قنوات "وكالة الاستخبارات المركزية" بدلاً من إجراء عملية بيع تقليدية بين دولتين. وهذه المبادرات لتسليم السلاح أعطت الأولوية للرشاشات الثقيلة والذخيرة من الرصاص المصفح التي يحتاج إليها الأكراد أمس الحاجة لضرب المركبات المدرعة الخفيفة الخاصة بـ تنظيم «الدولة الإسلامية». كما بادرت دول أوروبية مختلفة بتوفير معدات غير قاتلة في أعقاب البيان الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي في 9 أيلول/سبتمبر والذي ذكر أن الدول الأعضاء في "الاتحاد" حرة في اتباع السياسات الوطنية الخاصة بها حول تسليح أكراد العراق. وتشكل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا الجهات المانحة الرئيسية.
ومع ذلك، أكدت حالة ألمانيا أن هناك حدود لهذا النوع من التعاون الأمني ​​مع كيان يمثل دولة فرعية مثل كردستان العراق. ففي 31 آب/أغسطس تعهدت ألمانيا بتقديم 4000 خوذة قتالية، و4000 سترة واقية، و700 جهاز راديو، و680 منظار، ومعدات للرؤية الليلية وأخرى للتخلص من الذخائر المتفجرة والمستلزمات الطبية من مخزونات الجيش الألماني. بيد، أحجمت ألمانيا عن تقديم الأسلحة مباشرة إلى كردستان العراق دون قيام رخصة استيراد صادرة عن الحكومة العراقية المركزية في بغداد. وبالإضافة إلى 24000 قطعة من الأسلحة الصغيرة وسبعة ملايين طلقة من الذخيرة، تعهدت ألمانيا بتقديم 30 قاذفة مضادة للدبابات الموجهة سلكياً من طراز "ميلان" (مع 500 صاروخ) و 240 من قاذفات الصواريخ المضادة للدروع المحمولة على الكتف (مع 3500 طلقة). إلى جانب ذلك تعهدت إيطاليا بتقديم عدد إضافي غير محدد من أنظمة "ميلان".
وقد أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى ضرورة موافقة بغداد للحد من خطر وقوع هذه الأسلحة في أيدي «حزب العمال الكردستاني»، الحركة التركية التي مقرها في المنطقة الكردية في العراق والتي خاضت حرب عصابات ضد تركيا من أجل الاستقلال لفترة دامت أكثر من 40 عاماً. وبالنسبة لبغداد، يتمثل القلق في استخدام كردستان العراق للقدرات المتطورة المضادة للدبابات لتحويل التوازن العسكري الداخلي في العراق ضد الحكومة الاتحادية، الأمر الذي يعزز من طموحات الأكراد في الاستقلال عن العراق. وفي الوقت نفسه، مع تراجع «داعش» في وجه الهجمات المرتدة الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، قد تكون الحاجة الملحة لتزويد كردستان العراق بأسلحة ثقيلة في تلاشٍ في الوقت الحالي.
قوات البيشمركة غير الموحدة
من المرجح أن تسعى الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين في السنوات المقبلة، إلى إقامة علاقات عسكرية أوثق بين قوات هذه الدول وتلك التابعة لكردستان العراق، بغية التصدي لـ «الدولة الإسلامية» في العراق والاستفادة من إمكانات كردستان العراق كقاعدة محتملة يمكن من خلالها تدريب المقاتلين السوريين الأكراد وتجهيزهم. ومن المرجح أن تدعم بغداد هذه المشاركة تحت عنوان مخطط "الحرس الوطني الجديد" الذي يضعه رئيس الوزراء حيدر العبادي، تحظى بموجبه القوات العسكرية في المنطقة الكردية في العراق بدعم مالي من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد. أما العقبة المتبقية لعملية التدريب الدولي فتكمن في هيكلية القوات المسلحة في كردستان العراق، التي لا تزال منقسمة على أسس السياسات الحزبية.
يُذكر أن «حكومة إقليم كردستان» هي الهيئة الإقليمية التي تحكم كردستان العراق وتتفاخر بوزارة البيشمركة التي تشمل قيادتها 11 من "كتائب الحرس الإقليمي" الخفيفة من المشاة، فضلاً عن إثنين من الألوية المدرعة الصغيرة، التي تضم ما يقرب من 40 ألف جندي. ويعمل تحت إمرة وزارة الداخلية في «حكومة إقليم كردستان» 30 ألف جندياً إضافياً من "الزريفاني"، وهي قوات شرطة شبه عسكرية من نوع الدرك غالباً ما تكون مدججة بالسلاح كوحدات "كتائب الحرس الإقليمي".
وإلى جانب هذه الوحدات تبرز كوادر البيشمركة من الحزبين السياسيين الرئيسيين، «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و «الاتحاد الوطني الكردستاني». ويضم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» حالياً حوالي 60 ألف عضو تمت تعبئتهم كقوات بيشمركة تحت لواء "يكاي" (الوحدة) 80. وتشمل هذه كتيبتين من كتائب "القوات الخاصة"، كولان وبرزان، التي تضم ما مجموعه 6000 جندياً مدججين بالسلاح مع منصة إطلاق متعددة الصواريخ من طراز "بي إم 21". وبشكل مماثل، لدى «الاتحاد الوطني الكردستاني» حوالي 50 ألف عضو جرت تعبئتهم كقوات بيشمركة تحت لواء "يكاي" (الوحدة) 70. ويُشار إلى أن "القوات الخاصة" بـ «الاتحاد الوطني الكردستاني» هي "ديجة تيرور" ("مجموعة مكافحة الإرهاب") - قوة خفيقة من المشاة مدججة بالسلاح قوامها 5000 جندياً يرتدون الزي العسكري ومجهزين بطريقة مماثلة جداً لـ "قوات العمليات الخاصة" العراقية المدربة على يد الولايات المتحدة.
ولطالما طالبت الحكومة الأمريكية أن توحد كردستان العراق جميع قواتها المسلحة تحت إشراف وزارة البيشمركة أو وزارة الداخلية في «حكومة إقليم كردستان» قبل أن يكون بالإمكان زيادة الدعم العسكري الأمريكي لها. ومؤخراً في أيار/مايو 2013، أوجز نائب وزير البيشمركة، أنور حاجي عثمان، خططاً لإقامة "22 كتيبة موحدة سيتم تصنيفها إلى فرقتين، 20 منها ستتألف من الآليات والمحركات والمدرعات والمدفعية والدفاع الجوي والمهندسين ووحدات الكتائب اللوجستية واللاسلكية، في حين ستكون الأخيرتين عبارة عن كتيبتين لدعم القتال". وفي 25 آب/أغسطس، أمر رئيس «حكومة إقليم كردستان» مسعود بارزاني بتسريع العملية وإكمالها في غضون ستة أشهر.
ومع ذلك، سيشكل توحيد قوات البيشمركة والزيرفاني تحدياً لكردستان العراق. إذ كشف القتال ضد «داعش» في عام 2014 عن الضعف الذي تواجهه وحدات "كتائب الحرس الإقليمي" التابعة لوزارة البيشمركة، والتي تشكلت حديثاً وتفتقر أحياناً إلى الروح المعنوية والسمعة التي تتمتع بها وحدات البيشمركة التابعة للحزب. وبالتالي فقد أثر ذلك سلباً على مفهوم "كتائب الحرس الإقليمي" الموحدة. إذ ظهرت وحدات "الزيرفاني" التابعة لوزارة الداخلية في «حكومة إقليم كردستان» على أنها خاضعة لـ «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وفشلت في تحقيق عدد من الالتزامات. على سبيل المثال، عانى الأكراد من الهزائم العسكرية على يد «داعش» في أوائل آب/أغسطس. إذ استولى التنظيم المسلح على مناطق زمار، وسنجار وسد الموصل (اللتين استعادهما الأكراد منذ ذلك الحين)، مما أثار توترات سياسية خطيرة في داخل «حكومة إقليم كردستان». وفي الوقت نفسه، اتهم «الاتحاد الوطني الكردستاني» و «غوران»، «الحزب الديمقراطي الكردستاني» - الحزب الثالث الرئيسي في «حكومة إقليم كردستان» - باحتكار شحنات الأسلحة السرية التي تسهل "وكالة الاستخبارات المركزية" وصولها.
وتشير هذه النزاعات الداخلية وغياب الاحترافية إلى أن القوات المسلحة التابعة لـ المنطقة الكردية في العراق ستستمر في مواجهة صعوبات في تفعيل مستوى التدريب الخارجي والمعدات التي تتلقاها من الخارج، الأمر الذي قد يعيق من قدرتها على مزامنة الغارات الجوية مع عمليات برية. ويعني ذلك أن الدعم العسكري الأمريكي المباشر سيستمر على شكل معلومات استخباراتية وهجمات جوية لتأمين العمليات العسكرية الكردية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها تنظيم «الدولة الإسلامية». بالإضافة إلى ذلك، إذا تلقت كردستان العراق إمدادات رئيسية جديدة من الأسلحة الثقيلة، ستضطر إلى الاعتماد على عمليات النقل غير المشروعة والسرية كما حدث في السنوات الماضية.
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,121,642

عدد الزوار: 6,754,581

المتواجدون الآن: 106