إعادة ضبط العلاقة الأمريكية- الكردية- العراقية

تاريخ الإضافة الجمعة 19 أيلول 2014 - 8:18 ص    عدد الزيارات 567    التعليقات 0

        

 

إعادة ضبط العلاقة الأمريكية- الكردية- العراقية
مايكل نايتس
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
تتجلى أولى الخطوات الحيوية لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [«داعش» أو «الدولة الإسلامية»] في تأسيس قاعدة للعمليات في كردستان العراق، التي تتمتع بموقع مثالي كنقطة انطلاق لجهود مشتركة ضد الجهاديين والخلافة التي أعلنوا عنها. فقد أمست «حكومة إقليم كردستان» مباشرة في مرمى التنظيم، باعتبارها عدواً عسكرياً وقاعدة لإلحاق الهزائم بالجهاديين منذ آب/أغسطس، الأمر الذي يجعل القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» أولوية قصوى بالنسبة إلى القادة الأكراد في أربيل. بإمكان الولايات المتحدة أن تلعب دوراً حاسماً في صياغة صفقة من شأنها المحافظة على الائتلاف القائم في العراق لمكافحة «داعش» وعلى مشاركة الأكراد بصورة نشطة في القتال. يترتب على واشنطن بشكل خاص ضمان عدم عودة المفاوضات بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان» إلى تصيّد كل طرف لأخطاء الطرف الآخر وإعادة "الأوضاع إلى ما كانت عليه كالمعتاد"، في الوقت الذي يخوض فيه العراقيون معركة مميتة ضد «الدولة الإسلامية».
الدور الكردي في هزيمة «داعش»
بدأت جهود المجتمع الدولي الرامية إلى ردع تنظيم «الدولة الإسلامية» في منطقة كردستان العراق، التي كانت بمثابة القاعدة لانتصارين هامين الشهر الماضي في سد الموصل وقرية آمرلي. والجدير بالملاحظة أن قوات البشمركة الكردية القوية، وقوامها 175 ألف مقاتل، تعافت بسرعة من هجوم «داعش» المفاجئ في أوائل آب/أغسطس، مما يدل على مرونتها واستعدادها لتسهيل عمليات القوات العسكرية الأمريكية وقوات الحكومة العراقية. إن بذل جهد دولي أوسع للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» قد يتطلب المزيد من الوقت ويكون أكثر تكلفة من دون التعاون مع «حكومة إقليم كردستان»، التي من شأنها أن توفر قاعدة آمنة وتسهّل الوصول المباشر إلى أكثر من ألف ميل من الخطوط الأمامية للتنظيم في شمال العراق، وعلى نحو مهم، في المناطق المأهولة بالأكراد شرقي سوريا.
وتشكل «حكومة إقليم كردستان» عاملاً حيوياً بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة الأوسع نطاقاً في العراق. ويُعزى ذلك إلى عدّة أسباب، منها استعدادها لإضافة أكثر من 200 ألف برميل يومياً من النفط المنتج في أراضيها إلى أسواق الطاقة العالمية بحلول نهاية هذا العام. وبالتالي، فبعد أن قطعت «الدولة الإسلامية» خط أنابيب تصدير النفط في شمال العراق، يمكن لـ «حكومة إقليم كردستان» الآن أن تنقل وبسرعة أكثر من 120 ألف برميل يومياً من النفط الاتحادي الذي لا توجد سبل لتصديره من كركوك وذلك عبر شبكة الأنابيب الداخلية الخاصة بها. وربما الأهم من ذلك، أن تعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة و«حكومة إقليم كردستان» من شأنه أن يقدم للبيت الأبيض خطة احتياطية ومصدراً بديلاً للضغط على بغداد في حال عدم التزام حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي، والتي يهيمن عليها الشيعة، بتحقيق وعودها بضم كافة فئات المجتمع.
التوقعات الكردية
أوضح أكراد العراق متطلباتهم  من الحكومة في عدد من البيانات التي أصدروها منذ أن تم التصديق على حكومة العبادي في 9 أيلول/ سبتمبر، وهي كالتالي:
·         دفع رواتب «حكومة إقليم كردستان» بأثر رجعي. بما أنه لم تتم المصادقة على ميزانية عراقية في عام 2014، فإن الدولة تعمل بناءً على نظام "واحد على إثني عشر" (1/12) والذي تحصل في إطاره «حكومة إقليم كردستان» والمحافظات والوزارات الأخرى على واحد على إثني عشر من ميزانياتها لعام 2013 كل شهر. بيد أن الخلافات القائمة حول السيطرة على صادرات «حكومة إقليم كردستان» من النفط آلت إلى تلقي أربيل ما يقل عن قيمة شهرين من هذه المدفوعات منذ كانون الثاني/يناير، على الرغم من تلقي جميع المحافظات العراقية الأخرى المدفوعات كاملة. ونتيجة لذلك، تسعى حالياً «حكومة إقليم كردستان» للحصول على ما يقدر من 8.5 مليار دولار من التحويلات غير المدفوعة.
·         دعم قوات البشمركة. تريد «حكومة إقليم كردستان» من المجتمع الدولي توفير الأسلحة والتدريب اللازم لقوات البشمركة بشكل مستقل عن وزارة الدفاع في بغداد. ووفقاً للممارسات الدولية، تحتفظ الحكومة المركزية بالحق في مراجعة شحنات الأسلحة والمصادقة عليها، فضلاً عن إصدار شهادة المستخدم النهائي التي يطلبها معظم المصدّرين. ويبدو أن بغداد عازمة على استخدام هذه السلطة لمنع «حكومة إقليم كردستان» من تطوير ترسانات مضادة للدبابات ومضادة للطائرات، إذ يبدو أن الاستحواذ عليها يهدف إلى مواجهة القوات الاتحادية أكثر من مواجهة «داعش». أضف إلى ذلك أن الأكراد يريدون أن تقوم الحكومة الاتحادية بتمويل غالبية تكاليف قوات البشمركة (الرواتب والتدريب والمعدات) باعتبارها من إنفاقات الحكومة العراقية. وقد دعم العبادي فكرة تسليح قوات البشمركة وتدريبها كجزء من "الحرس الوطني العراقي" الجديد الممول من الأموال الإتحادية.
·         اتفاقيات تقاسم العائدات وتصدير النفط. يطالب الأكراد بوضع إتفاق حول ميزانية عام 2015 (المقررة في أوائل كانون الثاني/يناير) يسمح لـ «حكومة إقليم كردستان» بتصدير النفط مباشرة إلى الأسواق العالمية في إطار اتفاقية شراكة مع بغداد، أي من دون تحديات قانونية ومن خلال توجيه معظم العائدات مباشرة إلى أربيل كدفعة مسبقة من تحويلات الميزانية الشهرية من بغداد. وفي هذا السياق، ذكر العبادي أن الصيغة النهائية لهذا الاتفاق قد تستغرق حوالي ستة أشهر، الأمر الذي قد يؤخر ميزانية عام 2015، ويُبقي النفط الكردي (وربما نفط كركوك) خارج السوق لفترة أطول.
·         المناطق المتنازع عليها. يطمح الأكراد على المدى الطويل، إلى حل "عملية المادة (140)" في غضون عامين، مما يعني عكس ما كان سائداً في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من جهود إعادة التوطين العرقي، وإجراء إحصاء سكاني، ليتم بعد ذلك إجراء استفتاء عما إذا كانت مناطق معينة ستنضم إلى «إقليم كردستان». كما وتريد أربيل الحصول على أكبر قدر من السيطرة على مجالها الجوي وإدارة الترددات الإلكترونية (أي التلفزيون والإذاعة والهاتف المحمول).
التداعيات على السياسة الأمريكية
 تجدر الإشارة إلى أن العبادي هو مفاوض صعب، إلا أن هذا ليس بالضرورة أمراً سيئاً: فقد ساعده تصميمه هذا على تشكيل حكومة في ظروف صعبة، وعلى تقليص عدد أعضاء حكومته، ومقاومة الضغوطات (على الأقل حتى الآن) لتعيين النبلاء الشيعة مثل حسين الشهرستاني وهادي العامري في الوزارات الرئيسية. أضف إلى ذلك إن صرامة العبادي قد تعني أيضاً أن بإمكانه تنفيذ أي صفقة يبرمها مع الأكراد، وإقناع ناخبيه العرب بها، وضمان احترامهم لها، الأمر الذي يشكل تغييراً موضع ترحيب عن صيغة المالكي التي تقوم على تقديم الوعود الكثيرة وعدم تحقيقها كافة. بالإضافة إلى ذلك، قام العبادي بلفتة هامة تجاه أربيل أثناء تشكيل حكومته، تجلت في تعيين المسؤول الكردي روش شاويس وزيراً للمالية في إشارة منه إلى حسن النية بشأن تقاسم الإيرادات، في حين استبدل الشهرستاني بوزير موالٍ للأكراد هو عادل عبد المهدي الذي أصبح المسؤول الأقدم عن شؤون النفط. ويحتاج هذا الفريق الآن إلى تقديم التشجيع الملموس للأكراد، الذين حُرموا من الميزانية الإقليمية لعدة أشهر في الوقت الذي يرزحون فيه تحت وطأة 1.4 مليون لاجئ (من السوريين والعراقيين النازحين داخلياً) فضلاً عن التكاليف الكاملة لتعبئة البشمركة.
من جانبها، ينبغي أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام كل نفوذها المتاح للتعامل مع العبادي، وهو نفوذ كبير نظراً إلى المشاركة العسكرية الأمريكية، وذلك بغية تشجيعه على تقديم عروض مبكرة وغير ناتجة عن إكراه حول تقديم الدعم المالي للأكراد، فضلاً عن متابعة الإجراءات المتفق عليها. يجب على واشنطن أيضاً أن تواصل حث رئيس الوزراء على إيلاء الاهتمام للاحتياجات الدبلوماسية لائتلاف الحرب، وهو ما تمثله العلاقة بين بغداد و «حكومة إقليم كردستان» في الوقت الراهن. ويشمل ذلك أن يكون حساساً تجاه الضغوط المحلية على السياسيين الأكراد، الذين يجب أن يبيّنوا لناخبيهم أن البقاء كجزء من العراق الفيدرالي يحقق لهم فوائد ملموسة. فهذا المزيج من الإجراءات والمشاعر هو وحده الذي يمكنه إعادة بناء الثقة بين الأكراد وبغداد.
وبشكل أدق، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تركز جهودها على ثلاثة أطر زمنية، مع إطلاق العمل على جميع المبادرات على الفور بسبب التأخير المترافق مع صياغة هذه السياسات وتنفيذها:
·         في الأسابيع المقبلة، يترتب على واشنطن ألا تطلب من بغداد دفع الرواتب العائدة لـ «حكومة إقليم كردستان» لشهر أيلول/سبتمبر فحسب، بل دفعها أيضاً أقساط حصة الأكراد التي تبلغ مليارات الدولارات عن الشهور السابقة التي لم تُدفع فيها هذه الحصة. ولا بد من تقديم هذه الجهود على شكل بادرة دعم من دون قيود، وليس كسلفة من مدفوعات النفط المستقبلي الذي سيقدمه الأكراد إلى بغداد. ونظراً إلى أن ميزانية العراق ترزح تحت وطأة تكاليف الحرب، فقد تبرز الحاجة إلى نوع من القروض الأمريكية أو الدولية الميسّرة بهدف تسهيل دفع هذه الحصة. وفي حال تحقق ذلك، فإن مثل هذا الاستثمار سيؤتي ثماره الهامة من حيث تدعيم الوحدة الوطنية العراقية في لحظة حاسمة من الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». إن هذا ليس بالوقت المناسب للتفكير في اقتصاد المال. إضافة إلى ذلك، يجب على "القيادة المركزية الأمريكية" أن تبدأ بالتوفير الرمزي لمساعدات الأسلحة القتالية (على سبيل المثال، الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات) والمدربين لـ «حكومة إقليم كردستان» في أقرب وقت ممكن، في الوقت الذي تقوم فيه واشنطن بالضغط على وزارة الدفاع العراقية لدعم هذه الجهود.
·         قبل نهاية هذا العام، يجدر بواشنطن أن تشجع بغداد بقوة على استكمال مجموعة من الإنجازات الهامة على مستوى تقاسم العائدات وتمويل قوات البشمركة على حد سواء. وبالتالي فإن ميزانية عام 2015 تشكل الإطار الطبيعي لتحقيق مثل هذه الصفقة، لذلك ينبغي على المسؤولين الأمريكيين تقديم المساعدة الإدارية وغيرها من أشكال الدعم الضرورية لتحضير الميزانية في أوائل كانون الثاني/ يناير. أي أنه يجب إعداد برنامج أمريكي بارز لتدريب قوات البشمركة وتجهيزها بحيث يتم إطلاقه في مطلع العام المقبل، ويشمل خططاً للطوارئ لتشريع العناصر الهامة من البرنامج المذكور حتى في حال عدم انضمام وزارة الدفاع الاتحادية إلى البرنامج بشكل فوري. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي توجيه المساعدات الأمريكية من خلال وزارة البشمركة التابعة لـ «حكومة إقليم كردستان» بغية تعزيز هذه المؤسسة والتخفيف من هيمنة الأحزاب السياسية على الوحدات الكردية الأكثر فعالية.
·         في عام 2015، يمكن للولايات المتحدة أن تقدم المساعدة عبر طرق متعددة لدعم تصميم وإقرار قانون رسمي يُعنى بتقاسم الإيرادات، من شأنه أن يحدد الصيغ الخاصة بـ «حكومة إقليم كردستان» والمحافظات الأخرى. ولغرض تحقيق هذا الهدف، يتوجب على واشنطن تسريع برامجها التعليمية الهادفة إلى حضور السياسيين العراقيين إلى الولايات المتحدة ودول أخرى ليشهدوا على كيفية إجراء عمليات تقاسم الإيرادات الهيدروكربونية في جميع أنحاء العالم. ويُذكر أن إقرار قانون مماثل يمكن أن يمهد الطريق على المدى الطويل للعمل بدعم أمريكي على إطار قانون يُعنى بالمواد الهيدروكربونية وعلى تأسيس مجلس اتحادي خاص بالنفط والغاز في الفترة 2016 - 2017.
 
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,636,075

عدد الزوار: 6,905,568

المتواجدون الآن: 110