دور الجــزائــر في حل الأزمة الليبية

تاريخ الإضافة الأربعاء 3 أيلول 2014 - 7:43 ص    عدد الزيارات 624    التعليقات 0

        

 

دور الجــزائــر في حل الأزمة الليبية
ياسين بودهان
ياسين بودهــان هو صحفي جزائري.  وقد نُشرت هذه المقالة في الأصل في منتدى فكرة 
منتدى فكرة
على الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية عبر الحدود التونسية- الجزائرية، وقيام الجماعات الإرهابية خلال الشهرين الأخيرين باغتيال عدة عناصر من الجيش التونسي في جبال الشعانبي، إلا أن التهديد الأمني الذي تشكله ليبيا على الجزائر يختلف عن غيره. فليبيا تعيش انفلاتاً أمنياً كبيراً بسبب غياب السلطة المركزية وانهيار منظومة الأمن والدفاع، الأمر الذي سمح بانتشار وسيطرة المليشيات المسلحة ذات الانتماء القبلي والتي باتت تمتلك أسلحة خطيرة. ونتيجة لذلك، أصبح أمن الحدود الجزائرية مع ليبيا يواجه بعض المخاطر.
إن حادثة اختفاء 11 طائرة مدنية من مطار طرابلس الدولي - الذي كان يتعرض لهجوم عنيف من قبل الميليشيات المسلحة خلال الأسبوعين الماضيين - شكلت تحولاً كبيراً في حجم المخاطر التي لا تهدد الجزائر فحسب، بل المنطقة بأسرها. وبعد أن وردت تقارير مفادها أن الطائرات كانت في أيدي "الجهاديين" الذين يعتزمون استخدامها لأغراض إرهابية في الجزائر والمغرب وتونس، هناك مخاوف من شن هجمات مشابهة لتلك التي وقعت في 11 أيلول/سبتمبر.
ومما يزيد الأمور سوءاً، تجد الجزائر نفسها مضطرة لمواجهة هذه المخاطر بمفردها. وتخوض القوات المسلحة معارك على جبهات متعددة، في حين أخفقت البلدان المجاورة في وقف تقدم الإرهابيين بسبب عدم امتلاكها قوات عسكرية وقوات أمن قوية للقيام بهذه المهمة. على سبيل المثال، تملك مالي جيشاً لا يتعدى قوامه 20 ألف جندي، بينما لا تتمكن المؤسسات الأمنية في موريتانيا حتى من حماية مؤسسات الدولة الرسمية ضد هجمات تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، في حين ليس لدى تونس خبرة في مجال مكافحة الإرهاب.
إن عدم القدرة على الاعتماد على البلدان المجاورة قد يفسر حجم الإنفاق العسكري الواسع الذي تخصصه الجزائر. ونظراً لحدودها الطويلة مع دول الجوار - والتي تمتد ألف كيلومتر مع ليبيا، على سبيل المثال - تتطلب الجزائر قدرات مالية وبشرية كبيرة لتأمين حدودها.
ومع بروز ما يسمى بـ نظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [«داعش»]، هناك مخاوف من تحول ليبيا إلى بؤرة لهذا التنظيم، الذي قد يحاول الاستيلاء على الحكم في ليبيا وإعلانها كمركز للخلافة الإسلامية التي أعلن عنها في العراق. وفي مثل هذه الظروف، هناك توقعات بأن يتخلى الجيش الجزائري عن عقيدته [العسكرية] بـ "عدم التدخل" في القضايا الخارجية. ووفقاً لمختلف الصحف الجزائرية، ذكرت مصادر أمنية رفيعة المستوى أن الجيش لن يبقى مكتوف الأيدي بينما تستولي الجماعات السلفية -الجهادية على السلطة في ليبيا وتهاجم تونس. وقد قال عقيد جزائري متقاعد مؤخراً، "إن أي جيش في العالم سيكون قد تصرف بغباء إذا لم يعمل على مواجهة التهديد الخطير القادم من وراء حدود بلاده". وتابع قائلاً: "إن سقوط ليبيا بيد 'التكفيريين' ومن بعدها تونس سيعني تحول الجزائر لساحة حرب مفتوحة؛ وإذا لم تسارع الجزائر لإنقاذ تونس وليبيا عند الضرورة، فإن ذلك سيكون كارثياً بالنسبة لأمنها القومي."
وقد تلجأ الجزائر أيضاً إلى التدخل العسكري في ليبيا في حالة وجود تهديد إرهابي يستهدف صناعة النفط في الجزائر. وقد اتخذ "المجلس الأعلى للأمن" هذا القرار بعد سقوط كل من نظام القذافي وقيام الهجوم الإرهابي في كانون الثاني/يناير 2013 على منشأة الغاز "تيقنتورين" بعين أمناس في الصحراء الجزائرية.
وعلى الرغم من أن وكالة أنباء الأناضول قد أشارت إلى أن مسؤولين ليبيين زاروا الجزائر في نهاية حزيران/يونيو لطلب قيام تدخل عسكري للمساعدة في فرض النظام في طرابلس، إلا أن وزير خارجية الجزائر، رمضان العمامرة، نفى أن يكون هناك أي نية للتدخل. وفي تصريح له عقب انتهاء الدورة السادسة من أعمال "اللجنة الاستراتيجية الجزائرية – المالية"، أعلن أن الجزائر تدعم حوار وطني شامل في ليبيا، وليس حلاً عسكرياً.
ومع ذلك، ففي رأي البعض أن تأكيدات المسؤولين الجزائريين بعدم التدخل عسكرياً في ليبيا لا يشكل قراراً مطلقاً، ويعتقدون أن تطور الأوضاع الميدانية قد يضطر الجزائر إلى [التفكير] في التدخل العسكري المحدود. ومع ذلك، يعتبر آخرون أن هدف الإعلان الجزائري المتكرر بعدم التدخل هو إبعاد الضغط السياسي والدبلوماسي الذي تعرضت له الجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية. وعلى كل حال، ليس هناك شك في أن الجزائر ستلعب دوراً حاسماً - من نوع ما - في منع الميليشيات المتطرفة من الاستيلاء على ليبيا.
ومن المؤكد أن التدخل العسكري في حال حدوثه ستكون له تداعيات على الداخل الجزائري. ونظراً للصعوبات التي تواجه مراقبة الحدود الجزائرية، هناك احتمال قوي بأن تقوم الميليشيات الليبية بعمليات انتقامية عبر الحدود. وبعد كل هذا، فأمام الجزائر عدد من الخيارات. فلديها خبرة واسعة في مكافحة الإرهاب، ونظراً إلى علاقاتها المباشرة وغير المباشرة مع أطراف النزاع في ليبيا، فبإمكانها أن تلعب دوراً دبلوماسياً مهماً أيضاً. كما تتمتع الحكومة الجزائرية بعلاقة جيدة مع الأحزاب الإسلامية الجزائرية التي هي ذراع تيار «الإخوان المسلمين»؛ ويمكن لهذه الأحزاب أن تشكل حلقة وصل بين الحكومة الجزائرية وإسلاميي ليبيا.
وبالتالي، فمن خلال مواجهة التهديد الإسلامي في ليبيا، من الضروري أن لا يكون التدخل العسكري الخيار الوحيد. فبإمكان الحكومة الجزائرية الاستفادة من علاقاتها الدبلوماسية للتوسط بين أطراف النزاع في ليبيا في محاولة للتوصل الى حل يحبط إمكانية سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على البلاد ويزيل الخطر عن منطقة الساحل بكاملها.
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,059,763

عدد الزوار: 6,750,624

المتواجدون الآن: 99