المنشقون في أوكرانيا يستسلمون للفساد

تاريخ الإضافة الأحد 31 آب 2014 - 8:22 ص    عدد الزيارات 567    التعليقات 0

        

المنشقون في أوكرانيا يستسلمون للفساد
ليونيد بيرشيدسكي

يتعين على الرأي العام الدولي معرفة أن أوكرانيا تعد الآن بمثابة مسرح لصراع مسلح مستوحى من الروس، رغم أن القتال يقتصر على المناطق التي يقطنها 6.5 مليون نسمة من إجمالي سكان أوكرانيا البالغ عددهم 45 مليون نسمة. ورغم أن نتيجة هذا الصراع تهم كل الأوكرانيين، إلا أن هناك ما هو أهم من ذلك، وهو هل ستخرج البلاد من هذا الحطام وهي في حال أفضل مقارنة بما كانت عليه في السابق؟ في الحقيقة، بدأ بعض أبطال ثورة الميدان، التي أطاحت بحكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الفاسدة في فبراير (شباط)، يشككون في إمكانية تحقيق ذلك.

تعد تاتيانا تشورنوفول واحدة من هؤلاء الأبطال، وهي محققة صحافية نشطة وتعمل على محاربة الفساد. وفي ديسمبر (كانون الأول)، تعرضت للضرب على يد - على ما يبدو - بلطجية موالين ليانوكوفيتش، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة. وعقب سقوط النظام، أصبحت تشورنوفول مسؤولة عن سياسة الحكومة الجديدة المتعلقة بمكافحة الفساد، والآن استقالت من منصبها؛ حيث صرحت في مقال طويل لها منشور على pravda.com.ua، موضحة أن وجودها في الحكومة أصبح «غير مجدٍ». وفي هذا الصدد، كتبت الآتي: «لا يوجد إرادة سياسية في أوكرانيا من أجل شن حرب شديدة وواسعة النطاق لمحاربة الفساد»، موضحة أن كل المبادرات التي أطلقتها غرقت في «مستنقع البيروقراطية»، وأن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك لم يكن راغبا في مهاجمة المصالح التجارية لأفراد حكومة القلة لتجنب التشهير به من جانب وسائل الإعلام التي تسيطر عليها القلة.

وزاد من شعور تشورنوفيل بالمرارة وعدم الجدوى وفاة زوجها نيكولاي بيريزوفوي، الذي قُتل في هجوم بالقرب من دونيتسك. ولم تكن تشورنوفيل تمثل حالة فردية، فمنذ أقل من أسبوعين، قدم أيضا أندريه باروبي، رئيس مجلس الأمن والدفاع الأوكراني، استقالته.

وقد كان باروبي يقوم بدور مهم أثناء احتجاجات الشتاء؛ حيث كان يرأس قوة الدفاع الذاتي التي قاومت شرطة مكافحة الشغب التابعة ليانوكوفيتش على المتاريس. ولكنه امتنع عن التعليق عن سبب استقالته، موضحا أنه سيكون «غير مقبول»، بينما تشهد بلاده حالة حرب. والقصة التي تدور حولها جولات الصراع في كييف توحي بما يريده باروبي من الرئيس بترو بوروشينكو بأن يكون أكثر صرامة في مواجهة المتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا، وكذلك في مواجهة الدعاية الروسية.

لم يكن من المعروف عن تشورنوفيل وباروبي براعتهما من الناحية الإدارية. وقد يكون فقط من الطبيعي أن يترك الآن الراديكاليين المثاليين - الذين وقفوا وراء المتاريس أثناء فصل الشتاء الماضي، وأوكل إليهم مهمة شغل مناصب حكومية - المجال للمتخصصين من أجل الاضطلاع بمهامهم. تكمن المشكلة في أن الناس الذين فوضوا الحكومة الجديدة، وصوتوا لبوروشينكو، لديهم كثير من الأفكار الرومانتيكية مثل تلك التي لدى بوروشينكو وباروبي، ولا سيما فيما يتعلق بمحاربة الفساد والراديكالية وسرعة إجراء الإصلاحات الضرورية.

وتحدث كاخا بندوكيدزه، المليونير الليبرالي - الذي أدخل تحسينات على النظام التنظيمي في جورجيا، التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي في السابق، مع كثير من هؤلاء المثاليين في أواخر الشهر الماضي، عندما أوضح أن الحكومة الأوكرانية لم تدرك مدى ضآلة ما لديها من وقت لإجراء إنجازات ملموسة على صعيد تخفيف الأعباء الضريبية، والتخلص من البيروقراطية الخانقة التي جعلت تشورنوفيل تشعر بالضجر. وتساءل أثناء خطاب عام ألقاه في كييف: «ماذا سيحدث إذا عاد الرجال الذين يقاتلون الآن في الشرق إلى وطنهم؟»، وأضاف: «أين الإصلاحات، أين التغييرات؟ إنهم سوف يقاتلونكم ولن يعتبروكم من الرجال».

وأوضح الأوكرانيون وجود بعض التحسينات في المناخ التنظيمي؛ حيث لم يكن هناك ضغوط كبيرة لدفع الرشى، كما أصبح نظام المشتريات الحكومية يتمتع بقدر أكبر من الشفافية، واقترحت الحكومة خفض عدد الضرائب التجارية من 22 إلى 9 فقط. ومع ذلك، لا يزال يتردد أن أوكرانيا دولة فاسدة بشكل لا يمكن تصديقه، ومن الدول التي لا يفضل التعامل معها تجاريا. ففي الوقت الراهن، اتهمت إحدى أكبر شركات الاستيراد في البلاد جهاز الأمن الأوكراني ووزارة الاقتصاد بابتزاز رشوة من خلال مطالبة الشركة بأن تجعل شركاءها التجاريين يقومون بلصق الطوابع الضريبية الأوكرانية على زجاجات النبيذ، بدلا من القيام بذلك من خلال شركة خدمات لوجيستية. ويعد هذا الطلب غير عقلاني؛ حيث إن الكثير من منتجي النبيذ يفتقرون إلى المعدات الضرورية التي تمكنهم من القيام بذلك، كما أن هذا الطلب يعد غير مجدٍ من الناحية المالية، نظرا لأن الحكومة تتلقى عائدات ضريبية عندما تشتري الشركات المستوردة للنبيذ تلك الطوابع. ومع ذلك، لجأت الحكومة إلى ذلك كوسيلة لمنع منافذ النبيذ من جلب إمدادات جديدة.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,169,409

عدد الزوار: 6,758,605

المتواجدون الآن: 121