هل تنجح "الدولة الإسلامية" في امتحان الدولة؟

تاريخ الإضافة السبت 23 آب 2014 - 8:03 ص    عدد الزيارات 566    التعليقات 0

        

 

هل تنجح "الدولة الإسلامية" في امتحان الدولة؟
حسين أيبش
كبير الباحثين في فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين _ ترجمة نسرين ناضر
غيّر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) اسمه ليصبح فقط "الدولة الإسلامية" وأعلن عن إقامة "حكم الخلافة". وإذا وضعنا كل الاعتبارات الأخرى جانباً، إلى أي حد تنطبق صفة الدولة على هذه "الدولة الإسلامية"؟
الصفة الأولى والأهم من مواصفات الدولة التي تتوافر لدى "الدولة الإسلامية" هي تصميمها على أن تكون دولة واقتناعها بأنها دولة.
يُنقَل عن الممثل الكوميدي ومنتج الأفلام الأميركي وودي ألن قوله بأن الظهور إلى العلن يشكّل نسبة 90 في المئة من أي شيء كان. كما أن المؤمنين يردّدون قولاً مأثوراً مفاده بأنه على المرء أن يتصرّف وكأن لديه معتقداً دينياً، كي ينمو ذلك المعتقد بطريقة عضوية.
هذا الإصرار العام والخاص على أنها دولة، وعلى أن سلوكها يتماشى مع سلوك الدولة، يميّز "الدولة الإسلامية" عن المجموعات غير الدولتية الأخرى الناجحة جداً - لا بل الأكثر نجاحاً على الأرجح - في العالم العربي.
فـ"حزب الله" مثلاً لا يدّعي أنه دولة. لكنه يتصرّف دائماً باسم لبنان والدولة اللبنانية. عملياً، يمارس في المناطق الخاضعة لسيطرته نوعاً من الخصائص الأساسية للسيادة، لا سيما في ما يتعلق بامتلاكه قوة عسكرية وقدرته على التحرّك بصورة مستقلة عن باقي البلاد. لكن خطابياً على الأقل، لا يدّعي "حزب الله" أنه دولة.
على النقيض، عندما يمارس "حزب الله" حكماً مباشراً في المناطق التي يسيطر عليها في لبنان، غالباً ما يفعل ذلك بالتنسيق مع السلطات اللبنانية، لا بل إنه يدّعي أحياناً الخضوع لها. وهذا كله مجرد ادّعاء بالطبع.
في الواقع، يفعل "حزب الله" ما يحلو له. ومحاولة السيطرة على لبنان هي جزء من ذلك، إنما ليس محاولة إنكار لبنان وإلغائه.
من المتعارف عليه أن الدولة تتطلب شعباً يقيم فيها بصورة مستمرة، ومنطقة سيطرة جغرافية ثابتة أو سيادة، وحكومة واحدة، والقدرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى.
لا شك في أنه بإمكان "الدولة الإسلامية" الادعاء بأن لديها شعباً دائماً، على الرغم من أن موقفها من ذلك الشعب رفضي بقدر تجاهلها للعراق وسوريا كبلدَين يجب الحفاظ عليهما. تصرّ "الدولة الإسلامية" على أن المناطق التي تسيطر عليها لم تعد جزءاً من سوريا أو العراق، وتعتبر أنه لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم واجب أخلاقي بالقدوم والاستقرار في تلك المناطق والمساهمة في تطوير هذا الكيان التوتاليتاري. في كنف "الدولة الإسلامية"، يؤدّي المقاتلون الأجانب نموذجياً الوظائف والأدوار الأكثر أهمية.
المناطق الخاضعة للسيطرة الكاملة والتامة لـِ"الدولة الإسلامية" في شمال سوريا وغرب العراق تتوسّع مثل شبكة عنكبوتية عبر الأراضي. لكن إذا أضفنا إليها الأراضي الواقعة بينها والتي تسيطر "الدولة الإسلامية" على أجزاء كبيرة منها، تصبح المنطقة الخاضعة للتنظيم أكبر بكثير. وهكذا يجد الملايين أنفسهم يعيشون تحت حكم "الدولة الإسلامية" في بعض البلدات والمدن الأهم، بما فيها الموصل.
وقد ظهر أسلوب الحكم الذي تنتهجه "الدولة الإسلامية" بالشكل الأوضح في الرقة في سوريا. الرقة هي العاصمة الإقليمية للتنظيم، وتُجسّد إلى حد بعيد تجربته الأكثر تطوراً في السيطرة المباشرة.
هناك، تحاول "الدولة الإسلامية" بلا ريب التصرّف وكأنها دولة. وتقدّم الرقة نموذجاً عن السيطرة التي سيحاول التنظيم إرساءها في نهاية المطاف في الموصل والمناطق الأخرى التي استحوذ عليها حديثاً.
تمارس الحكومة الواحدة حكماً توتاليتارياً شاملاً. تفرض قانوناً دينياً صارماً، بما في ذلك من خلال المحاكم و"شرطة دينية" خاصة، وبرنامجها الخاص الواسع النطاق لنشر الدين، وسواها من الإجراءات المتشدّدة التي تهدف إلى فرض النظام في أوضاع فوضوية، وترهيب النقّاد لدفعهم إلى التزام الصمت. تحاول "الدولة الإسلامية" أيضاً غسل أدمغة جيلها الأول من المواطنين من خلال التلقين المكثّف للعقيدة والتربية "الإسلامية" التي تركّز في شكل شبه كامل على الأصولية التي تتقيّد بحرفية النصوص، وتستثني كل المجالات الأخرى.
لقد أثبتت "الدولة الإسلامية" براعتها في توليد تبعية لدى السكان من خلال الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك عبر دعم الأفران، لكنها لم تفلح بالدرجة نفسها في الأنشطة الأكثر تعقيداً الموجّهة نحو الخدمات. فقد ظلت تواجه صعوبة في تأمين المياه والتيار الكهربائي، على الرغم من قيامها بتشغيل مصنع للطاقة الكهربائية قرب حلب يتطلب قدراً كبيراً من التنظيم والخبرة.
لعل أكثر ما تفتقر إليه "الدولة الإسلامية" هو القدرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى. فهذا العامل هو دليل قوي على وجود الدولة نتيجة اعتراف الدول الأخرى بها. لكن "الدولة الإسلامية" لا تريد علاقات مع أي حكومة أخرى - لا سيما خارج العالم الإسلامي - لأنها تعتبر نفسها البديل الجذري منها كلها. وهي لا تظهر أي اهتمام ولا قدرة على الدخول في مثل هذه الترتيبات.
ثمة أسئلة جدّية أيضاً عن مدى استقرار حكمها في المناطق التي تخضع الآن لسيطرتها، كما أنها تكبّدت انتكاسات عسكرية إلى جانب توسّعاتها العسكرية في الأشهر الأخيرة. وهكذا فإن المنطقة الخاضعة لسيطرتها تتغيّر باستمرار.
إلا أنه من الواضح أن "الدولة الإسلامية" تعتبر نفسها دولة وتتصرّف على هذا الأساس. بهذا المعنى، لقد ربحت حتى الآن نصف المعركة. فنحن أمام تنظيم يلتزم فكرة أن الروايات تولّد حقائق ذاتية التعريف، لا سيما في صفوف أنصاره والشعوب السيئة الطالع التي تخضع لسيطرته.
هل "الدولة الإسلامية" دولة؟ ليس فعلاً وليس بعد. لكن المسافة التي تفصلها عن التحوّل دولةً أقرب مما قد يخطر في بال معظمنا، لا بل قد تكون قريبة إلى درجةٍ تقلق راحة الجميع.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,059,110

عدد الزوار: 6,750,567

المتواجدون الآن: 107