ستة طرق يمكن لـ «حماس» أن تحد بواسطتها من عدد الضحايا المدنيين في غزة

تاريخ الإضافة الأربعاء 20 آب 2014 - 7:46 ص    عدد الزيارات 534    التعليقات 0

        

 

ستة طرق يمكن لـ «حماس» أن تحد بواسطتها من عدد الضحايا المدنيين في غزة
جيفري وايت
جيفري وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن وضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات العسكرية.
لطالما تجنبت «حماس»، التي هي حكومة الأمر الواقع في غزة، اتخاذ تدابير أساسية لحماية السكان المدنيين في زمن الحرب، على الرغم من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في النزاعات الثلاثة التي نشبت مع إسرائيل منذ عام 2009. ويُشير استعداد الحركة لتقبل هذا العدد الكبير من الضحايا إلى أن ذلك يشكل جزءاً من استراتيجيتها السياسية والعسكرية. فعندما يُستخدم المدنيون كدروع بشرية، فهم يوفرون بذلك غطاءً لأنشطة «حماس» العسكرية، كما أن الضحايا الذين يسقطون جراء ذلك يخدمون مصالح الحركة في الدعاية. وباختصار، تتصرف «حماس» أشبه بجماعة تقاتل تمرداً في حرب عصابات بدلاً من تصرفها بصورة تشابه حكومة مسؤولة عن سلامة مواطنيها.
وقد رأى البعض أن قطاع غزة صغير جداً وإسرائيل قوية جداً بالنسبة لـ «حماس» من أن تتمكن شن عمليات عسكرية [ضدها] بطريقة لا تعرض المدنيين [في غزة] للخطر. بيد، تبرز ستة إجراءات على الأقل يمكن للحركة أن تحد من خلالها من وقوع هذه الأعداد من الضحايا. وفيما يلي عرض لهذه الإجراءات، المدرجة تقريباً وفق درجة تأثيرها، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتخذ «حماس» أي منها.
إبعاد الأسلحة والمقاتلين عن المناطق المكتظة بالمباني
يمكن لـ «حماس» أن تبعد قواتها عن المناطق المكتظة بالسكان، على الأقل خلال أوقات الحرب. فإذا أدركت إسرائيل أن الحركة لا تطلق النار من داخل المباني المدنية أو بالقرب منها أو تستخدمها لأغراض عسكرية أخرى، فإنها لا تملك أي دافع لمهاجمتها، بل على العكس تماماً نظراً إلى الكلفة السياسية التي تكبدتها إسرائيل بسبب سقوط ضحايا من المدنيين. فمحيط غزة يشمل عدّة مناطق مفتوحة وأخرى تحتضن عدداً قليلاً من السكان؛ ولا تعكس جميع مناطق القطاع التعريف النموذجي له باعتباره إحدى أكثر المناطق السكانية كثافة في العالم. على سبيل المثال، بدلاً من تركيز قاذفات صواريخ في بلدة بيت لاهيا في شمال غزة المكتظة بالسكان، بإمكان «حماس» نقل بعضها على الأقل إلى منطقة مفتوحة بين بيت لاهيا والحدود. وبالمثل، بدلاً من أن تركز الحركة مواقعها الدفاعية في المناطق الرئيسية المكتظة بالمباني مثل الشجاعية وبيت حانون، يمكنها بناء الدفاعات في مناطق أكثر انفتاحاً باتجاه شرق غزة وشمالها.
ومن شأن هذه الخطوات أن تنقل نسبة كبيرة من القتال من المناطق المدنية المكتظة بالسكان إلى أماكن أكثر انفتاحاً. فحتى لو بقي السكان في أماكنهم في زمن الحرب، سيتدنى عدد المدنيين الذي يطالهم الخطر إلى حد كبير. وبالتأكيد، ستعرض هذه المنهجية قوات «حماس» لخطر أكبر من جراء النيران الإسرائيلية، ولكن هذه الفكرة مقبولة عموماً بين الشعوب المتحضرة وهي تقوم على أن العسكريين يتقبلون مخاطر أكبر في الحرب من تلك التي يتعرض إليها المدنيون. وبطبيعة الحال تتقبل إسرائيل هذا الأمر وقد دفعت الثمن في الخسائر العسكرية.
إجلاء المدنيين من الأماكن التي يتم الدفاع عنها
إذا كانت «حماس» ستقاتل من داخل المناطق السكانية بدلاً من المساحات المفتوحة، فيمكنها إجلاء السكان إلى المناطق التي لا قتال فيها. ولكن كما تبيّن خلال هذه الحرب وفي عملية "الرصاص المصبوب" في 2008-2009، فإن «حماس» وجماعات مسلحة أخرى في غزة تنظّم بشكل منهجي المناطق المدنية للقتال في الوقت الذي يبقى فيه السكان في أماكنهم.
على سبيل المثال، أظهرت خريطة إسرائيلية حديثة ومصورة لحي الشجاعية وجود أكثر من 300 موقع عسكري في منطقة مساحتها أربعة كيلومترات مربعة تقريباً، ولا تشمل هذه المواقع الألغام والشراك الخداعية. بالإضافة إلى ذلك وفي أعقاب الغارات الإسرائيلية، بيّنت خرائط الأمم المتحدة لهذه المنطقة أن الأضرار تركزت في مناطق كانت «حماس» قد ركزت فيها مواقعها العسكرية. فإذا كانت «حماس» ستقاتل من هذه الأحياء، فلماذا لا تقوم بإجلاء السكان إلى منطقة أكثر أمناً؟ وحتى في حال غياب مناطق آمنة تماماً في غزة، تستطيع الحركة أن تجد مناطق أكثر سلماً نسبياً. وعلى أقل تقدير، يجب على «حماس» أن لا تشجع السكان على البقاء في الأحياء التي على وشك أن يندلع فيها القتال، كما فعلت عندما حذر "جيش الدفاع الإسرائيلي" ["الجيش الإسرائيلي"] المدنيين ودعاهم إلى المغادرة.
عدم استخدام المباني المدنية لأغراض عسكرية
استهدفت إسرائيل مئات المباني المدنية أو ألحقت بها الأضرار أثناء عملية "الجرف الصامد"، بما فيها المساجد والمنازل، ومنشآت الأمم المتحدة أيضاً كما أفادت التقارير. ووفقاً للسلطات الإسرائيلية، تعرضت معظم هذه المباني للاستهداف لأنها تخدم كمنشآت عسكرية، أو بسبب نشاط عسكري كان يتم على مقربة منها. وليس هناك شك بأن «حماس» قامت بتحويل العديد من المباني المدنية إلى مراكز للقيادة العسكرية ومنشآت لتخزين الأسلحة ومواقع قتالية وأخرى لإطلاق الصواريخ. وكان يتم إطلاق النار على إسرائيل وقواتها من داخل هذه المباني أو بالقرب منها. فعندما يقصف "الجيش الاسرائيلي" هذه المنشآت، يمكن أن تقع ضحايا في صفوف المدنيين، وهذا بالفعل ما يحدث بغض النظر عن أي احتياطات تتخذها إسرائيل. وفي بعض الحالات، زاد الفلسطينيون من هذا الخطر عبر تجاهل التحذيرات الإسرائيلية بالإخلاء أو حتى من خلال الانتقال إلى المنشآت المستهدفة.
بإمكان «حماس» نقل قواتها وأسلحتها إلى مناطق عسكرية معينة (المقر الرئيسي والثكنات ومستودعات التخزين) كما تفعل معظم الحكومات، أو أن تنشرها في مناطق مفتوحة على النحو المبين أعلاه، أو حتى إخفاء المزيد منها تحت الأرض. إلا أن الحركة تختار عدم القيام بذلك لأن استخدام المنشآت المدنية يعطي قواتها العسكرية درجة من الحماية ويزيد من التكلفة السياسية بالنسبة لإسرائيل حين يُقتل المدنيون ويتم تدمير المساجد أو المستشفيات.
 استخدام الأنفاق العسكرية كملاجئ مدنية
أقامت «حماس» نظام أنفاق واسع جداً يمتد لعدة كيلومترات بغية حماية قيادتها وأصولها العسكرية، ولتمكين القتال الدفاعي والعمليات الهجومية ضد إسرائيل. وعلى الرغم من أن "الجيش الإسرائيلي" اكتشف اثنين وثلاثين من هذه الأنفاق ودمرها خلال المرحلة البرية من عملية "الجرف الصامد"، لا يزال هناك العديد من الأنفاق والمنشآت تحت الأرض في المناطق التي لم تكن مستهدفة في العملية. ومن المعقول على ما يبدو أن نستنتج أنه يمكن إعادة توجيه جزء من هذا النظام لأغراض أخرى كملاجئ مدنية ومنشآت طبية، لا سيما نظراً إلى أن الكثير من المواد المستخدمة لبناء هذه الأنفاق أُرسلت أصلاً إلى غزة لأغراض مدنية وإنسانية. على سبيل المثال، يمكن أن يلجأ بعض المدنيين الفارين أو جميعهم من المناطق الأكثر تضرراً من القتال إلى الأنفاق. ويقيناً، ستحتاج «حماس» بوضوح إلى بعض الوسائل لتحويل هذه الأنفاق إلى ملاجئ، الأمر الذي لا يبدو وكأنه مهمة صعبة.
إرتداء المقاتلين للبزات العسكرية
خلال زمن السلم، يظهر مقاتلو «كتائب عز الدين القسام» - الجناح العسكري لـ «حماس» - مرتدين كل أنواع أزياء التمويه والبزات العسكرية علناً وبفخر، ويعرضون أسلحتهم ومهاراتهم العسكرية. أما في زمن الحرب، فلا يمكن رؤية هذه الأزياء في أي مكان، وحتى أنه من الصعب رؤية المقاتلين أنفسهم. ويُشار إلى أن هيئة الصحافة الدولية الكبيرة في غزة لم تتمكن خلال الحرب من رصد سوى عدد قليل من المقاتلين، وهؤلاء الرجال عادة ما كانوا يرتدون الملابس المدنية (وحتى أنهم ارتدوا أحياناً الملابس النسائية) مع أسلحة مخبأة. ومن الواضح أن هذه المنهجية تزيد من الخطر على المدنيين الأبرياء، مما يدفع بالقوات الإسرائيلية إلى اتخاذ قرارات صعبة في خضم القتال: هل يتم إطلاق النار أم لا؟ هل يتم قصف هدف ما أم لا؟ لذا من شأن إرتداء مقاتلي «حماس» البزات العسكرية أن يقلل من فرص إطلاق قوات "الجيش الإسرائيلي" النار على المدنيين عن طريق الخطأ، وخاصة إذا بقيت الحركة عازمة على القتال في المناطق المدنية المحتلة.
عدم استخدام سيارات الإسعاف والمنشآت الطبية لأغراض عسكرية
أخيراً، بإمكان «حماس» الإمتناع عن نقل العسكريين غير المصابين في سيارات الإسعاف المدنية، وعن استخدام المنشآت الطبية كمراكز للقتال ومواقع لإطلاق الصواريخ. وقد قدمت إسرائيل أدلة مقنعة بالفيديو تشير إلى مثل هذا النشاط الذي يشكل خطراً أعلى بكثير على الطاقم الطبي والمرضى حتى على نطاق صغير.
الخلاصة
يجب عدم التساهل مع «حماس» عندما يتعلق الأمر بحماية أهل غزة من أسوأ ما في القتال. وعند النظر إلى جميع التدابير الواردة أعلاه، فبإمكانها أن تقلل إلى حد كبير من سقوط ضحايا في صفوف المدنيين فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية المدنية. وبالطبع، ستؤدي هذه الإجراءات أيضاً إلى زيادة خسائر «حماس» العسكرية وتدمير البنية التحتية العسكرية الخاصة بها. إلا أن أياً من هذه التدابير لا يتطلب من الحركة إنهاء "المقاومة" أو نزع السلاح. كما لا يتطلب أي منها نظام تفتيش دولي، على الرغم من أن ذلك قد يكون مفيداً بهدف التحقق. وهذه هي إجراءات أساسية لا تتطلب من «حماس» أكثر من الاعتراف بالخطر الذي تشكله عملياتها العسكرية على السكان الفلسطينيين، والقبول بدلاً من ذلك ببعض الزيادة في الخسائر البشرية في صفوف مقاتليها.
ومع ذلك، فكما ذُكر سابقاً، هناك فرصة ضئيلة بأن تنفذ الحركة أي من هذه التدابير. فاستخدام المدنيين كدروع بشرية يمكن أن يشكل استراتيجية عسكرية فعالة، وليس هناك حافزاً سياسياً أو عسكرياً حقيقياً لـ «حماس» لكي يدفعها إلى التصرف بصورة مختلفة. وفي الواقع، لن تصب هذه المقترحات في صالح الحركة سياسياً وعسكرياً في ظل المناخ الحالي. فطالما ينظر العالم إلى إسرائيل باعتبارها الآلية الأساسية لسقوط ضحايا من المدنيين، وطالما أن العديد من المدنيين في غزة لا يزالون أكثر اهتماماً بـ "المقاومة" من حرصهم على ​​حياتهم، فليس هناك سبب يدعو «حماس» إلى تغيير الطريقة التي تعتمدها في الحرب.
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,098,132

عدد الزوار: 6,752,575

المتواجدون الآن: 99