تركيا لم تعُد مصدر إلهام

تاريخ الإضافة الأربعاء 20 آب 2014 - 7:16 ص    عدد الزيارات 556    التعليقات 0

        

 

تركيا لم تعُد مصدر إلهام
المصدر: "تودايز زمان" التركية - ترجمة نسرين ناضر
شاهين ألباي
كان غراهام إي فولر، الذي درس الشرق الأوسط طوال 40 عاماً تقريباً في إطار عمله مسؤولاً في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه)، يحتل مكانة استثنائية بين الاختصاصيين في الشؤون التركية والشرق الأوسطية في الولايات المتحدة.
يقدّم كتابه الأخير بعنوان "تركيا والربيع العربي: القيادة في الشرق الأوسط" (مطبعة بوزورغ، 2014)، دراسة قيّمة جداً لمن يرغبون في تكوين فكرة وافية عن السياسة التركية. بما أنه يتعذّر إيفاء الدراسة حقها في مقال صحافي، سأكتفي بالتعليق على بعض الحجج الأساسية الواردة فيها.
يستعرض فولر الصعوبات المرتبطة بتحليل المنطقة في ظل الظروف الراهنة التي تتغيّر بسرعة: "لو نشرت هذا الكتاب عام 2012، لشدّدت على الاهتمام المتزايد الذي توليه المنطقة لتركيا التي حقّقت ازدهاراً ودمقرطة لافتَين خلال العقد المنصرم. لو نشرته عام 2012، لركّزت على التغيير الديموقراطي المثير للاهتمام الذي أطلقه الربيع العربي في البلدان العربية، والذي بدا أنه يقودها نحو شراكات جديدة مع تركيا. لكن بما أنني أنشر الكتاب في مطلع عام 2014، أشعر بالحاجة إلى تسليط الضوء على 'التقلّبات والالتباس وحتى التراجع' الذي تشهده البلدان العربية، وحتى تركيا، ولو بصورة موقتة في حالتها".
ويتطرّق فولر أيضاً إلى الوضع الذي وجدت تركيا نفسها فيه في أواخر عام 2013: "واجهت الحكومة التركية سلسلة غير متوقّعة من تهم الفساد والتجاذبات السياسية، فبدا وكأن النجاحات الاستثنائية التي حقّقها حزب العدالة والتنمية في السلطة قد استنفدت مفعولها؛ وفقدَ رئيس الوزراء رؤيته ولمسته السياسية؛ وبات بحكم المؤكّد الآن أن حزب العدالة والتنمية سيخسر مقاليد السلطة في الانتخابات المقبلة. بيد أن الأزمات التركية سوف تُسوّى من طريق العملية الانتخابية. وعلى الرغم من كل الاضطرابات التي تعاني منها تركيا، تبقى الدولة الوحيدة التي تقدّم نموذجاً موثوقاً للحكم الحديث في المنطقة بأسرها، بما في ذلك الشرق الأوسط والبلقان وصولاً إلى آسيا في الشرق، والدول المستقلة التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي سابقاً، ووصولاً إلى أفريقيا في الجنوب".
بالاستناد إلى ما تقدّم، يطرح فولر المحاججة الآتية: "في عالم اليوم، تتّجه الدول القومية نحو الاندماج الإقليمي حول بعض مراكز الجاذبية. في الشرق الأوسط، ثمة بحث قوي عن الوحدة العربية أو الإسلامية. على الرغم من أنه يجب قطع شوط طويل، وعلى الرغم من أنه سيكون على الأنظمة السلطوية في المنطقة أن تتبنّى الديموقراطية قبل أن يصبح بالإمكان تحقيق ذلك، يمكن أن تتحول تركيا في المستقبل مركز الجاذبية للاندماج الاقتصادي والثقافي في الجغرافيا العثمانية، لأنها البلد الوحيد في المنطقة الذي يملك المقوّمات اللازمة لقيادة هذا المسار نظراً إلى اقتصادها الصناعي والمعولم وديموقراطيتها الراسخة".
تذكّرني محاججة فولر بالنظرية التي أطلقها الراحل صموئيل هانتنغتون في منتصف التسعينات واعتبر بموجبها أنه ينبغي على تركيا أن تكفّ عن بذل محاولات عقيمة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتسعى بدلاً من ذلك إلى قيادة الشرق الأوسط الإسلامي الذي يعاني بشدّة من غياب القيادة. لا تزال هذه النظرة بعيدة عن الوقائع الميدانية تماماً كما كانت قبل عقدَين من الزمن. فتركيا لا تزال تنجذب إلى الاندماج الأوروبي، ولو بدرجة أقل بكثير. أما الحقيقة الصارخة اليوم فهي أن الانقسامات الإثنية والمذهبية تدفع بالشرق الأوسط نحو مزيد من التفكّك وليس الوحدة.
لا شك في أن فكرة تولّي القيادة في المنطقة راودت حكومة "حزب العدالة والتنمية" ما بعد الإسلامية، لكن أنقرة تجد نفسها الآن معزولة إلى حد كبير. وهناك أيضاً علامة استفهام كبيرة حول تطلعات الغالبية الساحقة من الأتراك التي ربما تقتصر على تحقيق ازدهار وحرية أكبر في الداخل، وليس أكيداً على الإطلاق أن الشعب التركي يدعم اضطلاع بلاده بدور القيادة في المنطقة. صحيح أن تركيا أصبحت في الولايتين الأوليين لحكومة "حزب العدالة والتنمية" مصدر إلهام لشعوب المنطقة - من خلال تطبيق إصلاحات لتعزيز الحريات والديموقراطية في الداخل، واعتماد سياسة خارجية سعت إلى تحقيق التكافل الاقتصادي والتوصّل إلى حلول ديبلوماسية من طريق التفاوض لتسوية النزاعات في المنطقة، لكن اليوم، فيما تتحوّل تركيا شيئاً فشيئاً دولة سلطوية فاسدة، لم تعد على الإطلاق مصدراً للإلهام.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,631,223

عدد الزوار: 6,905,062

المتواجدون الآن: 97