الإمبراطوريتان ستخسران بسبب هذا الصراع الغادر

تاريخ الإضافة الجمعة 25 نيسان 2014 - 7:27 ص    عدد الزيارات 626    التعليقات 0

        

 

الإمبراطوريتان ستخسران بسبب هذا الصراع الغادر
"فايننشال تايمز" ترجمة نسرين ناضر
ديميتري ترينين... مدير مركز كارنيغي في موسكو
يخطئ الغرب كثيراً في شكوكه بأن روسيا تتعامل مع شرق أوكرانيا انطلاقاً من "قواعد اللعبة" نفسها التي مارستها في القرم. بدايةً، لم يعتبر الرئيس فلاديمير بوتين يوماً أن القرم جزء من أوكرانيا. ومهمّته هناك، كما رآها، كانت إعادة توحيد روسيا وتصحيح ظلمَين تاريخيين.
هذان الظلمان هما: قيام نيكيتا خروتشوف بنقل شبه الجزيرة من روسيا إلى أوكرانيا عام 1954؛ وانهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، فظلت القرم جزءاً من أوكرانيا التي نالت استقلالها. وقد أُنجِزت تلك المهمة.
لكن شرق أوكرانيا يختلف عن جنوبها. فالمنتمون إلى العرق الروسي ليسوا غالبيةً في شرق أوكرانيا، وثمة غياب مطلق للشعور بالولاء للدولة الروسية والتمسّك بها، خلافاً لسيفاستوبول مثلاً حيث كان هذا الشعور قوياً جداً. وفي حين أن أسطول البحر الأسود كان حاضراً للتدخّل في القرم، لا تتمركز أي قوات روسية في شرق أوكرانيا. بغية فهم الدوافع التي تحرّك بوتين، يجب النظر إلى العالم بعينَيه. فبالنسبة إلى الرئيس الروسي، الحضارات هي الوحدات الأساسية للسياسة العالمية. تتلاقى تارةً وتتصادم طوراً. في نظره، ترتبط الدولة الروسية، بطريقة غير قابلة للانفصام، بالحضارة الروسية. ويرى في الروس والبيلاروس والأوكرانيين شعباً واحداً.
قبل قرن، كانت هذه النظرة الرسمية في سانت بطرسبرغ. بالنسبة إلى بوتين، يمتدّ الخيط الرفيع بين الحضارة الروسية وحضارة أوروبا الغربية على طول الحدود الغربية لبيلاروسيا والاتحاد الروسي في ذاته. أما أوكرانيا فبلد منشطر، بين روسيا وأوروبا. يمكن تقسيمه، أو أفضل من ذلك، تحييده، فيصبح إما دولة عازلة وإما جسراً بين روسيا والغرب.
تنظر الولايات المتحدة إلى العالم من خلال عدسة مماثلة. فهي تعتبر أن السماح لكييف بالدوران في فلك موسكو يعني صعود الأمبراطورية الروسية من جديد. عندما تكون أوكرانيا ميّالةً نحو الغرب وناجحة اقتصادياً، تحرم موسكو من سيطرتها التاريخية عليها وتقوّض السلطوية الروسية. لم يُصمَّم الاتحاد الأوروبي للتفكير من منظار جيوسياسي.
وعجز الاتحاد الأوروبي الواضح عن إدارة الوضع بعد إطاحة فيكتور يانوكوفيتش دفع به نحو المقعد الخلفي. وأصبح وسط الملعب خالياً لموسكو وواشنطن.
عندما أطلقت كييف عملية عسكرية في شرق أوكرانيا، لم يكن الكرملين بحاجة إلى استخدام القوة العسكرية هناك ولم يكن ينوي ذلك. كان جيشه يتمركز عند الحدود لمنع كييف من استخدام قواتها ضد الناشطين الموالين لروسيا، وثني الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عن التدخل. يصبح التدخل الروسي أكثر احتمالاً في حال اندلاع حرب أهلية شاملة هناك.
غالباً ما يُتّهَم الكرملين بزعزعة الاستقرار في أوكرانيا من أجل الحصول على ذريعة لاجتياحها. في الواقع، هدف روسيا الأساسي هو مساعدة الجنوب الشرقي الموالي لها على تثبيت وجوده وتوليد توازن سياسي جديد داخل أوكرانيا. تريد روسيا أن تتم الموافقة على استخدام اللغة الروسية رسمياً في المناطق الناطقة بها؛ وتريد أيضاً انتخاباً مباشراً لحكّام المحافظات، بما يؤدّي إلى ظهور نخب مناطقية خاضعة للمساءلة أمام ناخبيها الناطقين الروسية وإلى تشكيل ثقل موازِن في مواجهة النخب الموالية للغرب في كييف؛ ومواصلة العلاقات الاقتصادية مع روسيا، لا سيما في مجال الصناعة الدفاعية؛ وأخيراً تريد أن تبقي أوكرانيا على علاقة محايدة مع الناتو.
أوكرانيا بلد كبير ومعقّد. الأوكرانيون ليسوا روساً، على بوتين أن يقرّ بذلك. ليسوا "شعباً واحداً"، حتى في ما بينهم. لكن أيضاً، ليس كل من يرفض القومية الأوكرانية في شكلها الضيّق، عميلاً لدى الروس.
أطلقت خطوات موسكو الأخيرة، بدءاً من القرم، العنان لبارانويا تاريخية في أوروبا الشرقية. وأحيت في أماكن أخرى الكليشيهات الأيديولوجية التي تعود إلى المعركة ضد الشيوعية السوفياتية، كما أنها ساهمت في تأجيج شعور أقدم عهداً بأن الغرب سيحاول دائماً فرض قيود على روسيا. أوكرانيا هي محك اختبار.
إذا تُرِكت أوكرانيا لتنهار - أو دُفِعت نحو الانهيار - فسوف تدخل روسيا والغرب في مواجهة يخرج منها الطرفان خاسرَين. على الجانبَين أن يعملا من أجل الحفاظ على تماسك أوكرانيا. لا يمكنهما أن يسمحا لصدام حضارات بأن يتحوّل فنتازيا ذاتية التحقّق.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,729,916

عدد الزوار: 6,910,837

المتواجدون الآن: 105